سوف يكون وما لم يكن كيف لو كان يكون اي حتى الامور التي لم تكن لتكن قد علمها الله سبحانه وتعالى ودليل ذلك قوله ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه مع انهم لن يردوا ومع ذلك فقد علم الله ما يكون من حاله اذا هذا هو الامر الاول الذي يجب اعتقاده في باب الايمان بالقدر الايمان بعلم الله المطلق المحيط بكل شيء بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اسعد الله اوقاتكم بالمسرات معشر المشاهدين والمشاهدات في هذه الحلقة سوف نتكلم عن اصل عظيم من اصول الايمان يشكل على كثير من الناس وما به اشكال والحمد لله الا وهو موضوع الايمان بالقدر فان الله سبحانه وتعالى قد اثبت القدر في كتابه فقال سبحانه ان كل شيء خلقناه بقدر وقال سبحانه وخلق كل شيء فقدره تقديرا وكذلك نبيه صلى الله عليه وسلم ذكره في حديث جبريل فلما سأله عن عن الايمان قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وتؤمن بالقدر خيره وشره وها هنا نلحظ مرحبا في جواب النبي صلى الله عليه وسلم احدهما ان النبي صلى الله عليه وسلم اعاد ذكر العامل ولم يكتفي بالعطف كما عطف الاركان الاربعة قبله على الايمان بالله فقال وتؤمن بالقدر فهذا يدل على مزيد عناية بهذا الركن اما الملحظ الثاني فهو ان النبي صلى الله عليه وسلم فصل فيه ما لم يفصل في غيره فقال خيره وشره وكل هذا يدعونا الى العناية بهذا الركن الذي يشكل على بعض الناس ويوجب لبعضهم شيئا من الشبهات فنقول ان الايمان بالقدر يعني الاعتقاد الجازم ان الله تعالى قدر مقادير الخلائق بعلمه الازلي وكتبها في اللوح المحفوظ واجراها بمشيئته واوجدها بقدرته وخلقه وهذا ينبه الى انه لا يتم الايمان بالقدر الا باستكمال امور اربعة اولها الايمان بعلم الله المحيط بكل شيء جملة وتفصيلا ازلا وابدا ما كان من افعاله سبحانه وما كان من افعال عباده فقد علم سبحانه وبحمده ما كان وما يكون وما سوف يكون. ما كان وما يكون وما وقد دل على هذا ادلة كثيرة في كتاب الله تعالى منها قول الله تعالى وهو بكل شيء عليم وقوله تعالى ذلك تقدير العزيز العليم الله تعالى قد علم من سيطيعه ومن سيعصيه كما علم ارزاق الناس واجالهم اما الامر الثاني فهو الايمان بكتابة الله للمقادير في اللوح المحفوظ قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة قال الله تعالى ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم الا في كتاب من قبل ان نبرأها. ان ذلك على الله يسير لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما اتاكم والله لا يحب كل مختال كفور وقال سبحانه وتعالى عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الارض. ولا اصغر من ذلك ولا اكبر الا في كتاب مبين وفي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كتب الله مقادير الخلائق قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة قال وعرشه على الماء رواه مسلم وعن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان اول ما خلق الله القلم قال له اكتب قال ما اكتب قال اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة. رواه ابو داوود وقد جمع الله تعالى هذين الامرين اعني العلم والكتابة في اية واحدة في كتابه فقال سبحانه الم تعلم ان الله يعلم ما في السماء الارض ان ذلك في كتاب. ان ذلك على الله يسير واما الامر الثالث الذي لا يتم ايمان امرئ بالقدر الا بتحقيقه وهو الايمان بمشيئة الله النافذة فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن لا مانع لما اعطى ولا معطي لما منع. ولا راد لما قضى. لا يكون في ملكه ما لا يريد. يهدي من يشاء بفضله. ويضل من يشاء ولا معقب لحكمه قال الله تعالى ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من امن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد فهذا يدل على طلاقة مشيئة الله تعالى وتعلقها بافعال العباد وقال سبحانه وبحمده لمن شاء منكم ان يستقيم وما تشاؤون الا ان يشاء الله رب العالمين واما الامر الرابع الذي لا يتم ايمان امرئ بالقدر الا به وهو الايمان بخلق الله تعالى لجميع الكائنات وايجاده لها فالله الخالق وما سواه مخلوق وجميع الاشياء ذواتها وصفاتها وحركاتها مخلوقة محدثة. والله خالقها وموجدها قال الله تعالى الله خالق كل شيء وقال سبحانه وتعالى والله خلقكم وما تعملون اي خلقكم وخلق معمولاتكم من الاصنام او خلقكم وخلق اعمالكم وكل شيء مخلوق لله عز وجل فافعال العباد خلق لله وكسب لهم قال ربنا عز وجل لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت في امر الايمان بالقدر فهو الايمان بانه لا تلازم بين المشيئة والمحبة فقد يشاء سبحانه ما لا يحب وقد يحب ما لا يشاء لحكمة بالغة وغاية محكمة قد يشاء ما لا يحب كما انه سبحانه وبحمده شاء وجود الكفر والفسوق والمعاصي وقد يحب ما لا يشاء الله تعالى يحب ان يؤمن الناس جميعا لكنه لم يشأ ذلك وذلك لحكمة بالغة وغاية محكمة فانه لا يتبين معاني اسمائه وصفاته ولا يقوم سوق الجنة والنار ولا يتميز الابرار من الفجار ولا اهل الايمان من اهل الكفر. ولا يرفع علم الجهاد ولا يقوم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والنهي عن المنكر الا بهذا الله تعالى له الحكمة البالغة. فلهذا لم يجعل تلازما بين مشيئته الكونية وبين محبته الشرعية قال تعالى ولو شئنا لاتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لاملأن جهنم من الجنة والناس اجمعين وقال سبحانه ان تكفروا فان الله غني عنكم. ولا يرضى لعباده الكفر وان تشكروا يرضاه لكم فلا شك ان الكفر منهم وقع بمشيئته مع انه لم يرضه لهم مما يجب الايمان به في باب الايمان مما يجب الايمان به في باب الايمان بالقدر الايمان بانه لا تعارض بين الشرع والقدر قال ربنا عز وجل ان سعيكم لشتى. فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى. واما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى فالشرع ايها الاخوة والاخوات هو كتاب الله المفتوح والقدر غيب مكنون وقد قدر الله تعالى مقادير العباد واخفى ذلك عنهم وامرهم ونهاهم اعدهم وامدهم بما يؤهلهم امتثال امره واجتناب نهيه وعذرهم اذا عرض لهم مانع من موانع التكليف يحول بينهم وبين امتثال امره واجتناب نهيه فحينئذ لا حجة لاحد على الله تعالى على فعل المعصية وعلى ترك الطاعة بالقدر السابق فقد ابطل الله تعالى احتجاج المشركين بالقدر على معصيته. فقال سبحانه وتعالى حاكيا مقالتهم سيقول الذين اشركوا لو شاء الله ما اشركنا ولا اباؤنا ولا حرمنا من شيء هكذا حكى الله تعالى مقالتهم واحتجاجهم بالقدر السابق على شركهم وكفرهم وتحريمهم ما احل وتحليلهم ما احل ما ما حرم فليستمع كيف رد الله تعالى هذه الشبهة في ثلاثة ردود قال سبحانه وتعالى كذلك كذب الذين من قبلهم وسمى الله تعالى مقالتهم تلك كذبا والكذب هو مخالفة الخبر للواقع ثم قال حتى ذاقوا بأسنا ولو كان لهم حجة في القدر ما اذاقهم الله بأسه. لان الله تعالى حكم عدل مقسط. لا يظلم مثقال ذرة ثم قال ثالثا ناسفا شبهتهم من قواعدها. قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ان تتبعون الا الظن. وان انتم الا تخرسون اي هل اطلعتم على كتابكم قبل ان تفعلوا ما فعلتم من الشرك والكفر وتحليل الحرام وتحريم الحلال فاتيتم ذلك بناء على علم مسبق ام انكم فعلتم ذلك من باب الظن والتوهم والخرص المحض. لا شك انهم لم يطلعوا على كتابه وبهذا ايها الاخوة والاخوات يتبين بطلان ما يدعيه بعض المعاندين والمشاكسين الذين اذا امروا بمعروف او نهوا عن منكر قالوا هذا قدر الله. الله كتب علينا كذا وكذا فيرد في نحورهم ويقال لهم متى علمتم ان ذلك قدر الله فقبل الفعل ام بعده لا شك انهم لا يستطيعون الادعاء بانهم علموا بان هذا قدرهم بان هذا قدرهم قبل الفعل وانما علموا ان هذا هو قدر الله بعد الفعل فلا حجة لهم وهم قبل الفعل قد اتاهم الله تعالى الادوات والقوى والقدرات التي تمكنهم من الفعل والترك. لكنهم اتوا ما اتوا وتركوا ما تركوا عنادا وبغيا وشهوة لا على اثارة من علم او بينة من الله هذا وقد ضل في هذا الباب اعني باب الايمان بالقدر طائفتان كبيرتان احداهما القدرية النفاة وهم الذين انكروا القدر وزعموا ان الامر مستأنف على الله عز وجل. واول من قال بذلك رجل يقال له معبد الجهني اه ظهر في البصرة ودع هذه الدعوة فانتدب له الصحابة الكرام وردوا مقالته فقد كان اولئك الغلاة المتقدمون ينكرون علم الله وكتابته ومشيئته وخلقه لافعال العباد ولعلهم انقرضوا لشناعة مقالتهم ثم خلفهم قوم يقال لهم المعتزلة. فقالوا نثبت العلم والكتابة لكنهم المشيئة والخلق فزعموا ان العبد يشاء فعل نفسه دون مشيئة الله وانه يخلق فعل نفسه دون خلق الله عز وجل ولا شك ان هذا باطل كما سنبين واما الطائفة الثانية فهم الجبرية. عكس اولئك وهم الذين غلوا في اثبات القدر وقالوا العبد مجبور على فعله وسلبوه الارادة والفعل وجعلوه كالريش في مهب الريح وجعلوا افعاله وتصرفاته كحركات مرتعش ونفوا عن افعال الله الحكمة والتعليم هؤلاء هم الجبرية ومنهم الجهمية ومنهم الاشاعرة الذين قالوا بنظرية الكسب ولا ريب ان كلا الطائفتين محجوج بالشرع والقدر نعم منكر القدر بمراتبه الاربع فترد عليهم النصوص الصريحة ويدل الواقع على ان المرء يجد في نفسه الارادة والاختيار. فيعمد لفعل شيء من الاشياء في حال بينه وبينه. مما يدل على قدر الله النافذ واما الجبرية الغلاة في اثبات القدر فانها ترد عليهم ايضا النصوص الدالة على اثبات الارادة والفعل والمشيئة للعبد كقول الله تعالى فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى فاسند الفعل اليه وكذلك قال فاما فاما من طغى فاسند الفعل اليه وقال واما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فاعسنا الفعل اليه فالنصوص الشرعية تأخذ بهم. كما ان الواقع ايضا يدل على ان الانسان يجد في نفسه التفريق بين الافعال الاختيارية والاضطرارية. فالعقل والشرع بحمد الله يدل على بطلان هاتين المقالتين وضلال هاتين الفرقتين. وان الحق فيما هدى الله تعالى اليه اهل السنة والجماعة. والحمد لله رب العالمين بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد