الحمد لله حمد الشاكرين احمده له الحمد في الاولى والاخرة وله الحكم واليه ترجعون واشهد ان لا اله الا الله لا اله الا هو الرحمن الرحيم واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله قيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد نواصل ما يسر الله تعالى من القراءة في كتاب تجريد التوحيد المفيد للعلامة المقريزي رحمه الله وقد ظمن وقد ظمنه جملة من المسائل والتقسيمات النافعة في تحقيق توحيد رب العالمين وتجلية ما ينبغي ان يكون عليه العبد في تحقيق مقام اياك نعبد واياك نستعين فنسأل الله تعالى ان يبارك في الوقت وان يعيننا واياكم على العلم النافع والعمل الصالح وبقية ما في هذا الكتاب وثلاث مسائل دار عليها ختم هذا المؤلف المبارك نتناولها ان شاء الله تعالى في هذا المجلس وفي مجلسي بعد صلاة العشاء ونجيب على الاسئلة ان شاء الله تعالى في خاتمة مجلسنا اسأل الله ان يجعله عامرا بالطاعة والاحسان وان يذكرنا في الملأ الاعلى وان يجعلنا من اوليائه وعباده المتقين بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد وعلى وصحبه اجمعين. اما بعد غفر الله لشيخنا وللسامعين. قال المصنف رحمه الله تعالى في كتابه تجريد التوحيد المفيد واعلم ان الناس في منفعة العبادة وحكمتها ومقصودها طرق اربعة وهم في تلك اربعة اصناف. الصنف نفاة الحكم والتعليل الذين نفاة الحكم والتعليل الذين يردون الامر الى محض المشيئة وصرف الارادة. فهؤلاء عندهم القيام بها ليس الا لمجرد الامر من غير ان تكون سببا لسعادة في معاش ولا معاد. ولا سببا لنجاة. وانما القيام وبها لمجرد الامر ومحض المشيئة كما قالوا في الخلق لم يخلق لغاية ولا لعلة هي المقصودة به ولا لحكمة تعود اليه منه وليس وليس في المخلوقات اسباب تكون مقتضيات لمسبباتها. وليس في النار سبب احراق ولا في الماء قوة الاغراق ولا التبريد وهكذا الامر عندهم سواء لا فرق بين الخلق والامر ولا فرق في نفس الامر بين المأمور والمحظور. ولكن المشيئة امره بهذا ونهيه عن هذا من غير ان يقوم بالمأمور صفة تقتضي حسنه ولا بالمنهي عنه صفة وتضيق قبحه. ولهذا الاصل لوازم وفروع كثيرة وهؤلاء غالبهم لا يجدون حلاوة العبادة ولا لذتها ولا يتنعمون بها. ولهذا يسمون الصلاة والصيام والزكاة الحج والتوحيد والاخلاص ونحو ذلك تكاليف. اي كلفوا بها. ولو سمى مدعي محبة ملك من الملوك او غيره به ما يأمره به تكليفا لم يعد محبا له. واول من صدرت عنه هذه المقالة الجعد ابن درهم يقول رحمه الله واعلم ان للناس في منفعة العبادة وحكمتها ومقصودها طرقا اربعة وهي في ذلك اربع وهم في ذلك اربعة اصناف كل ما شرعه الله عز وجل وكل ما قظى به سبحانه وبحمده فان لله فيه حكمة هذه قضية لابد ان تكون مقررة في بدء الحديث عن هذه الاقسام فانه مما دل عليه كتاب الله عز وجل ودلت عليه شرائع المرسلين وما جاء به خاتم النبيين صلوات الله وسلامه عليه انه ما من شيء يشرعه الله تعالى الا وله فيه حكمة ذلك ان الله سبحانه وبحمده من صفاته انه الحكيم جل في علاه وقد اخبر سبحانه وبحمده في مواضع كثيرة في كتابه الحكيم عن حكم الاحكام واسرار الشرائع وعلل الامر والنهي وهذا كاف في تقرير انه ما من شيء شرعه الله الا وله فيه حكمة سبحانه وبحمده وقد قرر ذلك في تنزيل الكتاب الذي هو اصل الهدى وهو معدن التقى وهو منبع كل خير وبر وصلاح قال الله جل وعلا الف لام راء كتاب احكمت اياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير يخبر الله عز وجل ان تفصيل ان هذا الكتاب قد احكمت اياته. اي اتقنت واتقان القرآن واحكامه على نحوين النحو الاول احكام الفاظه فليس فيها تنافر ولا فيها تضاد ولا فيها ما ينبو عن الاسماع بل هو متقن في غاية الاتقان. ومن احسن من الله قيلا كما انه محكم في معانيه وهذا الاحكام لا يقف عليه الا اصحاب الالباب والبصائر الذين تنفذ بصائرهم الى ما وراء الالفاظ من المعاني والمظامين هؤلاء يدركون ان القرآن في غاية الاحكام كما قال جل في علاه ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا لكنه من الله فلما كان من الله سلم من كل اختلاف كتاب احكمت اياته اتقنت ثم فصلت وبينت ووظحت من لدن حكيم خبير سبحانه وبحمده وقد قال الله جل وعلا في كتابه تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم فهو الممتنع عن كل نقص وعيب وهذا ما دل عليه وصفه بالعزيز سبحانه وبحمده وهو الحكيم في كل ما امنه كتابه جل في علاه من الاحكام والاخبار وسائر ما تظمنه هذا الكتاب مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فانه محكم وانك لتلقى القرآن من لدن ايش حكيم حميد محكم يستحق الحمد لاحكامه وجليل صفاته جل في علاه سبحانه وبحمده فما من شيء في الشرائع الا ولله فيه حكمة وهذا ما يتعلق بالامر فان الشرع هو امر الله عز وجل الا له الخلق والامر. الخلق حكمه الكوني والامر حكمه الشرعي. ونحن الان نتحدث عن حكمه الشرعي الذي في كتابه. جل في علاه وجاءت به رسله صلوات الله وسلامه عليهم كله محكم متقن ليس به خلل ولا عيب ثم ان هذا الاحكام في ظهوره على انحاء منهما جاء بيان الحكمة منه في قول الرب جل في علاه. فبين الله الحكمة والغاية من الحكم. قال الله جل وعلا يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس. اثم يعني مفاسد ومنافع للناس يعني مصالح واثمهما اي فسادهما اكبر من نفعهما فدل ذلك على انه مما ينفر عنه واما تتنزه الشريعة عن الاذن به للعباد لان الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكثيرها وباعدام المفاسد وتقليلها اذا لم يمكن الاعدام فما كان كذلك فلا يمكن ان يقر الخمر في شريعة بناؤها على جلب المصالح ودفع المفاسد. ولهذا جاء النص على حكمة التحريم في قوله تعالى انما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون. انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم عداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل انتم منتهون بعد هذا البيان لغاية وعلة وحكمة التحريم. اذا ليس ثمة حكم شرعي الا ولله فيه حكمة منه ما يبينه الله وينص عليه يأتي بيان حكمة جليا ظاهرا فيذيكه العباد. فتطمئن نفوسهم وتنشرح صدورهم للعمل بالاحكام لظهور الحكم والاسرار والغايات والعلل ولا شك ان عمل المكلف مع علمه بالحكمة اشرح لصدره واضمن لقلبه. وذاك ان العلم وادراك الحكم مما نشطوا النفوس على الامتثال ويقويها على العمل. فلذلك نص الله تعالى على الحكم في جملة من الاحكام وهناك من شرائع ما لم يأتي له ذكر حكمة معينة. ما امر الله تعالى في كتابه باوامر وجاء رسوله صلى الله عليه وسلم باوامره ونهى عن اشياء في كتابه ونهى عنه رسوله صلى الله عليه وسلم لكن لم يذكر لذلك علة لم يذكر لذلك علة وهذا له جانبان اما لان العلة ظاهرة كتحريم السرقة مثلا والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم. لم يذكر الله لماذا فرض هذا الحكم لظهوره وجلاءه اذ ان السرقة فساد اموال الناس. فقطع هذا الفساد بقطع يد السارق يدرك ذلك اهل البصائر والمعرفة والنظر في الحكم والاسرار ومآلات الاحكام التي شأسعت الشريعة لتقريرها وهذا دور اهل العلم الذين يستنبطون العلل والاسرار والحكم والغايات من الاحكام هناك من الاحكام ما لا يظهر له علة لم يظهر له علة عند البشر هل هذا يعني انه خال من حكمة؟ الجواب لا. ليس ثمة حكم شرعي الا وفيه حكمة. هذه الحكمة قد تظهر وقد لا تظهر عدم ظهور الحكمة لا يعني عدم وجودها اذ ان عدم وجود الشيء لا يلزم منه عدم وجود اذ ان عدم ظهور الشيء لا يلزم عدم وجوده الان لو نظر احدنا الى جيب صاحبه ولم يرى شيئا. هل يعني هذا ان محفظته او جيبه خال من كل شيء؟ الجواب لا كونه لا يرى لا يلزم عدم الوجود وهذا له امثلة كثيرة هذا مثال تقريبي الان نحن لا نرى النجوم بحكم اننا في مكان مسقوف هل هذا لا هل هذا يعني انه لا نجوم في السماء؟ لاننا لا نراها عدم ظهور الشيء لا يلزم منه عدم وجوده. قد يوجد لكن يحول دون ادراكه حائل. ولا تدركه الحواس او لا ادركوا العقل لوجود مانع من الادراك. كذلك الحكم في كل شرائع الدين واحكامه امرا ونهيا لابد من وجود حكمة قد ندرك هذه الحكمة اما بنص الله عليها في كتابه او رسوله في سنته. واما باستنباط اهل البصائر والعلم الذين يدركون اسرار وحكم الاحكام واما الا نستطيع ادراك ذلك لعجز عقولنا عن ادراك الحكمة. ذلك لا يعني الا يكون ثمة حكمة. اضرب لذلك مثلا الصلوات تتفاوت ركعاتها فالفجر ركعتان والظهر اربعا اربع ركعات والعصر اربع ركعات والمغرب ثلاث والعشاء اربع. هذا التفاوت بالعدد اله حكمة او ليس له حكمة بلاء له حكمة هذه الحكمة ما هي؟ هل جاء النص عليها في كلام الله او كلام رسوله؟ الجواب لا ليس ثمة نص على تفاوت العدد. هناك حكمة للصلاة قال ان الصلاة تنهاها عن الفحشاء والمنكر. هذه غاية الصلاة ومقصودها لكن هذا التفاوت في العدد اله حكمة يؤمن البصير بان الله لم يشرع ذلك عبثا وان ثمة بحكمة لهذا التفاوت في اعداد ركعات الفرائض. لكن هذا لا يلزم ان يكون الانسان عالما به بل ان من مظاهر تحقيق العبودية لله ان تمتثل امر الله وانت لا تعلم لماذا امرك الله بذلك لان هذا يظهر معدن العبودية الحقيقي لان من امتثل مع عدم علمه بحكمة الحكم وسبب التشريع كان ذلك من تمام ايمانه وكمال استسلامه لربه جل في علاه الذي اذعن له في الحكم وانقاد له في الامر دون ان يدرك الغاية والحكمة والسر فيما شرع. فليس حكم شرعي امرا او نهيا الا ولله فيه حكمة. كما دل على ذلك كتاب الله ودل عليه سنة رسوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم والواجب على المؤمن ان يقابل الاحكام بالقبول ولا ينتظر معرفة الاسرار والحكم للقبول. اذا كان لا يعمل الا بما ادركه عقله من حكمة العمل فهو لا يعبد الله انما يعبد عقله وهذا عمل اولئك الذين يقولون ما جاءنا من النصوص نعرضه على عقولنا. فما قبلته قبلناه وما ردته رددناه هؤلاء يقال لهم باي عقل يوزن الكتاب والسنة؟ كما قال جماعة من اهل العلم ليت شعري باي عقل يوزن الكتاب والسنة؟ الكتاب والسنة يحكمان على العقول ولا تحكم عليهما العقول لانهما من الحكيم الخبير الذي اتقن كل شيء جل في علاه ومن اتقانه اتقانه لشرعه سبحانه وبحمده هذا فيما يتصل بحكم الله الشرعي الديني الامري. اما ما يتصل بحكمه القدري الكوني الذي يشمل كل حوادث الكون من ما يحبه الانسان وما يكرهه. مما يتعلق به ومما يتعلق بغيره كل ما قضاه الله كونا فله فيه حكمة ليس ثمة شيء في الكون عار عن حكمة. قد تدرك هذه الحكمة لفعل الله وخلقه وحكمه وقد لا تدرك. لكن ما من شيء الا ولله فيه حكمة. حكمة. دليل ذلك قوله جل وعلا وما تشاء الا ان يشاء الله ثم بعد ان ذكر مشيئته قال ان الله كان ايش عليما حكيما. فكل ما في الكون بعلمه. وكل ما في الكون صادر عن حكمته وهذا السر في ان الله ذكر هذين الاسمين الجليلين بعد ذكر مشيئته للدلالة على ان ما شاءه فهو ما شاءه جل وعلا فهو بعلمه. وما شاءه فهو صادر عن حكمته ورحمته جل في علاه سبحانه وبحمده وبهذا يتبين انه يطمئن المؤمن في عبادته وفي حكم الله في الكون انه ما من شيء الا ولله في حكمة ويسلم لله وينقاد لحكمه جل في علاه الشرعي وكذلك يرظى وينشرح صدرا بحكمه الكون ويتعامل معه بالشر لان الحكم الكوني لا يلزم القبول به لكن يجب الرضا به. الرضا بمعنى انك تعلم ان الله لم يشرع ذلك ولم يقضيه الا وله فيه حكمة لكن تدفع القدر المكروه بالقدر المحبوب فتدفع قدر المرض بقدر طلب الشفاء تدفع قدر العدو باخذ العدة التي تقيك شره وتدفع عنك ضره. كما قال تعالى واعدوا لهم ما استطعتم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخير ترهبون به عدو الله وعدوكم. بعد هذه المقدمة المبينة لما يتصل حكم وعلل ما يكون من حكم الله الكوني وما يكون من حكمه الشرعي سبحانه وبحمده. ذكر المؤلف طرائق الناس واقسامهم فيما يتعلق بالنظر في هذه القضية وهي الحكمة من فعل الله عز وجل. الحكمة من شرع الله عز وجل ذكر في ذلك اربعة طرق واربعة اصناف الصنف الاول هم نفاة الحكم والعلل والاسباب وهؤلاء هم الجبرية الذين يقولون ان الله لا يفعل لحكمة فما من شيء في فعل الله عز وجل لحكمة انما يفعل الله تعالى كل شيء ويقضي شرعا كل شيء عن مجرد المشيئة المحظة الصرفة التي عرت وخلت عن حكمة فهم لا يصفون الله بالحكيم سبحانه وبحمده ولا يصفون الله جل وعلا المتقن لشرعه وحكمه سبحانه وبحمده بل يقولون ما من شيء الا لمجرد المشيئة ولما ظل هؤلاء فسد عقدهم لما كان منطلقهم نفي الحكمة فسدت جملة من عقائدهم وفسدت جملة من اعمالهم يقول المؤلف رحمه الله في هؤلاء الصنف الاول نفاة الحكم جمع حكمة والتعليم اي الذين ينفون ان يكون لفعل الله او لحكمه الشرعي او الديني او القدر الكوني ينفون ان يكون لذلك علة الذين يردون الامر يعني ما يصدر عن الله الى نفس المشيئة محض المشيئة المجردة وصرف الارادة وان الله اراده لا لحكمة ولا لغرض ولا لسر ولا المقصود انما انما قضى به مجرد عن كل هذه المعاني. يقول رحمه الله فهؤلاء عندهم القيام بها ليس الا لمجرد الامر يعني امتثال الشرائع فقط لان الله امرنا ليس لاجل ان ندرك بذلك سعادة الدنيا وفوز الاخرة انما نمتثل الامر لمجرد الامر لان الله امرنا وليس ان هذه المأمورات تقتضي السعادة في الدنيا تقتضي الحياة الطيبة في الدنيا تقتضي الفوز في الاخرة تقتضي النجاة يوم القيامة. ليس لها علاقة بهذه الامور بل هي محض افعال لا معنى لها بالكلية ثم يقول رحمه الله وانما القيام بها لمجرد الامر ومحض المشيئة. كما قالوا في الخلق يعني لما فسد نظرهم في الشرائع وقالوا ان الشرع لا لحكمة كذلك انتقل فساد رأيهم في حكم الله الكوني فقال ان احكام الله الكونية ليس لها غاية وليس لها علة والمقصود منها الايجاد فهي محظوظ مراد الله تعالى ليس في ذلك سر ولا غاية ولهذا يعطلون الاسباب عن نتائجها ويقول النتائج لا علاقة لها بالاسباب وهذا من فساد اعتقادهم ولذلك يقول رحمه الله وليس في المخلوقات اسباب تكون قضيت لمسبباتها وليس في النار للاحراق ولا في الماء قوة الاغراق وما الى ذلك من ظلال الاعتقاد الناشئ عن الغاء الحكمة والتعليل والسبب في افعال الله جل وعلا وارجاع الامر الى مجرد المشيئة. لهذا بعد ان عرض فسادهم في الاعتقاد فيما يتعلق حكم الله الكوني وفيما يتعلق بحكم الله الشرعي قال وهذا الاصل ولهذا الاصل ولهذا الاصل لوازم فاسدة وفروع كثيرة وهؤلاء غالبهم لا يجدون حلاوة في العبادة لانه يتعبد لمجرد الامر ليس لانه يدرك بهذا فوز الدنيا وآآ فوز الاخرة. انما لمجرد ان الله امر وقد يعمل ما امره الله ولا ايدرك بذلك شيئا من النعيم في الدنيا ولا شيئا من الفوز في الاخرة اذ هي مجرد تكاليف قال رحمه الله واول من صدرت عن هذه عنه هذه المقالة الجعد ابن درهم وهو من مصادر السوء والشر في الاقوال والاعتقاد عبر تاريخ الامة فانه صدر عنه جملة من الانحرافات ومن اعظمها فساد في صفات الله عز وجل واسمائه وفساد في افعاله وقدره جل في علاه. ومن ذلك نفيه للعلة والحكمة والسبب في افعال الله جل وعلا واقداره سبحانه وبحمده اما الصنف الثاني فهم يقابلون هؤلاء هؤلاء هم الجبرية الذين يلغون الحكم والاسرار والاسباب القدرية الذين ظلوا في هذا الباب اثبتوا لله حكما لكنهم ظلوا في طريقة اثبات هذه الحكم وتلك العلل يبين ذلك المؤلف رحمه الله فيقول الصنف الثاني القدرية النفاة الذين يثبتون نوعا من الحكمة والتعليل لا يقوم بالرب ولا يرجع اليه. بل يرجع محض مصلحة المخلوق ومنفعته. فعندهم ان العبادات شرعت اثمانا لما يناله العباد من الثواب والنعيم. وانها بمنزلة استيفاء الاجير اجرا قالوا ولهذا يجعلها سبحانه عوضا كقوله ونودوا ان تلكم الجنة اورثتموها بما كنت ثم تعملون هل تجزون الا ما كنتم تعملون. ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون. انما يوفى قبرون اجرهم بغير حساب وفي الصحيح انما هي اعمالكم احصيها عليكم ثم اوفيكم اياها. قالوا وقد سماها جزاء واجرا وثوابا لان انه شيء يثوب الى العامل من عمله اي يرجع اليه. قالوا ويدل عليه الموازنة فلولا تعلق الثواب بالاعمال عوضا عليها لم يكن للموازنة معنى هذا الصنف الثاني هؤلاء اثبتوا الحكمة والعلة لكنهم اخطأوا في تعيينها. فيما يتعلق بشرع الله عز وجل فهؤلاء قالوا ان ما شرعه الله عز وجل ليس لاجل حكم في شرعه سبحانه وبحمده انما لان ما شرعه من الاوامر والنواهي يدرك به الانسان ثوابا اذا امتثل وعقابا اذا لم يمتثل. لكن ليس ذلك لان ان هذه الاوامر تعود عليه بالخير في معاشه او انها سبب صلاح دنياه انما لاجل الثواب والعقاب وذكروا في ذلك استدلالا بالايات التي فيها الخبر عن ان الله تعالى يجزي الانسان وعلى عمله فيدخله الجنة بعمله كما قال تعالى ونودوا ان تلكم الجنة التي اورثتموها بما كنتم تعملون. فالعمل هو الموجب لدخول الجنة وليس له نفع ولا مصلحة او حكمة فيه الا هذا فقط وهؤلاء لا شك انهم اثبتوا شيئا من حكم افعال الله عز وجل واقضية واحكامه لكنهم اخطأوا في اثبات ما دلت عليه الادلة من كمال حكمته. وتمام ما جاء به في شرع من النور والهدى والصلاح للعباد في معاشهم ومعادهم وسنأتي على الجواب على هاتين الضلالتين عند ذكر الصنف الرابع من اصناف الناس في مسائل الحكم والتعليم. يقول رحمه الله بعد ان ذكرت طائفتين الجبرية والقدرية وهم ممن ظل في الحكم والاسباب ظل في آآ علة افعال الله عز وجل يقول وهاتان الطائفتان متقابلتان فالجبرية لم تجعل للاعمال ارتباطا بالجزاء البتة وجوزت ان يعذب الله من افنى عمره في الطاعة وينعم من افنى عمره في مخالفته وكلاهما سواء بالنسبة اليه. والكل راجع الى محض المشيئة. هذه في نتائج هذه نتائج هذه الاقوال اي ما يترتب عليه هذه لوازم تلك الاقوال التي اشار اليها بانها لوازم فاسدة. فهؤلاء الجبرية يقولون لو ان الله ادخل ابليس الفردوس وادخل محمد ابن عبد الله الدرك الاسفل من النار ما كان مخالفا لمقتضى الحكمة. وهذا من عمى البصيرة وظلال فكر والعقل وهو ناتج عن عدم العلم بكمال الرب جل في علاه. فمن يعلم ان الله لا يظلم الناس شيئا. وان الله سبحانه وبحمده حكم عدل لا يمكن ان يقول هذا القول هذا القول تقشعر منه الابدان فظلا عن ان تعتقده الافئدة ويقر في القلوب. ولهذا لا اطيب ولا اهنأ ولا اسلم لقلب من اعتقادي ما دل عليه قول الله وقول رسوله وترك هذه الطرق المنحرفة الظالة التي تزين بشبه وزخارف من القول لا تساعدها على الصحة والثبات شبه تهافت كالزجاج تخالها حججا وكل كاسر ما فيها شيء قائم انما هي من زخارف القول التي يزين بها الباطل