بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد فقال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى تفسير سورة والتين والزيتون وهي مكية قال مالك وشعبة عن عدي ابن ثابت عن البراء ابن عازب كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في سفر في احدى الركعتين بالتين والزيتون فما سمعت احدا احسن صوتا او قراءة منه اخرجه الجماعة في كتبهم اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم. والتين والزيتون وطول سنين وهذا البلد الامين. لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم ثم رددناه اسفل سافلين. الا الذين امنوا وعملوا الصالحات فلهم اجر غير ممنون. فما يكذبك بعد بالدين. اليس الله باحكم الحاكمين اختلف المفسرون ها هنا على اقوال كثيرة فقيل المراد بالتين مسجد دمشق وقيل هي نفسها وقيل الجبل الذي عندها وقال القرطبي هو مسجد اصحاب الكهف وروى العوفي عن ابن عباس انه مسجد نوح الذي على الجودي وقال مجاهد هو دينكم هذا والزيتون قال كعب الاحبار وقتادة وابن زيد وغيرهم هو مسجد بيت المقدس. وقال مجاهد وعكرمة هو هذا الزيتون الذي تعصروه وطور سينين قال كعب الاحبار وغير واحد هو الجبل الذي كلم الله عليه موسى وهذا البلد الامين يعني مكة. قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة والحسن وابراهيم النخعي وابن زيد وكعب الاحبار لا خلاف في ذلك وقال بعض الائمة هذه محال ثلاثة. بعث الله في كل واحد منها نبيا مرسلا من اولي العزم اصحاب الشرائع الكبار فالاول محلة التين والزيتون وهي بيت المقدس الذي التي بعث الله فيها عيسى ابن مريم والثاني طور سينين وهو طور سيناء الذي كلم الله عليه موسى ابن الذي كلم الله عليه موسى موسى ابن عمران والثالث مكة وهو البلد الامين الذي من دخله كان امنا. وهو الذي ارسل فيه محمدا صلى الله عليه وسلم. قال وفي اخر التوراة ذكر هذه الاماكن الثلاثة جاء الله من جاء الله من من طور سيناء يعني يعني الذي كلم الله عليه موسى واشرق من ساعير يعني جبل بيت جبل بيت المقدس الذي بعث الله منه عيسى واستعلن من جبال فاران يعني جبال مكة الذي ارسل الله فيها محمدا صلى الله عليه وسلم. فذكرهم على الترتيب بحسب ترتيبهم ترتيبهم في الزمان. ولهذا اقسم بالاشرف ثم الاشرف منه ثم بالاشرف منهما طيب الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد المبعوث رحمة للعالمين وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد اه فهذه السورة هي سورة التين وتسمى بهذا الاسم سورة والتين وتسمى بسورة التين وذاك ان الله تعالى افتتحها بذكر التين اقساما فاقسم الله جل في علاه بالتين ما ذكر المصنف رحمه الله من انها مكية محل اتفاق فانها نزلت في مكة وموضوعها وبيان الدلائل على على صدق البعث وصحته حال من صدق بالبعث ومن كذب هذا مضمون السورة هذا هو موضوع السورة الذي دارت اياتها حوله افتتح الله تعالى هذه السورة بالقسم كما ذكر المصنف رحمه الله وذكر فيها القسم بثلاثة اه في ثلاث ايات قال جل وعلا والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الامين قد ذكر في تفسير والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الامين جملة من الاقوال اكثرها كان في الاول وهو قوله والتين والزيتون فقد ذكر المصنف هذه الاقوال فقال رحمه الله اختلف المفسرون ها هنا على اقوال كثيرة يعني في تعيين المقصود بالتين والزيتون الذي اقسم الله تعالى به فقيل مسجد آآ دمشق وقيل بل دمشق نفسها وقيل الجبل الذي عندها قيل مسجد اصحاب الكهف الى غير ذلك مما قيل واصوب ما قيل في التين والزيتون انها انه قسم بالارض التي ينبت فيها هذا النوع من الشجر وهو التين وهو التين والزيتون فان الله تعالى ذكر الارض بذكر ما نبت فيها وما خرج فيها وهذا جار على كلام العرب في مواضع عديدة فانه تذكر المواظع والاماكن ويقصد به ما جرى فيها او اشارة الى ما جرى فيها فتعظيم البقعة والمكان انما هو لتعظيم ما جرى فيها ولتعظيم من ارسل الى الناس فيها. فقوله والتين والزيتون هذا قسم بالشام التي يكثر فيها هذا النبات وهو اشرف نباتها وهو نبات التين والزيتون وهو موضع رسالتي المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام فان الله تعالى بعثه في هذه الارض المباركة طيبة الثمار فاقسم الله تعالى بالتين والزيتون وهي الارض المقدسة التي ينبت فيها ذلك ومنها خرج عيسى ابن مريم عليه السلام كما ان فيها رسلا غيره لكنه اعظم الرسل الذين ارسلهم الله تعالى لاهل هذه البلاد وهذه البقعة من الرسالات القريبة بعد رسالة ابراهيم هو موسى هو المسيح عليه السلام عيسى ابن مريم قال جل وعلا والتين والزيتون ثم قال وطوري سينين وطول سنين هذا قسم بالطور وهو الجبل الذي كلم الله تعالى عنده موسى وهو جبل اختصه الله تعالى اه جعله موضعا لهذه الرسالة لافتتاح هذه الرسالة العظيمة وهذا الوحي الجليل لنبي ورسول من اولي العزم من الرسل وهو موسى عليه السلام فالطور هو طول سنين وسنين اسمه سيناء التي فيها الجبل المشهور الذي كلم الله تعالى موسى عنده اما الموظع الثالث فهو البلد الامين قال وهذا البلد الامين والبلد الامين المراد به مكة التي امنها الله تعالى يوم خلق السماوات والارض وقد دعا ابراهيم ان يجعل هذا البلد امنا كما قال جل وعلا بما قصه من محكم كتابه واذ قال ابراهيم ربي اجعل هذا بلدا امنا وارزق اهله من الثمرات من امن منهم بالله واليوم الاخر والله تعالى قد امتن واخبر امن هذا البلد قبل دعوة ابراهيم. قال تعالى واذ جعل الله واذ جعلنا البيت مثابة للناس وامنع واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى وعهدنا الى ابراهيم واسماعيل ان طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود ثم قال واذ قال ابراهيم رب اجعل هذا بلدا امنا فتأمين هذا البيت سابق كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم ان الله ان ان مكة حرمها الله يوم خلق السماوات والارض ولم يحرمها الناس والذي كان من ابراهيم عليه السلام هو اظهار امن هذا البلد وقد ابقى الله تعالى بنفوس الناس تعظيم هذا البيت وتعظيم هذه البقعة و صيانتها من كل ما يخاف في تعاقب الزمان وامتن به على المشركين الذين كانوا قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم في هذا البلد امنين دون سائر الناس يقول الله تعالى او لم يروا انا جعلنا حرما امنا ويتخطف الناس من حولهم افبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون فالبلد الامين هو مكة وهذا الذي عليه قول المفسرين وبهذا يكون قد اقسم الله تعالى في هذه السورة في مطلع هذه السورة بمواضع ثلاثة هي مواضع بعثة ثلاثة من اولي ثلاثة من اولي العزم من الرسل عيسى ابن مريم موسى محمد صلاة الله وسلامه عليهم وابتدأ بالتدريج الاشرف الاشرف والاعلى مقاما فالاعلى مقاما فان موسى عليه السلام فان هؤلاء الثلاثة اعلاهم منزلة هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم سيد ولد ادم ثم موسى عليه السلام ثم عيسى على الجميع السلام وعلى هذا الترتيب جرى ذكرهم ترقيا ثم قال تعالى بعد ان ذكر هذه المواضع الثلاثة لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم احنا ذكرنا انه الان والتين والزيتون وطول سنين وهذا البلد الامين هذه اقسام والقسم لابد له من جواب على اي شيء اقسم الله تعالى جوابه في قوله لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم. هذا هو جواب القسم كما سيأتي في كلام المصنف رحمه الله اذا لو قيل لك لماذا اقسم الله تعالى بهذه الاماكن اقسم الله بهذه الاماكن تعظيما لها لانها مواضع الرسالات طيب هل هذا يفيد عظمة المرسلين فيها؟ نعم اذا كانت المواضع اكتسبت عظمة فهذا يدل على ان الذي اكسبها العظمة او المنزلة والمكانة اعلى مقاما وارفع منزلة منها وهم الرسل الذين بعثوا في هذه الاماكن الثلاثة. اهذا وجه الاقسام بهذه المواضع الثلاثة بعد ذلك ذكر الله تعالى المقسم عليه فقال لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم فاقسم الله تعالى بمواضع الرسالات لتقرير هذا الخبر وهو خلق الانسان في احسن تقويم. يقول جل وعلا لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم؟ نعم وقوله لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم هذا هو المقسم عليه. وهو انه تعالى خلق الانسان في احسن صورة وشكل تصب القامة سوي الاعضاء حسنها ثم رددناه اسفل سافلين اي الى النار. قال هم مجاهد وابو العالية والحسن وابن زيد وغيرهم ثم بعد هذا الحسن والنظارة مصيره الى النار ان لم يطع الله ويتبع الرسل. ولهذا قال الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وقال بعضهم ثم رددناه اسفل سافلين اي الى ارذل العمر. روي هذا عن ابن عباس وعكرمة حتى قال عكرمة من جمع القرآن لم يرد الى ارذل العمر. واختار ذلك ابن جرير. ولو كان هذا هو المراد لما حسن استثناء مؤمنين من ذلك ولو كان هذا هو المراد لما حسن استثناء المؤمنين من ذلك. لان الهرم قد يصيب بعضهم. وانما المراد ما ذكرناه كقوله على والعصر ان الانسان لفي خسر الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وقوله فلهم اجر غير ممنون طيب. يقول جل وعلا لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم. هذا جواب القسم فان الله تعالى ذكر في الايات السابقة الاقسام بهذه المواضع مواضع الرسالات التي بها يحصل لجنس الانسان الكمالات فان الكمال الذي يحصل للانسان انما هو بما يقوم في قلبه من عبادة الله عز وجل وما يشتغل به بدنه من شكره والقيام بحقه سبحانه وبحمده فبذلك تكمل للانسان النعمة نعمة صلاح الظاهر وصلاح الباطن فاقسم الله تعالى بما من بما من به على البشرية من الرسالات التي بها تستقيم وتصلح بواطنهم وظواهرهم ثم ذكر حسن الخلقة فالذي احسن الخلق هو الذي شرع حسن الخلق وحسن السيرة وحسن العمل. قال تعالى لقد خلقنا الانسان باحسن تقويم. اللام هنا لتأكيد مضمون هذه الجملة وكذلك قد تفيد التحقيق خلقنا الانسان الانسان هنا المقصود به الجنس جنس الانسان خلقه الله تعالى في احسن تقويم اي في احسن قامة وفي اجمل صورة والحسن هنا ليس فقط في جمال المظهر وبهاء المنظر بل في جمال المنظر وبهاء الصورة وفي اكتمال المصالح للانسان بهذا الخلق الذي خلقه الله تعالى عليه حيث جعل له من ادوات في مواضعها ما يتحقق به له النفع ويكمل به له الانعام وهذا الذي ذكره الله تعالى هنا اجمال لخلق الانسان والله تعالى ذكر ذلك في كتابه مجملا ومفصلا. ذكر الله تعالى خلق الانسان في كتابه مجملا ومفصلا فمن المجمل قوله تعالى وهو الذي وهو الذي يصوركم في الارحام كيف يشاء وقوله تعالى وصوركم فاحسن صوركم ومن مواضع التفصيل قوله تعالى ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا نطفة علقة خلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما. فكسونا العظام لحما. ثم انشأناه خلقا اخر. فتبارك الله احسن الخالقين اليقين هكذا يذكر الله جل وعلا التفصيل فيه خلق الانسان فقوله لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم اجمل الله تعالى خلق الانسان وبين وصفه وانه على وجه حسن كامل تقوم به المصالح وتدرك به الغايات ويتحقق به مقصود الوجود ثم بعد ذلك يقول ثم وهذه تفيد التعقيب والتراخي متى يكون ذلك ثم رددناه اسفل سافلين متى يكون ذلك؟ يكون ذلك بعد الموت هذا الذي جرى عليه المفسر رحمه الله حيث قال في قوله ثم رددناه اسفل سافلين سافرين اي الى النار قاله مجاهد وابو العالية والحسن وابن زيد وغيرهم اي ثم بعد هذا الحسن والنظارة مصيرهم الى النار ان لم يطع الله ويتبع الرسل فقوله جل وعلا ثم رددناه اسفل سافلين اي رددناه الى النار التي هي دركات عقوبة له على ما كان من جحود نعمة الله التي انعم بها عليه من حسن الخلق الخلقة والاعراب عن الشرائع التي جاءت بها الرسل وهنا يتبين مناسبة القسم بهذه المواضع وبين الخبر الذي ذكره الله تعالى في جواب القسم لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم. ثم رددناه اسفل سافلين. متى رده اسفل سافلين؟ لما عن رسالات اه اه عن رسالات الله وما جاءت به الرسل من الهدايات فانه يعمى و يدركه الهلاك لاعراضه عما به النجاة والفلاح وقد ذكر الله تعالى نظير هذا بقوله تعالى لقسمة احوال الناس بعد الاعمال في الدنيا كلا ان كتاب الفجار لفي سجيل وما ادراك ما سجيل فهذا هو القسم الاول من اقسام الناس بعد الموت وهم من يصيرون الى سجين والى اسفل سافلين وهم الذين بدأ بهم الله تعالى ذكرا في هذه الاية في قوله ثم رددناه اي بعد موته اسفل سافلين. وفي الايات التي ذكر الله تعالى فيها الخلق مفصلا قبل قليل. الاية التي في سورة المؤمنون ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ثم جعلنا انسنا ثم جعلناه نطفة في قرار مكين. ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة فمضغة فخلقنا المضغة عظاما ثم كسونا فكسونا العظام لحما ثم انشأناه خلقا اخر فتبارك الله احسن الخالقين. ثم بعد ذلك قال ثم انكم بعد ذلك لميتون هذه القيامة الصغرى ثم ثم انكم يوم القيامة تبعثون. فذكر الله بعض الخلق المآل ذكر القيامتين القيام الصغرى والقيامة الكبرى التي هي موضع الجزاء والحساب ولذلك تجد ان الله في هذه السورة ذكر في اخر الاية ما يتعلق بالجزاء والحساب فما يكذبك بعد بالدين فدل ذلك على ان قوله ثم رددناه اسفل سافلين انه ايش الرد الى النار بعد الموت لاهل الكفر الذين لم يؤمنوا بما جاءت به الرسل وهذا حال فريق من الناس الا الذين امنوا وعملوا الصالحات فلهم اجر غير ممنون وهذا هو الحال الثانية ممن يسلم من هذا الرد يعني كل من لم يؤمن بالرسل فهو مردود الى اسفل سافلين الا الذين امنوا وعملوا الصالحات فلهم اجر غير ممنون هذا هو القسم الثاني ولذلك يقول المصنف رحمه الله طبعا قبل ما نمضي في في تفسير كلام المفسر ذكر اشار المفسر رحمه الله ابن كثير الى ان من اهل العلم من فسر ثم رددناه السافلين الى الهرم وارضه للعمر ولكن هذا ليس سديد وقد آآ بين المؤلف رحمه الله ظعفه حيث قال ولو كان هذا هو المراد لما حسن استثناء المؤمنين لان الهرم يصيب المؤمن كما يصيب الكافر قال لما حصلت استثناء المؤمن من ذلك لان الهرم قد يصيب بعضهم وانما المراد ما ذكرناه كقوله والذي ذكره الرد الى النار والعصر ان الانسان لفي خسر الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر قال رحمه الله وقوله وقوله فلهم اجر غير ممنون اي غير مقطوع كما تقدم ثم قال فما طيب اذا هذا هو الصنف الثاني الا الذين امنوا وهنا قد اختلف العلماء في الا هل هي آآ استثناء منقطع او استثناء متصل على قولين منهم من قال ان الاستثناء هنا منقطع بمعنى لكن الذين امنوا وعملوا الصالحات واشكل على هذا ان الاستثناء المنقطع يشترط فيه ان يكون المستثنى من غير جنس المستثنى منه المستثنى من غير جنس مستثنى منه. تقول جاء الرجال الا فاطمة هنا استثناء منقطع لان فاطمة ليست من جنس المستثنى منه فكذلك هنا قالوا انه لا يصلح ان يكون الاستثناء منقطع لان المستثنى منه هو من جنس المستثنى من جنس المستثنى منه. وهم بنو ادم الذين قال فيها قال فيهم الله تعالى لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم فلا يصح ان يكون استثناءا منقطعا بل هو استثناء منفصل آآ بل هو استثناء متصل بل هو استثناء متصل وهو بيان من الذين ينجيهم الله تعالى من الرد الى اسفل سافلين وهذا اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وله وجه قوي استثني الله تعالى من الرد الى اسفل سافلين اصحاب وصفين الا الذين امنوا وعملوا الصالحات فجمعوا صلاح الباطل وصلح الظاهر وهو شكر لله عز وجل على النعمتين اللتين ابتدأ بهما السورة وهما بعثة الرسل الدالين عليه والخلق في احسن تقويم فان مقتضى بعثة الرسل الانقياد لهم ومقتضى الخلق في احسن تقويم ان يشكر ذلك بان يسخر ما انعم الله تعالى به على العبد من القوى والقدرات فيما يقربه الى الله جل وعلا الا الذين امنوا وعملوا الصالحات امنوا بقلوبهم وعملوا الصالحات بجوارحهم واقوالهم استعملوا جوارحهم فيما يرضي الله تعالى. هؤلاء ما لهم لهم فلهم اجر غير ممنون لهم ثواب غير مقطوع دائم مستمر كما قال الله تعالى واما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والارض الا ما شاء ربك عطاء غير مجذوف اي غير مقطوع ولا يأتي هذا المعنى كثيرة فالله تعالى لا يقطع عنهم العطاء وقيل في معنى غير فلهم اجر غير ممنون اي غير ممتن عليهم به على وجه التنغيص بل هو عطاء باحسان وفضل وانعام لا منة فيه فان المنة تنغص لكن هذا محل تأمل فان منة الله تعالى على عباده حاصلة ولا تنغيص في ذكرها بل ذاك موجب لحمدها كما قال الله تعالى بل الله يمن عليكم ان هداكم للايمان فهذا فيما اذا كانت المنة من مخلوق اما منة الله تعالى فهي توجب شكره وهي تشرح الصدر يبتهج بها المؤمن فالاقرأ في قوله تعالى في معنى قوله فلهم اجر غير ممنون اي غير مقطوع نعم ثم قال ثم قال فما يكذبك؟ يعني يا ابن ادم بعد بالدين اي بالجزاء في الميعاد وقد علمت البداءة وعرفت ان من قدر على البداءة فهو قادر على الرجعة بطريق الاولى. فاي شيء يحملك على التكذيب بالمعاد وقد عرفت هذا قال ابن ابي حاتم حدثنا احمد ابن سنان حدثنا عبدالرحمن عن سفيان عن منصور قال قلت لمجاهد فما يكذبك بعد بالدين عنى به النبي صلى الله عليه وسلم قال معاذ الله عنا به الانسان. وهكذا قال عكرمة وغيره طيب قوله تعالى فما يكذبك بعد بالدين بعد ان ذكر الله تعالى انقسام احوال الناس بعد موتهم عاد الى ذكر هذا هذه الاية التي اختلف العلماء وطالت بحثهم في بيان معناها فما يكذبك بعد بالدين ما هل هي الاستفهام ام هي للتعجب هكذا هكذا اختلف اهل التفسير في فيها ثم من المخاطب في قوله يكذبك هل هو الانسان ام هو النبي صلى الله عليه وسلم واذا كان الانسان فما معنى الاية واذا كان المخاطب به النبي صلى الله عليه وسلم فما معنى الاية ولذلك قال كلام الائمة واهل العلم في معنى الاية واما يبين الاية ويوضح معناها ربطها بما قبلها فان قوله جل وعلا فما يكذبك الفا رابطة تفيد ان ما بعدها مرتبط بما قبلها ولو كان المذكور فيما تقدم منفصلا عما سيأتي لما ربط بالفاء اذا هذه الاية يفهم معناها من سياقها. يقول المصنف رحمه الله فما يكذبك اي يا ابن ادم اذا حملها على الانسان وهذا هو القول الاول بعده بالدين اي بالجزاء وهذا استفهام انكاري او انه تعجب من كذبه من تكذيبه بالدين وقوله بعد بالدين بعد بعد ايش بعد ما تقدم من المنن التي ذكرها وهي الرسالات وكمال الخلقة التي تؤدي الى الفهم الصحيح والعمل بالتنزيل فبعد هنا المقصود به يعني بعد كل هذا البيان وهذا الانعام عليك كيف تكذب بالدين؟ والمقصود بالدين هنا الجزاء والميعاد فقد جاءت كل تلك الرسالات مقررة للجزاء فهو مما اجمعت عليه الرسل فالرسل جاءوا يدعون الخلق الى الايمان بالله والى الايمان باليوم الاخر ولهذا يقترن الايمان بالله باليوم الاخر في كثير من مواضع الكتاب فقوله فما يكذبك بعده بالدين اي ما الذي يحملك يا بني ادم على عدم الانقياد لما اخبرت به الرسل من البعث بعد الموت والحساب على العمل وهذا معناه ما ذكره المصنف في القول الاول اي بالجزاء في الميعاد. ولقد علمت البداءة بخلقك فالذي خلقك هو الله وعرفت ان ما من قدر على من قدر على البداءة فهو قادر على الرجعة بطريق الاولى. فاي شيء يحملك على التكذيب بالمعاد وقد عرفت هذا؟ وهذا شيء واحد مما ذكره وذكرت الرسالات وذكرت كمال الخلقة وذكرت مع بيان الرسل لمآلات الناس بعد ذلك. كل هذا يدخل في قوله فما يكذبك بعد بالدين والمعنى الثاني فما يكذبك بعد بالدين اي باحكام الشريعة وبما جاءت به الرسل من الاحكام ما الذي يحملك على ردها وتكذيبها وهذا المعنى قاله بعض اهل التفسير والدين يطلق على هذا وعلى هذا والاقرب من القولين هو القول الاول ان الدين المراد به الجزاء على العمل الحساب على الاعمال. قال ابن ابي حاتم حدثنا احمد ابن سنان قال حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن منصور قال قلت لمجاهد فما يكذبك بعد بالدين عنى به النبي هذا القول الثاني قال معاذ الله عنا به الانسان فمجاهد رد هذا القول وذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن ان يكون مكذبا بالدين فانه صلى الله عليه وسلم جاء بالحق وصدقه وطلب من الناس التصديق قال الله تعالى والذي جاء بالصدق وصدق به فكيف يكون مكذبا وهذا المعنى الذي رده مجاهد قال معاذ الله لا يكون ذلك في لا يكون ذلك مرادا به النبي صلى الله عليه وسلم لانه جاء بالصدق وصدق به ولذلك قال عنى به الانسان جنس الانسان وهكذا قال عكرمي ما هو غيره اشار طيب القول الثاني ان المراد به النبي صلى الله عليه وسلم والذين قالوا بان المراد الضمير يعود الى النبي صلى الله عليه وسلم قالوا المعنى فما يكذبك بالدين ليس على وجه الاستفهام بل هو تثبيت لايمان النبي صلى الله عليه وسلم وكمال يقينه بمعنى استيقن بعد هذا كله استيقن بصحة ما جاء جئت به وبصحة ما دعوت اليه من عبادة الله وحده لا شريك له هذا معنى قول من قال ان الخطاب في قوله فما يكذبك بعد بالدين. عائد الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قيل ان المعنى فما يكذبك بعد بالدين يعني ما الذي يجعلهم يكذبونك ما الذي يحملهم على تكذيبك بعد هذا البيان وهذا الايضاح وهذا المعنى به يعني له وجه لكن اجاب عنه بعض اهل العلم بان الاية لا لا تحتمله وطال طال الكلام فيه جماعة من اهل العلم في الوجهين والاقرب هو ما تقدم من ان الاية خطاب للانسان فما يكذبك ايها الانسان بالدين اي بالجزاء والحساب ثم ختم الله تعالى السورة بقوله اليس الله باحكم الحاكمين يقول في تفسيرها وقوله اليس الله باحكم الحاكمين؟ اي اما هو احكم الحاكمين الذي لا يجور ولا يظلم احدا ومن عدله ان يقيم القيامة فينصف المظلوم فينصف المظلوم في الدنيا ممن ظلمه. وقد قدمنا في حديث ابي هريرة مرفوعا. فاذا قرأ احدكم والتين والزيتون فاتى على اخره بها اليس الله باحكم الحاكمين فليقل بلى وانا على ذلك من الشاهدين اخر تفسير سورة والتين والزيتون ولله الحمد والمنة قوله جل وعلا اليس الله باحكم الحاكمين؟ هذا استفهام والاستفهام هنا للتقريب فانه جل وعلا احكم الحاكمين قوله اما اي اما هو احكم الحاكمين الذي لا يجوز ولا الذي لا يجر ولا يظلم احدا وهنا يتبين وجه الارتباط بين الاية السابقة وبين هذه فان قوله فما يكذبك بعد بالدين اليس الله باحكم الحاكمين؟ اي في الفصل بين الناس وفي الحكم بينهم يوم القيامة وفي مجازاتهم على اعمالهم فانه جل وعلا لا يظلم الناس شيئا بل هو احكم الحاكمين سبحانه وبحمده لا يجور ولا يظلم ثم قال ومن عدله ان يقيم القيامة ينتصف للمظلوم في الدنيا ممن ظلمه ليس فقط في بني ادم بل حتى في الحيوان فانه جل وعلا يقتص للشاة الحامل الشاة القرناء الجلحاء التي لا قرن لها والقرناء التي لها قرن فيقتص لهذه من تلك مع ان هذا الاختصاص لا يترتب عليه مجازات غير الاخذ بالحق في فصل الخصومات والنزاعات بين الناس وبين الخلق بمعنى انه لا يترتب على هذا مجازاة غير هذا الاخذ للحقوق بين الحيوان في الاخرة فلا يصيرون الى جنة ولا الى نار بل يصيرون الى تراب كما دلت على ذلك الادلة وهذا يدل على عظيم عدله وانه احكم الحاكمين جل في علاه ثم ذكر مصنف رحمه الله ما يشرع قوله عند قراءة هذه الاية قال وقد قدمنا في حديث ابي هريرة مرفوعا فاذا قرأ احدكم والتين فاذا قرأ احدكم التين ويؤتن الزيتون اه فاتى على اخرها وهو قوله اليس الله باحكم الحاكمين؟ فليقل بلى وانا على ذلك من الشاهدين ثم قال اه رحمه الله خير التفسير وهذا الحديث آآ تقدم آآ تخريجه كما قال كما قال المحشي عندكم في آآ سورة القيامة في قوله تعالى اليس ذلك بقادر على ان يحيي الموتى وقد آآ اه ذكر المصنف رحمه الله هناك جملة من الاثار الواردة هنا قال في في هذه السورة انه يقول بلى هذا جواب اليس وانا على ذلك من الشاهدين اي انه جل وعلا احكم الحاكمين وفي اه سورة القيامة قال يقول اذا آآ انه كان آآ يقول اذا قرأ ليس ذلك بقدر الا يحيى الموتى قال سبحانك فبلى سبحانك فبلى تنزيه ثم اقرار بانه احكم الحاكمين لكن هذه الاحاديث لا لا تقوى على اثبات هذه السنة فلو قالها الانسان فانه لا بأس بها على وجه الاباحة لا على وجه السنية والندب لضعف الحديث الوارد فقد اه اه ظعف الحديث بجهالة اه رواته وقد اه اه قال بعظ المحققين ان ان حديث آآ ان حديث ابن عباس في في ان حديث ابي هريرة آآ به مجاهيل في اسناده مجاهيل لذلك لا يصح ولا يثبت ان قول هذا والفقهاء يستحبون ذلك بناء على قاعدتهم انه اذا لم يكن الظعف شديد فانه يستفاد من اه حديث السنية والاستحباب لا السنية والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد. اخر تفسير سورة التين والزيتون ولله الحمد والمنة