وكذلك كل مال حرم الشارع بيعه فانه لا قطعا على من اخذه على وجه الخفية لان هذه الاموال يجمعها وصف كونها ليست بمال محترمين شرعا وكذلك مال الحربي ليس بمال محترم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الامين وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد مجلسنا العلمي سيكون في كليات باب السرقة وانتم تعلمون جميعا ان المقصود الشرعي من هذا الباب هو حفظ المال فان الاسلام قد احترم المال من حيث انه عصب الحياة واحترم ملكية واحترم ملكية الافراد له وحرم كل طريق يفضي الى تلفه وعطبه وتضييعه على اهله فلا يحل لاحد ان يعتدي على احد في ماله باي وجه من الوجوه وقد سمى الشارع هذا الاعتداء بلا وجه حق اكلا للمال بالباطل وقد قال الله عز وجل ولا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل فالمقصود الاعظم من هذا الباب وتقرير جزئياته وكلياته انما هو حفظ المال وفي باب السرقة كليات الكلية الاولى كل ما ليس بمملوك فلا يوصف اخذه بالسرقة كل ما ليس بمملوك فلا يوصف اخذه بالسرقة فمن شرط وصف اخذ المال بالسرقة ان يكون المال المأخوذ مملوكا للغير فما ليس بمملوك فلا يوصف من اخذه بانه سارق ولا يوصف اخذه بانه سرقة وذلك كالعشب في البرية وكالصيد في البرية وكالخشب في البرية وكالماء في الابار البرية ايضا وكصيد الاسماك في البحار والانهار حتى وان نص نظام ولي الامر على منع ذلك. فانه ان اخذه فيعاقب العقوبة النظامية المقررة في هذا النظام ولكن لا يوصف اخذه بانه سرقة. وذلك لان هذه الاشياء لا توصف بانها مملوكة للغير فكل مال ليس بمملوك للغير فلا يوصف اخذه بانه سارق. الكلية الثانية كل مال اخذ على غير وجه الخفية فليس بسرقة شرعا كل مال اخذ على غير وجه الخفية فليس بسرقة شرعا بمعنى انه يأخذ هذا المال المال جهارا نهارا ليس اخذ متلصص ولا متسول على اهل البيت ولا يأخذ معه شيء من اوصاف السارق ولا يكون معه شيء من اوصاف السارق ابدا فكل من اخذ مال غيره لا على وجه الخفية والتلصص فانه لا يعتبر سارقا وذلك كالمغتصب فان الغصب هو اخذ مال الغير قهرا والاستيلاء عليه ولكن لا يوصف الغاصب بانه سارق. لان الغصب اخذ لا على وجه الخفية. وانما على وجه القهر والغلبة والعدوان وكالمنتهب وهو الذي يأخذ مال غيره على وجه الغنيمة فالمنتهب لا قطع عليه لانه ليس بسارق وكالمختلس وهو نوع من اخذ المال اي هو نوع من الخطف والنهب ولكن ليس سرقة وكذلك الخائن في غير باب العارية فانه لا يوصف بانه سارق وكذلك من يغص الناس في اموالهم لا يوصف بانه سارق وكذلك من يأخذ الزيادات الربوية من الناس فان اخذه هذا ليس على وجه الخفية فلا يوصف من فعل ذلك بانه سارق وان كان كل هؤلاء يستحقون العقوبة البليغة والتعزير العظيم الذي يردعهم وامثالهم عن اكل اموال الناس بالباطل الا اننا نقول بانهم ليسوا موصوفي موصوفين بوصف السرقة شرعا. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع او كما قال صلى الله عليه وسلم فالسرقة من خصائصها ان يكون الاخذ فيها على وجه الخفية كما سيأتي في كليتها ان شاء الله تعالى الكلية الثالثة كل مال ليس بمحترم شرعا كل مال ليس ليس بمحترم شرعا فلا يدخل اخذه خفية في وصف السرقة فلا يدخل اخذه خفية في وصف السرقة. واذا اطلق الفقهاء قولهم هذا المال ليس بمحترم فيقصدون به احدا امرين اما ان يقصدوا به ما لا يجوز بيعه؟ فكل ما لا يجوز بيعه فغير محترم واما ان يقصدوا به ما لا يصح الانتفاع به فكل مال لا يصح نفعه فليس بمحترم فيدخل في ذلك من سرق خمرا فلا قطع عليه لان الخمر ليست بمال محترم للعلتين جميعا لانه لا يجوز الانتفاع بها ولا يجوز بيعها ولا قطع على من سرق الاوثان والاصنام المصنوعة من اي مادة كانت لانها مال ليس بمحترم شرعا بعدم صحة نفعها وعدم جواز بيعها ولقطع على من اخذ الصور لان المتقرر في القواعد ان الاصل في صور ذوات الارواح التحريم الا ما دعا له داعي الضرورة او الحاجة الملحة او المصلحة الراجحة ولا قطعك ذلك في من اخذ كلبا على وجه الخفية ولو معلما في الاصح بان الشريعة جاءت بتحريم بيعه وتحريم اقتنائه الا في صور مخصوصة. كأن يكون كلب ماشية او حراسة او صيد ولا قطع على من سرق هرة لان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعها فالهرة ليست بمال محترم ولا قطع على من سرق خنزيرا لان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعه كما في الصحيحين من حديث جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة ان الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والاصنام ولا قطع في الاصح على من سرق نجاسة تروا فيما لا يؤكل لحمه لحرمة بيعه ولا قطع على من سرق الدم لان النبي صلى الله عليه وسلم حرم بيع الدم ولا قطع على من سرق كتبا تتضمن مخالفات شرعية ككتب السحر والخناء والبدع او الكتب التي تدعو الى الشرك والوثنية بحرمة بيعها والانتفاع بها شرعا لان الحربي يباح دمه وماله وكذلك لا قطع على من سرق شيئا من الات اللهو والمعازف لحرمة بيعها وحرمة الانتفاع بها والله اعلم والخلاصة من ذلك ان كل مال ليس بمحترم شرعا فلا يوصف اخذه خفية بانه سارق الكلية الرابعة كل من اخذ مالا له فيه حق او شبهة حق فلا قطع عليه وذلك لان احقيته في هذا المال او وجود الشبهة في الاحقية مما يدفع عنه القطع والمتقرر في القواعد ان الحدود تدرأ بالشبهات القوية فلو اخذت الزوجة من مال زوجها خفية فلا قطع عليها لان لها فيه حق ولو اخذ الولد من مال والديه فلا قطع عليه لان له حقا فيه ولو اخذ الوالد خفية من مال ولده فلا قطع عليه لان له فيه حقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم انت ومالك لابيك ولا قطع على مجاهد اخذ من الغنيمة قبل قسمتها لان له فيه لان له فيها حقا وان كان يوصف اخذه بالغلول وهو كبيرة لكننا نتكلم عن الاخذ الذي يوصف بانه ترقى اوليس بسرقة ولا قطع في عام المجاعة لوجود الشبهة انهم انما يسرقونا ليسدوا رمق حياتهم وقد اسقط عمر رضي الله تعالى عنه في عهده القطع في عام المجاعة كما اسقطه عن غلمان حاطب بحجة انهم يجوعونه فيكون اخذ المال اخذ اضطرار لينقذ الانسان حياته. ففيه شبهة والشبهة تدرأ عفوا والحد يدرأ بالشبهة والحد يدرأ بالشبه ولا قطع على من سرق من غلة وقف له فيها حق فدل اجماع الصحابة ودلالة اللغة على ان اليد تقطع من مفصل من مفصل الكف. فان قلت وما الحكم فيما لو سرق ثانية بعد اقامة الحد الاول عليه الجواب في ذلك خلاف بين اهل العلم قبل قسمتها على مستحقيها فلو اوقف انسان غلة هذه الدار على هؤلاء الفقراء او هؤلاء الايتام؟ او اوقفها على اولاده فبادر احد الاولاد فسرق من الغلة شيئا قبل قسمتها على مستحقيها فلا قطع عليه لان له فيها حقا بل ونص الفقهاء على انه لا قطع على من سرق من بيت المال لان لكل مسلم في بيت المال حقا ولا قطعا على العبد اذا سرق من مالي سيده لان للعبد على سيده لان للعبد على سيده حقا وكذلك وكذلك المكاتب اذا اخذ من مال سيده قبل استيفاء نجوم كتابته فلا قطع عليه لان المكاتب عبد ما دام عليه درهم وهكذا دواليك في سائر الفروع وهي كلية مخرجة على كلية سبق شرحها وهي ان الحدود تدرأ بالشبهة فلعله انما اخذ لا على وجه السرقة. وانما على وجه الاحق قية وجودا او شبهة والله اعلم الكلية الخامسة كل من اخذ مالا للغير من غير حرز مثله فلا قطع عليه كل من اخذ مالا من غير حرز مثله فلا قطع عليه كل من اخذ مالا من غير حرز مثله فلا قطع عليه ولا اعلم نزاعا بين اهل العلم على اشتراط الحرز في السرقة الا بعض الاقوال التي وصفها كثير من الفقهاء بانها اقوال شاذة واشتراط الحرز هو قول الائمة الاربعة فان قلت وما الحرز اقول عرفه علماء اللغة بانه ما يحفظ فيه المال ونزيد التعريف قيدا فقهيا لا لغويا وهي قولنا عادة فكل ما يحفظ فيه المال عادة فحرز فان قلت ولماذا رددت تحديده الى العرف اقول لان المتقرر في القواعد ان كل حكم ورد في الشرع ولم يرد فيه ولا في اللغة تحديده فاننا نحده بالعرف كمسافة السفر والقبض وزينة الصلاة المندوبة وكذلك الحرز فان الحرز ورد اشتراطه في باب السرقة ولكن لم يرد في الادلة تحديده عينا فنرد تحديده الى ما تقرر في العرف ولان المتقرر في القواعد ان العادة محكمة فان قلت وما برهان اشتراط الحرز في القطع في السابقة اقول دليل ذلك حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الثمن المعلق فقال من اخذ بفيه غير متخذ خبنة فلا شيء عليه ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه ومن سرق انتبه لك الثالثة. ومن سرق منه شيئا بعد ان يؤويه الجرين اي المخزن او المستودع وبلغ ثمن المجني فعليه القطع فلم يصف النبي صلى الله عليه وسلم من اخذ شيئا منه ثم خرج والثمر لا يزال معلقا بانه سارق ولكن وصف الاخذ للثمن بعد ان يؤويه الجنين وهو حرز مثله بانه سارق وتوسد وتوسد صفوان ابن امية رضي الله تعالى عنه بردة له. فجاء رجل فاستلغا من تحت رأسه. فامسكه صفوان فرفعه الى النبي صلى الله عليه وسلم فامر بقطع يده فقال يا رسول الله اتقطع يده من اجل ذلك قد وهبتها له. قال فهلا كان ذلك قبل ان تأتيني به ولذلك نص العلماء على ان لا قطع في سرقة الا اذا اخذ المال من حرز مثله عادة اذا قال الامام ابن عبدالبر رحمه الله تعالى هذا الحديث اي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص الذي ذكرته لكم انفا قال هذا الحديث اصل عند جمهور اهل العلم في مراعاة الحرز واعتباره في القطع وهو قول عطاء والشعبي وعمر بن عبدالعزيز والزغري والثوري بل والائمة الاربعة كما ذكرت لكم وهو قول جماهير العلماء وخلفا قال الامام ابن تيمية رحمه الله تعالى ولا يكون السارق سارقا الا اذا اخذ المال من حرزي مثله وبناء على ذلك فنقول لا قطع على من اخذ مالا ضائعا لانه اخذه من غير حرزه ولا قطع على ملتقط لانه التقط المال من غير حرزه ولا قطع على من اخذ بهيمة سائمة في البرية بان هو لانه اخذ المال من غير حرز مثله واما ان يأخذ بهيمة في حظيرتها المعتادة فحين اذ عليه القطع ولا قطع على من اخذ من التمر الذي يكون في الشجر بلا حائط يحوطه او يحفظه فلا قطع ابدا على من اخذ مالا الا اذا اخذه من حرز مثله ويوضح هذا الكلية الثانية او الكلية السادسة كل ما اعتبره اهل العرف حرزا لهذا المال كل ما اعتبره اهل العرف حرزا لهذا المال فهو حرزه المعتمد في باب القطع كل ما اعتبره اهل العرف حرزا لهذا المال فهو حرزه المعتمد في باب القطع للقاعدتين المذكورتين في الكلية قبلها فليس هناك كيفية محددة للحرز بل هذا يختلف باختلاف المال وباختلاف البلدان وباختلاف قوة السلطان او ضعفه. وباختلاف قوة الامن او ضعفه واختلاف الزمان فالقرى والبوادي ليست كحرز المدن وكذلك المدن الصغيرة ليست كحرز المدن الكبيرة والحرز في ازمنة انتشار الامن والامان ليست كالحرز في زمن ينتشر فيه اللصوص والسراق ويضعف فيه الامن فكل مال له حرز يعتمده الناس في حفظه فالبهائم لها حرز مثلها والجواهر من الذهب والفضة والالماس لها حرز مثلها والنقود والدراهم لها حرز مثلها والاواني لها حرز مثلها والثياب لها حلز مثلها والسيارات لها حرز مثلها وكذلك سائر اصناف المال والمعتبر في ذلك عند القاضي ان ينظر في عرف الناس عند ارتفاع شيء من قضايا السرقة فان رأى ان السارق اخذ المال من حرز مثله عادة في ذلك الزمان والمكان اوجب عليه القطع وان لا فلا والله اعلم الكلية السابعة كل من اخذ مالا لا يبلغ نصاب السرقة فلا قطع عليه كل من اخذ مالا عفوا ما لا يبلغ نصاب السرقة فلا قطع عليه كل من اخذ ما لا يبلغ نصاب السرقة فلا قطع عليه وذلك لان من شروط اقامة الحد في السرقة ان يبلغ المال المسروق نصابا وهذا باجماع اهل العلم من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم وقول من قال بالقطع مطلقا بالقليل والكثير قول شاذ فمن شروط اقامة حد القطع ان يكون المال المسروق نصابا فان قلت وما نصاب السرقة؟ اقول ثلاثة دراهم او ربع دينار في الاصح وللعلماء اقوال كثيرة في تحديد هذا النصاب ولكن الادلة الصحيحة الصريحة نصت على ما بينته لك من ان نصاب القطع في السرقة ثلاثة دراهم او ربع دينار او ما يعادلها من العرض اي اي الاشياء او الاعيان فان قلت وما دليلك على هذا اقول عدة ادلة منها قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تقطع اليد الا في ربع دينار فصاعدا وهو في الصحيح وكذلك حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت لم يقطع سارق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في ادنى من ثمن المجن وهو ثلاثة دراهم وكذلك حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقطع في الشيء التافه وكذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما وهو في الصحيح قال قطع النبي صلى الله عليه وسلم سارقا في مجن قيمته ثلاثة دراهم فان قلت وكيف نجمع بين هذه الاحاديث والاطلاق في قول الله عز وجل والسارق والسارقة فقطعوا ايديهما فاطلق القطع من غير تحديد للمسروق فاقول نجمع بينهما بقاعدة الاطلاق والتقييد لان المتقرر في القواعد ان المطلق يبنى على المقيد بالاجماع اذا اتفقا في الحكم والسبب فالاية وردت مطلقة في سرقة القليل والكثير والاحاديث قيدت هذا الاطلاق بكونه ربع دينار او ثلاثة دراهم او ما يعادلها من قيمة عرض او سلعة او عين من الاعيان فلا اشكال بين الاية وهذه الاحاديث ان شاء الله فان قلت وكيف نجمع بين هذه الاحاديث وبين قول النبي صلى الله عليه وسلم لعن الله السارق يسرق الحبل فتقطع يده ويسرق البيضة فتقطع يده ان يسرقوا الشيء التافه فتقطع يده فاقول ان الاشكال في هذا الحديث مع الاحاديث الاخرى اوضح من اشكال الاحاديث مع الاية ولذلك فقد تعددت اجوبة اهل العلم رحمهم الله تعالى في الجمع بين هذا الحديث وبين احاديث التقدير بربع دينار فمنهم من قال بان هذا الحديث منسوخ باحاديث التقدير بربع دينار وتعقب هذا بان النسخ لا يجوز ان يقال به الا اذا عرفنا تاريخ الحديثين فان العلم بالتاريخ من شروط النسخ. ونحن لا نعلم تاريخ الاحاديث الاولى ولا هذا الحديث فحيث جهلنا التاريخ فلا يمكن ان نقول بالنسخ فانه يمكن ان يقول صاحب الاحاديث الاولى انها ناسخة لحديث لعن الله السارق الى اخره وقد يقول حديث وقد يقول صاحب حديث لعن الله السارق بل حديثي هو الذي ينسخ احاديثكم فاذا لم يكن التاريخ معروفا فلا نستطيع ان نقول بالنسخ. ولان المتقرر في القواعد ان لا نسخى مع امكان الجمع فاذا كان يمكن التوفيق بين الدليلين بصورة من صور الجمع فلا يجوز ان نفزع الى النسخ. فهذا الجواب ضعيف وقال بعضهم بان الحبل المذكورة في الحديث ليس هو الحبل التافه وانما هو الحبل ذو القيمة الباهظة كحبل السفينة وان البيضة المذكورة في الحديث ليست البيضة التافهة الصغيرة وانما محمولة على البيضة الكبيرة التي تبلغ قيمتها ربع دينار او ثلاثة دراهم كبيض النعامة مثلا فنقول هذا من اعظم التكلف الذي قيل في هذا الحديث فان الحديث اصلا خرج مخرج التنفير من التضحية بالشيء الثمين مقابل الشيء الحقيقي فكيف نحمل الحبل على الشيء الخطير او البيضة على الشيء الخطير فهذا تفسير يتعارض مع مقصود سياق الحديث اصالة فهذا تفسير يتعارض مع مقصود سياق الحديث اصالة وقال بعضهم انه من باب السببية وسد الذرائع فان من يعتاد سرقة الشيء التافه الحقير فسيتجرأ على سرقة الشيء الذي يوجب توجب سرقته القطع ومن المعلوم ان المتقرر في القواعد وجوب سد الذرائع وهذا جواب فيه ضعف ايضا وذلك لان الكلام في قضية القطع من عدمه فان جمعا من اهل العلم استدلوا بهذا الحديث على القطع في سرقة القليل والكثير من غير تقدير بمقدار معين واصح الاجوبة في نظري ان الحديث لم يسق مساق القطع فقط او التقدير الذي يجب القطع عنده وانما سيق مساق التنفير والترهيب والتخويف من السرقة وان الانسان لا ينبغي ان يضحي بالشيء العظيم الجليل مقابل الشيء الحقير التافه فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يردع تقييد القطع بحبل او بيضة. وانما مهما عظم المسروق فان ما من عقوبة القطع من عقوبة القطع ها اعظم واجل. فلا ينبغي ان تضحي بيدك العظيمة ذات النفع العظيم بسبب شيء تافه كحبل او بيضة اي ولو كان حبلا او بيضة فهذا هو الاقرب في فهم مقصود الحديث العام ان المقصود به التنفير والترهيب والتحقير في شأن السرقة فلا ينبغي للانسان ابدا ان يبذل يده العظيمة ذات النفع المتعدد بسرقة شيء تافه حقير الكلية التي بعدها وهي الكلية الثامنة وهي كلية تبين لك بعد هذه الكليات حقيقة السرقة لان الكليات التي ذكرتها سابقا انما هي عبارة عن الاخذ الذي لا يوصف بانه سرقة فهمتموني ولذلك اهم الكليات عندي هو هذه الكلية التي تقول كل من اخذ مالا انتبهوا محترما من حرز مثله خفية بلا شبهة وبلغ نصاب السرقة وجب عليه القطع اعيدها مرة اخرى تجدون ان كل جزئية منها عبارة عن كلية سبقت كل من اخذ مالا محترما من حرز مثله خفية بلا شبهة وبلغ نصاب السرقة وجب عليه القطع وهذا باجماع العلماء في الجملة وقلت في الجملة لانهم يختلفون في بعض القيود لكن لكن القطع في السرقة من الامور الاجماعية المتفق عليها بين اهل العلم رحمهم الله تعالى لقول الله عز وجل والسارقة والسارقة فاقطعوا ايديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم فان قلت واي اليدين تقطع فاقول اليد اليمنى اجماعا فقد اجمع الفقهاء على ان يد السارق اليمنى هي التي تقطع في اول سرقة قال الامام ابن قدامة رحمه الله تعالى لا خلاف بين اهل العلم في ان السارق اول ما يقطع منه يده اليمنى فان قلت وما موضع القطع منها فاقول اختلف اهل القبلة في ذلك على اقوال فمنهم من قال من المنكب وهو قول ينسب للخوارج ومنهم من قال من المرفق وهو قول ضعيف ومنهم من قال انما تقطع اصابع اليد فقط وهو قول ضعيف ايضا واصح الاقوال الذي دل عليه اجماع الصحابة ودلالة اللغة هو انها تقطع من الرسغ اي مفصل الكف وهو قول ابي بكر رضي الله عنه وعمر رضي الله عنه ولا مخالف لهما من الصحابة ولا مخالفة لهما من الصحابة ولان المتقرر في قواعد العربية ان اليد اذا اطلقت في استعمال القرآن فيراد بها من مفصل الكف ولو اراد القرآن زيادة على ذلك قيد كما في قول الله عز وجل في اية الوضوء لما اراد زيادة على مفصل الكف قال وايديكم الى المرافق ولما لم يرد في اية التيمم الزيادة على مفصل الكف اطلقها في قوله فلم تجدوا فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وايديكم منه فلما قال الله عز وجل فاقطعوا ايديهما واطلق اليد هنا فاننا نعرف من استعمال القرآن انه انما قاد اليد من مفصل الكف فقط وقول جماهير العلماء انه تقطاع تقطع رجله اليسرى. من مفصل الكعب والعياذ بالله وهذا قول ابي بكر وعمر رضي الله عنهما قال الامام ابن قدامة رحمه الله تعالى وان سرق ثانيا قطعت رجله اليسرى. وبذلك قال الجماعة الا عطاء فحكي عنه انه تقطع يده اليسرى قال الامام ابن قدامة واصفا قول عطاء وهذا شذوذ يخالف قول جماعة فقهاء الامصار من اهل الفقه والاثر من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وهو قول ابي بكر وعمر رضي الله عنهما انتهى كلامه بل ويدل على ذلك حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في السارقة ان سرق فاقطعوا يده ثم ان سرق فاقطعوا رجله حديث حسن وهو نص في هذا الموضوع فان قلت وما الحكم فيما لو سرق ثالثة او رابعة؟ الجواب فيه خلاف بين اهل العلم في هذه الجزئية والاصح عندي والله هو اعلم ان امره موكول الى اجتهاد الحاكم ان امره موكول الى اجتهاد الحاكم والله اعلم الكلية التاسعة كل عقوبة رادعة عن ترويع الناس في اموالهم فللإمام اتخاذها ما لم يخالف شرعا كل عقوبة رادعة عن ترويع الناس في اموالهم. فللامام اتخاذها ما لم يخالفه شرعا فللامام ان ينص في نظام دولته على العقوبات التعزيرية التي تأمن التي التي بها يأمن الناس على اموالهم من السراق واللصوص والخونة حتى وان لم ينص على عين العقوبة في دليل الشرع فان رأى الامام ان الازدر والارضع للناس ان تعلق يد السارق في رقبته اياما فله ذلك كما قال به بعض اهل العلم وان رأى ان الاردع هو التسير به فله ذلك بل اذا تكررت السرقة منه ولم يرتدع باقامة الحد عليه عدة مرات. فللامام قتله ان لم يندفع شره عن اموال الناس بالسرقة الا بقتله وله جلده او حبسه الزمان الطويل او كفه عن البيع والشراء الذي به يتخوض في اموال الناس او غير ذلك من العقوبات الرادعة لانه كلما عظم فساد اهل الزمان كلما احتاجوا الى التشديد في العقوبات التعزيرية فجاءت هذه لتفتح للامام مجالا واسعا في ظبط امور شعبه او اهل دولته حتى يأمن الناس على انفسهم وعلى اموالهم وعلى اعراضهم. الكلية العاشرة والاخيرة كل تعد على المال لم تثبت فيه شروط القطع. وجب فيه التعزير المناسب له كل تعد على المال لم تثبت فيه شروط القطع وجب فيه التعزير المناسب له كل تعد على المال لم تثبت فيه شروط القطع وجب فيه التعزير المناسب له كسرقة المجنون مال غيره فيعزره الامام بما يراه رادعا له على حسب ما يتناسب معه ويفهمه وكما لو سرق صبي مال غيره فيعزر التعزير الذي يناسبه وكمن سرق اقل من نصاب السرقة فيعزره ولي الامر بما يراه رادعا له. ولو بتغريمه ضعفي قيمة ما سرق وكالمختلس والمنتهب والغاصب فان ولي الامر يعزرهم بالتعزير المناسب لهم من رادع لعدوانهم وككاتم اللقطة فان ولي الامر لا بد وان يعزره التعزير الذي يردعه وامثاله عن كتم اموال الناس بمثل هذه الصورة المشينة القبيحة هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين