الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماء والارض وملء ما شاء من شيء بعده احمده حق حمده له الحمد كله اوله واخره ظاهره وباطنه واشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد فان الله عز وجل بين في فاتحة الكتاب حقه على عباده الذي به ينالون ما يأملون من خير الدنيا والاخرة افتتح الله تعالى سورة الفاتحة بحمده فقال جل وعلا الحمد لله رب العالمين وذكر من صفاته الموجبة لحمده ما يشهد الناس اثاره في الدنيا والاخرة فذكر في اول ما ذكر من موجبات حمده انه الله الذي تألهه القلوب محبة وتعظيما انه الله الذي تعبده القلوب. رقا وانقياد وانه رب العالمين الخالق المالك الرازق المدبر. وذكر بعد ذلك اسمين من اسمائه دالين على عظيم بصفتي رحمته جل في علاه الرحمن الرحيم وهذا يدرك الناس خيراته في الدنيا ويعظم ادراك ذلك في الاخرة فان الله تعالى خلق مئة رحمة انزل منها واحدة وهي التي يتراحم بها الناس في الدنيا وامسك جل في علاه تسعة وتسعين رحمة. يشهد عباده في اخرته وفي عودهم اليه جل في علاه ما لك يوم الدين اي الذي له الملك جل في علاه يوم العرظ والنشور وهو سبحانه وبحمده مالك الدنيا والاخرة. له الملك في الاولى والاخرة اضاف الملك الى يوم الدين وهو يوم الجزاء والحساب. لانه اليوم الذي يظهر فيه ذلك الملك على وجه الله منازعة فيه فانه يوم القيامة لا مالك الا الله جل في علاه فيأتي كل احد عبدا لله لا يملك شيئا كما قال جل في علاه. ان كل من في السماوات والارض الا ات الرحمن عبدا. فكل واحد يوم القيامة يأتي على هذه الحال. مظهرا عبوديته لربه جل في علاه. لا من شأنه شيئا بل كل ما ملكه في الدنيا من ممتلكات حسية ومعنوية يتركها خلف ظهره كما قال جل وعلا وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم. فيأتون يوم القيامة على نحو من الفقر وخلو اليد ما يزول به عنهم كل ملك. يأتون الى الله حفاة عراة غرلا غير مختونين كما قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في ظهر بذلك عظيم ملكه وسعة ملكه سبحانه وبحمده ولذلك قال مالك يوم الدين لانه اليوم الذي يظهر فيه ملكه وينقطع فيه كل ملك لغيره سبحانه وبحمده ثم بعد ان ذكر هذه الصفات الموجبة لحمده بين حقه سبحانه. فاذا اقر العبد بكمال ربه جل في علاه في اسماءه اية وفي صفاته وفي افعاله في الدنيا والاخرة كان ذلك موجبا ان لا يتوجه العبد الى غير الله عز وجل. ولذلك جاء بعدها قوله اياك نعبد. اي لا نعبد سواك ولا نتوجه الى غيرك ولا نتعلق بغيرك فانت المستحق للعبادة اياك نعبد فلا معبود غيره جل في علاه بحق. بل العبادة الحق له وحده لا شريك له. وهذا حقه على عباده ان يعبدوه وحده لا يشركوا به شيئا كما قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فيما رواه بخاري ومسلم من حديث معاذ عندما سأله قال يا معاذ اتدري ما حق الله على العباد؟ وما حق العباد على الله قال الله ورسوله اعلم قال حق الله على العباد ان يعبدوه لا يشركوا به شيئا. وحق العباد على الله الا ليعذب من لا يشرك به شيئا. فاذا حقق العبد هذا الحق واخلص لله عز وجل فيه. واتى به على الوجه الذي امر فتحت له ابواب العطاء فان العبد لا يستغني عن فظل ربه ليس به غنا عن احسانه وجوده فهو الغني ونحن الفقراء. ولذلك قال جل وعلا بعد ذكر حقه في عبادة ذكر حقه في في الاستعانة فقال واياك نستعين اي لا نستعين سواك ولا نطلب العون من غيرك فالله عز وجل هو المنفرد سبحانه وبحمده في عون الخلق على مصالح دينهم ودنياهم صالحو الدين ومصالح الدنيا انما تدرك بعونه جل في علاه ولا يعين على شيء من ذلك الا الله جل في علاه وما يكون من او للخلق في ادراك المطالب انما هو على وجه الاسباب. ولكن القلب لا يتعلق بغير الله. في طلب العور الرغبة فيه فان العون منه وحده ولذلك قال واياك نستعين اي لا نستعين بسواك واذا قدر ان العبد استعان بغير الله عز وجل فيما يقدر عليه المخلوق فانه وان استعان ظاهرا الا ان قلبه معلق بالله الذي به تتم الامور. فلا مانع لما اعطى ولا معطي لما منع ولا ينفع ذا الجد منه الجد اي لا ينفع ذا لا ينفع ذا الغنى منه غناه فالغنى وهو سبب من اسباب بادراك المطالب وتحصيل المرغوبات لا ينفع صاحبه اذا لم يقدر الله عز وجل ثمرة ذلك ونتيجة لهذا تنقطع العلق في الاستعانة والاستغاثة استعاذتي والدعاء وادراك المطالب ينقطع عن المخلوقين لان المخلوقين مهما عظم جاههم ومهما عظمت قدراتهم فانما هم عبيد الله عز وجل لا يخرجون عن امره هم اسباب يدرك بها المطلوب لكن لا تتعلق بها القلوب بل القلوب لا تتعلق الا برب الارباب جل في علاه ولهذا قال واياك نستعين لا نستعين بسواك هذه الاستعانة المطلقة في كل امر وفي كل شأن هذا من جهة ومن جهة اقرأ الاستعانة المتعلقة بركون القلب وميله واعتماده لا يكون الا لله عز وجل حتى ولو كان خلق يعينون فيما يقدرون عليه من مصالح الدنيا فان عونهم على على وجه السبب لا يتعلق القلب انما يأخذه الانسان ليتمم ما يؤمم من المطلوبات فقد جعل الله لكل شيء سببا. فاخذ الاسباب تدرك به المطالب. لكن القلب يجب ان يكون معلقا بالله ولهذا في وصية النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم لعبدالله ابن عباس رضي الله تعالى عنه قال له صلى الله عليه وعلى اله وسلم واذا استعنت فاستعن بالله. اي اطلب العون منه لا تطلب العون من سواه لا يعني هذا الا يطلب الانسان عون الناس والخلق فيما يقدرون عليه. فان ذلك لا ينافي وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم. وانما يطلب العون فيما يقدرون عليه على انهم سبب واما ميل القلب وركونه وسكنه وطمأنينته و فلا يكون الا على الله جل وعلا الذي به تقضى الامور. وتدرك المطلوبات لا ماني لا مانع لما اعطى ولا معتري لما سبحانه وبحمده فجدير بالمؤمن ان يعي هذا المعنى وان يدركه غاية الادراك ليعلم ان الذي هو حق لله عز وجل هو ميل القلب واعتماده وسكونه وطمأنينته وطمعه. وهذا لا يكون الا لله عز وجل. وهذا لا يتنافى مع ان يأخذ من الاسباب ما تمضي به الاقدار وما يبلغ به الانسان المأمول ويدرك به المطلوب فان ذلك لا يتنافى مع التوحيد. لكن ينبغي ان يعلم انه اذا اتخذ عونا فيما لا عون فيه قد يكون ذلك مفسدا لعقيدته ومبطلا لتوحيده ولهذا يجب ان يحرر هذا الامر وان وان يكون على غاية الحذر من ان يركن بقلبه الى غير رب او ان يطلب العون من مما لا يستعان به ولا يدرك حتى على وجه السبب وسيلة لادراك المطالب ومن ذلك ما يتصل بقضية الدعاء فان الدعاء حق لله عز وجل لا يجوز ان يتوجه به الانسان الى غير الله عز وجل بل الدعاء هو العبادة كما قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقد قال الله جل وعلا وقال ربكم ادعوني استجب لكم ان الذين يستكبرون عن عباده سيدخلون جهنم داخرين. فامر الله عز وجل ان يدعى وحده دون ما سواه. وان كل من استكبر عن دعائه فقد استكبر عن عبادته وتوعد على ذلك بعظيم العقوبة. ذلك ان دعاء الله جل وعلى به تجلب المحبوبات وتدفع المكروهات به يدرك الانسان الخيرات ويستدفع الشرور به تدرك الحسنات وتتوقى السيئات. فلا يدعى الا الله ولا يطلب الا هو جل في علاه. سواء كان ذلك في تحقيق المرغوبات وادراك المأمولات او كان ذلك في التوقي من المكروهات والمخوفات فهذا هذا كله لا يكون الا من قبل الله عز وجل. وان المساجد لله فلا تدعو مع الله احدا. والدعاء اما ان هنا لادراك المطلوب. واما ان يكون لوقاية مرهوب. واما ان يكون للنجاة من خطب نازل مكروه وكل هذا يجب ان يفرد به الله عز وجل. فطلبوا المحبوبات هذا دعاء وسؤال الوقاية من المكروهات هذا استعاذة وطلب رفع ما نزل من الخطوب والمدلهمات هذا يسمى استغاثة. وكله لا يكون الا لله عز وجل. فمن الشرك بالله عز وجل ان يستعاذ سواه ومن الشرك بالله عز وجل ان يستغاث بغيره. ومن الشرك بالله عز وجل ان يدعى سواه. وكل واخلال بحق الله عز وجل. وينبغي للمؤمن الا يكون هذا الامر على هامش اهتماماته بل هو اهم مهماته واكبر قضاياه لانه حق الله عز وجل الذي به النجاح هو الفلاح. وبه النجاة والسلامة فلا نجاة الا باداء حقه جل في علاه وحقه ان يعبده العبد لا يعبد سواه. اتدري ما حق الله على العباد؟ ان يعبدوه حق الله على العباد ان يعبدوه وهو لا يشرك به شيئا. فلذلك ينبغي للمؤمن الا يعلق قلبه الا بالله. واذا حقق صلاح قلبه الله عز وجل بالمحبة والرغبة والخوف والرجاء والتعظيم والاجلال. انقطع عنه التعلق بسواه من المخلوقات. وسلم في قوله وعمله. وكان محققا لحق ربه الذي يدرك به حقه على الله بفضله ومنه فحق العباد على الله الا يعذب من لا يشرك به شيئا. فاحذر الشرك في الدقيق والجليل والصغير والكبير. والسر والعلن والخفي والظاهر فان فانه يحبط الاعمال ويهلك الانسان وبه تتعثر احواله ويدركه شقاء الدنيا والاخرة. اللهم انا نعوذ بك ان نشرك بك ونحن نعلم. ونستغفرك ربنا لما لا نعلم. نقرأ ما يسأل الله من احاديث من ايات واحاديث في شأن الاستغاثة بالله ومنع الاستغاثة بغيره فيما ذكره المؤلف رحمه الله ونعلق على ما يسر الله في اخ المجلس نقرأ ما يسر الله من من اسئلتكم اللي عنده سؤال يكتبها الرحيم الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولوالدينا الله باب من الشرك ان يستغيث بغير الله او يدعو غيره. وقول الله وان يمسسك وقوله وقول واذا دعاهم ويكشف السوء. روى الطبراني انه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم هنا في المؤمنين. وقال بعض المؤمنين رسول الله صلى الله عليه وسلم منها المنافقة. وقال النبي الله عليه وسلم انه لا يستغاث به. وانما يستقام منا قوله رحمه الله باب من الشرك ان يستغيث بغير الله او يدعو غيره. باب من الشرك اي من انواع الشرك وصوره التي يختل بها التوحيد وتنقض بها لا اله الا الله. ويدرك الانسان بها شر وهلاك في والاخرة فساد لقلبه ونقظ لتوحيده ان يستغيث بغير الله اي ان يطلب الغوث من غيره لله فقوله يستغيث ان يطلب الغوث والغوث هو طلب النجاة من مكروه من مكروه نازل الاستغاثة هي طلب الغوث وهي تطلق في سؤال النجاة من مكروه نازل وتختلف عن الاستعاذة في ان الاستعاذة طلب الوقاية من شر يخشى ويخاف في الغالب. وقد تكون ايضا من شر النازل فالاستعاذة تكون من شر متوقع وتكون من شر واقع تكون من شر المتوقع يعني لم يحصل للانسان ولم يدركه ومن شر النازل اي من شر نزل به فيستعيذ بالله منه. يطلب الحماية من الله جل في علاه والعصمة. ويلتجئ اليه من شر احاط به ونزل به كلاهما من الاستعاذة لكن الاستغاثة في الغالب تطلق على طلب النجاة من مكروه نزل بالانسان فاذا كنت تخشى شيئا فاستعذ بالله. اي اطلب الحماية والوقاية من شره. واذا نزل بك فاستعذ بالله واستغث بالله فمن الاستغاء فمن الاستعاذة بالله لشر النازل ما اوصى به النبي صلى الله عليه وسلم عثمان ابن ابي العاص عندما شكى الى النبي صلى الله عليه وسلم انه منذ اسلم يلم الم به مرض يتعبه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ضع يدك على المكان الذي يألمك. يعني تجد منه الما ثم قل بسم الله بسم الله بسم الله ثلاث مرات وقل اعوذ بعزة الله العظيم وقدرته من شر ما اجد واحاذر. فدل هذا على ان الاستعاذة تكون من شر نازل وهذا نظير الاستغاثة فان الاستغاثة والاستعاذة في هذا المعنى متفقتان وكلاهما لا الا بالله عز وجل. لا تقرأ لا يطلب العود وهو الحماية والصون الا من الله عز وجل. ولا يطلب الغوث والنجاة من المهالك الا من الله جل وعلا. ولذلك كان صرف الاستغاثة الى غير الله عز وجل من الشرك الذي يجب على المؤمن ان يتوقاه وان يخافه على نفسه. واصل ذلك هذا القلب ان يكون معلقا بالله فهنيئا لمن كان قلبه معلقا بالله. يرجو عطاءه ويخاف عقابه يرجو نواله ويخاف نوازله. فان القلب المعلق بالله لا يلتفت الى غيره. حتى الاسباب لا يلتفت اليها تعلقا انما يأخذها امتثالا لما امر الله تعالى به ليدرك مطلوباته لكن قلبه معلق بمسبب الاسباب سبحانه وبحمده. فقول من الشرك ان يستغيث بغير الله اي ان يستغيث في في فيما نزل به ان يطلب الغوث فيما نزل به من المكروهات من غير الله عز وجل. كان يستغيث بالملائكة او يستغيث بالانبياء والرسل او يستغيث بالاولياء الصالحين من الاموات او الغائبين عن حاله ممن لا يملك له انجاء ولا نجدة فهذا كله مندرج في الاستغاثة الشركية التي الله تعالى عنها ورسوله. واما اذا طلب الانسان الغوث من مخلوق قادر فإن ذلك على وجه السبب لا بأس به دون ان يعلق قلبه به. ومنه ما جرى في قصة موسى عليه السلام مع الرجل الاسرائيلي الذي استغاث به كما قص الله تعالى في خبر موسى مع الرجل فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكسه موسى فقضى عليه هذه الاستغاثة لا تنافي ما هو حق الله عز وجل من انه لا يطلب الغوث الا منه. انما هي طلب النجاة من مخلوق حاضر قادر مع مع وجوب تعلق القلب بالله عز وجل وعدم الالتفات الى سواه سبحانه وبحمده. فهذا لا يتنافى مع التوحيد ولا يخل بحق رب الارباب جل في علاه فالذي يدخل في الاستغاثة الشركية هو ان يطلب الغوث من المخلوق فيما لا يقدر عليه الا اه او يطلب الغوث من المخلوق الغائب سواء كان حيا او كان ميتا او يطلب الغوث من الاموات ولو كان بحضرة قبورهم. او عند اضرحتهم فان هذا كله ينافي ما يجب عليه ان يكون العبد من صرف العبادة لله وحده لا شريك له وبعد ان ذكر الاستغاثة بغير الله ذكر الدعاء قال او يدعو غيره. وهذا من باب عطف العام على الخاص. فان دعاء اوسع من الاستغاثة. الدعاء يطلق على كل سؤال يسأله العبد ربه جل في علاه فالدعاء هو دعاء المسألة الذي تقضى به الحاجات وتدرك به المطلوبات. وهذا قد يكون استعاذة وقد يكون استغاثة وقد وقد يكون طلبا لا استعاذة به ولا استغاثة. فكل ذلك يندرج في الدعاء فالدعاء هو المعنى الواسع الذي يندرج فيه ويدخل فيه كل المسائل وكل المطالب على تنوعها خلافها ولذلك بعد ان ذكر الاستعاذة في الباب السابق وبين انه لا يستعاذ الا بالله عز وجل وذكر الاستغاثة في هذا الباب ذكر الدعاء لينبه الى ان كل المطلوبات لا تطلب الا من الله جل وعلا. وهي على نوعين كما ذكرت ما يتصل بتعلق القلوب لا ينبغي للمؤمن ان يعلق قلبه الا بالله في كل اموره حتى فيما يقدر عليه الخلق. لا تعلق قلبك الا بالله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. واذا استعنت فاستعن بالله واعلم ان الامة لو اجتمعت على ان ينفعوك بشيء مهما كان ضئيلا ومهما كان يسيرا لم ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك ولو اجتمعوا على ان يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك ما ظروك وهذا يقطع تعلق القلب بغير الله وانه لا يكون شيء الا من قبله لا مانع لما اعطى ولا معطي لما منع سبحانه وبحمده حتى شربة الماء على يسرها وسهولتها لو اجتمع الخلق على ان يشربوك شربة واحدة لم يكتبها الله لك لما استطاعوا ولو اجتمع الخلق على ان يمنعوك شربة قدرها الله لك ما استطاعوا فالامر كله لله جل في علاه. علق قلبك به. مع انك ممكن تطلب من شخص تقول له ائتني بماء فتطلب منه ان يأتيك بما تريد من الماء لكن قلبك معلق بالله انه ان قدر الله ان الماء يصلك فسيصلك ولو امتنع الخلق كلهم عنان يبلغوك ذلك واذا قدر الله ان لا يصلك فلو اجتمع الانس والجن والاولون والاخرون على ان يوصلوا لك شربة ماء ما وصلت فالامر كله لله جل وعلا فهو الذي بيده مقاليد الامور جل في علاه. لهذا ينبغي ان يعلق القلب بالله عز وجل ثم بعد ذلك اذا تحقق للعبد ان قلبه معلق بالله في كل امر في المطالب والمكروهات فيما يؤمن ادراكه وفيما يخاف نزوله به عند ذلك ينعكس هذا على نظرته للاشياء. فما كان في مقدور الخلق استعان بهم عليه لانه في مقدورهم وقلبه معلق بربهم فهم ادوات ووسائل واسباب لادراك المطلوب واذا كان في غير مقدورهم وليس من وليس مما يدخل في ما اقدرهم الله عليه لم يلتفت اليهم. لانه يعلم انهم عاجزون عن ذلك فلا يتوجه اليهم بالطلب لان توجهه بالطلب الى مخلوق فيما لا يقدر عليه الا الخالق دليل على نقص ايمانه. لما يأتي شخص الى صاحب قبر ويقول يا فلان اعطني وظيفة هذا الاشكال ليس في قوله اعطني وظيفة او هب لي ولدا او اقضي حاجتي او فرج كربتي او اشف مرظي الاشكالية ليست فقط في تكلم لسانه الاشكالية الحقيقية التي نتج عنها هذا الخلل في القول هو فساد قلبه الذي اعتقد ان هذا المخلوق يقدر على ان يجيب حاجته ويقضي حاجته ولو صح بربه وانه لا خير الا من قبله. وان الخلق لا قدرة لهم على شيء دون امره. لم يتوجه الى غيره جل في علاه بل علق قلبه بالله فلم يسأل سواه لانه يعلم ان سؤال المخلوق شيئا لا يقدر عليه الا الخالق هو خلل في التوحيد وهو ابشركم بالله عز وجل وهو هدم لمعنى لا اله الا الله لان معنى لا اله الا الله لا معبود حق الا الله في الدعاء في الاستغاثة في الاستعاذة ولهذا كلما خلص القلب لله سلم القول والعمل من الخطأ والزلل وكلما فسد القلب تعثر حال الانسان بانصرافه وتعلقه بما يكون سببا لضيقه وهلاكه ولهذه القضية قضية كبرى وهي قضية اذا تأملتها في القرآن متكررة التقرير لان بها سعادة الانسان فيها تحقيق غاية الوجود فان غاية الوجود ومقصود الخلق ان يعبدوا الله وحده لا شريك له. لهذا اول ما ذكر من حقوق جل في علاه في كتابه عبادته وحده لا شريك له اياك ايش؟ اياك نعبد لا نعبد سواك واياك نستعين لا نطلب من غيرك فالاول حقه في الهيته والثاني حقه في ربوبيته فهو المالك الرازق المدبر الخالق جل في علاه واذا كان كذلك اذا كنت تعتقد ان الله هو الخالق وانه هو المالك وانه هو المدبر وانه هو الرازق فهل تتوجه الى غيره؟ لا لا يمكن ان تتوجه لغيره بل لا تتوجه الا له لان كل شيء اليه صائر وعنه صادر جل في علاه له الامر كله سبحانه وبحمده ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن سبحانه وبحمده وهو بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير وهو الغني الحميد جل في علاه فلذلك كان اول ما ذكره الله عز وجل من حقوقه في كتابه ان يعبد وحده لا شريك له وان يطلب وان يطلب العون منه جل في علاه. ولما نادى الناس امرا ونهيا كان اول ما امرهم به ان يعبدوه وحده لا شريك له. واول ما نهاهم عنه ان يشركوا به غيره. هذه واضحة في القرآن لكن لاننا نقرأ القرآن دون تدبر لمعانيه تفوتنا مثل هذه الحقائق الظاهرة الجلية في كتاب الله عز وجل اول ما اول نداء في القرآن يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون هذا اول نداء في القرآن وهو اول امر في كتاب الله عز وجل واما اول نهي نهى الله تعالى عنه فهو في الاية التي تليها. فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون. اي لا تسووا غير الله بالله فتقع في الشرك. فقوله فلا تجعلوا الا اندادا ايا تشركوا به غيره ولا تسووا به غيره لان الند هو النظير والمثيل وهذا معنى الشرك الذي نهت عنه الرسل صلوات الله وسلامه عليه. فهذه قضية كبرى اعتنى الله عز وجل بها في كتابه وقررها تقريرا واضحا ولهذا مدار الدين على اخلاص العبادة لرب العالمين وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ثم ذكر بعد ذلك الاعمال ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة دين القيمة. لهذا يا عبد الله ايها الموفق يا من يريد نجاته وسعادته في الدارين. احرص على تحقيق لا اله الا الله في قلبك فان معناها لا معبود حق الا الله لا يستحق العبادة سواه. علق قلبك بالله محبة. فلا تحب سوى علق قلبك بالله تعظيما فلا تعظم غيره. علق قلبك بالله خوفا فلا فلا تخف غيره. علق قلبك بالله طمعا ورجاء يأتي بالحسنات الا هو ولا يدفع السيئات الا هو سبحانه وبحمده. لهذا من الشرك ان تدعو غير الله عز وجل من شرك ان تستغيث بغير الله عز وجل. من الشرك ان تستعيذ بغير الله عز وجل. وكل هذه صور لخلل في القلب. فانه من استغاث بغير الله فان ذلك ناتج عن فساد قلبه. من استعاذ بغير الله فان ذلك ناتج عن فساد قلبه. من دعا غير الله ذلك ناتج عن فساد قلبه ولهذا جاءت الايات واظحة في قطع التعلق بغير الله. ذكر المؤلف رحمه الله في الاستدلال على ما ذكر بان الاستغاثة بغير الله شرك وان دعاء غير الله شرك