فان ذلكم السائل لم يسأل عن الاستواء وانما سأل عن كيفية الاستواء بدليل انه قد استدل بين يدي سؤاله باية قال الراوي فرفع ما لك رأسه وقال كلمات قال مالك بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد معشر المشاهدين والمشاهدات لا زلنا في رياض العلم بالله عز وجل وعلى وجه التحديد ما يتعلق باسمائه وصفاته وقد تقدم معنا بعض القواعد المهمة المتعلقة بالعلم بالله تعالى الذي هو اشرف العلوم على الاطلاق وكما قيل وبظدها تتبين الاشياء فقد اشرنا الى بعض من ضل في هذا الباب من الفرق الضالة فذكرنا طرفي نقيض وهم اهل التمثيل واهل التعطيل فاهل التمثيل بالغوا في الاثبات حتى وقعوا في التمثيل واهل التعطيل بالغوا في التنزيه حتى وقعوا في التعطيل واما اهل السنة والجماعة فان الله سبحانه وتعالى جعلهم وسطا بين طرفين وعدلا بين عوجين. فاثبتوا اثباتا بلا تمثيل. ونزه الله تعالى تنزيها بلا تعطيل وساير النصوص فلم يصادموها ولن يعارضوها ولم يشقوا بشيء منها كما فعل اهل التحريف الذين كان هم هم لن يقع النصوص وصرفها عن مراد الله عز وجل وممن ظل في هذا الباب ايضا فرقة يقال لهم اهل التجهيل ويسمون انفسهم اهل التفويض ظنا منهم بانهم يفوضون علم الاسماء والصفات لله عز وجل. وانما هم في الواقع يجهلون بها ويسدون باب النقل والعقل هذه الفئة وهم المسمون اهل التجهيل يقوم مذهبهم وطريقتهم على اعتقاد ان ما اخبر الله تعالى به عن نفسه او اخبر عنه نبيه صلى الله عليه وسلم انه مجهول لا سبيل للعلم به وان الواجب فقط هو مجرد الايمان بالفاظ النصوص دون اثبات معانيها ولا ريب ان هذا الفهم فهم اعوج ولا ريب ان هذا الفهم فهم اعوج مصادم لمراد الله عز وجل. فان الله سبحانه وتعالى قد ندب عباده الى تدبر كتابه. ولم يستثني شيئا فقال سبحانه وبحمده كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته وليتذكر اولوا الالباب وظيفة المؤمنين ان يتدبروا ما اخبر الله تعالى به في كتابه. دون ان يستثني الله تعالى من ذلك شيئا بل ان الله تعالى قد نعى على الغافلين عدم تدبرهم. فقال سبحانه افلم يتدبروا القول وقال سبحانه افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها ثم ان ربنا سبحانه وتعالى قد بين لنا انه انما انزل الينا هذا الكتاب لكي نتعقله فقال سبحانه وتعالى انا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون. انا انزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وهل يمكن ان يأمرنا الله تعالى بتعقل ما لا يمكن تعقله؟ كلا والله وقد كانت طريقة السابقين الاولين من الصحابة والتابعين تدبر القرآن جميعه كما حدث بذلك ابو عبدالرحمن السلمي رحمه الله فقال حدثنا الذين كانوا يقرؤوننا القرآن عبد الله ابن مسعود وابي بن كعب وعثمان بن عفان رضي الله عنهم انهم كانوا لا يتجاوزون عشر ايات حتى يتعلمونهن وما فيهن من العلم والعمل فكل ذلك يدل على ان طريقة السابقين الاولين من المهاجرين والانصار والتابعين لهم باحسان علم ما تضمنه الكتاب وعدم رد شيء منه منه او اغفاله وانهم ليسوا بمنزلة من ذمهم الله تعالى من اهل الكتاب من من الذين لا يقرأون الكتاب الا اماني اي مجرد تلاوة والله تعالى منزه ان ينزل في كتابه كلاما لا يمكن فهمه ولا يمكن تدبره ولا يمكن تعقله فان هذا مناف لحكمة الله تعالى. كما انه مناف بوصف القرآن الكريم بانه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد وهؤلاء الذين ادعوا انهم يفوضون اخطأوا من حيث لا يعلمون فان كثيرا منهم يظن انه موافق للسلف والسلف برءاء من طريقتهم فان السلف رحمهم الله كان طريقتهم الاثبات والاقرار والامراء ولهذا نقل عن جمع منهم قوله امروها كما جاءت بلا كيف يعنون ايات الصفات واحاديثها امروها كما جاءت بلا كيف وقولهم امروها كما جاءت يقتضي امرارها لفظا ومعنى فان من امرها لفظا ولن يمرها معنى لم يصدق عليه انه امرها كما ان قولهم رحمهم الله بلا كيف يدل على اثبات المعنى فانه لا يحتاج الى نفي المعنى فانه لا يحتاج الى نفي الكيفية الا من كان يثبت اصل المعنى فليجلد كان منهج السلف اثبات معاني ما اخبر الله تعالى به عن نفسه وما اخبر عنه نبيه صلى الله عليه وسلم ومن شواهد ذلك القصة المشهورة التي رواها الامام الالكائي والبيهقي وابو عثمان الصابوني وجمع من المتقدمين عن ما لك بن انس رحمه الله امام دار الهجرة. حينما دخل عليه المسجد داخل فقال يا ابا عبد الله الرحمن على العرش استوى. كيف استوى؟ الراوي فاطرق ما لك برأسه طويلا وعلته الرحباء اي انه رحمه الله انفض عرقا بهول وقع السؤال عليه وشدة اجلاله لربه عز وجل وتأثره من ان يجرؤ احد عن السؤال عن الكيفية الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والايمان به واجب. والسؤال عنه بدعة ثم قال وما اظنك الا صاحب بدعة او قال الا ضالا. ثم امر به فاخرج من المسجد فلو تأملنا في هذه الجمل النورانية السلفية التي اطلقها امام دار الهجرة لوجدنا انها منهج رشيد في باب اسماء الله تعالى وصفاته ينطبق على كل صفة اخبر الله تعالى بها عن نفسه فقوله رحمه الله الاستواء غير مجهول معناه ان الاستواء معلوم المعنى في لغة العرب فالعرب تعرف ما معنى استوى الله سبحانه وتعالى الذي قال في اية الزخرف حين ذكر الفلك والانعام لتستووا على ظهوره. ثم تذكروا نعمة ربكم اذا استويتم عليه هو الذي قال في سورة طه الرحمن على العرش استوى العربي يعرف ان معنى الاستواء العلو فمعنى الرحمن على العرش استوى اي على عليه علو يليق بجلاله وعظمته وقول ما لك رحمه الله والكيف غير معقول اي ان كيفية استواء الله على عرشه لا يمكن لعقولنا ان تدركها فان عقولنا قاصرة عن ادراك ما ينبغي لله عز وجل من الصفات فان عقولنا قاصرة عن ادراك كيفية وكونه صفات رب العالمين وهذا لا يعني ان ليس لها كيفية في الواقع. بل ان لها كيفية لكنها كيفية لا يمكننا ان نحيط بها علما واما قوله رحمه الله والايمان به واجب. اي الايمان باستواء الله تعالى على عرشه واجب لان الله تعالى اخبر به في كتابه في سبعة مواضع في ستة منها يقول ثم استوى على العرش وفي سورة طه الرحمن على العرش استوى وكذا اخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم. فكان الواجب ان نثبت لربنا ما اثبت لنفسه والا نستشنع شيئا من ذلك والا يتبادر الى اذهاننا اي معنى من معاني من المعاني المحدثة التي تكون للمحدثين واما قوله والسؤال عنه بدعة اي السؤال عن كيفيات ما اخبر الله تعالى به عن نفسه بدعة لان الصحابة رضوان الله عليهم ما يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عن كيفيات صفات رب العالمين بل يتقبلونها قبولا حسنا ويعتقدون ان لله له المثل الاعلى ولا يتطرق الى اذهانهم ادنى لوثة من لوثات التمثيل التي وقعت لاهل لاهل التعطيل فحملتهم على انكار صفات رب العالمين وبالجملة معشر المشاهدين والمشاهدات فان علينا ان نتنعم بالايمان باسماء الله وصفاته وان نسعى لتحصيلها واحصائها فقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه الامام البخاري في غير ما موضع ورواه غيره. ان لله تسعة وتسعين اسما مائة الا واحدة. من احصاها دخل الجنة الله اكبر. من احصاها دخل الجنة فكيف يكون احصاؤها؟ اذا يكون احصاؤها في امور الاول هو ان نستنبط هذه الاسماء الحسنى من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. حتى نبلغ بها هذا العدد الذي ذكره لنا نبينا صلى الله عليه وسلم والواقع ايها الكرام اننا كفينا هذه المؤونة. فلم يزل اهل الاسلام ينتدبون لهذه المهمة الشريفة ويصنفون فيها الفائقة في عد اسماء الله الحسنى ولا زالوا واما الامر الثاني من معاني الاحصاء فهو معرفة معانيها بان ندرك ما يعني كل اسم من هذه الاسماء الحسنى ودلالاته وهذا يدرك من حيث اللغة ومن حيث التفكر والتدبر بمعاني هذه الاسماء الحسنى واما الامر الثالث من معاني الاحصاء فهو العمل بمقتضاها وذلك ان يظهر اثر ايماننا ان يظهر اثر ايماننا باسماء الله الحسنى على سلوكنا فمن علم ان الله تعالى سميع عقل لسانه ان يلفظ بقول يسمعه السميع فيسخط عليه واطلق لسانه بكل كذب طيب يسمعه السميع فيرضى به عنه ومن علم ان الله بصير احجم ان يراه ان يراه البصير على عمل فيسخط عليه ونشط على كل عمل صالح يراه البصير فيرضى به عنه وبهذا يحصل ما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من المكافأة في دخول الجنة لاحصاء اسماء الله الحسنى نسأل الله تعالى باسمائه الحسنى وصفاته العلى ان يكتب لنا ما نرجوه من رحمته وان يصرف عنا ما نخافه من عذابه وان يرزقنا علما نافعا وعملا صالحا وتجارة لا تبور. والحمد لله رب العالمين بسم الله الرحمن الرحيم لم يلد ولم يولد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد