او سعيد ما ذكره المؤلف هو في رواية اخرى ان الله يبعث ملكا على رأس مئة وعشرين ليلة فيؤمر فيقال له ما اكتب فيقال له اكتب رزقه وعمله واجله وشقي انا كن منذرين فيها يفرقوا اي يقضى ويحكم ويقدر فيها يفرق كل امر حكيم فهي ليلة الحكم والتقدير يقضي الله فيها كل اجل وعمل ورزق الى مثلها من العام القادم ولذلك سميت هذه الليلة بليلة القدر وثمة تقدير يومي وهو المشار اليه بقوله تعالى كل يوم هو في شأن وبهذا يتبين ان كتابة القدر على مراتب وليس على مرتبة واحدة وهذا التقدير التابع لعلمه سبحانه يكون في مواضع جملة وتفصيلا. فقد كتب في اللوح ما شاء واذا خلق فقد كتب في اللوح المحفوظ ما شاء. واذا خلق جسدا الجنين قبل نفخ الروح فيه بعث اليه ملكان فيؤمر باربع كلمات فيقال له اكتب رزقه واجله وعمله وشقي ام سعيد ونحو ذلك. وبيان هذا ان التقدير والكتابة تكون تفصيلا بعد جملة. فالله تعالى لما قدر مقادير الخلائق قبل ان يخلق السماوات والارض بخمس الف سنة لم يظهر ذلك التقدير للملائكة. ولما خلق ادم قبل ان ينفخ فيه اظهر لهم ما قدره كما يظهر لهم ذلك من كل مولود. كما في الصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال يجمع خلق احدكم في بطن امه اربعين ان يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك. ثم يكون مضغة مثل ذلك. ثم يرسل الله الملكة فينفخ فيه الروح ويؤمر باربع كلمات رزقه واجله وعمله وشقي ام سعيد وفي طريق اخر وفي رواية ثم يبعث اليه الملك. فيؤمر فيقال اكتب رزقه وعمله واجله وشقي ام سعيد ثم ينفخ فيه الروح. فاخبر صلى الله عليه وسلم فيها هذا الحديث الصحيح ان الملك يؤمر بكتابة رزقه واجله وعمله وشقي او سعيد وشرقي او سعيد بعد خلق جسد ابن ادم وقبل نفخ الروح فيه. ومن التفصيل بعد الاجمال ما يكون ليلة القدر كما قال الله تعالى حم والكتاب المبين انا انزلناه في ليلة مباركة انا كنا منذرين فيها يفرق كل امر حكيم. فهي ليلة الحكم والتقدير يقضي الله كل اجل وعمل ورزق الى مثلها. ومن ذلك ايضا ما يكون في كل يوم كما في قول الله تعالى كل يوم هو في شأن ومن شأنه جل شأنه ان يسوق المقادير التي قدرها قبل خلق السماوات والارض بخمسين الف عام الى مواقيتها. فلا يتقدم شيء منها عن وقته ولا يتأخر. بل كل منها قد احصاه. كما احصاه كتابه وجرى به قلمه ونفذ فيه حكمه وسبق به علمه هذا البيان ايضاح وتفصيل ان القدر الذي هو حكم الله الكوني كتابته ليست على حال واحدة بل هي على احوال فمنها كتابة اجمالية ومنها كتابة تفصيلية وذكر لذلك مثلا فقال رحمه الله في ذلك قال فقد كتب في اللوح المحفوظ ما شاء اي ما اراده جل في علاه وما اختاره سبحانه وبحمده ثم قال واذا خلق جسد الجنين قبل نفخ الروح فيه بعث اليه ملكا فيؤمر اربع كلمات اي يؤمر بكتابة اربع كلمات كما جاء في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه انه قال والذي لا اله غيره ان احدكم ليعمل بعملها الجنة حتى ما يكون بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل النار فيدخلها وان احدكم ليعمل بعمل اهل النار حتى ما يكون بينها وبينه الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل النار فيدخله ثم قال رضي الله تعالى عنه يجمع خلق احدكم في بطن امه اربعين يوما هو قدم بهذه المقدمة اولا قال يجمع خلق احدكم في بطن امه اربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك اي اربعين يوما ثم يكون مضغة مثل ذلك. يعني اربعين يوما. ثم يرسل ثم يرسل الله تعالى اليه الملك. يعني على مئة وعشرين ليلة من بداية الحمل فينفخ فيه الروح ويؤمر باربع كلمات رزقه واجله وعمله وشقي ام سعيد. رزقه يعني ما يرزقه الله تعالى من كل وجه من رزق الابدان ومن رزق القلوب من رزق الدين ومن رزق الدنيا وعمله اي وما يكون من عمله الذي يعمله من خير او شر واجله يعني موته متى يكون بعد سنة بعد بعد سنين شقي ام سعيد هذا مآله؟ يعني من اهل الشقاء او من اهل السعادة من اهل الجنة او من اهل النار. هذا معنى قوله ام سعيد يعني اهو شقي ام سعيد ثم ينفخ ثم ينفخ فيه الروح فاخبر في الحديث ان الملك يؤمر بكتابة هذه الامور الاربعة قبل ان يخلق الانسان قبل ان تنفخ فيه الروح كما تقدم ومن التفصيل بعد الاجمال ما يكون من التقدير في ليلة القدر فان الله تعالى يقدر فيها تفصيلا ما يكون في العام من حوادث الزمان ووقائعه كما قال جل في علاه حميم الكتاب المبين انا انزلناه في ليلة مباركة الاول التقدير الازلي وهو الذي اخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله قدر الله مقادير الخلائق قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة ثم بعد ذلك تقدير بالنسبة الناس عندها خلقهم وهو التقدير العمري الذي يكون عند خلق الانسان قبل نفخ الروح فيه. يؤمر بكتابة رزقه عمله واجله وعمله وشقي ام سعيد هذه هذا هو النوع الثاني من انواع التقدير وهو التقدير العمري النوع الثالث من انواع التقدير التقدير الحول وهو الذي يكون في ليلة القدر يقضي الله تعالى فيه ما شاء من الاقضية والاقدار التي تكون الى مثلها من العام القادم واما الرابع من مراتب التقدير التقدير اليومي وهو الذي اشار اليه قوله تعالى كل يوم هو في شأن كل يوم هو في شأن اي في قضاء وحكم سبحانه وبحمده وهذا معنى ما ذكره المؤلف رحمه الله في قوله يكون في مواضع جملة وتفصيلا اي القدر يكون مجملا ويكون مفصلا بعد ذلك يقول في بيان الدرجة الثانية من درجات الايمان بالقدر وهي تتضمن مرتبتين ايضا. تقدم ان من الايمان بالقدر ان تؤمن بان الله علم كل شيء قبل وقوعه وانه كتب كل شيء قبل وقوعه سبحانه وبحمده. نعم فهذا القدر قد كان ينكره غلاة القدرية قديما ومنكروه اليوم قليل. وبيان هذا ان غلاة القدر ينكرون علمه المتقدم وكتابته السابقة. ويزعمون انه امر ونهى وهو لا يعلم من ممن يعصيه بل الامر انف اي مستأنف. وهذا القول اول ما حدث في الاسلام بعد انقراض عصر الخلفاء الراشدين وبعد امارة معاوية بن ابي سفيان في زمن الفتنة التي كانت بين ابن الزبيري وبين بني امية في اواخر عصر عبدالله بن عمر وعبدالله بن عباس وغيرهما من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم وكان اول من ظهر عنه ذلك بالبصرة معبد الجهني. فلما بلغ الصحابة قول هؤلاء تبرأوا منهم وانكروا مقالتهم كما قال عبدالله بن عمر رضي الله عنهما فلما اخبر عنهم اذا لقيت اولئك فاخبرهم اني بريء منهم. وانهم برءاء مني وكذلك كلام ابن عباس وجابر ابن عبد الله وواثلة بن الاصقع وغيرهم من الصحابة والتابعين لهم باحسان والتابعين لهم باحسان وسائر ائمة المسلمين فيهم كثير. كما حتى قال فيهم حتى قال فيهم الأئمة كمالك والشافعي واحمد بن حنبل وغيرهم ان المنكرين لعلم الله المتقدم يكفرون. ثم كثر خوض الناس في القدر. فصار جمهورهم يقر بالعلم المتقدم والكتاب السابق. لكن ينكرون عموم مشيئته وعموم خلقه وقدرته. هذا بيان ان انكار هذه المرتبة وهي الانكار علم الله السابق للحوادث وعلم الله تعالى المتقدم على الوقائع وكتابته جل في علاه ذلك ان هذا من المحدثات التي جرت زمن الصحابة في اواخر عصرهم رظي الله تعالى عنهم وقد انكروا ذلك غاية الانكار فقد اخرج الامام مسلم في صحيحه من حديث يحيى بن يعمر انه قال كان اول من قال بالقدر في البصرة معبد الجهني فانطلق يحيى بن يعمر ومعه حميد بن عبدالرحمن الى الحج او الى العمرة فتمنى يا ان يلقيا احدا من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيسألانه عن هذا الحدث الذي جرى في بلاده وهو ما قاله معبد الجهني من انه لا قدر وان الامر الف اي لم يسبق علم الله وتقديره للحوادث فالله لا يعلم شيئا قبل وقوعه. تعالى الله عما يقول هؤلاء علوا كبيرا فتمنى يا ان يلقي احدا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسألانه عما يقول هؤلاء في القدر توفق الله لهما عبد الله ابن عمر فلقياه رضي الله تعالى عنه اكتنفا يسألانه عن هؤلاء فقال له ابا عبد الرحمن ان ناسا يقرأون القرآن اي يشتغلون بالعلم ويتغفرون العلم وذكر من شأنهم اي اشتغالهم بالعلم وبالكلام يزعمون اللا قدر اي ان الله لم يقدر الاشياء قبل وقوعها وان الامر انف هكذا قص هذا الخبر على عبد الله ابن عمر الصحابي الجليل رضي الله تعالى عنه شيخ الاسلام وهو من علماء الصحابة وجلتهم رضي الله تعالى عنه فقال لهما فاذا لقيت اولئك اي هؤلاء الذين يقولون انه لا قدر وان الله لم يعلم الاشياء قبل وقوعها وانه لم يكتبها اذا لقيت اولئك فاخبرهم اني بريء منهم وانهم براء مني والذي يحلف به عبدالله ابن عمر لو ان لاحدهم مثل احد ذهبا فانفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر وذلك ان عدم الايمان بالقدر نقظ للايمان واذا لم يحقق الانسان الايمان لم ينفعه ما يعمله من الصالحات ويذهب عنه كل ما يكون من صالح الاعمال كما قال الله عز وجل وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا ولذلك قال لو كان لاحدهم مثل احد ذهبا فانفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر ثم ذكر الحديث الطويل في مجيء جبريل الى النبي صلى الله عليه وسلم وسؤاله عن الايمان عن الاسلام والايمان والاحسان وامارات الساعة. وكان من جوابه فيما بالايمان قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره وهؤلاء يسمون القدرية وكان غلاتهم اول ما ظهروا ينكرون علم الله السابق فانكر عليهم العلماء وائمة الاسلام من الصحابة ومن بعدهم. حتى قال الامام الشافعي رضي الله تعالى تعالى عنه ورحمه ناظرهم في العلم يعني في علم الله السابق لوقوع الحوادث فان اقروا به والا كفروا وذلك ان انه لا ينكر علم الله عز وجل الا مكابر فان خبر الله عن نفسه بالعلم التام السابق الواسع لكل ما يكون من الحوادث بين ظاهر يدركه كل مسلم ثم ذكر رحمه الله بعد ان بين ما ينكره غلاة القدرية بقية مراتب الايمان بالقدر وهي الايمان بالمشيئة والخلق. فيقول رحمه الله واما الدرجة الثانية فهي الله النافذة وقدرته الشاملة. وهو الايمان بان ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وانه ما في السماوات وما في الارض من حركة ولا سكون الا بمشيئة الله سبحانه. ولا في ملكه الا ما يريد. وانه سبحانه على كل شيء قدير من الموجودات والمعدومات فما من مخلوق في الارض ولا في السماء الا الله خالقه سبحانه. لا خالق غيره ولا رب سواه ومع ذلك فقد امر العباد بطاعته وطاعة رسوله ونهاهم عن معصيته. وهو سبحانه يحب المتقين والمحسنين والمقسطين. ويرضى عن الذين امنوا وعملوا الصالحات. ولا الكافرين ولا يرضى عن القوم الفاسقين. ولا يأمر بالفحشاء ولا يرضى لعباده الكفر ولا ايحب الفساد. تضمنت هذه الدرجة مرتبتين من مراتب الايمان بالقدر وهما الاولى مشيئة الله النافذة. فاهل السنة متفقون على اثبات القدر. وان الله على كل لشيء قدير وانه ما شاء الله كأن فوجب وجوده وما لم يشأ لم يكن. فامتنعوا فما شاء الله كان وان لم يشأ الناس وما لم يشأ لم يكن وان شاء الناس. لا معقب حكمه ولا راد لامره. وعلى هذا اتفق المسلمون وعليها اجماع الرسل من اولهم الى اخره وجميع الكتب المنزلة من عند الله والفطرة التي فطر الله عليها خلقه وادلة العقول والقرآن والسنة مملوءان مما يدل على هذا الثانية خلق الله تعالى لكل شيء فمذهب اهل السنة والجماعة على ان الله خالق كل شيء وربه ومليكه وقد دخل في ذلك جميع الاعيان القائمة بانفسها وصفاتها القائمة بها من افعال العباد افعال العبادة وهذا ما دل عليه الكتاب والسنة. وكان عليه السابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان. وهذا امر متفق عليه بين الرسل صلى الله وعليهم وسلم وعليه اتفقت الكتب الالهية والفطر والعقول والاعتبار. بل ادلة هذا من القرآن والسنة لا تكاد تحصر. ومما يجب التنبه له في هذا المقام انه لا يلزم من اعتقاد ان كل شيء انه لا يلزم من اعتقاد ان كل ما شاء الله وجوده وكونه فقد امر به ورضي. فان اهل السنة والجماعة يقولون بما اتفق عليه السلف من انه سبحانه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. ويثبتون الفرق بين مشيئته بين محبته ورضاه. فيقولون ان الكفر والفسوق والعصيان وان وقع بمشيئته فهو لا حبه ولا يرضى بل يسقطه ويبغضه. ويقولون ارادة الله في كتابه نوعان نوع بمعنى المشيئة لما خلق ونوع بمعنى محبته ورضاه لما امر به وان لم يخلق اقعد وقد تقدم بيان هاتين الارادتين وادلتهما في اثبات صفة الارادة لله تعالى وحكم الله سبحانه وتعالى يجري على وفق هاتين الارادتين. فمن نظر الى الاعمال بهاتين العين كان بصيرا ومن نظر الى القدر دون الشرع او الشرع دون القدر كان اعور. فتبين بهذا انه يحب ما لا يريد. ويريد ما لا يحبه. وذلك ان المراد قد يراد لغيره فيريد ذو الاشياء المكروهة لما في عاقبتها من الاشياء المحبوبة. ويكره فعل بعض ما يحبه انه يفضي الى ما يبغضه. والله تعالى له الحكمة فيما يخلقه. وهو سبحانه يحب المتق وهو سبحانه يحب المتقين والمحسنين والتوابين. ويرضى عن الذين امنوا وعملوا الصالحات ويفرح بتوبة التائب. وهو سبحانه لا يحب الفساد ولا يرضى لعباده الكفر ولا يأمر بالفحشاء. بل قال لما نهى عنه كل ذلك كان سيئه عند ربك كمكروها وتفصيل ادلة هذا ما تقدم اكثره في سياق ايات الصفات اذا عندنا ايها الاخوة الايمان بالقدر يتضمن مرتبتين تقدم ذكرهما المرتبة الاولى علم الله السابق للحوادث والمرتبة الثانية ان الله تعالى كتب ذلك فما من شيء الا وهو مكتوب في اللوح المحفوظ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وكتب في الذكر كل شيء والايمان بذلك واجب ولم ينكر هذا النوع او هذه المراتب من مراتب القدر الا غلاة القدرية. الذين رد قولهم اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الائمة انهم خارجون عن الدين لانكارهم علم الله عز وجل الذي دلت عليه الادلة في الكتاب والسنة واجتمعت عليه جميع الرسالات والنبوات اما المرتبتان الثانيتان وهما ضمن الدرجة الثانية التي ذكرها المؤلف رحمه الله فهي مشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة وهو الايمان بان ما شاء الله كان ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن قال الله تعالى وما تشاؤون الا ان يشاء الله ان الله كان عليما حكيما فمشيئة الله نافذة ما شئت كانا وان لم اشاء وما شئت ان لم تشأ لم يكن خلقت العباد لما قد علمت ففي العلم يجري الفتى والمسن فمنهم شقي ومنهم سعيد ومنهم قبيح ومنهم حسن على ذا مننت وهذا خذلت وهذا وذاك اعنت وذا لم تعد وله في ذلك غاية الحكمة سبحانه سبحانه وبحمده هو اعلم بمن اتقى جل في علاه فالخلق كلهم تحت مشيئته لا يخرج ما يشاؤونه عما شاء ولهم المشيئة ولا تقل كيف ذلك كما سيأتي بيانه بعد قليل فمشيئته نافذة ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وما لم يشأ لم يكن فاهل السنة متفقون على اثبات القدر وان الله على كل شيء قدير. وان ما شاء الله كان توجب وجوده وما لم يجأ لم يكن فامتنع وجوده فما شاء الله كان وان لم يشأه الناس كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في وصيته لعبدالله بن عباس واعلم ان الامة لو اجتمعوا على ان ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك ايش؟ يمضي ما ارادوه او لا ما نفعوك ولو اجتمعوا على ان يظروك بشيء لم يكتبه الله عليك يمضي ما ارادوا لم يضروك ما شاء كان جل في علاه وما لم يشأ لم يكن لا معقب لحكمه ولا راد لقظائه جل في علاه وعلى هذا اتفق المسلمون وعليه اجماع الرسل من اولهم الى اخرهم فلا ريب في هذا ولا نقاش اما المرتبة الثانية من هذه الدرجة فهي اليقين واعتقاد ان الله خلق كل شيء فما من شيء الا هو خلق الله كما قال كما قال تعالى ان كل شيء خلقناه بقدر فمذهب اهل السنة والجماعة ان الله تعالى خالق كل شيء وربه ومليكه وقد دخل في ذلك جميع الاعيان القادمة القائمة بانفسها فليس شيء من الخلق الا هو خلقه جل في علاه وكذلك صفاتهم دل على ذلك الكتاب والسنة واجمع عليه علماء الامة وما يجب التنبه له والعناية به انه لا يلزم من هذا ان كل ما يشاؤه فهو محبوب له ليس من لازم المشيئة المحبة فشاء الله تعالى امورا لا يحبها جل في علاه ولا يرضاها. لكنها من مقتضيات حكمته وقدرته جل في علاه فينبغي الا يجعل المؤمن تلازما بينما شاءه وبينما يحبه فليس ثمة تلاسؤ بين المشيئة والمحبة فقد يشاء ما لا يحب وقد لا وقد يشاء الا يقع ما يحب جل في علاه فالمؤمن ايمانه بمشيئة الله وهو محبوب له والكافر كفره بمشيئة الله وهو مكروه لله عز وجل كما فقال تعالى ان كما قال تعالى ولا يرضى لعباده الكفر وكما قال جل وعلا في تحبيب الايمان لعباده قال جل وعلا وحبب اليكم وحبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان. فمنا من ان يقع في قلب العبد حب الايمان وكراهة الفسوق والكفر والعصيان اولئك هم الراشدون هؤلاء هم المصطفون الذين اصطفاهم الله عز وجل وتفضل عليهم بان جعلهم من المصطفين الاخيار فالله تعالى يوفق من يشاء برحمته وفضله ويخذل من يشاء بحكمته وعدله كما الجميع متقلب بين فظله وعدله سبحانه وبحمده قال الامام الشافعي رحمه الله خلقت العباد لما قد علمت ما الذي علمه؟ الذي علمه هو عبادته جل في علاه وما يكون من عباده ففي العلم يجني الفتى والمسن كلنا نجري في علم الله. الصغير والكبير والبر والفاجر. على اختلاف احوال الناس. فمنهم شقيق ومنهم سعيد هذه احوال الخلق ومنهم قبيح ومنهم حسن على ذا مننت اي تفظلت بالهداية والتوفيق الى الطاعة والاحسان. وهذا خذلت اي خليت بينه وبين نفسه وما يشتهيه فخذل ووقع في الازياد وذاك اعنت على الطاعة والبر واذا لم تعد والعباد في قضاء الله وقدره يتقلبون بين عدله وفضله. بين عدله وفضله ليس في حكم الله القدري ظلم لاحد من العباد. وما ربك بظلام للعبيد ان الله لا يظلم الناس شيئا. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه يا عبادي اني حرمت اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما. فما يجريه الله تعالى من الاقضية والاقدار هو بحكمته جل في علاه له في ذلك الحكمة البالغة كما والعلم التام كما قال تعالى وما تشاؤون الا ان يشاء الله ان الله كان عليما كيما فمشيئته مقرونة بعلمه وحكمته سبحانه وبحمده