وستحمل الايام مفاجآت عظيمة لاهل الارض جميعا. سيرى اهل الارض كيف ان هذا الرجل البسيط عمر الذي امن في هذه البلدة الصغيرة مكة سيقود جيوش المؤمنين ليكسر شوكتي فارس والروم كان بينهم وبينه سفارات ومراسلات وهدايا وده كان ممكن يبقى عيب في اختيار ارض الحبشة لو كان ملك الحبشة يتصف بالعدل. اما كونه يتصف بالقوة والعظمة مع العدل فهذا يوفر حماية اكيدة للمهاجرين. قريش من مستحيل من المستحيل ان تفكر في غزو الحبشة لمطاردة المهاجرين كما فعلت بعد ذلك في المدينة في غزوة الاحزاب. عوامل قوة الحبشة وقوة الملك وبعد المسافة والبحر تحول دون هذا التفكير. اقصى ما يمكن ان تفعله قريش هو ان ترسل سفارة رسمية تطلب المهاجرين. فان كان الملك عادلا فانه ولا شك سيرفض تسليم زواره ضيوفه. سادس حاجة ان الحبشة بلد تجاري وصاحب قوة اقتصادية معقولة في ذلك الوقت. ولا يخشى عليه من حدوث ازمات اقتصادية نتيجة قدوم المهاجرين وهذا ولا شك يوفر للمؤمنين امانا واستقرارا. وفي نفس الوقت لا يغير من نفسيات اهل الحبشة فلن يشعروا بازمة تذكر نتيجة هجرة المسلمين اليهم. لهذه الاسباب مجتمعة وقد يكون لغيرها. كان اختيار الحبشة اختيار موفقا جدا وبدأ المهاجرون بالفعل يتجهون الى هناك ليبدأ ما يسمى في السيرة بالهجرة الاولى الى الحبشة امر رسول الله صلى الله عليه وسلم اربعة عشر مؤمنا ان يهاجروا الى الحبشة عشرة رجال واربع نساء. طبعا النساء كانوا زوجات اربعة من الرجال وكانت هذه هي الطليعة الاولى من المهاجرين. وانا عايز اقف وقفتين في غاية الاهمية عند الموقف ده الوقفة الاولى من اول من هاجر من المسلمين؟ تعالوا كده نطالع الاسماء التي هاجرت ووقفة طويلة جدا جدا جدا مع الاسم الاول. انه عثمان بن عفان رضي الله عنه وارضاه. الاموي. وزوجته مين؟ رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم يا الله يا له من موقف. اعمق وسيلة من وسائل التربية. هي وسيلة التربية بالقدوة لقد اصدر رسول الله صلى الله عليه وسلم اوامره بالهجرة وترك الديار. ثم لم يعزل نفسه صلى الله عليه وسلم عن الاذى من هذه الهجرة ها هي ابنته السيدة رقية حبيبة قلبه صلى الله عليه وسلم تهاجر الى الحبشة مع المهاجرين. بل تسبق المهاجرين ها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يذوق الم الفراق كما يذوقه اصحابه من المؤمنين. يا اخواني من المستحيل ان يتأثر الجنود بقائدهم الا اذا شعروا انهم معهم في خندقهم ما اسهل ان تأمر بالتقشف! ما اسهل ان تأمر بالاخلاص! ما اسهل ان تأمر بالتضحية! ما اسهل ان تأمر بالجهاد! ما اسهل ان تأمر بالهجرة بل ما اسهل ان تأمر بالموت. لكن كل ذلك لا يؤثر في احد الا اذا قرن بعمل التربية بالقدوة. رسالة من رسول الله صلى الله عليه وسلم الى كل قائد. اذا اردت ان تملك قلوب شعبك واتباعك فانزل اليهم وعش معهم وخالطهم. افرح بما يفرحون به وتألم مما يتألمون منه. شاركهم في طعامهم وشرابهم وسفرهم وسعيهم وقتالهم عندئذ اعلم انك امتلكت قلوبهم. الاسم الثاني في هذه الهجرة برضه من بيت الرسول صلى الله عليه وسلم جعفر بن ابي طالب رضي الله عنه وارضاه. ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم الهاشمي القرشي امور جعلت المشركين ينشطون من جديد يعذبون المسلمين من جديد اولا سجود المشركين في الكعبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. لا شك ان هذا الحدث سبب بلبلة في ارض مكة. ومن كان شريف هاجر هو وزوجته السيدة اسماء بنت عميس. رضي الله عنها. وكذلك بقية الاسماء معظمهم من اصحاب الشرف والمكانة والمنعة كما ذكرنا. عبدالرحمن بن عوف من بني زهرة الزبير بن العوام من بني اسد ابو سلمة بن عبدالاسد من بني مخزوم ابو حذيفة ابن عتبة من بني عبد شمس مصعب بن عمير من بني عبد الدار وهكذا. معظم المهاجرين من اشراف مكة اما الوقفة الثانية الهامة ان المسلمين اخذوا بكل الاسباب الممكنة لضمان نجاح عملية الهجرة لم يكونوا نتوكل على الله عز وجل وندعوه ثم يسلموا امرهم بغير اعداد. ابدا اخذوا بكل الاسباب التي في ايديهم. اولا خرج المسلمون في سرية كاملة ولم يعلموا احدا ابدا بهجرتهم ثانيا لم يخرجوا مجموعة واحدة بل خرجوا متفرقين حتى لا يلفتوا الانظار اليهم. ثالثا لضمان عدم خلاف ولتوحيد الصف اختار لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اميرا من انفسهم. اختار لهم عثمان ابن مظعون رضي الله عنه وارضاه من بني جمح. رابعا التنوع الملموس من قبائل مكة. خل بالك من النقطة ديت الرسول صلى الله عليه وسلم اخرج من كل قبيلة رجلا. وبذلك لا تستطيع مكة ان تتحزب ضد قبيلة معينة لقد اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل قبيلة واحدة فاصبح الموقف صعبا جدا جدا على اهل مكة. كما انه من الناحية الاخرى سوف يكون لهذا الوفد تأثير واضح على ملك الحبشة. فهذا الوفد المكون من خليط من قبائل لمكة وكأنه سفارة رسمية تمثل شعب مكة. عضو من كل قبيلة لا يخطر ابدا على ذهننا اجا شيء ان هذه حركة قبائلية بحتة بل هي دعوة دينية اخلاقية لا تفرق بين قبيلة او اخرى وهذا سيكون ادعى لرد كيد قريش. اذا حاولت ان تكيد للمسلمين عند ملك الحبشة. سبحان الله! تخطيط وابداع الهجرة فعله صلى الله عليه وسلم واخذ فيه بكل الاسباب المادية حتى يعلمنا كيف نسير على درب به وعلى طريقه صلى الله عليه وسلم خرج المؤمنون من مكة خفية واجتمعوا عند ساحل البحر ولكن سبحان الله مع كل هذا استطاع اهل مكة ان يعرفوا وجهتهم وان يلحقوا بهم. حرب الحق والباطل ليس لها نهاية الى يوم القيامة هنا كان من الممكن ان تجهض محاولة الهجرة تماما. ولكن سبحان الله المسلمون ابتهلوا الى الله عز وجل. ابتهلوا ان ينجيهم مما لحق بهم. في هذه اللحظة وجدوا سفينتين في البحر متجهتين الى الحبشة. فقفز فيهما المسلمون وانطلقوا بسم الله في وسط البحر ولم يستطع المشركون ان يلحقوا بهم لقد استنفذ المسلمون الوسع واخذوا بكامل الاسباب ولكن المشركون ادركوهم. لماذا؟ ليلجأ المسلمون الى الله عز وجل. ليعلموا ان الاخذ اسباب لا ينفع الا اذا اراد الله عز وجل. وليدركوا حق الادراك ان الكون جميعا بيد الله عز وجل يصرفه كيف يشاء وصل المسلمون بامان الى الحبشة. وكما توقع رسول الله صلى الله عليه وسلم استقبلهم النجاشي خير استقبال وجلسوا عنده في ولم يلقوا عنتا ولا ايذاء ولا مشقة ومرت الايام شهر والتاني والتالت وحدثت في مكة امور عظام احداث في ظاهرها بسيطة ولكنها محطات تغيير هامة جدا جدا. لا اقصد تغيير اوضاع مكة فقط بل وتغيير خريطة العمل اعلم بعد ذلك ماذا حدث في مكة اولا لقد امن حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه وارضاه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثانيا بعده بثلاثة ايام فقط امن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وارضاه يوحد اطراف العالم في خلافة واحدة تحت ولاية خليفة واحد. عمر بن الخطاب رضي الله عنه وارضاه الفاروق في مكة فحدثت تغييرات جذرية في سياسة المؤمنين. سنأتي ان شاء الله الى تفصيل هذا الحدث لاحقا. لكن هنا نعلق على ما كان له اهمية في قضية الهجرة الى الحبشة امن عمر بن الخطاب فظهر الاسلام في مكة واعلن كثير من المسلمين اسلامهم بعد ان اذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكما قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ما زلنا اعزة منذ اسلم عمر رضي الله عنه وارضاه. وقل الى حد كبير جدا التعذيب الوحشي الذي كانت تقوم به قريش للمؤمنين. وعاش المسلمون في مكة لحظات عظيمة من السعادة التي لم تمر بهم منذ زمن طويل سعادة باسلام البطلين العظيمين الجليلين حمزة ابن عبد المطلب وعمر ابن الخطاب رضي الله عنهما. وسعادة باحسان الامان النسبي الذي شعر به المسلمون للمرة الاولى منذ اكثر من خمس سنوات وسعادة بشعور العزة والفخر بهذا الدين وباتباعه. وسبحان الله طارت انباء هذه السعادة الى الحبشة وتواصلت قلوب المؤمنين في الحبشة مع قلوب المؤمنين في مكة. وشعروا بنفس السعادة وفوقها شعروا بسعادة العودة الى ارض الوطن والى ارض الاجداد والعشيرة والى البيت الحرام والبلد الحرام. شعر المسلمون انه في هذا التوقيت كونوا العودة الى مكة ممكنة. وسيكون الرجوع قريبا ان شاء الله تزامن مع هذا الحدث العظيم حدث اسلام البطلين حمزة وعمر رضي الله عنهما حدث اخر عجيب تم في مكة في ساحة البيت الحرام. في رمضان من السنة الخامسة من البعثة. كان من اسلوب الكافرين لمنع الناس من التأثر بكلام الله عز وجل ان يمنعوا انفسهم من السماع اصلا لانهم يعلمون انه لو سمع احدهم القرآن فقد يؤمن به. وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون. كانت هذه هي سياستهم. ولكن في رمضان استلت الخامسة من البعثة حدث هذا الموقف الغريب كان المشركون مجتمعين في البيت الحرام وكان معهم المؤمنون ايضا. وكان معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. شاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الجمع الكبير من الناس من الكافرين والمؤمنين. فوقف في وسط الناس بغتة وبدأ يقرأ سورة من سور القرآن الكريم مجرد تلاوة قرأ عليهم سورة النجم كاملة. والنجم اذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى. علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى وهو بالافق الاعلى ثم دنا فتدلى. فكان قاب قوسين او ادنى فاوحى الى عبده ما اوحى ما كذب الفؤاد ما رأى. افتمارونه على ما يرى؟ اخذ المشركون بروعة الكلمات ايات انبهروا بالكلام العجيب الذي لا يقدر عليه بشر لم يحركوا ساكنا نزلت الايات كالقوارع على قلوبهم خرست الالسنة وتسمرت الاقدام وتعلقت العيون برسول الله صلى الله عليه وسلم. وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يكمل القراءة بصوته العذب بل انه بدأ يقرأ ايات تسفه من اصنام قريش ومن الهتهم المزعومة. افرأيتم اللات والعزى ومنات الثالثة الاخرى الكم الذكر وله الانثى تلك اذا قسمة ديزا. ان هي الا اسماء سميتموها انتم واباؤكم ما انزل الله بها من سلطان. ان يتبعون الا الظن وما تهوى الانفس. ولقد فجاءهم من ربهم الهدى. ومع ان الايات اخواني في الله تهين الهة قريش وتحقر من شأنها. الا ان المشركين لم ينطقوا بكلمة بل ظلوا يستمعون القرآن وقد انبهروا انبهارا كاملا. واكمل رسول الله صلى الله عليه وسلم السورة بكاملها الى ان وصل الى اخرها حتى قرأ اية السجدة. ازفت الازفة ليس لها من دون الله كاشفة. افمن هذا الحديث تعجبون؟ وتضحكون ولا تبكون؟ وانتم سامدون فاسجدوا لله واعبدوا ثم سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسجد المؤمنون لكن المفاجأة الكبرى ان المشركين ايضا لم يستطيعوا ان يمنعوا انفسهم من السجود. لله رب العالمين سجدوا جميعا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد طارت قلوبهم وذهلت عقولهم. ثم قاموا بعد السجود. وقد ارعبت المفاجأة ماذا فعلنا لقد لمس الايمان قلوبهم لحظة ثم نكسوا على رؤوسهم ماذا فعلنا؟ وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم ظلما وعلوا. فانظر كيف كان عاقبة المفسدين اجتمع المشركون في مكة ممن لم يحضر المشهد في البيت الحرام. واخذوا في القاء اللوم والتأنيب على المشركين الذين سجدوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم واسقط في يد المشركين. ولم يدركوا ماذا يفعلون. ثم غلب عليهم شيطانهم واوحى اليهم ان الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبماذا كذبوا؟ لقد اشاعوا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قرأ ايات معينة عظموا من شأن اللات والعزى. ولذلك لما جاءت اية السجود سجدوا تعظيما لالهتهم. افتروا هذه الفرية ليخرجوا بها من الايمان الذي دخل قلوبهم رغما عن انوفهم. لكن الامر سبحان الله طار الى الحبشة بصورة مختلفة لقد وصل الى اسماع المسلمين في الحبشة ان مكة قد امنت. ودخل اهلها في الاسلام. قالوا لقد امن حمزة وعمر رضي الله عنهما وظهر المسلمون بوضوح وصاروا اعزة ثم سجد المشركون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ايمانا بما يقول وقد فاصبحت مكة الان مسلمة. هكذا ظن المسلمون في الحبشة. فما الفائدة في البقاء هناك في الحبشة بعد ايمان مكة كيف حدث هذا الخطأ في فهم المسلمين في ارض الحبشة؟ لابد انه اما هناك من اخطأ في نقل الاخبار من مكة الى الحبشة او هناك من اخطأ في فهم الخبر الصحيح. ولكن في الحالتين ترتب على هذه الخطأ ارهاق شديد جدا للمسلمين في الحبشة لقد قرر المسلمون ان يعودوا ادراجهم الى مكة. وذلك بعد الاشاعة مجرد اشاعة غير صحيحة جاءت من مكة الى الحبشة وسبحان الله كم من الاثمان يدفعها المسلمون ثمنا للشائعات. وكم من الوقت المجهود والمال يضيع من جراء الشائعات. وعلى المسلمين دائما ان يتبينوا قبل اخذ القرار باعتقادي انه كان من المفروض على المهاجرين في الحبشة ان يرسلوا رسولا واحدا منهم الى مكة ليستوثق من الخبر قبل ان يجمعوا انفسهم بنسائهم واطفالهم ويعودوا هذا المشوار الطويل المرهق عبر البحار والصحاري او كان عليهم ان ينتظروا الرسالة واضحة من قائدهم المحنك رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان سيرسل اليهم حتما بالخبر لو ان مكة آمنت فعلا ولو ان المصلحة ان يعودوا الى مكة. لكن هذا لم يحدث صار المسلمون المشوار الطويل وركبوا البحر لمسافات طويلة وجاؤوا الى مكة وقلوبهم ترقص من الفرحة ثم كانت الصدمة القاسية لقد اكتشفوا ان الخبر كان اشاعة. ولا حول ولا قوة الا بالله معاناة كبيرة مر بها المسلمون في طريق هذه الدعوة لكن بفضل الله كان المسلمون على حذر كاف عندما اقتربوا من مكة انتظروا الى الليل ووقفوا خارج مكة وارسلوا رسولا وجاء لهم بالخبر. ما زال اهل مكة مشركين. اه مش ضخمة لكن الله المستعان اجتمع المسلمون وعقدوا مجلسا للشورى وخرجوا من اجتماعهم بثلاث توصيات. واستقروا على ان يقسموا عليهم هذه التوصية الثلاث. اما التوصية الاولى فهي ان يعود غالبيتهم مرة ثانية الى الحبشة دون دخول مكة. امر شاق على النفس ولكن هذا سيكون اكثر امنا. التوصية الثانية هي ان يدخل بعض المسلمين مكة سرا مستخفين لقضاء بعض المصالح لهم ولبقية المهاجرين. ثم العودة بعد ذلك الى الحبشة. ومفهوم انهم لن يبقوا في ارض مكة الا فترة بسيطة لان مكة مدينة صغيرة جدا ومن المستحيل ان يختبئ فيها رجل عن عيون الناس لفترة طويلة. اما التوصية الثالثة فكانت ان يدخل بعضهم الى ارض مكة جهارا. ولكن في جوار واضح وحماية معلنة حتى لا يعرض للقتل او للتعذيب الشديد لا سوف يشرحون لرسول الله صلى الله عليه وسلم احوال الحبشة ويتبادلون الخبرة مع مؤمني مكة بخصوص امر الهجرة وتم بالفعل هذا الاتفاق وعاد الغالبية الى الحبشة دون دخول مكة. ودخل بعضهم مكة سرا ثم عادوا بعد ذلك الى الحبشة ودخل بعض مكة في وضوح. اما الذين دخلوا مكة في اعلام فكانوا عثمان بن عفان رضي الله عنه وارضاه وزوجته السيدة رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعثمان ابن مظعون رضي الله عنه. دخل عثمان بن عفان الاموي في حماية قبيلته القوية قبيلة بني امية اما عثمان ابن مظعون فقد دخل في جوار الوليد ابن المغيرة المشرك وهو من قبيلة بني مخزوم وذلك لان قبيلة عثمان ابن مظعون وهي قبيلة بني جمح كانت من اشد القبائل محاربة له هو شخصيا. وكان من اشدهم عليه امية ابن خلف الجمحي لعنه الله. فدخل عثمان ابن مظعون في اجارة الوليد ابن المغيرة ولكنها كانت اجارة غير مشروطة. قلنا قبل كده ان المشركين قد رفعوا ايديهم نسبيا عن المسلمين بعد اسلام حمزة واسلام عمر رضي الله عنهما. ولكن جدد في الايمان فلابد ان يفكر الان بجدية وبالذات في ظل الحماية المادية والمعنوية التي يقدمها فارس قريش حمزة وعمر رضي الله عنهما. لذا فكرت قريش في اعادة البطش والتعذيب وذلك لمنع المد الاسلامي الجارف في مكة ثانيا وصلت الى مكة انباء الاستقبال الحافل والكريم الذي قدمه النجاشي للمهاجرين المسلمين. وهذا رفع معنويات المسلمين من ناحية واحبط معنويات الكفار من ناحية اخرى. مشركو مكة كانت لهم علاقات تجارية وصداقة مع النجاشي ولا شك ان هذه الامور قد تتأثر بالصداقة والوفاق الجديد مع المسلمين. لهذا قررت مكة من جديد ان في مواجهة الدعوة فماذا فعلت؟ اولا قررت منع المؤمنين من السفر تشديد الحراسة على مخارج مكة. مطاردة كل من خرج من المؤمنين من مكة. ووضعوا على قائمة الممنوعين من الصفر كل من عرف عنه ايمان او اشتبه في ايمانه. كل هذا لوقف الهجرة الى الحبشة وقد يظن ظان ان المشركين سيكونون سعداء بترك المسلمين لارض مكة. خلاص هيستريحوا من المشاكل ومن القلق الذي يسببه وجودهم فلماذا يمنعونهم من الهجرة لكن قريش كانت تفكر بطريقة اخرى. واحد المؤمنون ما ذهبوا الى الحبشة الا ليعودوا. الحبشة ما هي الا يربى فيه المسلمون ليعودوا اشد قوة. المؤمنون اصحاب قضية. ولن يرضوا بالحياة المستريحة في الحبشة ويتركوا قضيتهم وكما ذكر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فانه قد بعث لقومه خاصة وللناس عامة. ولابد ان المؤمنين سيبذلون قصارى جهدهم ليصلوا بهذه الدعوة الى مشارق الارض ومغاربها. ولا شك ان مكة ستكون من اهم النقاط في محطة المؤمنين يعني لازم لازم هيرجع المؤمنين تاني لارض مكة. اتنين المؤمنون سيفسدون علاقة الحبشة بمكة فاهل الحبشة اذا رأوا اخلاق المؤمنين ونضجهم ونقائهم فانهم سيستنكرون بشدة افعال الذين عذبوهم وقد يقطعون علاقاتهم السياسية والاقتصادية بمكة وهذا فيه ضرر كبير. تلاتة ما ادراهم اهل مكة ان اهل الحبشة قد يدخلون في الاسلام ثم يقبلون على مكة بعد ذلك لغزوها. وقريش ليست طاقة بحرب دولة الحبشة وجيش الحبشة وملك الحبشة وليس ببعيد من اهل مكة ما حدث من ابرهة الاشرم وهو مجرد تابع لملك الحبشة كان على منطقة اليمن التابعة لدولة الحبشة. اربعة قريش تخشى من انتشار المد اسلامية في خارجها. دعوة المسلمين مقنعة ودينهم قيم. وقرآنهم معجز. ولو تركت لهم حرية الدعوة فلا شك ان عموم الناس اصحاب الفطرة السليمة سيدخلون في هذا الدين. اذا فليمنع المسلمون من السفر. ولتحدد اقامتهم في ارض مكة هكذا فكر اهل الباطل في مكة دي كانت وسيلة منع المسلمين من الخروج من مكة. الوسيلة الثانية هي التي استخدمها اهل الباطل في مكة قبل ذلك لمنع الدعوة هي وسيلة التعذيب الشديد من جديد. وسيلة العاجز وسيلة الضعيف وسيلة المهزوم الانتكاسة بشعة في الانسانية انقلبوا على كل من بقي من المسلمين في ارض مكة يعذبونهم. ولم يستطع حمزة وعمر رضي الله عنهما كافراد ان يقوموا بحماية المؤمنين من هذه الحرب القرشية المنظمة بهذا الموقف العصيب وتحت هذا الضغط القرشي الظالم وخوفا من استئصال عامة المسلمين في لحظات الغضب تهور غير المحسوب وغير المدروس في هذا الموقف الصعب اصدر رسول الله صلى الله عليه وسلم قراره بالهجرة مرة ثانية الى ارض الحبشة. المرة الاولى هاجر عشرة رجال واربع نساء. ثم عادوا الى مكة كما ذكرنا ثم عاد بعضهم الى الحبشة من جديد. اما في هذه المرة فقد صدرت الاوامر بهجرة اكثر من ثمانين رجلا ام مسلما اكتر من تمانين اتنين وتمانين او تلاتة وتمانين لو كان فيهم عمار ابن ياسر وهاجر ايضا ثماني عشرة امرأة احدى عشرة قرشية وسبع غير قرشيات. ده غير الاطفال فقه الموازنات الرسول صلى الله عليه وسلم كقائد مسئول له اهداف واضحة ومحددة. والرؤيا عنده واضحة تماما. هو يتحرك بمرونة سياسية وفقهية عالية. الاهداف واضحة. الدعوة لابد ان تصل الى عموم الناس. والدعوة لن تصل الى الناس الا عن طريق الدعاء والدعاة وصلوا الى مرحلة من الايذاء يصعب معها استمرار الدعوة. اذا فليكن القرار الحاسم الجريء وفي الوقت المناسب هجرة اكثر من ثمانين مسلم وهو ما يمثل نصف الطاقة الاسلامية تقريبا في ذلك الوقت. قرار استراتيجي خطير جدا. موازنة بين الهجرة وترك الديار ونقل ميدان العمل الى الحبشة وبين البقاء في مكة واستمرار الدعوة مع التضييق الشديد الذي قريش موازنة قد ينفعل الشباب ويقولون نبقى مهما كانت النتائج ولو ادى ذلك الى الموت فهذا موت في سبيل الله لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم القائد السياسي المحنك والداعية الحكيم يعلم ان الامور لا تسير بهذه هي الطريقة الله عز وجل خلق النبات الضعيف خلقه لينا طريا مرنا فاذا جاءت ريح شديدة مال النبات حتى لا ينكسر. ثم عندما يشتد عود النبات ويصبح شجرة راسخة لها جذور عميقة فانها لا تميل امام بالريح الشديدة بل تظل ثابتة وتمر الرياح مهما اشتدت قوتها من حولها هكذا المؤمن الفقيه اخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم القرار الجريء. وكان هذا القرار اصعب مائة مرة من قرار الهجرة الاول لماذا كان هذا القرار صعبا وماذا فعل المسلمون في طريقهم من مكة الى الحبشة في هجرتهم الثانية؟ وكيف استقبلهم النجاشي رحمه الله؟ وماذا كان رد فعل اهل مكة عندما علموا بهذه الهجرة الكبيرة الى ارض الحبشة وما هي الدروس العظيمة جدا جدا والمستفادة من هذه الهجرة العظيمة الهجرة الثانية الى الحبشة هذا ما وان شاء الله وغيره في الدرس القادم فستذكرون ما اقول لكم وافوض امري الى الله ان الله بصير بالعباد. وجزاكم الله خيرا كثيرا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته