ويخبر مجيئه لا يخلو من حاله اما ان يكون صادقا فيكون قد بر في يمينه ولا مؤاخذة عليه فيه واما ان يكون غير صادق في يمينه ان يكون كاذبا في يمينه فيكون بذلك اذ هو جار على اللسان على نحو من المعتاد الذي لا يقصد ولا يراد ومما يؤكد ان ان لغو اليمين هو بهذا المعنى وهو ما جرى على لسان الانسان من الاقسام بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم ما لك يوم الدين له الحمد في الاولى والاخرة وله الحكم واليه ترجعون. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واختفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد فنستمع الى شيء من ايات الذكر الحكيم في سورة المائدة ونفسر ان شاء الله تعالى ما فتح الله من ذلك تم لله يا اخي بسم الله الرحمن الرحيم. يا ايها الذين امنوا لا تحرموا طيبات ما احل الله لكم. ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين. وكلوا مما رزقكم الله حلاله طيبة واتقوا الله الذي انتم به مؤمنون لا يؤاخذكم الله باللغو فيه ايمانكم. ولكن بما عقدتم الايمان. فكفرته اطعام عشرة مساكين من اوسط ما تطعمون اهليكم او كسوتهم او تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام. ذلك كفارة ايمانكم اذا احلفتم واحفظوا ايمانكم. كذلك يبين الله لكم اياته لعلكم تشكرون. يا ايها الذين امنوا ان انما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس. رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون. انما يريد الشيطان وان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر. ويصدكم عن عن ذكر الله وعن الصلاة فهل انتم منتهون واطيعوا الله واطيعوا الرسول واحذروا. فان توليتم فاعلموا ان انما على رسولنا البلاغ المبين ليس على الذين امنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا. اذا ما اتقوا امنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وامنوا ثم اتقوا واحسنوا والله يحب المحسنين هذه الايات الكريمات ذكر الله تعالى فيها جملة من المسائل التي يحتاجها اهل الاسلام في ما يأتون وما يذرون مما احل لهم ومما شرع لهم فيما يتعلق بالايمان وغيرها يقول الله تعالى يا ايها الذين امنوا لا تحرموا طيبات ما احل الله لكم اي لا تمنعوا انفسكم ما احل الله لكم من الطيبات تقربا اليه اما اذا منع الانسان نفسه من شيء من ذلك لا على وجه التقرب بل منع نفسه من ذلك لكونه يتضرر به او لكونه لا يرغب فيه او غير ذلك مما يكون حاملا للامتناع من شيء مما احل الله تعالى فانه لا حرج عليه في ذلك ولا يدخل فيما نهى عنه جل وعلا من تحريم الطيبات حيث قال تعالى يا ايها الذين امنوا لا تحرموا الطيبات ما احل الله لكم وكل ما احله الله فهو طيب يحل كما قال الله تعالى في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث فكلما احله الله طيب وكل ما حرمه جل في علاه خبير فالله تعالى يقول يا ايها الذين امنوا لا تحرموا طيبات ما احل الله لكم ولا تعتدوا بالتحريم او بتجاوز مباحي والحلال الى الحرام ان الله لا يحب المعتدين فالاعتداء يشمل صورتين يشمل ما اذا تجاوز الانسان الحلال الى الحرام ويشمل ما اذا احل ما اذا حرم الحلال الذي احله الله تعالى فكلاهما اعتداء اما اعتداء بانتهاك الحرمة او او اعتداء بالامتناع عما احل الله تعالى ثم قال وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا اذن الله تعالى بالاكل مما ساقه الله تعالى من الارزاق حال كونه حلالا والحلال هو ما اباحه الله تعالى مما لا شبهة فيه مما لا سبب للتحريم فيه. لا في ذاته ولا في طريق تحصيله فالتحريم في المأكولات يأتي من جهتين اما من جهة تحريم عين ذلك الشيء كالخمر على سبيل المثال فانه لو اشتراها باطيب مال فانها لا تحل لانها محرمة ذو العين والطريق الثاني الذي تحرم به المأكولات او ما شأنه الاكل هو ان يكون طريق كسبه حرام بان يكون سرقه او اغتصبه ونحو ذلك من الطرق التي التي تحرم بها العين لاجل طريق الكسب الذي حصلت به دون ارادة ولا قصد ولا عزم قلب انما جرى عادة او سهوا او او انه جرى في على لسانه على نحو مألوف في جهته او ما الى ذلك ان الله تعالى قال ولكن والله تعالى يقول كلوا مما رزقنا مما رزقكم الله حلالا اي حال كونه حلالا طيبا ثم قال تعالى واتقوا الله الذي انتم به مؤمنون اي اتقوا الله اجعلوا بينكم وبينه وقاية او اجعلوا بينكم وبين عذابه وقاية بالتزام ما امر وترك ما نهى عنه وزجر والبعد عن مخالفة ما امركم الله تعالى به او ما او ان تقعوا فيما نهاكم الله تعالى عنه ثم بعد ان ذكر ما ذكر جل في علاه مما يتعلق ببيان الاصل في المأكولات وحكم تحريمها انتقل الى الايمان والمناسبة بين الايمان وبين ما تقدم ان الايمان قد يعقدها الانسان بالامتناع عن شيء احله الله تعالى له وهنا يكون محل لوم كما قال الله تعالى يا ايها النبي لما تحرم ما احل الله لك؟ تبتغي مرضاة ازواجك وهذا وجه المناسبة بين ذكر الايمان بعد ذكر ما ذكر من النهي عن تحريم ما احل الله فان من الطرق التي يسلكها بعض الناس في تحريم ما احل الله لهم ان يمتنع عن ذلك باليمين فيحلف على نفسه بالا يقرب كذا مما احل الله تعالى واباح. كما جرى من سيد الورى صلوات الله وسلامه عليه في بتحريم بعض ما حرم على نفسه مما احل الله تعالى له وقد عاتبه الله تعالى في ذلك فقال يا ايها النبي لما تحرم ما احل الله تبتغي مرضاة ازواجك والله غفور رحيم قال تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم لا يؤاخذكم اي لا يعاقبكم. ولا يوقعكم في ولا يحتسب عليكم اثما وذنبا بسبب اللغو في ايمانكم لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم الباهونات السببية اي بسبب اللغو في ايمانكم وهنا عندنا كلمتان اللغو والايمان. اما الايمان فالايمان جمع يمين واليمين هي الحلف او القسم والاصل في الحلف والقسم ان ان يكون بالله عز وجل او باسمائه او صفاته جل في علاه فانه لا يحلف الا به سبحانه وبحمده. فقوله تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم اي في اقسامكم وحلوفكم ما كان في مجرى اليمين من النذر وغيره مما هو في حكم اليمين. وسمي الحلف والقسم يمينا لانه كان في زمن سابق اذا حلف احدهم وضع يده بيد وضع يمينه بيمين صاحبه الذي يحلف له. فسميت يمينا وقيل انها سميت الاقسام والاحلام يمينا لانها تمسك الانسان في ميثاق وعهد كما يمسك الشيء بيمينه. فسميت يمينا لاجل هذا وعلى كل حال سواء قيل بهذا السبأ او بذلك السبب فاليمين معروفة وهي الاقسام والحروف التي يحلفها الناس اما تصديق او لتكذيب او لحث او لمنع. فالباعث على اليمين هو التوكيد والتوثقة شأن اما تصديقا وتكذيبا وهذا فيما اذا كان خبرا. واما حثا او منعا وهذا فيما اذا كان فعلا ففي الافعال التصديق والتكذيب وفي ففي نعم ففي آآ ففي الافعال الحث والمنع وفي الاقوال التصديق والتكذيب. يقول سبحانه وتعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم. عرفنا معنى الايمان وهي الاقسام والاحلاف. فما المقصود باللغو اللغو في الاصل ما لا فائدة فيه اللغو في الاصل هو ما لا فائدة فيه. ومنه قول الله تعالى في وصف اهل الايمان قد افلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون فاللغو في الاصل هو ما لا ما لا فائدة فيه وما لا طائل تحته وقد يطلق اللغو على الشيء الباطل وقد يطلق اللغو على الشيء الباطل لكن الاصل في اطلاق اللغو انه يطلق على ما لا فائدة فيه ولا نفع فيه. فقوله تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم اللغو في اليمين هو كل يمين جرت على لسان الانسان من غير قصد ولا ارادة كل ما تكلم به الانسان من الايمان والاقسام دون ان يكون مقصودا له وانما جرى على لسانه اما عادة واما الفا واما سهوا فانه لا يؤاخذ به وهذا يجري في السنة كثير من الناس ان اليمين على لسانه فيما يأتي ويذر والله كذا لا والله والله سافعل والله لن افعل بالله تفعل بالله لا تفعل وما اشبه ذلك من الايمان التي تجري على اللسان دون ان يقصدها الانسان يريدها فكل ما جرى على لسان الانسان من غير قصد فهو لغو لانه غير مقصود ولانه لا فائدة منه اذ لا يفيد توكيدا ولا يفيد توثيقا لا يفيد حثا ولا منعا ولا تصديقا ولا تكذيبا منها ما لا يجبر بكفارة ومن هو اليمين الغموس استدراك عن نفي المؤاخذة باليمين قال ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان بما عقدتم الايمان والتعقيد وعقد اليمين هو ربطها وتوثيقها وشدها. مأخوذ من العقد لان العقد شد وربط وتوثيق وهذا لا يكون الا عن قصد ما في احد يأتي ويربط شيء من غير قصد في الغالب. انما الربط الذي يحكم و يوثق لا يكون الا في شيء مقصود وشيء مراد وشيء عزم عليه القلب وهم به وتوجه اليه ولذلك يقول جل وعلا ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان يعني بما تكلمتم به من الايمان على وجه مقصود به الربط والشد والتوثيق وهذا لا يكون الا عن عزم القلب وقصده ولهذا في الاية الاخرى قال لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن يؤاخذكم ايش بما كسبت قلوبكم وهذا يفسر معنى قوله تعالى بما عقدتم الايمان ان العقد لا يكون الا بقصد القلب العقد لا يكون الا بارادة القلب فما كان كذلك فهو يمين يؤاخذ بها الانسان ومعنى يؤاخذ بها اي انه يلزمه مظمونها يلزمه مقتضاها يحاسب اذا لم يوفي بها هذا معنى قوله تعالى ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان اي بما ذكرتموه من الايمان على وجه مقصود المراد ارادته قلوبكم وقصدته هذا هو اليمين الذي يؤاخذ به الانسان والمؤاخذة والمؤاخذة في ذلك على اوجه ذكرت الاية وجها من اوجه المؤاخذة وهو الكفارة قال تعالى فكفارته يعني رفع هذه المؤاخذة وازالة هذه محاسبة على اليمين هو ما ذكر الله جل وعلا في ما بين في هذه الاية. لكن هذا ليس في كل الايمان انما هو في اليمين على امر مستقبل اما اليمين على امر ماظ فهذه لا سبيل الى رفع المؤاخذة بها الا التوبة ولا ينفع فيها كفارة لعظمها وغلظها وهي اليمين الغموس وهذه في الغالب تكون لا تكون في الماضي الا على خبر ولا تكون على هم بفعل على حث او منع انما تكونوا على خبر فاذا قال والله جئت البارحة فهو لا يخلو من حالين حانفا في اليمين اي اثما بها واثمه لا يرفعه كفارة لغلظ الذنب الذي وقع فيه فهذه اليمين تسمى اليمين الغموس يسمى اليمين الغموس وسميت بهذا الاسم لانها تغمس صاحبها في الاثم بما لا انفكاك له منه فلا كفارة فيها وقيل سميت غموسا لانها تغمس صاحبها في النار اعاذنا الله واياكم فهذه اليمين وهي ما حلف عليه الانسان ما حلف فيه الانسان على امر ماض ان كان صادقا فقد بر في يمينه وان كان كاذبا فهذه اليمين الغموس التي هي من كبائر الذنوب وعدها النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك وعليه ان يتوب الى الله تعالى منها ولا ينفعه فيها كفارة فان كان قد اخذ بها حقا لاحد فهذه هي اليمين الفاجرة التي يقتطع بها قطعة من النار كما قال النبي صلى الله عليه وسلم بما جاء في صحيح الامام فيما جاء في صحيح الامام مسلم من اقتطع من مال اخيه شيئا بيمين صبر لقي الله وهو عليه غضبان لقي الله وهو عليه غضبان قالوا ولا وان كان عود اراك يا رسول الله؟ قال وان كان عود اراك فهي يمين مغلظة شديدة. فان كان قد حلف في امر ماظ يمينا غموسا لا سبيل الى الانفكاك منها الا برد الحقوق الى اهلها والتوبة الى الله عز وجل فان كان استباح بها مالا او دما او شيئا من الحقوق فانه يجب عليه ان يرد الحق الى اهله ويتوب ويجب عليه ان يتوب الى الله عز وجل من يمينه الكاذبة الاثمة هذا فيما اذا كانت اليمين على امر ماض وهذه قال بعض اهل العلم انه اي انه يلزم فيها كفارة والصواب انه لا تلزم فيها الكفارة لغرظها وعظمها ومن الذنوب ما لا كفارة فيه لانه اعظم من ان يكفر بشيء ليس لانه هين ترك الصلاة عظيم ولا يمكن ان يكافئ يكافئ بشيء. فمن ترك صلاة حتى خرج وقتها لم ينفعه ان يفعل شيئا من الكفارات وغيرها والفداء يكفر ما جرى من اثم ترك الصلاة ولذلك قال صلى الله عليه وسلم من فاتته العصر فكأنما وتر اهله وماله اي فقد اهله وماله ولم يذكر لذلك كفارة فالذنوب العظيمة الكبيرة