بسم الله الرحمن الرحيم احمد الله تعالى حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه واصلي واسلم على عبد الله ورسوله سيدنا ونبينا محمد وعلى اله وصحابته اجمعين اما بعد فهذه الليلة الشريفة قال المصنف رحمه الله تعالى باب ما جاء في خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه يقول ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء قط فقال لا الكريمة المباركة ليلة الجمعة ليلة غراء يستكثر فيها المحبون لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم من الصلاة عليه صلاة وسلاما يحركون فيها مياه الحب الراكدة في القلوب صلاة وسلاما تنبعث معها الاشواق التي تحث الخطى في الدروب صلاة وسلاما تجعل احدهم اقرب حبا وصدقا في اتباعه لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم ومهما تعددت المشاغل وكثرت الصوارف تأتي ليلة الجمعة فتقرب المحب من حبيبه صلى الله عليه واله وسلم وتجدد في قلبه عهد المحبة والطاعة والاتباع بالاستكثار من الصلاة والسلام على رسولنا صلى الله عليه اله وسلم هذه الليلة الشريفة المباركة هي مباركة في كل بقعة من بقاع الارض بكثرة ما فيها من الخيرات والبركات فليلة الجمعة افضل الليالي ويومها سيد الايام. فكيف اذا كانت هذه البركات والخيرات يغتنمها احدكم في بلد الله الحرام بل وعلى مقربة من كعبته المعظمة وفي جوار بيته الحرام فان البركة اعظم خيرا واكثر تروا نوال هذه البركات ما زلنا نغترف من معينها ايها الكرام في مجلس الشمائل المحمدية التي نجتمع فيها كل ليلة تم من ليالي الجمعة نقلب فيها الصفحات في سيرة اعظم انسان صلى الله عليه واله وسلم ونبحث عن الهدى والنور في حياة امام الانبياء وخاتم المرسلين بابي وامي هو صلى الله عليه واله لم بالشمائل المحمدية نتعلم الهدي ونتأدب بالادب ونزداد علما ونقترب حبا. في الشمائل المحمدية نقيم شواهد الحب الصادق في القلوب عندما ينعكس على الافعال اقتداء واتباعا لسيد الانام صلى الله عليه واله وسلم في الشمائل المحمدية تزداد ايمانا وعلما وحبا وهدى في الشمائل المحمدية نقف على الابواب المختلفة في الحياة. لنجد ان الله عز وجل قد خصنا معشر هذه الامة المباركة بهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم. لنجد ايضا ان في كل باب من ابواب هديا من هديه وسنة من سننه بوسع احدنا ان يجد لها مساحة متسعة في حياته ليكون اقرب كان عليه الصلاة والسلام ينقل معهم الحجارة للكعبة وعليه ازاره. والازار كما تعرف قطعة اللباس التي تلبس في الجسد الاسفل فيغطي به عورته وما نزل. فقال له العباس عمه يا ابن اخي في الطاعة والاتباع ونحن نمتثل قول ربنا جل في علاه لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو طه واليوم الاخر وذكر الله كثيرا. ما زال بنا الحديث ايها الكرام في ابواب الشمائل وقد وقف بنا الحديث مليا باعظم الابواب شأنا في باب ما جاء في خلق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. وليس مثل هذا الباب بالذي يمكن ان يحيط باطراف الخلق المحمدي. وليس هذا الباب وامثاله ولا اضعافه. ولا الكتب المصنفة ولا الدواوين الموسعة ليست هي التي بوسعها ان تحيط بخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفا ولا جمعا ولا احصاء ولا عدا كيف وقد وصف الله هذا الباب العظيم بكلمتين اثنتين ما ابقت بعدها لمتحدث حديثا ولا لخطيب خطبة ولا لبليغ بلاغة. يقول ربكم وانك لعلى خلق عظيم هذا الخلق العظيم انما نسبح في بحره ونقلب في صفحاته ونسبح في فضائه. نلتقط من كل اطرافه ذيلا نحاول فيه ان نتعرف على هذا الخلق مما حكاه الصحابة الكرام رضي الله عنهم ما عاشوه في المواقف وما سمعوه من المقالات وما شهدوه من احداث كل ذلك يحكي طرفا من خلقه العظيم الذي وصفه ربه فقال وانك لعلى خلق عظيم. الخلق خلق كريم نبيل. تتعلم منه البشرية على مر التاريخ كيف تكون كيف تكون الاخلاق متمثلة في حياة انسان فلا يعرف الخلق باكمل صفاته الا بضرب مثال وشاهد من حياته صلى الله عليه واله وسلم قف بنا الحديث في بحر الخلق المحمدي في باب ما جاء في الخلق عند طرف من جوده وكرمه صلى الله عليه واله وسلم الكرم والعطاء والجود الذي ما وقف عند حد. الكرم والجود الذي جعل الصحابة رضي الله عنهم يصفونه باوسع صافي عندما يقول انس رضي الله عنه وجابر وابن عباس انه عليه الصلاة والسلام ما يرد سائلا قط ولا يدخر شيئا لغد وكان في الكرم والبذل والعطاء تشهد له المواقف على ما سمعتم في مجلس ليلة الجمعة الماضية. نستأنف حيث وقف بنا الحديث لنكمل باب الخلق المحمدي الكريم عن بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه وللحاضرين وجميع المسلمين هذا احد الاحاديث الثلاثة التي وصفت الجود المحمدي والكرم والعطاء النبوي يقول جابر رضي الله عنه ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط فقال لا والسؤال المهم هل لانه كان كثير المال عليه الصلاة والسلام هل لانه كان عظيم الثرى عليه الصلاة والسلام عندما لا يرد سائلا قط ولا يقول لا. فمن اين له البذل والعطاء واي ثراء وغنى عاشه صلى الله عليه وسلم وهو الذي قد تقرر في شمائله انه كان من افقر خلق الله واقل حظا من هذه الحياة فقط لتعلم ان العطاء ليس بالضرورة ان يكون مالا وان البذل للسائل ليس بالظرورة ان يكون طعاما ولباسا وكساء. لتعلم انك يمكن ان تعطي كل سائل بوجه من وجوه فتكون بذلك معطيا جوادا كريما. فما الذي كان يعطيه عليه الصلاة والسلام؟ كان يعطي المال ان وجد واذا سأل صاحب الطعام طعاما فكان عنده بذل صلى الله عليه وسلم. فان لم يجد فان لم يجد وعد ان يعطي في صرفه الى حين. فيقول فاذا جاءت الزكاة فاتنا في صرف بوعد وكأنه اعطى لانه لا يخلف الوعد عليه الصلاة والسلام. فاذا وعد سائلا بالعطاء جاء فوجد ما وعده عليه الصلاة والسلام فان لم يكن عنده ما يستطيع ان يعد به صلى الله عليه وسلم فانه يصرف بادنى درجات العطاء. الا وهو الحسن وميسور الكلام. واللطف في الانصراف فان هذا ايها الكرام لون من العطاء. لون من البذل ان تقول للسائل قولا حسنا ان تصرفه صرفا هينا لينا. ان يجد عندك دعوة لطيفة قدم رجل على رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال يا رسول الله اني اريد سفرا فزودني قصد زادا يتبلغ به في السفر مالا او طعاما. قال يا رسول الله اني اريد سفرا فزودني قال زودك الله التقوى فصرفه بدعاء لانه ما يجد عليه الصلاة والسلام والرجل مرتحل على سفر فما يستطيع ان يعده لانه عما قريب سيغادر. قال عودك الله التقوى قال الرجل زدني يا رسول الله الى الرحمن اثر النفحات لا ينكره مؤمن. اثر المواسم المباركة والاماكن المباركة يجد فيها كل انسان نشاطا في الهمة واقبالا على الطاعة ورغبة شديدة اكيدة فيما عند الله. هذه المواسم هذه النفحات قال وغفر ذنبك قال زدني يا رسول الله. قال ويسر لك الخير حيثما كان فبالله عليكم هذه الدعوات النبوية هي افضل واكرم واعظم ام لو اعطي دراهم ودنانير معدودات هذا الدعاء اجل واشرف. اريد ان اقول قد نجد مالا فنعطي. وقد لا نجد ويمكن ايضا ان نعطي فقط احمل في قلبك هذا الكرم النبوي وتخلق بهذا الخلق المحمدي واعزم على نفسك الا يرجع من عندك سائل محروما والا يقف ببابك سائل فينصرف منهورا. والله قد قال. واما السائل فلا تنهر لا تنهر حتى لو لم ترد ان تعطيه لا تنهر. واذا لم تنوي ايضا ان تعطيه لا تنهر. واذا لم يظهر لك ايضا صدق حاجته او في السؤال ايضا فلا تنهر يا اخوة ليس بوسعنا ان نحكم الخليقة في اخلاقها. لكن بوسعنا نحن ان نسمو باخلاقنا عندما قال عليه الصلاة والسلام للرجل زودك الله التقوى كان يعرض بانه لو وجدت مالا لاعطيتك وانا افهم عنده في حديث جابر عند ما سئل شيئا قط؟ فقال لا. اذا كان يعطي ولو بدعاء ولو بالكلمة الطيبة في هذا الحديث قد تعلمت انه صلى الله عليه وسلم ما سئل عن شيء قط فقال لا فالسؤال الان وانا وانت هل نفعل هل نقوى على ان نبذل في كل الاحوال لاي سائل كان فنبذل من مال ان كان فيه سعة ونبذل من طعام ان كان فيه ونبذل بقول حسن ان كان السائل اغنى حالا منا فيمكن للفقير ان يعطي وللمحروم ان يعطي ويمكن للغاية ان يكون اكثر عطاء انما المسألة ان نتخلق بهذا الخلق لتجد الكرم في اصدق معاييره الا يرد سائلا صلى الله عليه وسلم قط. هذا الحديث على عمومه ما سئل شيئا قط فقال لا. جاء عند مسلم من رواية انس رضي الله عنه في وضع اخص وحالة ادق. يقول انس رضي الله عنه ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الاسلام شيئا الا اعطاه وهذه صورة اخص من سابقتها ان يكون السؤال على الاسلام والمعنى ان يأتي السائل فيسأل من اجل ان يكون اهذا سببا في اسلامه؟ او تثبيتا في ايمانه او هداية لقلبه؟ وهذا كم نحتاجه يا اخوة؟ في ساحة الدعوة تألفوا يتألف البشر بالمال والعطاء. وتتألف القلوب بالبذل والسخاء. نعم قد يسلم الانسان من اجل كرم يجده من اعية المسلم وقد يهتدي الى الحق من اجل موقف كريم وجد فيه البذل والعطاء والسخاء. هذه شواهد متعددة. يقول ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الاسلام شيئا الا اعطاه ثم يقول فجاءه رجل فاعطاه غنما بين جبلين فرجع الى قومه فقال يا قوم اسلموا فان محمدا يعطي عطاء لا يخشى الفاقة يعني لا يخشى الفقر صلى الله عليه واله وسلم نعم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اجود الناس بالخير وكان اجود ما يكون في شهر رمضان حتى ينسلخ فيأتيه جبريل في عرض عليه القرآن حتى ينسلخ فيأتيه جبريل فيعرض في عرض عليه القرآن فاذا لقيه جبريل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اجود بالخير من الريح المرسلة صلى الله عليه واله وسلم حديث ابن عباس هذا رضي الله عنهما يشهد ايضا من صحابي اخر على جود وكرم رسول الله عليه الصلاة والسلام وقد ذكر فيه التفظيل المطلق فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اجود الناس بالخير اجود الناس بالخير فلا احد اكثر جودا منه صلى الله عليه وسلم. يقول وكان اجود ما يكون في شهر رمضان حتى ينسلخا. يعني حتى ينقضي الشهر. فيأتيه جبريل في عرض عليه القرآن. فاذا لقيه جبريل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اجود بالخير من الريح المرسلة. تدري ما الريح المرسلة الريح التي تحمل الخير والعطاء التي تسوق السحاب والمطر. الريح التي تلقح الاشجار والثمار. الريح التي جعلها الله تعالى سائقة لارزاق العباد بامره جل في علاه. فاذا ضربت المثل فاذا ضربت العرب المثل بالكرم والسخاء بلا حد قيل بالخير من الريح المرسلة. وفلان جواد كالريح المرسلة هذا وصف للجود وتضاعف الجود في شهر رمضان ما هذا؟ هذا يا اخوة هو الارتباط بين القرآن ورمضان بين القرآن ورمضان وكرم الانسان. هذه اثر النفحات. هذه مواسم الخيرات التي تنطلق فيه القلوب المؤمنة تحلق في سماء الايمان. التي تنشط فيها النفوس الصالحة البرة التقية في مزيد من العمل الصالح الذي هذه المحطات لا يغفل عنها الا محروم. ولا يفرط فيها الا مغبون. لان احدنا لو وجد اياما معدودات في بجوار بيت الله الحرام شعر انه بحاجة الى ان يستنفذ فيها كل دقيقة. لان الانفاس فيها نفيسة. واذا اكرمه الله فكان في ساعات مباركة كثلث الليل الاخر انتهس الوقت والزمان. واذا ايضا كان في زمن ومكان مبارك فجمع كما يجمع لكم ها هنا الساعة بين شرف الزمان والمكان فانه احرى به ان يجعل مجلسه وهيئته ولسانه وقلبه وعقله كل ذلك مسخرا في مزيد عمل يقربه الى الله سبحانه وتعالى. لان هذا منشط للنفوس والعاقل قد لا تتكرر له الفرص فيجعلها كالمرة الاخيرة في حياته لا يدري هل تعود عليه ام لا تعود. فيجعلها ايضا محلا اغتنام الفرص وانتهاز السواح. اذا هبت رياحك فاغتنمها. فان الريح من عادتها السكون. فيجد الانسان متسعا في مثل هذه المواقف هذا حديث اذا عن اثر القرآن في حياة رسول الله عليه الصلاة والسلام. عن اثر رمضان اذا عاشه عليه الصلاة والسلام نحن على مشارف الشهر الكريم بلغنا الله واياكم ايامه بصحة وعافية وسلامة وحسن ايمان. اجعلوا هذا اعينكم يا رعاكم الله. اذا حل بكم الشهر واكرمكم الله ببلوغه فاجعلوا فاجعلوا من الهدي النبوي درس لكم اجعلوا من ايام رمضان وضعا يختلف عما قبل وما بعد. اجعلوا من ساعات رمضان وعيش رمضان فرصة سانحة لان نزداد في ماذا؟ في كل باب صالح. في العمل فنزداد في القرآن فتزداد. لان ايام رمضان ليست كغيره يا كرام. بل الى المعنى البديع الصحابة رضي الله عنهم وهم اصدق من عاش مع رسول الله عليه الصلاة والسلام. واكثر من يفهم طباعه واخلاقه وصفاته مائله وخصائصه كانوا يلحظون انه اذا حل الشهر فان الخلق المحمدي يزداد تألقا وتوهجا اما رأيت الى انس اما رأيت الى ابن عباس كيف يقول؟ يقول كان اجود الناس عليه الصلاة والسلام. ثم ماذا يقول؟ يقول وكان اجود ما ايكون في شهر رمضان؟ اذا كانوا يلحظون ان الخلق يزداد اشراقا في رمضان. وكانوا يلحظون ايضا بوضوح ان لرمضان اثرا عظيما في تجلي الخلق. اما انه ما كان بخيلا قبل عليه الصلاة والسلام. ولهذا احترز ابن عباس فقال كان اجود الناس. يعني فلا تفهم اذا قال ان جوده يتضاعف في رمضان حتى لا تفهم انه كان شحيحا وحاشاه صلى الله عليه وسلم. يقول لك كان جواد بل كان الاجود ومع ذلك فانه يكون اعظم جودا في رمضان. قس على ذلك سائر الاخلاق. كم نحن بحاجة يا كرام الى ان قل بملئ الافواه لتبلغ جميع الاذان وتستقر في كل القلوب المسلمة. ان رمضان ان رمضان يجب ان يكون محطة تتهذب فيها النفوس المؤمنة. يجب ان يكون رمضان موسما استثنائيا في عمر الزمان يهذب اخلاقنا ويسمو بطباعنا وينقح صفاتنا على اكمل وجه واحسن حال. والله ما ينبغي ان يكون رمضان سببا لضيق الاخلاق. ولا لعطنها ولا الانفعال ما بال احدنا اذا حل به الشهر فصام فادركه الحر بالنهار وتعامل مع انسان في موقف صار فيه استفزاز واحتدام ضاقت الاخلاق واشتد الانفعال ثم وجدته يعتذر عن نفسه بانه متعب لانه صائم. ما هكذا يا قوم رمضان في حياة الصائمين. بل يجب ان يكون رمضان مهذبا اذا كنت كريما حليما عفوا ووجدت في شهر رمضان فرصة لازدياد ذلك فينبغي ان ينعكس اثر ذلك في مزيد من الخلق الذي تتصف به اذا كنت على خلاف ذلك اجارك الله. اذا كنت تعرف من نفسك الغضب والانفعال وضيق الخلق وسرعة ردة الفعل فينبغي ان يكون في رمضان مزيدا لتغييرك نحو الافضل. هذا ما فهمه الصحابة من حياة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. وهذا الذي فاخلاقنا يجب ان تتهذب في رمضان ونحن على اعتاب بلوغه فاسألوا الله ان يبلغكم اياه بخير وعافية وحسن خلق وزيادة ايمان عن انس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدخر شيئا لغد قوله رضي الله عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدخر شيئا لغد. يعني لا يحتبس من ماله ولا يحتفظ بشيء من بقايا ما يملك لاجل يوم الغد عدم ادخاره يدل على ماذا؟ يدل على البذل المستمر. يدل على العطاء المتتابع. يدل على ان هذا الكرم ما لصاحبه شيئا كان لا يدخر شيئا لغد طيب واذا ما ادخر واذا افنى ما عنده واذا انفق كل الذي يملك فاين رزق الغد؟ رزق الغد في غد عبد الله لان الذي خلق ما نسي رزقك ولان الذي جعل لك في حياتك يوما جديدا اصبحت فيه كما اذن لروحك ان ترجع الى جسدك صدقني كتب لك رزق ذلك اليوم ومعنى هذا عظيم توكله صلى الله عليه وسلم في عدم ادخاره شيئا لغد. ومع ذلك ايضا فقد ثبت في السنة الصحيحة انه عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين كان يدخر لاهله قوت سنة. فكيف تجمع؟ بين ادخاره لاهله قوت سنة وبين قول انس كان لا يدخر شيئا لغد الجمع الاقرب انه لا يدخر لنفسه لعظيم توكله وصدق ايمانه وحسن ظنه بربه صلى الله عليه وسلم. اما اهله ومن يقود لا فيجب عليك ان تتخذ الاسباب. انت كافل لمن تعول. وانت مسؤول عمن تنفق عليهم وادخارهم النفقة لهم مطلب شرعي. سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه مرض مرضا بعد حجة الوداع ظن انه سيموت. فعاده النبي صلى الله عليه وسلم يرفع من معنوياته ويزوره ويعوده. فكان من سؤال سعد لرسول الله عليه الصلاة والسلام انه يريد ان قال يا رسول الله اني اريد ان اوصي افاتصدق بمالي كله فقال عليه الصلاة والسلام لا انك ان تذر ورثتك اغنياء خير من ان تذرهم عالة يتكففون الناس ان تترك شيئا لاولادك هذا مطلب شرعي وان تغنيهم من بعدك خير من ان تذرهم يتكففون الناس يعني يمدون اكفهم يطلبون الصدقات والزكوات. فمن اكرمه الله بمال واتاه في الرزق فان الهدي النبوي ان يجعل لاهله شيئا ويدخر لهم. كان يدخر عليه الصلاة والسلام لاهله قوت سنة. ومع ذلك فهو في شأنه الخاص بلغ به صدق التوكل وعظيم الاتكال والاعتماد على ربه انه كان لا يدخر شيئا لغد. فاما من فقد ثبتت السنة الصحيحة بما سمعت. هذا الكرم الذي لا ساحل له. والذي جعل النبي صلى الله عليه وسلم يعطي عطاء متتابعا كالنبع المتدفق وكالنهر الجاري وكالمطر المنهمر وكالغيث المتتابع. كل ذلك ادب نتعلمه. كل ذلك خلق نقتدي فيه. كل ذلك سلوك والله يا اخوة نسعى للوصول اليه. بعضنا يعطي عطاء وبعضنا لا يتوقف تارة وبعضنا يمسك حسب احدنا ان يحمل نفسه على التخلق عندما يستحضر هذه الشواهد. عندما يتذكر هذا الكرم بلا حدود وعندما يرى المواقف النبوية المتتابعة حسبه ان يقول لنفسه اين انت؟ من كرم رسول الله عليه الصلاة والسلام انفق وستجد خلفا من الله خيرا مما انفقت. واقبل على الخير يزداد خيرك واقبل بعطاء يوسع لك في الحياة. ان اوسع الناس تمتاعا بالحياة. اولئك الذين اضافوا الى اعمارهم اعمار غيرهم. تدري كيف عندما يحمل هم الاخرين ويعيش شأنهم ويشاركهم همومهم فقد اتسعت حياته بسعة من اضاف في قلبه من همهم وحياتهم وشأنهم. وبيسعي احدنا ان يعيش حياة ضيقة جدا. ضيق الثوب الذي يلف جسده لا غير. عندما يعيش بشأن ذاته فقط انانيا لا يفكر في غيره. وليس يهمه شأن الاخرين عندما يفكر فقط في شأنه في مطعمه في اضربه في مسكنه ولا يبالي بالناس من حوله لا الاقارب ولا الجيران ولا الارحام ولا الامة جمعاء. اولئك اضيق الناس حياة ولو كانوا اوسع الناس مالا او عقارا او ثراء هو ميزان نحتاج ان نعيد التأمل فيه من جديد ونبينا صلى الله عليه وسلم لما قد ضرب لنا اروع المثل بالكرم والعطاء والجود والسخاء نحن نقف على نماذج يا كرام وشواهد والله ليست كل شيء وليس خبرك المعاينة ما يحكيه الصحابة في موقف واثنين وثلاثة وعشرة ومئة هي شيء من طرف الحياة الذي عاشه اصحابه من حوله في كل مكان في البيت والمسجد والسوق وفي سائر الاماكن صلى الله عليه واله وسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ان رجلا جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله ان يعطيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما عندي شيء ولكن ابتع علي فاذا جاءني شيء قضيته فقال عمر فقال عمر يا رسول الله قد اعطيته فما كلفك الله ما لا تقدر عليه فكره النبي صلى الله عليه وسلم قول عمر فقال رجل من الانصار يا رسول الله انفق ولا تخف من ذي العرش اقلالا فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرف في وجهه البشر لقول الانصاري ثم قال بهذا امرت حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه في اسناده ضعف لكن الشواهد المتكررة في الكرم المحمدي والعطاء النبوي هي اعظم من هذا الحديث واكثر بكثير. يقول عمر رضي الله عنه جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله ان يعطيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما عندي شيء ما عندي شيء قبل قليل مر بكم الحديث كان كان لا يرد سائلا قط ما سئل شيئا فقال لا قط ابدا. الان هذا جاء سائل يقول وما عنده شيء عليه الصلاة والسلام فانظر كيف صنع قال ما عندي شيء ولكن ابتع علي ابتع علي يعني اذهب وتبايع واشتري واجعل الدين علي هذا السائل لما سأل يريد مالا والمال الذي يريد حتما يحتاج به طعاما او لباسا او شرابا حاجة من الحوائج. هذا الغرض من المال لان المال يستخدم في الشراء. فلما سأل وما وجد عليه الصلاة والسلام العطاء اعطاه البديل واعطاه حاجته حقيقة قال ما عندي شيء ولكن ابتع علي اذهب واشتري وحملني انا قيمة ما تشتري. فاذا جاءني شيء قضيته. فاذا بلغني مال او صدقة او عطاء قضيت لك المال الذي اشتريت به وابتعت ما تريد؟ فقال عمر يا رسول الله قد اعطيته فما كلفك الله ما لا تقدر عليه كيف يقول عمر قد اعطيته وقد اعتذر بقوله ما عندي شيء لاهل الحديث في هذا تفسيران احدهما انه ربما كان اعطاه قبل في غير هذا الموقف فلما جاء هذه المرة وقال ما عندي شيء ثم وعده بان يبتاع عليه ويتحمله وصلى الله عليه وسلم قيمة كأن عمر التمس العذر فقال يا رسول الله قد اعطيته قبل. والان ما كلفك الله طالما ما عندك شيء وانت لا تقدر فما كلفك الله يعني فلما تتحمل الدين من اجل ان تعطيه والمعنى الاخر قد اعطيته يعني قد اعطيته اعطيته لونا من العطاء وان لم يكن مالا. الذي قلناه قول حسن قول معروف كلمة طيبة فمعنى قول عمر على هذا المعنى الثاني رضي الله عنه يا رسول الله ما عندك مال فما اعطيته وعندك قول حسن ودعاء كريم فبذلته حسبك هذا البذل. فلما تتحمل ما لا تقدر؟ قال فما كلفك الله ما لا تقدر عليه. يقول فكره صلى الله عليه وسلم قول عمر وجه الكراهية انه قول يحمل على الانكفاف عن العطاء على الاحتباس عن البذل وهذا خلاف طبعه الكريم عليه الصلاة والسلام ولهذا ما استحبه يقول فقال رجل من الانصار يا رسول الله انفق ولا تخف من ذي العرش اقلالا لا تخف من الكريم ذي العرش المجيد لا تخف اقلالا منه في عطائك ورزقك وبذلك وانك كلما انفقت وبذلت اخلف الله عليك خيرا وزادك من فضله قال فتبسم. رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرف في وجهه البشر قال بهذا امرت بهذا امرت يعني هذا الذي امرني ربي به. لان الله قال وما انفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين. ويقول ايضا عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم ما نقصت صدقة من مال عندما تخرج من ما لك شيئا فانت ما نقصت المال اذا كان في جيبك مئة فتصدقت منها بعشرة نحن نحسبها بالحساب المادي انها نقصت فاصبحت المئة تسعين والميزان الشرعي يقول انها ما نقصت بل زادت زادت من وجهين. الوجه الاول ان النقص المحسوس انقلب الى اجر وعطاء لو يشترى يوم القيامة بالمال والله لبذلت له اموال الدنيا كلها. تبحث يوم القيامة عن حسنة تثقل ميزانك والوجه الاخر في الزيادة والعطاء ان الذي انفقته يسوق الله لك بركة ورزقا مضاعفا وخيرا مما انفقت وسلوا اصحاب الصدقات وسلوا الاسخياء في النفقات. سلوهم كيف بورك لهم في اموالهم. كيف تضاعفت ارزاقهم؟ اما اننا والله لسنا بحاجة الى ان نستشهد بكلام البشر ورب البشر يعد. لكنه لمزيد اطمئنان وثقة عن نعيشها في حياة الناس من حولنا ان من بذل زاد ماله ومن نقص احتبس عنه. والله عز وجل جعل للعبد المنفق خلفا وكل يوم تصبح فيه يا ابن ادم ينادى عليك بملكين. فقائل يقول اللهم اعط منفقا خلفا. وقائل يقول اللهم ممسكا تلفا فما انفقته فقد اسبقته الى اخرتك. تجده هناك ليس كما انفقت بل مضاعفا. من ذا الذي يقرض الله ظن حسنا فيضاعفه له اضعافا كثيرة. والله لو تأملها عاقل لبادر الى ان ينفق اكثر مما يدخر. وان يبذل اكثر مما يبقي وان يعطي اكثر مما يحبس. ليس معنى هذا ان تخرج من مالك كله يا عبد الله لكنها الموازنة وحمل النفس على السخاء والبذل العطاء نعم عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية ويثيب عليها هذا اخر احاديث الباب في باب ما جاء في خلق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. تقول عائشة انه كان يقبل الهدية ويثيب عليها ما الخلق المتمثل في هذا الحديث؟ خلقان كريمان تواضع ولطف التواضع في قبول الهدية واللطف في الاثابة عليها ومعنى يثيب عليها يعني يكافئ صاحب الهدية بهدية اخرى. ويرد الهدية لاحقا هدية الى من اهداه اذا هذان طرفان. الاول قبول الهدايا وكان عليه الصلاة والسلام من جميل كرمه ومن كريم تواضعه يقبل الهدايا من اصحابه ما وجه التواضع ها هنا؟ وجه التواضع يا اخي الكريم انه اعظم انسان. ولما تقول نبي حسبك ان تقول انه رسول عليه الصلاة والسلام لتتخيل فقط على وجه المقاربة ان تحكي عن امير او ملك او عظيم او رئيس وزراء كظنك مثل هؤلاء ما موقفهم من قبول هدايا الاخرين من حولهم؟ الضعفاء والمساكين والفقراء وعامة الناس كيف هو الموقف عندما تجد امثال هؤلاء العظماء في مناصب الحياة يحملون انفسهم على قبول الهدايا فهو تواضع كريم. وخلق نبيل كان نبينا عليه الصلاة والسلام الذي حباه الله بما فوق الملك والامارة والرياسة وكل ما يقال من مناصب او جاه في الحياة اتاه الله الله النبوة والرسالة ومع ذلك كان يقبل الهدايا. والاعجب ان الهدايا التي كان يقبلها كل ما يهدى اليه. يقبل ريحانا قطعة من شجر لطيب ريحها يقبلها فيؤنس قلب المهدي. قبل الهدايا ولو كانت منائح عنز شربة لبن. يقبل الهدايا عليه الصلاة والسلام ولو نعلن او خفا كما اهدى اليه النجاشي ملك الحبشة. يقبل عليه الصلاة والسلام الدابة يركبها كما اهدت له البغلة وقد اهداها المقوقس عظيم ومصر يقبل الهدايا من كل من يهديها اليه. عليه الصلاة والسلام. ما استنكف ولا تكبر ولا اعترض ولا رد هدية قط. ولا قال لا نساء ولا قال لصاحب اهداه هدية اني لست في حاجتها. عندما عندما يرسل احدهم هدية اليك اشعره بفرحة وان لم تلقى الهدية في قلبك موضعا انت تتعامل مع المشاعر قبل مع قبل تعاملك مع الهدية. وفوق ذلك كان عليه الصلاة والسلام كما تقول عائشة هنا ويثيب الهدية يثيب عليها كما قلت يقابل الهدية بهدية. يهدي المهدي ويرد له فيحتفظ بالجميل. وهذا لون من الوفاء وكرم الخلق. فاذا اتته الهدايا احتفظ بالجميل لاصحابها. فاذا ما سنحت الفرص قابل الهدية باهداء الناس من حوله فكم تتصور سيكون حجم التبادل في الهدايا وكم ستتصور على اثر ذلك ان تتكون جسور المحبة والود والصفاء بين القلوب المؤمنة؟ نعم لان الهدايا رسل محبة لان الهدايا فعلا جسور تواصل. لان الهدايا عبارات يتلطف فيها الانسان. ومشاعر يرطبها بينه وبين اين المهدى اليه؟ هذا كله باب عظيم ثبت في السنة قبوله صلى الله عليه وسلم لها واثابته عليها. وبعد ففي تمام هذا الذي الذي تجولنا في اطراف فقط من سعة هذا الباب العظيم فاننا وقفنا على لون عجيب من الكرم من العفو من الحياء من الخلق من التواضع من جميل ما تصف به انسانا ولكم قلنا مرارا والله اذا كنا نحن ايها البشر نتجمل بالاخلاق فان نبينا صلى الله عليه وسلم انما كانت تتجمل الاخلاق باتصافه بها. فما عرف جميل الكرم الا ما مضى وفي خلقه عليه الصلاة والسلام ولا عرفنا حقيقة التواضع الا لما لوجدناها في حياته عليه الصلاة والسلام ولا عرفنا ما معنى الحلم ولا الرأفة ولا الصدق ولا الامانة ولا الوفاء الا لما وجدنا شواهدها في حياته عليه الصلاة والسلام. فوالله اكتسبت الاخلاق باتصال بها عليه الصلاة والسلام اكتسبت تألقا وربيعا اكتسبت جمالا واشراقا اكتسبت معرفة بين الخليقة عرفت البشرية كيف تكون الاخلاق عندما تتمثل في حياة انسان عندئذ اذا اردت ان تضرب المثل بخلق فلا تذهب بعيدا اقتبس من مشكاة الخلق المحمدي ما توضح به لمن تريد. عندما تعلم ابناءك رفيع الاخلاق وجليل فات فحدثهم فقط عن خلق رسول الله عليه الصلاة والسلام. وانت بذلك تصيب امرين عظيمين. اولهما ان تشرح لهم الخلق ثقة كما ينبغي ان يقال وثانيهما ان تزرع في قلوبهم حب نبيهم صلى الله عليه وسلم. وهذا مطلب ايها الكرام ان ازرعه في نفوس اجيالنا ابنائنا طلابنا والناس اجمعين من حولنا. وكم صدق القائل عندما اراد ان يعبر عن شيء من عظمة بهذا الخلق المحمدي لما قال يا من له الاخلاق ما تهوى العلا منها وما يتعشق الكبراء لو لم تقم دينا لو لم تقم دينا لقامت وحدها دينا تضيء بنوره الاناء زانتك في الخلق العظيم شمائل يعغرى قرابهن ويولع الكرماء. اما الجمال فانت شمس سمائه. وملاحة الصديق منك اياؤ. والحسن من كرم الوجوه هو خيره ما اوتي القواد والزعماء فاذا سخوت بلغت بالجود المدى وفعلت ما لا تفعل الانوار واذا عفوت فقادرا ومقدرا لا يستهين بعفوك الجهلاء. واذا رحمت فانت ام او اب هذان في الدنيا هما الرحماء. واذا غضبت فانما هي غضبة في الحق لا ضغن ولا بغضاء. واذا واذا رضيت فذاك في مرضاته ورضا الكثير تحلم ورياء. واذا خطبت فللمنابر هزة تعرى الندي وللقلوب وببكاؤه واذا قضيت فلا ارتياب. فكأنما جاء الخصوم من السماء قضاء. واذا ملكت النفس قمت ببرها ولو ان ما ملكت يداك الشاء واذا صحبت رأى الوفاء منك مجسما في بردك الاصحاب والخلطاء وتمد حلمك للسفيه مداريا حتى يضيق بعرضك السفهاء في كل نفس من سقاك مهابة ولكل نفس في نداك رجاء صلوا عليه وسلموا صلى الله عليه واله وسلم باب ما جاء في حياء رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ابي سعيد الخدري قال كان كان صلى الله عليه وسلم اشد حياء من العذراء في خدرها وكان اذا كره شيئا عرف في وجهه هذا باب الحياء. الله اكبر. والحياء لون من الخلق واحد الاخلاق الحميدة التي يتصف بها البشر خلق الحياء فلماذا افرد عن باب الاخلاق ولماذا جاء مستقلا لما لما فصل الامام الترمذي رحمه الله في كتابه الشمائل لما فصل باب الحياء عن باب ما جاء في الخلق؟ وقد اورد في الخلق الوانا من الاخلاق اورد التواضع اورد الكرم اورد الحلم اورد الرحمة. فلماذا جعل الحياء خلقا مستقلا؟ الجواب تجد هو في قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح بمجموع طرقه ان لكل خلق دينا. وان خلق الاسلام بالحياء لكل دين خلق وخلق الاسلام الحياء. فان شئت فقل هذا الخلق مما اختصت به الامة من بين سائر الاخلاق وهي احرى به وهذا الخلق يتربع على عرش الاخلاق فهو امامها ويسوق باقي الاخلاق فهو قائدها. وينتظم باقي الاخلاق فهو رأسها. كيف لان الخلق في الحياة عبارة عن وصف يحمل الانسان على فعل كل جميل وترك كل قبيح فانتظم الحياء كل الاخلاق هكذا فاذا كان البخل ذميما منعك عنه الحياء واذا كان الكرم حميدا حملك عليه الحياء اذا كان العفو والصفح حميدا حملك عليه الحياء. اذا كان الغضب والحماقة والفظاظة خلقا ذميما نأى بك عنه الحياء. فالحياء خلق الاخلاق حقيقة. امامها ورأسها وعظيم ومن هنا افرد الامام الترمذي رحمه الله باب الحياء بابا مستقلا عن باب الاخلاق. لان هذا الخلق بحاجة الى ان يبرز في الساحة الى ان نعلمه ونحن ايضا امام الخلق المحمدي بحاجة الى ان نتصفح حياء رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في باب عظيم من ابواب الاخلاق. وقد قال عليه الصلاة والسلام الحياء لا يأتي الا بخير. وقال ايضا ان الايمان ابيظع الايمان بظع وسبعون او قال بظع وستون شعبة فاعظمها قول لا اله الا الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق. قال عليه الصلاة والسلام والحياء شعبة من الايمان طيب والتواضع ايضا شعبة من الايمان والكرم ايضا شعبة من الايمان. فهمت لم خص الحياء بالذكر من بين سائر الاخلاق هو لما وصفت لك من كونه امامها ورأسا واساسها. فعند الحديث عن الحياة حديث عن اطار يجمع لك الاخلاق. حديث عن خلق يجعل صاحبه حييا واذا صار احدنا حييا ايها الكرام والله لا تجد منه الا كل خلق حميد كريم نبيل اما حياء رسولنا صلى الله عليه وسلم. فهو ايضا من الشيء العظيم في وصفه. وقد عرف بالحياء قبل النبوة فما ظنك بعدها نعم ففي صحيح البخاري ومسلم ايضا ان النبي عليه الصلاة والسلام كما حكى جابر لما شارك مع قريش في بناء الكعبة اذ تهدمت واجتمعوا على بنيانها شارك معهم صلى الله عليه وسلم في حمل الحجارة على جسده الشريف على منكبه وذلك قبل النبوة. يقول جابر لو حللت ازارك فجعلت على منكبيك دون الحجارة فجعلت على منكبيك دون الحجارة. يعني حتى تجعل شيئا به وضع الحجارة على الجسد مباشرة. اشبه بان تضع قطعة قماش وكان لباسهم خفيفا ولم يكونوا اصحاب ثياب. فقصد ان يحل طرف ازاره في رفعه فيجعله على منكبه فاذا رفع انكشفت العورة ولابد وكانوا يصنعون ذلك تخففا ويضع ذلك على منكبه من اجل ان تضع الحجارة عليه فلا يؤثر في البشر او في الجلد. يقول يا ابن اخي لو حللت ازارك فجعلت على منكبيك دون الحجارة. قال فحله فجعله على منكبه فسقط مغشيا عليه فما رؤي بعد ذلك عريانا صلى الله عليه وسلم. هذا قبل ان يكون نبيا. هذا قبل ان تسمو به النبوة في اعلى منازل بشرية درجة. هذا اذا كان قبل النبوة كما قلت فما ظنك به بعدها؟ كان عليه الصلاة والسلام كما في حديث ابي سعيد هذا انا اشد حياء من العذراء في خدرها هذا الوصف العجيب في الحياة جعل على وجه التفضيل هنا في المقابلة بينه وبين العذراء. العذراء البنت الفتاة البكر قبل الزواج تسمى عذراء وتوصف بالعذرية هنا اذا كانت في تمام الستر والحياء والعفة صيانة. الفتاة العذراء التي ما سبق لها تعامل مع رجل اجنبي قط لا كلاما ولا مقابلة ولا حديثا ولا جلوسا مثل هذه الفتاة. كيف يكون حياؤها اذا التقت برجل في الطريق او وقف معها انسان او تكلم معها رجل يكاد الحياء يعصرها فتذوب يكاد الحياء يجعلها لا تقف على رجليها. بل الحياء والله يخرس لسانها. ويغلق عينيها ويجعلها مشلولة تماما عن الحركة هذا حياء العذارى. حياء العذراء التي لا تعرف الا جوف بيتها. التي لا تعرف من الرجال الا محارمها. التي لا تعرف من والذهاب والمجيء ما يسقط هذه العذرية فيها شبه نبيكم صلى الله عليه وسلم بالحياء بانه اشد اشد حياء من العذراء في خدرها. وجه الشبه اين هو؟ في عدم استطاعته الكلام ابدا فقد كان افصح الخلق عليه الصلاة والسلام. في سكوته عن الحق وعدم قدرته على مجابهة صاحب خطأ او صولة الحق وجولة الباطل ابدا فقد كان نبيا وامره الله بتبليغ الرسالة فقام بها خير قيام عليه الصلاة والسلام لكنه حياء الطبع ايها الكرام. حياء الطبع رقته. حياء الطبع لطافته. حياء الطبع الا يملك قدرة لاحظ ليس الا يفعل لا لا يملك قدرة على جرح مشاعر الاخرين لا يملك قدرة على ان يكون سببا في اذية انسان. لا يملك قدرة على ان يظهر من خلقه ما يكون قبيحا ينسب اليه. لا يملك قدرة على ان يصدر عنه ذنب يجاهر الله تعالى فيه بالعصيان. هذا الحياء الصادق. اذا الحياء حياء من الله وحياء من الناس وحياء من النفس. اما الحياء من الله فكما وضحها عليه الصلاة والسلام قال ان تحفظ الرأس وما وعى البطن وما حوى. الرأس وما وعى الجوارح العينان الاذنان السمع اللسان. كل ذلك ان تستحي من الله فلا تستعمله في حرام اذا استحييت من الله ما جعلت لسمعك طريقا الى الحرام ولا الى نظرك طريقا الى الحرام ولا الى لسانك وقوعا في الحرام اذا استحييت من الله ما رضيت ان تدخل في فمك لقمة حرام ولا شربة حرام وتحفظ البطن وما حوى ما الذي يحويه البطن؟ الفرجان حفظ الفرج من الحياء من الله حفظه حياء الا تظهره فتستره. الا تكشفه وتبديه. حفظه حياء الا تقع به في حرام زناة ولواط وفواحش واثام عافانا الله واياكم. هذا هو حقيقة الحياء من الله. اما الحياء من الناس فالا تظهر امامه بما يسقط مروءتك او يزيل سمعتك فيجعلها شيئا قبيحا. او يسقط صدق مروءتك وامانتك ووفاءك بين الناس. الا تجاهر بالمعاصي امام الناس هذا ايضا من الحياء من الناس قد تبتلى بذنب ومعصية فان كان ولا بد وغلبت وهزمك الشيطان فليكن بينك وبين نفسك. فما الداعي الى ان تجاهر به امام الناس؟ اذا سقط قلاع الحياء من وجهك اجلك الله واجارك فلا تجعل للشيطان سبيلا عليك ان تسقط قناع الحياة ايضا امام الناس. فان هذه مرتبة اشأم واشد سوء واما الحياء من النفس فان ترهذب ذاتك وان تربي نفسك على كل خلق حميد يقول ابو سعيد كان النبي صلى الله عليه وسلم اشد حياء من العذراء في خدرها. خدر العذراء حجرتها سترها الذي لا ينكشف ابدا. والذي لا تفضي به الى من لا تعرف من الاجانب اطلاقا. هذا خدر الفتاة فيقال لزمت خدرها وبقيت في خدرها او خرجت من خدرها وذوات الخدور النساء المحتشمات المصونات العفائف الحرائر اللاتي اللاتي يلازمن البيت صيانة وعفة وحشمة وعفافا. هذه هي عشمة وعفة وحياء ذوات الخدور يقول كان عليه الصلاة والسلام اشد حياء من العذراء في خدرها يقول وكان اذا كره شيئا عرف او عرفناه في وجهه اذا كره شيئا حصل امامه موقف كرهه ما اعجبه عبارة حركة كلام موقف اذا ما اعجبه فانهم يلحظون عدم رضاه من وجهه دون ان يتكلم وفي هذه الجملة لونان عجيبان عظيمان احدهما اعجب من الاخر. اما الاول فعظيم ادبه وخلقه وحيائه عليه الصلاة والسلام. اما ترى ان الحيي اذا غلبه الحياء احمر وجهه فكذلك هو عليه الصلاة والسلام. كان اذا كره شيئا في وجهه وما يظهر في الوجه تدري ما هو؟ هو تدفق الدم عندما يتدفق حرارة في ظهر على سطح الوجه في ظهر من تحت الوجه في الوجنتين وفي الجبهة وفي الخدين حمرة. تراها فتعرف ان صاحبها قد اعتصره الخجل. وان الحياء قد بلغ به مبلغه واما الجانب الثاني العظيم في هذه الجملة فهو عظيم ادب الصحابة وتربيتهم فتعجب كيف كانوا قد بلغوا في حساسية التعامل ورهفة الحس ان يفقهوا ان الامر لم يعجب نبينا عليه الصلاة والسلام. فما كانوا ينتظرون كلمة ولا عبارة ولا اشارة ولا يشير بيده ولا بعينه فقط هو تعبيرات تعبيرات مشاعر كانوا يقرأونها رضي الله عنهم. تعجب والله اهو عظيم تربية رباها عليهم النبي عليه الصلاة والسلام؟ ام هو عظيم خلق تهذبت به النفوس؟ فاصبحوا على درجة من الحساسية والحس المرهف وسرعة التجاوب ومعرفة ما يحب وما لا يحب عليه الصلاة والسلام. كل ذلك كان موجودا فهو عظيم ادب وتربية وتهيئة وهو وايضا حسن صحبة تلمسوا فيها لطف المعاشرة. معه عليه الصلاة والسلام لطف المصادقة والمصاحبة. فما كان يحوجهم ان كلم اذا رأى ما يغضبه ما كان يحوجهم ان يشير ان يأمر او ينهى عليه الصلاة والسلام كل ذلك دل عليه قوله وكان اذا كره شيئا عرف في وجهه فسرعان ما يبتدرون الى الاصلاح. سرعان ما يتدرون الى معالجة الموقف اذا اخطأ رجل ما سرعان ما كلموه علموه افهموه فكانوا يعالجون المواقف من سرعة ما يلحظون من تغير شأن رسولنا عليه الصلاة والسلام. قدم قوم غلبت عليهم الفاقة والفقر وقدموا على النبي عليه الصلاة والسلام لا يلبسون الا ثيابا ممزقة وقد رؤي على مظاهرهم العري والتعب والفقر والجوع والمسكنة فبلغوا النبي عليه الصلاة والسلام واتوه وسألوا صدقة واعانة. وما كان عنده شيء يعطيهم عليه الصلاة والسلام. قال الصحابة حتى ذلك في وجهه ارأيت الحياة الحياء من شيء لا يملكه لكنه طبع الحيي هكذا يريد يريد ان يعطي شيئا واشفق لحالهم ورق قلبه وانكسر خاطره لكنه وجد ان الاصعب من هذا الموقف هو عدم على الانفاق عليهم. فغلبه الحياء فعرف في وجهه. فابتدر اصحابه بالصدقة. وحثهم عليها. وجعل يقول لهم ان الصدقة ها هنا مرغبة فهذا هو حياء نبينا صلى الله عليه واله وسلم فلما رأى حالهم ورق لهم واشفق عليهم ولم يجد ما ينفقوا حث اصحابه على الصدقة فما زالوا يحظرون هذا يحظر كفا من طعام وهذا يحظر كفا من مال حتى اقبل بعظهم وقد حمل من المال في يده ما كادت ان تعجز يداه عن حمله. يعني اتى بمبلغ عظيم. فلما رآه الرسول صلى الله عليه وسلم سرا. واستنار وجهه وتلألأ واشرق. ليس لان المال قد وقع في جيبه. وليس لان المال قد اصبح في رصيده. لكنه لانه قد فرج به كربة قد حمل همهم عليه الصلاة والسلام. هذا الحياء المحمدي نحن بحاجة الى ابرازه اظهاره وحمل الامة عليه في زمن بتنا نتأسف فيه على تجاوز حدود الحياء في كثير من مظاهر الحياة. والله يا اخوة قد قالت حكماء العرب قديما من كساه الحياء ثوبه لم يرى الناس عيبه وقالت ايضا حياة الوجه بحيائه كما ان حياة الغرس بماءه. فعندما نفتقد الحياء في المجتمعات. فتتبدل التي يندى لها الجبين وتتأسف لها كل صروح التربية. عندما ترى المظاهر في الطرقات والاسواق والشوارع تفارق قل حياء في مواطن عدة عندما ترى الحياء قد غادر اصحابه منذ زمن بعيد. عندما ترى الحياء قد اعلن هجرانه لبلاد ومنازلهم ملابسهم وهيئاتهم تشعر اننا اصبحنا في مأزق خلقي عظيم. عندما يتهاوى صرح الحياء وقلعة والحياء وبنيان الحياء في المجتمعات البشرية فقل عليها السلام. اذا فقد المجتمع البشري حياءه فلم يبق له من حضارته الانسانية مثقال ذرة لان الحياء هو الذي يبعث على المحامد ويكف عن الرذائل وعندما نفقد الحياء نشعر اننا امة تحتضر. نحن امة كريمة وحسبكم قول الحديث قول النبي عليه الصلاة والسلام ان لكل دين خلقا ان خلق الاسلام الحياء لا يرضي نظر ناظر في بلد مسلم ان يبصر في لباس شبابه او فتياته السخن وعريا تجاوزا لحدود الحياة تراها في العبارات والشعارات. اسقاط لحجاب الحياء في كثير من المواقف. يلتقي الشباب بالفتيات تسقط المروءات تتهتك العورات. عندما ترى بذيء الكلام وساقطه يعلن ويجهر به في المجامعات مجالس والرسائل تشعر اننا نخلع حجاب الحياء شيئا فشيئا. فعودا حميدا الى الحياء يا امة الاسلام فهذا خلق امة ونحن اولى به. هذا الخلق الذي تميزنا به. هذا الشعار الذي اصبحنا نختص به بين الامم. بحاجة نحن الى ان نعود ونعيد اجيالنا اليه ونرويهم من كأس الحياء المحمدي شربة تعيد اليهم انتعاش هذا الخلق في الافئدة والقلوب. نعم عن مولى لعائشة قال قالت عائشة رضي الله عنها ما نظرت الى فرج رسول الله صلى الله عليه وسلم او قالت ما رأيت فرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قط. الحديث ضعيف سندا واصح منه وفي البخاري كنت اغتسل انا والنبي صلى الله عليه وسلم من اناء واحد تختلف ايدينا فيه فهذا لا يصح ولا يجوز حمل العشرة بين الزوجين على هذا المحمل وحياء نبينا عليه الصلاة والسلام اعظم من ذلك وقد اشرنا الى طرف عظيم منه. في ختام هذا الباب هي دعوة الى ان نحيي خلق الحياء. ولان نقول بملئ الافواه لكل فرد في الامة او كبيرا شعار العرب الاوائل اذا لم تخش عاقبة الليالي ولم تستح فاصنع ما تشاء. فلا والله ما في العيش خير ولا الدنيا اذا ذهب الحياء يعيش المرء ما استحيا بخير ويبقى العود ما بقي اللحاء. عطروا وطيبوا جمعتكم يومها وليلتها بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا. وهديا نبويا به ونرتقي به ايمانا وحبا وطاعة يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين. اللهم احينا مسلمين وتوفنا مسلمين والحقنا اللهم بالصالحين. اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا. ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء ان عافية يا ارحم الراحمين. اللهم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسوله