من كلمات ابن مسعود رضي الله عنه التي اوصى بها الناس وقد قال عليه الصلاة والسلام تمسكوا بعهد ابن ام عبد وقال رضيت لامتي ما رضي لها ابن ام عبد قال ابن ام عبد الله ابن مسعود لاصحابه انكم في زمان كثير علماؤه قليل خطباؤه. وسيأتي بعدكم زمان قليل علماؤه كثير خطباؤه. في زمن الصحابة ابن مسعود توفي سنة اثنتين وثلاثين للهجرة. قال لاصحابه ينبه ويربي انكم في زمان كثير العلماء بان الصحابة متوافرون. قليل خطباؤه في كل مسجد في كل بلد فيه مسجد واحد يخطب فيه العالم في البلد قال وسيأتيكم او وسيأتي بعدكم زمان قليل العلماء العلماء قليل تبحث عنهم وهم قليل. ولكن من الكثير؟ قال كثير خطباؤه. الخطباء هم الذين يخطبون الناس ويتكلمون فيه. فيدخل فيه خطيب الجمعة يدخل فيه المحاضر. يدخل فيه كل من يخطب يعني يلقي كلاما علنيا على مجموعة من الناس. هؤلاء الخطباء وفي هذا الزمن الخطباء على هذا المعنى كثير. ولكن العلماء كما قال ابن مسعود قليل هل يقصد ابن مسعود بهذا الكلام ان يثقف اصحابه ثقافة مجردة عن العمل؟ يعني الان انتم في زمن ما كثير والخطباء قليل وسيأتي زمن الخطباء كثير والعلماء قليل هكذا معلومة ليس وراءها عهد ولا وراءها ولا ورائها وصية حاشا وكلا. فابن مسعود هو العالم الداعي المربي. قال هذه الكلمة ليحذر الناس عن الابتعاد عن طريق اهل العلم واتيان طريق الخطباء. لان في زمنه العلماء كثير ولكن الخطباء قليل. واما في الزمن الذي يكون بعد زمنه سيأتيكم زمان قليل علماؤه كثير خطباءه. وقد قال عليه الصلاة والسلام خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم فذكر ثلاثة قرون. وقال لا يأتيكم زمان الا والذي بعده شر منه. حتى تلقوا ربكم وثبت عنه عليه الصلاة والسلام انه ليلة عرج به الى السماء رأى اقواما من امته يقرض تقرض شفاههم ويعذبون ففزع عليه الصلاة والسلام وقال لجبريل يا جبريل من هؤلاء؟ قال هؤلاء خطباء امتك الذين يقولون ما لا يفعلون. ولهذا تجد ان اثر الكلام اليوم اثر في النفوس قليل لما؟ لانه كما قيل اذا قدر الكلام من موفق مخلص دخل القلوب باذن الله. واما اذا صار رياء وسمعة فانه للذة لا يجاوز الاذان. يستلم كلام طيب وجميل ما شاء الله وعجيب ولكن هل اثر في حياة الناس هل اثر دخل في القلوب؟ ما دخل ولا اثر. كثير اليوم نحضر في خطب الجمعة ويأتي امر ونهي وتذكير عظيم. لكن هل فزع الناس من هذا التذكير هل قبلوا؟ هل قليل من يقبل؟ والاكثرون لا يقبلون؟ ومن اسباب ذلك اشياء راجعة الى الى الخطيب ومنها اسباب راجعة الى المستمع. فما المخرج؟ وصية ابن مسعود وعهده ان تهتم بالعلماء وان تذر الخطباء. يعني ان التوجيه والعهد والوصية والعلم تأخذ من اهل العلم لكن الخطباء هؤلاء كثير ولكنهم غير العلماء. العالم موصوف بالعلم والخطيب موصوف بالخطابة ولما غاير بين الخطباء والعلما دلنا على انه يريد العلما غير الخطباء. واذا نظرنا الى هذا الكلام وتأملنا الواقع اليوم وجدنا ان سماع الناس لكلام الخطباء اكثر من سماعهم لكلام العلماء ولهذا قد يغفل ان قد يغفل الناس عن السنة من جراء ذلك. فان اهتمام العالم في البيان غير اهتمام الخطيب. واثر العالم في النفس غير اثر الخطيب. لان هذا وريث النبي صلى الله عليه وسلم اعني العالم واما الخطيب فهو وريث الخطباء. اذا كلمة ابن مسعود هذه توجيه الى ان يكون اهتمام العبد الذي يطلب نجاته باهل العلم. لا بالخطباء الذين يحاضرون ويلقون او يعلمون او يخطبون الجمع او الى اخره فان هؤلاء ان كانوا علماء فعليك بهم وان كانوا ليسوا بعلماء فاحذر واعرض كلامهم على اهل العلم. فما كان من حق فيه فيقبل وما كان من باطل فيه فيرد لان الذين ورثوا النبوة انما هم العلماء وليسوا الخطباء