الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. اما بعد اذا وردنا امر فالاصل ان يدل على الوجوب كما قال ذلك جماهير اهل العلم ويدل على ذلك نصوص كثيرة ويدل عليه استعمال اللغة في استعمال اهل اللغة وقد قال الشاعر امرتك امرا جازما فعصيتني فدل هذا على ان المخالف للامر يسمى عاصيا ويدل عليه في النصوص الشرعية العديد من النصوص الدالة على ان الاصل في الاوامر الوجوب كما في قوله تعالى فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب اليم وكما قال جل وعلا وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم. ومن يعص الله ورسوله فقد ظل ضلالا مبينا ويدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لولا ان اشق على امتي لامرتهم بالسواك والسواك مندوب فدل ذلك على ان الامر يقتضي الوجوب ولما جاء النبي صلى الله عليه وسلم يشفع عند بريرة لتبقى مع زوجها قالت اتأمرني يا رسول الله؟ قال انما انا شافع اجابة شفاعته مستحبة ومع ذلك الكنافة كونها امراء. فدل ذلك على ان الامر يفيد الوجوب. في نصوص كثيرة متعاقبة متواترة تدل على هذا بعض الاصوليين قال الامر يحتمل ان يكون لغير او صيغة افعل تحتمل انها لغير الطلب فقد وردت مرة للتهديد ووردت مرة للتحذير ووردت مرة للتكوين ومردت مرة للتسخير الى غير ذلك. فنقول هذه لم تحول عن دلالة الامر الواجب الا بالقرينة. وكلام وخلافنا في الاوامر المجردة عن القرائن فانها تدل على الوجوب بنفسها يقول ان كان لها يعني للاوامر صيغ. فهل تقتضي الاجابة او الندب على جهة النص؟ ام هي اظهر في احدهما يعني قد تكون دالة على الندب وليست دالة على او هي مجملة لترددها بين الايجاب والندب. واختلف الذين رأوا ان لها سيرا دالة في انها هل تقتضي الفور؟ هذي مسألة اخرى صيغة الاوامر هل الاصل ان تدل على الفور او يمكن التراخي في الدلافي تنفيذ آآ مقتضاها اذا وردت صيغة الامر فانها تدل على الفور عند جماهير العلماء لعدد من الادلة اذا قبل هذا نحرر محل النزاع اذا كان مع الامر قرينة تدل انه يراد به الفور او يراد به التراخي عمل بها كما لو قال احضر لي الماء بعد ساعتين اذا لم يكن مع الامر قرينه لا على الفورية ولا على التأجيل والتراخي فحينئذ الجمهور قالوا تحمل على الفور وذلك لان المتأخر في تنفيذ الامر يعد عاصيا. ويوجه اليه اللوم. ويدل على ذلك ان النصوص الشرعية هي امرت اه المبادرة الى امتثال الاوامر الشرعية كقوله فاستبقوا الخيرات. وسارعوا الى مغفرة من ربكم. الاية وبعضهم قال بانها لا تقتضي الفور. ولعل القول الاول اظهر لي ما تقدم بعد ذلك قال الاكتظاظ له صيغ اما ان للاقتظاء صيغا في كلام العرب فذلك ما لا يدفعه احد هذا يخالف ما تقدم كان ما تقدم ينقله عن الغزالي وهذا آآ ابتداء رأي من عنده وكقوله وان كانت قد تأتي هذه الصيغ في كلامهم والمقصود بها التهديد والكف عن الفعل كقوله كلوا وتمتعوا ولكن انما تدل على التهديد بقرينه باستعارة اما اه اذا كانت مطلقة عن القرائن فانها تدل بذاتها وضعا لغويا على الامر والطلب فذلك مما لا نحتاج فيه الى بيان واحرى من ذلك ان نقول بان صيغ الامر تدل على الوجوب او الندب. لان هذه الالفاظ وهذه المعاني معاني شرعية والعرف الشرعي آآ يتضمن في لفظة افعل معنى الامر وجاء لك بالخلاف في دلالة صيغة افعل على الامر او الوجوب وان القول الثالث التوقف انها جملة ويقول وينبغي ان يستقرأ ذلك في الشرع وينظر كيف كان قبول الصحابة للاوامر اذا وردت مجردة عن والناظر في سيرة الصحابة يجد انهم حملوا هذه الاوامر على الوجوب قال ويشبه وينظر وينظر كيف كان قبول الصحابة للاوامر اذا وردت مجردة عن القرائن. ويشبه ان يكون حملها على الايجاب احوط اخذ رجح بناء على الاحتياط اذ قد عرف من قرائن احوال الشرع ان الاوامر فيه على جهة الجزم والقطع واما من حملها على الندب لانه زعم ان ذلك هو الذي يلزم الامر دائما فلا معنى له. والواجب معنيان مختلفان ولا يقال بان الندب معنى مماثل لمعنى الوجوب وبالتالي رد هذا القول ورد ايضا القول القائل بان آآ لا صيغة افعل مشتركة بين الوجوب و قال واما ان لم يصح فيها وضع شرعي فحين اذ آآ نقول بان صيغ الاوامر مجملة اما دلالتها على الفور والتراخي فالمؤلف يقول بانها لا تدل بذاتها على احد هذين المعنيين وانما العبرة بقرائن الاحوال. ولذلك اذا اشكل على المأمور هل هذه الصيغة او التراخي حسن ان يستفهم فيقول متى افعل هذا الامر طيب الامر هل يقتضي التكرار؟ او لا يقتضي التكرار؟ قال الصواب انها انما تقتضي الفعل مرة واحدة وهي ظاهرة في هذا قال بعد ذلك مسألة تبعين اذا ورد الامر بالشيء بعد الحظر يعني وردنا حظر ثم ورد بعد ذلك امر ذهب قوم الى ان ذلك قرينة تصرف ايش الاكتظاء تصرف الطلب يعني الذي شأنه ان يقع لو ورد مجردا. لان صيغة افعل اذا وردت مجردة للاقتظاء. فاذا كانت بعد حظر بعظهم قال ننفي الاقتظاء. وتدل على الاباحة وذهب قوم الى ان ذلك ليس بقرينه بل تبقى صيغة للاقتضاء. شف الاكتظاء على مفهومها الاول عند احمد والشافعي انها تدل على الاباحة وعند مالك وابي حنيفة تدل على الايجاب. قالوا لان الامر قبل الحظر كان يدل على الايجاب فلا نصرفه في مسألة الامر بعد الحظر يبقى على اصله ولا نغيره والاخرون قالوا هذه قرينة نحمله على الاباحة لماذا نشأ هذا الخلاف لان النصوص الواردة فيها اوامر بعد النهي مختلفة منها ما دل على الاباحة كما في قوله واذا حللتم فاصطادوا هذا اصطادوا امر بعد حظر فدل على الاباحة وهناك اوامر للوجوب فاذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين هذا على الوجوب وبالتالي وقع التردد بينهم. والصواب في هذه المسألة ان الامر بعد الحظر يعيد الحكم على ما كان عليه قبل الحظر ولذلك فاصطادوا كانت الاباحة قبل الحظر للاحرام مباحة فحظرت في الاحرام فلما ورد الاحلال اه عادت على ما كانت عليه من الاباحة اباحة الصيد والجهاد كان واجبا وتوقف فيه لسبب منع منه لسبب فلما زال السبب وعاد على ما كان عليه من الوجوب. وفي قوله كنت نهيتكم عن زيارة فزوروها زوروها امر ورد بعد الحظر نهيتكم كان حكم زيارة القبور قبل ذلك مندوبا فحظرت فلما امر بها بعد الحظر عاد الحكم على ما كان عليه فكان على الندب هل اذا ورد امر من الشارع في مؤقت بوقت فلم يفعله المكلف في وقته فهل يطالب المكلف بفعله بعد الوقت بالامر الاول او نحتاج الى امر جديد. هذا تكلمنا عنه فيما مضى في مسائل القضاء وهل فعل آآ فعل العبادة خارج وقتها يسمى قضاءنا او لا؟ مسألة الحائض والمسافر مفطر اه متعمدا قال مذهب الفقراء مذهب الفقهاء ان وجوب القضاء لا يفتقر الى امر جديد. ويكتفى بالامر الاول. والقول ان الامر بعبادة في وقت معين لا يقتضي الامر بقضائها بعد انتهاء الوقت ولعل الصواب هو القول الاول. قال المؤلف لان تخصيص العبادة بالزمان كالصلاة في وقت الزوال والصيام في رمضان كتخصيص الحج بالمكان والصلاة بالجهة. واذا فقد الشرط المأمور به ارتفع الامر. وبينهما فرق لان ان التخصيص المكان لصلاحية المكان مع بقاء تعلق الواجب بالذمة اما التخصيص بالزمان فمعناه ان الذمة قد اه شغلت بهذا الواجب فلا اه نقول بان الذكر اما اه قد برئت من هذا الواجب الا بدليل قال المؤلف ذهب الفقهاء لمسألة جديدة. الى ان الامر يقتضي الاجزاء اذا امتثل اذا امتثل وبالتالي لا يطالب العبد بالقضاء. اذا فعل المكلف ما امر به خلاص اكتفى ولا نطالبه بقضائه وقال اخرون الامر الاول لا يقتضي ان فعل المكلف يجزئ وقد يجب على المكلف القضاء ولا نوجب ولا ننفي القضاء الا بدليل اخر ومثلوا لذلك بمسألة من افسد حجه بالجماع فانه يجب عليه ان يكمل ويواصل بقية الحج فهنا اذا وقال اخرون لا يقتضي ايش لا يقتضي الاجزاء عدلوه عندكم بدليل ان من افسد حجه مأمور بالاتمام ولا يجزئه ذلك الحج مع انه مأمور به فلم يدل على الاجزاء بل يطالب بالقضاء والصواب في هذا ان الامر ليس بالحج وانما الامر بالاكمال. ولذلك لو ترك الرمي في الحج الذي افسده قلنا عليك فدية فدل هذا على ان رميه مجزئ بدلالة عدم وجوب الفدية عليه. قال والصواب ان يقال ان الامر يقتضي جزاء المأمور به اذا اؤدي بكماله ووصفه جميع شروطه واما ان تطرق اليه خلل كالحج الفاسد. من اين نشأ الوهم عند هؤلاء من ظنهم ان الامر للحج الفاسد والصواب ان الامر للاتمام للاركان والواجبات الباقية. وليس امرا باصل الحج يقول النهي الكلام فيه كالكلام في الامر. فللنهي صيغ تخصه وتدل عليه. وبالتالي نحمل صيغة النهي على الحظر والتحريم على الصحيح والصواب ايضا ان نحمل النهي على فساد المنهي عنه. سواء كان النهي مطلقا او مقيدا بصفة فانه ويعود النهي بفساد الاصل من جهة ما قيد به واشترط. ودليل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد اولئك الذين قالوا الامر متردد بين الايجاب والندب يلزمهم ايضا ان يقولوا بان النهي متردد بين الحظر راحة هذا خلاصة ما اه نتكلم عنه في مسائل الامر والنهي وان شاء الله في اللقاء القادم نتكلم عن القياس نسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لخيري الدنيا والاخرة وان يجعلنا واياكم الهداة المهتدين هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين