المسمى عند الناس بجبل الرحمة فلا يشرع له ان يرقى عليه ولا ان يتكلف المجيء اليه فان هذا مما احدثه الناس من البدع. فيصح الوقوف ويثبت في اي موضع من عرفة وعرفة بحمد الله ساح في ساح تسع الناس وكل موضع منها يحصل به حصول هذا الركن العظيم وينبغي ان يجتهد الانسان في ذلك الموقف الكريم في الذكر وان يخلص في الدعاء في ذلك المقام الشريف وان يعظم الرغبة والرجاء بما عند الله عز وجل. فقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم ما من يوم اكثر من ان يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة الحج اشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا وما تفعلوا من خير يعلمه الله واتقوني بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اسعد الله اوقاتكم معشر المشاهدين والمشاهدات تبتدأ اعمال الحج ضحى يوم الثامن من ذي الحجة. وذلك ان اصحاب رسول الله صلى الله عليه اهل بالحج من البطحاء حيث كانوا نازلين بمكة. وكان اهلالهم بالحج ضحى يوم الثامن وخرجوا الى منى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلوا بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء. فكان من السنة ان يخرج الحاج الى منى ضحى يوم الثامن كما انه ينبغي للحاج ان يبادر بالاحرام بالحج في الموعد الذي عينه الله تعالى وفعله اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولذلك فائدتان احداهما التأسي باصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. والثانية ان يتلبس الانسان بهذا النسك العظيم بحيث يحسب له اجر النسك من حين دخوله فيه. بخلاف ما يفعله كثير من الناس من تأجيل التلبس بالاحرام استثقالا منهم للبس ملابس الاحرام. وهم لا يدرون انهم بذلك يفوتون على انفسهم فضلا عظيما وما مثلهم الا كمثل رجل يرقب الامام يكبر تكبيرة الاحرام حتى اذا ركع او هم بالركوع التحق به. ففاته ان يقوم معه من اول صلاته ثم تم فائدة اخرى عظيمة وهي انه لو قدر ان الانسان مات فانه يبعث يوم القيامة ملبيا وهذا امر يعرض لبني ادم بلا ريب فاذا مات الحاج وقد تلبس بالنسك بعث يوم القيامة ملبيا لقصة الرجل الذي وقصته ناقته يوم عرفة اي القته من ظهرها فاندق عنقه رضي الله عنه ورحمه فاخبر النبي صلى الله عليه وسلم انه يبعث يوم القيامة ملبيا فهذه منقبة عظيمة ولا ريب. ويسن للحاج سواء كان متمتعا او قارنا او مفردا. ان يبيت بمنى ليلة التاسع وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ان صلى الفجر بعرفة ثم مكث حتى طلعت الشمس وبعث بمن يضرب وبعث بمن يضرب قبة له بنمرة وهي على حدود عرفة فخرج النبي صلى الله عليه وسلم بعد ان طلعت الشمس حتى بلغ قبته تلك ومكث فيها. والوقوف بعرفة معشر المشاهدين شاهدات هو ركن الحج الاعظم. لقوله صلى الله عليه وسلم الحج عرفة وهذا التعبير لا يعني ان من وقف بعرفة ان ذلك يجزئه عن بقية الاركان. وانما يدل ذلك على ان الوقوف بعرفة هو اعظم اركان الحج فمن فاته الوقوف بعرفة فلا حج له ووقت الوقوف من زوال الشمس يوم التاسع الى طلوع الفجر من اليوم العاشر كل هذا زمن للوقوف وقيل بل من طلوع الشمس يوم التاسع ولكن ظاهر فعله صلى الله عليه وسلم يدل على ان وقت الوقوف من زوال الشمس فانه بابي هو وامي صلى الله عليه وسلم ظل في قبته تلك حتى اذا زالت الشمس امر بالقصواء فرحلت له حتى اتى بطن الوادي اه خطب الناس اه خطبة بليغة وصلى الظهر والعصر جمعا وقصرا وانما جمع النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر في ذلك المقام لفائدتين احداهما ان يغتنم اجتماع الناس والثانية حتى يحصل بذلك اتساع الوقت للدعاء والوقوف ومناجاة الرب عز وجل. فلاجل ذا جمع النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جمع تقديم وكان ذلك في بطن عرنة. فمن حصل بعرفة بين هذين الوقتين اعني ما بين للشمس من اليوم التاسع حتى طلوع الفجر من اليوم العاشر فقد ادرك الحج. لقوله صلى الله عليه وسلم من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد ادرك. ولقوله صلى الله عليه وسلم لعروة بن المدرس رضي الله عنه وقد اتاه حين خرج الى الصلاة بالمزدلفة من فجر يوم النحر وسأله قائلا يا رسول الله اني جئت من جبل طي اكللت راحلتي واتعبت نفسي. والله ما تركت من جبل الا وقفت عليه. فهل لي من حج فقال من شهد صلاة هذه ووقف معنا حيث ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلا او نهارا فقد تم حجه وقضى تفته رواه اهل السنن المشروع للانسان ان يبتدأ الوقوف من زوال الشمس ثم يدفع من عرفة اذا غابت الشمس وانما يقف ليلا من لم يدرك الوقوف نهارا فالمشروع ان يقف من بعد زوال الشمس الى ان يغيب القرص وتذهب الصفرة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم فانه دفع بعد ان غاب القرص وذهبت الصفرة وصار يشير الى الناس بيده رافعا بطنه كفه الى السماء ايها الناس السكينة السكينة ولا يحل لمن دخل عرفة قبل مغيب الشمس ان يخرج منها قبل ان تغرب فان فعل فان الفقهاء رحمهم الله يرتبون على ذلك دما لكونه ترك واجبا وهو البقاء في عرفة الى ان تغيب الشمس ولكن حجه صحيح. اما ان خرج ورجع قبل ان تغيب الشمس فلا شيء عليه. ومحل الوقوف عرفت وكلها الا بطن عرنة وافضله حيث وقف النبي صلى الله عليه وسلم فانه صلى الله عليه وسلم وقف عند الصخرات المفترشات خلف جبل عرفة الذي يسمى عند العرب جبل ايلال وقال صلى الله عليه وسلم وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف كما رواه ابو داوود. وفي رواية عند ابن ماجة وارفعوا عن بطن عرنة. وعرنة واد على حدود عر يقابل القادم من المزدلفة. ولا يشرع له قصد جبل ايلال وانه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما اراد هؤلاء؟ رواه الامام مسلم ايها الاخوة الكرام ايتها الاخوات الكريمات ان يوم عرفة يوم عظيم انه افضل يوم طلعت فيه الشمس. كما قال من لا ينطق عن الهوى. خير يوم طلعت فيه الشمس يوم عرفة فينبغي للمؤمن ان يتهيأ نفسيا وان يتكيف قلبه لتعظيم شعائر الله. ينبغي للمؤمن الذي اشهده الله تعالى ذلك الموقف ان يستحظر همه وقلبه ونفسه في ذلك اليوم وان يتخلص من جميع الشواغل التي تشوش عليه جمعيته. عليه ان يقبل على الله تعالى بكليته. وان يسأل الله تعالى من واسع فضله. وان يستشعر عظم هذا المقام وعظم شعائر الله تعالى فيسأل الله تعالى من خير الدنيا والاخرة ولا يدع شيئا من حاجاته الا افضى بها الى مولاه. وقد كان للسلف رحمهم الله في ذلك الموقف احوال عجيبة فمنهم من يغلب عليه الخوف ومنهم من يغلب عليه الرجاء ومنهم من يكون بينهما وهذا حال المؤمنين. فالله الله عباد الله اروا الله تعالى من انفسكم خيرا. واستشعروا عظم ذلك الموقف. واسألوا الله سبحانه وتعالى ما تحبون لانفسكم ولوالديكم ولاهليكم ولامتكم فان الله سبحانه وتعالى حيي كريم يستحي ان يرفع العبد اليه يديه فيردهما صفرا خائبتين وينبغي للمؤمن ايها الاخوة والاخوات ان يتقن الدعاء في ذلك المقام العظيم. فان عمر رضي الله عنه كان اني لا احمل هم الاجابة. وانما احمل هم الدعاء. فاذا الهمت الدعاء الهمت الاجابة وذلك ان الدعاء عبادة من اجل العبادات فقد قال ربنا عز وجل وقال ربكم ادعوني استجب لكم. ان الذين يستكبرون عن عبادتي فسمى الله تعالى الدعاء عبادة سادة بل قد جاء في الحديث الصحيح الدعاء هو العبادة. وذلك لما يظهر في الدعاء من افتقاري والاضطرار واللجئ الى الله عز وجل. ولهذا قال ربنا ادعوا ربكم ادعوا ربكم تضرعا وخفية وقال وادعوه خوفا وطمعا فعلى المؤمن ان يتكيف بهذه الكيفية التي امره الله تعالى بها. كما ان على المؤمن ان يختار من الدعاء ما كان مأثورا. فخير الدعاء ما ورد في القرآن العظيم ثم ما جاءت به السنة الصحيحة. ثم لا بأس بعد ذلك ان يدعو الله عز وجل بما احب من خير الدنيا والاخرة وان لم يكن الدعاء مأثورا. لكن لا يدعو باثم ولا بقطيعة رحم. كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ما ما لم يدعو باثم او قطيعة رحم. وعلى الداعي ان يستيقن الاجابة. ويعلم ان الله سبحانه وتعالى لا يرد فقد جاء في الحديث انه ما من عبد في الارض يدعو الله دعوة الا اعطاه بها احدى ثلاث خصال اما ان يعجل له دعوته واما ان يدفع عنه من الشر مثلها واما ان يدخرها له احوج ما يكون اليها اسأل الله سبحانه وتعالى باسمائه الحسنى وصفاته العلى ان ييسر لنا ان ييسرنا للهدى وان ييسر الهدى لنا وان يجعلنا واياكم من المقبولين والحمدلله رب العالمين فمن فرض فيهن الحج فلا وما تفعلوا من خير يعلمه الله واتقوني