باب قول الله تعالى ليس لك من الامر شيء قال حدثنا حبان ابن موسى قال اخبرنا عبد الله قال اخبرنا معمر عن الزهري قال حدثني سالم عن ابيه انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الآخرة من الفجر بول اللهم العن فلانا وفلانا وفلانا بعدما يقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد فانزل الله ليس لك من الامر شيء الى قوله فانهم ظالمون قال حدثنا موسى ابن اسماعيل قال حدثنا ابراهيم ابن سعد قال حدثنا ابن شهاب عن سعيد ابن المسيب وابي سلمة ابن عبدالرحمن عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا اراد ان يدعو على احد او يدعو لاحد قناة بعد الركوع فربما قال اذا قال سمع الله لمن حمده. اللهم ربنا لك الحمد. اللهم انجي الوليد ابن وليدا وسلمة بن هشام وعياش بن ابي ربيعة. اللهم اشدد اللهم اشدد وطأتك اعلى مضر واجعلها سنينك سنين يوسف يجهر بذلك. وكان يقول في بعض صلاته في الفجر اللهم العن فلانا وفلانا لاحياء من العرب حتى انزل الله ليس لك من الامر شيء هذا الباب ذكر فيه المؤلف رحمه الله قول الله جل وعلا ليس لك من الامر شيء او يتوب عليهم او يعذبهم فانهم ظالمون. هذه الاية في سورة ال عمران في سياق ما ذكره الله تعالى وذكر به المؤمنين مما جرى في غزوة احد مما اصاب فيه المسلمين من البلاء والشدة والكرب. يقول الله تعالى لرسوله ليس لك من الامر شيء او يتوب عليهم او يعذبهم فانهم ظالمون. هذه الاية صلة ما تقدم من الخبر بما ذكر جل وعلا من واقعة احد. قال الله تعالى ليقطع طرفا من الذين كفروا فيما انزلهم من الملائكة. قال طرفا من الذين كفروا او يكبتهم فينقلبوا خائبين. ليس لك من الامر شيء او يتوب عليهم او يعذبهم فانهم ظالمون. فالله تعالى يقول لرسوله محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم ليس لك من الامر شيء. اي ليس لك من الحكم القدر او الحكم الشرعي الذي يكون من شأن الله عز وجل ليس لك من الامر شيء. فالامر هنا المقصود به شأن فيما يتعلق بالحكم الكوني وفيما يتعلق بالحكم الجزائي الاخروي. فالشأن لله عز وجل فيها اما الحكم الشرعي فان الحكم الشرعي نوعان منه ما تولى الله بيانه. فالرسول صلى الله عليه وسلم مبلغ ما جاء عن ربه ومنهما حكم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بما فتح الله تعالى عليه واراه فهذا له فيه من الامر شيء باقرار الله عز وجل وهدايته وفتحه اذا الامر المقصود في هذه الاية ليس لك من الامر شيء هو الامر القدري اي الحكم الكوني الذي يجري الله تعالى به ما يقع من الحوادث فهذا ليس للنبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء. لانه لم يوكل اليه الحكم القدري. كذلك الحكم الجزائي في الاخرة فان النبي صلى الله عليه وسلم ليس عليه حسابه كما قال الله تعالى ان الينا ايابهم ثمان اناء حسابه فحساب الخلق على الله وليس لاحد من الناس ان يحاسب الناس بل ان الانبياء وهم اعظم الناس مقاما واشرفهم منزلة يوم القيامة لا يملكون شيئا. ففي الصراط دعواهم اللهم سلم سلم. ولا يملكون الا ما الله تعالى من الشفاعة لمن يرضى جل في علاه من اهل التوحيد وليس لهم حكم ولا فصل بين الناس فان ذلك الى الله جل في علاه اذا ليس للنبي صلى الله عليه وسلم في تدبير الكون شأن ولا له صلى الله عليه وسلم في الحكم الجزائي الاخروي شأن واما فيما يتعلق بالحكم الشرعي فثمة تفصيل. ما تولى الله بيانه فدور رسول الله صلى الله عليه وسلم هو البلاغ والبيان وما لم وما اوكل الله تعالى الى رسوله صلى الله عليه وسلم الحكم فيه وبيانه فانه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم على نور من الله واقرار منه. فان وقع في شيء من الخطأ قوم الله خطأه وصوب اجتهاده كما وقع ذلك في اخذ الفدية عن اسارى احد فان الله تعالى عاتب رسوله صلى الله عليه وسلم في ذلك وبين له ما يجب. فقوله جل وعلا ليس لك من الامر شيء المقصود امر هؤلاء الخلق من حيث ما يجريه الله عليهم من الاقدار ومن حيث ما يفتح الله تعالى عليهم من الايمان وعدمه ومن حيث ما يكون من جزائهم والحكم الجزائي فيهم فان ذلك الى الله ولذلك لما لما استعجلت الاقوام رسلهم بالعذاب لم يأتي العذاب من قبل الرسول بل فوضوا الامر الى الله. ان شاء عاقبهم وان شاء عذبهم. كما قال الله تعالى وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت انت الرقيب عليهم وانت على كل شيء شهيد ان تعذبهم فانهم عبادك. وان تغفر لهم فانك انت العزيز الحكيم فالشأن لله في اجراء ما يكون من الاحكام الجزائية والاحكام في العقوبات سواء كان ذلك في الدنيا او في الاخرة رسول الله صلى الله عليه وسلم اصابه ما اصابه من اذى المشركين فوقع في نفسه ما يقع في نفوس البشر من حنق عليهم حيث بلغ بهم الاذى ان ادمو وجهه صلوات الله وسلامه عليه شجوا رأسه كسروا رباعيته صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فقال صلى الله عليه وسلم وقد بلغ بهم الاذى هذا المبلغ كان يقول صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح كيف يفلح قوم شجوا نبيهم. يعني يبعد الفلاح والهداية والاستقامة شرح الصدر ودخول النور الى قلوب قوم وقع منهم الاذى بنبيهم ان شجوه اي جرحوه في رأسه فالشجة هي الجرح في الرأس. فقال هذا من شدة ما اصابه صلوات الله وسلامه عليه. وهو الصابر المحتسب لكنه صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان ممتثلا امر الله عز وجل في كل ما يأتيه وفي كل ما يأمر به وفي كل ما ينهاه عنه. فلذلك كان منتهيا عند ما نهاه الله تعالى عنده وممتثلا لما امر لما امره الله تعالى به. يقول الله تعالى ليس لك من الامر شيء او ليتوب عليهم او هنا للعلماء فيها قولان الجمهور على ان او عائدة الى مذكور في الاية السابقة ليقطع طرفا من الذين كفروا او يكبتهم فينقلبوا خائبين ليس لك من الامر شيء او يتوب عليهم فاو يتوب عليهم عائد الى قوله او يكبتهم. فذكر الله تعالى في علة انزال الملائكة قطع طرفا من الذين كفروا تبتهم توبتهم تعذيبهم هذا ما ذكره الله تعالى من الاحتمالات او الاسباب التي من اجلها انزل الله تعالى الملائكة على النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة احد وفي اه في غزوة في غزوة بدر فانه انزل الملائكة ليجري هذا الذي ذكر الله تعالى مما قضاه وقدره جل في علاه. هذا هو القول الاول وهو قول جمهور اهل التفسير. ان قوله او يتوب عليه معطوفة على مذكور في الاية السابقة ليقطع طرفا من الذين كفروا او يكبتهم هذا القول الاول القول الثاني ان او هنا بمعنى حتى ومعنى الاية ليس لك من الامر شيء حتى يتوب الله عليه او هنا بمعنى حتى يعني الى ان يتوب الله عليه فالله عز وجل سيتوب على فئات من هؤلاء الذين وهذا الواقع فان كثيرا ممن قاتل النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة احد شرح الله تعالى صدره. فسبب هزيمة احد التفاف خالد بن الوليد من وراء الجبل مباغتة النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه فقتلوا منهم منهم سبعين صحابيا واصابوا رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد ابن الوليد من الذين فتح الله تعالى عليهم فاسلموا وحسن اسلامه رضي الله تعالى عنه وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيف الله فهو سيف الله رضي الله تعالى عنه وبلاءه وجهاده ونصرة الاسلام شهيرة معروفة. من الذين اسلموا ممن قاتل النبي في تلك الوقعة ابو سفيان وهو قائد حزب المشركين. فان الله شرح صدره واسلم في عام الفتح وحسن اسلامه رضي الله تعالى عنه وجاهد في سبيل الله ومات على الاسلام رضي الله تعالى عنه. فالمقصود ان فئات عديدة من ممن قاتل النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة احد شرح الله تعالى صدره للاسلام فاسلم. ولذلك قال الله تعالى ليس لك من الامر شيء او يتوب عليهم او يعذبهم فانهم ظالمون اي ان عذبهم فانهم مستحقون للعقوبة لما كانوا عليه من الظلم والكفر. وقد ذكر المؤلف رحمه الله في هذا الباب حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه في سبب نزول الاية. قال رضي الله تعالى عنه فيما ساقه باسناده عن سالم الحديث الثاني حديث ابي هريرة الحديث الاول حديث عبد الله ابن عمر قال رظي الله تعالى عنه باسناده قال حدثني سالم عن ابيه اي عبد الله ابن عمر رضي الله تعالى عنه انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الاخيرة من الفجر اذا رفع رأسه من الركوع من الركعة الاخيرة من الفجر يعني اذا قال سمع الله لمن حمده رافعا رأسه من الركوع في الركعة الاخيرة من الفجر يقول اللهم العن فلانا وفلانا وفلانا ولم يسمهم رضي الله تعالى عنه وهذا لكون هؤلاء الذين سماهم هؤلاء الذين كن عنهم ولم يسمهم اسلموا جميعا وهم صفوان ابن امية وسهيل ابن عمر وهشاء والحارث بن هشام هؤلاء الثلاثة كلهم اسلم ولذلك فيما يظهر والله تعالى اعلم لم يبينهم عبد الله ابن عمر لان لا يتوهم احد ان ما كان من لعن النبي صلى الله عليه وسلم قد ادركهم. فقد نجاهم الله تعالى بفضله وشرح صدورهم للهدى والايمان قال رضي الله تعالى عنه يقول اللهم العن فيما يخبر عما كان يقوله النبي صلى الله عليه وسلم في قنوته في صلاة الفجر اللهم العن فلانا وفلانا وفلانا ثم يقول بعدما يقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد. فكان صلى الله عليه وسلم يدعو على هؤلاء الثلاثة وهؤلاء لا صلة لهم بغزوة احد فما مناسبة هذا هنا قال العلماء ان هذه الاية نزلت في احد وتكرر نزولها في حادثة اخرى عندما اذى هؤلاء عندما اذى هؤلاء المسلمين بعد غزوة بدر هكذا قيل وقيل انها نزلت عندما دعا النبي صلى الله عليه وسلم على احياء من العرب وهم الذين قتلوا القراء كما سيأتي في سبب النزول الاخر. الذي قصه ابو هريرة رضي الله تعالى عنه. ولا يمنع ان يتكرر نزول اية في اكثر من موقع فان من الايات ما نزل اكثر من في اكثر من مناسبة تذكيرا لاهل الايمان بانه مما يندرج في هذه الاية هذه الواقعة. فيكون هذا من تحقيق المناط يكون هذا من تحقيق المناط اي من تنزيل الحكم على الواقعة. ولكن الله يبين ذلك بتكرار انزال السورة او الاية في حادثة اخرى غير الحادثة السابقة. يقول رضي الله تعالى عنه بعد ما يقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد. واعلم بارك الله فيك ان هذا انما فعله رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في برهة من الزمن وهو قنوته صلى الله عليه وعلى اله وسلم على فئام من الناس ولم يكن مستمرا بل كان مدة مدة ثم انقطع السنة في قنوت النوازل ان يكون في الركعة الاخيرة بعد الرفع منها يقول سمع الله لمن حمده ثم يقول ربنا لك الحمد ولا يشرع ان يزيد على هذا بل يبدأ ويشرع مباشرة بما يدعو به مما يتعلق بالنازلة ولهذا النبي صلى الله لم يقدم بمقدمة حمد وتمجيد وتقديس وصلاة على النبي. انما كان دعاؤه مباشرا فيما بغرظ القنوت فكان غرض القنوت الدعاة لهؤلاء الذين اذوا اهل الاسلام. وعذبوا اهل الايمان ووقع منهم اذى على المسلمين فيما مكة فدعا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم مباشرة اللهم العن فلانا وفلانا وفلانا ولم يزد على هذا وبه يعلم ان دعاء القنوت وهو قنوت النوازل ينبغي ان يكون مقتصرا على موضوع النازلة خلافا لما هو ومسموع من كثير من الائمة اذا قنتا في نازلة اتى بدعاء لا صلة له بالنازلة. وهذا فيما يظهر الله تعالى اعلم خلاف السنة لان السنة تدل على ان يكون دعاء القنوت في النازلة مقصورا على سببها يعني ما هو سبب القنوت؟ سبب القنوت هو اذى هؤلاء فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. عندما نقنت مثلا لمصيبة نزلت المسلمين في بلد من البلدان ندعوا مباشرة اللهم انجي اخواننا المستضعفين من المسلمين في كذا ولا حاجة الى ان يأتي بمقدمة الدعاء يدخل ما ليس من موضوع القنوت فيه. فان فانه من ام الناس فينبغي ان يخفف كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فان من ورائه الصغير والظعيف وذا الحاجة وهذا والمريض ومعنى هذا انه ينبغي ان لا يطيل بما يشق على الناس ويكون هديه وفق ويكون عمله وفق هدي النبي صلى الله عليه وسلم. فانزل الله تعالى ليس لك من شيء او يتوب عليهم او يعذبهم فانهم ظالمون ثم هذا القنوت موضعه بعد الرفع ويسمع من خلفه وقد جاء في السنة ان هذا القنوت لا يختص صلاة الفجر بل جاء في المسند باسناد جيد عن عبد الله بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم لما قنت للنوازل قنتا في صلاة الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء يعني في الصلوات الخمس كلها لكن ان اراد ان يقتصر على القنوت في بعض الصلوات فالفجر اولى ما يقنت فيه. لثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم وتوافر النقل عنه صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر وفي صلاة المغرب. ولكن هل يقنت في غيرهما؟ نعم الجواب يقنت في كل الصلوات للنازلة والى متى يقنط؟ يقنت ما دام ابا نازلة قائما ما لم يمتد ويكون مصابا مستمرا فعند ذلك يترك القنوت لاجل الا يشق على الناس فان النبي صلى الله عليه وسلم في قتل القراء شهرا ثم ترك صلى الله عليه وعلى اله وسلم نعم الحديث الثاني باب قول الله تعالى والرسول يدعوكم في اخراكم قال حدثنا موسى ابن اسماعيل قال حدثنا ابراهيم ابن سعد قال حدثنا ابن شهاب عن سعيد ابن المسيب وابي سلم ابن عبدالرحمن عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا اراد ان يدعو على احد او ادعو لاحد قنط بعد الركوع فربما قال اذا قال سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد اللهم انجي الوليد بن الوليد وسلمة بن شهام وسلمة بن هشام وعياش بن ابي ربيعة اللهم اشدد اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها سنينك سنين يوسف. يجهر بذلك وكان فيقول في بعض صلاته في صلاة الفجر اللهم العن فلانا وفلانا لاحياء من العرب. حتى انزل الله ليس لك من الامر شيء هذا الحديث مكمل للحديث السابق حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنه في بيان ما كان يدعو به صلى الله عليه وسلم في قنوته. فقد اخبر ابو هريرة الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان اذا اراد ان يدعو على احد اي ممن اذى الله ورسوله واحد هنا يشمل الفرد والجماعة. قال رضي الله تعالى عنه او يدعو لاحد. يعني من اهل الاسلام الذين اصابهم بلاء وشدة وكرب او ما الى ذلك مما يكون الدعاء مشروعا له في النوازل. قال سمع الله لمن حمده ثم بعد ذلك قال اللهم ربنا لك الحمد ثم بعد هذا قال اللهم انزل وليد ابن الوليد الوليد ابن الوليد هذا اخو خالد ابن الوليد وكان قد اسر في في بدر افتدي ورجع الى مكة واسلم فاذاه قومه بسبب اسلامه فدعا النبي صلى الله عليه وسلم ان ينجيه الله تعالى قال اللهم انجي الوليد ابن الوليد وكذلك سلماه ابن هشام هذا سلمة ابن هشام اخو عامر ابن هشام وهو ابو جهل هذا اخو ابي جهل عدو الله ورسوله اسلم واذاه قومه وعياش ابن ابي ربيعة كذلك من الصحابة الذين اسلموا بعد وقعة بدر فنالهم من الاذى والشدة والكرب ما نالهم. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو لهم بان ينجيهم الله تعالى من اذى الكفار وان يثبتهم وان يستنقذهم من اعدائهم وخصومهم ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على قريش قال اللهم اشدد وطأتك على مضر. والمقصود بمضر قريش فانهم ينتسبون اليه. قال اشدد وطأتك اي اشدد ظغطك. وظيقك وبأسك على مضر واجعلها سنين كسني يوسف. يعني وجعلها عليهم من حيث الشدة. من حيث الشدة والضيق والقلة والبأس كسنين كسني يوسف والمقصود بسنه يوسف السبع العجاف التي ذكرها الله تعالى في محكم كتابه. قال يجهر بذلك اي يجهر بدعائه. وهذا يدل على ان المشروع في قنوت النوازل ان يجهر الداعي. ان يرفع صوته بالدعاء وكان يقول في بعض صلاته في صلاة الفجر اللهم العن فلانا وفلانا هذا كحديث عبد الله ابن عمر السابق لاحياء امن العرب يعني لجماعات من العرب وهم الذين قتلوا القراء ثم قال حتى انزل الله ليس لك من الامر شيء فانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدعاء على المعينين باللعن او بغيره من الدعاء الذي كان يقوله في قنوته صلوات الله وسلامه عليه وهذا من عظيم امتثال رسول الله صلى الله عليه وسلم لربه فانه ترك ما كان عليه من الدعاء على هؤلاء طاعة لله عز وجل مع ان الدعاء على الظالم الدعاء على المعتدي ترغبه النفس وتميل اليه وتنشرح له لكن الله تعالى منع رسوله من ذلك من الدعاء على معينين لاجل ما علمه سبحانه وبحمده من انهم سيسلمون ويفتح الله تعالى عليهم. قوله آآ ليس لك من الامر شيء نهي عن ان يحكم الانسان على الخواتيم بناء على المقدمات. فان الخواتيم ليست مرهونة بالمقدمات بل ان الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل اهل النار حتى ما يكون بينه وبينها الا كتاب فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل الجنة فيدخلها ففضل الله واسع فينبغي الا يستدل الانسان على الخاتمة بالحال فان الله يغير الاحوال ويبدلها وهو جل وعلا الذي يصرف القلوب ويقلبها فالقلوب بين اصبعين من اصابع الرحمن يقلبها كيف شاء. فحق المؤمن ان يرضى بما رظي الله تعالى وان يدعو على الظالمين على وجه العموم وعلى اهل الكفر المعاندين المعتدين على العموم دون ان يخص ذلك بافراد. وقد استدل العلماء استدل جماعة من العلماء بهذا بهذين الحديثين بهذه الاية انه لا يجوز للمؤمن لعن المعين ولو كان كافرا. لا يجوز للمؤمن ان يلعن شخصا معينا ولو كان كافرا لان اللعن مقتضاه الابعاد عن رحمة الله اللعن مقتضاه تخلية الملعون من بر الله واحسانه ولطفه وعونه ونصرته وهدايته. هذا مقتضى اللعن ولذلك يقول الله جل وعلا في محكم كتابه ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا. ينصره فيهديه ينصره فينجيه ليه ينصره فيقيه لن تجد له نصيرا. ولهذا اللعن لعن المؤمن ايش كقتله ليس المؤمن باللعان ولا بالطعان ولا بالفاحش البذيء ولهذا لما جاء قوم الى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا له الا تدعو على المشركين قال صلى الله عليه وسلم لم ابعث لعانا انما بعثت رحمة فيدل هذا على انه ينبغي للمؤمن ان يمتنع من لعن معين سواء كان المعين فردا او جماعة ولو كانوا مشركين. انما اللعن على الوصف لا على العيب يلعن وصفا بمعنى الا لعنة الله على الظالمين لكن فلان الظالم لا تلعنه بعينه. ولهذا لما جاء رجل الى ابي عبدالله احمد بن حنبل رحمه الله فقال له الحجاج وهو من الظلمة الذين وقع بهم فساد عظيم وشر كبير ولا خلاف بين العلماء في انه من الظلمة قال الا العنوه قال له يكفيك ان تقول الا لعنة الله على الظالمين. يعني لا تلعنه بعينه انما العن لعنا معينا فان كان منهم فستشمله اللعنة. وان لم يكن منهم فلا صالح لك في لعن من لا يستحق اللعن ولهذا النهي عن لعن معين لاجل ان المعين لا يعلم هل يندرج في من يستحق اللعن او لا. واما الدعاء على الظالم فيختلف عن اللعن. اللعن اقصى ما يكون من الكلام السيء مع انه في كلام بعض الناس اسهل ما يكون من السباب والشتائم ولذلك بين النبي خطره وعظيم جرمه فقال لعن المؤمن كقتله لما فيه من الاذى البالغ للملعون. فلذلك يجب على المؤمن ان يصون لسانه وقوله تعالى لا يحب الله الجهر بالسوء من القول الا من ظلم يخرج عنه اللعن فان اللعنة نهي عنه ليس المؤمن باللعان ولا بالطعان ولا بالفاحش البذيء واللعانون لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة. فيجب على المؤمن ان ينأى بنفسه عن لعن كل احد لعنا معينا وفيما يظهر لي والله تعالى اعلم انه لا فرق في ذلك بين ان يكون الملعون كافرا المعين بين ان يكون كافرا او مسلما لكن المسلم اشد واعظم واغلظ لانه قد جاء فيه خصوص الحديث في قوله لعن المؤمن كقتله اذ ان اللعنة معناه انك تدعو بطرده عن رحمة الله وحجب فضل الله عنه واحسانه. وهذا من اعظم ما يقع من الاساءة للبشر. نسأل الله ان يكفينا واياكم شر كل ذي شر. وان يحفظ السنتنا من الزور والبهتان وسيء القول. وان يجعلنا من عباده المتقين وحزبه المفلحين واولياءه الصالحين وان يسددنا في الاقوال والاعمال وان يعيذنا من نزغات الشيطان وان يحفظنا من بين ايدينا ومن خلفنا وعن ايماننا وعن شمائل اي لنوى من فوقنا ونعوذ به ان نغتال من تحتنا. اللهم اننا نعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبر والبخل وضلع الدهر هو ضلع الدين وقهر الرجال. اللهم انا نسألك التوفيق والسداد في السر والعلن. والاستقامة في الظاهر والباطن. وان تثبتنا على الحق وان تهدينا الى الرشد وان تعيذنا من نزغات الشياطين. وان تحفظنا من كل سوء وشر يا رب العالمين. اللهم احفظ هذه البلاد من كل سوء وشر سدد ولاتها الى ما تحب وترظى ساؤيدهم بتأييدك وانصرهم بنصرك واعنهم على ما فيه خير العباد والبلاد واكتب مثل ذلك لسائر ولاة المسلمين اللهم عم بالفضل والاحسان والكرم والجود والفضل سائر المسلمين حيث كانوا. اللهم اجمع كلمتهم على الحق والهدى وسددهم فيما يعود على اهل الاسلام بالخير وقهم كل شر وجنبهم الفتن ما ظهر منها وما بطن