فيا نظرة اهدت الى الوجه نظرة امن بعدها يسلو المحب المتيم ولكننا سبي العدو. فهل ترى نرد الى اوطاننا ونسلم وقد زعموا ان الغريب اذا نأى وشطت به اوطانه فهو مغرم بسم الله الرحمن الرحيم الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. اسعد الله اوقاتكم. معشر المشاهدين والمشاهدات المؤمنين والمؤمنات. في حلقة جديدة ذات بديع معنى لطيف سنتحدث فيها عن مسألة مهمة من مسائل الاعتقاد الا وهي مسألة الرؤية ونعني بذلك رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة. هذا الامل المنشود هذا الشوق الدفين في قلوب المؤمنين فيعتقد اهل السنة والجماعة ان الله سبحانه وتعالى يرى في الاخرة يراه عباده المؤمنون في موضعين احدهما في عرصات القيامة وهي مواقف الحساب والثاني بعد دخولهم الجنة وذلك ان الادلة قد دلت على اثبات الرؤية في كتاب الله تعالى وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم واما فاما فاما دلالة القرآن على اثبات الرؤية فمتعددة متنوعة فمن ذلك قول الله عز وجل وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة فناظرة الاولى مشتقة من النظرة وهي البهاء والرونق والجمال الى ربها ناظرة النظرة الثانية مأخوذة من النظر وهو المعاينة بالابصار وذلك ان هذه الوجوه الكريمة تكتسب جمالا وبهاء ورونقا من جراء نظرها الى وجه الله الكريم كما انشد ابن القيم رحمه الله واي اغتراب فوق غربتنا التي لها اضحت الاعداء فينا تحكموا فحي على جنات عدن فانها منازلك الاولى وفيها المخيم نسأل الله تعالى ان يبلغنا هذه النظرة بسبب تلك النظرة واما الدليل الثاني فقول الله عز وجل لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد ما يشاؤون فيها اي في الجنة من صنوف النعيم الحسي والمعنوي واما المزيد فالمراد به النظر الى وجه الله الكريم ومن ادلة اثبات الرؤية في كتاب الله تعالى قول الله عز وجل للذين احسنوا الحسنى وزيادة فالحسنى هي الجنة. بلغنا الله واياكم واما الزيادة فقد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بانها النظر الى وجه الله الكريم الدليل الرابع من ادلة الكتاب على اثبات الرؤية دليل دقيق استنبطه امام فحل من ائمة اهل السنة وهو الامام الشافعي فانه قد استدل بقول الله تعالى عن الكافرين كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ثم قال بعد ذلك عن المؤمنين على الارائك ينظرون قال هو النظر الى وجه الله الكريم. فلما حجب اولئك في السخط نظر هؤلاء في الرضا. لله دره وجملة القول ان القرآن اتى واضحا في اثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة واما السنة فان الاحاديث في الرؤيا قد بلغت مبلغ التواتر من ان المؤمنين يرون ربهم حتى ان الامام ابن حجر العسقلاني رحمه الله نظم بيتين في ذكر الاحاديث المتواترة فقال فيهما مما ترى حديث من كذب ومن بنى لله بيتا واقترب ورؤية شفاعة والحوض ومسح خفين وهذه بعض فجعل الرؤية مما ثبت بالتواتر ففي السنة احاديث متعددة كثيرة المخارج تدل على ان المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة كقول النبي صلى الله عليه وسلم انكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته او لا تضامون في رؤيته فهذا من تشبيه الرؤية بالرؤية وليس من تشبيه المرئي بالمرئي يعني لم يرد النبي صلى الله عليه وسلم ان يشبه الله بالقمر. فالله تعالى ليس كمثله شيء. وانما اراد ان يشبه الحال بالحال. يعني حال اسرائيل بحال الرائين من وجهين احدهما انتفاء الضيم وهو الظلم الناس حينما ينظرون الى القمر يرونه بيسر لا يلحقهم في ذلك ظلم ولا حيف فكذلك النظر الى وجه الله الكريم وايضا لا يقع بينهم تضام. لا تضامون اي لا تتزاحمون. فكما ان الناس حينما يبصرون البدر مكتملا لا يزدحمون لانه في الاعلى يدركه كل من رآه فكذلك المؤمنون يوم القيامة في الجنة يرون ربهم دون ان ينضم بعضهم الى بعض ويزاحم بعضهم بعضا وقد انعقد اجماع اهل السنة والجماعة ايضا على اثبات الرؤية كما دل عليه الكتاب والسنة كما ان الفطرة في الحقيقة التي فطر الله العباد عليها تجعل في النفس شوقا لا ينطفئ الا برؤية معبوده والهه وخالقه فهذا هو معتقد اهل السنة والجماعة في هذا الباب العظيم. وقد ضل في هذا الباب فرق شتى فمنهم من اثبت الرؤية بلا خطام ولا زمام كما فعل ذلك بعض الصوفية حينما زعموا بان الله يرى في هذه الحياة الدنيا وان من الناس من يرى الله تعالى يقظة وكل حديث منسوب الى النبي صلى الله عليه وسلم يفيد بان الله تعالى يرى في هذه الدنيا يقظة فهو باطل موضوع لانه صلى الله عليه وسلم قد قال في الحديث الصحيح وانكم لن تروا ربكم حتى تموتوا لما حدث النبي صلى الله عليه وسلم بحديث الدجال الذي يدعي انه رب العالمين قال صلى الله عليه وسلم وانكم لن تروا ربكم حتى تموتوا فما يدعيه هؤلاء الممخرقون من انهم يرون ربهم يقظة فلا ريب ان هذا مما تصوره لهم الشياطين وعلى النقيض من ذلك ذهبت المعتزلة ومن وافقهم الى انكار الرؤية وزعموا بان الله سبحانه وتعالى لا يمكن ان يرى في الاخرة قالوا لانه لا تناسب بين الرائي والمرئي ولا ريب ان هذه اقيسة باطلة يقابلون فيها الادلة الصحيحة ولقي في مقابلة النص واذا جاء نهر الله بطل نهر معقل على انهم استدلوا ايضا بادلة نقلية لكنهم جانبوا الصواب فيها فمما استدلت به المعتزلة قول الله تعالى لموسى عليه السلام لن تراني وجواب هذا سهل بسيط وهو ان يقال لهم ان قول الله تعالى لن تراني اي في الدنيا. لان موسى عليه السلام قال بدافع الشوق الى ربه ربي ارني انظر اليك فقال الله تعالى لن تراني. ولكن انظر الى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني. فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعد المانع من رؤية موسى لربه في الدنيا انه لا يطيق ذلك فلذلك لطف الله تعالى به فقوله لن تراني اي في الدنيا وهذا تؤيده اللغة. فمن زعم ان لن تفيد النفي المؤبد فقد اخطأ على اللغة. ولهذا قال ابن مالك رحمه الله ومن رأى النفي بلن مؤبدا فقوله اردد وسواه فاعددا فلا يلزم من حرف لن افادة النفي المؤبد واما في القيامة واما في الجنة فان الله تعالى يعطي المؤمنين قوة يتمكنون بها من التنعم من النظر الى وجه الله تعالى ثمان الله تعالى احال موسى على امر ممكن فقال ولكن انظر الى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني فجعل الامر من حيث الاصل ممكنا ولكن منع مانع من حصوله ولو كان هذا السؤال فاسدا من اصله لعاتب الله موسى كما عاتب نوح حينما قال حينما قال ان ابني من اهلي فعجب الله تعالى عليه وقال يا نوح انه ليس من اهلك. انه عمل غير صالح. فلا تسألني ما ليس لك آآ ما ليس لك به علم اني اعظك ان تكون من الجاهلين. لكن انه لم يعتب على موسى لان السؤال والطلب لم يكن فاسدا من اصله ومما يستدل به هؤلاء المعتزلة قول الله تعالى لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار فاستدلوا بها على نفي الرؤية ولاهل السنة عن هذا الاستدلال جوابان احدهما ما اجابت به عائشة رضي الله عنها فحملت قوله تعالى لا تدركه الابصار اي في الدنيا وهذا لا يمنع من ان آآ تحصل الرؤية في الاخرة واما الجواب الثاني فيقال ان الله تعالى انما نفى الادراك ولم ينفي الرؤيا ولا يلزم من نفي الادراك نفي الرؤيا فقد يرى الانسان الشيء الكبير ولا يدركه كما يرى احدنا القمر ومع ذلك لا يدرك تفاصيله وتضاعيفه وما يتضمنه بل ان احدنا يرى الجبل من بعد وتحصل الرؤية حقا. ولكنه لا يدرك تفاصيله وما فيه من الشجر والحجر والنبات. والحيوان وغير ذلك فلا يلزم من اثبات الرؤية اثبات الادراك وبناء عليه لا يلزم من نفي الادراك الرؤية وفي كتاب الله مثل بديع يثبت الله تعالى فيه الرؤيا مع نفي الادراك وان كان لا صلة له بموضوع الصفات وهو قول الله عز وجل في قصة موسى مع فرعون قال الله عز وجل فلما تراءى الجمعان قال اصحاب موسى انا لمدركون قال كلا ارأيتم معشر المشاهدين والمشاهدات كيف ان الرؤية ثبتت ولم يقع ادراك فليس من لازم اثبات الرؤية حصول الادراك فهؤلاء قوم موسى قد رأوا فرعون وقومه وظنوا انهم احيط بهم وانه قد حصل الدرك فرعون خلفهم والبحر امامهم لكن موسى عليه السلام قال بلغة الواثق كلا. وفعلا لم يقع لهم ادراك بل نجاهم الله تعالى وخلاصة القول في هذا الباب ان نثبت ما اثبت الرب سبحانه وتعالى لنفسه. وما اثبته له نبيه صلى الله عليه وسلم من امكانية الرؤية في موضعين في عرصات القيامة اي مواقف الحساب كما دل على ذلك حديث ابي سعيد الخدري وابي هريرة في البخاري في الجنة حينما يشرف عليهم ربهم من فوقهم فيتنعمون بالنظر اليه وتكون تلك اعظم نعمة ينعمها الله تعالى على اهل الجنة اسأل الله تعالى باسمائه الحسنى وصفاته العلى ان يمن علينا ببلوغ جنته وحصول زيادته من النظر الى وجهه الكريم والحمد لله رب العالمين بسم الله الرحمن الرحيم الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد