بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه ومن والاه. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى احمده حق حمده له الحمد كله اوله واخره ظاهره وباطنه اشهد ان لا اله الا الله اله الاولين والاخرين رب العالمين لا اله الا هو الرحمن الرحيم واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صفيه وخليله خيرته من خلقه بعثه الله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا وداعيا اليه باذنه وسراجا منيرا بلغ الرسالة وادى الامانة ونصح الامة وجاهد في الله حق الجهاد بالعلم والبيان والسيف والسلال حتى اتاه اليقين وهو على ذلك وصلى الله عليه صلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد بهذا المجلس وايضا ان شاء الله تعالى مغرب آآ غد وعشاءه آآ نكمل القراءة في بعض احاديث بلوغ المرام اسأل الله تعالى ان يرزقنا واياكم العلم النافع والعمل الصالح باب الانية بسم الله الرحمن الرحيم قال مصنف رحمه الله تعالى باب نانيا عن حذيفة ابن اليمان رضي الله عنهما قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تشربوا في انية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها. فانها لهم في الدنيا ولكم في الاخرة متفق عليه باب الانية اتى به المصنف رحمه الله بعد باب المياه لما بينهما من المناسبة فان المياه تحفظ في اوعية وهذه الاوعية هي الاواني فالانية جمع الى وهي الاوعية والظروف التي يحفظ بها الماء بين جملة من الاحكام المتعلقة بالانية لاجل ان يعرف الانسان ما يحل له استعماله من هذه الانية في طهارته وما لا يحل له وما يتصل بهذه الانية من احكام. اول ما بدأ به من الاحكام فيما يتعلق بالانية بيان حكم انية الذهب والفضة وساق في ذلك حديثين. الحديث الاول حديث حذيفة ابن اليمان رضي الله تعالى عنه وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تشربوا في انيق الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافهما فانها لهم في الدنيا ولكم في الاخرة واما الحديث الثاني فحديث ام سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وفيه قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم الذي يشرب في انية الفضة انما يجرجر في بطنه نار جهنم الحديث الاول حديث حذيفة رضي الله تعالى عنه اخرجه البخاري ومسلم من حديث عبدالرحمن ابن ابي ليلى انهم كانوا عند حذيفة ابن اليمان كانوا عنده في مجلس فاستسقى رضي الله تعالى عنه ساقيا له ماء اي طلب من احد من يخدمه ماء وكان هذا الخادم مجوسي فجاء باناء من فضة فلما اخذه حذيفة رضي الله تعالى عنه رماه به فلما استغرب من حضر كيف يصنع ذلك وهو صحابي رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب سره نقف على هذا ونستكمل ان شاء الله بعد مغرب غد الحديث على بقية احاديث الانية ان شاء الله تعالى والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد حيث انه كان قريبا من النبي فقد اخبره صلوات الله وسلامه عليه باسماء المنافقين تعيينا ولذلك يوصف حذيفة بانه وصاحب سر النبي صلى الله عليه وسلم فقد اخبره باسماء المنافقين على وجه التعيين فلما رأى منهم ما رأى من استغراب قال رضي الله تعالى عنه اما اني لم افعل ذلك الا اني قد نهيته غير مرة ولا مرتين يعني نهيت عن ان يأتيني باناء من فضة غير مرة ولا مرتين فلما لم ينتهي عاقبه بهذه العقوبة التي هي انه رماه قدح الذي جاء به ثم قال رضي الله تعالى عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تشربوا في انية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فانها لكم في الدنيا فانها لهم في الدنيا ولكم في الاخرة قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تشربوا نهي والاصل في النهي التحريم هذا الذي عليه جمهور الاصوليين والفقهاء وعامة اهل العلم من من المفسرين والمحدثين ان الاصل في النهي التحريم وقوله لا تشربوا هو نهي والنهي يقتضي الامتناع فهو طلب الكف على وجه الاستعلاء لا تشربوا اي لا تستعملوا في شربكم سواء كان ذلك في شرب الماء او في شرب غيره لان النهي عن الفعل يفيد العموم من جهة ان الفعل يؤول بمصدر وتقديره لا شرب في اناء في انية الذهب والفضة ولذلك قالوا ان النهي عن الافعال يفيد عموم النهي وهذا يشمل كل مشروب بكل اداة وانية سواء كان ذلك في شرب الماء او في شرب غيره من المشروبات لا تشربوا في انية بانية الذهب والفضة انية جمع اناء كما تقدم وهي الاوعية وقول انية الذهب والفظة اي ما صنع من الذهب والفضة من الاوعية وهذا يشمل الانية بكل صورها سواء كان ذلك كوبا او كان ذلك كأسا او كان ذلك ملعقة او كان ذلك قدرا فكل ما يشرب به على اي صورة كان فانه مندرج في قوله صلى الله عليه وسلم لا تشربوا في انية الذهب والفضة لانه اناء فالاناء الظرف الذي يعي الماء ويحويه وقوله صلى الله عليه وسلم الذهب والفضة الذهب والفضة معدنان ثمينان وهما اصل النقد الذي يدور عليه تعامل الناس في معارضاتهم ومعاملاتهم قوله صلى الله عليه وسلم ولا تأكلوا في صحافها عطف على النهي الاول فان النهي الاول هو نهي عن الشرب في انية الذهب والفضة واما النهي الثاني فهو نهي عن الاكل في انية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها وهذا عطف الخاص على العام لان اصطحاف نوع من الانية وانما نص عليه لانه مما يستعمل في الاكل غالبا وقد تستعمل الصحاف في الشرب لكن هذا على وجه النادر فقوله لا تشربوا في انية الذهب والفضة هو نهي عن الاكل والشرب لكن نص على ذلك بقوله ولا تأكلوا في صحافها فليس هذا قصرا للحكم على الصحاف فما عداه من الاواني لا يشمله النهي بل ذلك ذكر لصورة من صور المنهية عنه. فان المقصود هو الانية والانية تشمل ما ايؤكل فيه وما يشرب فيه ويشمل الاكواب والقداح والصحاف والجفنات والملاعق وما الى ذلك مما يستعمل في الاكل والشرب وقوله ولا تأكلوا في صحافها ليس قصرا على الصحفة انما هذا من باب عطف الخاص على العام والصحاف جمع صحفة وهي في قول بعض اهل العلم الوعاء الذي يشبع الخمسة من الرجال وعلى كل حال التقدير بعدد لا يستقيم ولا يثبت بل اصطحاف نوع من الانية يستعمل في الاكل وقوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ولا تأكلوا في صحافها مع ان المذكور قبل ذلك اثنان الذهب والفضة هذا مما جرى به لسان العرب وهو ذكر المفرد وارادة الاكثر من المفرد الاكثر من الواحد وله نظير في كلام الله تعالى في قوله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها. ما قال ولا ينفقونهما ولا ينفقونها في سبيل الله فالضمير لا يعود فقط على اقرب مذكور وهو الفضة بل على مجمل المذكور سابقا مما تقدم ذكره فقوله صلى الله عليه وسلم ولا تأكلوا في صحافها المقصود بها صحاف الذهب والفضة وهذا يشمل كل ما يستعمل في الاكل من الاواني صغر او كبر فان الصحفة خرجت مخرج الذكر لصورة وهذا ليس قصرا للحكم عليها لماذا؟ لان المعنى يشمل يشملها ويشمل حيث ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر في تعليل الحكم فقال فانها لهم في الدنيا ولكم في الاخرة. هذا في سياق ذكره لتعليل الحكم صلوات الله وسلامه عليه وقوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا تشربوا ولا تأكلوا لا تشربوا في انية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها نهي لكل احد من الذكور والاناث والصغار والكبار عن من اهل الاسلام ان يشربوا في انية الذهب والفضة او ان يأكلوا في انية الذهب والفضة وكذلك هو شامل لكل اوجه الاستعمال اي انه لا يقتصر فقط على الاكل والشرب فلو انه استعمل انية الذهب والفضة في غير الاكل والشرب فانه شامل للنهي كما لو استعمل انية الذهب والفظة في تجميل الاماكن مثلا بان يضع اواني في اطراف المجلس او يصف انية ولو لم تستعمل للاكل والشرب فان النهي يشمل ذلك وانما ذكر الاكل والشرب على وجه الغالب في الاستعمال ومعلوم ان ما خرج مخرج الغالب لا يفيد القصر لا يفيد القصر عليه فانما فانه يشمل المذكور وغيره من باب اولى ولهذا ذهب جمهور العلماء الى ان جميع اوجه استعمال الذهب والفضة في الاواني وما اشبهها من من الادوات والالات فانها ملحقة بالحكم. فلا يجوز ان ان يجلس الانسان على كرسي من ذهب او فضة او على سرير من ذهب او فضة او على على اريكة من ذهب او فضة فليس الحكم مقصورا على هذه الصورة فحسب بل هذا يشمل كل صور التمتع بالذهب والفضة في المآكل والمشارب والاستعمالات الا ما ورد به النص استثناء من التحلي فانه جاء به النص فاذن الله تعالى لنساء الامة باستعمال الذهب والفضة في في الحلي. فيقصر ذلك على هذه الصورة وكذلك الخاتم بالنسبة للرجل من الفضة فيقصر على ما ورد به النص وما عداه فانه لا يستعمل الا ما جاء به الشرع وما اذن فيه الشرع وما عداه فانه على الاصل في في النهي والمنع لجميع اوجه الاستعمال. والى هذا ذهب عامة العلماء فان جماهير العلما بل حكي الاجماع عليه جماهير العلماء على انه لا يجوز استعمال شيء من الذهب والفضة لا في الاواني ولا في غيره من الادوات. ومن امثلة ذلك الاقلام التي من الذهب والفضة وكذلك النظارات التي تلبس اذا كانت من الذهب والفضة ومن امثلة ذلك في الاستعمال المعاصر الجوالات التي من الذهب او من الفضة كلها فيما جاء فيه النهي في قوله صلى الله عليه وسلم لا تشربوا في انية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها. والجامع في هذا كله التعليل. وهو قوله صلى الله عليه وسلم فانها لهم في ولكم في الاخرة فانه يشمل كل اوجه الاستعمال. والله تعالى يقول ولولا ان يكون الناس امة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون ولبيوتهم ابوابا وسررا عليها يتكئون وزخرفا ثم قال وان كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا. يعني مهما بلغ من التوسع والتنعم فهو لا يعدو ان يكون من متاع الحياة الدنيا الذي سرعان ما يرتحل عنه الانسان او يرحل عنه اما ان يرتحل عنه الانسان او ان يرحل عنه ذلك الشيء كل هذه الاوجه مما يندرج فيما جاء به النهي انه نص على صورتين ولكن ما عداهما ملحق به في المعنى وقد حكي الاجماع على ذلك. والحقيقة انه ليس ثمة اجماع لان من العلماء من يقصر التحريم فقط على ما جاء به النص ويقول سائر اوجه الاستعمال لا بأس به فيجوز ان يتخذ قلما من ذهب ويجوز ان يتخذ قلما من فضة ويجوز ان يتخذ الذهب والفضة في الانية دون ان دون ان يستعملها في الاكل والشرب. فقالوا ان النهي عن عن الاكل والشرب لا يشمل النهي عن الاتخاذ على ان القاعدة ولا يشمل كل اوجه الاستعمال والصواب انه يشمل كل اوجه الاستعمال ويشمل الاتخاذ فانما نهي عن استعماله لا يجوز اتخاذه هذه هي القاعدة ثم قوله صلى الله عليه وسلم فانها الظمير يعود الى انية الذهب والفضة وصحافهما وهو ما يستعمل في الاكل والشرب فانها لهم في الدنيا لهم اي للكفار ولم يتقدم ذكر لهم لم لم يتقدم في الحديث ذكر للكفار لكن ذلك معلوم من السياق فان قوله صلى الله عليه وسلم ولكم في الاخرة وهو خطاب لاهل الاسلام دل على المقابل له وهم اهل الكفر وقد قال الشاعر الظد يظهر حسنه الظد وبظدها تتميز الاشياء. فيفهم الشيء من مقابله ويعرف بما يظاده الذي ضد اف الذي يقابل اهل الاسلام ويظادهم هم اهل الكفر. فقوله صلى الله عليه وسلم فانها لهم في الدنيا ولكم في الاخرة المقصود بهم الكفار دل قوله صلى الله عليه وسلم فانها لهم في الدنيا اي انهم يشتغلون بها. وليس ذلك على وجه الاذن لهم فانه ليس مأذونا لهم في انية الذهب والفضة لكن من عادتهم ومن شأنهم الا يرعوا لله حكما في حل او حرمة بل يأتون ما يأتون من الزخارف والزين. فلا يستدل بهذا لا يستدل من هذا الحديث على ان انية الذهب والفضة تجوز للكفار وان الكفار كما قال بعض اهل العلم غير مخاطبين بفروع الشريعة لانه قال فانها لهم في الدنيا هذا ليس اقرارا لهم ولا اثباتا للحكم في حقهم بل هو توصيف لحالهم. وانهم ممن يتمتع ويقبل على اه استعمال انية الذهب والفضة اما من حيث الحكم فان الحكم يلزم المؤمن والكافر احكام الشريعة لا فرق فيها بين مؤمن وكافر بمعنى ان الجميع مخاطب باحكام الشريعة والفارق ان الكفار لا يطالبون بفروع الشريعة حتى يأتوا حتى يأتوا باصلها وهو الاسلام اما اهل الاسلام فانهم اتوا بالاصل فيطالبون بالفروع قوله صلى الله عليه وسلم ولكم في الاخرة اي انها مما خاصكم خصكم الله تعالى به في الاخرة. وقد قال الله تعالى بما متع به الناس من زين زينة الحياة الدنيا قال جل وعلا قل من حرم زينة الله التي اخرج العباد والطيبات من الرزق قل هي للذين في الحياة الدنيا هي لهم ولغيرهم وانما نص عليهم لانه يمتن بها عليهم ويأذن لهم اتخاذها لكن هي لهم ولغيرهم من اهل الكفر والدليل على هذا بقية الاية حيث قال قل هي للذين امنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة اي لا يشركهم فيها احد اما في الدنيا فيشاركهم فيها اهل الكفر وبالتالي قوله جل وعلا قوله صلى الله عليه وسلم ولكم في الاخرة اي دون غيركم هي لكم خالصة لا يشرككم فيها احد من اهل الكفر بل هي لاهل الاسلام منفردين. وهذا من نعمة الله تعالى فانه قد اخبرت النصوص ان اهل الايمان لهم في الاخرة من انية الفضة وصحاف الذهب ما يتمتعون به على وجه لا نقص فيه ولا خوف ولا ظرر. قال الله تعالى يطاف عليهم بانية من فضة واكواب كانت قوارير قوارير من فضة قدروها تقديرا فذكر انية من فضة ثم ذكر القوارير على وجه الخصوص في نعيم اهل في نعيم الابرار اهل التقوى والايمان فهذا من معنى قول النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فانها لكم اه فانها لكم في اي لاهل الاسلام خالصة دون غيرهم اما صحاف الذهب فقد ذكر الله جل وعلا في سورة الزخرف تمتيع اهل الاسلام بما يكون من آآ اصطحاف الذهب فقال جل في علاه وطاف عليه قال جل في علاه يطاف عليهم بصحاف من ذهب واكواب فصحاف الذهب هي مما يمتع الله تعالى به اهل الجنة من اهل الايمان دون غيرهم وهذا من معاني قوله صلى الله عليه وسلم ولكم في الاخرة. وقوله صلى الله عليه وسلم الاخرة المقصود بالاخرة ما يقابل الدنيا وهو ما يكون من النعيم المقيم في جنة عدن والاخرة اسم في مقابلة الدنيا يشمل كل ما يكون ويقع بعد الموت لكن المقصود به هنا على وجه الخصوص ما يكون في نعيم الجنة وهي جزء من الاخرة ومرحلة من مراحل الاخرة وهي المستقر والقرار كما قال جل وعلا فريق في الجنة وفريق في السعير لكن الاخرة ليس مقصورة على المنتهى بل ثمة مراحل قبل المنتهى وهو ما يكون بعد الموت مما يكون في الحياة البرزخية ثم ما يكون يوم البعث والنشور يوم يقوم الناس لربهم حفاة عراة غرلا على نحو من الهلع والخوف والفزع وصفه قوله جل جل وعلا يا ايها الناس اتقوا ربكم ان زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها. تذهل كل مرضعة عما ارضعت وتضع كل ذات حمل حمل حملا. وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد. كل هذا في الاخرة وليس فيه ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في قوله فانها لكم في الاخرة. لان الناس يبعثون يوم القيامة ليس معهم شيء كما خلقناكم او كما بدأنا اول خلق نعيده ليس مع الانسان شيء ابدا قال الله تعالى وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم اي ما ملكناكم وما مكناكم منه في الدنيا كله تركتموه وراء ظهوركم يأتي الانسان الا بعمله كما قال الله جل وعلا وكل انسان الزمناه طائره في عنقه. فقوله صلى الله عليه وسلم ولكم في المقصود بالاخرة هنا الجنة لانها المنتهى وهي احدى مراحل الاخرة ومنازلها وقوله صلى الله عليه وسلم ولكم في الاخرة يدل على الاختصاص كما تقدم فان اهل النار واهل الكفر لا متاع لهم بشيء من هذا بالكلية بل لا بهذا ولا بغيره من اوجه المتاع كما قال تعالى قل هي للذين امنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة فيوم القيامة اهل النار لا متاع لهم بشيء مما متع مما يمتع به اهل النعيم نسأل الله ان نكون من اهل الجنة في هذا الحديث اختلف العلماء رحمهم الله في التوجيه لنهي النبي صلى الله عليه وسلم ما العلة؟ ما السبب في نهي النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب في انية الذهب والفضة وعن الاكل في صحاف الذهب والفضة ولهم في ذلك طرائق متعددة فمنهم من قال ان النهي عن ذلك هو لاجل الاسراف وقد قال الله تعالى ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين والاسراف مما نهى الله تعالى عنه واستعمال استعمال الانية استعمال الذهب والفضة في الانية مما يندرج في الاسراف. والحقيقة ان هذا غير منضبط لان الاسراف امر نسبي فالذي يدخل فالذي يملك مليارات لو ركب سيارة من ذهب ما استغرب الناس لانه لا يمثل الا جزءا يسيرا مما يملكه فلذلك لا يعد اسرافا فالاسراف نسبي لكن الفقير الذي دخله محدود لو اشترى شيئا نفيسا غاليا لعد الناس ذلك اسرافا فالاسراف يختلف باختلاف حال الناس فمن يملك قلما بالف ريال ليس كمن يملك قلما بريال او بريالين او بخمسة الذي الذي دخله في الشهر خمسون الفا مثلا لو ملك قلما بالف ما عد الناس ذلك اسرافا. لكن الذي دخله الف اشترى قلم بالف اليس هذا من الاسراف طبيعي من الاسراف فالاسراف امر نسبي ولذلك تعليل الحكم به في هذا المقام غير سديد قال بعض اهل العلم العلة في النهي هي ان هذا من اضاعة المال وقد قال النبي وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اضاعة المال فاتخاذ الانية من الذهب والفضة هو اضاعة مال والحقيقة ان هذا قريب من التبرير من التوجيه السابق قيل في علة النهي انه لاجل ان الذهب والفضة بهما قيم تعرف قيم الاشياء بهما تعرف قيم الاشياء. فعليهما مدار معاملات الناس ومعاوظاتهم توجيه الذهب والفضة وهما معدنان نادران ثمينان الى مثل هذا يضر بنقل النقد ويفسده على الناس ولذلك نهى عنه الشارع وهذا يمكن ان يورد عليه استعمال الذهب والفضة في الحلي والشريعة اذنت فيه ولم تحده بحد انما يكون ذلك على حسب حال الناس. من حيث الكثرة والوفرة ومن حيث الدخل ما يعد اسرافا مما لا يعد اسرافا فالمقصود ان كل هذه العلل ليست بذات وزن ولا تقوم وليست مضطردة ومعلوم ان الاضطراب دليل الصحة وان التناقض دليل الفساد فكلما كان القول مطردا والعلة مطردة دل ذلك على صحتها واذا وجدت ان العلة غير مطردة او القول غير مضطرد بل ينتقض وله آآ تخلفات في صور مماثلة علمت ان التعليل بهذا هو مظنة الفساد فراجع في التعليل ولهذا عندما استعرض ابن القيم رحمه الله التعليل لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن استعمال الية الذهب والفضة وذكر جملة من الاقوال عاد وقال وكل هذه الاقوال لا تخلو من نقد او من ضعف والصحيح في العلة هي ما اشار اليه قوله صلى الله عليه وسلم فانها لهم في الدنيا ولكم في الاخرة وذلك ان ان استعمال الذهب والفضة مما يجذب القلوب للدنيا ويعلق القلوب بالدنيا ويجعل الانسان مقبلا عليها منهمكا بالاستكثار منها فكان هذا من اسباب النهي بخلاف سائر الانية فانها لا تكون من حيث الاقبال والتعلق بالدنيا كما لو كانت من انية الذهب والفضة. اذا ملخص العلة التي رجحها ابن القيم واشار اليه الحديث ان ذلك لاجل الا يقبل الناس على الدنيا ويشتغل بها فان اتخاذ انية الذهب والفضة في المأكل والمشرب في آآ في الصحاف هو من الاقبال على الدنيا والتعلق بها الذي يزيد من استمساك الانسان بها والاستكثار منها والاشتغال بها عما ينفعه في الاخرة وهذا خلاف ما يطلب من المؤمن وخلاف ما ينبغي ان يكون عليه حال اهل الايمان وهذا الحديث فيه جملة من الفوائد من فوائد الحديث النهي عن عن الشرب في انية الذهب والفضة وانه يقتضي التحريم لا فرق في هذا بين الرجال والنساء والى هذا ذهب كثير من المتقدمين وهو قول الائمة الاربعة وقد حكي الاجماع على ذلك قال ابن قال النووي رحمه الله اجمع المسلمون على تحريم الاكل والشرب في اناء الذهب والفضة على الرجل وعلى المرأة. لا فرق في ذلك بين رجل وامرأة خلافا للحلي فالحلي مما استثني من النهي فابيح للنساء دون الرجال فيه من الفوائد تحريم ما كان فيه الذهب والفضة غالبا بمعنى ان النهي في عن الية الذهب والفضة الاصل فيه انه للاناء الذي من ذهب خالص او من فضة خالصة اما اذا كان فيه ذهب وفضة وليس خالصا فان كان يضاف الى الذهب والفضة فانه مما ينهى عنه ولو لم يكن خالصا. من فوائد الحديث تحريم اتخاذ انية الذهب والفضة واقتناء وتحريم اقتنائهما لان اتخاذهما واقتنائهما من مما يفضي الى استعمالهما وما حرم استعماله حرم اتخاذه والى هذا ذهب المالكية والحنابلة وهو الاصح في مذهب الشافعية وخالف بذلك الحنفية فقالوا بجواز اتخاذ انية الذهب والفضة فقال بجواز اتخاذ انية الفضة وهو قول عن عند بعض المالكية والشافعية فالذي عليه الجمهور انه يحرم الاتخاذ ولو لم يستعمله وذهب طائفة من اهل العلم الى جواز اتخاذه ولو لم يأوى اذا لم يستعمله لان المنهي عنه هو الاستعمال بشرب او اكل واما اذا لم يستعمل فانه لا حرج عليه في ذلك والذي يظهر والله تعالى اعلم ان مراعاة الشريعة لسد الابواب الموصلة الى المحرم تعزز القول بتحريم اتخاذ انية الذهب والفضة واستعمالهما الاتخاذ والاستعمال اما الاستعمال فتقدم وقد ذكرت انه قد حك الاجماع في ذلك. واما الاتخاذ دون الاستعمال فهذا هو مذهب المالكية والحنابلة وهو احد قولين الشافعي خلافا لابي حنيفة ولماذا ذهب المالكية الحنابلة الى هذا القول؟ اربطه بالقاعدة ان المالكية والشافعية يرون اعمال قاعدة سد الذرائع فاقوى المذاهب اوسع المذاهب في في اعمال قاعدة سد الذراع مذهب المالكية يليهم الحنابلة. ولذلك قالوا ان الاقتناء والاتخاذ وسيلة الى الاستعمال ذريعة فيكون تحريم الاتخاذ والاستعمال من باب سد الذرائع من باب سد الذراع وهذا مذهب الامام مالك كما ذكرت مذهب احمد وهو الاصح عند الشافعية خلافا لابي حنيفة في الحديث من دلائل الحديث ان المؤمن مطلوب منه ان يتجنب المشابهة للكفار في توسعهم في الدنيا على وجه الاجمال وعلى وعلى ما ورد به النص على وجه الخصوص فان النبي صلى الله عليه وسلم علل الحكم بقوله فانها لهم في الدنيا ولكم في الاخرة وفيه من الفوائد ان ما استعجله المؤمن في الدنيا من متاع الاخرة يحرم منه في الاخرة. ولذلك جاء قول النبي صلى الله عليه وسلم من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الاخرة وجعل وجعل جماعة من العلماء هذا قاعدة مطردة في كل ما منع منه من المتع والملذات في الدنيا فانه اذا استعجلها الوقوع فيها وانتهاك ما ما منع منه كان ذلك مما آآ يدل على انه لا يتمتع بها في الاخرة ولهذا اه قال صلى الله عليه وسلم فان اهلهم في الدنيا ولكم في الاخرة وهذا الحكم ليس قاصرا عليهم وجه الدلالة لان الحكم ليس قاصرا عليهم بل عليهم وعلى من شابههم ممن تمتع بانية الذهب والفظة في الدنيا فانه يحرم منها في الاخرة ومن ومن فوائد الحديث ان الكفار لا حظ لهم في نعيم الاخرة فهي لاهل التقوى والايمان وقد قال الله تعالى ذلك صريحا في قوله والاخرة عند ربك للمتقين. وقوله الاخرة عند ربك للمتقين اي نعيمها. وما في فيها من البهجة والسرور والعطاء والانعام هذا هو المقصود بقوله تعالى والاخرة عند ربك للمتقين من فوائد الحديث ايظا ان مما يتنعم به اهل الايمان في الاخرة ما ذكره الله ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث من انية الذهب من الشرب في انية الذهب والفضة ومن الاكل في صحافهما. وهذا تصديق لما جاء في القرآن في قوله تعالى يطاف عليهم بصحاف من ذهب واكواب وفي قوله جل وعلا ويطاف عليهم بانية من فضة واكواب كانت قواريرا قوارير من فضة قدروها تقديرا هذه بعض الفوائد المتصلة بهذا الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تشربوا في انانية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافهما فانها لكم في الدنيا فانها لهم في الدنيا ولكم في الاخرة