والاخرة نقف على هذا وان شاء الله الدرس القادم نأخذ اخر احاديث الاربعين النبوية باذن الله محجوز عن ان يمضي فيما يحب اتباعا وتقيدا بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق ولو وجد في نفسه ميلا الى غيره فمعلوم ان النفوس قد تميل الى نعم حديث الحادي والاربعون. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين قال المؤلف رحمه الله تعالى الحديث الحادي والاربعون عن ابي محمد عبد الله ابن عمر ابن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يؤمن احدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به حديث حسن صحيح رويناه في كتاب الحجة باسناد صحيح الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد واله وصحبه ومن اتبع سنته باحسان الى يوم الدين اما بعد هذا هو الحديث الحادي والاربعون من احاديث الاربعون النووية وقد نقله المصنف رحمه الله رحمه الله من حديث اه ابي محمد عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما بين حكمه على الحديث فقال حديث حسن صحيح وقال في تخريجه رويناه في كتاب الحجة باسناد صحيح روي رويناه اي ان اي ان المصنف نقله باسناده الى اه عبد الله ابن عمر وذلك انه اتصل اسناده الى كتاب الحجة الذي خرج هذا الحديث وكتاب الحجة مراده به الحجة على تارك سلوك طريق المحجة الحجة على تاركي سلوك طريق المحجة وهو لابي الفتح ناصر ابن ابراهيم المقدسي وقد جاء هذا الحديث عند الطبراني والبيهقي من رواية نعيم بن حماد عن عبد الوهاب الثقفي عن هشام ابن حسان عن محمد ابن سيرين عن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يؤمن احدكم حتى يكون هواه متبعا لما جئت به وقد بين المصنف رحمه الله حكمه على الحديث فصححه حيث قال حديث حسن صحيح ثم عاد مقررا ذلك فقال اسناد باسناد صحيح وهذا الحكم من المصنف رحمه الله آآ خالفه فيه غيره فقد ذكر جماعة من اهل العلم هذا الحديث قالوا بضعفه بل ذهب اكثر علماء على تظعيفه من حيث الاسناد وضعفوا الحديث لضعف نعيم ابن حماد راوي الحديث فهو وان كان من ائمة الذب عن السنة والرد على اهل البدعة الا انه رحمه الله كان لينا الحديث يخطئ كثيرا وقد نبه الى هذا الائمة فهم متفقون على ضعف نعيم بن حماد راوي هذا الحديث وبه ضعفوا هذا الحديث قد قال عنه آآ ابو داوود عند نعيم نحو عشرين حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس لها اصل يعني ليس لها اسناد مستقيم هذا معناه ليس لها اصل كما ان هذا الحديث ضعفهن النسائي رحمه الله ذلك لتفرد نعيم بن حماد ولانه اختلف على نعيم في شيخه وهو عبدالوهاب الثقفي وعلى كل حال هذا الحديث من حيث الاسناد ليس بقائم واما من حيث المعنى هل معناه صحيح لكن معلوم ان المعاني معاني الاحاديث الشريفة ليست هي التي يثبت بها الاسناد فقد يكون المعنى صحيحا دلت عليه النصوص لكن الاسناد الذي نقل به الحديث ضعيف فلا يتقوى الاسناد بكون المعنى صحيحا بكون المعنى صحيح انت كما تقدم معنا في قريبا في حديث ابن عباس الذي رواه اصحاب السنن من حديث عطا عن عبد الله بن عباس ان الله تجاوز عن امتي الخطأ والنسيان وما استكبروا عليه فهذا المعنى متفق عليه وقد اجمع عليه علماء الامة ودلت عليه ادلة مستفيضة لكن من حيث النظر الى اسناد الاسناد ضعيف فلا تلازم بين صحة اللفظ او صحة اه مضمون الحديث ومعناه وبين صحة الاسناد فالاسناد الحكم عليه مستقل عن الحكم على آآ صحة المعنى الذي جاء به الحديث على كل حال النووي رحمه الله صحح الحديث ولعله اه احتمل حال نعيم بن حماد ورأى انه آآ لم ياتي بغريب آآ لذلك اثبت الحديث. قال آآ النووي فيما نقل عن ابي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يؤمن احدكم حتى حتى يكون هواه تبعا لما جئت بها. لا يؤمن هذا نفي نفى النبي صلى الله عليه وسلم الايمان في هذا الحديث حتى يكون هوى الانسان تبعا لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ونفي الايمان الاصل فيه انه نفي الوجود نفي الذات والوجود هذا هو الاصل في نفي الاشياء الا ان يدل دليل على وجود الشيء مع نفيه فيكون عند ذلك النفي للصحة فان دل دليل على صحة الفعل مع النفي فانه يكون دليلا على نفي الكمال. هذه هي المراتب الثلاثة في كل نفي يرد كلام المتكلمين ومنه كلام سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه فقوله هنا لا يؤمن او نفي للايمان بالكلية هذا هو الاصل فان دلت الادلة على وجود الايمان فان ذلك نفي للايمان الصحيح تندلع ادلة الادلة على صحة ايمان من لم يوجد في هذا الوصف فيكون هذا نفيا للكمال ونفي الكمال على نحوين نفي للكمال الواجب ونفي للكمال المستحب وليعلم ان كل نفي للايمان الاصل فيه انه نفي للكمال الواجب اذا دلت الادلة على صحة الايمان اذا دلت الادلة على صحة الايمان وعدم الكفر آآ ما بالفعل الذي آآ نفي الايمان اه الا بوجوده او بوجوده ففي هذه الحال يكون آآ النفي هنا للايماء للامام في كماله الواجب هذا هو الاصل فلابد من مراعاة هذا الترتيب. الترتيب في النفي اولا نفي وجود ثم نفي صحة ثم نفي كمال واجب ثم نفي كمال مستحب وقوله صلى الله عليه وسلم لا يؤمن احدكم خطاب للامة وهو نفي للايمان الكامل الواجب لانه دلت الادلة على وجود الايمان دون هذه الخصلة ووجود وصحة الايمان دون هذه الخصلة بين وجود هذه الخصلة اه فان انتفاء هذه الخصلة في المؤمن وهو ان يكون هواه تبعا لمن جاء به النبي صلى الله عليه وسلم لا ينفي عنه الايمان بالكلية ولا يثبت له حكم الكفر بل هذا نفي للايمان التام الكامل ولكن الكمال هنا ليس الكمال المستحب بل الكمال الواجب وقوله صلى الله عليه وسلم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به حتى هنا غائية بمعنى الى ان يكون هواه تبعا لما جئت به وقوله صلى الله عليه وسلم يكون هذي من الافعال الناسخة التي تدخل على المبتدأ والخبر فيكون المبتدأ اسما لها مرفوعا والخبر خبرا لها منصوبا فقوله حتى يكون هواه تبعا اي حتى يكون ميله وما يحبه وما تشتهي نفسه تبعا بما جئت به اي منقاد لما جاء به من الوحي والهدى ودين الحق وقوله صلى الله عليه وسلم هواه الهوى ميل النفس واصل اطلاقه على ما يكره مما تميل اليه النفس لان الهوى في الاصل هو ما تميل اليه النفس لا هذا في اللغة لكنه في غالب الاستعمال يطلق على ما تميل اليه النفس مما يظرها هذا في الغالب فاطلاق الهوى هو في ميل النفس الضار لها. هذا غالب ما تطلق عليه هذه الكلمة ومنه قول الله جل وعلا واما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى اي ما تميل اليه الناس مما يضرها فان الجنة هي المأوى ومنه قوله تعالى فرأيت من اتخذ الهه هوى واضله الله على علم اتخذ الهه هواه اي صير ما تميل اليه نفسه هو ما يتعبد به وما اه يطيعه وانقاد له فقوله صلى الله عليه وسلم يلهى منه احدكم حتى يكون هواه اي ميل نفسه وما تشتهي نفسه تبعا لما جئت به اي تبعا لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم اي تبعا لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الحق والهدى وهذا يحتمل احد معنيين المعنى الاول ان يحب ما يحبه الله ورسوله من الشرائع والاحكام وما شاء به من الهدى ودين الحق وهذا اعلى مراتب الايمان وهو منا من رب العالمين على العبد كما قال الله تعالى وحبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان اولئك هم الراشدون فهذا من الرشد ومن اعلى المراتب ان تكون النفس محبة لما جاء به. الله عز لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق الامر الثاني ان يكون هواه تابعا لما جاء به اي ان هواه المستلذات والمستطابات من الشهوات كما قال النبي صلى الله عليه وسلم حفت الجنة بالمكاره وحفة وحفت النار بالشهوات والشهوات اي ما تشتهي النفوس وتلتذ به وتميل اليه لكنها تهلكها وتذيقها وتضرها هذا هو المعنى الثاني في معنى قوله حتى يكون هواه تبعا لما جئت به اي يكون فيما يشتهي وفيما يحب مقيدا ذلك بايش بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الشرائع والاحكام وهذا دون المرتبة السابقة. المرتبة السابقة اعلى. لان المرتبة السابقة ان يحب ما شاءت به الشريعة وان يحب خصال الايمان وان ينقاد لها ويقبل عليها بحب واخوة وانشراح الحالة الثانية ان يجد في نفسه ميلا الى خلاف ما جاءت به الشريعة لكنه يكبح نفسه عن ذلك بطاعة الله وبامتثال ما جاء به الشرع الحكيم. وهذا الذي يدل عليه قوله تعالى واما من خاف مقام ربه ونهى النفس نهى النفس حجزها ومنعها ونهى النفس عن الهوى اي عما تميل اليه وتلتذ به وتشتهيه طاعة لله وطاعة لرسوله هذا هو هذه هي المرتبة الثانية وهي داخلة في معنى قول النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به وبالتأكيد ان انقياد الانسان للهوى يورده المهالك فليس شيء معبود في الارض اعظم ظررا واكبر خطرا من عبادة الهوى ولذلك قال الشاعر وعبادة الاهواء في تطويحها بالدين فوق عبادة الاوثاني يعني ظررها في ازالة الاديان وافسادها اعظم من عبادة الاوثان وعبادة الاهواء في تطويحها بالدين فوق عبادة الاوثاني و قوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بما جئت به المقصود به ما جاء به في الكتاب وفي السنة لان الكتاب والسنة كلاهما جاء به صلى الله عليه وسلم كما قال اني اني اوتيت القرآن ومثله معه فاوتي صلى الله عليه وسلم القرآن واوتي مثله وهو السنة. وقد قال تركت لقد تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي ابدا كتاب الله وسنتي هذا ما تضمنه هذا الحديث من المعاني فيه من الفوائد ان نفي الامام يطلق على ما لا يكون كفرا من خصال النفاق والكفر لكن لا يثبت به الكفر لصاحبه لدلالة الادلة على انه لا يكفر به فاعله قد ينفى الايمان عمال السبي كافر لكنه لا يخرج عن الاسلام وثمة دائرتان دائرة الايمان دائرة الاسلام فانتفاء الايمان لا يستلزم انتفاء الاسلام ومنه قول الله تعالى يمنون عليك ناسا وقل لا تمنوا علي اسلامكم بالا ويمن عليكم ان هداكم للايمان فجعل اسلاما وايمانا وقالت قالت اعراب امنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا فجعل فنفى عنهم وصف الايمان لانه لم يتمكن الايمان من قلوبهم واثبت لهم وصف الاسلام من فوائد الحديث ان غاية تكميل الايمان ان يكون الانسان محبا لما يحبه الله ورسوله من الشرع والاحكام افإن من كمال الايمان وتمامه فان من كمال ان يحب ما يحبه الله ورسوله وفيه من الفوائد ان حجز النفس عما تشتهي طاعة للهو من الايمان. لقوله صلى الله عليه وسلم تبعا لما جئت به وفيه من الفوائد ان كل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم في الكتاب او في السنة واجب الاتباع لقول الله عز وجل ما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وقال جل وعلا لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة هذه الادلة تدل على وجوب اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما جاء به هذا بعض ما في هذا الحديث من الفوائد المحبة لا تعني انتفاع المشقة ايضا من فوائد انه كونه يحب ما احب الله ورسوله لا ينفي ان يكون فيما شرع الله تعالى مشقة على النفوس لكنه يحبه لعلمه بعظيم اجر المترتب على هذا العمل وان كان شاقا يحبه لان ذلك به صلاح دنياه واستقامة معاشه فان الشراع بها تستقيم الدنيا وتصلح كما ان بها ترتفع المقامات وتعلو الدرجات في الاخرة فليس ثمة تلازم بين عدم المشقة مع المحبة فقد يحب الانسان الشيء لا لذاته لكن لعواقبه الدنيوية والاخروية الله تعالى يقول كتب عليكم القتال وهو كره لكم كره لكم في ذاته لكنه من حيث تشريع الله عز وجل ومحبوب للنفوس لما يترتب عليه من صيانة الدين حفظ النفوس و حفظ الاموال وما الى ذلك من المصالح الشرعية. ولذلك كان الجهاد ذروته الاسلام وحصول مشقة لا لا تلازم بينها وبين اه مسألة المحبة فقد يكون العمل وقد يجد الانسان في نفسه عناء من هذه المشقة لكن هذا لا ينافي ان يكون محبا للعمل مائلا اليه لعلمه بعظيم الاجر المترتب على فعله وبصلاة وبالمنافع والمصالح التي تترتب عليه في الدنيا