بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اما بعد فقال المؤلف غفر الله له لشيخنا والحاضرين وجميع فان كان عليه خفان ونحوهما مسح عليهما ان شاء يوما وليلة للمقيم. وثلاثة ايام لياليهن للمسافر. بشرط ان يلبسهما على طهارة ولا يمسحهما الا في الحدث الاصغر. عن انس مرفوع اذا توضأ احدكم ولبس خفيه فليمسح عليهما وليصلي فيهما ولا يخلعهما ان شاء الا من جنابة رواه الحاكم وصححه. فان كان على اعضاء وضوئه جبيرة على كسر او دواء على جرح. ويضر الوصل مسحه بالماء في الحدث الاكبر والاصغر حتى يبرأ. وصفة مسح الخفين ان يمسح اكثر ظاهر واما الجبيرة فيمسح على جميعها. طيب هذا الفصل تتمة لصفة الوضوء ومناسبة ذكره باحكام المسح على الخفين بعد الوضوء ان مسح ان المسح على الخفين متمم للوضوء في الحقيقة فان اعضاء الوضوء لها حالة يباشرها الماء وهي فيما اذا غسلت القدمان. وحال يمسح عليهما وهذا فيما اذا كان عليهما حائل. سواء كان الحائل خفا كما في القدمين او كان الحائل جبيرة فيما اذا كانت في غير القدمين. ولذلك احتاجوا الى ذكر احكام مسح بعد صفة الوضوء لان بها تتم الصفة الشرعية للوضوء. هذا هو مناسبة ذكر هذا الفصل في باب صفة الوضوء. والمسح على الخفين رخصة تواترت بها النصوص. وقد جاء الاشارة اليها في القرآن الكريم في اية الطهارة حيث قال تعالى يا ايها الذين امنوا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وايديكم الى المرافق وامسحوا برؤوسكم وارجلكم وارجلكم على قراءة الكسر. اي وامسحوا بارجلكم واما في السنة فانها جاءت متواترة عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم نقلها عنه الجم الغفير من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حتى عد ذلك من سمات اهل السنة وقد ذكره جماعة من اصحاب العقائد في بما تميز به اهل السنة. قال رحمه الله فان كان عليه خفان. اذا كان على المتطهر خفان بان ستر قدميه بالخف. والخف هو الذي يوضع على القدم من جلد او صوف او وبر او قطن او غير ذلك. ولهذا قال الله فان كان عليه غفان ليشمل كل ما يوضع على القدم سواء كان من جلد وهذا هو الغالب في الخفاف او كان من صوف او ووبر وليشمل ما يوضع من غير الخفاف على الاقدام قال ونحوهما كاللفائف قال والذي يظهر ان العمل على عموم قول الله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم. وان اسحاق قد جاء في الشرع في حال عدم القدرة على الغسل فيكون المسح قائما مقام طائر التي توضع على الاقدام والجوارب قال رحمه الله مسح عليهما ان شاء. مسح عليهما اي على الخفين ونحوهما ان شاء اي الامر يرجع اليه. فله ان يمسح بدل الغسل. وقد تقدم ان المسح امرار الشيء على الشيء بسطة. اما كيفية المسح فانه يكفي في مسح الخفين مرة واحدة لانه ما كان ممسوحا فانه لا يشرع تكراره كما تقدم. كما انه لا يجب في المسح الاستيعاب. اي لا يجب ان يستوعب ما يمسح كما سيأتي في قوله صفة مسح الخفين ان يمسح اكثر اكثر ظاهرهما. قوله رحمه الله انشاء يفيد انه مخير على حد سواء بين ان يمسح على الخف وبين ان يخلع الخف ويغسل القدم. وقد ذهب بعض اهل العلم الى ان افظل المسح. واخرون الى ان الافظل الغسل. واخرون قالوا الافضل ما وافق طحال الانسان دون تكلف فان كان ذا قدما مكشوفة فالافضل الغسل وان كان ذا قدم مستورة فالافضل المسح. وهذا القول الاخير هو اصوبها. اصوب هذه الاقوال. ان الافضل ما وافق حال الانسان من كونه مكشوف او مستورها فان كان مكشوف القدم فالافظل الغسل فلا يقال يسن ان تلبس خفا حتى تمسح ولا يقال لمن كان قد ليس خفا يسن ان تخلعه حتى او الافضل ان تخلعه حتى تغسل. بل الافضل ما وافق حال الانسان وكلاهما مشروع. بعد ذلك قال المصنف والله يوما وليلة للمقيم وثلاثة ايام بلياليها للمسافر. هذا بيان مدة المسح. وقد جاء في ذلك جملة من الاحاديث في صحيح الامام مسلم من حديث علي رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم جعل ثلاثة ايام ولياليهن كافر ويوما وليلة للمقيم. وجاء مثله في حديث صفوان رضي الله عنه اما ابتداء المدة فلم يتكلم المصنف رحمه الله عن ابتداء المدة وابتداء المدة للعلماء فيها قولان منهم من قال ان ابتداء مدة المسح من المسح لا من وقت كالحدث ومنهم من قال بل ابتداء مدة المسح من الحدث. هذان قولان لاهل العلم. منهم من قال ان ان حساب مدة المسح يبتدأ من اول مسح بعد حدث ومنهم من قال ان حساب مدة المسح تبدأ من الحدث الذي انتقض به الطهارة. ولكل قول حجة والاقرب من هذين القولين هو ان الحساب يبتدأ من الحدث. وقد رجح المصنف رحمه الله في بعض كتبه ان المدة تبتدأ من المسح بعد الحدث. واحتج لذلك بان النبي صلى الله عليه وسلم على هذه المدة مدة للمسح. يمسح المقيم يوم وليلة والمسافر ثلاثة ايام بلياليهن والاقرب من هذين القولين هو القول الاول وذلك انه اذا احدث جاز له المسح كونه لم يمسح هذا لا يعطل حساب المدة على بحساب المدة. وهناك قول اخر ان انه لا توقيت في المسح على الخفين بل يمسح ما شاء دون وقت دون ملاحظة وقت وقد جاء ذلك في حديث عن عمر رضي الله عنه مرفوعا ولكنه لا يصح وفي حديث ابي ابن عمارة قال للنبي صلى الله عليه وسلم امسح يوم اذا لبست خفا امسح يوما؟ قال نعم قال يومين قال نعم قال ثلاثة قال قال نعم وما شئت الا ان الحديث في اسناده مقال. واقرب الاقوال في التوقيت ان الاصل مراعاة التوقيت الا ان يكون ما يدعو الى عدم مراعاته كحال الظرورة ونحوها فهو يحمل ما جاء عن انس وعن عمر وما جاء في حديث ابي بن عمارة على هذا المعنى وانه يلغى التوقيت عند الاضطرار كالذي لا يجد ماءه كالذي لا يتمكن من خلع او يجد مشقة في الخلع ونحو ذلك. وهذا القول اختاره شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال ان المضطر الى عدم نزع الخفين كالذي يواصل السير والمسير والخائف ونحوهما يمسح وان اوز ثلاثة ايام بلياليها. لكنه جعل ذلك في الضرورة وشبهه بالجبيرة فجعل ذلك كالمسح على الجبيرة ثم قال المصنف رحمه الله بشرط ان يلبسهما على طهارة. هذا يتعلق شرط جواز المسح على الخفين ان يلبسهما على طهارة. اي يشترط لصحة المسح على الخفين ان يتقدم لبسهما طهارة بالماء بان يلبسها وهو طاهر كامل الطهارة. لا خلاف في ذلك بين اهل العلم. ودليل ذلك ما في الصحيح من حديث من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فهويت لانزع خفيه فقال دعهما فاني ادخلتهما طاهرتين. وقد اشترط الفقهاء رحمهم الله شروطا غير هذا. المصنف لم يذكر الا شرطا واحدا. ما هو الشرط؟ ان يلبسهما على طهارة. الفقهاء قال شرطوا لجواز المسح على الخفين شروطا اشار اليها المصنف رحمه الله بقوله واشترط الفقهاء لجواز المسح شروطا لم يثبت منها الا شرطان. كونه يسمى خفا اي يستر القدم مما آآ جرى العرف والعادة بستره به او بمثله والثاني ان يوضع على طهارة. وآآ ما الفقهاء في في اه اه شروط الخف من كونه اه ان لا يكون مفتقا ولا مخرقا ولا صغيرا ولا كبيرا وان يستر محل الفرض كل ذلك من الاشتراطات التي ذكرها الفقهاء لا دليل عليها وقد رجح رحمه الله انه لا يشترط الا ان يكون مما يصدق عليه اسم الخف هذا واحد. الثاني ان يكون قد لبسه على طهارة قال رحمه الله ولا يمسحهما الا في الحدث الاصغر وذلك ان المسح على الخفين من خصائص الطهارة الصغرى فلا يكون في الحدث الاكبر بما جاء في حديث صفوان رضي الله عنه ان انه قال كنا نكون مع النبي صلى الله عليه وسلم فيأمرنا الا ننزع خفافنا ثلاثة ايام الا من جنابة ولكن من غائط وبول ولوم فدل هذا على انه لا يكون مسح في الحدث الاكبر بل لابد من غسل. والله تعالى قد قال وان كنتم جنبا قد طهروا وبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك التطهر بافاظة الماء على جميع البدن دون استثناء اه بعد ذلك قال رحمه الله في الاستدلال لما تقدم من مسائل عن انس مرفوعا اذا توظأ احدكم ولبس خفيه فليمسح عليهما وليصلي فيهما ولا يخلعهما ان شاء الا من جنابة. رواه الحاكم وصححه وهذا الحديث استدل به المؤلف على ما ذكر من انه ينزع للجنابة واولى منه في الاستدلال واصح حديث صفوان الذي ذكر وهذا الحديث فيه انه يجوز استدامة لبس الخفين دون توقيت. لانه قال وليصلي فيهما ولا يخلعهما ان شاء. الا من جنابة لكن هذا عند جمهور العلماء محمول على الاحاديث التي فيها ايش يا اخوان؟ الاحاديث التي فيها توقيت قال فان كان على اعضاء وضوءه جبيرة بعد ان فرغ من ذكر ما يتعلق احكام المسح على الخفين انتقل الى ما يلحق بهما وهو الجبيرة ونحوها مما قد يضطر واليه على اعضاء الطهارة. قال فان كان على اعضاء وضوئه. وهي الوجه والرأس واليدان والقدمان ان كان على اعضاء وضوءه جبيرة على كسر والجبيرة هي ما يشد على العظام المكسورة من العصائب والعيدان. او دواء على جرح او انا قد لف لفافة او خرقة على جرح. ويضر الغسل اي يضره جريان الماء عليه. وذلك بان يزيد مرضه وان يتأخر برؤه او ان يحصل له مشقة زائدة على المعتاد. هذا معنى الظرر المذكور في قوله بزيادة آآ ويظره الغسل يظره اما بزيادة مرضه واما بتأخر برؤه وشفائه واما بمشقة زائدة عن المعتاد. اذا كان كذلك فانه يكتفي بالمسح لذلك قال مسحه بالماء في الحدث الاكبر والاصغر حتى يبرأ. بل لو لم يكن على هذا العضو شيء من هذه الاشياء وكان يضره الغسل فانه لا يجب عليه الغسل انما يصير الى المسح. قال رحمه الله في الحدث الاكبر والاصغر وهذا مما تفارق فيه الجبيرة على الغفين المسح على الخفين لا يكون الا في الحدث الاصغر. واما المسح على الجبيرة فيكون في الحدث الاصغر اكبر والفارق الثاني ان المسح على الخفين مؤقت بوقت واما المسعى الجبيرة فانه لا توقيت فيه ولذلك قال حتى يبرأ. طالت المدة او قصرت. دليل ذلك قول الله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم. لا يكلف الله نفسا الا وسعها لا يكلف الله نفسا الا ما اتاها وقد استدل جماعة من الفقهاء بحديث جابر في قصة صاحب الشجة الذي اصابته شجة في رأسه فاحتلم فسأل اصحابه فقال لهم هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا ما نجد لك رخصة وانت تقدر على الماء فاغتسل فمات. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه ذلك قتلوه قتلهم الله سألوا اذ لم يعلموا انما شفاء العي السؤال. انما كان يكفيه ان يتيمم ويعصي او يعصر على جرحه خرقة. ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده. هذا الحديث استدل به كثير من الفقهاء على مشروعية المسح على الجبيرة واللفائف ونحوها. لكن هذا الحديث في اسناده غسله في حال العجز عن الغسل. قال رحمه الله وصفة مسح الخفين ان يمسح اكثر ظاهرهما. صفة الخفين اي الوارد في مسح الخفين مسح اكثرهما. اذ ان النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقل انه استوعب مسح كل الخف. بل مسح ظاهر الخف. ولذلك لا يجب استيعابه. بل يكفي مسح اكثر الخف لانه لما انتقل الى المسح وسهل له فيه زادت السهولة بعدم وجوب استيعاب العضو وهذا تعليم اما من حيث الدليل فانه لا دليل على وجوب الاستيعاب فيكون المسح على الظاهر وقد جاء عن علي رضي الله عنه انه قال لو كان الدين بالرعي لكان مسح اسفل الخف اولى بالمسح من اعلاه. وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح ظاهر خفيه ولم يذكر استيعابا وجاء ذلك عن المغيرة حيث قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظهور الخفين. اما الجبيرة فانه يجب استيعاب المسح فيها. ولذلك قال واما الجبيرة فيمسح جميعها. وهذا مما تفارق فيه الجبيرة المسح فعلى الخفين هكذا ذكر الفقهاء رحمهم الله قالوا لانها قائمة مقام الاصل والاصل هو استيعاب العضو المستور بالغسل فتستوعب فيستوعب البدل المسح الذي هو بدل الغسل وهذا تعليل والله تعالى اعلم بصحته والا فليس في ذلك اصل من السنة او دليل يصار اليه