بعد هذا قال ومنها كثرة ذكر الموت؟ اي نعم. ومنها كثرة ذكر الموت. ذكر ابن ابي الدنيا باسناده عن منصور ابن عبد الرحمن او صفية ان امرأة اتت عائشة تشكو اليها القسوة فقالت اكثري ذكرى الموت يرق قلبك وتقدرين على حاجتك ما فعلت فانست من قلبها رشدا فجاءت تشكر لعائشة رضي الله عنها وكان غير واحد من السلف منهم سعيد ابن جبير وربيع ابن ابي راشد يقولون لو فارق ذكر الموت قلوبنا ساعة لفسدت قلوبنا. وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم اكثروا ذكر هادم اللذات الموت. وروي مرسل الخرساني قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجلس وقد اشتعلاه الضحك فقال شوبوا مجلسكم بذكر مكدر اللذات قالوا وما مكدر اللذات يا رسول الله؟ قال الموت باقي ما ذكره المؤلف رحمه الله من مزيلات قسوة القلب. بين الله قلوبنا بطاعته وعمرها بمحبته وتعظيمه يقول رحمه الله منها كثرة ذكر الموت. ذكر الموت هو تذكره. سواء كان ذلك بالقول او بالقلب. وذكر الموت الذي ينفعه ذكره وبالقلب ان يذكر الانسان انه ليس باقيا في هذه الدنيا بل هو عنها زائل وتكمل سعادته ويعظم بذكر الموت اذا ذكر انه مسافر. انتم يا اخواني جيتكم هذه الدورة. وانتم اكثركم قد ترك اهله وبلده. وهي الايام والليالي حتى تنتهي هذه الدورة ويرجع الى اهله. ينبغي ان تكون مسيرتنا في هذه الدنيا كسفرنا هذا. لسان يتشوق وتشوف الى ان يرجع الى بلده والى اهله والى موطنه كذلك يتشوف الى جنة عرضها السماوات والارض ويعد للمواقف العظيمة التي سيستقبلها. ذكر الموت يذكره الناس على نحوين. من الناس من يذكر الموت في ذكر ما يكون من احال الاموات من الاجساد وانقطاع الاحباب وعمارة دور الدور بالدود وسكن اللحود وما الى كذلك مما يعتري البدن وهذا اكثر ما يتكلم عنه الناس. واكثر ما يحرك شجونهم. ولذلك الان في ادعية القنوت اذا جاءت اللحود والدود بكى الناس. لكن الحقيقة الامر اعظم من هذا وينبغي ان ان يذكر الموت لا ولحوده انما يذكر الموت بما فيه من النعيم المقيم لاهل السعادة والشقاء والعذاب الاليم لاهل الشقاء. فان الناس في قبورهم منعمون ومعذبون والعذاب والنعيم لا على الاجساد في الاصل انما هو للارواح فذكر القبور على هذا الوجه ينبغي ان يكون هو الذي في اذهاننا وفي مواعظنا. اما ان نذكر اللحود وما اللحود والدود فهذه في الحقيقة يستوي فيها الصالح وغيره يعني انت الان جب اصلح الصالحين وافسد الفاسدين واقبر هذا واقبر هذا. ستجد ان ما يجري على هذا من التفسخ والدود كذلك في غالب الاحوال. هذا هو الغالب في الارض انها تأكل الاجساد ويكون فيها ما يكون. لكن ما الفرق بين صاحب هذا القبر وصاحب هذا القبر الفرق بين هذا وذاك هو ما يكون من نعيم الروح ولذتها وشقائها وعذابها. فينبغي الا تقتصر ذكر الموت على يكون على الاجساد انما يذكر ما يكون في نعيم الارواح وهناك من يتصل ويسأل ويكلم اهل العلم ويقول انا يعني اذكر الموت كثيرا واقلق ولا انام ولا طيب يا اخي هذا جيد ذكر الموت ينبغي ان يكون حاملا للعمل لا مقعدا عن السعي والطاعة لان بعض الناس يذكر الموت تقعد عن العمل يذكر يعني انقطاع الملذات ومفارقة الاحباب وتغير الحال فيكون هذا كبرا على نفسه لكنه لا صلاحا واستقامة ذكر الموت المقصود في ما ذكره الائمة وجاء في كلام السلف وجاء ما جاء فيها من الاحاديث انما هو لاجل ان يتعظ الانسان في عمل صالحا قبل انقطاع عمله وارتهانه بما قدمه. هذا القسم الاول القسم الذي يذكر ما تكون للابدان والقسم الثاني ما من يعظ ويذكر ما يكون للارواح في الحياة البرزخية العمدة فيها على البدن او على العمدة في فيما يجري فيها من نعيم وعذاب انما هو للارواح. واما الابدان فهي تابعة بخلاف الدنيا العمدة فيما يجري من التنعيم التعذيب انما هو للابدان والارواح تابعة. ويكمل الاقتران في الدار الاخرة. بين الروح والبدن فيكون النعيم لهما اذابوا عليهما نعوذ بالله من الخسران. اذا ذكر الموت المثمر هو الذي يثمر عملا صالحا. ما الذي يقعد الانسان ويحزنه وينغضه حياته من جهة فقده لمن يحب وذهابه ومفارقته لما الف من متع الدنيا وملذاتها. ثم من ذلك وهو في سياق هذا ما ذكره المؤلف رحمه الله من ذكر زيارة القبور