يقول المؤلف رحمه الله وقد علم وقد علم الله سبحانه وتعالى عباده كيف مباينة الشرك في توحيد الالهية وانه تعالى حقيق بافراده وليا كمن وربى فقال تعالى قل اغير الله اتخذ وليا فاطر السماوات والارض. وقال افغير الله غي حكما وقال قل اغير الله ابغي ربا فلا ولي ولا حكم ولا رب الا الله الذي من عدل به غيره فقد اشرك في الوهيته ولو وحد ربوبيته فتوحيد الربوبية هو الذي اجتمعت فيه الخلائق مؤمنها وكافرها. وتوحيد الالوهية وتوحيد الالوهية مفرق الطرق بين المؤمنين والمشركين. ولهذا كانت كلمة الاسلام لا اله الا الله. فلو قال لا رب الا الله اما اجزأه عند المحققين؟ هذا الكلام يقول رحمه الله في بيان ما الذي يتحقق به السلامة من الشرك قال وقد علم الله سبحانه وتعالى عباده في كتابه وما جاء به رسوله كيف مباينة الشرك في توحيد الالهية؟ اي كيف يسلمون من الشرك في توحيد العبادة فتوحيد الالهية هو افراد الله تعالى بالعبادة. وانه تعالى حقيق بافراده وليا وحكما وربا اي انه جل وعلا جدير وهو حري وهو اهل ان يفرد بالولاية والحكم والربوبية قال الله تعالى في افراده بالولاية قل اغير الله اتخذ وليا. اي اطلب ناصرا ومحبوبا قل اغير الله اتخذ وليا فاطر السماوات والارض فكيف تطلبون هذا مني وهو ان اسوي غير الله بالله في طلب النصرة وفي المحبة فالولاية تقتضي معنيين المحبة والنصرة فالله تعالى يأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ان يخاطب المشركين قل يعني يا محمد اغير الله اتخذ وليا اي اصير غير الله محبوبا كمحبة الله واطلب من غير الله النصر كما اطلبه من الله جل وعلا وهو سبحانه الذي له المحبة التامة وهو جل وعلا الذي يأتي النصر منه ولذلك قال فاطر السماوات والارض فهو جل في علاه خالق السماوات والارض ومن كان هذا شأنه فانه لا يمكن ان يطلب من غيره جل وعلا نصر ولا ان تصرف لغير محبة فالاستفهام في قوله قل اغير الله استفهام انكار امر الله تعالى رسوله بان يستفهم من المشركين استفهاما انكاريا حيث طلبوا منه ان يتخذ وليا غير الله قل اغير الله يتخذ وليا ناصرا معبودا محبوبا سواه وهذا لا يمكن ان يكون ثم قال في الاية الثانية وقال افغير الله ابتغي حكما اي اتطلبون مني ان اطلب الحكم من غير الله عز وجل من هذه الاصنام او من هذه المعبودات فانه لا حكم الا لله عز وجل كما قال الله جل وعلا ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون وقد قال جل وعلا فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم. ثم لا يجدوا في انفسهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلم تسليما فمقتضى توحيد الله عز وجل ان يكون هو سبحانه وبحمده المشرع الذي يصار الى حكمه فان حكمه غالب على كل حكم سبحانه وبحمده وكما انه الحاكم قدرا فهو الحاكم شرعا الاله الخلق والامر؟ قال بعد ذلك وقال اغير الله؟ قل اغير الله ابغي ربا وكل هذا يبين انه لا يتخذ غيره جل وعلا معبودا. فانه الرب سبحانه وبحمده الذي يجب افراده بالولاية فهو الولي وبالحكم فله الحكم جل وعلا وبالربوبية فلا رب غيره ولذلك يقول المصنف رحمه الله فلا ولي ولا حكم ولا رب الا الله الذي من عدل به اي سوى غيره به فقد اشرك في الهيته ولو وحد ربوبيته. وهذا بيان لانه قد يقع من الانسان توحيد الربوبية لكنه لا يأتي بما يجب من افراد الله بالعبادة. فيسوي غير الله بالله في المحبة في طلب النصرة في في غير ذلك من مقتضيات الهيته سبحانه وبحمده ولهذا قد يقول قائل ان لا اله الا الله معناها لا رب الا الله. وهذا قصور في معنى الالهية فان لا اله الا الله ليست هي لا رب الا الله بل المشركون كانوا يقرون بان الله هو الرب وانه لا رب سواه سبحانه وبحمده لكنهم لم يقروا بانه المستحق للعبادة وحده لا شريك له. فلا ولي ولا حكم ولا رب الا الله. الذي من عدل به غيره فقد اشرك الاهية ولو وحد ربوبيته ثم قال رحمه الله فتوحيد الربوبية هو الذي اجتمعت فيه الخلائق اجتمعت فيه الخلائق يعني الخلق كلهم مقرون. بانه لا رب الا الله. لكنهم يفترقون في توحيد الالهية فمن الخلق من لا من يعبد غير الله ويسوي ويسوي غيره به وعند ذلك يفترق الناس ولذلك قال وتوحيد الالهية مفرق الطريق بين المؤمنين والمشركين فبه يتميز اهل الايمان والاسلام من اهل الشرك والكفر. يتبين هذا وبان هذا يتبين ان توحيد الربوبية لا يحصل به الفرق بين الايمان والكفر ولا بين الاسلام وغيره من عقائد الشرك. بل بل الذي يفرق بين الناس ويميز المؤمن عن الكافر هو توحيد الالهية. يقول المؤلف رحمه الله ولهذا كانت كلمة الاسلام لا اله الا الله. قال النبي صلى الله عليه وسلم امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله واني رسول الله وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ انك تأتي قوما من اهل الكتاب فليكن اول ما تدعوهم اليه شهادة ان لا اله الا الله واني رسول الله. فامره بدعوتهم الى لا اله الا الله. وهي تعني انه لا معبود حق الا الله. لا معبود حق الا الله جل وعلا. واما تفسير من فسرها بانه لا الا الله لا رازق الا الله لا مخترع الا الله هذا تفسير مغلوط ولهذا يقول المؤلف ولهذا كانت كلمة الاسلام لا اله الا الله ولو قال يعني عوض عن لا اله الا الله لا رب الا الله اهل لما اجزأه عند المحققين. يعني لم يأتي بالاسلام الذي يخرجه عن دائرة اهل الشرك. فانه لا يتحقق التوحيد من العبد الا بتحقيق انه لا يعبد الا الله بتحقيق افراد الله تعالى بالعبادة. يقول رحمه الله فتوحيد الالوهية هو المطلوب من العباد نعم فتوحيد الالوهية هو المطلوب من العباد. ولهذا كان اصل الله الاله كما هو قول سيبويه وهو الصحيح وهو قول اصحابه الا من شذ منهم. وبهذا الاعتبار الذي قررنا به الاله وانه المحبوب لاجتماع صفات الكمال فيه. كان الله هو الاسم الجامع لجميع معاني الاسماء الحسنى والصفات العليا. وهو الذي ينكره المشركون. سبحان الله. يقول رحمه الله فتوحيد الالوهية توحيد الله في العبادة افراد الله بالعبادة الا يعبد غير الله هو المطلوب من العباد. دليل ذلك قول الله تعالى وما ارسلنا من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون وقوله تعالى ولقد بعثنا في كل امة رسول ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول من قال لا اله الا الله بما يعبد من دون الله فقد حرم دمه وماله وحسابه على الله وحسابه على الله تبين هذا وغيره من النصوص بين ان المطلوب من العباد هو الاقرار بانه لا معبود حق الا الله وهذا ليس اقرار فقط باللسان بل هو اقرار باللسان واعتقاد بالقلب يتبع عمل. فمن يقول لا معبود حق الا الله ويدعو غير الله ويصرف النذور لغير الله ويتقرب الى غير الله ويعتقد ان غير الله ينفع ويضر استقلالا لا شك انه لم يحقق لا اله الا الله ثم يبين المؤلف رحمه الله ان توحيد الالهية وهو افراد الله تعالى هو المطلوب من العباد قال ولهذا كان اصل الله اي كلمة اسم الجلالة الله اصله الاله فهو مشتق من الاله كما هو قول سيبويه امام اللغة وهو الصحيح وهو قول جمهور اصحابه الا من شذ منهم. يعني من اهل اللغة. قال وبهذا الاعتبار الذي قررناه به الاله الذي قررنا به الاله وانه المحبوب لاجتماع صفات الكمال فيه كان الله هو الاسم الاعظم فان الاله هو الذي ايش معنى الاله؟ هو الذي تعبده القلوب محبة وتعظيما الاله هو الذي تألهه القلوب محبة له واجلالا هذا معناه الله فالله هو الذي تألهه القلوب وتعظمه وتحبه اجلالا له سبحانه وبحمده لما له من صفات الكمال ولما له من الاسماء الحسنى ولما له من جميل الافعال. ولهذا يقول رحمه الله كان الله اي كان اسم الله عز وجل هذا الاسم العظيم هو الاسم الجامع لجميع معاني الاسماء الحسنى والصفات العليا وقد قيل ان الاسم الاعظم هو الله. الاسم الاعظم لله هو الله واستدلوا لذلك بعدد من الادلة منها انه لا يسمى به غير الله وان هذا الاسم عندما يذكر مع غيره من اسماء الله عز وجل يذكر ابتداء وغيره يأتي تابعا له. بسم الله الرحمن الرحيم هو الله الذي لا اله الا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم. هو الله الذي لا اله الا هو الملك القدوس السلام كلها تأتي تابعة بسم الله جل في علاه للاسم العظيم ولهذا عده بعض اهل العلم الاسم الاعظم لله عز وجل وهذا والمؤلف رحمه الله يشير الى هذا المعنى بقوله كان الله اي اسم الله الاعظم اسم الله جل في علاه هو الاسم الجامع لجميع معاني الاسماء والصفات العليا لجميع معاني الاسماء الحسنى والصفات العليا. فكل فكل اسماء الله وكل صفاته ترجع الى هذا الاسم. ويمكن الاستدلال عليها بهذا الاسم اما دلالة مطابقة واما دلالة تظمن واما دلالة التزام كما هو معروف في انواع الدلالات. قال فهو الذي ينكره المشركون. المشركون ينكرون هذا الاسم والمقصود ينكرون معناه فانهم لا يقرون بان الله تعالى هو المعبود الحق الذي لا يستحق العبادة سواه. بل يجعلون غيره معبودا معه سبحانه وبحمده. وقد قالوا اجعل الالهة الها واحدا. ان هذا لشيء عجاب. نعم ويحتج الرب سبحانه عليهم بتوحيدهم ربوبيته على توحيدهم الوهيته. كما قال الله تعالى قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى. الله خير ام ما يشركون؟ امن خلق والارض وانزل لكم من السماء ماء فانبتنا. فانبتنا به سائق ذات بهجة ما كان لكم ان تنبتوا شجرها. االه مع بل هم قوم يعدلون وكلما ذكر تعالى من اياته جملة من الجمل قال عقبها فابان سبحانه وتعالى بذلك ان المشركين انما كانوا يتوقفون في اثبات توحيد الالهية للربوبية على ان منهم من اشرك في ربوبيته كما يأتي بعد ذلك ان شاء الله تعالى. وبالجملة فهو تعالى يحتج على منكر الالهية باثباتهم الربوبية هذا المقطع من كلام المؤلف رحمه الله هو تقرير وتأكيد لما تقدم من ان المطلوب من العباد هو تحقيق افراد الله بالعبادة هو اليقين بانه لا اله غيره غيره جل في علاه. وان عقاد العبد ان الله هو الخالق الرازق المدبر ايكفي في دخول الاسلام بل لا بد ان يضيف الى ذلك اعتقاد ان الله لا اله غيره وانه لا يعبد سواه وانه لا يستحق العبادة الا هو جل في علاه. قال رحمه الله ويحتج الرب سبحانه عليهم اي على المشركين الذين عبدوا غيره بتوحيدهم الربوبية على توحيد الالهية. يعني يستدل على انه لا يستحق العبادة غير الله بانهم يقرون بانه لا خالق الا الله وانه لا مالك الا الله وانه لا رازق الا الله وانه لا مدبر الى الله. فاذا كان لا خالق الا الله ولا رازق الا الله ولا مدبر الا الله. ولا مالك الا الله فمقتضى تمام الايمان بذلك ان تعتقد انه لا اله الا الله. والا تعبد غيره جل في علاه. ولهذا يقول قل الحمد لله امر الله تعالى رسوله وهو امر لكل مؤمن ان يحمد الله تعالى على عظيم صفاته جليل افعاله سبحانه وبحمده وماله من الاسماء الحسنى والصفات العلى قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى. سلام عليهم لسلامة عقدهم وقولهم فسلم الله تعالى على عباده الذين اصطفى. ومن عباده الذين اصطفى هم الذين اعتقدوا انه لا اله غيره. هم الرسل واتباعهم اهل الصراط المستقيم االله خير اما يشركون هذي موازنة وسؤال ايهما خير؟ الله الذي له الاسماء الحسنى الله الذي له الصفات العلى الله الذي له الافعال الجميلة الله رب العالمين ام من تعبدونهم من المعبودات والاوثان الاصنام التي لا تنفع ولا تضر او المخلوقون حتى ولو لم يكونوا اصناما من المقبورين الذين لا يملكون لانفسهم ضرا ولا نفعا. االله خير ام ما يشركون؟ ايهما خير لا يمكن ان يجيب عاقل الا بان الله خير من كل ما يشرك به المشركون فلا اله غيره سبحانه وبحمده ثم يعود في الاحتجاج عليهم بتوحيدهم الربوبية على انه لا يستحق العبادة غير الله يقول امن خلق السماوات والارض من من الذي خلق السماوات والارض؟ وانزل لكم من السماء ماء فانبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم ان تنبتوا شجرها من؟ الجواب يقينا الله هو الذي صنع ذلك الله هو الذي فعل ذلك اذا كان كذلك الله االه مع الله صنع هذا االه ما قال ارب لانهم يقرون بالربوبية لكن قال االه يعني هل يستحق غيره ان تصرف له العبادة وهو الذي صنع هذا وفعل هذا وهذا ما تقرون به وتعتقدونه فيه جل في علاه االه مع الله ثم يلفت النظر الى سبب خروجهم عن التوحيد. وعدم اقرارهم بانه لا اله الا الله فيقول بل هم قوم يعدلون اي الذي اوقعهم فيما اوقعهم فيه انهم سووا غير الله بالله يعدلون يعني يسوون غير الله تعالى بالله. وهلم جر في الايات التي ذكرها الله تعالى عن اقامة الحجة على هؤلاء بذكر ما يكون من عظيم صنعه والائه جل في علاه يقول المصنف وكلما ذكر الله تعالى من اياته اي براهينه التي بثها في الافاق والانفس والتي تقر بها قلوبهم كلما ذكر الله تعالى من اياته جملة من الجمل قال عقبها االه مع الله؟ اي صنع ذلك؟ فيستحق العبادة. اي لهم مع الله؟ فعلى هذا لتصرف العبادة اليه اين هم مع الله خلق هذا حتى تسووا به غيره. يقول فابانا سبحانه وتعالى بذلك ان المشركين انما كانوا يتوقفون في اثبات توحيد الالهية لم يكونوا ينكرون ان الله رب العالمين ان الله هو الخالق ان الله هو المالك ان الله هو ان الله هو المدبر لكنهم كانوا ينكرون ان لا تكون العبادة الا له وحده لا شريك له. ولهذا يستغيثون بغير الله ويدعون غير الله ويذبحون لغير ويتقربون الى المقبورين والى الجن والى الملائكة. ويسألونهم الشفاعة ويطلبون منهم قضاء الحاجات كل هذا بشركهم بالله وجهلهم بعظيم قدرته جل في علاه وانه لا يستحق العبادة سواه. ولهذا يقول فابانا سبحانه وتعالى بذلك ان المشركين انما كانوا يتوقفون في اثبات توحيد الالهية. لا الربوبية على ان منهم من اشرك في الربوبية يعني ليس جميع المشركين قد حققوا توحيد الربوبية على الكمال اذ لو ان العبد حققه كمال التوحيد لله في ربوبيته فلا بد ان يقوده ذلك الى تكبير تحقيق الالهية لله عز وجل. قال على ان منهم من اشرك في ربوبيته كما يأتي بعد ذلك ان شاء الله تعالى. نعم والملك هو الامر الناهي الذي لا يخلق خلقا بمقتضى ربوبيته ويتركهم سدى معطلين لا يؤمرون ولا ينهون ولا ايثابون ولا يعاقبون فان الملك هو الامر الناهي المعطي المانع الضار النافع المثيب المعاقب. ولذلك جاءت الاستعاذة في سورة الناس وسورة الفلق بالاسماء الحسنى الثلاثة الرب والملك والاله. فانه لما قال قل اعوذ برب بالناس كان فيه اثبات انه خالقهم وفاطرهم فبقي ان يقال لما خلقهم هل كلفهم وامرهم ونهاهم قيل نعم فجاء ملك الناس فاثبت الخلق والامر الا له الخلق والامر فلما قيل ذلك طيب يقول رحمه الله ويحتج الرب سبحانه عليهم اي على المشركين بتوحيد ربوبيته على توحيد الهيته. ثم قال وبالجملة يقول رحمه الله وبالجملة اي بعد ان ذكر ما ذكر مما تقدم اجمل ما يقصده وما يريده من ان الله تعالى يذكر ربوبيته في اقامة الحجة على من اشرك به. وانه سبحانه وبحمده لا يستحق ان يسوى به غيره. وانه يجب افراده بالعبادة وهذا كثير في القرآن العظيم يذكر الله ربوبيته ليستدل بها على انه لا اله غيره وانه لا تصرف العبادة لسواه قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم سيقولون لله قل افلا تتقون. قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه ان كنتم تعلمون. سيقولون لله قل بان تسحرون؟ يعني كيف يقع منكم ان لا تفردوه بالعبادة. كيف يقع منكم ان تتوجهوا الى غيره؟ وتعبدوا غيره اذا كنتم تقرون بان الله جل وعلا رب السماوات السبع وانه رب العرش العظيم وان بيده ملكوت كل شيء سبحانه وبحمده وانه يجير ولا يجار عليه جل في علاه فكيف يسوغ لمن امتلأ قلبه يقينا بهذه المعارف وبهذه العلوم ان يعبد غيره جل قال وقد قال ولئن سألتهم من خلق السماوات والارض وسخر الشمس والقمر. لا يقولن الله يقول الله جل وعلا فانا يؤفكون كيف يصرفون؟ عن عبادة الله وحده اذا كانوا يقرون بهذا. فالايات في هذا هذا المعنى كثيرة فيها يثبت الله تعالى وجوب عبادته وحده لا شريك له بما يقر به هؤلاء من انه لا خالق ولا مالك فاذا كان ربا موجدا وملكا مكلفا فهل يحب ويرغب اليه ويكون التوجه اليه غاية الخلق والامر. قيل اله ناس اي مألوههم ومحبوبهم الذي لا يتوجه العبد المخلوق المكلف العابد الاله. فجاءت فجاءت الالهية ولا رازق ولا مدبر ولا فاطر الا الله جل في علاه. مقتضى هذا ان يكون العبد موحدا لله في عبادته فلا يصرف العبادة لسواه ومنه نعلم الارتباط والصلة بين توحيد الربوبية وتوحيد الالهية. توحيد الربوبية اذا كمل في قلب العبد استلزم توحيدا الهيا فتوحيد الربوبية الطريق الذي يوصل الى توحيد الالهية ولذلك يستلزم توحيد الربوبية توحيد الالهية. ومن كمل توحيد الالهية تضمن ذلك تكميل توحيد الربوبية ثم ذكر المؤلف رحمه الله امرا اخر مما يدل على وجوب افراد الله تعالى بالعبادة انه الملك سبحانه وبحمده كما انه الخالق فهو الملك. قال الله جل وعلا قل من قل من يرزقكم من السماء والارض. امن يملك السمع والابصار. ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من في الحي ومن يدبر الامر فسيقولون الله. فالله سبحانه وتعالى له الملك سبحانه وبحمده. ومقتضى ان له الملك سبحانه وبحمده يستلزم ان يقطع الانسان النظر الى غيره والا يطيع سواه. ولذلك يقول والملك هو الامر الناهي. هذا مقتضى ان الله تعالى الملك والله سبحانه وبحمده يملك الدنيا والاخرة. له كل شيء سبحانه وبحمده لا يملك العباد شيئا دون الله عز وجل بل هو الله الذي يرث الارض ومن عليها وله الملك سبحانه وبحمده كما قال جل وعلا تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير فالله يملك كل شيء وملكه وسع كل شيء لم يسبقه عدم ولا يلحقه زوال فهو الباقي جل في علاه الاول الذي ليس قبله شيء والاخر الذي ليس بعده شيء سبحانه وبحمده. واليه كل شيء صائر فهو الذي يرث الارض ومن عليها جل في علاه سبحانه وبحمده. وكل ملك لبني ادم فهو مسبوق بعدم و يلحقه زوال فان الانسان اخرجه الله من بطن امه لا شيء معه ولا يملك شيئا في الاصل والغالب ثم بعد ذلك اذا مات كل ما يملكه ولو ملك ما ملك خرج من ملكه ينتقل قهرا لورثته ولذلك الميراث نوع من التملك القهري لانه ينتقل بالشرع من مالكه الى ورثته وفق ما بين الله عز وجل وقسم فملك العباد قاصر مسبوق بالعدم ويلحقه زوال كما انه في اثناء الملك ليس مطلق التصرف بل لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن اربع ومنها عن ماله من اين اكتسبه؟ وفيما انفقه ولابد ان يطيع الله تعالى في ما ملك فهو لا يملك ملكا مطلقا بل ملكه مقيد وليس له فيه الملك المطلق انما الملك المطلق لله جل وعلا واذا كان كذلك فان الملك الذي بيده ملكوت كل شيء سبحانه وبحمده حقه ان يطاع في امره ونهيه فطاعته في امره ان يمتثل وفي نهيه ان يجتنب. ولهذا قال والملك هو الآمر الناهي الذي لا يخلق خلقا بمقتضى ربوبيته ويتركهم سدى. فمن مقتضيات حكمة الله وملكه ان يطيع العباد ربهم في توحيده وعبادته. ولذلك لا يمكن ان يخلق الله تعالى الخلق ويتركهم دون امر ونهي بل خلقهم لحكمة كما قال تعالى الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا. وكما قال تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. فغاية الخلق تحقيق العبودية لله عز وجل. قال رحمه الله والملك هو الآمر الناهي الذي لا يخلق خلقا بمقتضى ربوبيته ويتركهم سدى معطلين لا يؤمرون ولا ينهون ولا يغتابون ولا يعاقبون فان الملك هو الامر الناهي المعطي المانع الضار النافع المثيب المعاقر. وكل ذلك يقتضي ان يفرد بالعبادة جل وعلا ولذلك يقول جاءت الاستعاذة في سورة الناس وسورة الفلق بالاسماء الحسنى التي هي مقتضى ان ان يفرد جل وعلا بالعبادة وان يفرد سبحانه بحمده القصد والا يتوجه العباد الى غيره. فان المستعاذ به هو من يملك جل في علاه. هو الرب هو الملك هو الاله ولهذا يقول الله جل وعلا في خاتمة سور القرآن سورة الناس قل اعوذ برب الناس ملك الناس اله الناس. فالربوبية والملك تثبت انه الاله الذي لا يستحق العبادة سواه سبحانه وبحمده يقول المؤلف رحمه الله وبالاسماء نعم ولذلك فلذلك جاءت الاستعاذة في سورة الناس وسورة الفلق بالاسماء الحسنى الثلاثة الرب والملك والاله. فانه لما قال قل اعوذ برب الناس كان فيه اثبات انه خالقهم وفاطرهم فبقي ان يقال لما خلقهم هل كلفهم وامرهم ونهاهم قيل نعم فجاء ملك الناس فاثبت الخلق والامر الاله الخلق والامر. فلما قيل ذلك قيل خاتمة وغاية وما قبلها كالتوطئة لها المؤلف رحمه الله بهذه الايات الثلاث على طريقة القرآن في تقرير توحيد الالهية فابتدأ الله جل وعلا في الاستعاذة في سورة الناس بذكر ربوبيته وربوبيته تقتضي خلقه وتدبيره سبحانه وبحمده ثم ذكر جل في علاه ملكه والملك يقتضي الامر والنهي والله تعالى امر عباده بعبادته وحده لا شريك له. ونهاهم عن الشرك فقال فلا تجعلوا لله اندادا. وانتم تعلمون. ثم ذكر الهيته وهي الانجذاب اليه بالمحبة والتعظيم ولهذا جعل الالهية الخاتمة مما تقدم من المذكورات فهي نتيجة كمال العلم بربوبيته ونتيجة كمال العلم بالهيته فاذا كمل علمك بذلك نتج عنه انجذاب قلبك له. وعظيم تعظيمك له جل وعلا. وهذا هو الغاية وما قبلها توطئة ولذلك جعل ما قبل ذكر الالهية تمهيد وتقديم للوصول الى الغاية والمنتهى نعم ثم قال رحمه الله وهاتان السورتان اعظم عوذة في القرآن وجاءت الاستعاذة بهما وقت الحاجة الى ذلك. وحين سحر النبي صلى الله عليه وسلم وخير له انه يفعل الشيء وما فعله واقام على ذلك اربعين يوما كما في الصحيح وكانت عقد السحر احدى عشر عقدة فانزل الله المعوذتين احدى عشرة اية فانحلت بكل اية عقدة وتعلقت الاستعاذة في اوائل القرآن باسمه الاله وهو المعبود وحده لاجتماع صفات الكمال فيه. ومناجاة العبد لهذا الاله كامل ذي الاسماء الحسنى والصفات العليا المرغوب اليه في ان يعيد عبده الذي يناجيه بكلامه من الشيطان الحائل بينه الحائل بينه وبين مناجاة ربه ثم انسحب التعلق باسم الاله في جميع مواطن الذي يقال فيها. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. لان اسم الله هو الغاية للاسماء ولهذا كان كل اسم بعده لا يتعرف الا به. فنقول الله هو السلام المؤمن المهيمن فالجلالة تعرف غيرها وغيرها لا يعرفها يقول المصنف رحمه الله وهاتان السورتان اعظم عودة في القرآن السورتان هما سورة الفلق وسورة الناس وقوله رحمه الله اعظم عودة في القرآن يعني اعظم ما يحصل به الاحتماء والاعتصام بالله من الشر والسوء والفساد والمكروه على وجه العموم فاعظم ما تحصل به اه الاستعاذة من ايات القرآن هاتان السورتان وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم من طريق قيس بن ابي حازم عن عقبة بن عامر انه قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم الم تر ايات انزلت الي او علي ليلى لم يرى مثلهن يعني لم يأتي كتب النبيين ولا في القرآن مثلهن مثلهن في الصيانة والوقاية والحفظ من الشر والسوء وهذا يدل على ان هاتين السورتين تقدم نزولهما وانهما لم يكونا قد نزلا ابتداء في حادثة سحر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بل كان نزولهما سابقا فيهما من الحماية من الشر والحفظ من اسباب الفساد ما ليس في شيء من القرآن قل اعوذ برب الفلق ايحتمي واعتصم والتجئ واطلب الصيانة والحفظ من رب الفلق اي صاحب الفلق الذي يخلق كل شيء جل في علاه فهو فالق الحب والنوى جل في علاه. وفالق الاصباح سبحانه وبحمده من شر ما خلق. هذه هذه الاستعاذة بالله عز وجل من شر كل ذي شر يقول العلماء حتى من شر نفسك فانه فانك تستعيذ بالله من شر خلقه وانت من خلق الله فعندما تقول قل اعوذ برب الفلق من شر ما خلق تستعيذ بالله حتى من شر نفسك وهذا قد يغلب عن كثير من الناس ثم بعد ان ذكر العموم في الاستعاذة بالله من الشر ذكر شرورا عظيمة يطلب الوقاية منها من شر ما خلق ومن شر غاسق اذا وقب وهو الليل اذا اظلم والليل موضع للشر وكثير من الفساد فاستعاذ بالله من زمن الشر ومن شر من شر غاسق اذا وقب ومن شر غاسق اذا وقب ومن شر النفاثات في العقد وهن السواحر وذكر النفاثات لا يقصر الامر على النساء بل لانه غالب فيهن والا فهو من شر كل من شر سحر كل ساحر. ذكرا كان او انثى ومن شر حاسد اذا حسد اي من شر اصحاب النفوس الخبيثة التي تكره الخير الذي يسوقه الله تعالى للغير وتتبنى زواله وبعد ذلك في السورة الثانية قل اعوذ برب الناس تقدم الكلام عليها ملك الناس اله الناس ثم ذكر ما يكون من الشرور التي تكون في صدور الناس كرر الوسواس الخناس وهو الذي يلقي في نفوس الناس الوساوس والهواجس التي تشككهم في الدين وفي العقائد او توقعهم في الحرج والضيق فالوساوس منها ما يتعلق بالله ومنها ما يتعلق بشرعه ومنها ما يتعلق بالايمان ومنها ما يتعلق بالعمل كله مما يطلب السلامة ويستعاذ بالله تعالى منه من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس يلقي في قلوبهم الشبه والشكوك قول من الجنة والناس اي من كل صاحب وسواس يلقي في قلوب الناس الوساوس سواء كان من الجن كالشيطان او كان من الانس وهم الذين يزينون الباطل ويشككون الناس في دين الله عز وجل ويصرفونهم عن الهدى بزخارف الاقوال البيان كما قال تعالى يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا. فيصد بعضهم بعضا عن الحق والهدى بما يبهرجونه ويزينونه من الاقوال. التي تصرف عن الحق والهدى وهذا معنى قوله رحمه الله في هذا وهاتان السورتان اعظم عوذة في القرآن اي اعظم ما جاء في القرآن من صيغ الاستعاذة واجمعه. ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها في الصباح والمساء يذكرها في ادبار الصلوات لما لها من الاثر العظيم في صيانة الانسان ووقايته وحفظه وحمايته مما يكره وهذا الكلام وما بعده نوع من الاستطراد ذكره المؤلف رحمه ذكره المؤلف استظرادا والا فانه خارج عن صلب الموضوع الذي يتحدث عنه في هذا الكتاب الماتع في تجريد التوحيد المفيد اسأل الله عز وجل ان يرزقني واياكم البصيرة في الدين والعمل بالتنزيل