واولياء الله العارفون يعلمون ان للشيطان فيه نصيبا وافرا. ولهذا تاب منه خيار من حضره منهم ومن كان ابعد عن المعرفة وعن كمال ولاية الله كان نصيب الشيطان في اكثر. وهو بمنزلة بل هو يؤثر في النفوس اعظم من تأثير الخمر. ولهذا اذا قويت سكرة اهله نزلت عليهم الشياطين وتكلمت على السنة بعضهم وحملت بعضهم في الهواء. وقد تحصل بينهم عداوة كما تحصل بين شراب الخمر فتكون شياطين احدهم اقوى من شياطين الاخر فيقولونه. ويظن الجهال انها هذا من كرامات اولياء الله المتقين. وانما هذا مبعد لصاحبه عن الله وهو من احوال الشياطين فان قتل المسلم لا يحل الا بما احله الله. فكيف يكون قتل معصوم الدم مما يكرم الله به اولياءه وانما غاية الكرامة لزوم الاستقامة. الله اكبر. فلم يكرم الله عبدا بمثل ان يعينه على ما يحبه الله الله ويزيده مما يقربه اليه ويرفع به درجة. الله اكبر. هذا كلام يكتب بماء الذهب انما غاية الكرامة يعني منتهى الاكرام من الله لعبده لزوم الاستقامة. ان يوفقه الى لزوم الاستقامة. بخلاف ما يظنه هؤلاء من ان انه لا تكون كرامة الا بالخروج عن المألوف والمعتاد مما يكون على ايدي هؤلاء. فلم يكرم الله عبدا بمثل ان يعينه على ما يحبه ويرضاه ويزيده مما يقربه اليه ويرفع به درجة. لان هذه الكرامة الباقية التي ينتفع بها العبد في في دنياه وفي اخرته في دنياه بان يذوق طعم الايمان وفي اخرته بان ترتفع درجته عند ربه ويقتم بالاعمال الصالحة. فمهما جرى على يديه من الكرامات التي تخرج عن المعتاد اذا لم تكن تلك الكرامات معينة على الطاعة فانها من حظوظ الدنيا التي تنتهي بانتهائها. نعم. وذلك ان الخوارق منها ما هو من جنس العلم كالمكاشفات. ومن ما هو من جنس القدرة والملك كالتصرفات الخارقة للعادات. ومنها ما هو من جنس الغناء. من جنس ما الناس في الظاهر من العلم والسلطان والمال والغنى. هذه اقسام الكرامة. هذه اقسام الكرامات التي يجريها الله عز وجل لاولياءه الصالحين وعباده. الاول ما هو من جنس العلم يعني كرامة من جنس العلم. قال كالمكاشفة وهو ما يفتحه الله عز وجل على العبد من العلوم والمعارف. التي لا يدركها الانسان بالاسباب بل لا يدركها الا بفضل الله ورحمته. واكبر مثال لهذا هو علم شيخ الاسلام. فان علم الشيخ رحمه الله كرامة. لانه علم لا يتصور في العادة ان يحصله شخص وان يصل اليه شخص بجهده وكده مهما بلغ. ولذلك يعني تميز الشيخ رحمه الله بما فتح الله عليه من المعارف على شتى انواعها واختلاف صفوفها تميزا واضحا فهو في الفقه امام في العقيدة ايمان في الحديث امام في التفسير امام في الرد على المخالفين امام في العمل بالسنة امام في الجهاد امام يعني اينما اتيته او من حيثما جئت اليه وجدته السابق رحمه الله ورضي عنه وجمعنا به في جنات النعيم مع النبيين والصالحين والشهداء. فهذا مثال لهذا النوع. لا. الكرامات. وهو اعلى من غيره. والعلم عند الله هو الذي كان كثيرا في الصحابة لانه اعلى من غيره من انواع الكرامات. وان كان الكشف فيه والخارق غير محسوس يعني لا يدركه كل احد انما لا يدركه الا الذين يميزون بين مراتب خرق العادة. اما القسم الثاني والثالث ما هو الموجود كثيرا في التابعين ومن بعدهم. وهو دون القسم الاول في الدرجة والمنزلة. ومنها ما هو من جنس القدرة هو الملك كالتصرفات الخارقة للعادة. مثل ما جرى من سير بعض الصحابة على البحر ومثل ما دلله الله عز وجل لهم من الهوام والدواب وما اشبه ذلك. ومنها ما هو من جنس الغذاء يحصل للانسان غنى عن ما جرت العادة بالحاجة اليه. كتلك التي عطشت فسقيت فلم تعطش بعد ذلك ابدا. فهذا من جنس الغنى اي يحصل للعبد غنا يخرج عن المعتاد. اما عن طعام او عن شراب او عن نوم او ما اشبه ذلك من حوائج الانسان وهذا كالذي قبله لانه من جنس القدرة والملك لكن هناك الكرامة في في شيء ايجابي يعني في شيء يحصل الانسان وفي القسم الثاني الكرامة في شيء يستغني عن الانسان ولا يحتاج اليه. فهناك كرامة ايجابية يعني يحصل بها امر حسي موجود وهنا كرامة سلبية بمعنى انه يكتفي عن حوائجه المعتادة وكلا الامرين الكرامة لانه خارق للعادة. كون الانسان ما يشرب ولا يحتاج الى الشراب هذا خارج عن المعتاد. كونه لا لا ينام ايضا خارج عن مكانه. كون الانسان ايضا لا لا يأكل ولا يطعم هذا خارج عن المعتاد. وقد جرى جميع هذه الانواع للنبي صلى الله عليه وسلم. فمن شواهد الاخير هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن المصاب قال اني ابيت عند ربي يطعمني ويسقيني فكان يواصل اليوم واليومين والثلاثة صلى الله عليه وسلم لا يأكل ولا يشرب فهو من هذا الجنس. واما الجنس الثاني فهو كثير واما الجنس الاول فقد تحقق له منه ما لم يتحقق لغيره صلى الله عليه وعلى اله وسلم. نعم وجميع ما يؤتيه الله لعبده من هذه الامور وغيرها. ان استعان به على ما يحبه الله ويرضاه ويقربه اليه ويرفع درجته ويأمره ويأمره الله به ورسوله. ازداد بذلك رفعة وقربا الى الله الله ورسوله وعلى الدرجة. وان استعان به على ما نهى الله عنه ورسوله كالشرك والظلم والفواحش استحق بذلك الذم والعقاب. فان لم يتداركه الله تعالى بتوبة او حسنات ماحية والا كان كامثاله من المذنبين. ولهذا كثيرا ما يعاقب اصحاب الخوارق تارة بسلبها كما يعزل الملك عن ملكه ويسلب العالم علمه. وتارة بسلب التطوعات. فينقل من الولاية الخاصة الى العامة وتارة ينزل الى درجة الفساق شاهد شاهد هذا فينقل من الولاية الخاصة الى عامة قول النبي صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن عمرو يا عبد الله لا تكن كفلان كان يقيم الليل فترك قيام الليل. فهذا نقل من الولاية الخاصة الولاية وهذا امر لا نشعره للاسف. يعني قد يعاقب الانسان بمنع السيء بمنع الحسد. بعدم توفيقه الى الطاعة ولا يلزم في العقوبة ان تكون مصيبة تنزل به او فقر ما يحب من متاع الدنيا بل قد تكون العقوبة فقد امر من امور الشر من حلاوة ايمان واستقرار فؤاد وزيادة يقين وعمل بالصالحات وهذه الامور ما يحس بها كثير من الناس. ومن الحرمان ان لا يربط الانسان بين السيئة وعقوبته. فان هذا يحرم الانسان خيرا بخلاف من ربط بين سيئاته وما يصيبه فانه يكون على يقظة تامة. واذكر ما كانت تفعله وتقوله اسماء رضي الله عنها لما كان يصيبها ما يصيبها من الم رأسها كانت تقول وا رأساه وما يغفره الله او ما يعفو الله عنه اعظم بين ما يصيبها من الم الرأس وما كانت قد اكتسبت او وقع منها من الاعداء. وتقول ما يعفو عنه الله اعظم يعني هذا الالم انما هو بسبب المعاصي وما يعفو الله عنه وما يتجاوز عنه اعظم من ذلك. نعم وفي قوله تعالى ويعفو عن كثير. يعفو عن كثير جل وعلا. فما يصيبنا من مما نكره قليل من كثير. نسأل الله ان يعاملنا بعفو وتارة ينزل الى درجة الفساق وتارة يرتد عن الاسلام. وهذا يكثر فيمن له خوارق شيطانية فان كثيرا من هؤلاء يرتد عن الاسلام. وكثير منهم لا يعرف ان هذه من الشياطين بل يظنها من كرامات اولياء الله ويظن من يظن منهم ان الله عز وجل اذا اعطى عبدا لم على ذلك كمن ظن ان الله اذا اعطى عبدا ملكا ومالا وتصرفا لم يحاسبه عليه. ومنهم من يستعينوا بالخوارق على امور مباحة لا مأمور بها ولا منهي عنها. فهذا يكون من عموم الاولياء وهم الابرار المقتصدون. واما السابقون المقربون فاعلى من هؤلاء. كما ان العبد الرسول اعلى من النبي الملك ولما كانت الخوارق كثيرا ما ينقص بها درجة الرجل. كان كثير من الصالحين يتوب من مثل ذلك ويستغفر الله تعالى كما يتوب من الذنوب كالزنا والسرقة. وتعرض على بعضهم يسأل الله زوالها. الله اكبر. وكلهم يأمر المريد السالك الا يقف عندها ولا يجعلها همته ولا يتبجح بها مع ظنهم انها كرامات. فكيف اذا كانت في الحقيقة من الشياطين تؤويهم بها اه فاني اعرف من تخاطبه النباتات بما فيها من المنافع. وانما يخاطب وانما يخاطبه الشيطان الذي دخل فيها يعني تقول له انا تراه مفيدة لكذا وكذا وكذا وكذا من الامراض او من المكاسب في البدن عجيب نعم ومنهم من يخاطبه الحجر والشجر وتقول هنيئا لك يا ولي الله. فيقرأ اية الكرسي فيذهب ومنهم من يقصد صيد الطيور فتخاطبه العصافير وغيرها وتقول خذني حتى يأكلني الفقراء ويكون الشيطان قد دخل فيها كما يدخل في الانس. ويخاطبه بمثل ذلك. يعني هذا يفسر لنا قول الشيخ رحمه الله كان كثير من الصالحين يتوب من مثل ذلك. ويستغفر الله كما يتوب من الذنوب كالزنا والسرقة. وتعرض على بعضهم فيسأل الله زواله يا اخوان فيها فتنة عظيمة يعني لو ان احدنا يجري له مثل هذا كان الله المستعان. يمكن ما يمشي على الارض. فتنة عظيمة ان تخاطبك الاشياء لا سيما اذا كان الانسان آآ قليل العلم فان فان هذا يجري في الغالب كثير العبادة قليل العلم. فيحصل له به فتنة ولذلك سؤالهم ان ان تزول عنهم هذه الاشياء انما هو فرارا من الفتن والفرار من الفتن اصل من اصول ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم خير ما للمسلم في اخر الزمان غنم يتبع بها الجبال يفر بدينه التي فالفرار من الفتن مقصد بل هو من الاصول التي ينبغي للمؤمن ان ان يستصحبها حتى يسلم له دينه. نعم. ومنه. ومنهم من يكون في وهو مغلق فيرى نفسه خارجه وهو لم يفتح وبالعكس. وكذلك في ابواب المدينة. وتكون الجن قد ادخلته واخرجته بسرعة وتريه انوارا وتحضر عنده من يطلبه. ويكون ذلك من الشياطين يتصورون بصورة صاحبه فاذا قرأ اية الكرسي مرة بعد مرة ذهب ذلك كله. نعم. واعرف من يخاطبه مخاطب ويقول لا انا من امر الله ويعده بانه المهدي الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم ويظهر له الخوارق مثل ان يخطر بقلبه تصرف في الطير والجراد في الهواء وفي المواشي. فاذا خطر قلبه ذهاب الطير او الجراد يمينا وشمالا. ذهب حيث اراد. واذا خطر بقلبه قيام بعض المواشي او او ذهابه حصل له ما اراد من غير حركة منه في الظاهر. وتحمله الى مكة وتأتي به وتأتي باشخاص في صورة جميلة وتقول له هذه الملائكة قروبيون ارادوا زيارتك. هم اعلى جماعات الملائكة عليهم السلام فيأتونه باعلى جماعات الملائكة في زعمهم حتى يفتنوه. نعم فيقول في نفسه فيقول في نفسه كيف تصوروا بصورة المردان في رفع رأسه فيجدهم برحاب ويقول له علامة انك المهدي وان تنبت في جسدك شامة فتنبت ويراها وغير ذلك وكله من مكر الشيطان اللهم اعذنا منها يا رب العالمين. نعم. وهذا باب لو ذكرت ما اعرف منه الاحتاج الى مجلد كبير. رحمه الله وقد قال تعالى فاما الانسان اذا ما ابتلاه ربه فاكرمه ونعمه. فيقول ربي اكرم واما اذا مثلاه فقدى عليه رزقا فيقول ربي يا هانم. قال الله تبارك وتعالى كلا ولفظ كلا فيها زجر وتنبيه عن مثل هذا القبول. وتنبيه على ما يخبر به ويامر به وذلك انه ليس كل من حصل له نعم دنيوية يعد كرامة يكون الله عز وجل مكرما له ولا كل من قدر عليه ذلك يكون مهينا له بذلك. بل هو سبحانه يبتلي عبده والضراء فقد يعطي النعم الدنيوية لمن لا يحبه. ولا هو كريم عنده ليستدرجه بذلك وقد يحمي منها من يحبه ويوانيه لان لا ينقص بذلك مرتبته عنده. او يقع بسببها في ما يكرهه من ولذلك لا اكمل للعبد من ان يرضى بالله عز وجل ربا وبنبيه صلى الله عليه وسلم رسولا دينه فان ذلك مما يقنعك والمقصود الرضا به ربا لان لانه سبحانه وتعالى لا يقدم لعبده الا الخير. فاذا رضي تصريفه وتدبيره وانه لا يقدم له الا ما يصلحه علم ان ما اتاه هو الخير وان ما صرفه عنه هو الشر وانه لا له في غير ما يسره الله له. فيرضى بذلك ويسره. نعم. وايضا. وايضا فكرامات اولياء الله لابد ان يكون سببها الايمان والتقوى فما كان سببه الكفر والفسوق والعصيان فهو من خوارق اعداء الله لا من يا اولياء الله فمن كانت خوارقه لا تحسن بالصلاة والقراءة والذكر وقيام الليل والدعاء وانما تحصل مثل دعاء الميت او الغائب. او بالفسق والعصيان واكل المحرمات كالخبائث. مثل الحيات والخنافس والدم وغيره من النجاسات. ومثل الغناء والرقص لا سيما مع النسوة الاجانب وحالة خوارقه تنقص عند سماع القرآن وتقوى عند سماع مزامير الشيطان فيرقصن ليلا طويلا واذا جاءت الصلاة صلى قاعدا او ينفر الصلاة نقر الدين. وهو يبغض سماع القرآن وينفر منهم او يتكلف ليس له فيه محبة ولا ذوق ولا لذة عند وجهه. ويحب سماع البكاء والتصدية ويجد عنده مواجيد. فهذه احوال شيطانية وهو ممن يتناوله قوله تعالى ومن يعش عن ذكر الرحمن يقيض له شيطانا فهو له قرين. فالقرآن هو ذكر الرحمن قال تعالى ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا. ونحشره يوم القيامة اعمى قال ربي لما حشرتني اعمى وقد كنت بصيرا؟ قال كذلك اتتك اياتنا فنسيتها ذلك اليوم تنسى يعني تركت العمل بها. قال ابن عباس لان النسيان هو الترك. فنسيتها اي تركت العمل فالنسيان يطلق على الترك. ومنه قوله تعالى نسوا الله فنسيهم. فنسيان الله ليس بمعنى انه غاب عنه حاله تعالى عن ذلك فان الله لا يضل ولا ينسى جل وعلا انما تركهم جزاء على ما تركوا من شرعه ودينه. نعم. قال ابن عباس قال ابن رضي الله عنهما تكفل الله بمن قرأ كتابه وعمل بما فيه الا يضل في الدنيا ولا يشقى في الاخرة ثم قرأ هذه الاية والله لا يخلف الميعاد من عمل بالقرآن واقبل عليه فانه لا يضل في الدنيا ولا ولا يشقى في الاخرة وما ذكره من احوال هؤلاء المفتونين بالاحوال الشيطانية قد يستغربه من لا يدرك احوال الطوائف الصوفية حتى في زماننا هذا فانهم على هذا سائرون فهم ينشطون في مجالات الرقص والغنى الاجتماع بالنسوان وما اشبه ذلك مما يفعلونه. واذا جاء ذكر الله وذكر القرآن وذكر العلم خمل وكانوا في اخريات القوم. ومن له معرفة بحال هؤلاء يدرك ان هذا ما ان ما ذكره الشيخ رحمه الله مطابق للواقع تماما ليس فيه غلو ولا زيادة ولا مبالغة. نعم. ومما يجب ان يعلم ان الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم رسولا الى الانس والجن فلم يبق انسي ولا جني الا ويجب عليه الا ويجب عليه الايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم هو اتباعه فعليه ان يصدقه فيما اخبر ويطيعه فيما امر. ومن قامت عليه الحجة برسالته فلم يؤمن به فهو كافر سواء كان انسيا او جنيا. فمحمد صلى الله عليه وسلم مبعوث الى باتفاق المسلمين. وقد استمعت الجن القرآن وولوا الى قومهم منذرين. لما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي باصحابه ببطن الاخلا لما رجع من الطائف واخبره الله بذلك في القرآن بقوله واذ صرفنا اليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروا قالوا انصتوا فلما قضي ولوا الى قوم منذرين. قالوا يا قومنا انا سمعنا كتابا انزل من بعد موسى مصدقا. مصدقا لما بين يديه الى الحق والى طريق مستقيم. يا قومنا اجيبوا داعي الله وامنوا به. يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب اليم. ومن لا يجيب داعي الله فليس بمعجز في الارض. وليس له من دونه اولياء اولئك في ضلال مبين. وقوله تعالى ومن لا يجيب داعي الله فليس بمعجز في الارض هذا دليل على ان النبي صلى الله عليه مبعوث الى الجن وان من لم يتبعه منهم فانه كافر معاقب. الايات كلها تدل على ان النبي صلى الله عليه وسلم مرسل الى الجن لكن في قوله ومن لا ومن لا يوجب داعي الله فليس بمجد في الارض وليس له من دونه اولياء. اولئك في ضلال مبين والتي قبلها في قوله يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب اليم. دليل على ان ان الجن ان لم يتبعوا النبي صلى الله عليه وسلم فانهم كفار فهذا دليل عموم رسالته صلى الله عليه وسلم للجد. نعم. وانزل الله بعد ذلك قل اوحي الي انه استمع نفر من الجن فقالوا انا سمعنا قرآن عجبا يهدي الى الرشد فامنا به ولن نشرك بربنا احدا انه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا. وانه كان يكون سفيهنا على الله شقطا. وان ظننا ان لن تقول الانس والجن على الله كذبا. وانه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن اي السفيه منا في اظهر اقوال العلماء. وقال غير واحد من السلف كان الرجل من الانس اذا نزل بالوادي قال اعوذ بعظيم هذا الوادي من شر سفهاء قومه فلما استعاذت الانس بالجن زادت الجن طغيانا وكفرا. كما قال تعالى وانه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن وانهم ظنوا كما ظننتم ان لن يبعث الله احدا. وانا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشوبا. وكانت الشياطين ترمى بالشهب قبل ان ينزل القرآن. لكن كانوا احيانا يشترطون السمع قبل ان يصل الشهاب الى احدهم. فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم ملئت حرصا شديدا وشهبا وصارت الشهود مرصدة لهم قبل ان يسمعوا. كما قالوا وانا كنا تقعد منها مقاعد للسمع. فمن يستمع الان يجد له شهابا رصدا. وقال تعالى في الاية الاخرى وما تنزلت لي الشياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون. انهم عن السمع لمعزولون. قالوا لا ندري شر اريد بمن في الارض ام اراد بهم ربهم رشدا وان منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قدذاك اي على مذاهب شتى. كما قال العلماء منهم المسلم والمشرك والنصراني والسني والبدعي. وان ظننا ان لن نعجز الله في الارض ولن نعجزه هربا. اخبروا وانهم لا يعجزونه لا ان اقاموا في الارض ولا ان هربوا منه. وانا لما سمعنا الهدى امنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا. وان منا المسلمون ومنا القاسطون. اي الظالمون يقال اقسط اذا عدل وقسط اذا جار. فمن اسلم فاولئك تحروا رشدا واما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا. وان لو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم معا صدقا لهم في ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا. وان المساجد لله فلا تدعوا مع الله احدا. وانه لما قام عبدالله يدعوه كادوا يكونون عليه لبداه. قل انما ربي ولا اشرك به احدا. قل اني لا املك لكم ضرا ولا رشدا. قل اني لن يجير من الله احد. ولن اجد من دونه ملتحدا الا بلغا من الله ورسالاته. ومن يعص الله ورسوله فان له نار جهنم. فان له هنا نار جهنم خالدين فيها ابدا. حتى اذا رأوا وما يعادون فسيعلمون من اضعف ناصرا واقل عددا. ثم لما سمعت الجن القرآن اتوا الى النبي صلى الله عليه وسلم وامنوا به وهم جن نصيبين كما ثبت ذلك في الصحيح من حديث ابن مسعود الله عنك وروي انه قرأ عليهم سورة الرحمن وكان اذا قال فبأي الاء ربكما قالوا ولا بشيء من الائك ربنا نكذب فلك الحمد. ولما اجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم سألوه الزاد لهم ولي التواب بهم فقال لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه تجدونه اوفر ما يكون لحما. وكل بعرة على كل دوابكم. قال النبي صلى الله عليه وسلم فلا بهما فانهم ازادوا اخوانكم من الجن. وهذا النهي ثابت من وجوه متعددة وبذلك احتج العلماء على النهي عن الاستنجاء بذلك وقالوا فاذا منع الاستنجاء بما اعد للجن ولدوابهم فما اعد للانس ولدوابهم من الطعام والعلف اولى واحرام. لانهم اشد حرمة حرمة الانس ودواب اشد من حرمة الجن ودواكه. فلا يجوز الاستنجاء بشيء من طعام بني ادم ولا بطعام ولا بشيء من طعام بهائمه كالبر والحشيش وما اشبه ذلك. نعم. ومحمد صلى الله عليه وسلم ارسل الى جميع الانس والجن. وهذا اعظم قدرا عند الله تعالى من كون الجن سخروا لسليمان عليه السلام. فانهم سخروا له يتصرف فيهم يتصرف فيهم بحكم ومحمد صلى الله عليه وسلم ارسل اليهم يأمرهم بما امر الله به انه عبد الله ورسوله ومنزلة العبد الرسول فوق منزلة النبي الملك. وكفار الجن يدخلون النار بالنص فرسول الله صلى الله عليه وسلم يتصرف فيهم بالشرع والدين وسليمان عليه السلام صار فيهم بحكم الملك وشتان بين التصرفين. تصرف النبي صلى الله عليه وسلم اعظم وانفع لهم ولعموم اه الخلق. وتصرف سليمان عليه السلام نفعه عائد اليك. في تقوية ملكه وتحصيل مطلوبه. نعم. وكفار يدخلون النار بالنصر ولكن هذا لا يعارض قول سليمان ربي هب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعد. لان ما سأله لم يمكن منه احد. وهو التسخير الملك فان النبي صلى الله عليه وسلم لما تمكن من الشيطان الذي عرض له في صلاته آآ ذاعه صلى الله عليه وسلم حتى وجد برد لعابه بين اصابعه تركه لما تذكر دعوة سليمان ربي هب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي نعم وكفار الجن يدخلون النار بالنص والاجماع. واما مؤمنوهم فجمهور العلماء على انهم يدخلون الجنة. وجمهور العلماء على ان الرسل من الانس ولم يبعث من الجن رسول لكن منهم النذر. وهذه المسائل لبسطها موضع والمقصود هنا ان الجن مع الانس على احوال فمن كان من الانس يأمر الجن بما امر الله ورسوله من عبادة الله وحده وطاعة نبيه ويأمر الانس بذلك. فهذا من افضل اولياء الله انا وهو في ذلك من خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم ونوابه. ومن كان يستعمل الجن في امور مباحة الله. هذي المرتبة الثانية. المرتبة الاولى من يأمرهم بطاعة الله ورسوله. المرتبة الثانية من يستعملهم في الامور المباحة فهو. فهو كمن استعمل الانس في امور مباحة له. وهذا اذا كان يأمرهم بما يجب عليهم وينهاهم عما حرم عليهم ويستعملهم في مباحات الله. فيكون بمنزلة الملوك الذين يفعلون مثل ذلك. وهذا القسم الحقيقة لا يخلو من حالين اما ان يكون بسعي وطلب من الانسان فهذا لا يجوز. لانه من داخل في قوله تعالى انه كان رجال الانس يعودون برجال من الجن فزادوهم رهقا. القسم الثاني ان يكون بمبادرة ومبادرة من الجن دون طلب. فهذا جائز ولا حرج على الانسان مع انه يجب عليه ان يحترس لان لا يكون ذلك استدراجا منهم الى الوقوع في الشرك وما اشبه ذلك. وهذا اذا قدر انه من اولياء الله تعالى فغايته ان يكون في عموم اولياء الله تعالى مثل النبي الملك مع العبد الرسول كسليمان ويوسف مع ابراهيم وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين. ومن كان يستعمل الجن فيما نهى الله عنه ورسوله اما في الشرك واما في لمعصوم الدم او في العدوان عليه بغير القتل. كتمريضه وانسائه العلم وذكر الله وغير ذلك من ظلمه واما في فاحشة كجلب من يطلب فيه الفاحشة. فهذا قد استعان بهم على الاثم والعدوان. ثم ان بهم على الكفر فهو كافر. وان استعان بهم على المعاصي فهو عاص. اما فاسق واما مذنب واما غير فاسق. على كل حال رأى الشيخ رحمه الله في الاستعانة بالجن اه واضح وهو انه يجوز الاستعانة بهم في الامور المباحات على الا يكون وسيلة ذلك محرمة. يعني على بشرط الا يتوصل الى الاستعانة بهم من طريق او بطريق محرم والقول الثاني هو الذي فصلنا فيه وهو التفريق بين ان تكون الاعانة معروضة وبين ان تكون الاعانة مسؤولة فاذا كانت الاعانة مسؤولة فانها لا تجوز. ولو كان الطريق مباحا لانه لا طريق مباح في الاستعانة به انه كان رجال من الانس يعوذون برجالا من الجن فزادوهم رهقا. طيب وان لم يكن تام العلم بالشريعة فاستعان به فيما يظن انه من الكرامات. مثل ان يستعين بهم على ان يطيروا بهم عند السماع البدعي او يحملوه الى عرفات ولا يحج الحج الشرعي. الذي امر الله به ورسوله. او ان يحملوه من مدينة الى مدينة ونحو ذلك فهذا مغرور قد مكروا به. وكثير من هؤلاء قد لا يعرف ان ذلك من الجن بل قد سمع ان اولياء الله لهم كرامات خوارق للعادات وليس عنده من حقائق الايمان ومعرفة صفة القرآن ما يفرق به بين الكرامات الرحمانية وبين التلبيسات الشيطانية فيمكرون به باعتقادي فان كان مشركا يعبد الكواكب او الاوثان او هموه انه ينتفع بتلك العبادة ويكون قصده الاستشفاء والتوسل بمن صور ذلك الصنم على صورته. من ملك او نبي او شيخ صالح انه يعبد ذلك النبي او الصالح وتكون عبادته في الحقيقة للشيطان. قال الله تعالى ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة اهؤلاء اياكم كانوا يعبدون؟ قالوا سبحانك انت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن اكثرهم بهم مؤمنون. ولهذا لما كان الذين يسجدون للشمس والقمر والكواكب يقصدون السجود لها. فيقارنها الشيطان عند سجودهم يكون سجودهم له. ولهذا يتمثل الشيطان بصورة من يستغيث به المشركون. فان كان نصرانيا استغاث بجرجس او غيره جاء الشيطان في صورة جرجس او من يستغيث به. وان كان منتسبا الى الاسلام فقد استغاث بشيخ يحسن الظن به من شيوخ المسلمين. جاء في سورة ذلك الشيخ. وان كان من مشركي الهند جاء فيمن يعظمه ذلك المشرك. ثم ان الشيخ المستغاث به ان كان ممن له خبرة بالشريعة لم يعرفه الشيطان انه تمثل لاصحابه المستغيثين به. وان كان الشيخ ممن لا خبرة له. اخبره باقوالهم ونقل اقوالهن فيظن اولئك ان الشيخ سمع اصواتهم من البعد واجابهم. وانما هو بتوسط شيء قال ولقد اخبر بعض الشيوخ الذين كان قد جرى لهم مثل هذا بصورة مكاشفة ومخاطبة فقال يريني الجن شيئا براقا مثل الماء والزجاج ويمثلون له فيه ما يطلب منهم الاخبار به. قال اخبر الناس به ويوصلون الي كلام من استغاث بي من اصحابي فاجيبه فيوصلون جوابي اليك وكان كثير من الشيوخ الذين حصل لهم كثير من هذه الخوارق اذا كذب بها من لم يعرفها وقال انكم تفعلون هذا بطريقة الحيلة كمن يدخل النار بحجر الطلق وقشور النرج وذهن الضفادع غير ذلك من الحيل الطبيعية يتعجب هؤلاء المشايخ ويقولون نحن والله لا نعرف شيئا من هذه فلما ذكر له الخبير انكم صادقون في ذلك. ولكن هذه احوال شيطانية اقروا وتاب منهم من تاب الله عليه لما تبين لهم الحق. وتبين لهم من وجوه كثيرة انها من ورأوا انها من الشياطين ورأوا انها من الشياطين لما رأوا انها تحصل بمثل البدع المذمومة في الشر. وعند المعاصي لله ولرسوله ولا تحصل عندما يحبه الله ورسوله من العبادات الشرعية. فعلموا حينئذ انها من مخارق لاوليائه لا من كرامات الرحمن اليهودية. والله سبحانه وتعالى اعلم بالصواب واليه المرجع والمال. وصلى الله وسلم على محمد سيد رسله وانبيائه وعلى ال وصحبه وانصاره واشياعه وخلفائه. امين. صلاة وسلاما نستوجب بها شفاعته امين اللهم لك الحمد