الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على البشير النذير نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد قرر المؤلف رحمه الله قاعدة في معياء في معيار محبة الله عز وجل ومحبة رسوله ان يكون الانسان مقدما لحكم الله ورسوله على كل حكم فكل من قدم قول غير الله عز وجل على قول الله او حكم غيره على حكم على حكم على حكمه سبحانه وبحمده فانه غير محب لله عز وجل ولا مؤمنة وليس مؤمنا به كما قال جل وعلا فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ثم اعتذر المؤلف رحمه الله عن قوم قد يقدمون حكم غير الله وحكم غير رسوله صلى الله عليه وسلم على حكم الله ورسوله وذلك بتأويل انه لا يعرف حكم الله او لا يعرف حكم رسوله او يظن ان حكم ذلك الغير هو حكم الله وحكم رسوله. وبين الموقف من ذلك وانه قد يعذر الانسان في مثل هذا لكن ينبغي له اذا علم حكم الله وحكم رسوله الا يعدل عنه ولا اعدل به شيئا من الاحكام فانه لا اكمل من حكم الله ولا حكم رسوله ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون ثم بعد هذه الخاتمة انتقل المؤلف رحمه الله الى ذكر آآ قاعدة في اه العبادة في تحقيق العبادة قواعد في تحقيق العبادة فقال رحمه الله واعلم ان للعبادة اربع قواعد وهي التحقق بما يحب الله ورسوله ويرضاه وقيام ذلك بالقلب واللسان والجوارح فالعبودية اسم جامع لهذه المراتب الاربع. فاصحاب العبادة حقا هم اصحابها فقول القلب هو اعتقاد ما اخبر الله تعالى عن نفسه واخبر رسوله عن ربه من اسمائه وصفاته وافعاله وملائكته ولقائه وما اشبه ذلك وقول اللسان الاخبار عنه بذلك والدعاء اليه والذب عنه وتبيين بطلان البدع المخالفة له والقيام بذكره بذكره تعالى وتبليغ امره وعمل القلب كالمحبة له والتوكل والتوكل عليه والانابة والخوف والرجاء والاخلاص والصبر على اوامره ونواهيه وداره والرضا به وله وعنه. والموالاة فيه والمعاداة فيه والاخبات اليه والطمأنينة به ونحو ذلك من ما للقلوب التي فرضها اكد من فرض اعمال الجوارح ومستحبها احب الى الله تعالى من مستحب اعمال الجوارح واما اعمال الجوارح فكالصلاة والجهاد ونقل الاقدام الى الجمعة والجماعات ومساعدة العاجز والاحسان الى الخلق ونحو ذلك فقول العبد في صلواته اياك نعبد التزام احكام هذه الاربعة واقرار بها وقوله واياك نستعين طلب الاعانة عليها والتوفيق لها. وقوله اهدنا الصراط المستقيم. متضمن للامرين على التفصيل والهام بهما وسلوك طريق السالكين الى الله تعالى والله الموفق. هذا ما ذكره رحمه الله فيما يتعلق بالقواعد التي يتحقق بها الانسان في تحقيق العبودية لله عز وجل العبادة لله عز وجل لا تتحقق الا بهذه القواعد الاربع التي لابد ان يفتش عنها كل من رغب في ان ينضم الى عباد الله المتقين. وان يكون من اوليائه المفلحين فلابد ان يتحقق من هذه الامور الاربع. اول يقول المؤلف رحمه الله واعلم ان العبادة ان للعبادة اربع قواعد وهي التحقق بما يحب الله ورسوله وارضاه التحقق اي القيام بما يحب الله تعالى ويرضاه ولا يتحقق هذا المعنى المجمل الا بتكبيله بالقلب واللسان والجوارح فما قدمه اولا هي قاعدة عامة تشمل كل ما ينبغي ان يكون عليه حال من اراد العبادة ومن اراد ان يكون من عباد الله الصالحين. الذين اعد لهم ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ان يكون قائما بما يحب الله ورسوله ساعيا فيما يرضاه جل في علاه بقلبه و قوله عمله ثم تفصيل ذلك في بقية القواعد وهي ان يكون القلب متعبدا لله عز وجل وان يكون اللسان قائما بعبادة الله عز وجل. وان يكون وان تكون الجوارح محققة العبودية لله عز وجل. وذكر القلب واللسان والجوارح ذاك ان الايمان خصاله تستوعب هذه المواضع الثلاثة. جاء في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله تعالى ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الايمان بضع وسبعون شعبة اعلاها قول لا اله الا الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق والحياء شعبة من من شعب الايمان. وهذا يدل على ان الايمان قول و عمل قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح وهذا ما بينه رحمه الله في هذه الخاتمة لهذا الكتاب ثم تطرق الى تفصيل ما يتحقق به عبودية القلب. عبودية القلب من جهتين من جهة اعتقاده ومن جهة عمله ذكر رحمه الله قول القلب وهو اعتقاده. قال فقول القلب هو اعتقاده ما اخبر الله ما اخبر الله تعالى به عن نفسه واخبر رسوله عن ربه من اسمائه وصفاته وافعاله وملائكته ولقائه وما اشبه ذلك يعني من اصول الايمان الستة وهي ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر فلن يعتقد ما اخبر الله تعالى به في شأنه وفي شأن ملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره واما عمله فهو ثمرة ايمانه بالله وبسائر اصول الايمان من المحبة والتعظيم والخشية والتوكل والانابة والخشوع وغير ذلك من اعمال القلوب. فالقلب له قول وعمل. قوله اعتقاده وعمله اخلاصه ومحبته لله وتعظيمه وسائر ما يكون من اعمال القلوب. اما ما يتعلق بقول اللسان فكل عبادة قولية اعلى ذلك قول لا اله الا الله ويندرج فيه كل ذكر الله عز وجل بتعظيمه وتمجيده. وكذلك بدعائه وسؤاله وكذلك بسائر ما يكون من القربات الواجبة او المستحبة من تلاوة القرآن والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعلم العلم وتعليم العلم وما الى ذلك مما يتعبد الله تعالى به في اللسان. قال رحمه الله بعد ذكر هذين قال وعمل القلب عاد الى ذكر عمل القلب ونحن اشرنا اليه عند الحديث عن القلب قال وعمل القلب كالمحبة والتوكل والانابة الى اخر ما ذكر من اعمال القلوب. واما اعمال الجوارح وهي اعمال سعر البدن فكالصلاة والجهاد ونقل الاقدام الى الجمعة والجماعات ومساعدة العاجز والاحسان الى الخلق ونحو ذلك. كل هذه من العبادات يتبين ان العبادات الصادقة تستوعب كل ما يكون من الانسان في الظاهر والباطن في السر والعلن في معاملة الخالق وفي معاملة الخلق كل مما تستوعبه العبادة. بل حتى ما يكون من العادات وما يكون من المألوفات اذا احتسبها الانسان سيرها عبادة بنيته واحتسابه. كما قال معاذ اني لاحتسب نومتي كما احتسب قومتي. اي كما احتسب قيامي لله عز وجل بالصلاة والذكر والعبادة. ثم قال رحمه الله فقول العبد في صلاته اياك نعبد التزام احكام هذه اربعة واقرار بها. اذا قال اياك ان اعبد فانه يتحقق بما يحب الله ورسوله في قلبه. ولسانه وجوارحه. هذا التزام التزام اي اعلان انقياد لله عز وجل بتحقيق العبودية له. في قلبك بان يكون عالما معتقدا ما جاءت به الشرائع مقرا بها مخلصا لله محبا لله معظما لله وسائر بقية اعمال القلب واللسان كذلك الجوارح مثل ذلك ايضا. ثم قال رحمه الله وقوله اي قول المصلي والتالي للقرآن في سورة الفاتحة. واياك طلب الاعانة عليها والتوفيق اليها اي ان العبد يستعين الله عز وجل على تحقيق العبادة له. وهنا انتبه كما تقدم في الحديث عن انواع الاستعانة اعلى انواع الاستعانة هو ان يستعين العبد ربه جل في علاه في تحقيق العبودية له. هذا اعلى المراتب واشرفها ولذلك بعد ان ذكر جل في علاه الاستعانة به ذكر طلب الهداية منه اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. فاشرف ما يستعان به الله عز وجل ان تسلك بك سبيل الهدى والرشاد. واذا لم تنل ذلك من الله فانك لن تبلغ مرظات لن تبلغ مرظاته بل ستكون في انحسار وعدم فلاح اذا لم يكن عون من الله للفتى فاول ما يجني عليه اجتهاده. لذلك يقول رحمه الله وقوله اهدنا الصراط المستقيم متظمن للامرين متظمن لتحقيق العبادة لله طلب الاعانة على العبادة وطلب الهداية للعبادة بالاعانة عليها فان الهداية المسؤولة في قولك اهدنا الصراط المستقيم هداية البيان والارشاد والدلالة و كذلك هداية التوفيق والعمل. ولذلك يقول متضمن للامرين على التفصيل. والهام القيام بهما وسلوك طريق السالكين الى الله تعالى. بعد هذا العرض مفصل لما يتعلق بالتوحيد وتحقيق العبادة لله عز وجل ختم المؤلف رحمه الله هذه الرسالة المباركة بهذه الكلمات فقال رحمه الله والله الموفق بمنه وكرمه والحمدلله وحده وصلى الله على من لا نبي بعده واله وصحبه ووارثيه وحزبه ووارثيه وحزبه تم الكتاب بعون الله الملك الوهاب. يقول والله الموفق بمنه وكرمه. الموفق الى علمي ما تقدم والى العمل به فان منة الله على العبد ان يرزقه العلم النافع الذي به يحقق العبادة لله عز وجل. يحقق معنى لا اله الا الله ذلك من منة الله على عبده ان يعينه على العمل بذلك العلم. فان العلم يدعو الى العمل العلم قائد العمل ولذلك الله تعالى يقول فاعلم انه لا اله الا الله ثم قال واستغفر لذنبك فجاء العلم مقدما على العمل. فالله الموفق بمنه وكرمه الى العلم النافع والعمل الصالح. وبعد ذلك عاد الى الحمد لله والثناء عليه قال والحمد لله وحده على ما يسر من هذا البيان وهذا الايضاح الذي انكشف به ما يتعلق بهذا الاصل قل عظيم وهو توحيد رب العالمين وبيان حق الله على عباده وبيان معنى لا اله الا الله ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم فقال وصلى الله على من لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم وهذا صلاة على النبي بذكر وصفه المقيد الذي لا يشركه فيه احد فان محمد ابن عبد الله خاتم النبيين كما قال الله تعالى ما كان محمد ابا احد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين. ولهذا استغنى عن ذكر اسمه صلى الله عليه وسلم. ولو ذكره بوصف يشاركه فيه غيره دون ذكر اسمه لكان في ذلك قصور لكان في ذلك قصور في الصلاة عليه صلى الله عليه وعلى اله وسلم. قال رحمه الله صلى الله على من لا نبي بعده واله اي واتباعه على ملته وكذلك قراباته ممن امن به وصحبه وهم من برؤيته ولقائه صلى الله عليه وعلى اله وسلم ولو ساعة من نهار ووارثيه جعلنا الله واياكم منهم. والوراثة للنبي صلى الله عليه وسلم نوعان وراثة علم ووراثة عمل والفائز من حقق هذين النوعين من الوراثة وراثة العلم ووراثة العمل فمن جمع الله له العلم والعمل به كان في اعلى مراتب الوراثة للنبي صلى الله عليه وسلم فان الم يورثوا لم يورثوا دينارا ولا درهما انما ورثوا العلم الذي يقود الى العمل. فالعلم وحده لا يكفي في تحقيق الوراثة على وجه الكمال انما الوراثة على وجه الكمال والتمام بالقرن والجمع بين العلم والعمل جعلنا الله واياكم من ورثته. وحزبه اي اتباعه الذين ينتصرون له يغظبون لشرعه ويذبون عن دينه ويحمون ما جاء به صلى الله عليه وسلم ويدعون الخلق الى ما كان عليه. فهم منضمون اليه. مجتمعون الى شرعه وهدايته ليس لهم راية ينضون تحتها وليس لهم شيء يتحزبون له ويتعصبون له الا ما كان مما فتح الله تعالى به عليهم من اتباع السنة ولزومها والذب عنها نسأل الله ان يجعلنا واياكم منهم من حزب النبي صلى الله النبي من حزب النبي صلى الله عليه وسلم الذين هم حزب الله الذين قال فيهم الا ان حزب الله هم المفلحون. تم الكتاب بحمد الله الوهاب. واعظم ما يهب الله تعالى العبد العلم الذي يقوده الى العمل ولذلك قال الوهاب نحن عندما يذكر الوهاب ينصرف الذهن غالبا الى الهبات الدنيوية من الارزاق والمآكل والاولاد ونحو ذلك. لكن اعظم ما يهب الله تعالى به العبد ان يهبه قلبا سليما. علما نافعا عملا صالحة فنحمده ونسأله ان يفتح علينا من هباته وان يجعلنا من اولياءه وان يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح واسأل الله تعالى ان يغفر للمؤلف وان يرحمه وان يجعل ما كتبه في هذا السفر في موازين حسناته فحق اهل العلم الذين جمعوا علوما ونفعوا الخلق ان يدعى لهم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد