فرحا ما لم يفعلوه فرحا بما لم يتصفوا به. وهذا من اقبح ما يكون من الكذب الخروج عن الصراط المستقيم فيما يتعلق بالعمل. اذ انه يعمل السيئ ويطلب المدح والثناء نعم اما بقول الله تعالى لا تحسبن الذين يفرحون بما اتوا قال حجتنا سعيد إبراهيم قال اخبرنا محمد بن جعفر قال حجتني زيد ابن اسلم. عن عطاء ابن يسار عن ابي سعيد القطبي رضي الله عنه ان الرجال من المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. كان اذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الغزو تقلقوا عنه وفرحوا بمقعده خلاف رسول الله صلى الله وسلم فاذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتذروا اليه وحلقوا واحبوا ان نحمد بما لم يفعلوا. ولحدثني ابن موسى قال اقام هشام ان ابن جريج اخبرهم عن ابن ابي مليكة ان القمت ابن عقاص ان مروان قال ابن عباس رضي الله عنهما فقل فإن كان كل امرئ فرح بما اوتي واحب ان يحمد بما لم يفعل معذبا فقال ابن عباس رضي الله عنهما ولهذه انما جاء النبي صلى الله عليه وسلم يعود فسألهم عن شيء فكتموه اياه واخبروه بغيره. فاروا ان قد وفرح بما اوتوا من اثمانهم. ثم قال ابن عباس رضي الله عنهما وجد اخذ الله ميثاق الذين اوتوا الكتاب لتبيننه. كذلك فحتى قوله يفرحون بما اتوا ويحبون ان يحمدوا بما لم يفعلوا. المؤلف رحمه الله ذكر في الاية سببين من اسباب نزول هذه الاية وهذا راجع الى ان الاية قد تفسر باكثر من وجه باكثر من وجه وقول الصحابي فانزل الله تعالى كذا او فنزلت كذا لا يتعين ان يكون هذا نزولا هذا السبب انما اراد رظي الله تعالى عنه او ارادوا رظي الله تعالى عنهم بقوله فانزل الله او فنزلت ان هذه الاية طبق على هذه الصورة ولا يلزم ان تكون هي سبب النزول هذا هذه الاية وهي قوله تعالى ولا تحسبن لا تحسبن الذين يفرحون بما اتوا ويحبون ان يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب اليم ذكر فيها الامام البخاري تفسيرين او سببين للنزول الاول انها نزلت في جماعة من المنافقين والثاني انها نزلت في جماعة من اليهود والذي يظهر والله تعالى اعلم ان الاية نزلت في جماعة من اليهود ولكنها تنطبق على كل لمن وافق اليهود فيما فعلوه من كتمان العلم وعدم بيانه. سواء كان ذلك من المنافقين او من اهل المعصية من اهل الاسلام او كائنا من كان لان المقصود هو المعنى اما الفاعل فان الفاعل قد يفعله اهل الكتاب وقد يفعله غيرهم بارك الله فيك انه ما من شيء ذكره الله في كتابه عن اهل عن اهل الكتاب من اليهود والنصارى الا وهو موجه الى الامة ما لم يكن ذلك خاصا بهم او خبر عن تشريع يخصهم نسخته هذه الامة نسخته هذه الملة اما ما نهى الله تعالى عنه قل يا اهل الكتاب لا تغلوا في دينكم مثلا هذه الاية خاطب الله تعالى في اهل الكتاب وهي خطاب لاهل الاسلام ليست خاصة باهل الكتاب انما كل ما نهي عنه اهل الكتاب من المعاصي التي لا تخصهم ينهى عنه اهل الاسلام وكل ما امروا به من الطاعة التي جاء بيانها وتقريرها في الاسلام وان وانها من الله عز وجل الذي جاء به محمد ابن عبد الله فان فاننا مأمورون به ولذلك ينبغي ان يعلم المؤمن ان ما نهي عنه اهل الكتاب ليس خاصا بهم ويكون حلالا لنا حلالا لنا الا ما دل الدليل على خصوصيته بهم كتحريم اكل الشحوم ما الى ذلك مما ذكر الله عز وجل مما حرم على اهل الكتاب واحله لنا برفع الاثار والاغلال عنا. فالمقصود ان هذه الاية نزلت في اليهود كما دل على ذلك قول ابن قول ابن ابن عباس رضي الله تعالى عنه. ولكن هذه ايضا تنطبق على المنافقين صنيع البخاري رحمه الله انه اخذ بعموم الاية في اهل الكتاب وفي غيرهم ولذلك قدم في الذكر حديث ابي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه ساق باسناده فقال رضي الله تعالى عنه ان رجالا من المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه كان اذا خرج المنافقون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هم من اظهر الاسلام وابطل الكفر وذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة كان الناس على قسمين على صنفين اما مسلم واما كافر وليس ثمة نفاق فلما جاء الى المدينة صلوات الله وسلامه عليه ودعا الناس الى الايمان حصل ما اعان الله تعالى عليه ويسره من ظفر اهل الاسلام في بدر كان المنافقون قد رأوا عز هذا الدين ونصره وخشوا على انفسهم ان يتأخروا في الدخول فيه فيفوتهم مصالح ولا يدركون عصمة لدمائهم واموالهم وما الى ذلك من المنافع فما كان منهم الا ان اسلموا بعد بدر فظاهرة النفاق في الاسلام بدأت بعد بدر عندما اظهر الله تعالى الدين وقد تقدم ان عبد الله ابن ابي بن لما اظهر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم وقتل من قتل من صناديد قريش في غزوة بدر قال لاصحابه ما نرى او ما ارى هذا الامر الا قد توجه. يعني امر محمد صلى الله عليه وسلم قد توجه الى نصر وعز وظهور وقوة وتمكن فاراد ان يستبق الامر بماذا؟ اراد ان يستبق الامر بان يدخل في الاسلام حتى لا يفوته ما يؤمنه من عز ومكانة. اتدرون ان هذا المنافق ذكر في كتب السيرة انه كان يقوم بعد كل جمعة يقول لاصحابه ويقول للمسلمين انصروا محمدا فانه على الحق وكان قلبه مليئا بالنفاق والجحود والكذب وعدم الايمان حتى انه لما مات وصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم نهاه الله تعالى بقوله ولا تصلي على احد منهم مات ابدا ولا تقم على قبره انهم كفروا بالله ورسوله فهذا اول ظهور النفاق. ثم امتد النفاق واصبح هذا ملازما للمجتمع المسلم منذ ذلك العهد الى ان يشاء الله تعالى. والنفاق عندما يطلق يراد به اما نفاق الاعتقاد وهذا اخطر ما يكون من النفاق لانه اظهار الاسلام وابطال ايش وابطال الكفر. اما النفاق العملي فهذا يكون من اهل الاسلام وهو ان يتحلوا او يأخذوا بشيء من خصال النفاق كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق اذا حدث كذب واذا عاهد غدر واذا وعد اخلف واذا اؤتمن خان. هذه الخصال النفاق فاذا كان في الانسان منها شيء فانه يكون فيه خصلة من خصال النفاق. وهذا يسمى النفاق العملي. وهذا لا يدخل في قول الله تعالى ان المنافقين في الدرك اسفل من النار فان تلك في النفاق الاعتقادي الذي يظهر فيه الانسان اسلام ويبطن الكفر. اما النفاق العملي ان صاحبه مهدد بالعذاب لكنه ليس خلودا ولا يندرج في قول الله تعالى ان المنافقين في الدرك الاسفل من فان ذلك في النفاق الاعتقادي. فقوله رضي الله تعالى عنه في هذه الاية في في تفسير هذه الاية ان رجالا من المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الغزو يعني خرج للقتال خلفوا عنه اي تخلفوا عنه. والتخلف على نوعين اما بعدم الخروج اصلا كما جرى ممن جرى منهم التخلف في غزوة تبوك وقص الله تعالى خبرهم في سورة التوبة. واما ان يخرجوا ثم يخذلوا المسلمين بالرجوع كما جرى من عبد الله بن ابي بن سلول عندما خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة احد ثم رجع بعد ان خرج بثلث الجيش وهذا تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخذلان. يقول رضي الله تعالى عنه ان رجالا من المنافقين كاملة اذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الغزو تخلفوا عنه. وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله. اي سروا بذلك. لماذا قالوا لان هذا اسلم لنا وابعد عن الهلاك وابعد عن التعرظ تلف الاموال وتلف النفوس وما اشبه ذلك مما يفرحون به من القعود عن امر الله ورسوله. فاذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا جاء من الغزو جاءوا اليه اعتذروا اليه وحلفوا واحبوا ان يحمدوا بما لم يفعلوه حلفوا له انهم تخلفوا لاجل كذا وكذا وكذا من الاسباب الكاذبة. واحبوا ان يحمدوا بما لم يفعلوا. ما هو الذي يحمدون به انهم اتقياء انهم اوفياء انهم اصحاب جهاد انهم اصحاب تقوى وما الى ذلك مما يمدح به الناس فهم احب هم اساءوا العمل وفرحوا بهذه الاساءة لكن انهم مع هذا اظافوا الى هذه الاساءة فرحا بماذا يا اخوان شيء صالح لم يفعله. فانزل الله فنزلت لا تحسبن الذين يفرحون بما لم اه لا تحسبن الذين يفرحون بما اتى ويحبون ان يحمدوا ان بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب اليم. اما الحديث الاخر الذي ذكره الحافظ الامام بخاري رحمه الله في صحيح في تفسير هذه الاية فهو ما سأله مروان ابن الحكم عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه. فمروان ابن الحكم من طلبة العلم ومن اهل الفقه ومن اهل الرواية. وكان صاحب وكان صاحب ولاية يقول علقمة ابن وقاص ان مروان قال لبوابه اي من يحرسه ويقف على بابه فهو الامير يا رافع اذهب الى ابن عباس ايغدو اليه؟ واذهب الى ابن عباس وابن عباس من كبراء الصحابة رضي الله تعالى عنهم هم في فهم القرآن وادراك معانيه. على صغر سنه وهذا ببركة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم له. فقد قال اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل معنى التأويل التفسير اي علمه التفسير. يقول رضي الله تعالى رحمه الله ارسل مروان رافعا الى ابي الى ابن عباس وامره ان يقول امر رافعا ان يقول لابن عباس لان كان كل امرئ فرح بما اوتي واحب ان يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن اجمعون. يعني بذلك ان هذه الخصلة كثيرة في الناس هو فهم منها ان من فرح بما اوتي بما اوتي او بما اوتي وهذا بمعنى انه يفرح بما اتى من العمل فهم منه ان من فرح بما اتى من العمل وانه يحب ان يحمد بشيء لم يفعله اذا كان كل احد سيعذب فان العذاب سيطال كثيرين. ولذلك قال لنعذبن اجمعون. لفشو هذه الخصلة في الناس فقال ابن عباس وما لكم ولهذه؟ يعني ايش صلتكم بهذه الاية هذه الاية ليست فيكم وليست لكم وانما ما لكم ولهذه؟ انما دعا النبي صلى الله عليه وسلم يهود فسألهم عن شيء فكتموه سألهم عن شيء مما بدينهم تقريرا لهم وليس سؤال استعلام واستخبار عما لم يعلمه فان النبي صلى الله عليه وسلم ممدوح ممدود بالوحي من السماء انما سألهم عن شيء من دينهم كما تقدم معنا في قصة رجمه صلى الله عليه وسلم اليهودي واليهودي الذين زنيا فان النبي صلى الله عليه وسلم رجمهما وقبل ذلك اليهود ما ذكر الله تعالى في كتابكم من شأن الرجم فكان منهم الكتمان فان مدراسهم وهو عالمهم الذي يقرأ التوراة وضع يده على الاية التي فيها حكم الرجم في التوراة وقرأ ما قبلها وما بعدها حتى قال عبد الله ابن مسعود حتى قال عبد الله بن سلام مره فليرفع يده فلما رفع يده اذا اية الرجم تلوح في التوراة. ولذلك رجم النبي صلى الله عليه وسلم اليهوديين لان ان ذاك هو حكم الله وهو الحكم الموافق للتوراة فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مقيما لحكم الله في الاسلام بما جاء في التوراة مطابقا لحكم الاسلام من ان من ان المحصن اذا زنا كان كانت عقوبته الرجل. المقصود ان هذا نموذج مما ذكر ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم سأل يهود عن شيء فكتموه ولم يبينوه اخبروه بخلاف ذلك قال رضي الله تعالى عنه فسألهم عن شيء فكتموه اياه واخبروه بغيره. كما هو في شأن سؤاله صلى وسلم عن الرجم عن الرجم في التوراة فاروه ان قد استحمدوا الى استحمدوا اليه يعني انه رأوا ان هذا الذي فعلوه مما يوجب حمدهم حيث انهم اهل علم واهل ذكر يرجع اليهم في السؤال طلب فقال رضي الله تعالى عنه فاروه ان قد استحمدوا اليه بما اخبروه عنه فيما سألهم. وفرحوا بما اوتوا من اتمامهم الحق ثم قرأ ابن عباس واذ اخذ الله ميثاق الذين اوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشهرون. لا تحسبن ولا تحسبن الذين يفرحون بما بما اتوا ويحبون ان يحمدوا بما لم يفعلوا لا تحسبن الذين يفرحون بما اتوا ويحبون ان يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفاسد من العذاب ولهم عذاب اليم. الخلاصة ان هذه الاية سبب نزولها ما ذكر ابن عباس من انها نزلت في جماعات من اليهود ولكن هذا ليس قصرا على هؤلاء بل ان هذه تشمل هؤلاء وكل من شابهم في الفعل ولذلك قال ابن او قال ابو سعيد رضي الله تعالى عنه انها نزلت في قوم من المنافقين كانوا اذا خرج رسول الله صلى الله عليه الى الغزو تخلفوا وفرحوا بما بمقعدهم ثم اذا جاء جاءوا اليه واعتذروا وحلفوا فصدقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ووكل سرائرهم الى الله ثم يحبون بعد هذا ان يمدحوا بالتقوى والصلاح والاسلام والايمان وهم في ذلك كذبون فتنزل عليهم قوله تعالى لا يحسبن الذين يفرحون بما اتوا ويحبون ان يحمدوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب اليم. بعد هذا ذكر الله عز وجل ما ذكر مما يتعلق اواخر سورة ال عمران في قول الله تعالى ان في خلق السماوات والارض لايات لاولي الالباب اقرأ الايات اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ان في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار لايات لاولي الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنودهم امهم ويتفكرون في من في السماوات والارض ربنا ما خلقتها هذا باطلنا سبحانك قنا عذاب النار. ربنا اعوذ بالله الظالمين من انصاره. ربنا اننا سمعنا منا ينادي فانا فاغفر لنا ذنوبنا عنا سيئاتنا وتربنا مع الابرار ربنا واتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تؤخذنا يوم الدين انك لا تخلف الميعاد. فاستجاب لهم اني لا اضيع عمل عامل منكم بعضكم من بعد خذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا وقاتلوا قتلوا من سيئاتهم جنات تجري الانهار حسن الثواب هذه الايات الكريمات في اخر سورة ال عمران هي من الايات التي ذكر الله تعالى فيها عظيم خلقه وواسع ملكه وذكر جل في علاه مناجاة اولياء مناجاة اولياءه وتبرعهم له سبحانه وبحمده بما هو اهله من صفات الكمال والتوسل بصالح الاعمال يقول الله تعالى ان في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار لايات لاولي الالباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم الى اخر ما ذكر جل في علاه فالله تعالى نعم يقول جل وعلا ان في خلق السماوات والارض اي فيما خلقه الله وبثه في السماوات الارض من المخلوقات وهذا يشمل كل خلق في السماء والارض من الملائكة ومن الانس ومن الجن ومن الحيوان ومن الجماد ومن كل ما فيهما من خلق الله ان في خلق السماوات والارض ثم ذكر بعد ذلك حالا من احوال الخلق في السماء والارض وهو تعاقب الليل والنهار واختلاف واختلاف الليل والنهار اي وتعاقب الليل النهار على هذا النحو المنتظم الذي لا ينخرم ولا يختل في حساب دقيق فبالحساب الدقيق يعرف الناس متى تغرب الشمس ومتى تطلع وهذا التعاقب من ايات الله تعالى. ولذلك يقول الله تعالى ان في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار يعني تعاقب. الليل والنهار اي لعبر وعظات وبراهين صادقات ولم يذكر على اي شيء لكن ذلك واضح بين ايات دالة على صدق ما جاءت به الرسل. ان في ذلك لايات لاولي الابصار. يرون فيها صدقا ما جاءت به الرسول وان ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم حق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وان ما دعاهم اليه من عبادة لله وحده حق لا كذب فيه ولا انحراف كل هذا مما يتبين بالنظر في ايات الله تعالى الافاقية وفي ايات الله تعالى الارظية وقد قال الله جل وعلا في محكم كتابه وكاين من اية في السماوات والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون اي ثمة ايات كثيرة في السماوات وفي الارض وفي الانفس يراها الناس ويبصرونها لكنهم لا يعتبرون بها ولا يتعظون ولا ينتفعون ولذلك قال جل في علاه وكأين من اية في السماوات والارض يمرون عليها مرور دون اعتبار مرور دون نظر وتأمل مرور دون فكر وهم عنها معرضون بل الامر اكثر من ذلك حتى لو تنبهوا الى شيء من ايات الله اعرضوا وانصرفوا الى ما هم فيه من لهو عمى يخرجهم عن التذكر والاعتبار. يقول الله تعالى ان في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار لايات لاولي الالباب اي عقول وكل اهل الايمان صاحب عقل كل اهل الايمان صاحب عقل لان العقل يدل على الايمان بالله عز وجل. وضد الايمان نقص في العقل ولذلك يصف الله تعالى الكافرين بانهم لا يعقلون وبانهم كالانعام بل هم اضل وما اشبه ذلك من ايات الكثيرة التي يخبر الله تعالى فيها عن هؤلاء بما يخبر من انهم لا عقول لهم ولا ولا ادراك لا سمع ينفع ولا بصر يصلح بل هم على عمى بصر وبصيرة بصر فلا يعتبرون بالايات. وبصيرة فبصائرهم وهي ما يكون في القلوب من النور الذي يميز للحق من الباطل وينتفع بالايات ايضا ملتمس لذلك قال الله تعالى انها لا تعمى الابصار ولكن تعمى ايش تعمى القلوب التي في الصدور فالقلوب هي التي تعمى عن الحق والهدى فلا تبصر وان كانت العين باصرة لكن لما كانت العين لا تبصر الحق والهدى مع قيام دلائله كانت كالعمى. ولذلك قال الله تعالى صم بكم عمي فهم لا يعقلون. صم بكم ليس المقصود به انهم لا يسمعون ولا يبصرون انما المقصود انهم صم عن الحق فلا ينتفعون باسماعهم. عمي عن الهدى فلا يرون مواقع الهدى بكم لا يتكلمون بالحق ولذلك قال لا يعقلون. فقوله تعالى ولله ملك فقوله تعالى لايات لاولي الالباب اي اصحاب العقول والبصائر ولا يظن ظان ان العقل المنفي في حق الكفار انه لا تكليف عليهم فان مناط التكليف هو العقل. فقوله لا يعقلون اي لا ينتفعون بعقولهم في معرفة الحق. وفي اتباع له وفي القيام به وفي نصرته وفي التزامه وفي العمل به وما الى ذلك. بل هم في عمى نعوذ بالله من العمى اللهم انا نعوذ بك من العمى يا ذا الجلال والاكرام. اللهم انر بصائرنا ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه يا رب العالمين. العمى يا اخوان من اخطر ما يصيب القلوب والايمان والتقوى نور يميز الله تعالى به بين الحق والباطل. يا ايها الذين امنوا ان تتقوا الله ماذا يصنع بكم يجعل لكم فرقانا يجعل لكم نورا تفرقون به بين الحق والباطل. بين الهدى والضلال بين الخير والشر. هذا ثمرة التقوى. فمن اتقى الله وقاه ومن اتقى الله انار بصيرته. ومن اتقى الله اراه الحق وهداه اليه. لذلك يا اخواني جدير بالمؤمن ان يعتني العمل بالتقوى وتلمس اثارها في قلبه. فان التقوى لا بد ان تترك ضياء ونورا. يشرق به القلب فيتميز به الحق عن الباطل ولهذا الح على الله في الدعاء ان يهديك. الح على الله ان يريك الهدى. الح على الله ان يعينك على سلوكه. فليس رؤية الحق في الاخذ به. فكم ممن يعرف الحق لكن لا يسلكه. كم ممن يعرف الهدى لكن لا يأخذ به. لماذا؟ لانها لا تعمى صار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور. ولان العمل الحقيقي هو عمى القلوب فلذلك جدير بالمؤمن ان يسأل الله تعالى ان يجعله من اولي الالباب اصحاب العقول الذين ينتفعون بالايات التي حولهم فيقيمون الحق ويعظموا ويرحمون الحق ويرحمون الخلق ويعملون بالهدى قدر الامكان. بعد ذلك ذكر الله جل وعلا وصف الابرار او وصف وصف اولي الالباب من هم اولي الالباب؟ يقول الله تعالى لايات لاولي الالباب الذين هذا وصف لاولي الالباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم بكر باللسان وذكر بالجوارح لانه قال يذكر الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ففي كل احوالهم الله معهم ذكر الله جار على السنتهم وعلى جوارحهم يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم وليس المقصود بالذكر هنا حركة اللسان بالتسبيح او التحميد او التمجيد بل المقصود قود بالذكر هنا ما هو اكثر من ذكر اللسان بذكر الجوارح وذلك بان يذكر الله فيمتنع عن الزنا. يذكر الله فيمتنع عن السرقة. يذكر الله فيمتنع عن اكل الماء ال الحرام يذكر الله فيقيم الصلاة يذكر الله فيؤتي الزكاة يذكر الله يستقيم على كل ما امر الله تعالى به ورسوله ويترك كل ما نهى الله تعالى عنه ورسوله الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ثم هذا الذكر ليس صورة يغيب عنها الفكر بل ويتفكرون فهم اصحاب فكر والفكر المقصود به اعمال الذهن فيما ينفع الانسان من الاعتبار والابتكار والاتعاظ بما يشاهده من الايات والعبر فقلبه حاضر ولسانه ذاكر وبدنه ذاكر بالقيام بالحق ويتفكرون في خلق السماوات والارض ربنا هنا جاء المناجاة جاءت المحادثة بين العبد وربه جاء اثر الذكر والفكر لما كمل الذكر وكان الفكر حاضرا نطق اللسان بالحق. ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك انزهك ان يكون هذا الخلق لا فائدة منه المقصود بالباطل ما لا فائدة منه معاذ الله ان يكون قد خلق الله تعالى الخلق بلا غاية ولا هدف بلا غاية ولا مقصود بل ذلك الخلق لحكمة عظمى ومقصد اسمى. ولذلك يقول هؤلاء بعد كثرة ذكر وعظيم الفكر يقول الله جل وعلا عنهم في مناجاتهم لربهم ربنا ما خلقتنا ما خلقت هذا باطلا؟ ولماذا لم يقولوا الهنا لان الخلق من مقتضيات الربوبية الخلق من مقتضيات الربوبية فالخلق هو احد معاني الربوبية. الرب هو الخالق. الرب هو المالك. الرب هو الرازق. الرب هو المدبر. هذه معاني الربوبية ولذلك لما كان الان استدلالا بالخلق والايات التي هي خلق الله ذكر الله تعالى الربوبية فقال جل وعلا ربنا في فيما ذكر عن هؤلاء اولي الالباب ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار نزه الله اولا عظموا الله جل وعلا و سبحوه ونزهوه ثم بعد ذلك قالوا تقنا عذاب النار. سألوا الله الوقاية من النار وهذا اول مسائل اولي الالباب. اهل الذكر الذين يتفكرون في خلق السماوات والارض همهم النجاة من النار. فقنا اي اجعل بيننا وبين النار وقاية كيف تجعل بينك وبين النار وقاية؟ تجعل بينك وبين النار وقاية بامرين الامر الاول طاعة الله فيما امر والامر الثاني ترك ما نهى عنه وزجر. هذان هما السياج والوقاية التي تقيك النار. ومن وقاه الله تعالى النار نجا من الهلاك نقف على هذه الاية في قوله تعالى فقنا عذاب النار ونكمل تفسير الاية ان شاء الله غدا