فاذا انظاف الى ذلك عقوبة اخرى كان ذلك زيادة في ايلامه عقوبته على سيء عمله ولذلك المنة بالامرين كليهما على حد سواء فلو ان الله تعالى يوم القيامة غفر للعبد قال المصنف رحمه الله في كتابه الاربعين النووية عن انس بن مالك رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تعالى يا ابن ادم انك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا ابالي يا ابن ادم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك. يا ابن ادم انك لو اتيتني بقراب الارض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لاتيتك بقرابها مغفرة رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين هذا هو الحديث الثاني والاربعون من احاديث الاربعون النووية وهو اخر ما كتبه النووي رحمه الله من هذه الاحاديث اظاف جملة من الاحاديث لتكميل ما رآه محتاجا الى تكميل الحافظ ابن رجب رحمه الله لكنها زائدة على آآ النووية وآآ هذا الحديث احسن النووي رحمه الله اذ ختم به آآ احاديث الاربعين ذاك انه ختمه بما آآ يتضمن آآ طلب المغفرة وحصولها وكيف يدركها المؤمن هذا الحديث حديث انس ابن مالك رضي الله تعالى عنه قال عنه المصنف رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح والترمذي هو صاحب الجامع الشهير جامع الترمذي وهو اول من عمل على اه تقسيم الاحاديث من حيث ثبوتها بمصطلحات فله مصطلحات تختلف عن غيره رحمه الله فقسم الاحاديث الى حديث صحيح وحسن وحسن صحيح وغريب وما اشبه ذلك من الاصطلاحات التي اه ملأ بها كتابه في حكمه على الاحاديث رحمه الله ومن اعلى صيغ الحكم التي استعملها في اه الاحاديث لفظ الصحيح حديث صحيح او حديث حسن صحيح هذا الحديث اخرجه الترمذي من حديث كثير ابن فائد عن سعيد بن عبيد قال سمعت بكر ابن عبد الله المزني يقول حدثنا انس بن مالك قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول يقول الله تعالى يا ابن ادم فالحديث حديث قدسي والحديث القدسي او الحديث الالهي هو ما اخبر فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه هذا اجود ما عرف به الحديث الالهي او الحديث القدسي وما يخبر فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن عن الله عز وجل وقوله قال الله تعالى الاصل في هذا انه نقل ما اخبر به واوحي اليه عن الله لفظا ومعنى ولذلك قول من يعرف الحديث القدسي بان ما كان معناه من الله ولفظه من النبي صلى الله عليه وسلم مخالف لظاهر الخبر لانه لان الاصل في القول ان ينقل الناقل قول القائل بالفاظه هذا هو الاصل فاذا كان العلماء اختلفوا في الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم هل تجوز بالمعنى او لا؟ فذهب طائفة من اهل العلم الى عدم الجواز في الرواية بالمعنى وان كان هذا خلاف الراجح. فهنا من باب اولى لانه خبر عن الله ويبعد ان ينقل النبي صلى الله عليه وسلم معنى ما اخبر الله تعالى به دون ان ينقل حروفه هذا بعيد في الغالب قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول الله تعالى يا ابن ادم هذا نداء وهو نداء لكل احد ممن يصدق عليه هذا الوصف انه ابن لادم وهو شامل لكل بني ادم من الذكور والاناث على اختلاف الاجناس والالسن واللغات والصور والالوان والاعراق والاجناس والاماكن والازمان فكل هؤلاء على اختلافهم يندرجون في قوله يا ابن ادم هم مخاطبون بهذا الخطاب والخطاب من الله عز وجل انك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا ابالي هذا واحد النداء الثاني يا ابن ادم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك الثالث من النداءات يا ابن ادم انك لو اتيتني بقراب الارض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لاتيتك بقرابها مغفرة فذكرها النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه ثلاث نداءات متفقة بصيغة النداء ومتفقة في ثمرته وما يقصد بها فجميع هذه النداءات يقصد بها بيان ما تحصل به المغفرة هذا مشترك في كل النداءات المذكورة لان لانها تختم غفرت لك ما كان منك اول ذلك قال غفرت لك ما كان منك ولا ابالي والثاني قال غفرت لك والثالث قال لاتيتك بقرابها مغفرة فجميع هذه النداءات الثلاثة على اختلاف مشروطاتها الا انها تتفق في جواب الشرط وهو حصول المغفرة ولهذا هذا الحديث موظوعه بيان بعظ اسباب المغفرة او بيان اعظم اسباب المغفرة فاعظم اسباب المغفرة هذه الثلاثة مذكورات هذه الثلاثة امور. الامر الاول الدعاء والرجاء والامر الثاني الاستغفار والامر الثالث التوحيد الامر الثالث التوحيد هذه ثلاثة امور تحصل بها مغفرة الخطايا والذنوب. قوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه يا ابن ادم انك ما دعوتني. كلمة شرطية ودعوتني فعل الشرط وجوابه غفرت لك ما كان منك ولا ابالي هذي جملة جواب الشرط ما دعوتني الدعاء هنا يشمل دعاء العبادة ودعاء المسألة وبهذا يشمل كل انواع العبادات الظاهرة والباطنة القولية والعملية ما كان صلة بين العبد وربه وما كان صلة بين العبد والخلق هكذا قال بعض اهل العلم وقال بعضهم بل الدعاء هنا المقصود به دعاء المسألة اي ما سألتني وطلبت مني المغفرة الا غفرت لك قوله ورجوتني رجوتني هنا على المعنى الاول بانها الدعاء يشمل العبادة والمسألة يكون هذا من عطف الخاص على العام لان الرجاء صورة من صور العبادة. وهي وهو عمل قلبي. الرجاء عبادة قلبية فيكون هذا من عطف ايش الخاص على العام واذا قلنا الدعاء هنا هو دعاء المسألة فقط دون دعاء العبادة فانه يكون من عطف المتغيرات لان دعاء المسألة يكون باللسان والطلب واما دعاء واما الرجاء فهو عمل قلبي. قد يترجمه ما ينتقيه من السؤال لكن هو في الاصل عمل قلبي وقوله رجوتني الرجاء من الاضداد الرجاء من الاضداد ايش معنى الاضداد؟ يعني الذي يأتي بالمعنى وضد ويأتي بظده فالرجاء يأتي بمعنى الخوف ويأتي بمعنى الطمع تقول رجوتك اي خفتك ورجوتك اي طمعت فيما عندك فقوله ورجوتني قال بعض الشراح الرجاء الثاني اي طمعت فيما عندي وقال اخرون رجوتني اي خفتني ما دعوتني وخفتني والذي يظهر والله تعالى اعلم ان هذه الالفاظ التي تأتي بمعنيين متقابلين اذا صلح حمل المعنى عليهما فانه يحمل عليهما وهذا من المواطن التي يصلح ان يفسر الرجاء فيه بهذين المعنوين مثل قوله تعالى ما لكم لا ترجون لله وقارا من المفسرين من قال ما لكم لا تخافون عظمة الله وقالت طائفة منهم ما لكم لا تطمعون في تعظيمه واجلاله وهذا وذاك مستقيم من حيث المعنى ولذلك فسر بهذا وبهذا فقوله ورجوتني اي وخفتني طمعت فيما عندي وفي ما يظهر والله تعالى اعلم ان قوله دعوتني الصق بدعاء المسألة في هذا السياق الصق بدعاء المسألة والمقصود بالدعاء الدعاء الدعاء بالمغفرة يشهد لهذا ما في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال ان عبدا وقع في ذنب فقال ربياني اذنبت ذنبا فاغفره لي هذا وقع في خطيئة وسأل الله المغفرة بدعائه فقال الله تعالى علم عبدي ان ان له ربا يأخذ بالذنب هذا خوف ويغفر الذنب هذا طمع اغفروا لعبدي اغفروا لعبدي وهذا قد يرجح في هذا حديث حديث انس ان دعوتني هنا ايوة سؤال الله تعالى مغفرة الذنب لعطف الرجاء والرجاء هو ما قاله في الحديث علم عبدي ان له ربا يأخذ بالذنب فوعد خوف ويغفر الذنب وهذا ايش رجاء وطمع هذا رجاء وطمع فكان معنى قوله دعوتني اي سألتني المغفرة على ما كان من الخطأ ورجوتني اي طمعت في ثوابي وخفت من عقابي غفرت لك اي سترت ذنبك وتجاوزت عنه فالمغفرة تشمل هذين المعنيين معنى الستر ومعنى التجاوز فقوله غفرت لك اي سترته سترت الذنب وستره بان لا يفضح العبد به في الاخرة ولا يظهر عليه احد وهذا نعمة من نعم الله على العبد عظيمة ان يستره يواري سيئاته لان السيئات اذا ظهرت كان ذلك من الخزي الذي يعاقب به الانسان سواء في الدنيا او في الاخرة فالعقوبة على الذنب نوعان الخزي به سواء في الدنيا او في الاخرة و العقوبة التي يستحقها بالمعصية فقوله غفرت لك اي سترت ذنبك فلم اظهره ولم اطلع عليه الخلق وهذا من عظيم ما يمتن الله به على المؤمن يوم القيامة ان يجمع له الامرين مغفرة الذنب الذي هو التجاوز عنه ومغفرة الذنب الذي هو ستره وقد جاء في الصحيح ان الله تعالى يدني عبده المؤمن يوم القيامة ويعرض عليه ذنوبه حتى اه يقرره بها فيظع عليه رب العالمين كنفه ويقول سترتها عليك في الدنيا وانا اغفرها لك في الاخرة قوله يضع عليه كنفه ان يستره فلا يطلع احدا على ذنبه وخطيئته ومعلوم ان اطلاع الناس على الذنب والخطيئة عقوبة في حد ذاتها ولو لم يأخذ الانسان على ذلك عقوبة زائدة على على اظهار السوء. ولذلك يستعمل الناس اليوم من اوجه العقوبات والتعزير التشهير باصحاب المخالفات فالتشهير وهو ذكر السيئة على الملأ كافي في الم صاحبها فلم يدخله النار لاجل ما كان من سيء العمل لكن فظحه على رؤوس الاشهاد بما كان من سيء العمل. اليس ذلك مؤلما بلى ولو انه لم يفضح ستره لكنه ادخل ادخله النار. جزاء على عمله. اليس ذلك مؤلما بلى لكن تمام النعمة ان يجمع الله له الحسنيين بان يحط عنه الخطأ ويتجاوز عنه. فلو اخذه به فلا يؤاخذه به وان يضيف الى ذلك ان يستره فلا يطلع على سيئة احد فقوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه غفرت لك اي تجاوزت عن سيئتك وسترتها وقوله لك دليل تفضل واكرام وتخصيص بالعطاء لقوله لك اي لاجلك ومنحة منا لك غفرت لك على ما كان منك ولا ابالي فمهما عظمت السيئات وجلت الخطايا والذنوب فانها تحت العفو والغفران فسبحان من تلاشت بجنب مغفرته ورحمته الذنوب ولو كانت اعظم ما كان. ان الله يغفر الذنوب جميعا والله ما خوفي الذنوب فانها لعلى سبيل العفو والغفران كما قال ابن القيم رحمه الله. لكن ما اخشى انسلاخ القلب من تحكيم هذا اي والقرآن فليس الانسان يخشى الذنب انما يخشى ما يعقبه الذنب من السيئات التي يمكن ان يرتكس بها القلب وينتكس ولذلك قال والله ما اخشى الذنوب فانها لعلى سبيل العفو والغفران يغفرها الله اذا استغفرت وتبت لكن ما اخشى شؤم الذنب وسيئته وهو ما يعقبه في القلب من نكت تجعله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم اسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا لكن ما اخشى انسلاخ القلب من تحكيم هذا الوحي والقرآني. فقوله صلى الله عليه وسلم فيما روي عن ربي غفرت لك على ما كان منك ولا ابالي اي لا اكترث فما ما عظم الذنب وكبر فانه يغفره جل وعلا عندما يقر العبد بالذنب ويستغفر عليه الرب وقد قال الله تعالى قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا ما قال يغفر الذنوب فقط؟ قال جميعا جميعا تأكيد للمعنى السابق صغيرها وكبيرها ظاهرها وباطنها قديمها وحديثها لكن اذا اخذ العبد لاسباب المغفرة فقوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فيما روي عن ربه على ما كان منك ولا ابالي يشمل كل ما يكون من الخطايا وظاهره حتى فيما يتعلق بحقوق الخلق من السيئات وهذا خلاف الاصل فان الاصل فيما يتعلق بحقوق الخلق ان الله لا يغفرها الا اباحة اهلها جاء في الصحيح من حديث ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان له عند اخيه مظلمة بالدنيا فليتحلله الان قبل ان لا يكون درهم ولا دينار فكل من له مظلمة على غيره اي سبب من اسباب نقص غيره في دمه او في ماله او في عرضه فليتحلله الان قبل ان لا يكون درهم ولا دينار هذا هو الاصل في المظالم المتعلقة بحقوق الخلق انها لا تغفر الا بي التوبة و رد المظالم الى اهلها واستباحتهم وتحللهم سواء في انفسهم او في اموالهم او في اعراضهم لكن من رحمة الله بعباده انه من صدق بالتوبة والاستغفار قد يبلغه الله هذه الدرجة فيتحمل عنه لا يسقط حق المخلوق فحقه مبني على المشاحة. لكن قد يتحمل الله تعالى عن العبد فاحط عنه الخطايا ويرضي خصومه بما يرضيهم به من عطائه ونواله وجزيل احسانه فهذا فظله جل في علاه وقوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه في النداء الثاني قال الله تعالى يا ابن ادم لو بلغت ذنوبك عنان السماء لو بلغ لو بلغت ذنوبك عنان السماء بلغت ذنوبك اي وصلت عنان السماء اي السحاب كثرة وفرتان وتنوعا فملأت الفضاء الى هذا الحد ثم استغفرتني اي طلبت مغفرتي غفرت لك غفرت لك هنا قال يا ابن ادم لو بلغت ذنوبك اي خطاياك ومعاصيك في ترك الواجبات او فعل المحرمات عنان السماء اي السحاب ثم استغفرتني اي ثم وقع منك استغفار وهو طلب المغفرة غفرت لك اي تجاوزت عن ذنبك وسترتك. هنا نحتاج ان نقف ما الفرق بين هذا وبين النداء السابق النداء السابق ذكرنا في قوله دعوتني ورجوتني ان الدعاء هنا يشمل دعاء المسألة ودعاء العبادة ولو قيل انه دعاء مسألة لكان له وجه لكن لما جاء دعاء المسألة على وجه التعيين في النداء الثاني كان الاولى في تفسير الوجه الاول بانه الدعاء الذي هو تتحقق به العبادة تكن دعوتني ورجوتني اي حققت العبادة مستصحبا الخوف والرجاء مستصحبا الخوف والرجاء وذلك ان العبادة مبناها على الحب العبادة بناؤها وقاعدتها الحب اي حب الله جل وعلا فكلما عظمت محبة الله في قلب العبد زادت عبوديته له بخلاف من يتصور ان المحبة معناها التفريط كما يتوهم بعض الصوفية الذين ظلت اقدامهم فيقولون اذا بلغ العبد مرتبة المحبة والولاية سقط عنه التكليف هذا عبث لو سقط التكليف عن احد لسقط عن سيد ولد ادم اعظم الخلق مرتبة واعلاهم منزلة واسماءهم مقاما صلى الله عليه وعلى اله وسلم نقف على هذا نستكمل ان شاء الله الدرس غدا الله وسلم على نبينا محمد