الشرط الثاني الامن الاقتصادي والمقصود بالامن الاقتصادي الوضع المالي للحركة الكفيل بتجذير اثرها في المجتمع. وامتدادها في الزمان والمكان وتوجيهها الاجتماعية والسياسية من خلال الحركة الاقتصادية ان الحركة التي ما تزال تعتمد في نشاطها على اسهامات افرادها وتضحيات اعضائها هي حركة مهما ظنت انها متسعة محدودة جدا حجما واثرا. ان التجزير الاقتصادي للحركة يعني امتدادها في المجال الاقتصادي الضخم استثمارا واستيعابا فاما الاستثمار فهو انشاء المشاريع والاسهام فيها ولو بالقليل في البداية ورعاية ذلك وتنميته. واما الاستيعاب فهو العمل الجاد على مد ظلال الدعوة الى كبار المستثمرين وارباب الاموال. وكذا اطر الشركات ومستخدميها. وهذا يؤدي اذا احسن الى ضمان استقرار اقتصادي للدعوة. وتمكينها من التأثير الاجتماعي والسياسي من خلال البوابة الاقتصادية. وسواء كانت حركة التنظيم هي المالكة لهذه المنشآت الاقتصادية او تلك او كانت الدعوة كتدين هي المالكة لها. فان المآل في نهاية المطاف واحد هو القوة الاقتصادية في مواجهة الفجور السياسي. والذي يدرك ما للاقتصاد من اثر خطير في التوجيه الاجتماعي والسياسي يعلم جدية هذا الكلام واثره الكبيرة في حسم المعركة لصالح التدين ان الامن الاقتصادي يحقق طمأنينة للعمل الدعوي تضمن له الامتداد في الزمان والمكان. وتشعره بالتجذر القوي في المجتمع. ومؤسسه وعدم ذلك كله يجعل العمل الاسلامي قلقا مضطربا. يكفي تأخير الحوالات اعضائه شهرا واحدا في الاجهاز عليه. ومعلوم ان الغالبية من اعضاء التنظيمات الاسلامية رجال تعليم او موظفون صغار او متوسطون او مهنيون او طلبة عاطلون وقليل من شذ منهم عن هذه الدوائر ان الامن الاقتصادي في ظل الاستقرار شرط لكنه هو نفسه مشروط وشرطه هو الشرط الاول الامن السياسي. فلامكان للحديث عن ما ذكرناه من تجذر اقتصادي الا في ظل استقرار سياسي للعمل الاسلامي. لان المعلومة في السياسة والاقتصاد كليهما ان عدم القرار السياسي مؤد الى عدم الاستقرار الاقتصادي. والعكس صحيح. ان المال والاستثمار ينفران من كل الظروف السياسية وحكم الحركة على نفسها بالبقاء في قفص الاتهام السياسي. هو حكم عليها بالحصار الاقتصادي ايضا. وهو ما يحرمها اداة واي اداة من كبريات التقنيات للتأثير الاجتماعي والسياسي والعمل الاجتماعي الخيري الذي لا تغطيه رؤوس اموال قوية وامدادات حية هو عمل ميت. وكذا الدعوة التي لا تملك قوة قضية محترمة في المجتمع لن تتمكن من حسم المعركة في اطار التدافع المذهبي والايديولوجي والسياسي الا في حدود محدودة من هنا ترابط الشرطان الامن السياسي والامن الاقتصادي لتوفير المناخ الصالح لامتداد حركة التدين في المجتمع وتمكنها من رسم اللون المختار لتوجهه المؤسسي والبشري على السواء خاتمة وبعد فقد تبين ان العمق الاستراتيجي للدعوة والعمل الاسلاميين انما هو تدين المجتمع. كما تبين ان اخطر ما يهدد ذلك هو وموجة الفجور السياسي المنظم والمسلط على الامة عبر مؤسسات واحزاب وحكومات وظواهر اجتماعية مصنوعة ومدعومة الا ان الحركة الاسلامية بالمغرب وهي تقف ازاء ذلك كله تعاني من اضطراب في الفهم او في الوجدان النفسي او في طرائق التخطيط تنزيل او في ذلك كله جميعا والحركة الاسلامية بجميع اصنافها الاحتجاجية والاستيعابية هي حركة تدافعية بالمعنى القرآني للكلمة. من قول الله عز وجل ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض التدافع اذا هو القاسم المشترك لشتى التنظيمات والتصورات الاجتهادية في المجال الدعوي. لكن حصول ذلك في اطار ما اشرت اليه من نقص مخل في ميزان القوى وشروط العمل الدعوي الموجه للفجور السياسي يجعل الحاجة ماسة الى عمل نقدي ذاتي مستعجل يمارسه الافراد العاملون والهيئات لهذه الحركة او تلك. وان حركة تعزل نفسها عن النقد الذاتي الصادر من الافراد او المؤسسات لا هي حركة قد حكمت على نفسها بالخروج من حركية التاريخ المتجددة فترى الم يأن الاوان لاعمال منطق المراجعة في الصف الاسلامي. ليس للبرامج والوسائل فحسب ولكن ايضا للمنطلقات الاجتهادية والفهوم التأويلية للاحكام والمنظومات الموجهة لهذا الاتجاه او ذاك