الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد قال المصنف رحمه الله والقرآن كلام الله وتنزيله ونوره ليس بمخلوق ثم قال لان القرآن من الله وما كان من الله فليس بمخلوق وهكذا قال مالك بن انس واحمد بن حنبل والفقهاء قبلهما وبعدهما والمراء فيه كفر تقدم في التعليق على هذه على هذا المقطع من كلام المؤلف ان القرآن كلام الله عز وجل وان عقيدة اهل السنة والجماعة في ذلك مستقاة من الكتاب والسنة وما اجمع عليه علماء الامة في قرونها المفضلة من ان القرآن كلام الله وهذه المسألة قد جرى فيها على اهل السنة فتنة عظيمة زمن الامام احمد رحمه الله فكان اول من عرف انه قال القرآن مخلوق الجعد ابن درهم ولم يكن الناس قد احدثوا شيئا من نفي الصفات حتى ظهر ذلك في قول الجعد وقد عاقبه قادوا خالد ابن عبد الله القسري حيث قال يا ايها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم فاني اضحي بالجعد ابن درهم انه زعم ان الله لم يتخذ ابراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما ثم نزل ذبحه وهذا كان بالعراق ثم ظهر بعد الجعد جهم بن صفوان في ناحية المشرق من ترمذ ونحو ذلك من تلك الجهات واخذ ب قوله واظهر الرأي في نفي الصفات ولذلك ينسب القول بنفي الصفات للجهمة بن صفوان فيقال في نفاة الصفات الجهمية واشتهرت مقالتهم في زمن الامام احمد وحصل به بمقالتهم فتنة عظيمة على اهل العلم والسنة بامارة المأمون وكثروا بخراسان مدة من الزمن و امتحن الناس في هذا الى ان فرج الله تعالى عن الامة بكشف الغمة وزوال البدعة واستقرار ما دلت عليه الادلة في الكتاب والسنة من ان القرآن كلام الله وقوله رحمه الله وتنزيله اي ان القرآن نزل من الله عز وجل وقد امتدح الله وقد حمد الله تعالى نفسه على انزال كتابه كما في قوله الحمد لله الذي انزل على عبده الكتابة ولم يجعل له عوجا وكما قال تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا وذكر تنزيل القرآن في مواضع كثيرة من ايات الكتاب الحكيم وهو دال على انه المتكلم به حقيقة سبحانه وبحمده ولهذا يعتقد اهل السنة والجماعة ان الله متكلم حقيقة بالقرآن كلاما يليق به سبحانه وبحمده خلافا لما يعتقده الجهمي والمعتزلة الذين يقولون ان كلامه مخلوق ولهذا بعد ان بين ان الكلام ان القرآن كلام الله وانه تنزيله وانه نوره عاد الى تمييز قول اهل السنة والجماعة عن قول غيرهم من الجهمية والمعتزلة الذين يقولون القرآن كلام الله مخلوق وهذا القول مخالف للكتاب والسنة واجماع السنة في الامة وهو مناقض لاقوال الانبياء ونصصهم فالله تعالى يتكلم متى شاء كيف شاء و القرآن منه بدأ واليه يعود كما ذكر ذلك العلماء ومقصودهم منه بدائل هو المتكلم به. لم يبتدأ من غيره كما قال في الجهمية القائلون بان القرآن مخلوق خلقه الله تعالى في غيره فهو مبتدأ من ذلك المحل المخلوق وهذا معنى قول السلف رحمهم الله القرآن كلام الله منه بدأ يعني هو الذي تكلم منه قد تكلم به فمنه ظهر جل وعلا ومنه خرج كما في الحديث الذي رواه احمد وغيره عن جبير بن نفيل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انكم لن ترجعوا الى الله بشيء افضل مما خرج منه وليس معنى قول السلف والائمة ان انه منه خرج ومنه بدأ انه فارق ذاته وحل بغيره فان كلام المخلوق اذا تكلم به لا يفارق ذاته ولا يحل لغيره ولكن المقصود الرد على الجهمية الذين قالوا ان القرآن خلقه الله في غيره فيكون قد ابتدأ وخرج من ذلك المحل. لا من الله كما يقولون في كلام الله لموسى يقول انه خرج من الشجرة تبين السلف والائمة ان القرآن من الله بدأ وخرج وان الله هو المتكلم بالقرآن ومنه سمع لانه خلقه سبحانه وتعالى بغيره كما فسره بذلك احمد وغيره من الائمة لم لم يبتدأ القرآن من غير الله تعالى من الموجودات بل هو من الله كما قال جل وعلا وانك لتلقى القرآن من ايش لدن حكيم عليم وهذا يدل على ان القرآن من الله. والله تعالى يقول ولكن حق القول مني فاضافه اليه جل في علاه وقال تعالى كتاب احكمت اياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير وقال تعالى تنزيل من الله العزيز الحكيم و من في هذه المواضع كلها لابتداء الغاية وهو دليل على ما ذكر رحمه الله من انه كلامه وتنزيله ونوره ليس بمخلوق و قوله رحمه الله لان القرآن من الله هذا تعليل وقد تقدم ادلة هذا هذا تعليل ان القرآن كلام الله لانه من الله كما تقدم في الايات التي ذكرناها قبل قليل وانك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم ولكن حق القول مني وما الى ذلك من الايات التي تقدم ذكرها وقوله رحمه الله وما كان من الله فليس بمخلوق هذا بيان لازم ان ما كان من الله ليس بمخلوق ولا خلاف بين اهل العلم ان كلام الله عز وجل ليس بمخلوق ولهذا جاء في حديث خولة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من نزل منزلا فقال اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل عن منزله ذلك وقد استدل الامام احمد بهذا على ان القرآن كلام الله لانه استعاذ بكلماته لانه جاء في الذكر الاستعاذة بكلماته ولا يجوز الاستعاذة من مخلوق فلولا انه كلامه الذي هو من صفاته جل في علاه وليس مخلوقا لما جاز الاستعاذة به سبحانه وبحمده و قوله رحمه الله وهكذا قال مالك ابن انس واحمد ابن حنبل ذكر الامامين من ائمة اهل السنة والجماعة دي تقريري هذا المعنى وهو ان القرآن كلام الله وانما ذكر هذين لامامتهما ولا يقتصر الامر عليهما ولهذا قال والفقهاء اي والعلماء فالمقصود بالفقهاء هنا اهل العلم وليس المقصود بالفقهاء الفقه الاصطلاحي وهو معرفة الاحكام التكليفية التفصيلية من ادلتها الشرعية بل المقصود بالفقه هنا العلم والفقه كما ذكر اهل العلم ينقسم الى قسمين فقه اكبر وهما يتصل بالاعتقاد وفقه اصغرهما يتصل بالعمل فالمقصود بالفقهاء العلماء باصول الدين وقواعده وعقائده واحكامه قبلهما وبعدهما وانما ذكرهما امامتهما اما مالك فلانه امام دار الهجرة التي كانت محضن الصحابة رضي الله تعالى عنهم واما الامام احمد فلانه الذي ثبت الله تعالى به الامة في مسألة خلق القرآن حيث امتحن رحمه الله وجرى عليه بلاء شديد لي يقول بان القرآن مخلوق لكن الله رد به هذه المقالة الباطلة وثبته على ما دل عليه الكتاب والسنة واجمع عليه العلماء والامة من ان القرآن كلام الله ليس بمخلوق قال والمراء فيه كفر اي الجدال بهذا من الكفر وذاك ان الادلة مستفيضة في تقرير ان القرآن كلام الله ولا حيلة من اعرض عن ذلك الا ان يجحد ذلك صراحة او ان يسلك مسالك الانحراف بالتأويلات الفاسدة والتحريفات الباطلة التي يتوصل بها الى الضلال والشر والتكذيب لما دلت عليه الادلة وقوله رحمه الله والمراء فيه كفر هذا من حيث الاصل لكن فيما يتعلق بالاعيان معلوم ان كفر الفعل واو كفر المقالة لا يلزم منها كفر الفاعل ولا كفر القائل اذ ان تنزيل الحكم على المعين يحتاج الى نظر في حاله من حيث توافر الشروط وانتفاء الموانع ثم قال رحمه الله والايمان بالرؤية والايمان بالرؤية يوم القيامة يرون الله بابصار رؤوسهم وهو يحاسبهم بلا حجاب ولا ترجمان طيب قوله رحمه الله والايمان بالرؤية هذا مما يتصل بالله عز وجل فالايمان بالقرآن مما يتصل بالايمان بالله عز وجل وكذلك الايمان بالرؤية مما يتصل بالايمان بالله عز وجل فمن الايمان بالله الايمان بانه يرى سبحانه وبحمده يوم القيامة و الرؤية الثابتة يوم القيامة جاءت الكتاب وفي السنة اما في الكتاب فيشير اليها قول الله عز وجل قوله عز وجل آآ لا تدركوه الابصار وهو يدرك الابصار وكذلك قوله عز وجل يوم يكشف عن ساق ويدعون الى السجود فلا يستطيعون كما جاء في تفسير هذه الاية اما دلالتها في السنة فالاخبار في رؤية برؤية الله تعالى يوم القيامة متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك قوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم انكم سترون ربكم كما ترون القمر والشمس لا تضارون في رؤيته ولهذا كان تبوت رؤية الله عز وجل يوم القيامة بالكتاب وبالسنة المتواترة وكذلك باتفاق سلف الامة وائمتها من الصحابة والتابعين. ومن بعدهم من ائمة اهل الاسلام يعتقدون ان ان الله تعالى يرى يوم القيامة يراه المؤمنون رؤية تنعيم ويراه المؤمنون رؤية تعريف رؤية التعريف تكون في عرصات يوم القيامة وهي التي اشار اليها قوله تعالى يوم يكشف عن ساقه ويدعون الى السجود فلا يستطيعون ورؤية التنعيم تكون بعد دخول الجنة نسأل الله ان نكون من اهلها و اما غير اهل الايمان فانه لا يطلق القول بانهم يرونه ولا القول بانهم لا يرونه لا يطلق القول بانهم يرونه فلا يقال الكفار يرون ربهم لان ذلك يوهم انهم يشتركون مع اهل الايمان في رؤية التنعيم والفظل واما مسألة الكفار هل يرون ربهم للعلماء في ذلك قولان من اهل العلم من يقول انهم لا يرون الله عز وجل بحال ويستدلون بقوله تعالى كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون فلا يرون الله عز وجل وهذا قول اكثر اهل العلم والقول الثاني انهم يرونه رؤية تعذيب و تعريف ثم يحتجب عنهم واستدلوا بهذه الاية لقوله كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون والحجب يكون بعد النظر والذي عليه الجمهور اقرب الى الصواب. لكن حتى على القول بان الكفار يرون ربهم لا يسوغ ان يطلق القول بان الكفار يرون ربهم من غير تقييد. يعني لا يسوغ ان يقول الكفار يرون ربهم ام ويسكت بل اذا كانا يرى انهم يرون ربهم فلا بد من تقييد ذلك بانهم يرونه رؤية تعريف وتعذيب لان الرؤية المطلقة لا يفهم منها الا الاكرام والاثابة ففي الاطلاق ما يوهم انهم يشتركون مع اهل الايمان بهذا الاكرام وهذه الاثابة و هذا الوجه يمنع من اطلاق القول بانهم يرون ربهم وليعلم ان الرؤية الواردة في النصوص نوعان رؤية تعريف ورؤية تنعم ما اشار اليه المؤلف رحمه الله رؤية التعريف وهي الرؤية التي تكون في عرصات يوم القيامة اي يرونه جل وعلا في المحشر رؤية الله عز وجل في المحشر رؤية تعريف وذلك لما جاء في حديث ابي سعيد رضي الله تعالى عنه وغيره من ان النبي من ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر انه في يوم القيامة يؤمر كل احد ان يتبع ما كان يعبد فيتبع من كانوا يعبدون الاصنام الاصنام ويتبع من كان يعبد الشمس والقمر الشمس والقمر لا يبقى في ارض المحشر الا اهل الايمان معهم المنافقون وغبرات من اهل الكتاب فيأتيهم الله عز وجل فاذا رأوه سجدوا هذه الرؤية سجد اهل الايمان وحيل بين اهل النفاق وبين السجود كما قال تعالى يوم يكشف عن ساق ويدعون الى السجود فلا يستطيعون فيتمكن من السجود لانكشاف ما في قلوبهم من الكفر ولهذا قال يرون الله بابصار بابصار رؤوسهم ان يرونه عيانا هذا مقصوده بابصار رؤوسهم وانما نص على هذا ردا على من قال بانهم يرونه ان يعرفونه ويعلمونه رؤية علم وليست رؤية بصر والنبي صلى الله عليه وسلم بين انها رؤية حقيقية وتكون بالابصار انكم سترون ربكم كما ترون الشمس والقمر لا تضارون في رؤيته وفي بعض روايات البخاري يرونه عيانا ان يرونه ويبصرونه باعينهم وهذا وجه قوله رحمه الله يرون الله بابصار رؤوسهم اي معاينة رؤية بصر وليست رؤية علم فقط قال وهو يحاسبهم بلا حجاب ولا ترجمان وهذه رؤية التعريف وهو يحاسبهم اي على اعمالهم والحساب هو وزن الاعمال ولم يذكر المؤلف رحمه الله رؤية التنعيم التي تكون ب الجنة وذلك انه رحمه الله ذكر ما يتعلق بما يكون يوم القيامة واما الرؤية التي تكون في الجنة فانها تكون من نعيم اهل الجنة اذا دخلوا الجنة نسأل الله ان نكون من اهلها وقوله رحمه الله بلا حجاب اي يرونه معاينة لا يحتجب عنهم ولا ترجمان اي ولا مفسر يفسر بينه وبين خلقه بل يكلمونه مباشرة ويكلمهم مباشرة وتكريم الله تعالى للناس يوم القيامة جاءت به الاحاديث واجمع عليه علماء الامة دل عليه القرآن ايضا ومنه تكليمهم في الحساب وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ما منكم من احد الا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ولا حجاب يحجبه هكذا بهذه عدي بن حاتم في الصحيحين وهذا مما استدل به القائلون ان الكفار يرون ربهم لان هذا خطاب لكل احد من اهل الاسلام وغيرهم فقد ثبت ان الله يكلم اهلا كفر ليعرفهم عظيم جرمهم وكبير ما هم عليه من الفجور والفسق والكفر بالله عز وجل نقف على هذا ونكمل ان شاء الله تعالى في الدرس القادم