الفصل الثاني الفجور السياسي خيار الجبهة العلمانية الفرنكوفونية المبحث الاول الفجور السياسي. دراسة في المفهوم الفجور السياسي ضميمة اصطلاحية اي مصطلح مركب من اسم وصفة. الفجور هو الفسق المشتهر. ولذلك فكل فجور من فسق وليس كل فسق فجورا. اذ لا يسمى الفاسق فاجرا الا اذا اعلن بفسقه واشهره في الناس. دل على ذلك الاصل اللغوي قوي لمادة فجرة التي تدور على معاني التفجر والانفجار وكل ما يحدث دويا مهولا يسمعه كل الناس لذلك يقال تفجر الماء بمعنى انفجر. اي تدفق بقوة محدثا صوتا وصخبا. قال تعالى وان من الحجارة كما يتفجر منه الانهار وقال سبحانه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا وهو معنى كثير في القرآن الكريم ومنه سمي على سبيل المجاز الفجر فجرا لانه انفلاق قوي للنهار من الليل حتى كأنه انفجار يحدث بتدفق الاضواء وذلك لشهرته وشدة في ظهوره في صفة الليل السوداء. وهو المقصود في وصف المنافق في الحديث الصحيح انه اذا خاصم فجر اي رفع صوته بالصراخ والسب واللعن والزعق وليس المقصود المعنى الخلقي فحسب وهو الاصل في معنى الفاجر لانه الفاسق الذي يحدث بفعله شهرة وفضيحة فلا يأبه لاحد بل يعتز بفجوره ويفخر به ويبالي. فالفجور في الحقيقة صفة لا تليق الا بالكفار بل باشدائهم. ولذلك قال سبحانه اولئك هم الكفرة الفجرة وقال على لسان نوح عليه السلام انك ان تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا الا فاجرا كفارا. اما الفسق فلا عنه ان يكون مشتهرا بل يكون خطأ خفيا. او حتى غير مقصود في بعض الاحيان. وقد وصف الله الذي نقل الخبر خطأ دون عمد بالفاسق في قوله تعالى يا ايها الذين امنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا ومن بجهالة فتصبح على ما فعلتم نادمين وقد يكون بمعنى الخطأ الذي يحدث عن هاون بسبب الغفلة فيصح ان يقع فيه المؤمن. كما قال سبحانه وتعالى فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج كما انه قد يكون بمعنى الفجور كما في قوله تعالى واذا اردنا ان نهلك قرية امرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق وعليها القول فدمرناها تدميرا ولذلك كان كل فاجر فاسقا دون العكس كما ذكرنا واما وصف السياسي فهو لتمييز ما كان من الفجور طبيعيا. اي يرجع الى الاستعداد النفسي الجبلي للشر والفساد ما تعدى ذلك الى ان يصبح ايديولوجية في المعترك السياسي. وهذا اخطر من الاول. لانه لا يقصد الى اشهار الفساد في فحسب ولكنه يرمي بذلك الى محاصرة قوى الخير فيه. والقضاء على حاسة النقد في الضمير الاجتماعي. تلك الحاسة التي يتأسس عليها واجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. فاذا هما فجوران لا فجور واحد. فاما الطبيعي فيدل عليه قوله عز وجل فالهمها فجورها وتقواها. فالفجور اذا ها هنا هو مجرد استعداد فطري في الانسان. وقابلية جبلية خلقية فيه لسلوك معين يمكن ان تنفجر اذا وجدت الظروف البيئية المناسبة. ولذلك يقول سبحانه بل يريد الانسان ليفجر امامه. يسأل ايان يوم القيامة وهو سؤال انكار وسخرية واستهزاء. لا سؤال بحث وتفكر وتدبر اما الفجور بمعناه السياسي فيشير اليه قوله تعالى قال نوح ربي انهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وبلده الا خسارا ومكروا مكرا كبارا وقالوا لا تذرن الهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا وقد اضلوا كثيرا ولا تزد الظالمين الا ضلالا. الى قوله وقال نوح رب لا تذر على الارض من الكافرين انك ان تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا الا فاجرا كفارا فهؤلاء اذا اتخذوا الفجور ايديولوجية للصد عن سبيل الله. فهم دعاة الى الضلال بقوة يحمونه ضد دعاة الصلاح. انهم مع صوني واتبعوا من لم يزده ما له وولده الا خسارا ومكروا مكرا جبارا. وهم بعد ذلك اذا يحمون وضعهم الفاسد عبر الاجيال ايديولوجية لحماية الوضع الفاسد وضمان استمراره واتساع رقعته وتعميق جذوره في المجتمع الى درجة المسخ وهي حيث ينقلب المعروف منكرا والمنكر معروفا. فيطمئن الفاجر حينئذ الى استمرار مصالحه. تماما ما فعل فرعون بعد فارسل فرعون في المدائن حاشرين ان هؤلاء لشرذمة قليلون. وانهم لنا لغائضون انا لجميع حاذرون. وهو يهدف بذلك الى نشر الدعاية ضد الصلاح والمصلحين. ليقتل الحاسة النقدية في المجتمع ليتفرد بالقرار الضال المضل. قال فرعون ما اريكم الا ما ارى وما اهديكم الا سبيل الرشاد. فالفرق بين الفجور الطبيعي والفجور السياسي اذا ان الاول استجابة للرغبة الذاتية الحيوانية للفساد بصورة مستهترة. وانجراف قوي مع داء الهوى في تلبية الشهوات فلا يهمها في ذلك عدل العازلين ولا نصح الناصحين. واما الفجور السياسي فهو فلسفة للفجور. بممارسته ثقافة واخلاقا اولا ومدافعته جبهة الصلاح ثانيا من خلال ترسيخ فلسفة الانحلال في المجتمع وتشويه السلوك الصالح السليم وذلك باستغلال طاقة الفجور الطبيعي في النفس الانسانية. ودعوتها الى التحدي