من فوائد الحديث استواء الناس في المقام بين يدي الله عز وجل فكلهم بنو ادم ولذلك جاء النداء يا بني ادم فهذه الشروط وجزاؤها لكل بني ادم ذكرا او انثى يا ابن ادم انك لو اتيتني بقراب الارض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لاتيتك بقرابها مغفرة رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح اه سبق التعليق على هذا الحديث الشريف بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين قال المصنف رحمه الله تعالى الحديث الثاني والاربعون عن انس رضي الله عنه قال تبعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تعالى يا ابن ادم انك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا ابالي يا ابن ادم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك وهو اخر الاحاديث التي ذكرها المصنف رحمه الله في الاربعون النبوية الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد هذا الحديث الثاني والاربعون من احاديث الاربعون النووية وهو دائر على بيان اسباب المغفرة وقد ذكر منها النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه ثلاثة اسباب وصدر كل سبب من نداء يا ابن ادم انك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا ابالي هذا السبب الاول يا ابن ادم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك الثالث يا ابن ادم لو اتيتني بقراب الارض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لاتيتك بقرابها مغفرة ثلاثة اسباب تكلمنا عن السبب الاول في قول يا ابن ادم انك ما دعوتني ورجوتني ما هو العمل الذي رتب عليه المغفرة في هذا النداء الدعاء والرجاء والدعاء هنا المقصود به دعاء المسألة والعبادة فيما يظهر والله اعلم دعاء المسألة والعبادة فيكون قوله ورجوتني من باب عطف ايش الخاص على العام لان الرجاء عمل قلبي وهو مندرج في الدعاء فيكون المعنى ما ما فيكون المعنى ما اقمت على عبادتي خوفي والطمع فيما عندي حصلت لك المغفرة يكون المغفرة مرتبة على تحقيق العبودية لله عز وجل بالظاهر والباطن خوفا وطمعا خوفا ورجاء خوفا وطمعا ومعلوم ان هذان كما سيأتي ان شاء الله في الفوائد عليهما آآ قوام العبودية لاستقامة حال الانسان انه لابد له من الرجاء والخوف في سيره الى الله عز وجل العمل الثاني الذي رتب عليه المغفرة هو الاستغفار. يا ابن ادم لو بلغت ذنوبك عنان السماء. وقلنا الذنوب هنا يشمل الذنوب قاصة الذنوب التي هي الصغائر والكبائر والتي ما بين الانسان وربه وما بين الانسان والخلق على الوجه الذي ذكرناه من انه اذا صدق في الاستغفار والتوبة تحمل الله عنه اذا صدق في طلب التحلل من حقوق الناس وعجز فعند ذلك يتحمل الله تعالى عنه لانه بذل ما يستطيع باستبراء اه الاستفراغ طلب طلب البراءة اه رد الحقوق والمظالم الى اهلها الثالث من الاعمال يا ابن ادم لو اتيتني بقراب الارض خطايا ورأى بالارض خطايا قراب اي مل بالظم وفيه وجه بالكسر بقراب والمراد بالوجه الاول اي بملئ الارض وقراب جمع قربة اي بكل ما يستعمله الناس من القرب في الدنيا و الاوعية التي تحفظ بها السوائل لو ملئت للذنوب والخطايا وكانت الخطايا قد تجسدت وجسمت وكان لها جرم وملئت بها تلك القراب فانه يأتي الله تعالى العبد اذا حقق الشرط بقرابها او بقرابها مغفرة الشاهد او المقصود قوله صلى الله عليه وسلم بقراب بالظم وفيه وجه بكسر والمراد بملئ الارض خطايا اي بما يملؤها وقوله صلى الله عليه وسلم خطايا الخطايا جمع خطيئة وهي ما يقع من الانسان من مخالفة الامر او الوقوع في المنهي عن قصد وارادة الخطيئة تختلف عن الخطأ الخطيئة تكون بتعمد وقصد وارادة اما الخطأ فانه يكون بهذا وبغيره قد يكون بقصد وقد يكون بغير قصد ولذلك قال الله تعالى وليس عليكم جناح فيما اخطأتم به ثم قال ولكن ما تعمدت قلوبكم وهو الخطيئة ولكن ما تعمدت قلوبكم كما جرى بالانسان من الاخطاء دون قصد فهو جار على العفو الذي تقدم في حديث ابن عباس عفي عن امتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه فقوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه خطايا قضاها جمع خطيئة وهي كل مخالفة سواء كانت بفعل محرم او بترك واجب بفعل المحرم او بترك الواجب وهذا هو المعصية فتكون الخطايا المعاصي الخطايا السيئات وهذه كلها اسماء لشيء واحد وانما اختلفت تسميتها لاختلاف اعتبارات التسمية فسميت خطايا بالنظر الى ذات الفعل وانه خطأ وسميت معصية بالنظر الى انه مخالفة الشرع في الامر باجتناب المحرم وفي الامر بفعل الواجب وسميت سيئة بالنظر ليه العاقبة وانها تسوء صاحبها في الحاضر والمآل هذه تسميات لشيء واحد اللي قائلا يقول طيب يعني هذه التسميات مثل لا لا معنى لها مثل قولك مثلا اللي شاع عن شخص اه له اكثر من اسم عبدالله عبدالرحمن قد يكون بعض الناس اكثر من اسم اما اسم يعني او بعض الاشياء لها اكثر من اسم مثل تسمية الاسد مثلا اسد وغضنفر وهيزبر ها اوليف هذي اسمية اسماء لكن هذي الاسماء قد لا تكون معللة لكن في كل الاسماء التي ترتبط بالمعاني او بالامور الجليلة ما من اسم الا وتأملت المعنى له حضور في هذا الاسم هكذا هي الحكمة مثلنا قبل قليل في المعصية ومثله الطاعة والحسنة والقربى كلها اسماء اللي فعلا ممدوح لكن اختلفت هذه الاسماء بالنظر الى الاعتبار الذي نظر اليه من من من خلاله او اعتبر في اختلاف التسمية فقوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه يا ابن ادم انك لو اتيتني بقراب الارض خطايا يعني معاصي يعني سيئات يعني فعل محرم او تركها او ترك واجب وهذا يشمل الصغائر والكبائر سواء مما يتعلق بحق الله عز وجل او مما يتعلق بحق العباد لكن ما يتعلق بحق العباد لا بد فيه من رد الحقوق الى اهلها فان امكن الانسان ان يرد الحقوق وترك اخذ على ذلك وان لم يتمكن وصدق في توبته ندمة على ما كان من سيء العمل فان الله تعالى يتحمل ذلك عنه قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه يقول الله تعالى لا تشركوا بي شيئا لا هنا نافية ولذلك رفع الفعل بعدها والمقصود بيان الحال فالجملة هنا حالية لقيتني حال كونك لا تشرك بي شيئا اه جملة حالية حال من ايش من ايش حال من الفاعل لقيتني من العبد الذي لقيه بالخطايا حال من الفاعل لقيتني حال كونك لا تشرك بي شيئا ومعنى لا تشرك بي شيئا اي لا تسوي بي غيري فالشرك مداره على ايش على تسوية على تسوية غير الله بالله ولذلك اجمع تعريف للشرك انه تسوية غير الله بالله بي الهيته في ربوبيته في اسماء وصفاته هذا على وجه التفصيل لكن في الجملة الشرك هو تسوية غير الله بالله ولذلك قال الله تعالى ببيان فعل الكفار الحمد لله الذي خلق السماوات والارض وجعل الظلمات والنور. ثم الذين كفروا بربهم يعدلون اي يسوون به غيره ومنه ايضا قول الله جل وعلا ما يقول واهل النار تالله ان كنا لفي ضلال مبين اذ نسويكم برب العالمين هذا في قول قوم ابراهيم عندما يتبين لهم ضلال عملهم بوار سعيهم حيث سووا غير الله بالله ولذلك قال الله تعالى فلا تجعلوا لله اندادا اي امثالا و نظراء فلا تجعلوا لها اندادا وانتم تعلمون وقال تعالى ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا اي امثالا واسوياء يسويهم بالله فقوله صلى الله عليه وسلم فيما روي عن ربه لقيتني لا تشرك بي شيئا اي لا تساوي بي غيري وهذا يشمل عدم تسوية غير الله بالله في الهيته في ربوبيته في اسمائه وصفاته فيما يجب له من الحقوق وقوله شيئا نكرة في سياق النفي فتعم كل شيء سواء كان ملكا مقربا او نبيا مرسلا او حيوانا او جمادا او غير ذلك مما يسوى بغير يسوى بالله عز وجل ويدعى من معه او من دونه قال لاتيتك بقرابها مغفرة لاتيتك هذا جواب الشر لو ان لو اتيتني بقراب الارض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لاتيتك بقرابها مغفرة اين جئتك بملئها اي بملئ الارض مغفرة وجعل ملء الارض من المغفرة ليحيط بكل سيئة. فلا يبقى سيئة كما انه جاء بملئها خطايا جاءه الله تعالى لما لقيوا على هذه الحال لا يشركوا به شيئا بملئها مغفرة عفوا وتجاوزا وقوله لاتيتك بقرابها مغفرة المغفرة هنا تشمل المعنيين المتقدمين وهما التجاوز عن السيء ها والستر تجاوز عن السيء والستر فقوله اتيتك بقراب مغفرة اي لاتيتك بقرابها صفحا وتجاوزا عن السيئات و سترا للمعايب والخطايا هذا ما تضمنه الحديث من معاني واما فوائد هذا الحديث فالحديث فيه جملة من الفوائد من فوائده تنوع اسباب المغفرة وانها من رحمة الله تعالى بعباده النوع اسباب حصول المغفرة ولم يقصرها على باب وهذا من معاني اسمه الغفار جل في علاه كما قال تعالى واني لغفار لمن تاب وامن وعمل صالحا ثم اهتدى الغفار هو الذي يغفر كثيرا والغفار هو الذي نوع اسباب اسباب حصول المغفرة فلم يجعلها في باب واحد او في طريق واحد بل جعل المغفرة تحصل باسباب متعددة متنوعة وذاك فضل الله وعطاؤه واحسانه وبره وفيه من الفوائد ان جميع الناس ينتسبون لادم فهو ابو البشر الذي عنه صدر هذا الخلق المتنوع الكثير قال الله تعالى يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة الذكر والانثى فان حواء خلقت من ضلع ادم عليه السلام الجميع كله متفرع عن نفس واحدة ومن اياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا وفيه من الفوائد فضيلة الاقامة على الطاعة والعبادة الظاهرة والباطنة وان ذاك من موجبات مغفرة الله عز وجل فان النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما يروي عن ربه يا ابن ادم انك ما دعوتني ورجوتني انك ما دعوتني ورجوتني اي اقمت على عبادتي قلبا وقالبا في الظاهر والباطن كما تقدم في البيان والشرح غفرت لك وهذا المعتبر فيه غالب الحال لا دوامه لان الدوام لا يكون من الانسان. فالانسان لابد له من خطأ يخرج به عن كمال العبودية فلابد من قصور او تقصير لكن هذا فضل انيط بوصف فله منه بقدر ما حقق من الوصف فبقدر ما يحقق الانسان من وصف العبودية لله في الظاهر والباطن ينال ما رتب عليه من جزاء غفرت لك ما كان منك ولا ابالي واضح هذا كل ما انيط بوصف فانه يزيد بزيادة وينقص بنقصه كل ما انيط بوصف من الاحكام او من فضائل الاحكام الجزائية او الاحكام العبادية العملية التي يطلب فيها ايجاد فعل او ترك او ما الى ذلك كل ما انيط بالوصف فانه يزيد بزيادته وينقص بنقصانه فلك من المغفرة بقدر ما معك من ما تحقق في هذا الوصف حتى يقال انه يستحيل ان يستمر الانسان على حال من العبودية لا يقع منه خطأ او تجاوز كل ابن ادم خطاء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وقال صلى الله عليه وسلم لو انكم تتوبون كما تكونون في مجالس الذكر لصافحتكم الملائكة وفي الحديث لو لم تذنبوا لذهب بكم واتى بقوم يذنبون ثم يستغفرون فيغفر لهم فيه من الفوائد ان مغفرة الله عز وجل لا يكمر عنها ذنب من الذنوب بل كل الذنوب تحت المغفرة الا ان يقيم الانسان على الشرك فعند ذلك لا ينال من مغفرة الله شيئا ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وفيه من الفوائد ان من اسباب مغفرة الله تعالى للذنوب مهما عظمت وكبرت طلب المغفرة من الله عز وجل من اسباب المغفرة طلب المغفرة يا ابن ادم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني اي طلبت المغفرة غفرت لك اي غفرت لك هذه الذنوب التي بلغت عنان السماء ولذلك ينبغي للمؤمن ان يجتهد في كثرة الاستغفار فكثرة الاستغفار تفتح