الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد واحييكم اخوتي الاعزاء ارحب بكم في تذكر الايام الخالية ايام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الاجلاء نتدارس شيئا من تلك السيرة العطرة التي تعود علينا بالنفع في دنيانا واخرانا لنقتدي بها ان اكون بذلك ممن استجلب محبة الله سبحانه وتعالى. كما قال تعالى قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله نتدارس في هذا اليوم شيئا من احوالي النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه في المدينة المشرفة من تلك الوقائع ما رواه عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال بينما انا امشي مع النبي صلى الله عليه وسلم يوما في خرب المدينة. وهو يتوكأ على عسيب معه فمر صلى الله عليه وسلم بنفر من اليهود فقالوا سلوه عن الروح قال بعضهم ما رابكم منه يعني ما الذي جعلكم تشككون فيه وانتم تعلمون انه رسول الله وقال بعضهم لا تسألوه فيجيء بشيء تكرهونه؟ فقال بعضهم لنسألنه فقام رجل منهم الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ابا القاسم حدثنا ما نروح فامسك النبي صلى الله عليه وسلم فسكت عنه فلم يرد عليه شيئا وقام متوكأ على العسيب ساعة ينظر يقول ابن مسعود وانا خلفه فقلت لعله يوحى اليه فتأخرت عنه فقمت مقامي فلما نزل الوحي وانجلى عنه قال صلى الله عليه وسلم ويسألونك عن الروح قل الروح من امر ربي وما اوتيتم من العلم الا قليلا. فقال بعضهم لبعضهم الاخر قد قلنا لكم لا تسألوه فانظر الى هذه الحادثة العجيبة التي فيها ان هؤلاء كانوا يريدون ان يجيب النبي صلى الله عليه وسلم بشيء عن الروح مع ان امر الروح قد اخفاها الله عز وجل عن الناس من الوقائع التي وقعت في المدينة ان رجلا اعرابيا من اهل نجد كان ثائر الرأس يقول طلحة بن عبيد الله يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول لاختلاف اللهجات بينهم. قال حتى دنا فاذا هو يسأل عن الاسلام فقال يا رسول الله اخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة فقال النبي صلى الله عليه وسلم خمس صلوات في اليوم والليلة خمس صلوات في اليوم والليلة فسأل النبي صلى الله عليه وسلم هل علي غيرها؟ فقال صلى الله عليه وسلم لا يعني لا يجب عليك غيرها الا ان تتطوع فيه ان الواجب من الصلوات هي الخمس الصلوات فقط. فقال يا رسول الله اخبرني ماذا فرض الله علي من الصيام؟ ولم يذكر الزكاة ولعله كان من غير اهل الاموال فقال هل علي فقال يا رسول الله ماذا فرض الله علي من الصيام؟ فقال شهر رمضان قال هل علي غيره؟ قال لا الا ان تطوع يعني لا يجب عليك صيام غيره الا اذا اردت ان تتطوع فلك الحق في التطوع قال فاخبرني ماذا فرض الله علي من الزكاة فاخبره قال هل علي غيرها؟ قال لا الا ان تطوع فاخبره بيع الاسلام فقال ذلك الاعرابي والذي اكرمك بالحق لا اتطوع شيئا ولا انقص مما فرض الله علي شيئا. قال فادبر الرجل وهو يقول والله لا ازيد على هذا والله لا ازيد على هذا ولا انقص. فقال النبي صلى الله عليه وسلم افلح ان صدق او دخل الجنة ان صدق ففي هذا ان المتعين على الانسان هو القيام بالفرائض والواجبات والبعد عن المحرمات والمنكرات وهذا يجب على العبد ان يكون من اهله ولا يجوز له ان يخالف الامر في شيء من ذلك. اما التطوعات هذه التطوعات ليست بامر واجب بحيث يأثم الانسان به. ولذلك من تركه فلا حرج عليه ولا يكون ذلك من اسباب عقوبة الله عليه. لكن هذه النوافل لها ثمرات من هذه الثمرات انها تستجلب محبة رب العزة والجلال. فقد قال الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي ان احب ما عمله العباد ما افترض عليهم ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه. فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر بها ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي عليها ولئن سألني لاعطينه ولئن استعاذني لاعيذنه. الحديث ولكن هذه النوافل ايظا تكون من اسباب جبر النقص الحاصل في الفرائظ التي يؤديها الانسان من الوقائع التي وقعت في زمن النبوة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان جالسا في مجلس وحوله مجموعة من اصحابه قال عبادة ابن الصامت فدعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تعالوا بايعوني قال صلى الله عليه وسلم هو رأس الدولة في ذلك الوقت والبيعة تكون لصاحب الامامة لصاحب الدولة ليست البيعة لجماعات او غيرها. قال تعالوا بايعوني على الا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا اولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين ايديكم وارجلكم ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا طق ولا تنتهبوا ولا تعصوا في معروف جوامع متى كانت احوال الناس عليها صلحت احوالهم نهاهم عنه اولا الشرك بصرف شيء من العبادة لغير الله. ثم نهاهم عن السرقات باخذ اموال الاخرين خفية ثم نهاهم معنى الزنا وفعل الفواحش ثم نهاهم عن قتل النفس التي حرم الله سفك الدم الحرام شنيع ونهاه ما يضع من ان يأتوا ببهتان اي حديث كاذب يشترونه بين ايديهم وارجلهم ونهاهم عن قتل اولادهم ونهاهم عن النهبة وهي الاخذ امام الناس بسرعة ونهاهم عن العصيان عصيان صاحب الولاية في معروف قال فكان فيما اخذ علينا ان بايعنا على السمع والطاعة. يعني نسمع لصاحب الولاية. نسمع للامام نطيعه تقربا لله عز وجل مهما كان امرنا. ولذا قال بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا وما كرهناه حتى وفي الامور التي نكرهها ولا نرغب فيها. وعسرنا اي صعوبة الامر علينا ويسرنا اه واثرة علينا يعني ولو ترتب على ذلك نقصان شيء من الحقوق والا ننازع الامر اهله امر الولاية وامر الولايات لها اهل. قال الا ان تروا كفرا بواحا كفرا وبواحا عندكم من الله فيه برهان قال وبايعناه على ان نقول بالحق حيثما كنا ولا نخاف في الله لومة لائم. قال فمن وفى منكم فاجره على الله وله الجنة. ومن نقص كان عليه من النقصان بقدر ذلك. لعلنا نستكمل ذلك جا بعد الفاصل حياكم الله واهلا وسهلا وارحب بكم بعد الفاصل. كنا ذكرنا مبايعة عبادة ابن الصامت ومن للنبي صلى الله عليه وسلم. وكان مما يبايعوا فيه على السمع والطاعة. في منشطهم ومكرههم اه في عسرهم ويسرهم واثرة عليهم وما ذاك الا لان السمع والطاعة لصاحب الولاية سمع وطاعة لله عز وجل. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من اطاع الامير فقد اطاعني ومن اطاعني فقد اطاع الله ومن عصى الامير فقد عصاني ومن عصاني فقد عصى الله. وقد تتابعت النصوص في الامر بالسمع والطاعة لاصحاب الاية اذ بذلك تنتظم احوال الناس ويكف بعظهم عن بعظهم الاخر ويكون الناس في ولاية امنة مين؟ مستقرين وبالتالي يؤدي بهم ذلك الى ان يعملوا وان ينتجوا وان يتمكنوا من عبودية الله عز وجل وان يتعلموا العلوم النافعة. قال فمن وفى بذلك فاجره على الله. ومن اصاب من ذلك شيئا يعني فخالف ما بايع فعوقب في الدنيا فهو كفارة له وطهور. ومن اصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله هو عليه فهو الى الله ان شاء عفا عنه وان شاء عاقبه. قال فبايعناه على ذلك. فهذه وقائع من وقائع احوال الصحابة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم. ومن الوقائع ما ذكره سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رهط فاعطى كل واحد من اولئك الرهط. قال سعد وانا كنت جالسا معه الله عليه وسلم فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعطي رجلا وكان ذلك الرجل اعجبهم الي وكنت اظن انه هو افضل المجموعة فكيف يعطى البقية وهو لا يعطى؟ فقمت الى النبي صلى الله عليه وسلم فسررته انظروا النصيحة سرية لصاحب الولاية. فقلت يا رسول الله ما لك عن فلان فوالله اني لاراه مؤمنا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم او مسلما. قال فسكت قليلا ثم غلبني ما اعلم من حال ذلك الرجل فعدت لمقالتي فقلت يا رسول الله ما لك عن فلان؟ فوالله اني لاراه مؤمنا. فقال او مسلما نعم. فسكت ووعدتها مرة ثالثة. فقمت الى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله ما لك عن فلان؟ فوالله اني لاراه مؤمنا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم او مسلما فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فاعادها مرة اخرى ضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده بين عنقه وكتفه. فقال اقبل اي سعد اني لاعطي الرجل وغيره احب الي منه خشية من ان يكبه الله على وجهه في النار. لانه كان صلى الله عليه وسلم يعطيهم يتألفون ومن رأى ان من حاله ومن طريقته انه يكفيه ما معه من الايمان اكتفى بذلك من الوقائع التي حصلت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في زمن النبوة ما ذكره عبدالرحمن بن عوف يقول عبد الرحمن لما قدمنا المدينة اخى النبي صلى الله عليه وسلم بيني وبين الصحابي سعد بن الربيع فآآ كان هناك قصة عظيمة في الايثار وقعت بين هذين الصحابيين الجليلين عبدالرحمن بن عوف سعد بن الربيع لعلي ان شاء الله ان اذكرها بعد الفاصل باذنه جل وعلا حياكم الله بعد الفاصل وكنت قد وعدتكم بذكر قصة عبدالرحمن بن عوف مع سعد بن الربيع. يقول عبدالرحمن بن عوف لما قدمنا المدينة اخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين سعد ابن الربيع وكان ذلك في اول الاسلام يتوارثون به. واما اخوة الاسلام فهي باقية كما قال جل وعلا انما المؤمنون اخوة وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم عباد الله كونوا اخوانا عباد الله قال سعد بن الربيع لعبد الرحمن بن عوف لما تأخوا يا عبد الرحمن اني اكثر الانصار مالا ولذلك ساقسم لك نصف مالي. فاعطيك نصفه واخذ نصفه. ولي امرأتان فانظر الى اي زوجتي رغبت فيها وهويتها فانني ساتنازل لك اه عنها هكذا كانوا قبل فرض الحجاب يرى بعضهم بعضا قال حينئذ اذا رأيت زوجتي فاعجبهما اليك سمها لي واطلقها فاذا انقضت عدتها وحلت فانك تتزوجها يا عبدالرحمن بن عوف فقال عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه بارك الله لك في اهلك ومالك لا حاجة لي في ذلك هل هناك سوق تكون فيه تجارة فقال نعم سوق قينقاع قال اين هذا السوق؟ دلوني على السوق قال فدله على سوق بني قينقاع قال فغدى عبد الرحمن الى ذلك السوق فاصبح يبيع ويشتري وجاء في اخر يومه باقط وسمن ثم تابع الغدو وانظر تجد ان التجارة ومزاولتها ليست مما يتنافى مع دين الاسلام وليست من حقيقة الزهد المأمور به شرعا. فان الزهد ان تترك ما يظرك في الاخرة واذا كان اكتساب الدنيا لا يظرك في الاخرة بل ينفعك بما تؤديه من نفقة وصدقة وعمل صالح فحينئذ من الزهد ان تتابع ولذا قال تعالى لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون فلم يعيب عليهم انهم احبوا تلك الاموال. عبدالرحمن بن عوف بدأ يتاجر ويعاود ذلك السوق مرة بعد اخرى فما لبس الا ان اتجر واصبح عنده مال وتزوج فجاء الى النبي صلى الله عليه وسلم فاذا به عليه باثر سفرة متى؟ اثر طيب يتطيب به؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم مهيم يعني ماذا لديك فقال عبدالرحمن تزوجت قال تزوجت؟ قال نعم. قال من؟ قال فلانة امرأة من الانصار قال كم سقت لها؟ كم اعطيتها من المهر فقال عبدالرحمن بن عوف زينة نواة من ذهب فكأن النبي صلى الله عليه وسلم استكثر ذلك ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم او لم ولو بشاة او ولو فهذا من قصصهم في ذلك اه في ذلك الوقع وفي تلك الايام من القصص التي وردت للصحابة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ما ذكره اسامة بن زيد قال ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار وعلى ذلك الحمار قطيفة مصنوعة في فدك منطقة شمال المدينة. وكان معه اسامة بن زيد قد اردفه على الحمار وذهب يعود سعد ابن عبادة. كان سعد ابن عبادة مرض وهكذا من شأن النبي صلى الله عليه وسلم ان يعود المرضى وفي ذلك في ذلك اجر عظيم. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من عاد مريضا لم يزل في خرفة الجنة حتى يعود يعني في ثمارها. يكتب له من الاجر الذي ينال به ثمار الجنة حتى يعود وكان ذلك في وقعة قبل وقعة بدر قال فسار النبي صلى الله عليه وسلم ومعه اسامة بن زيد حتى مروا بمجلس فيه اخلاط من الناس فيه ناس من المسلمين وناس من المشركين عبدة الاوثان وناس من اليهود وكان معهم عبدالله بن ابي ابن سلول قبل ان يسلم. وكان عبد الله ابن ابي له مكانته ومنزلته وكانوا على وشك ان يولوه الولاية للعلى المدينة قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم وكان في المجلس ايضا عبد الله ابن رواحة. فعدد النبي صلى الله عليه وسلم سارة الدابة عجاجا. امسك عبد الله بن ابي برداء فخمر به انفه فقال لا تغبروا علينا. ثم قال يا ايها المرء ابقى في مكانك من جاء اليك فقال عبد الله بن رواحة بل يا رسول الله لتغشنا في مجالسنا ولتأتنا في مواطننا وحينئذ ان كان منهم ما كان في ذلك المجلس بارك الله فيكم ووفقكم الله لكل خير وجعلنا الله واياكم من الهداة مهتدين هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا