الحمد لله رب العالمين انعم علينا بالنعم الجزيلة ووافانا بالخيرات العديدة نحمده ان هدانا لدين الاسلام ووفقنا لاداء اركانه العظام واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فان من فضل الله عز وجل علينا ان جعلنا من اهل هذا الدين القويم دين الاسلام وجعلنا من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم فبذلك تحصل مرضاة رب العزة والجلال وبسلوك هذه السبيل ينجو العبد من نار جهنم ويكون ذلك من اسباب سعادته دنيا واخرة فان هذه الشريعة المباركة شريعة كاملة ما تركت فعلا من افعال البشر الا وجاءت فيه بحكم واضح صريح وما تركت بابا من ابواب الخيرات الا وجاءت بالحث عليه والترغيب فيه وما من باب شر الا وجاءت بالتحذير منه وبيان سوء عاقبته دنيا واخرة والنصوص الشرعية الدالة على كمال هذه الشريعة متعددة كثيرة ووردوا منها قوله جل وعلا ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء فهذه هي الشريعة وهذا الكتاب قد بين احكام افعال العباد وقال جل وعلا اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا فمن مقتضى كمال هذه الشريعة الا تترك فعلا من افعال الخلق الا وقد جاءت ببيان حكمه والتعريف بالواجب تجاهه ومما جاءت به الشريعة من الاحكام ان نظمت المعاملات المالية وبينت حكم الله عز وجل فيها كان الاصل في الشريعة في هذا الباب ان بينت ان الاموال وسائل لتحقيق اهداف وغايات وليست مراده لذاتها بل يراد منها ان يعبد الله جل وعلا بها فليست مقصودة لذاتها وحينئذ على الانسان ان يستشعر ان الاموال والنقود انما هي وسائل تحقيق اهداف ومقاصد وقد جاءت الشريعة ببيان ان هذا المال متى صلحت نية العبد فيه انتفع به في الدنيا والاخرة. ومتى فسدت نيته فيه كان وبالا عليه في الدنيا والاخرة قال الله جل وعلا وما اموالكم ولا اولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى الا من امن وعمل صالحا فاولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات امنون فمن كان من اهل الايمان والعمل الصالح انتفع بماله وولده وقربه ذلك عند الله زلفى ومثله في قوله تعالى يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم فدلت هذه الاية على ان من اتى بالقلب السليم وهو الذي ينوي عبادة الله بما الله فانه ينتفع بماله وولده يوم القيامة لانه قد عمل فيه مقتضى شرع رب العزة والجلال وفي مقابل هؤلاء يقول الله تعالى فلا تعجبك اموالهم ولا اولادهم فلا تعجبك اموالهم ولا اولادهم انما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق وهم وهم كافرون ولذلك على الانسان ان يستشعر انه متى قام بشرع الله وعمل بدينه القويم واتبع الهدي النبوي الكريم تعد في الدنيا والاخرة. وكان ذلك من اسباب استقرار نفسه وطمأنينتها. ومن اسباب ومن اسباب جلب الخيرات له في الدنيا والاخرة فعندما قال رب العزة والجلال الا بذكر الله تطمئن القلوب لم يكن هذا خاصا بذكر اللسان بل شمل طلب العلم وشمل ايضا البحث عن حكم الله في النوازل. لانه من ذكر الله جل وعلا وقد قال تعالى مبينا ان من تمسك بشرعه وسار على هديه افلح في الدنيا نجح فيها ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب. ومن يتوكل على الله فهو حسب ان الله بالغ امره قد جعل الله لكل شيء قدرا وقال تعالى من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة لنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون وقال جل وعلا قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين امنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة خالصة يوم القيامة ولذلك على الانسان ان يتفكر في سنن الله في الكون وطريقته في تحقيق العواقب للناس. فما هي عواقب الامور عندما يتمسك بشرع الله العواقب تكون سعادة الدنيا والاخرة. ووفور نعم الله على العبد اذا تقرر هذا فان مما جاءت بالشريعة جاءت بتنظيمه وترتيبه ما يتعلق بالمعاملات المالية. فان الشريعة قد جاءت فيها باحكام وقواعد تنتظم جميع افعال المكلفين. ما من واقعة تقع على العباد الا وفي شرع الله حكم لها وبيان الطريقة الصحيحة للخروج فيها باحسن الاحوال وافضل الطرائق اذا تقرر هذا فان القاعدة في الشريعة على الصحيح من اقوال اهل العلم ان الاصل في العقوق هو الحل والجواز والصحة واللزوم وذلك ان الشريعة قد جاءت ببيان ضوابط المعاملات بحيث اذا وجد شيء من العلل والمعاني التي منع الشرع منها وجب التوقف. واذا لم توجد تلك العلل فالاصل هو الحل والجواز ولهذا ايضا جاءت النصوص الشرعية بوجوب الوفاء بالعقود ولزوم هذه العقود الله جل وعلا في اوائل سورة المائدة. يا ايها الذين امنوا اوفوا بالعقود وقد امر الله عز وجل بالوفاء بالعهود ومن العهود ما يجريه الناس فيما بينهم من العقود وقال جل وعلا يا ايها الذين امنوا لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل الا ان تكون تجارة عن تراض منكم فاجاز التجارة واحلها مما يدل على ان الاصل في المعاملات المالية هو الحل وهكذا قال الله جل وعلا واحل الله البيع فدل هذا على ان الاصل في المعاملات هو الحل والجواز بل ان الله جل وعلا قد جعل هذه التجارات فضلا منه سبحانه وتعالى. ومنة ونعمة. كما في قوله تعالى ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم فاذا افظتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام الاية. ففي هذه الاية اية بيان جواز ان يتاجر العبد في مواسم الحج وانه لا حرج عليه في ذلك وفيها تسمية هذه التجارة فظلا لانها نعمة من رب العزة والجلال وقد ورد في الصحيح من حديث ابن عباس رضي الله عنهما انه قال كانت عكاظ ومجنة و مجاز اسواقا للعرب في الجاهلية. فلما جاء الاسلام تحرجوا من تحرجوا من التعامل بها. فنزل قوله تعالى ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم قال اي في مواسم الحج هكذا قال الله جل وعلا علم ان سيكون منكم مرظى واخرون يظربون في الارض يبتغون من فظل الله فكان في اول الاسلام يجب على اهل الاسلام ان يصلوا صلاة الليل فخفف الله عز وجل عنهم وجعل من اسباب التخفيف ان بعض هذه الامة سيتاجرون ويبتغون من فضل الله وهكذا في قول الله جل وعلا كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ان ترك خيرا الوصية فجعل المال وما يخلفه الانسان خيرا. مما يدل على ان الاكتساب و اجراء العقود المالية من الامور التي يرغب فيها وحينئذ قد يقول قائل اين ما تذكرونه من الزهد وما ترغبون فيه فيقال بان الزهد ليس المراد منه ان تترك الدنيا. وان يترك الاكتساب. وانما بان يستعمل الانسان الدنيا فيما ينفعه في الاخرة. فهذا هو المعنى الصحيح من معاني الزهد وليس الزهد بترك الدنيا وانما الزهد باستعمالها فيما ينفع في الاخرة. ولذلك وجدنا ان انبياء الله عليهم السلام يكتسبون فقد ذكر من مهنهم واعمالهم ما يدل على ان طريقتهم هي الاكتساب فكان نوح نجارا حتى نجر السفينة وهذا موسى لما قدم الى مدين عمل السنين العديدة في في الزراعة وكان ذلك بمقابل ما يأكله وما يتزوج به. وهكذا كان داوود عليه السلام يأكل مما كسبت يده ولم يكن من شأن داود وسليمان عليهما السلام ترك الزهد بل مع ما كان عندهما من الدنيا العظيمة والخيرات الوفيرة فهم من سادات الزهاد وهكذا اذا نظرنا في احوال صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم وجدنا انه دخلوا في ابواب التجارات وعملوا بها واكتسبوا الاموال العظيمة وانفقوها في الخيرات. فهذا عثمان رضي الله عنه في يوم العسرة تصدق بسبعمائة ناقة باحلاسها وعتادها وهذا عبدالرحمن بن عوف كان من اصحاب الاموال وقد اتاه الله جل وعلا مالا وفيرا ومع ذلك هو من العشرة المبشرين بالجنة ولذلك نجد علماء الاسلام وائمة الهدى لا زالوا يشتغلون بانواع التجارات يستغنون بذلك عن سؤال الناس ويكون ذلك من اسباب قدرتهم على طاعة الله جل وعلا في النفقة على انفسهم والنفقة في سبل الخير وقد جاء في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال دينار انفقته على نفسك ودينار وقته في سبيل الله ودينار اعطيته مسكينا. خير ذلك الدينار الذي انفقته على نفسك اذا تقرر هذا المعنى فان مما جاءت به الشريعة تنظيم ما يتعلق بامور المصارف فان النبي صلى الله عليه وسلم كان كان يتقبل الودائع التي تعطى له حتى انه يوم الهجرة وكانت قريش قبل الربويات. فاول هذه الاصول الذهب والفضة. وقد اختلف العلماء في العلة التي من اجلها ثبت الربا في الذهب والفظة فذهب الامام ابو حنيفة الى ان العلة في ذلك هي الوزن في الجنس. وهو رواية عن الامام احمد صلى الله عليه وسلم يأتمنونه على اموالهم ويضعون ودائعهم عنده ويسمونه الامين فكان مثل هذا دليلا على وجود او على صحة ومشروعيتي ان يوجد من يحفظ اموال الناس وودائعهم وقد اثر عن عدد من الصحابة كالزبير رضي الله عنه انه كان يأخذ اموال الناس التي يودعونها لديه ويشترط عليهم انها قرض ويشترط عليهم انها قرظ ليظمنها عند تلفها. وكان بها ويتجر ومثل هذا دليل على وجود اصل معنى المصارف في تلك العصور الاولى اذا تقرر هذا فان المصرفية مأخوذة من المصرف وهي في الاساس يرى مع وهي في الاساس يراد بها صرف النقود بمعنى استبدال بعضها ببعضها الاخر مبادلة النقد بالنقد يقال لها صرف. ولذلك سمي سمي البنوك مصارف. والاصل في كلمة المصرف انها مأخوذة من مقابلة الشيء بالشيء. ولذا قال صلى الله عليه وسلم لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا وذلك ان وذلك ان القاتل كان يقال له في الزمان السابق مثل هذه الكلمة. لا يقبل منه صرف ولا عدل. فالصرف الدية لانها مال يدفع والعدل المراد به اجراء القصاص بقتل واحد مقابل واحد. هذا اصل اطلاق هذه اللفظة ثم اطلقت في على سبيل المثل في كل امر لا يقبل من الفاعل فيه ما فعله اعتذارا ومحاولة رد الامر على ما هو وعليه اذا تقرر هذا فان المصرفية الاسلامية يراد بها الظوابط الشروط الشرعية التي جاءت في المعاملات البنكية والمالية فان الشريعة قد جاءت بمشروعية التجارة وجواز ذلك. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه اجاز لاصحابه الدخول في باب التجارة واذا تقرر هذا فان كما تقدم ان الاصل في المعاملات هو الحل والجواز الا انه قد منع الشارع من عدد من المعاملات بسبب وجود عدد من المعاني التي جاءت الشريعة بتحريمها والمنع منها ومن امثلة ذلك الربا من امثلة ذلك الغش ومن امثلة ذلك الاحتيال واكل اموال الناس بالباطل و من امثلة ذلك ايظا التصرف في اموال الاخرين. ولعلنا ان شاء الله تعالى في هذه اللقاءات ان نتعرض لشيء من المعاملات المصرفية لبيان الحكم الشرعي شرعي فيها ولبيان الطريقة الشرعية للتخلص من الممنوعات في هذا الباب واول ما نعرضه في هذا الباب ما يتعلق بامر الربا والمراد بالربا في لغة العرب الزيادة المراد بالربا في لغة العرب الزيادة. يقال ربى بمعنى زاد يقال ربى بمعنى زاد والربا يراد به في الاصطلاح الشرعي الزيادة في اموال مخصوصة على طريقة مخصوصة قد جاءت النصوص بالمنع من الربا وبيان انه من الكبائر ومن عظائم الذنوب ومن ذلك قوله تعالى يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا فان لم تفعلوا فاذنوا بحرب من الله ورسوله. وان تبتم فلكم رؤوس اموالكم لا تظلمون ولا تظلمون وقال جل وعلا يا ايها الذين امنوا لا تأكلوا الربا اضعافا مضاعفة. واتقوا الله لعلكم تفلحون. واتقوا النار التي عدة للكافرين وقال جل وعلا الذين ياكلون الربا لا يقومون الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بانهم قالوا انما البيع مثل الربا واحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فلهما سلف وامره الى الله. ومن عاد فاولئك اصحاب النار هم فيها اخالدون يمحق الله الربا ويربي الصدقات يمحق الله الربا ويربي الصدقات واذا تقرر هذا المعنى فان النصوص النبوية قد جاءت مؤكدة للنصوص القرآنية في تحريم الربا وبيان وبياني انه من الكبائر فقد جاء في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اجتنبوا السبع علم الموبقات وذكر منها اكل الربا وجاء في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لعن الله اكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه والنصوص التي جاءت بتحريم الربا كثيرة. متعدد عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد جاء في النصوص بيان ما هو الممنوع في هذا الباب؟ وما هي انواع الربا والناظر في النصوص يجد ان الربا الذي وردت الشريعة بتحريمه ينقسم الى اقسام اولها ربا الفضل والمراد به بيع ربويا ربوي من جنسه احدهما زايد عن الاخر والمراد بالربوي كل سلعة وجدت فيها علة الربا فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير الشعير والتمر بالتمر والملح بالملح ربا الا هاء وهاء فهذا الحديث الذي اخرجه مسلم من حديث عبادة ابن الصامت رضي الله عنه ذكر اصول وذهب طائفة الى ان العلة في هذا الباب هي الثمنية في الجنس كما هو المأثور عن الامامين الشافعي ومالك. والقول الثالث يقول بان العلة هي مطلق الثمنية. وهذا رواية عن الامام احمد واختارها جمع من اهل العلم ولعل هذا القول هو اظهر الاقوال في هذا الباب. وذلك ان مقصود الشرع من منع الربا في الذهب والفظة ان لا تتحول النقود التي هي وسيلة والاكتساب الى ان تكون سلعة مقصودة بذاتها يجري فيها الترابي بين الناس وعلى هذا فان كل امر يجعله او كل سلعة يجعلها الناس ثمنا لغيرها فانه يجري فيها الربا. ومن امثلة ذلك النقود الورقية ومن امثلة ذلك النحاس والمعادن التي تجعل نقودا تشترى بها الحوائج اذا تقرر هذا فان السلع الاربع الاخرى المذكورة في الحديث السابق ايظا لها علة لا لابد من ملاحظتها عند تطبيق احكام الربا في البيوعات وقد قال الامام ابو حنيفة والامام احمد بان العلة فيها هي الكيل او الوزن وذهب الامام الشافعي الى ان العلة فيها هي الطعم. وذهب الامام مالك رحمه الله الى ان العلة فيها هي القوت والادخار وعلى ذلك يترتب تطبيقات متعددة على هذا الاختلاف والاظهر ان النصوص قد دلت على ان الطعم مؤثر في جريان الربا وان الكيل والوزن ايضا مؤثر فيها. ولذلك فان الصواب ان العلة في السلع الاربع هي الكيل والوزن مع الطعم. فان النصوص قد دلت الاعتبار الامرين فلا سبيل الى الغاء احدهما اذا تقرر هذا فاننا نعلم ان العلل الربوية ثلاث اولها الثمنية وثانيها الكيل مع الطعم وثالثها الوزن مع الطعم فاذا تقرر هذا فحينئذ نطبق ظابط ربا الفضل الذي ذكرته قبل قليل حيث كنا في ظابطة بيع ربوي والربوي ما ان يكون ثمنا واما ان يكون مطعوما مكيلا او موزونا مكيلا او موزونا مطعوما اه فكل سلعة وجدت فيها احدى هذه الصفات الثلاث فهي من السلع الربوية قال بيع ربوي بربوي من جنسه احدهما متفاضل والمراد بالجنس كل سلعة يطلق عليها اسم واحد تستقل به فانها تكون جنسا واحدا ومن امثلة ذلك التمر فانه انواع متعددة لكنه جميعا يطلق عليه اسم التمر ولذلك كان جنسا واحدا وهكذا ايضا فيما يتعلق فيما يتعلق ببقية السلع اذا تقرر هذا فنورد امثلة لربا الفضل المثال الاول لو باعه الفا صاع من التمر من نوع الخلاص في مقابلة خمسين صاعا من تمر السكري. فهنا حصل بيع ربوي لان التمر من السلع الربوية لانه ومكيل مطعوم بربوي من جنسه. فان الاخر تمر ايضا. اطلق عليه نفس الاسم ربوي من جنسه احدهما متفاضل. فكان ربا الفضل يجري فيه وقد جاء في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قدم له تمر من النوع الجيد. فقال اكل تمر خيبر مثل هذا؟ قالوا لا يا رسول الله. انا نبيع الصاعين من الجنيب بالصاع من هذا. فقال النبي صلى الله عليه عليه وسلم عين الربا وقد حكي عن بعضهم انه قصر الربا على النسيئة ولم يرى جريان الربا في الفضل واستدل على ذلك بحديث اسامة انما الربا في النسيئة. ولكن هذا الحصر لا يراد به حصر الربا بجميع انواعه. وانما اراد به الحصر اه وانما اراد به الحصر التعويظي بحيث يراد بهذا الحديث الربا الكامل او الربا عظيم الاثم او نحو ذلك اعمالا للاحاديث الاخرى التي اثبتت جريان الربا في احوال الفضل الصواب ايضا ان ما ورد من السلع التي يجري الربا فيها ليست مقصودة لذاتها. وان كل ما ماثلها فانه يأخذ حكمها كما قال به جماهير اهل العلم خلافا لاهل الظاهر. وذلك ان الشريعة عادلة ومن عدلها انها تسوي بين المتماثلات. فما كان من السلع مماثلا للمذكور في الحديث فانه يأخذ حكمه في جريان الربا فيه والنوع الثاني من انواع الربا ربا النسيئة ربا النسيئة والمراد بربا النسيئة بيع ربوي بربوي يشاركه في العلة احدهما مؤجل بيع ربوي بربوي يماثله في العلة احدهما مؤجل وقد تقدم معنا ان الربويات على ثلاثة انواع الاثمان والمطعومات المكيلة والمطعومات الموزونة فاذا وجد سلعتان يشتركان في علة واحدة حرم النسأ بينهما ومن امثلة هذا ما لو باع ذهبا بفضة فان الذهب ربوي والفضة ربوي وهما ليس من جنس واحد وانما اشتركا في العلة وهي علة الثمنية مثال اخر اذا باعه برا مقابل تمر فمؤجل فحينئذ يجري ربا نسيئة في ذلك. لماذا؟ لان التمر ربوي علته الكيل والطعم والبر ربوي علته تماثل علة التمر. فحينئذ قلنا بان ربا النسيئة يجري فيهما لكن لو باع تمرا بذهب احدهما مؤجل فانه لا يجري فيه ربا نسيئة ماذا؟ لان العلة بينهما مختلفة. ومن شرط ربا النسيئة اتحاد السلع في علة الربا ولذلك جاء في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الفظة بالفظة الا مثلا بمثل. فاذا اختلفت الاصناف تبيع كيف شئتم اذا كان يدا بيد. فاذا اختلفت الاصناف فباختلاف اجناسها وكانت العلة بينها واحدة حرم التأجيل فيها لانه يكون من ربا النسيئة لانه يكون حينئذ من النسيئة. وليعلم بان السلع التي لا توجد فيها العلل السابقة لا يجري فيها ربا الفضل ولا ربا النسيئة. ومن ذلك المعدودات والمزروعات فانه لا يجري فيها الربا لا ربا الفضل ولا ربا نسيئة. وذلك لانه لم يوجد فيها علة الربا ومن امثلة هذا ما لو باعه سيارة بسيارتين فان السيارة ليست مكيلة ولا مطعومة وبالتالي لا يجري فيها ربا الفضل ولا ربا فلو باعه سيارة مقابل سيارتين بعد اجل جاز ذلك. ولا مانع من وقد ورد ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يستسلف البعير بالبعيرين من ابل الصدقة وذلك ان البعير من المعدودات وليس من المكيلات ولا الموزونات وحينئذ نعلم ان السلع التي مدار البيع فيها على العدد فانه لا يجري فيها الربا اذا تقرر هذا فان النوع الثالث من انواع الربا ربا القروظ وذلك بان يقرضه بفائدة. فان القرظ في السلع الربوية فائدة نوع من انواع الربا سواء كانت الفائدة من جنس المال المقرض او من غير جنسه ومن امثلة هذا ما لو اعطاه الفا على ان يردها الفا وخمسمائة بعد سنة او سنتين فهذا ربا قرض وهو من اشد انواع الربا حرمة لكونه يجمع بين ربا الفضل وربا النسيئة ويزداد اثمه بمضاعفة بمضاعفة الزيادة عند التأخر عن السداد ربا القرض لا يشترط فيه ان تكون الزيادة من جنس مال القرظ. بل لو اشترط عليه زيادة من غير جنس مال القرظ فان الربا يجري. ومن امثلة ذلك قال له اسرفك كالف ريال تردها بعد سنة بالف ريال وعشرة صناديق من التفاح فانه حينئذ يعد من انواع الربا حتى ولو كانت الزيادة عملا او الزيادة منفعة. ومن امثلة هذا لو قال له اسلفك الف ريال. تردها بعد شهر بمثلها. ولكن تقوم بتغسيل في الاسبوع مرة. فهذا عمل زيادة على القرظ. وحينئذ يكون من ريبا باء القرظ ومثل هذا ما لو قال له خذ السيارة انتفع بها مقابل ان تقرضني الف ريال اردها الف ريال مثلها. فان هذا عظام الربا القرظ لكونه قد ارتفع فيه مقابل القرظ اذا تقرر هذا فان مما يؤكد عليه في باب الربا حرمة الاحتيال على هذا الباب فان بعض الناس قد يتعامل بشيء من المعاملات فيها حيلة ربوية يري ظاهرها موافقة الشريعة ولكن حقيقتها مخالفة الشريعة. فهذه هي الحيل محرمة لا يجوز للانسان ان يقدم عليها. وبذلك قال جماهير اهل العلم ويدل على تحريم الحيل الربوية. قوله تعالى يخادعون الله وهو خادعهم. حيث ذم الله عز وجل المنافقين بكونهم يخادعونه ومن انواع المخادعة الحيل الربوية ومما يدل على المنع من الحيل الربوية ما ورد في سورة الاعراف من قصة اهل في القرية واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر اذ يعدون اذ يعدون في البحر يوم اذ يعدون في السبت فبين الله عز وجل ان من شأنهم انهم يقومون بالتحيل على المحرم والمحظور الشرعي. فان الله منعهم من الاصطياد يوم السبت ولكنهم تحيلوا فنصبوا شباكهم يوم الجمعة واخذوها يوم الاحد وظنوا ان ذلك ينجيهم من عذاب الله فلم يكن منجيا لهم وقلبهم الله عز وجل قردة وخنازير دير ولعلنا ان شاء الله تعالى ان نتعرض لشيء من الحيل الربوية في درسنا القادم. اسأل طه جل وعلا ان يوفقنا واياكم لخيري الدنيا والاخرة. وان يجعلنا واياكم من الهداة المهتدين كما سبحانه ان يصلح احوالنا وان يدر ارزاقنا وان يبارك لنا فيما اتانا وان يجعلنا في كل امورنا كما اسأله جل وعلا ان يصلح احوال المسلمين وان يردهم الى دينه ردا حميدا جعله متمسكين بشرعه عاملين بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. الا صلوا عليه ليه؟ اللهم صل وسلم على نبيك محمد