بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد الامين وعلى اله وصحبه فمن دعا بدعوته واهتدى بهديه واستن بسنته الى يوم الدين وبعد فهذا مجلس من مجالس دروس سيرة النبي محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم من سيرته نتعلم توحيدا وفقها واخلاقا وادابا وترق القلوب بسماع سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم واصحابه وقد قال تعالى فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون ومن معانيها لولا خرج مع الرسول صلى الله عليه وسلم في مغازيهم طائفة من اهل الايمان ليتفقهوا في الدين تعلمون من رسول الله الفقه في مغازيه ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون فالفقه يستفاد من مصاحبة النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم مع توابع سورة الاحزاب اقول وبالله تعالى التوفيق بلغ بالنبي صلى الله عليه وسلم اباصحابه من الكرب والبلاء ما لا يعلمه الا الله قد كان النبي صلى الله عليه وسلم محاصرا في المدينة كما لا يخفى عليكم هو واصحابه واجتهدوا في حفر الخندق حول مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم لدفع شر الاعداء قدر الجهد والاستطاع كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تحالف مع يهود بني قريظة على ان يحموا المدينة من ناحيتهم وجاء اهل الشرك من كل صوب وحدب ومن انحاء جزيرة العرب توافد الاحزاب الذين تحزبوا على حرب الله ورسوله واتوا لاجتثاث الاسلام والمسلمين من اصولهم ولمحو شيئا لمحو شيء اسمه الاسلام فاجتمعوا بضجهم وضجيجهم كما سبق بيانه فحاصروا مدينة الرسول عليه الصلاة والسلام واشتد الحصار على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعمل شديد قاسي في حفر الخندق وخوف شديد وبرد شديد وجوع شديد وتربص من اهل الكفر بالمسلمين ووجود اهل النفاق في الوسط المسلم يرجفون ويخوفون اهل الاسلام انكم ستستأصلوا لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي يقولون ان بيوتنا عورة. وما هي بعورة يريدون الا فرارا وبدأت خيانات يهود بني قريظة ابدوا يفتحون الابواب لاهل الشرك للدخول من ناحيتهم ويجتهدون لقتل من استطاعوا من اهل الاسلام غدرا وخيانة فاشتدى الكرب بالرسول صلى الله عليه وسلم واصحابه شدة بالغة فسمعتم قبل ان النبي قال لاصحابه من يأتيني بخبر القوم فمرة قال الزبير انا يا رسول الله كان يأتي بخبر بني قريظة ومرة سكتوا كلهم لما امرهم النبي ان يأتوا بخبر المشركين والجو بارد وشديد والحصار شديد فقال النبي لاصحابه فهم خير امة اخرجت للناس من يأتيني بخبر القوم فسكتوا فهذا من يأتيني بخبر القوم فسكتوا فعاد فسكتوا فقال النبي امرا ليس مخيرا قم يا حذيفة ابن اليمان انطلق فاتني بخبر القوم ولا تذعرهم علي الخوف شديد والبرد شديد وتوقع الموت بلغوا زروته فقال النبي لحذيفة موصيا لا تزاعرهم علينا قال حذيفة فلم اجد بدا لما قال لي النبي ذلك فخرجت حتى جئت الى اهل الشرك وابو سفيان رئيسهم يصطلي بالنار اي من شدة البرد يدفي ظهره بالنار وفي يدي سهمي ولو شئت ان اقتله لقتلته قال لقتلته ولكني سمعته كلام رسول الله لا تذعرهم علي فتركت فرجعت الى النبي عليه الصلاة والسلام فاخبرته بعددهم ووجهتهم والنبي لا يزداد الا ثباتا واصحابه اهل الايمان يزدادون ثباتا فيقول اهل الايمان هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله اما اهل النفاق فيحث بعضهم بعضا على الهرب ويقول قائلهم يا اهل يسرب لا مقام لكم فارجعوا الخوف شديد واجتهد النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء واجتهد اللهم منزل الكتاب مجري السحاب هازم الاحزاب اهزمهم وزلزلهم الكل يتوقع ان تقتحم مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وان يقتل الرسول واصحابه وان نساء المدينة وان يسبت الزراري كذلك وان تقسم الاموال وتؤخذ ثمار النخيل الكل يتوقع ذلك والعدو مدجج بكل الاسلحة وتعاونت جزيرة العرب كلها على ابادة المسلمين ولكن رسول الله لم ييأس والمؤمنون لم ييأسوا علموا ان محمدا صلى الله عليه وسلم رسول من عند الله حقا وان وعد الله لا يتخلف الا ان النفاق استعملوا الارجاف الزائد في المدينة وذعروا كثيرا من المسلمين ولكن يأتي الفرج وكما قال تعالى حتى اذا استيأس الرسل وظنوا انهم قد كذبوا جاءهم نصرنا يبزلون كل ما استطاعوا من جهد وبعد ذلك يأتي النصر جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين كما قال تعالى مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين امنوا معه متى نصر الله الا ان نصر الله قريب فاذا بذل المسلم كل ما في وسعه وادى ما عليه قدر جهده واستطاعته يتأتى النصر وصدق الله اذ قال فان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا وصدق الرسول اذ قال واعلم ان النصر مع الصبر وان الفرج مع الكرب وان مع العسر يسرا كل يتوقع ان تجتاح المدينة من الليل او في الصباح ولكن فجأة وصدق الله اذ قال وما النصر الا من عند الله العزيز الحكيم ما انتصر المسلمون يوم الخندق بقوتهم ابدا قد كانوا ضعافا ومتسترون وفي اوساطهم اهل النفاق المعوقون واليهود يخونون وتألب اهل الجزيرة عليهم من كل صوب وحدب فما كان مع المسلمين من هدد ولا عدد ولكنه الفرج القريب من الله وصدق الله اذ قال وما النصر الا من عند الله العزيز الحكيم هاجت ريح شديدة في غاية من الشدة ريح نصر الله بها الاسلام والمسلمين وكما قال الرسول عليه الصلاة والسلام نصرت بالصبا اهلكت عاد بالدبور فجاءت ريح سماها النبي صلى الله عليه وسلم ريح الصبا جاءت ريح سلطها الله على اهل الشرك الذين ضربوا خيامهم طيرت الخيام فقلبت امرهم رأسا على عقب فظلام شديد وريح شديدة حلت باهل الشرك ريح شديدة وبرد شديد وظلام شديد اطفأت الريح نيرانهم فاصبحوا في ظلام دامس واقتلعت خيامهم فاصبحوا عراة بلا خيام واصبحوا في ظلمة بلا نور يهتدون به وتوقعوا هجوما من المسلمين عليهم فاصبح كل مشرك يمعن في الفرار يلتمس النجاة لنفسه فقط ولا يلوي على احد ولا يسأل عن احد الكل يفر وبدأت الاحزاب المتحزبة على الكفر وعلى حرب الله ورسوله كل قبيلة يمعن اهلها في الفرار كل يبحث عن صوب او حدب يلجأ اليه ويمن في الهرب عن مدينة رسول الله يود ان يلحق باهله في لحظة واحدة فالكل يهرب ومع هذه الريح العظيمة ريح الصبا التي صلتها ربي على اهل الكفر المتحزبين على حرب الله ورسوله ما هزه الريح العظيمة ملائكة تقتل فيهم قال تعالى يا ايها الذين امنوا اذكروا نعمة الله عليكم اذ جاءتكم جنود فارسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها ملائكة يقتلون في اهل الشرك لم يرى اهل الايمان فارسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا فقال له اشتري لا يدرون من اين تأتيهم الضربات ولا من اين جاءتهم الرياح الا انها من عند الله فسلم الله اهل اهل الاسلام وخذل اهل الشرك والكفران واجاب الله دعوة نبيه صلى الله عليه وسلم ازدعا اللهم منزل الكتاب مجري السحاب هازم الاحزاب اهزمهم وزلزلهم فرد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا فلم ينتصر المسلمون بقتال باشروه الا قليلا سلم الله المدينة واهلها وسلم الله الرسول واهل الايمان وخيب ظن اهل النفاق وخيب ظن يهود بني قريظة الموسومون بالغدر والخيانة فالحمد لله انقشع غبار اهل الكفر عن مدينة النبي عليه الصلاة والسلام ورجعوا خاسرين قال النبي صلى الله عليه وسلم الان نغزوهم ولا يغزوننا رجع كل كافر الى بلدته خائبا يحمد على السلامة والنجاة انه رجع الى بلاده سالما وكما قال قائلهم رضينا من الغنيمة بالاياب لان رجعنا سالمين امنين الى اهالينا بعد ان وقع عليهم امر الله سبحانه وضع الرسول عليه الصلاة والسلام سلاحه فجاءه جبريل وقال يا محمد وضعت سلاحك يا محمد والله ما وضعت سلاحي ولا وضعت الملائكة اسلحتها قم انهض الى بني قريظة يا محمد فلبس الرسول لامته واداة الحرب وذهب مع اصحابه الى بني قريظة مسرعا ممتزلا امر جبريل عليه السلام الذي يأمره بامر ربه وقال لاصحابه من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليصلين العصر الا في بني قريظة فنهضوا جميعا متجهين الى بني قريظة وحاصرهم النبي عليه الصلاة والسلام فنزلوا على حكم سعد بن معاذ رضي الله تعالى عنه وكان قد اصيب بسهم اسناء حصار الخندق فالدم سال منه سيلانا عظيما واشرف على الوفاة في المدينة فدعا ربه ان كانت هناك بقية في قتال هؤلاء المشركين ان يبقيه والا فليقبض شهيدا في سبيل الله ارسل النبي الى سعد ابن معاذ وكانت بنو قريزة تتوقع من سعد بن معاذ ان يكون وليا لها وان يكون في صفها في الحكم لان بني قريظة كانوا حلفاء لقبيلة الاوس التي سيدها سعد بن معاذ فارسل الرسول الى سعد ابن معاذ رضي الله عنه فجاء على حمار وجرحه سكن دمه ليقضي الله امرا كان مفعولا فذهب سعد بن معاذ الى بني قريظة وقد رضوا بحكمه فقال النبي لاصحابه قوموا لسيدكم قاموا له وحكم سعد بن معاذ في هؤلاء الذين خانوا وغدروا فقتلوا من قتلوا من اهل الاسلام غدرا وخيانة ونقضوا العهود والمواسيق قال احكم ان تقتل مقاتلتهم وتسبى زلاليهم ونساؤهم وتقسم اموالهم فكان من امر الله ما كان الا ان قوما منهم امنوا ولحقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم فقبل منهم الايمان قبل ان يحكم فيهم سعد بن معاذ او بعض ما ادري ما حررت هذه الجزئية الحاصل ان اموال بني قرادة قسمت على المسلمين وبعد ان كان المسلمون يتوقعون القتل اصبحت الغنائم تقسم عليهم وتأتيهم الاموال من كل صوب وحدب فقتلوا من قتلوا من يهود بني قريظة وكذلك دخل في الاسلام من دخل وقسمت اموال بني قريظة وكما قال تعالى وانزل الذين ظهروهم من اهل الكتاب من صياصيهم اي من حصونهم الشديدة وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأثرون وتأسرون فريقا واورثكم ارضهم وديارهم واموالهم وارضا لم تطأوها وكان الله على كل شيء قديرا هكذا نصر الله المسلمين ونصر رسوله وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا اجاب الله دعوة نبيه وسلم المسلمين بعد شدة وكرب وقعوا فيها شأنهم شأن من كان قبلهم كما سمعتم من اهل الاسلام ومن اتباع الانبياء مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين امنوا معه متى نصر الله الا ان نصر الله قريب صدق الله وعده ونصر عبده وهز جنده وهزم الاحزاب وحده فهزم الاحزاب شر هزيمة فاعتبروا يا اولي الابصار اعتبروا ان النصر من عند الله فلنؤدي ما علينا فالرسول ادى ما عليه فما استطاعه وما اطاقه من حفر الخندق وما رأى زلك ما يملك من الامر شيء الا دعاء الله وكذا ادى المسلمون اهل الصدق ما عليهم وظهر اهل النفاق بين الله امرهم بين الله امر اهل النفاق وخيب ظنهم اذ كانوا يقولون اين هذا الذي كان يعدنا محمد ويقول انكم ستفتحون كسرى وقيصر وستأتي اليهم كنوزها فيقول قائلهم ما وعدنا الله ورسوله الا غرورا هكذا كانوا يقولون فخيب الله سعيهم وخيب الله زنهم وصدق الله ورسوله وما زاد الله وما زاد ربي المسلمين الا ايمانا وتسليما فالحمد لله ولو اراد الله لهذا الدين ان يضيع لطاعة يوم ان تحزبت الاحزاب على رسول الله واصحابه لو اراد الله لهذا الدين ضياعا لضاع والمشركون عند باب الخندق عفوا عند باب الغار يقول ابو بكر للرسول الله لو نزر احدهم تحت قدميه لابصرنا فيقول النبي ما ظنك باثنين الله ثالثهما لو اراد هذا الدين ان يضيع لضاع هذا الدين يوم تبع سراقة بن ما لك بن جعجم رسول الله وادركه والسيف معه وبامكانه ان يقتل الرسول لكن حفظ الله رسوله لو اراد الله للدين ضياعا لضاع يوم وقف المشركون على باب رسول الله اثناء هجرته اربعون كل مسلح مدجج يريدون ان يقتلوا الرسول في ضربة رجل واحد ولكن الله يأبى الا ان يتم نوره ولو كره المشركون ولو كره الكافرون فلنعلم يا اهل الاسلام ان لنا ربا قويا عزيزا قادرا على كل شيء فعال لما يريد المحفوظ من حفظه الله المحفوظ والناجي من حفظه الله وانجاه وما يملك لنا اهل الشر والكفر والباطل الا ان ينفذوا فينا ما ما امر الله به والا فكما قال تعالى ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون بهذا القدر اجتزئ وان شاء الله الى درس اخر في بيان الفوائد من سورة الاحزاب جعلنا الله واياكم من حزبه المنتصرين الغالبين وصل اللهم على نبينا محمد وسلم والسلام عليكم ورحمة الله