البسملة جملة مفيدة تستفتح بها المكتوبات. ويجري في الاستفتاح بها جملة من الخيرات. والمؤلف رحمه الله اشار الى ان قوله بسم الله يتعلق بفعل وهو ما اشار اليه في قوله اي عينوا التنبيه عليها وفوائد يحتاج اليها الى اخر ما ذكر. هذا بيان لعمل المؤلف في هذا الشرح. وقد احسن هذا البيان ليعلم ما الذي يسير عليه في شرحه لهذا المختصر الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فهذا تعليق على شرح مختصر المقنع الموسوم بالروض المربع شرح زاد المستقنع وهو كتاب جليل الفه العلامة الشيخ منصور بن يونس البهوتي المتوفى ويمكن اجمال ذلك في نقاط ثلاثة. النقطة الاولى في بيان عمل المؤلف الشارح انه يبين حقائق زاد المستقنع والحقائق جمع حقيقة وهي كنه الشيء. ويوضح معانيه ودقائقه. يوضح المعاني وهذا يشمل اتى احدى وخمسين والف للهجرة وهذا الكتاب من مهمات الكتب التي يعتني بها على فقه الامام احمد فان كتاب الروض المربع له مرتبة رفيعة ومنزلة عالية عند وتأخر الحنابلة اذ انه عني بشرح مختصر من اهم المختصرات في فقه الامام احمد وتولى ذلك شيخ الذي له سبق وتميز في العلم بمذهب الامام احمد وكلام اصحابه. فهو عالم متبحر وله عناية فائقة بمؤلفات الحنابلة وكتبهم وقد كتب كتبا حديدة هي من عيون المؤلفات فيما بالامام احمد رحمه الله فلا احاشي على المنتهى معروفة بارشاد اولي النهى لدقائق المنتهى وله شرح على الاقناع طالب الانتفاع وهو كشاف القناع عن الاقناع وله شروحات عديدة منها هذا الكتاب المميز و افتتح المؤلف رحمه الله هذا الكتاب بحمد الله والثناء عليه. كما جرى على ذلك عمل اهل العلم. فابتدى اولا بالبسملة بسم الله الرحمن الرحيم والبسملة سيأتي الكلام عليها في شرحه لكلام الحجاوي رحمه الله ثم حمد الله واثنى عليه بما هو اهله ثم قال اما بعد. وهذه كلمة يؤتى بها للفصل بين المقدمة والمقصود من الحديث. قال رحمه الله الله فهذا شرح لطيف. المشار اليه هو كتاب الروض المربع. ولا تخلو الاشارة من حالين ان يكون ذلك قبل اي في بدايته فيكون اشارة الى ما في الذهن او يكون اشارة الى موجود فيما اذا كان ذلك بعد فراغه من اب سطر هذه المقدمة قال رحمه الله شرح لطيف ومقصوده باللطيف الايجاز فهو شرح موجز غير طول ولا مبسوط يوصل الطالب الى دقيق المعاني وخفيها بطريق يسير سهل ورفق. هذا معنى قوله رحمه الله فهذا شرح لطيف. قوله على مختصر المقنع للشيخ الامام العلامة والعمدة القدوة الى اخر ما ذكر بين الكتاب المشروح وهو مختصر المقنع. فالروض المربع شرح لمختصر المقنع وهو المشهور بكتاب زاد المستقنع في اختصار المقنع وسمى بهذا الاسم لانه مشتهر به. واما اسم الزاد فلم يكن اه مشهورا بهذا الاسم في زمانه. ولذلك سماه بما هو معروف به من كونه مختصرا للمقنف. فقال شرح لطيف على مختصر مقنع. وبهذا يتبين ان الكتاب الروظة المربع شرح لمختصر المقنع. ومن المهم ان نعرف ان المقنع هو احد المؤلفات الجليلة في مذهب الامام احمد الفه ابو محمد عبد الله ابن احمد ابن قدامة المقدسي المتوفى سنة عشرين وست مئة وهو من اهم مؤلفاته وايضا هو في سلم التدرج في المرتبة الثانية من مؤلفات ابن قدامة في مذهب الامام احمد رحمه الله انه كتب اربعة كتب وهي سلم متتابع متدرج في ترقي الانسان في دراسة الفقه وفهمه. اول ذلك العمدة ثم المقنع ثم الكافي ثم المغني. وقد اشار الى هذه الكتب الاربعة واهميتها في فقه الحنابلة الشيخ يحيى السرسري وهو من معاصر الموفق رحمه الله بن قدامة قال كفى الخلق بالكافي واقنع طالبا بمقنع فقه عن كتاب المطول واغنى بمغر الفقه من كان باحثا وعمدته من يعتمدها يحصل. فالكتاب المقنع فيسلم مؤلفات ابن قدامى ياتي في المرتبة الثانية وهو كتاب عظيم النفع وواضح العبارة ومتوسط الحجم وغزير العلوم والمعارف وحسن الترتيب والتفريع وقد جمع تقاسيهم وتناويع مهمة مشتملة على ترتيب وتبويب بديل ولهذا اهتم به الحجاوي رحمه الله لاهميته وعلو منزلته في فقه الامام احمد فاختصر ذلك في هذا السفر الجليل الموسوم بمختصر المقنع والمشهور باسم زاد المستقنع في اختصار المقنع المختصر عرف به المؤلف رحمه الله تعريفا بين به اهمية الكتاب فان الكتاب تعلم منزلته وتعرف مكانته مؤلفه ولذلك قال رحمه الله للشيخ الامام العلامة والعمدة القدوة الفهامة هو شرف الدين ابو النجا موسى ابن احمد ابن موسى ابن ابن عيسى ابن سالم المقدسي الحجاوي ثم الصالحي الدمشقي تغمده الله برحمته واباحه بحبوحة جنته من علماء القرن العاشر فانه توفي سنة ثمان وستين وتسعمائة. وهو من العلماء المتميزين في المؤلفات المختصرة فان له هذا الكتاب المختصر مختصر المقنع وله مختصر اخر له منزلة عالية في مذهب الحنابلة وهو الاقناع لطالب الانتفاع. الذي شرحه البهوتي في كتاب كشاف القناع على متن الاقناع. وقد بين المؤلف رحمه الله الله عمله في هذا الكتاب فقال يبين حقائقه ويوضح معانيه ودقائقه مع ضم قيود بيان ما يحتاج الى بيان ويشير الى ما تضمنه من الدقائق وهي ما خفي من من المعاني التي تحتاج الى بذل جهد في الوصول اليها والى فهم ثاقب ونظر عميق للوصول اليها وهذا غاية المقصود في كل شرح فان شرح اي كلام لا يتم الا بهذه الامور تبيين الحقائق المعاني وتوضيح الدقائق والخفايا التي تظمنها الكلام مما يدرك بمفهومه وزاد المستقنع من الكتب التي حوت علما جما كثيرا وقد حوت على مسائل فقهية كثيرة. حتى قيل انه من اوسع الكتب احتواء لمسائل الفقه في مذهب الامام احمد رحمه الله فهو متن مشبع من مسائل الفقه التي ذكرها فقهاء الحنابلة رحمه الله وسلك في ذلك الاشارة بالمنطوق والاشارة بالمفهوم وقد قيل انه تضمن اكثر من ستة الاف مسألة ثلاثة الاف منها بالمنطوق والبقية بالمفهوم وقد يكون هذا محل نقاش من حيث حصر ذلك بهذا العدد. والنقطة الثانية التي بين فيها المؤلف رحمه الله عمله قال مع ضم قيود يتعين التنبيه عليها تبين المؤلف رحمه الله انه اشتغل بتقييد ما اطلقه صاحب المختصر فثمة عبارات ومسائل ذكرت تحتاج الى تقييد بشرط او بقيد يميزها ويوضحها ويبينها. ولذلك قال يتعين التنبيه عليها لان بقائها غير مقيدة قد يفهم منه غير المراد وايضا لا يتم المعنى في بعض المسائل الا بتلك القيود التي ذكرها الشارح رحمه الله. والنقطة الثالثة في بيان عمل المؤلف في هذا الشرح اشار اليها بقوله وفوائده يحتاج اليها اي انه اظاف مسائل وفوائد الى هذا المختصر تدعو الحاجة اليها ليتم بذلك الاحاطة مهمات مسائل الفقه على مذهب الامام احمد رحمه الله. هذا ما ذكره رحمه الله في بيان ما قام به الا انه لم يذكر الطريقة التي سلكها رحمه الله في تحقيق هذه الاغراض وهذه المقاصد في هذا الشرح وهي بيان الحقائق وتوظيح المعاني والدقائق وظم قيود يتعين التنبيه اليها وذكر فوائد يحتاج اليها لم يذكر المنهج الذي سلكه لتحقيق ذلك. وقد جرى فيه على نحو كتاب اخر له وهو كشاف القناع على متن الاقناع وقد بين في ذلك الكتاب الطريق الذي سلكه وهو مطابق لما جرى عليه عمله في هذا الشرح. حيث قال في مثل كشاف ومزجته بشرحه حتى صار كالشيء الواحد لا يميز بينهما الا صاحب بصر او بصيرة لحل ما قد يكون من التراكيب العسيرة. وهذا ما جرى عليه في هذا الشرح. فانه مزج ما بينه من المعاني وما وظحه من الحقائق والدقائق. وما ذكره من القيود التي يتعين ذكرها. وما من الفوائد مزجه بالشرح حتى صار كالشيء الواحد. وبلغ مبلغا من المزج انه لا يتمكن من التمييز بين الشرح والاصل الا من له معرفة وادراك وبصر وبصيرة كما ذكر رحمه الله. والسبب في هذا انه اراد بهذا ان يسهل على الطالب التحصين وان لا يتشتت بالنظر في كتابين انما جعله ككتاب واحد او جعله على نحو كتاب واحد لتحصيل المطلوب وبلوغ المأمول المراد بعد هذا قال رحمه الله مع العجز وعدم الاهلية لسلوك تلك مسالك لكن ضرورة كونه لم يشرح اقتضت ذلك والله المسؤول بفظله ان ينفع به كما نفع باصله وان اجعله خالصا لوجهه الكريم وزلفى لديه في جنات النعيم المقيم امين يا رب العالمين ختم المؤلف هذه المقدمة المختصرة لشرحه بالاقرار بالعجز والظعف وعدم بلوغ الاهلية لتحقيق هذا الغرض الذي ينشده في هذا الشرح وهذا اقرار بالعجز والاقرار بالعجز مما يستمطر به عطاء الله ويدرك وبه عونه وفتحه فان الانسان مهما بلغ من العلم فلن يخرج عن قوله تعالى وما اوتيتم من العلم الا قليلا وكل ما يفتح على الانسان من العلوم فهو من فظل الله ومنه وكرمه واذا كان هذا المقال من هذا العالم المعروف بفقهه وتبحره في مذهب الامام احمد فينبغي طالب العلم ان يعرف قدره وان يقر بعجزه وعظيم افتقاره الى ربه في تحصيل مأموله وادراك مطلوبه في العلوم وفي سائر الامور ثم بعد اقراره بما ذكر من العجز وعدم الاهلية ذكر ان الحامل له على ذلك الضرورة ذلك ان هذا الكتاب على اهميته وتميزه وهو مختصر مقنع لم يشرح. ويعتبر الروظ المربع اول شرح وهو اهم شروح هذا السفر الجليل فليس ثمة شرح يساميه او يقترب منه في الدقة والاتقان والتبحر والبيان بعد ذلك ختم بدعاء الله تعالى وسؤاله فقال والله المسؤول بفضله ان ينفع به اي بهذا الشرح كما نفع باصله لا وان يجعله خالصا لوجهه الكريم وزلفى لديه في جنات النعيم والمؤمن انما يدرك ما يدرك من الفضل بالافتقار والدعاء وبذل الوسع في تحصيل ما يرضي الله تعالى عنه ومن صدق الله صدقه جل في علاه. قوله رحمه الله بسم الله الرحمن الرحيم ايبتدأ بكل اسم للذات الاقدس يقول بسم الله وهذا احد قولي اهل العلم رحمه الله في متعلق البسملة فلهم في متعلق البسملة قولان منهم من قال ان متعلقها فعل ومنهم من قال ان متعلقها اسم وعلى ضوء هذا الخلاف وقع اختلاف في البسملة هل هي جملة اسمية ام جملة فعلية؟ وقد جاء القرآن بهذين النوعين من المتعلقات بهذين النوعين من المتعلق فجاء تعليق البسملة باسم في قول الله تعالى بسم الله مجريها. وجاء تعليقها بفعل في قول الله تعالى اقرأ باسم ربك الذي خلق. والامر في هذا واسع. وقوله رحمه الله بكل اسم للذات الاقدس اي ان البداءة او التبرك بالبداءة بسم الله تعالى شامل لكل اسمائه جل في علاه. فاسم مفرد مضاف يعم كل اسماء الله عز وجل وقوله رحمه الله بكل اسم للذات الاقدس اي لله عز وجل فان اسم الله عز وجل علم على الذات. فان اسم الله تعالى دال على ذاته وكمال صفاته جل في علاه. وقوله المسمى بهذا الاسم الانفس وهو اسم الله جل في علاه الموصوفي بكمال الانعام وما دونه. وهو اشارة الى ما تضمنه هذا الاسم العظيم من صفات الجلال فان اسم الله جل في علاه قيل هو الاسم الاعظم الذي ترجع اليه معاني اسمائه الحسنى وصفاته العلى جل في علاه وقوله رحمه الله او بارادة ذلك اؤلف مستعينا بيان مناسبة ذكر البسملة في اول المكتوبات وان للاستعانة بالله عز وجل مستعينا باسمه جل في علاه واسمائه سبحانه وبحمده فيما قصدت من تأليف او ملابسا اي اسم الله تعالى واسماؤه الحسنى في هذا التأليف على وجه التبرك فان اسمه مبارك جل في علاه كما قال تعالى تبارك اسم ربك ذي الجلال والاكرام. قوله رحم الله وفي ايثار هذين الوصفين يقصد ما تضمنه اسم الرحمن الرحيم المفيدين للمبالغة في الرحمة. فالرحمن دال على عظيم الرحمة. المتصف بها جل في علاه. والرحيم دال على عظيم رحمته جل في علاه في افعاله. قال رحمه الله في علة ذكر هذين الاسمين في البسمة قال اشارة لسبقها من حيث ملاصقتها لاسم الذات وغلبتها من حيث تكرارها على اضدادها وعدم انقطاعها فكل هذا مما افاده باختصاص هذين الاسمين بالذكر مع اسم الله عز وجل في البسملة. قال رحمه الله الله وقدم الرحمن لانه علموا في قول او كالعلم حيث انه لا يوصف به غيره تعالى. هذا من جهة اللفظ واما من جهة المعنى فالرحمن وصف يتعلق بالذات. فقدم ما يتعلق بالذات على ما يتعلق بالغير. قال ان معناه المنعم الحقيقي البالغ في الرحمة غايتها يعني منتهاها. وذلك لا يصدق على غيره. وعطف عليه الرحيم وهو مما يجوز اطلاقه على غيره جل في علاه فانه لا يختص به سبحانه وتعالى من حيث اللفظ اذ يجوز ان يسمى به غيره سبحانه وتعالى لانه يرجع الى اللطف والتوفيق. ولانه يتعلق بالفعل رحيم وصف متعلق بفعله سبحانه وبحمده. ولعلنا نقتصر على هذا القدر في هذا المجلس نستكمل ان شاء الله تعالى في آآ يوم غد باذن الله