الرابع والخمسون من دروس العقيدة وفيه شرح العقيدة الطحاوية وكنا قد توقفنا عند الفقرة الثامنة والستين من فقرات العقيدة الطحاوية في قول الامام ونرجو للمحسنين من المؤمنين ان يعفو الله عنهم ويدخلهم الجنة برحمته ولا نأمن عليهم. ولا نشهد لهم بالجنة ونستغفر لمسيئهم ونخاف عليهم ولا نقنطهم وهم لنا مدة نتكلم في هذا الاصل نرجو للمحسنين من المؤمنين ان يعفو الله عنهم ويدخلهم الجنة برحمته ولا نأمن عليهم ولا نشهد لهم بالجنة ونستغفر لمسيئهم ونخاف عليهم ولا نقنطهم والامن والاياس ينقلان عن ملة الاسلام وسبيل الحق بينهما لاهل القبلة وقفنا مع جملة ان طغيان الطاعات اخطر من طغيان المعاصي وقفة طويلة ان المطيع حين يطغى بطاعته اخطر من العاصي الذي يطغى بمعصيته. فان المعاصي حين يعرف انه عاص منكسر يريد ان يتوب ويرجع اما المطيع فحين يطغى بطاعته فانه معجب مغرور ان قلت له تب يقول مما اتوب فلذلك طغيان المعاصي كلمة ابن القيم طغيان المعاصي اسلم من طغيان الطاعات. احنا غيرناها وقلنا ايه ان طغيان الطاعات اخطر من طغيان المعاصي طغيان الطاعات اخطر من طغيان المعاصي. وابن القيم حين ذكر هذا في المدارج ساق قصة الرجل الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم اعدل فقال فانظر الى طغيان الطاعات كيف حمل رجل بين عينيه مسل ركب المعزى من كثرة السجود انظر الى العباد السجاد ده كلام ابن القيم كده العباد السجاد كيف جرأتهما طاعته على ان يقولا لرسول الله اعدل وقال صلى الله عليه وسلم يخرج من ضئضئي هذا قوم تحقرون صلاتكم الى صلاتهم يمرقون من الدين فطغيان الطاعات اخطر قد تستولي النفس على العمل الصالح فتصيره جندا لها فتصول به وتطغى فترى الرجل اعبد ما يكون ازهد ما يكون اطوع ما يكون وهو عن الله ابعد ما يكون واصحاب المعاصي الظاهرة اقرب الى الله منه لذلك نستغفر للمسيء ونخاف عليه ولا نقنطه ونرجو الرحمة نرجو العفو للمؤمنين ولا نأمن عليهم ولا نشهد لهم بالجنة والامن والاياس ينقلان عن ملة الاسلام اسمع الشرح يقول الشيخ يجب ان يكون العبد خائفا راجيا فان الخوف المحمود الصادق ما حال بين صاحبه وبين محارم الله فاذا تجاوز ذلك خيف منه اليأس. والقنوط والرجاء المحمود رجاء رجل عمل بطاعة الله على نور من الله فهو راج لثواب الله او رجل اذنب ذنبا ثم تاب منه الى الله فهو راج لمغفرة الله قال سبحانه ان الذين امنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله اولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم في كتاب ابن القيم الداء والدواء ساق ابن القيم في البداية اه في بداية الكتاب الفرق بين الغرور وحسن الزن وساق كلام المغترين وانا اخاف كثيرا من قراءة مسل هزا الكلام فان النفوس قد تستنيم له ولكني كسيرا ما احذر فاقول مثلا اسمع اسمع هذه يقول ابن القيم عليه رحمة الله وكثير من الناس يظن انه لو فعل ما فعل ثم قال استغفر الله زال الذنب وراح هذا بهذا وقال لي رجل من المنتسبين الى الفقه انا افعل ما افعل سم اقول سبحان الله وبحمده مائة مرة وقد غفر ذلك اجمعه كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من قال في يوم سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت عنه خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر لابد ان اعلق على مسل هزا الحديس فاقول هل قال لك رسول الله؟ صلى الله عليه وسلم. صلى الله عليه وسلم. اعصي سم قل سبحان الله وبحمده مئة مرة يغفر لك؟ هل قال هذا نفهم بقى وانما قال من اخطأ ازنب سم قال سبحان الله وبحمده غفرت له ذنوبه لكن ابدا لم يكن لك القرآن والسنة اعصي ثم قل وانما ينهاك عن المعصية ثم اذا فعلت فكن وهزه افة اهل عصرنا يقول لك انا هعمل المعصية دي وبعدين يتوب هغلط الغلطة دي وبعدين يستغفر فهزا تعمد وفرق بين العمد والعناد قال الملك جل جلاله الله الرحيم الودود الغفور انما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة وقال سبحانه وتعالى وليست التوبة للذين يعملون السيئات وقال سبحانه وتعالى ولم يصروا على ما فعلوا وهم وهم يعلمون اذا الذي يتعمد ان يعصي ويقول سأتوب الذي يتعمد ان يخطئ ويقول ساستغفر هذا ليس في نطاق هذه الوعود ليس في نطاقها انما في نطاقها الذي يخطئ بجهل اما الاخر فكانه معاند يعرف الحرام ويعرف ان الله يرى وسيعاقبه عليه ثم يتعمد ثم ان هناك عقوبات اخرى فقد يطبع على القلب فلا يطلب التوبة وقد يمكر بالعبد فيحب ويألف المعصية فلا يستطيع ان ينتهي عنها وقد يؤخذ العبد على المعصية فيموت وهو عليه وكل ذلك وارد وقال لي اخر من اهل مكة نحن اذا فعل احدنا ما فعل ثم اغتسل وطاف بالبيت اسبوعا محي عنه كل زلك لان الرسول صلي عليه. صلى الله عليه وسلم قال من طاف بالبيت اسبوعا غفر له ما تقدم من ذنبه وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اذنب عبد ذنبا وقال اي ربي اصبت ذنبا فاغفر لي فقال الله علم عبدي ان له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب قد غفرت لعبدي ثم مكث ما شاء الله ثم اذنب ذنبا اخر فقال اي ربي اصبت ذنبا فاغفر لي فقال الله عز وجل علم عبدي ان له ربا يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي فليصنع ما شاء وقال انا لا اشك ان لي ربا يغفر الذنب ويأخذ به. وهذا الضرب من الناس قد تعلق بنصوص الرجاء واتكل عليها وتعلق بها بكلتا يديه. واذا عاتب على الخطايا والانهماك فيها سرد لك ما يحفظه من سعة رحمة الله ومغفرته ونصوص الرجاء وللجهال من هذا الضرب من الناس في هذا الباب غرائب وعجائب ومنهم من يغتر بفهم فاسد فهمه هو واضرابه من نصوص القرآن والسنة فاتكلوا عليه كاتكال بعضهم على قوله ولسوف يعطيك ربك فترضى قال وهو صلى الله عليه وسلم لا يرضى ان يكون في النار احد من امته وهذا من اقبح الجهل وابين الكذب على الله ورسوله فانه صلى الله عليه وسلم يرضى بما يرضى به ربه عز وجل. والله يرضيه تعذيب الظلمة والفسقة والخونة. والمصرين على الكبائر فحاشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يرضى بما لا يرضى به ربه تبارك وتعالى. وكاتكال بعضهم على قوله تعالى ان الله يغفر والذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم. وهذا ايضا من اقبح الجهل فان الشرك داخل في هذه الاية وهو رأس الذنوب واساسها. ولا خلاف ان هذه الاية في حق التائبين فانه يغفر ذنب كل تائب من اي ذنب كان ولو كانت الاية في حق غير التائبين لبطلت نصوص الوعيد كلها واحاديث اخراج قوم من الموحدين من النار بالشفاعة وهذا انما اوتي صاحبه من قلة علمه وفهمه. فانه سبحانه ها هنا عمم واطلق فعلم انه اراد التائبين وفي سورة النساء خصص وقيد فقال ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فاخبر الله سبحانه انه لا يغفر الشرك واخبر انه يغفر ما دونه ولو كان هذا في حق التائب لم يفرق بين الشرك وغيره وكاغترار بعض الجهال بقول الله تعالى يا ايها الانسان ما غرك بربك الكريم فيقول كرمه وقد يكون بعضهم انه لقن المغتر حجته وهزا جهل قبيح انما غره به الغرور وهو الشيطان ونفسه الامارة بالسوء وجهله وهواه واتى سبحانه جل جلاله في كلامه بلفظ الكريم ما غرك بربك الكريم وهو السيد العظيم المطاع الذي لا ينبغي الاغترار به ولا اهمال حقه فوضع هذا المغتر الغرور في غير موضعه. واغتر بما لا ينبغي لاغترار به. وكاغترار بعضهم ايضا بقوله تعالى لا يصلاها الا الاشقى الذي كذب وتولى وكقوله تعالى اعدت للكافرين ونسي هذا المغتر قوله فانذرتكم نارا تلظى فهي نار مخصوصة من جملة دركات جهنم ولو كان الجميع جهنم فهو سبحانه لم يكن لا يدخلها بل قال لا يصلاها ولا يلزم من عدم صليها عدم دخولها فان الصيلي اخص من الدخول ونفى ونفي الاخص لا يستلزم نفي الاعم ثم ان هزا المغتر لو تأمل الايات التي بعدها لعلم انه غير داخل فيها فلا يكون مضمونا له ان يجنبها واما قوله في النار اعدت للكافرين فقد قال في الجنة اعدت للمتقين ولا ينافي اعداد النار للكافرين ان يدخلها الفساق والظلمة ولا ينافي اعداد الجنة للمتقين ان يدخلها من في قلبه ادنى مثقال ذرة من ايمان ومن لم يعمل خيرا قط وكاغترار بعضهم بالاعتماد على صوم عاشوراء او يوم عرفة حتى يقول بعضهم صوم يوم عاشوراء يكفر ذنوب العام كلها ويبقى صوم عرفة زيادة في الاجر ولم يدري هذا المغتر ان صوم رمضان والصلوات الخمس اعظم واجل من صيام يوم عرفة ويوم عاشوراء وهي انما تكفر ما بينها اذا اجتنبت الكبائر فرمضان الى رمضان والجمعة الى الجمعة لا يقويان على تكفير الصغائر الا مع انضمام ترك الكبائر اليها ويقوى مجموع الامرين على تكفير الصغائر فكيف يكفر صوم يوم فكيف يكفر صوم يوم تطوع كل كبيرة عملها العبد وهو مصر عليها غير تائب منها هذا محال على انه لا يمتنع ان يكون صوم يوم عرفة ويوم عاشوراء مكفرا لجميع ذنوب العام على عمومه ويكون من نصوص الوعد التي لها شروط وموانع ويكون اصراره على الكبائر مانعا من التكفير فاذا لم يصر على الكبائر لتساعد الصوم وعدم الاصرار وتعاونا على عموم التكفير كما كان رمضان والصلوات الخمس مع اجتناب الكبائر متساعدين متعاونين على تكفير الصغائر مع انه سبحانه قد قال ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم. فعلم ان جعل الشيء سببا لا لا يمنع ان يتساعد هو وسبب اخر على التكفير ويكون التكفير مع اجتماع السببين اقوى واتم منه مع انفراد احدهما. وكلما قويت اسباب التكفير كان اقوى واتم واشمل عايزين نكمل الفقرة دي كلها عشان يبقى ردينا على كل الشبهات يقول الشيخ وكاتكال بعضهم على قوله صلى الله عليه وسلم هاكيا عن ربه سبحانه وتعالى انا عند حسن ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء يعني ما كان في ظنه فانا فاعله به ولا ريب ان حسن الظن انما يكون مع الاحسان فان المحسن حسن الظن بربه ان يجازيه على احسانه وانه لا يخلف وعده وانه يقبل توبته واما المسيء المصر على الكبائر والظلم والمخالفات فان وحشة المعاصي والظلم والحرام تمنعه من حسن الظن بربه هذا موجود في المشاهدة فان العبد الابق المسيء الخارج عن طاعة سيده لا يحسن الظن به ولا يجامع وحشة الاساءة احسان الظن ابدا فان فان المسيء مستوحش بقدر اساءته واحسن الناس ظنا بربه اطوعهم له كما قال الحسن البصري ان المؤمن احسن الظن بربه فاحسن العمل وان الفاجر اساء الظن بربه فأساء العمل فكيف يكون محسن الظن بربه من هو شارد عنه حال مرتحل في مساخطه في مساخطه وما يغضبه متعرض للعنته قد هان حقه وامره عليه فاضاعه وهان نهيه عليه فارتكبه واصر عليه كيف يكون حسن الظن بربه من بارزه بالمحاربة وعادا اولياءه ووالى اعداءه وجحد صفات كماله واساء الظن بما وصف به نفسه ووصفته به رسله وظن بجهله ان ان ظاهر ذلك ضلال وكفر كيف يكون حسن الظن بربه من يزن انه لا يتكلم ولا يأمر ولا ينهى ولا يرضى ولا يغضب وقد قال تعالى في حق من شك في تعلق سمعه ببعض الجزئيات سبحانه وهو السر من القول وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم ارداكم فاصبحتم من الخاسرين هؤلاء لما ظنوا ان الله سبحانه لا يعلم كثيرا مما يعملون كان هذا اساءة لظنهم بربهم فارداهم زلك الزن وهزا شأن كل من جحد صفات كماله ونعوت جلاله ووصفه بما لا يليق به فازا زن هزا انه يدخله الجنة كان هذا غرورا وخداعا وتسويلا من الشيطان لا احسان ظن بربه فتأمل هذا الموضع وتأمل شدة الحاجة اليه وكيف يجتمع في قلب العبد تيقنه بانه ملاق الله وان الله يسمع كلامه ويرى مكانه ويعلم سره وعلانيته ولا يخفى عليه خافية من امره وانه موقوف بين يديه ومسئول عن كل ما عمل وهو مقيم على مساخطه مضيع لاوامره معطل لحقوقه هل مع هزا يحسن الظن بربه وهل اذا جرى هذا يكون الا من خدع النفوس وغرور الاماني وقد قال ابو امامة سهل بن حنيف دخلت انا وعروة ابن الزبير على عائشة رضي الله عنها فقالت لو رأيتما رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرض له وكانت عندي ستة دنانير او سبعة فامرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ان افرقها قالت فشغلني وجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عافاه الله ثم سألني عنها فقال ما فعلت اكنت فرقت الستة الدنانير فقلت لا والله يا رسول الله لقد كان شغلني وجعك قالت فدعا بها حتى وضعها في كفه ثم قال ما ظن نبي الله بالله لو لقي الله وهذه عنده وفي لفظ ما ظن محمد بربه لو لقي الله وهذه عنده فيا لله ما ظنوا اصحاب الكبائر والظلمة بالله ما ظنوا اصحاب الكبائر والظلمة بالله اذا لقوه ومظالم العباد عندهم فان كان ينفعهم قولهم حسنا ظنوننا به فلن يعذب ظالم ولا فاسق فليصنع العبد ما شاء وليرتكب كل ما نهاه الله عنه ثم ليحسن ظنه بالله فان النار لا تمسه ايا سبحان الله انزر كيف يبلغ الغرور بالعبد وقد قال ابراهيم لقومه ايفكا الهة دون الله تريدون فما ظنكم برب العالمين اي ما ظنكم ان يفعل بكم ازا لقيتموه وقد عبدتم غيره ومن تأمل هذا الموضع حق التأمل علم ان حسن الظن بالله هو حسن العمل نفسه فان العبد انما يحمله على حسن العمل حسن ظنه بربه انه يجازيه على اعماله ويثيبه عليها ويتقبلها منه الذي حمله على حسن العمل حسن الظن فكلما حسن ظنه حسن عمله والا وحسن الظن مع اتباع الهوى عجز كما في الترمذي والمسند من حديس شداد ابن اوس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله وبالجملة فحسن الظن انما يكون مع انعقاد اسباب النجاة واما مع انعقاد اسباب الهلاك فلا يتأتى احسان الظن ابدا وقفنا عند الفقرة التاسعة والستين والامن والقياس ينقلان عن ملة الاسلام وسبيل الحق بينهما لاهل القبلة اقول هذا واستغفر الله لي ولكم والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة