الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد يقول المصنف رحمه الله هو الميزان اي نؤمن بالميزان وهو مما جاء به الخبر في القرآن وفي السنة واجمع عليه علماء الامة اما القرآن فقول الله تعالى ونضع الموازين القسط ليوم القيامة وقوله تعالى فمن ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية ومن خفت موازينه فامه هاوية والميزان الذي جاء ذكره في القرآن وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم في مثل قوله صلى الله عليه وسلم كلمتان خفيفتان على اللسان حبيبتان للرحمن ثقيلتان في الميزان سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم هو ما توزن به الاعمال يوم القيامة وذلك ان الناس يوم القيامة اذا حوسبوا على اعمالهم وعد عليهم ما كان من الحسنات والسيئات وضعت الحسنات في كفة والسيئات في كفة وهذا هو الميزان وهو ميزان حقيقي له كفتان يظهر الله تعالى به احوال الناس. فاما ان ترجح الحسنات واما ان تتساوى واما ان ترجح السيئات من رجحت حسناته باز وزحزح عن النار وادخل الجنة ومن ثقلت سيئاته استحق النار ومن تساوت حسناته وسيئاته استحق النار الى ان ترجح الحسنات وذاك انه لا يدخل الجنة الا من رجحت كفة حسناته على سيئاته الذي يوزن يوم القيامة جاء في النصوص انه العمل وجاء انه العامل وجاء انه دواوين العمل وصحائفه كل هذا مما دلت السنة على انه يوزن فيوزن العمل وهذا دليله قوله تعالى فمن ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية والموازين هنا اي ما يوزن به عمله. وقول النبي صلى الله عليه وسلم كلمتان خفيفتان على اللسان حبيبتان للرحمن ثقيلتان في الميزان سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم فهذا دل على ان عمل يوزن واما العمال فما جاء في قوله تعالى فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا وذاك انه جاء في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر انه يؤتى بالرجل الكافر العظيم السمين فلا يزن عند الله تعالى جناح بعوضة فدل ذا ثم وقرأ قوله تعالى فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا و اما اما وزن الدواوين فحديث عبد الله بن عمرو في حديث البطاقة فانه توضع في كفة سجلات العمل في الكفة الاخرى البطاقة وهذا يدل على ان الذي يوزن هو الصحائف وهو السجلات والكتب وكل ذلك يمكن ان يكون وهو في ساعة قصيرة دريعة فالله تعالى سريع الحساب سبحانه وبحمده اه وقد قال بعض المحرفين ان المراد بالميزان العدل وليس انه ميزان حقيقي يوزن به العمل او العامل او الدواوين ولكن هذا مخالف لما جاءت به النصوص من ان الميزان يوزن به هؤلاء وهو ميزان حقيقي. وليس المراد منه العدل فقط يعني هم يقولون الميزان هو العدل قال الميزان يقيم به الله به العدل ويظهر الله تعالى به الفضل. لكن ليس المقصود بالميزان العدل بل العدل من لازم اثبات الميزان. والاقتصار على اللازم مع امكان اثبات الملزوم آآ هذا ليس بصحيح مع ان كان اثبات الاصل ليس بصحيح آآ بعد ذلك قال المصنف رحمه الله هو الجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان ابدا ولا تبيدان. قوله رحمه الله هذا ايضا من مسائل الايمان باليوم الاخر الايمان بالجنة والنار والجنة والنار هما ما اعده الله تعالى لعباده الطائعين والعاصين فان اهل الطاعة يصيرون الى الجنة واهل المعصية يصيرون الى النار ولذلك الجنة هي اسم دار النعيم الكامل اسم لدار النعيم الكامل التي اعد الله تعالى فيها لعباده واوليائه ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر واما النار فهي اسم لدار العذاب التي اعدها الله تعالى للكفار والعصاة والجنة والنار قال فيهما المصنف رحمه الله مخلوقتان اي ان الله تعالى خلقهما وانهما موجودتان وانهما مكونتان وادلة هذا كثيرة في الكتاب وفي السنة. وقد اجمع عليه سلف الامة فان الجنة والنار قد فرغ من خلقهما بمعنى ان الله اوجد النار واوجد الجنة وهذا لا يعني انه قد اكتمل خلقهما فان الله تعالى يحدث فيهما من امره ما يشاء لكن ما يتصل بايجاد الجنة والنار هما موجودتان فالله تعالى اه قال في النار اعدت اه للكافرين وقال في الجنة اعدت للمتقين والاعداد اقتضي التهيئة وهو خبر عما كان ومضى فدل ذلك على انهما موجودتان وقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى خلق الجنة وخلق النار وخلق لكل واحدة منهما اهلا آآ من ذلك ما جاء في صحيح الامام مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله خلق للجنة اهلا خلقهم لها وهم في اصلاب ابائهم وخلق للنار اهلا خلقهم لها وهم في اصلاب ابائهم فالجنة والنار مخلوقتان خلقهم الله تعالى ومن قال ان الجنة والنار لم تخلق وان خلقهما عبث قبل دخول اهلهما فهذا كذب وزور وضلال مبين ومعارضة للقرآن الكريم فان الله تعالى له الحكمة فيما يخلق فخلق الجنة وابتلى بها ادم حيث ادخله الجنة وآآ ارواح المؤمنين تصير الى الجنة. كما ان ارواح الكافرين تصير الى النار. كل ذلك يدل على ان الجنة والنار لم تخلق عبثا بل الله له فيهما ما يشاء وهو الحكيم الخبير سبحانه وبحمده المقصود ان الجنة والنار مخلوقتان كونهما مخلوقتان لا يعني انهما قد فرغ منهما بالتمام فان الجنة لا يزال يحدث الله تعالى فيها من النعيم لعباده ما يشاء سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر غرس الجنة كما جاء في حديث ابن مسعود عند الترمذي وهذا يدل على انها تغرس اذا قالها صاحبها غرسها الله تعالى له في في الجنة فهي غرس الجنة التي ينال بها العبد خيرا وفضلا من الله جل في علاه كلما قال ذلك ثم قال المصنف رحمه الله بعد ان قرر ان الجنة والنار مخلوقتان قال لا تفنيان ابدا ولا تبيدان لا تفنيان اي ان اهل السنة والجماعة يعتقدون ان الجنة والنار باقيتان بقاء دائما بقاء غير منقطع بقاء لا نهاية له فلا تطرقوا اليهما هلاك فقوله لا تفنيان هذا البقاء الدائم. وقوله ولا تبيدان هذا نفي ان ان يتطرق اليهما هلاك وهذا تأكيد لمعنى التأبيد فانه لا يتطرق اليهما الاكم بالكلية. دل على ذلك الكتاب والسنة وقد اجمع علماء الامة على ان الجنة باقية فان الله تعالى قد ذكر تأبيد الجنة في مواضع عديدة من كلامه. قال تعالى خالدين فيها ابدا ذلك الفوز العظيم وقال سبحانه وبحمده لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين. وقال تعالى عطاء غير مجذوذ اي غير مقطوع وهذا يدل على الدواء. وقال تعالى ان هذا لرزقنا ما له من نفاد. اي لا ينتهي ولا ينقطع وقد قال خارجها بن مصعب وهو من السلف الصالحين كفرة الجهمية بايات بايات من كتاب الله تعالى في غير موضع وذكر اربع ايات كفرت بها الجهمية الذين يقولون ان الجنة والنار تفنيان كفروا بقوله تعالى اكلوا هدائم ودوام الاكل يدل على عدم انقطاعه وانه لا يفنى وانه لا يبيت وكفروا بقوله تعالى ان هذا لرزقنا ما له من نفاد اي لا لا لا خلاص له ولا فناء وكذلك كفروا بقوله تعالى لا مقطوعة ولا ممنوعة اي انها لا تنقطع عنهم فمن قال بان الجنة تفنى وتبيد فقد كفر بما جاء به القرآن الكريم وخالف ما جاءت به السنة وخالف ما اجمعت عليه الامة اما النار فان ادلة القرآن الكريم دالة على ان النار باقية وانها دائمة لا تزول ذكر الله تعالى ذلك في ثلاثة مواضع من كتابه الحكيم صرح فيها بتأبيد النار. في سورة النساء قال الله تعالى ان الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا الا طريق جهنم خالدين فيها ابدا. وكان ذلك على الله يسيرا قال في سورة الاحزاب ان الذين ان الله لعن الكافرين واعد لهم سعيرا خالدين فيها ابدا لا يجدون وليا ولا نصيرا. وقال في سورة وقال في سورة الجن ومن يعص الله ورسوله فان له نار جهنم خالدين فيها ابدا فذكر الله تعالى التأبيد تأبيد النار في ثلاثة مواضع من محكم كتابه وهذا يتبين به ان النار باقية دائمة كما قال المصنف لا تفنى ولا تبيت واما من قال بان الجنة تفنى وتبيد فقد استدلوا بنظير قوله تعالى واما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والارض الا اما شاء ربك قالوا الاستثناء هنا يدل على عدم الدوام استدلوا ايضا بقول الله جل وعلا نابثين فيها احقابا وقد اختلف السلف في قدر الحقب فقال بعضهم عشر سنوات وقال اخرون اربعون سنة وقالوا اقوال عديدة في تحديد عدد نواة الحقب وقد اخبر الله بانها احقاب و الصواب ان هذه الايات لا تعارض ما جاء من التأبيد فهي اية مجملة يبينها ماذا ما جاء به النص من ان النار مؤبدة كما قال تعالى الا طريق جهنم خالدين فيها ابدا وكما قال جل وعلا ومن يعصي الله ورسوله فان له نار جهنم خالدين فيها ابدا وكما قال ان الله لعن الكافرين واعد لهم سعيرا خالدين فيها ابدا. لا يجدون وليا ولا نصيرا فهذه الايات تبين معنى قوله الا ما شاء الله وهي كقوله تعالى في الجنة واما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والارض الا ما شاء ربك فهي كذلك لا تفارق الاية السابقة لكن في هذه قال عطاء غير مجذول قالوا لما قال عطاء غير مجدود دل ذلك انه ممتد غير منقطع فنقول بهذه الاية على ان الجنة باقية لانه قال تعالى عطاء غير مشدود فكذلك في اية النار فانها محمولة على الايات التي فيها ذكر التأبيد الذي لا ينقطع. واما قول الابثين فيها احقابا فاخبر الله بانهم يلبثون في اعقابا. بغض النظر عن عدد سنوات الحقب الواحد لكنه لم يقل انهم لابثين فيها احقابا محددة بل اطلق ذلك فيحمل على ما جاء من انه انها حقب كن مؤبدة احقاب لا نهاية لها وعلى هذا عامة علماء الامة وجمهور آآ الائمة فيما يتعلق اه فناء النار. اما فناء الجنة فلا خلاف بين العلماء ان النار ان الجنة لا تفنى بل هي باقية لا تبيد. نسأل الله ان نكون من اهلها ثم قال المصنف رحمه الله وان الله تعالى خلق الجنة والنار قبلها قبل الخلق اي يعتقد اهل السنة والجماعة ما دل عليه الكتاب والسنة واجمع عليه سلف الامة من ان الجنة والنار مخلوقتان قبل الخلق دليل اما سبق خلق الجنة والنار للانس فذاك بين في قوله تعالى وقلنا يا ادم اسكن انت وزوجك الجنة وهذا جار على قول الائمة القائلين بان الجنة التي ادخلها ادم عليه السلام هي جنة الخلد وقد جاء في صحيح الامام مسلم من حديث عائشة قالت لما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على آآ جنازة صبي من الانصار قالت عائشة رضي الله عنها طوبى له عصفور من عصافير الجنة لم يعمل شرا او لم يعمل السوء ولم يدركه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم او غير ذلك يا عائشة يعني قد يكون غير هذا الذي تذكريه ان الله خلق الجنة وخلق لها اهلا وهم في اصلاب ابائهم. وخلق النار وخلق وخلق لها اهلا وهم في اصلاب ابائهم فاخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن تقدم خلق جنة والنار قبل خلق اهلهما وهذا معنى قوله رحمه الله وخلق لهما اهلا وقوله وهو يدل لذلك ايضا قول النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين من حديث علي بن ابي طالب رضي الله عنه انه آآ قال علي رضي الله عنه كن في جنازة في بقيع الغرقد فاتانا النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما منكم من احد ما من نفس منفوسة الا كتب الله مكانها من الجنة والنار. والا كتب شقية اه شقية او سعيدة فهذا بيان ان اهلها قد خلقوا ان ان الله تعالى قد خص للجنة اهلا وخص للنار اهلا فاثر الجنة بالفقراء المؤمنين واهل الطاعة المحسنين وخص النار بالمتكبرين واهل الكفر العصيان قال رحمه الله فمن شاء منهم ادخله الجنة فظلا منه ومن شاء ادخله النار اي ادخله النار عدلا منه هذا بيان ان اهل السنة والجماعة يعتقدون ان الخلق في مشيئة الله تعالى وارادته فمن اراد ادخله الجنة تفضلا منه ورحمة واحسانا وفضلا ومن شاء ادخله النار عدلا فالناس بين عدله وفضله بين احسانه وعدله جل في علاه وعلى هذا ومن هذا يتبين انه لا يدخل احد الجنة بعمله انما هو فضل الله عز وجل. قوله فمن شاء منه هو خير بالنسبة لما يؤمل من حصول الشفاء والانتفاع به. لكن بالنسبة لالمه وطعمه والتأذي باخذه هو شر او لا لكن هذا الشر النسبي منغمر فيما يكون من الخير الذي ادخله الجنة فظلا اي بفظله لا بعمله فعمل الانسان مهما كان صالحا ومهما كان حسنا بانه يقصر عن ان يبلغ بالعبد الجنة الجنة عالية غالية ونعم الله على العباد عظيمة جليلة فمهما قام العبد بمن بالعبادة والطاعة فحق الله اعظم ويقصر عمله عن ان يبلغه الجنة. لذلك جاء في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لن يدخل احد احدا منكم عمله الجنة قالوا ولا انت يا رسول الله؟ قال ولا انا الا ان يتغمدني الله بفضل ورحمة فسددوا وقاربوا وهذا يدل على ان دخول الجنة انما هو بفضل الله تعالى. فالعمل لا يستقل بدخول الجنة. انما دخولها بفضل الكريم الذي تفضل عليك بالهداية الى الايمان والتوفيق الى صالح الاعمال ثم هو تفضل عليك بقبولها هذه الاعمال وهذا الايمان ثم هو تفضل عليك بالاثابة عليه مع ظعفه وقصوره وعدم بلوغه الغاية التي بها يستحق الانسان الجنة و لذلك اظهارا لفضل الله تعالى وبيانا لعظيم جوده وان الجنة فظله لا يأخذها العباد استحقاقا انما هي فظله يدخل الله تعالى الجنة اقواما لم يعملوا خيرا قط ولو كانت الجنة بالعمل ما دخلها الا من استحقها وكذلك جاء ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر بانه ينشئ الله تعالى يوم القيامة خلقا فيدخلهم الجنة. يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث انس ولا تزال الجنة تفظل يعني تزيد عن نعيم اهلها وما اعد لهم فيها تزيد وتفيض. نسأل الله من فضله. ولا تزال الجنة تفضل حتى ينشأ الله لها خلقا فيسكنهم فظل الجنة يعني يسكنهم ما بقي بعد اخذ اهل الجنة منازلهم واماكنهم وما اعد الله تعالى لهم من العطاء والهبات وهذا يؤكد ما ذكره المصنف رحمه الله من ان دخول الجنة انما هو ايش بفظل الله واحسانه وعطائه ومنه نسأل الله ان يمن علينا بان يجعلنا من اهلها ثم قال رحمه الله ومن شاء منهم الى النار اي ادخله النار عدلا منه اي ان من شاء الله تعالى ان انه اي ان من دخل النار من الناس فانما يدخلها بعدل الله عز وجل فانه لا يدخل النار احد الا وهو موقن انه مستحقها لا يرى ان الله تعالى ظلمه قال الله تعالى في ما اخبر عن حال اهل عن حال اهل النار كلما كلما القي فيها فوج سألهم خزنتها الم يأتكم نذير؟ لماذا يقولون قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء ان انتم الا في ضلال مبين. ثم قالوا وقالوا لو كنا نسمع او نعقل ما كنا في اصحاب السعير اعترفوا او لم يعترفوا شاهدوا على انفسهم باستحقاق النار. وكذلك يقول الله تعالى وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب نسأل الله السلامة والعافية اللهم اجرنا من النار يا رب العالمين قالوا او لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين الا في ضلال وكذلك يقول الله تعالى في محاجة اهل النار فيما يكون بينهم من المحادشة الظالين والمضلين الذين سعوا بالاظلال والذين استجابوا لهم فاستنساقوا ورائهم وقالت اولاهم لاخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوق والعذاب بما كنتم تكسبون هؤلاء اهل النار يقول بعضهم لبعض ذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون وهذا معنى قول المصنف رحمه الله ومن شاء منهم الى النار عدلا منه جل في علاه وما ظلمناهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون وما ربك بظلام للعبيد سبحانه وبحمده ثم قال المصنف رحمه الله بعد هذا وكل يعمل لما قد فرغ له وسائر الى ما خلق له ان السنة والجماعة يعتقدون ان جميع الخلق جارون بما يصدر عنهم من العقائد والاقوال والاعمال جارنا في ذلك كله على ما سبق به علم الله تعالى وتقديره فهم ملون وفق ما قدر الله لهم فالخلق كلهم ميسرون لما خلقوا له وهذا لا ينفي اختيارهم كما تقدم في بيان مسائل القدر الخلق لا يخرجون عن قدر الله هذا لا يلغي كما قال تعالى في محكم كتابه وما تشاؤون الا ان يشاء الله لمن شاء منكم ان يستقيم فاثبت للخلق استقامة ثم اخبر ان هذه المشيئة والارادة لا تخرج عن مشيئة الله وارادته سبحانه وبحمده وما تشاؤون الا ان يشاء الله ان الله كان عليما حكيما على والله تعالى اعلم فكل الخلق يعملون وفق ما جرى به التقدير رب العالمين وقد قال الله تعالى ان سعيكم لشتى اي مفترق ومختلف صالح وفاسد طاعة ومعصية خير وشر ان سعيكم لشتى عمل الناس مختلف متفرغ تفرقا عظيما في الظاهر وفي الباطن واختلافه في البواطن اعظم من اختلاف في الظواهر. ان سعيكم لشتى ثم ذكر الله تعالى انقسام السعي في الجملة الى قسمين فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى واما من بخل واستغنى هذا القسم الثاني وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى وهذا نال خيرا عظيما وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من يرد الله به خيرا يصب منه فلذلك ينبغي ان يعلم ان الخير الذي الخير المطلق هو في فعله جل وعلا. واما ما يكون في المخلوقات من شر فهو شر نسبي التيسير في الحالة تيسير الانسان الذي ييسر للحسنى والانسان الذي ييسر للعسرى كله تحت قدره وعلمه لا يخرج عن علمه شيء من احواله خلقه سبحانه وبحمده. وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ان العباد يعملون في سابق ما قدر لهم فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث علي ما من نفس منفوسة الا كتب مكانها من الجنة والنار والا قد كتب شقية او سعيدة فقال رجل يا رسول الله افلا نتكل على الكتاب؟ يعني اذا كان قد فرغ علم اهل الجنة وعلم اهل النار. ما نتكل على الكتاب وندع العمل فقال النبي صلى الله عليه وسلم اما اهل السعادة فيسرون الى عمل اهل السعادة واما اهل الشقاء فيسرون لعمل اهل الشقاء. ثم قرأ قوله تعالى فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى. وما من واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم اعملوا فكل ميسر لما خلق خلق له. وقد جاء في صحيح الامام مسلم من حديث جابر في قصة سراقة ابن مالك انه قال يا رسول الله ففي ما العمل؟ يعني الناس يعملون في اي شيء في امر مبتدأ؟ ام امر قد سبق به التقدير واحاط به علم رب العالمين. فقال النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم اعملوه فكل ميسر اي ميسر لما خلق له. فالحجة لله على خلقه حيث امرهم ونهاهم ودلهم الطريق وبين لهم الهدى وهداهم النجدين امن وصدق فاز ومن اعرض وكذب خسر بعد هذا قال قال رحمه الله والخير والشر مقدران على العباد. هذا عود لمسائل القدر وانتم تلاحظون في هذا المتن ان المؤلف يكرر مسائل القدر كثيرا وذلك لدعاء الحاجة الى تقرير هذا الاصل الذي حصل فيه اشتباه من حيث الاصل وايضا لان كثيرا من البدع حصلت في زمانه تتعلق بالقدر فاعاد وابدى في موضوع القدر في مواضع عديدة وهذا منها يقول رحمه الله والخير والشر مقدران على العباد اي ان كل ما يجري على الخلق من الحوادث والوقائع اخيرا كانت ام شرا فهو جار بقدر الله تعالى يقول الله جل في علاه ان كل شيء خلقناه بقدر فلا شيء يخرج عن تقدير الله سبحانه وبحمده واذا علم العبد ذلك عظم الله خلافا لاولئك الذين قلوبهم منحرفة مليئة بالزيغ والشبه قد يحتجون بالقدر على تعطيل الشرع وهذا تكذيب للقرآن فلو كان القدر حجة في ترك الشرع لما امر الله تعالى عباده ولما نهاهم اذ كيف يأمرهم وينهاهم وقد ابطل اختيارهم وعطل اه اه امرهم ونهيهم بما اجره من تقدير بل الله تعالى يهدي من يشاء بعلمه ويظل من يشاء بعلمه فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم يقول المصنف رحمه الله والخير والشر مقدران على العباد فلا يخرج عن ذلك شيء قد قال الله تعالى ونبلوكم بالشر والخير فتنة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بشمول القدر للشر ان تؤمن بالله فلما سئل عن الايمان قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر ثم قال والقدر خيره وشره هنا مسألة وهي هل يضاف الشر الى الله تعالى جاء في صحيح الامام مسلم من حديث علي بن ابي طالب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل في الاستفتاح انه قال والشر ليس اليك اي الشر لا يضاف الى الله تعالى ولا ينسب اليه لا في المخاطبة ولا في الاعتقاد فان الله تعالى منزه عن الشر سبحانه وبحمده هذا لا يعني انه لم يخلق ما يكون في الارض والوقائع من الشر بل الله خالق كل شيء انما المقصود بالشر الذي ليس الى الله تعالى اي ان الله لا يوجد شرا محضا انما قد يكون شرا نسبيا او شرا من ناحية معينة فمثلا الدواء المر للمريض هو خير او شر يحصل بهذا الدواء كذلك في فعله وهو الذي ليس كمثله شيء سبحانه وبحمده ما خلق الله من شيء في في السماء والارض الا وله فيه حكمة وهو خير من حيث فعل الله تعالى لكن من حيث ما يمكن ان يترتب على ذلك الخلق من اضرار قد يكون شرا نسبيا المرض مثلا بالنسبة للانسان شر او ليس شرا شر لكنه يجري فيه من الخير للمؤمن ما لا يفوق ما لا يدركه عقله ويفوق خياله. فان المؤمن اذا احتسب وقد اثبت الله تعالى وجود الظر في فعله وفي اه ما اه يضاف اليه قد قال الله تعالى في المشركين ان تصبهم حسنة يقول هذه من عند الله وان تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك يعني يخاطبون النبي صلى الله عليه وسلم. فماذا قال الله تعالى قل كل من عند الله ما اصابكم من حسنات فمن عند الله وما اصابكم من سيئات وهي ما يكرهه الانسان من المصائب والبلايا والشرور من عند الله. قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثه. وقد قال الله تعالى ان يمسسك الله بضر فلا كاشف له الا هو. وان يمسسك بخير فلا راد لفظله فالشر ليس الى الله معناه انه لا يضاف اليه اضافة مجردة وانه لا يكون في فعله شر محض والا فالكل خلقه جل في علاه لا يخرج عن ذلك شيء مما خلق الله تعالى في السماوات وفي الارض وقوله رحمه الله مقدران على العباد اي ان الله تعالى علم ذلك وكتبه علم ذلك وكتبه وشاءه واوجده هذا معنى قوله مقدران على العباد اي سبق بهما التقدير وذلك بان الله وذلك بسبق العلم سبق الكتابة وسبق المشيئة وسبق والايجاد وايجاد ما قدر من خير او شر سبحانه وبحمده بعد هذا انتقل المؤلف رحمه الله الى مسألة من المسائل المتصلة بالقدر وهي الاستطاعة فقال فيها نعم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. اما بعد اللهم اغفر لنا ولشيخنا والحاضرين وجميع المسلمين. قال المؤلف رحمه الله تعالى والاستطاعة التي يجب بها الفعل من نحو التوفيق الذي لا ان يوصف المخلوق به فهي مع الفعل. واما الاستطاعة من جهة الصحة والوسع والتمكن وسلامة الالات فهي قبل الفعل وبها يتعلق الخطاب وهو كما قال تعالى لا يكلف الله نفسا الا وسعها يقول رحمه الله والاستطاعة التي يجب بها الفعل من نحو التوفيق الذي لا يجوز ان يوصف المخلوق به فهي من الفعل. هذه من المسائل المتصلة بالقدر المؤلف رحمه الله آآ ذكر في الاستطاعة قسمين وقبل ان نذكر ما ذكره في الاستطاعة الاستطاعة مأخوذ من استطاع وهي في اللغة عبارة عن صفة الاستطاعة هي صفة يتمكن بها الانسان من الفعل او الترك هذا معنى الاستطاعة صفة يتمكن بها الانسان من الفعل او الترك وقد تطلق الاستطاعة على القدرة اول قوة والوسع والطاقة والمصنف رحمه الله هنا جعلها قسمين القسم الاول قال فيه والاستطاعة التي يجب بها الفعل يعني التي يوجد بها الفعل ويثبت بها الفعل وهي الاستطاعة التي تقارن الفعل هذا معنى التي يجب بها الفعل. الاستطاعة المقارنة للفعل ما هي الاستطاعة المقارنة للفعل؟ هي الاستطاعة التي يوجد بها الفعل الان هذا القلم استطيع ان احمله الان هذي قبل ما اشيله الان عندي قدرة على على حملها اليس كذلك طيب الان لما حملته لما حملت القلم هذه استطاعة او ليست استطاعة هذي استطاعة مقارنة للفعل الان يتكلم المؤلف عن هذا النوع من الاستطاعة وهي المقارنة للفعل لو جئنا صندوق كبير واردت ان احملها. وانا انا اعجز عن حمله كبير. لما اجي احاول ان اقله من مكانه ان احمله. الان تعذر الاستطاعة السابقة والمقارنة واضح؟ ولذلك لم يوجد الفعل وهو الحمل الان يقول المصنف رحمه الله والاستطاعة التي يجب بها الفعل من نحو التوفيق التي لا يجوز الذي لا يجوز ان يوصف المخلوق به فهي مع الفعل. هذا القسم من الاستطاعة سميناه سميناه ماذا الاستطاعة المقارنة للفعل الاستطاعة التي يوجد بها الفعل الاستطاعة التي تقتضي حصول الفعل هذه هي التي نفاها الله تعالى عن المشركين في مثل قوله جل وعلا ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون وفي مثل قوله وكانوا لا يستطيعون سمعه الاستطاعة المنفية هنا عن المشركين ما هي هل هذه هي الاستطاعة التي تسبق او التي يحصل بها التكليف؟ الجواب لا. انما هي الاستطاعة المقارنة للفعل. ويأتي مزيد بيان لهذا وتوضيح في الدرس القادم ان شاء الله