قل اللهم ما لك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير هذه الاية الكريمة تتبدى فيها قدرة الله جل وعلا في ايتاء الملك وفي نزعه وفي الاعزاز وفي الاذلال وقد استخدم فيها نوع من انواع البلاغة يسمى الطباق والطباق عند اهل البلاغة ان يذكر المعنى وضده تذكر الحياة ويذكر للموت بان نذكر الطويل والقصير والجميل والقبيح فهذا طباق وبالطباق يتبدى معنى الكلام على وجه احسن. لذلك المتنبي يقول وبضدها تتبين الاشياء وبضدها تتبين الاشياء انت اذا اردت ان تبين شيئا واضحا كل الوضوح فتأتي بضده ليتبين هذا الوضوح. لذلك الشاعر يقول فالوجه مثل الصبح مبيض والشعر مثل الليل مسود ضدان لما استجمعا حسنا والضد يظهر حسنه الضد فالوجه مثل الصبح مبيض والشعر مثل الليل مسود. المسود عكس مبيض. ضدان لما استجمعا حسنا والضد يظهر حسنه الضد في الاية الكريمة التي بدأت بها حلقتي اجتمع الضدان اولا في قوله تعالى قل اللهم ما لك الملك تؤتي الملك من تشاء فايتاء الملك قدرة لا شك فيها ان يؤتي الله سبحانه وتعالى الملك من يشاء هذه قدرة لكن تمام القدرة انما تقوم بالقدرة على نزعه فانتزاعه قدرة ايضا اجتماع ضدين تتجلى فيه القدرة في اعظم كمالها كمال قدرته انما يكون في ان الله سبحانه وتعالى قادر على ان يؤتي من يشاء وعلى ان ينزع الملك ممن يشاء. ثم ياتي ايضا الاعزاز والاذلال الاعزاز بحد ذاته لا شك انه قدرة يؤذن بقدرة الله. لكن تمام هذه القدرة انما يكون بالقدرة على الاذلال وتعز من تشاء وتذل من تشاء الاية التالية يبين الله سبحانه وتعالى بعد هذه اشياء تدخل في في نطاق قدرته ولا يمكن ان قدر عليها احد تولج الليل في النهار من ذا الذي يقدر على ذلك الا الله ويولج وتولج الليلة تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب اذا استكمالا لهذه القدرة كانت الاية التالية وفيها ايضا الجمع بين متضادات بين الليل النهار بين الموت والحياة وكأن الاية الثانية تقطع السبيل على من قد يذهب به الظن الى ان البشر قادرون على الاعزاز والاذلال او على ايتاء الملك ونزع الملك كما قد يتبدى لبعض الناس من ضعيفي الايمان. لكن الله سبحانه وتعالى في الاية الثانية التالية عندما ذكر تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي قطع السبيل على كل هؤلاء هذه الاوهام التي قد تتبدى لبعض المرجفين او لبعض وفي هذا يعني هذا يقودنا الى ذكر ذلك النمرود الذي قال له سيدنا ابراهيم عليه السلام الم تر الى الذي حاج ابراهيم في ربه ان اتاه الله الملك اذ قال ابراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال انا احيي واميت لطغيانه وجبروته زعم انه يحيي ويميت. وتقول الرواية انه اتى بمن حكم عليه بالاعدام فعفا عنه. قال هذا احييته. واتى برجل في الشارع فقتله. قال هذا قتلته. قال ابراهيم فان الله يأتي بالشمس من المشرق نأتي بها من المغرب فبهت الذي كفر اذا قدرة الله لا تحدها حدود والجمع بين المتضادات هو الذي بينها على احسن وجه هذا ما يسميه علماء البلاغة بالطباق. والطباق انواع. فهذا الذي ذكرته انما هو وطباق الايجاب ان تذكر الكلمة ويذكر ما هو ضدها تماما. كقوله تعالى وما يستوي الاعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا ولا الحرور وما يستوي الاحياء ولا الاموات لاحظوا هذه الطباقات ان صح التعبير جمع طباق بين وما يستوي الاعمى والبصير بين الاعمى والبصير. الاعمى عكس البصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل عكسه الحرور. ثم وما يستوي الاحياء ولا الاموات. اذا كل هذا من انواع الطباق الايجابي. هناك طباق سلبي وهو ان يثبت الفعل ثم ينفى هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ذكر الفعل مثبتا ثم ذكره منفيا هذا ما يسمى بالطباق السلبي. ومن الطباق قوله تعالى ومن الناس من يقول امنا بالله وباليوم الاخر وما هم بمؤمنين امنا وما هم بمؤمنين. وفي نفس السورة وفي نفس الصفحة يخادعون الله والذين امنوا وما يخدعون الا انفسهم يخادعون وما يخدعون هذا كله من الطباق السلبي. على ان من دقيق الطباق ومن جميل الطباق في القرآن الكريم الطباق الايجابي الاول يعني بالمعنى ان يذكر الطباق بين حرف وحرف لا يكلف الله نفسا الا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت لاحظوا كيف طابق اي جعل الطباق بين لها وعليها لها اي لصالحها ما كسبت وعليها ما اكتسبت اي ضدها لها عكس على جاء الطباق بين حرف جر وحرف جر. وليس الطباق بين كما قد تبدى لبعض الناس بين كسبت واكتسبت لا. اكتسبت هي بمعنى كسبت لكن بزيادة في المبنى تدل على زيادة المعنى. اما الطباق فبين لها وبين عليها. وقد اخذه الشاعر في قوله على انني راض بان احمل الهوى واخلص منه لا علي ولا لي. لاحظوا بين علي ولي