المبحث الثالث مظاهر الفجور السياسي يصعب حصر مظاهر الفجور السياسي ولكنا سنضرب لذلك امثلة من خلال نماذج نختارها من كل صنف. وسيكفي جزئياتها للخروج بدليل كلي قطعي في افادة هذه الحقيقة المؤسفة التي تدين الواقع السياسي المغربي من مسألة الاخلاقية بما فيه الكفاية والزيادة اولا على المستوى التعليمي والثقافي لعل اهم ما يمكن رصده في المجالين التعليمي والثقافي هو السيطرة الفرنكوفونية على الوضع مطلقا. فالتعليم لم يستطع التخلص منه عقدة اللغة الفرنسية. وانه من العار ان تكون هذه اللغة المتخلفة لا تزال تتحكم في رقاب التلاميذ منذ عهود الى يومنا هذا خاصة وانه لم يبق اي مبرر لتدريسها في الابتدائيات والاعداديات والثانويات بل دور الحضانة وقد اصبحت هذه اللغة المتخلفة حقا في ركام الماضي. وها اهلها اليوم عالة على الكلمات والمصطلحات الانجليزية ولست ها هنا مفضلا لهذه على تلك وانما اجزم انه من الخطر التربوي والنفسي على الطفل ان تحشى ذاكرته باي لغة غير لغته الاصلية التي تحمل هويته الثقافية والدينية في مرحلة الطفولة حتى يبلغ سن الرشد القانوني فيتفرغ بعد ذلك لتعلم ما شاء بعدما كونوا قد اتقن لغته استعمالا واستلهاما وابداعا. والا كانت المصيبة التي نراها اليوم هؤلاء المهزومون الذين لا يفكرون كن الا من خلال لغة اخرى. ولا يعدون اشياءهم الا بها. وانها من العار ان تكون دولة اخرى مثل فرنسا. تدرس الادب عربية لطلبتها ولابنائنا نحن ولكن من خلال اللغة الفرنسية. انظروا انهم ينطقون العربية بلغتهم. اما هؤلاء المهزومون فانهم مصرون على تقليد ماما فرنسا في غائها الى درجة الثمالة فهل تخلفت الدول العربية التي تدرس اللغات الاجنبية بواسطة اللغة العربية؟ طبعا لا. بل ان ابناءها من ارفع المثقفين على الصعيد العالمي وما مصر عنا ببعيد ان مناهج التعليم المزدوجة هذه هي التي خلفت طبقة المثقفين المنحرفين والادباء الاباحيين فلا تقرأ من الشعر والرواية الا ما يمجد السقوط. ويكشف العورات حتى اصبح الجسد لغة في حد ذاته. لا يكاد يخلو منه ابداع شعري او سردي. الا ترى هذا السباق المحموم نحو التعري بين المسمين مبدعين فبقدر جرأتك على المحرم المحرمات والمقدسات والتعري بقدر ما تكون من العظماء والمجددين. بل ان مصطلح التجريب في هذا المجال لا يكاد يخرج عنها هذا السباق الوقح. اما العالمية فهي بين احد امرين اما ان تكتب بالفرنسية واما ان يقيض الله لك من يترجم لك الى فرنسية حتى اذا اطلع السادت الفرنسيس على مقدار ما كشفت من مخبوء نلت حينئذ من الاطراء النقدي ما يكفي لرفع مستواك الى صف العالمية طبعا من خلال دائرة الفرنكوفونية ان الادب الفرنسي الذي يكتبه هؤلاء ادب خائن. بالمعنى الوطني والحضاري للكلمة. انه يكشف لهم عوراتنا او في احسن الاحوال وليقدمون لهم كمادة سياحية غرائبية. ارضاء شهوة الفرنسي المستعلية. ان اللغة الفرنسية يا سادتي ليست لغة وكفى. انها ثقافة بل انها نوع خاص من الثقافة. انها ثقافة العهارة. من منكم قرأ امي او قرأ العشيق بل سائر روايتها. او ما منكم قرأ ما يكتبه التشيكي المتفرنس ميلان كونديرا. وهلم جرا ان الادب الفرنسي هو في عمومه ادب العري وادب العهارة. بل انه ادب متخصص جدا فيها. فما اعظم اثره اذا كمادة صالحة للفجور السياسي ان المثقف المفرنس يعاني من وطأ الكلمات الفرنسية العارية التي تدعوه الى ربط كل شيء في الحياة بالجنس. وانه لا يستطيع التخلص من ذلك ولو اخلص النية الا بعد مكابدة وعذاب شديدين. هؤلاء اذا هم طبقة الفرنكوفونيين ببلادهم حصار طبيعي للتدين والمتدينين يحمون فريقهم من الانفلات الى صف الطهر فان يهدي الله منهم احدا يكن مرمى كن صالحا لكل انواع الشتائم والتهم بالتخلف والخرافية. وكأن التقدم ليس الا في التعري. وما ارى هؤلاء الا انهم ينطبق عليهم قول الله عز وجل على لسان قوم لوط فما كان جواب قومه الا ان قالوا اخرجوا ال لوط من قبل انهم اناس يتطهرون اذ اصبح التطهر تهمة كذا في كتاب الله وكذا في عرف هؤلاء. ونظرة واحدة في جرائدهم ومجلاتهم اعزك الله تكفيك صحيح ان هناك مثقفين لا علاقة لهم بالفرانكوفونية يتسابقون نحو هاوية الفجور. ويتبارون في ابداء العورات. ولكني ازعم وانهم مشمولون بالظلال الفرنسية النتنة. ولو لم يكونوا من اهل الاتقان للغة الفرنسية. لان الفرنسية في المغرب كما ليست لغة وكفى. ولكنها طريقة حياة. انها موضة الهرولة الثقافية بالمغرب المسلم. ان المشكلة الثقافية فان ما يكمن في هذا الانبطاح المخزي لكل ما هو فرنسي. وها هي ذي الجهات الفرنكوفونية ما تزال احرص ما تكون على تمجيد المنتوج الثقافي الفرنكوفوني. وها هي المراكز الثقافية الفرنسية ما تزال تتزعم حركة الافساد الخلقي في ما تعرضه من افلام ومسارح ومعارض تشكيلية الى اخره. وان هذا لمن اهم العقبات التي تواجه حركة التحرر التطهر الحضاريين من الهيمنة الغربية الفاجرة التي تعتبر المصدر الاساس للفجور السياسي ببلادنا