الركن الثاني انتاج علماء الشرع وتنمية الشريعة. بالمعنى الحقيقي لكلمة علماء انني كنت اقول لاهل الاختصاص الشرعي من ابناء الحركة الاسلامية اننا نملك مدرسين للعلوم الاسلامية ولا نملك علماء. وفرق كبير بين المدرس والعالم العالم لا يكون عالما الا اذا كان ذا عبقرية اجتهادية استنباطية جامعا بين اصول الشرع وثقافة العصر حكيما والمغرب فقد مثل هذه النوعية منذ زمن واحسب ان اخر نموذج يقارب ما ذكرت من اوصاف هو العلامة عبد الله قنون. رحمه الله الذي كان يصفه الشيخ محمد الغزالي المصري بالشيخ الاديب. كان هذا الرجل فيما احسب عالما من النموذج الحق. ومن هم على شاكلته او خير منه ماتوا قبل له بازمنة متفاوتة. وانقطع نموذجهم بالمغرب مع الاسف الشديد ان اشكال التعليم الديني في الجامعات اليوم لا تخرج مثل تلك الطاقات ولن تخرجها ما دامت على حالها هذا ابدا وقد وصف الامام الشاطبي الاندلسي العالم الرباني الحكيم باوصاف دقيقة جامعة مانعة. قال هو الذي يتحقق بالمعاني الشرعية منزلة على الخصوصيات الفرعية. بحيث لا يصدها التبحر في الاستبصار بطرف عن التبحر في الاستبشار بالطرف وفي الاخر هو يجري على عموم واحد منهما دون ان يعرضه على الاخر. ويسمى صاحب هذه المرتبة الرباني والحكيم والراسخ في العلم والعالم والفقيه والعاقل. لانه يربي بصغار العلم قبل كباره. ويوفي كل احد حقه حسب ما يليق وفهم عن الله مراده. ومن خاصته امران احدهما انه يجيب السائل على ما يليق به في حالته على الخصوص. ان كان له في المسألة حكم خاص. والثاني انه ناظر في المآلات قبل الجواب عن السؤالات ان المطلوب اليوم هو انتاج الوفرة من هذا النموذج. وفرة تزيد ولا تنقص. وان حاجة الامة الى العلماء من هذا النوع هو بعدد في حاجتها الى الاطباء قوة ووفرة واذا كانت الدولة عاجزة او غير جادة في العمل من اجل اعادة برامج التربية والتعليم على مستوى التعليم الديني الجامعي بما يضمن تخريج هذا النموذج فان على الحركة الاسلامية ان تدبر مصيرها في هذا الشأن. فكل خطوة في هذا الاتجاه تعتبر ضربة في العمق الاستراتيجي للعمل الاسلامي وتدبير هذا الشأن لدى الحركة الاسلامية انما يكون بتفريغ الطاقات العلمية المتخصصة في العلوم الشرعية لاستكمال التكوين وتعميق التخصص وكذا بتشجيع انشاء المعاهد الدينية الحرة التي تستقبل حفظة القرآن الكريم لتأطيرهم وتكوينهم وتكوينا علميا متأصلا في العلوم الشرعية والوسلية واتقان اللغة العربية الفصحى. ذلك ان الفصحى قد اضحت اليوم هدفا للجبهة العلمانية تحاول تقزيم دورها واثرها العلمي في المجتمع المثقف ومعلوم ان اللغة كما تحمل دلالات تواصلية فهي كذلك تحمل دلالات نفسية ووجدانية. وهذا الجانب من اللغة العربية عربية خاصة يحيل في جميع الاحوال على الدين نصا واحساسا