الحديث الثلاثون عن ابي ثعلبة جرثوم جرثوم ابن ناشر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال ان الله قد فرض فرائض فلا تضيعوها. وحد حدودا فلا تعتدوها. وحرم اشياء لا تنتهكوها وسكت عن اشياء رحمة بكم من غير نسيان. فلا تبحثوا عنها. حديث رواه الدارقطني وغيره الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد هذا هو الحديث الثلاثون من احاديث الاربعون النووية للامام النووي رحمه الله نقل فيه عن ابي ثعلبة الخشني جرثومة بن ناشر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال ان الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعها الحديث هذا الحديث من رواية ابي ثعلبة صحابي الحديث هو ابو ثعلبة الخشني وقد اختلف في اسمه آآ خلاف واسع فقيل اسمه جرثوم ابن ناشر وقيل جرثومة وقيل جرثوم وقيل جرهم وقيل غير ذلك واختلف في اسمه واختلف في اسم ابيه آآ الا ان الاشهر مما من ذلك آآ انه جرثوم ابن ناشر اه اه وهو من اه الصحابة الذين اه روايتهم قليلة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد مات رضي الله عنه في سنة خمس وسبعين وقيل بل مات قبل ذلك بكثير في اول خلافة معاوية بعد الاربعين وآآ الشأن فيما يتعلق بهذه الرواية آآ رظي الله تعالى عنه آآ هذي الرواية آآ تضمنت ذكر هذا الحديث الذي فيه بيان اقسام ما جاءت به الشريعة موضوع الحديث بيان اقسام ما جاءت به الشريعة وانه على اقسام واصناف وليس صنفا واحدا ولكل صنف حكم الحديث موضوعه بيان اقسام ما جاءت به الشريعة من احكام من الاحكام وبيان حكم كل صنف او قسم من هذه الاقسام الحديث من حيث اسناده قال فيه المصنف رحمه الله حديث حسن رواه الدارقطني وغيره وهو كما قال من حيث الرواية فقد رواه الدار قطني في سننه زاد في في وسكعته على اشياء من غير نسيان فلا تبحث عنها. هذا رواية للنساء رواية الدارقطني وقد اخرجه البيهقي في سننه بسند موقوف وكذلك اخرجه الطبراني بالمعجم بلفظ وغفل عن اشياء من غير نسيان فلا تبحثوا عنها فالحديث رواه الدارقطني بهذا اللفظ مع آآ ورود رواية لفظ اخر عند الدار القطني ورواه البيهقي والطبراني بالفاظ قريبة مما ذكر المصنف رحمه الله حكم المصنف الحسن للحديث بانه حسن اه جرى فيه على ما ذكره جماعة من اهل العلم وآآ قد آآ وصفه البزار بان اسناده صالح وغالب اهل التحقيق من المحدثين على ان الحديث اسناده ضعيف سبب ضعفه انه من رواية داوود ابن ابي هند عن مكحول عن ابي ثعلبة الخشني ومكحول ليس له رواية عن ابي ثعلب رضي الله عنه كما انهم اختلفوا في في وقفه ورفعه ورجح الدارقطني الرفع قال الاشبه بالصواب انه مرفوع قال وهو اشهر اي الرافع و قد حسن الحديث ابن رجب كما حسنه الحافظ ابو بكر السمعاني في اماليه والحديث وان كان لا يخلو اه الطريق الذي ذكر من ضعف الا انه آآ يشهد له تعدد طرقه اضافة الى ان ما تضمنه اه مما جاءت به النصوص وهذا سبب تحسين من حسنه من اهل العلم لكن من ظعفه سبب تظعيفه انه من رواية مكحول وليس له رواية عن ابي ثعلبة والثاني اختلاف الرفع الوقف واكثر المحققين على وقفه وقد صحح رفعه صوب رفعه الدار قطني رحمه الله اما ما يتعلق بمضمون الحديث فالحديث تضمن اربعة آآ تظمن اربعة اشياء اربعة جمل. الجملة الاولى ان الله فرض فرائض فلا تظيع. تظيعوها الجملة الثانية وحدها حدودا فلا تعتادوها. الجملة الثالثة وحرم اشياء فلا تنتهكها الجملة الرابعة وسكت عن اشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها الاقسام التي ذكرها الحديث اربعة اقسام القسم الاول ان الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها هذا هو القسم الاول مما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم وهو اول اقسام ما جاءت به الشريعة الفرائض والفرائض جمع فريضة والمقصود بها المفروظة وهو ما اوجبه وسمي الواجب فرضا لانه مقتطع مفروض ملزم به واجب و تطلق الفرائض على كل ما اوجبه الله ورسوله سواء كان وجوبه ثابتا بالكتاب او كان وجوهه ثابتا بالسنة والاشتراك في الفريضة اي في الوجوب لا يقتضي استواء منزلة تلك الفرائض بل هي على مراتب ومنازل فاصول الاسلام واركانه كلها فرائض الزكاة والصوم الصلاة الزكاة الصوم الحج بر الوالدين الاحسان الى الجار اداء الحقوق رد الامانات كلها فرائض لكنها ليست على مرتبة واحدة في المنزلة في الشريعة فترك الصلاة ليس كترك اداء الامانة في المنزلة والمرتبة والمقصود ان الشريعة جاءت بواجبات مطلوبات حقها ان تحفظ واذا قال فلا تضيعوها اي فلا تفرط فيها تفريطا يفضي الى اضاعتها والنهي عن اضاعتها يشمل النهي عن ترك علمها ومعرفتها ويشمل ترك العمل بها فان الاضاعة اما بترك العمل بترك العلم بها واما بترك العمل بها فالتضييع للفرائض له وجهان اما عدم العلم بها او عدم العمل بها وكلا هذين الوجهين مما يدخل في الاضاعة تركها تأخيرها عن وقتها اللازم المفروض هو من اضاعتها لانه ترك عمل بها في الوقت الذي فرضت فيه فهو داخل في ترك العمل فترك العمل يشمل ترك العمل بها كليا او ترك العمل بها على الوجه الذي امرت به فاضاعة الصلاة يدخل فيها عدم تعلمها ومعرفة ما يجب منها سواء في اوقاتها او في شروطها او في واجباتها او في اركانها ويشمل عدم العمل بذلك فيما اذا علم فرضها وقتها واجباتها اركانها وترك العمل بذلك هو هو من اضاعتها وقوله فلا تضيعوها نهي عن اضاعتها بترك العلم بها وترك العمل بها القسم الثاني من الاقسام التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم وحد حدودا فلا تعتدوها هدى حدودا اي جعل موانع فالحدود في الاصل مأخوذة من الحد وهو المانع والملأ وهذه الموانع تحول بين الانسان وبين المعاصي بين الانسان وبين مواقعة ما منعه الله تعالى وحرمه عليه فالحدود تطلق ويراد بها الفاصل بين الحلال والحرام وتطلق ويراد بها المعاصي والمحرمات فقوله وحد حدودا اي جعل فواصل بين الحلال والحرام فلا تعتدوها اي فلا تتجاوزوها لان تجاوزها يوقع في المحارم واختلف العلماء رحمهم الله في معنى قوله صلى الله عليه وسلم وحد حد حدودا هل المقصود بالحدود هنا الفاصل بين الحلال والحرام ام الحدود المقصود بها العقوبات التي جعلها مرتبة على بعض السيئات والمعاصي كالزنا والسرقة والحراب ونحو ذلك او المقصود الحدود هنا المعاصي والمحرمات فان الحدود تطلق ويراد بها الفاصل بين الحلال والحرام وتطلق ويراد بها المعاصي ذاتها فالله تعالى يقول في كتابه ولا تباشروهن وانتم عاكفون في المساجد ثم يقول تلك حدود الله فلا تقربوها تلك حدود الله فلا تقربوها ويقول في اية اخرى تلك حدود الله ومن يتعدى حدود الله فقد ظلم نفسه ويقول تلك حدود الله فلا تعتدوها وما يتعدى حدود الله فاولئك هم الظالمون بل حدود جاءت في القرآن بمعنى المعاصي كالاية التي بها النهي عن مباشرة النساء في المساجد حال حال مباشرة النساء حال الاعتكاف ولا ولا تباشروهن وانتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها اي تلك معاصي الله التي حرمها عليكم ومنعكم منها فلا تقربوها وتأتي بمعنى الحد الفاصل بين الحلال والحرام وهنا قال فلا تعتدوها. فحيث نهانا عن قربان الحدود فالمقصود بها المعاصي وحيث نهانا عن اعتداء الحدود فالمقصود بها الحد الفاصل بين الحلال والحرام كقوله تعالى ولا جناح فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعدى حدود الله فقد ظلم نفسه هنا ما المقصود بقوله صلى الله عليه وسلم وحد حدودا فلا تعتدوها. الذي يظهر هو المعنى الاول الذي ذكرته الذي ذكرته وهو الفاصل بين الحلال والحرام لان المحرمات ذكرت في قوله صلى الله عليه وسلم وحرم اشياء فلا تنتهكوها فاطلاق الحدود بمعنى المعاصي مع قوله وحرم اشياء يكون فيه تكرار لكن يقال وحد حدودا فلا تعتدوها اما ان الحدود هنا المقصود بها العقوبات المقدرة شرعا على المعاصي واما ان يكون المقصود بالحدود هنا الفصل بين الحلال والحرام فهو تحذير من تجاوز ما جعله الله فاصلا بين الحلال والحرام ثم ذكر المواقع للحرام في قوله وحرم اشياء فلا تنتهكوها فيكون ذكر الواجب والفرض وذكر المأذون به وحذر من تجاوزه وذكر الحرام في قوله وحرم اشياء فلا تنتهكوها قوله صلى الله عليه وسلم وحرم اشياء فلا تنتهكوها هذا ثالث الاقسام التي ذكرها من اقسام ما جاءت به الشريعة وقوله حرم اشياء اي منعها وجعلها محظورة بين الواجب في هذه قال فلا تنتهكوها اي فلا تتورطوا فيها فلا فلا تقع فيها فالانتهاك هو الوقوع وتجاوز الحد والولوج والخوف في المحرم ومواقعة ما حرم الله تعالى وقوله حرم اشياء اي منع منها سواء كانت هذه الاشياء تتعلق بالاعيان او تتعلق بالاحوال او تتعلق بالزمان او تتعلق بالمكان تتعلق بحق الله تتعلق بحق الخلق كل هذا مما يجب في الامتناع والبعد لئلا يقع فيما حرم الله تعالى فلا تنتهكوها رابع ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من الاقسام قال وسكت عن اشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها هذا هو القسم الرابع وهو المسكوت عنه و قوله صلى الله عليه وسلم وسكت عن اشياء اي لم يأتي فيها بيان لا بفرض ولا نهيا عن تعدي ولا بنهي عن انتهاك وقد جاء في حديث ابن عباس وسلمان وابي الدرداء لهذا الحديث جاء وما سكت عنه فهو عفو وهنا قال فلا تبحثوا عنها اي فلات تطلب حكمها لانه مسكوت عنها ولن تجدوا ما سكت عنه الله عز وجل فلا وجه طلب حكمه والبحث فيه من التنطع الذي نهت عنه الشريعة واذا قال فلا تبحثوا عنها وبين حكمه في قوله وما سكت عنه فهو عفو وقوله صلى الله عليه وسلم رحمة لكم اي ان هذا السكوت من رحمة الله بعباده ورحمته بعباده ان سكت عن هذه الاشياء لحاجتهم اليها ولان ولانها عفو فوجه الرحمة انها عفو اي ان انها لا انهم لا يطالبون فيها بشيء بل هو مما عفا عنهم فيه واذن لهم والعفو هو التجاوز والصفح وقوله فلا تبحثوا عنها اختلف فيه العلماء هل هذا نهي عن السؤال مطلقا في زمن التشريع وبعده او انه نهي في زمن التشريع فذهب الجمهور الى ان قوله فلا تبحثوا عنها خطاب للصحابة. وقت تنزل الوحي وانه نهي عن السؤال عنها وقت التشريع لان السؤال عنها قد يترتب عليه منع ما سكت الله تعالى عنه وهذا قد جاء فيه الوعيد ان يسأل الانسان عن شيء سكت الله عنه يحرم ويمنع من اجل مسألته لكن هذا في وقت التشريع كما قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا لا تسألوا عن اشياء ان تبدى لكم تسوءكم. هذا في وقت التشريع. اما بعد التشريع فلو سأل الانسان عما سأل فانه لا يحرم لا لا يجد بسؤاله تشريع بل هو بيان للتشريع فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون اما وقت نزول الوحي في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فقد يسأل الانسان عن شيء فيمنع ذلك الشيء بسبب سؤاله فيلحق الناس حرج. ولذلك ينوه عن المسألة قد جاء في الصحيحين من حديث عامر بن سعد عن ابيه عن ابن ابي وقاص ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان اعظم المسلمين جرما في المسلمين وقت التشريع من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من اجل مسألته لكن هذا لا يعني انه بعد اكتمال التشريع لا يسأل الانسان وقد تجد في زمن الناس مسألة من المسائل والمعاملات فيسألون عنها ليستبينوا هل هي حلال او حرام فيقول العالم بانها حرام بناء على تنزيل النصوص اما لاجل انها ربا او لاجل انها غرر او لاجل انها ميسر فيقول انها حرام. هل هذا يدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم ان ان من اعظم المسلمين جرما في المسلمين من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من لمسألته لا لان هذا هو المطلوب منه فيما اذا جهل والله تعالى يقول فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون. فالنهي عن السؤال في قوله فلا تبحثوا عنها انما هو هو وقت انما هو في زمن التشريع بوقت التشريع. اما بعد اقتطاع الوحي فان المسلم يسأل عن كل ما اشكل عليه مما يحتاج الى سؤاله لكن ان يسأل تعنتا او يسأل آآ تضييقا على نفسه او تنطعا فهذا مما ينهى عنه فقوله صلى الله عليه وسلم فلا تبحثوا عنها اي في زمن التشريع وليس مطلقا وهذا القسم هو المعفو عنه وقد اختلف العلماء في حكمه هل هو حكم سادس؟ لان الاحكام خمسة واجب ومستحب و محرم ومكروه ومباح فهل يضاف الى هذا قسم سادس وهو المسكوت عنه المعفو عنه. هكذا قال بعض اهل العلم قال هذا حكم سادس وهو ما سكت عنه فهو عفو وقال اخرون بل هذا تصنيف قسم من الاقسام يشترك مع المباح في النهاية هو مباح في النهاية هو مما اذن فيه وان سمي معفوا عنه فيكون المباحات ما جاء النص بحله كقوله تعالى واحل الله البيع فجاء النص باباحته وهناك قسم لم يأتي النص بحلة لكنه بالحكم موافق لما جاء النص بحله وهو المباح فيكون مندرجا في المباح فلا حاجة الى ان يفرد بقسم خاص فيكون المباح له طريقان اما ان ان ينص الشارع على اباحته واما ان يسكت عنه فما سكت عنه فهو عفو وهو مباح فلا حاجة الى ان تكون الاقسام ستة بل اقسام الاحكام خمسة كما هو قول جماهير العلماء منها الفقهاء والمحدثين والاصوليين فوائد هذا الحديث نجعلها ان شاء الله تعالى في اول الدرس القادم والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا