الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ وليد بن راشد السعيدان حفظه الله. يقدم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يقول السائل احسن الله اليك عنده اشكال ويريد ازالته. يقول اذا يقول عند اهل السنة والجماعة ان منه ما هو شرعي ومنه ما هو كوني وان الشرعي يحبه الله ويرضاه. وقد يقع وقد لا يقع. واما الكوني منه وما هو محبوب ومنه ما هو مكروه وانه واقع لا محالة. والاشكال عنده يقول اذا كان واقع لا محالة افلا يكون ذلك جبرا الحمد لله الحمد لله رب العالمين وبعد المتقرر عند العلماء في باب القضاء والقدر وجوب التسليم والايمان والاذعان لله عز وجل وقضائه وقدره ولا يجوز للانسان ان يخاصم الله عز وجل في قدره مطلقا. يقول الله عز وجل ان كل شيء خلقناه بقدر ويقول النبي ويقول الله عز وجل وكان امر الله قدرا مقدورا وفي صحيح الامام مسلم من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم كتب الله مقادير الخلائق قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة؟ قال وكان عرشه على الماء وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم كل شيء بقدر الله حتى العجز والكيس وفي الصحيحين من حديث علي ابن ابي طالب رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ما منكم من احد الا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من قالوا يا رسول الله افلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ فقال اعملوا فكل ميسر لما خلق له وفي صحيح وفي الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم كتب على ابن ادم حظه من الزنا مدرك ذلك لا حالة الحديث بتمامه وفي مسند الامام احمد وجامع الامام الترمذي من حديث ابن الديلمي قال وقع في قلبي شيء من القدر. فاتيت ابي بن كعب رضي الله عنه فقلت انه قد في قلبي شيء من القدر فحدثني لعل الله عز وجل ان يذهبه عني. فقال له ابي رضي الله عنه لو ان الله عذب اهل سماواته وارضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم. ولو رحمهم كانت خيرا لهم. ولو انفقت مثل احد ذهبا ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر. وتعلم ان ما اصاب لم يكن ليخطئك. وما اخطأك لم يكن ليصيبك. ولو مت على غير هذا لدخلت النار. قال ثم ما اتيت عبدالله بن مسعود فحدثني مثل ذلك. ثم اتيت حذيفة ابن اليمام فحدثني مثل ذلك. ثم اتيت زيد ابن ثابت فحدثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك وهو حديث صحيح وهذه الشبهة التي وقعت في قلبك يزيلها الله عز وجل عنك بالايمان وحسن الظن بالله عز وجل وبالعلم الشرعي النافع المؤصل على الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح. فمثل هذه الشبهة لا تأتي على قلب احد الا بسبب قلة علمه او سوء ظنه في الله عز وجل. فمتى ما كملت مراتب العلم لا سيما في باب القضاء والقدر. وآآ نظمت وعظمت الله عز وجل باحسان الظن فيه فانه لا يمكن ابدا ان يجد ابليس قلبك موضعا صالحا لنفخ هذه الشبهة فيه وانا ساقول لك كلاما بعد هذه النصوص لعلك ان فهمته يزيل الله عز وجل عنك هذه الشبهة فاقول وبالله التوفيق يا اخي من الذي قدر لك ان تصلي؟ اوليس هو الله؟ الجواب بلى. فصلاتك واقعة بقدر الله عز وجل الكوني. لان لما وقعت وصدرت منك علمنا ان الله قدرها في كونه فهل انت مستحق على على الاذابة؟ الجواب نعم. لان الله قد وعد من صلى بكمال الشروط وانتفاء الموانع انه سيثيبه على صلاته. هل ستقول في هذه الحالة بانني مجبور على الصلاة؟ الجواب لا. لانها في بامر طاعة. ولو انك اخرجت زكاة ما لك فمن الذي قدر عليك ولك في كونه بقدره الكوني. ان تخرج الزكاة اوليس هو الله؟ فهل ثمة احد يقول ان هذا ان الله قد جبرني على الزكاة؟ الجواب؟ لا. ولو انك تأملت في سائر افعال الطاعة التي يوقعها الناس في ارض الله عز وجل. فهل اوقعوها تقديرا من عند انفسهم ام ان الله هو الذي قدر وقوعها في ارضه؟ الجواب بل الله هو الذي قدرها في قدر وقوعها في ارضه. اوليس ناس يستحقون الثواب عليها؟ الجواب بلى. لان الله وعدهم بالثواب والله لا يخلف الميعاد. فهل احد يقول كيف يا ربي تأمرني بالصلاة وتقدر ان تقع مني في كونك ثم تثيبني عليها؟ الجواب لا احد يقول ذلك مطلقا. فاذا لا نجد احدا يتكلم في باب الطاعات بمثل هذا الكلام في باب السيئات فاذا فعل الانسان شيئا من المعاصي فيقول يا ربي كيف تقضيها علي ثم تعاقبني؟ ولكن لا نسمعه يقول يا ربي كيف تقدر لي الصلاة ثم تثيبني عليها؟ فالناس لا يحتجون بالقضاء والقدر في مسائل الطاعات ابدا. ولكن دائما حجتهم بالقضاء والقدر فيما يبعدهم عن الله عز وجل. فالذي قدر على الزاني زناه فعاقبه عليه هو الذي قدر على المصلي صلاته فاذابه عليها. فكما ان تقدير الصلاة للمصلي لا يمنع ثواب الله عز وجل لمن صلى كذلك وقوع الزاني في الزنا بقدر من من الله لا يمنع الزاني عقوبة الله عز وجل وحلول سخطه به. فهذا كله بقضاء الله عز وجل وقدره فالصلاة وقعت بقضاء الله الشرعي لانه يحبها وبقضائه الكوني لانها وقعت في كونه. ومع ذلك فالعبد مستحق لاثابة الله عز وجل عليها. والله عز وجل يبغض الزنا في ارضه. ولكنه قدر فعل واراده كونا لا شرعا من الزاني. فالزاني مستحق لعقوبة الله عز وجل. فكما ان ثوابه تكون لمن اطاعه في ارضه بقدره فكذلك عقوبته يستحقها من عصاه بقدره في ارضه. فلا تفرق بين البابين هداك الله لانك متى ما وقعت في التفريق بين البابين فان الشبهة قد تقع فان الشبهة لابد وان تقع لك. فلو تأملت في احوال الناس لما وجدتهم يحتجون بالقضاء والقدر في امور في امور في امور الدنيا ابدا. وانما دائما يحتجون بها في في الامور التي تبعدهم عن الله عز وجل. فلا تجد احدا يحتج بالقضاء والقدر في الطاعات. فاذا قيل للمصلي ما شاء الله انت من زمن طويل وانت تحافظ على الصلاة لنسب ذلك الى نفسه والى تقواه والى محبته للخير وقليل منهم يقول ان الله قدر علي هذه المحافظة لكن ما ان يقع احدهم في شيء من الذنوب والمعاصي الا ويبادر بان الله قد قدرها فكيف يقدرها عليه ويعاقبه عليها ولم يسأل نفسه وكيف يقدر الله له الصلاة ثم يطالب ربه بعد ذلك ثوابه على صلاة في اثابته على صلاته. بل اننا لو ابعدنا اكثر من ذلك لقلنا. من الذي قدر وجود الاولاد بين الزوجين اوليس هو الله؟ الجواب بلى. فهل يجوز للانسان ان يعتمد على قضاء الله وقدره ولا يتزوج ويقول لو ان الله قدر لي ان يكون لي ولد فسيكون لي ولد بلا سبب؟ هل يقبل هذا الكلام من احد فيما لو قاله؟ الجواب لا ولو ان الانسان جلس عن طلب الوظيفة وقال ان الراتب بيد الله عز وجل وقضائه وقدره. فاذا اراد الله ان ينزل الراتب في في اخر الشهر لنزل من غير كدا ولا نصب ولا تعب ولا نصب. هل يقبل هذا الكلام منه؟ الجواب لا. وبناء على ذلك فاننا نعلم بهذا التخريج والتقرير ان ما يلقيه الشيطان من شبهة الجبر على المعصية ومن شبهة نسبة الله عز وجل للظلم وسوء الظن. انما هي نفخة ابليسية ينفخ بها ابليس من كيره الخبيث في قلبه المؤمن حتى يسيء علاقته مع ربه ويشككه في حكمة الله عز وجل وفي رحمته. ولذلك لا تجد الاحتجاج بالقدر غالبا بل كلا الا فيما يقطع الطريق فيما بين العبد وبين ربه وهو في باب ما يبعدهم من النار. عفوا في باب ما يباعدهم من الجنة. ويقربهم من النار. فاذا نعم الله شرعي وكوني؟ نعم. والشرعي يحبه الله والكوني قد يحبه وقد لا يحبه. كل هذا صحيح والكوني واقع لا محالة. واذا اراد الله عز وجل وقوع شيء من قضائه وقدره في كونه فلا لقضائه ولا معقب لحكمه فاذا كان ذلك من جملة ما يحبه الله ويرضاه. فالعبد مستحق لاذابة الله. واذا كان فيما يبغضه ويأباه فالعبد مستحق لعقوبة الله. فكما تقول في الطاعة قله في المعصية اذ كلها اذ تكون بقضاء الله وقدره. ولعلك اذا تدبرت هذا الكلام واعدت سماعه يزول ما في قلبك من هذا الوهن الايماني في باب القضاء والقدر والله اعلم