بسم الله الرحمن الرحيم الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اسعد الله اوقاتكم معشر المشاهدين والمشاهدات في حلقة جديدة نسلط فيها الضوء على بعض صفات رب العالمين تتمة لما سبق بيانه من وجوب الايمان باسماء الله وصفاته فلا ريب ان ربنا سبحانه وبحمده قد تعرف الى خلقه بالنفي والاثبات فاثبت لنفسه صفات الكمال ونفى عن نفسه صفات النقص والعيب ومماثلة المخلوقين طريقة القرآن الاثبات المفصل والنفي المجمل فنجد ان الله سبحانه وتعالى اذا تمدح نفسه يفيض في الاثبات كما ذكر ذلك في سورة الاخلاص وفي اية الكرسي وكما ختم سورة الحشر بجملة رائقة ومنظومة بديعة من الاسماء الحسنى. فقال سبحانه وبحمده هو الله الذي لا اله الا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم. هو الله الذي لا اله الا هو الملك القدوس سلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر. سبحان الله عما سبحان الله عما يصفون هو الله الخالق البارئ المصور له الاسماء الحسنى. يسبح له ما في السماوات والارض وهو العزيز الحكيم وذكر جملة من اسمائه الحسنى في سورة الحج يختم كل اية باسمين كريمين من اسمائه نود ايها الكرام ويا ايتها الكريمات في هذه الحلقة ان نسلط الضوء على بعض صفات رب العالمين نختار منها اولا صفة العلو فمما يعتقده اهل السنة والجماعة ان الله سبحانه وبحمده فوق جميع خلقه مستو على عرشه بائن من خلقه ليس في خلقه شيء منه ولا وليس فيه شيء من خلقه فمما يعتقده اهل السنة والجماعة ان الله سبحانه وتعالى له العلو المطلق له العلو في ذاته وله العلو في اسمائه وصفاته وله العلو في قدره فاما العلو في ذاته فيعنون به ان الله سبحانه وتعالى فوق سماواته مستو على عرشه بائن من خلقه ليس فيه شيء من خلقه ولا في خلقه شيء منه فهذا هو علو الذات الذي اطبق اهل السنة والجماعة على اثباته وهو ما نتكلم عنه في هذه آآ العجالة واما علو الصفات فاعتقادهم ان كل وصف وصف الله تعالى به نفسه فهو قد بلغ الغاية في كماله فله المثل والاعلى في السماوات والارض لا يدانيه شيء ولا يلحقه نقص فيما وصف وسمى به نفسه واما علو القدر او علو القهر فهو علوه سبحانه على جميع خلقه. كما قال سبحانه وهو القاهر فوق عباده وقال عن ملائكته يخافون ربهم من فوقهم فلا ريب ان ربنا له العلو المطلق في هذه المقامات الثلاث علو الذات قد اختلف فيه اهل القبلة اهل السنة والجماعة يثبتون علوه كما اسلفنا ويقيمون الادلة على ذلك واما غيرهم من المبطلين فقد ذهبت بهم المذاهب فمنهم من زعم ان الله في كل مكان تعالى الله عما يقولون وزعم ان الله حال في مخلوقاته ومنهم من نفى عن الله جميع الجهات فقال لا امام ولا خلف ولا يمين ولا يسار ولا فوق ولا تحت ولا داخل العالم ولا خارج العالم الى غير ذلك من صور النفي التي تفضي الى القول بالعدم وهدى الله اهل السنة والجماعة لما اختلف فيه من الحق باذنه. فاثبتوا لله تعالى علو الذات كما اثبتوا له علو الصفات وعلو القدر والقهر وقد قامت الادلة المتكاثرة على اثبات علوه سبحانه وتعالى بذاته فدل على ذلك الكتاب والسنة حتى قال بعض اهل العلم ان في كتاب الله نحو الف دليل تدل على اثبات علو الله تعالى وهذه الادلة تتنوع في مواردها فمنها ما يأتي بلفظ العلو صريحا كقول الله تعالى سبح اسم ربك الاعلى وقوله وهو الكبير المتعال وهو العلي العظيم. ففيها التصريح بلفظ العلو ومنها ما يفيد العلو بذكر صعود الاشياء اليه. كما قال سبحانه وتعالى اليه يصعد الكلم الطيب. ومن المعلوم قطعا ان الصعود لا يكون والا الى اعلى ومرجع الضمير في قوله اليه اي الى الله سبحانه وتارة يكون بذكر عروج الاشياء اليه. كقوله تعالى تعرج الملائكة والروح اليه العروج بمعنى الصعود وتارة يكون ذلك بذكر نزول الاشياء منه. انا انزلناه في ليلة القدر لو انزلنا هذا القرآن على جبل قل نزله روح القدس من ربك فهذا يدل على انه في العلو اذ المعلوم قطعا ان النزول لا يكون الا من اعلى وتارة يكون بذكر الاستواء. اذ الاستواء يعني العلو كما سيأتي تفصيله ان شاء الله وفي موضع في سورة طه الرحمن على العرش استوى اهل السنة والجماعة يثبتون هذه الصفة على لوجه اللائق بالله تعالى فيعتقدون ان الله سبحانه وبحمده بعد ان خلق السماوات والارض على على عرشه علوا يليق بجلاله وعظمته يذكر ربنا انه استوى على العرش اي بمعنى علا والاستواء دليل على علوه سبحانه اذ ان عرشه هو سقف المخلوقات جميعا ليس فوقه الا رب العالمين وتارة يكون بذكر كونه في السماء اي عليها. كما قال سبحانه وتعالى اامنتم من في السماء اي من على او من في العلو وليس معنى انه سبحانه وتعالى في السماء ان السماء تحويه او تظله او تقله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. فما السماوات السبع السبع والاراضين السبع في كف الرحمن الا كخردلة في كف احدنا بل السماوات جميعا والاراضين مفتقرة اليه. لا تقوم الا به. ومن اياته ان تقوم السماء والارض بامره. ان الله يمسك السماوات والارض ان تزولا ومن دلائل علوه سبحانه وتعالى ما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم حين سأل الجارية التي لطمها سيدها واراد ان يعتقها استدعاها النبي صلى الله عليه وسلم والقى عليها سؤالين فقال لها اين الله قالت على البديهة والفطرة في السماء قال من انا؟ قال قالت انت رسول الله. قال اعتقها فانها مؤمنة فجعل ذلك اي اقرارها بالعلو وبنبوته صلى الله عليه وسلم دليلا على ايمانها فدلالة الكتاب والسنة متكاثرة متنوعة متوافرة على اثبات علو الله سبحانه وتعالى علوا حقيقيا فوق خلقه واما الدليل الثالث فهو دليل الاجماع فقد اجمع السلف الصالح على ان الله سبحانه وتعالى فوق جميع خلقه كما حكى ذلك غير واحد منهم كقول الاوزاعي رحمه الله كنا نقول والتابعون متوافرون. ان الله تعالى ذكره فوق سماواته وكان قد قال ذلك قبل وكان قد قال ذا وكان قد قال ذلك بعد ظهور مقالة جهم ليبين بطلانها والدليل الرابع بلا دليل العقل فان العقل الصريح السالم من الشهوات والشبهات يجزم بان العلو صفة كمال وان ضده السفل وهو صفة نقص والعقل يقطع بان الاله الخالق الكامل ينبغي ان يكون متصفا بصفات الكمال اذ ان مواهب الشيء اولى به من غيره الله تعالى واهب الكمال فهو اولى بالكمال فالعقل يقطع بان العلو صفة كمال فكان لزاما ان يكون الرب سبحانه وبحمده متصف بصفة العلو واما الدليل الخامس فهو دليل الفطرة والفطرة هو ما يكون ما يكون مركوزا في النفوس من غير سبق تعليم بل يولد وينشأ مع صاحبه. فقد فطر الله النفوس جميعا. نفوس الادميين والبهائم وسائر المخلوقات على ان الله سبحانه وتعالى فوق سماواته يقال في هذا المقام قصة معبرة جرت وقت ابي المعالي الجويني اذ كان ابو المعالي الجويني رحمه الله وعفا عنه كان من ائمة الاشاعرة الذين لا يثبتون العلو لله تعالى وكان يلقب بامام الحرمين لتفننه في علوم الالة والاصول واللغة والفقه ايضا لكنه غفر الله له في باب الصفات لم يكن على المنهج السديد ولا على طريقة السلف الصالح فكان يوما من الايام يقرر في باب الاعتقاد وبين يديه تلا تلاميذه وفيهم رجل من اهل السنة يقال له ابو جعفر الهمذاني فقال الجويني كان الله ولا شيء وهذه جملة صحيحة فلا ريب ان الله تعالى هو الاول فليس قبله شيء قال متبعا اياها وهو الان على ما كان عليه يعرض بنفي الاستواء اي مراده بان الله تعالى لم يحصل له استواء بعد ان لم يكن فتنبه لهذا ابو جعفر الهمداني وقال له يا امام دعنا من ذكر العلو والاستواء مع انه لم يلفظ بهما لكنه ادركهما بداهة. قال دعنا من ذكر العلو والاستواء. واخبرنا عن هذه الضرورة التي يجدها احدنا في قلبه. ما قال عارف قط يا الله الا وجد في قلبه ضرورة بطلب العلو. لا يلتفت يمنة ولا يسرة فتحير الهمد فتحير الجويني وجعل يلطم على رأسه ويقول حيرني الهمداني حيرني الهمداني وما ذاك الا لانه استدل عليه بدليل عميق بدليل الفطرة. وهذا امر ايها الكرام ويا ايتها الكريمات تجدونه في انفسكم حينما يدعو العبد ربه يجد قلبه يسافر الى جهة العلو. لا يذهب يمنة ولا يسرة حتى ان البهائم اذا اوذيت وضربت رفعت طرفها الى السماء فهذه الادلة متوافرة دلالة الكتاب والسنة والاجماع والعقل والفطرة كلها تثبت ان الله سبحانه وتعالى متصف بصفة العلو اتصافا ذاتيا ومما اثبت الله تعالى لنفسه صفة الاستواء وهذا مبثوث في كتاب الله في سبعة مواضع في ستة منها يقول الرب سبحانه وبحمده ثم استوى على العرش وليس في ذلك غضاضة بل هو عين الكمال ان يتصف الرب سبحانه بالاستواء على عرشه الذي هو سقف المخلوقات واعلاها واعظمها واجلها فقد دلت الدلائل المتوافرة المتكاثرة على اثبات هذه الصفة ولا يجوز لكائن من كان ان يصرفها عن مراد الله تعالى بل الواجب اثباتها اثباتا يليق بجلاله وعظمته دون تكييف استواء المخلوقين ومن حرف صفة الاستواء الى الاستيلاء فقد ابعد النجعة وعارظ الكتاب والسنة. فماذا يصنع بسبعة ادلة؟ ليس فيها موضع واحد يستعيذ الله تعالى به عن لفظ الاستواء بالاستيلاء ثم ان من اولها او حرفها الى الاستيلاء يلزم على قوله لوازم باطلة. فمن ذلك ان يكون الله تعالى ان الله تعالى لم يكن مستوليا على العرش حين خلق السماوات والارض ثم استولى عليه بعد ذلك. وهذا معنى فاسد لا انفكاك لمن صفة الاستواء الى الاستيلاء عنه ويلزم منه ايضا انه لا فرق بين العرش وبين الارض السابعة اذ الله تعالى مستول على جميع مخلوقاته فما مزية العرش حينئذ وبهذا يتبين ان الاقوال الضالة الباطلة يترتب عليها من اللوازم الفاسدة ما لا يمكن لقائليها ان ينفكوا عنه. نسأل الله تعالى يلهمنا رشدنا وان يهدينا طريق السداد وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين بسم الله الرحمن الرحيم الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد