الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فان النبي صلى الله عليه وسلم خرج من مكة وهم يطاردونه يضعون الجوائز على من جاء به حينا وميتا فما هي الا ثمان سنوات يعود صلى الله عليه وسلم منتصرا فاتحا وهكذا سنة الله في الكون بنصر اوليائه المؤمنين لما غدرت قريش مع بكر وبيتوا قبيلة خزاعة الذين دخلوا في صلح النبي صلى الله عليه وسلم. وكان ذلك بمثابة نقض للصلح صلح الحديبية خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة الى مكة ليفتحها قبل ان نتحدث عن هذه الوقعة نؤكد ان هذا الدين كان يؤكد على حرمة الدماء وعلى حرمة المواطن المقدسة والاماكن الشريفة المحرمة. ومنها مكة المكرمة فان النبي صلى الله عليه وسلم بعد الفتح خطب في الناس فحمد الله واثنى عليه ثم قال ان الله حرم مكة ان مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الاخر ان يسفك بها دما والا يعضد بها شجرة. فان احد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولوا ان الله قد اذن لرسوله ولم يأذن لكم قال وانما اذن لي فيها ساعة من النهار ثم عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالامس الا ليبلغ الشاهد الغائب فهكذا كانت حرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يؤكد على ذلك في مواطن عديدة جاء في الحديث الاخر ان خزاعة قتلوا رجلا من بني الدين او من بني ليث لعام فتح مكة بقتيل منهم قتلوه وفي الجاهلية فاخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فركبا راحلته فقام في الناس فخطب تلك الخطبة عظيمة التي حمد الله فيها واثنى عليه. ثم قال ان الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليهم رسول الله صلى الله عليه تكلم والمؤمنين الاوانها لن تحل لاحد قبلي ولن تحل لاحد بعدي. الا وانها انما حلت لي ساعة من نهار الاوانها ساعتي هذه حرام الى قيام الساعة لا يختلى شوكها ولا يعضد شجرها ولا ينفر ولا تلتقط ساقطتها الا لمنشد. فمن قتل له قتيل فهو بخير النظرين. اما ان يعقل واما ان يقاد. فقام العباس فقال يا رسول الله الا الاذخر يعني نبات الاذخر رخص لنا في ان كوزا فانا نجعله في بيوتنا لانهم يسقفون به البيوت اذ انه يتمدد ويمنع نزول الماء ونجعله لقبورنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم الا الاذخر من الوقائع التي وقعت في ذلك اليوم ما ذكرته ام هانئ تقول ام هانئ ذهبت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره قالت ام هانئ وهي ابنة عم النبي صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم من هذه؟ فقالت هي انا انا ام هانئ بنت ابي طالب. فقال النبي صلى الله عليه وسلم مرحبا بام هانئ. فلما فرغ من غسله قام فصلى ثمان ركعات. بعضهم يجعلها صلاة الضحى وبعضهم يجعلها سنة الفتح وكان ملتحفا في ثوب واحد. فلما انصرف صلى الله عليه وسلم قالت ام هانئ يا رسول الله اني اجرت رجلا فلان ابن هبيرة وان ابن امي علي ابن ابي طالب قد زعم انه قاتله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم قد اجرنا من اجرت يا ام هانئ في هذا ان امان المرأة واجب التنفيذ سائغ ويلزم الاخذ به يقول ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اقبل يوم الفتح من اعلى مكة على راحلته ناقته اسمها القصواء وكان معه اسامة ابن زيد ومعه بلال وعثمان ابن طلحة من الحجبة حتى اناخ عند المسجد عند البيت. فدعا عثمان ابن طلحة فامره او ان ياتي بمفاتيح البيت فذهب عثمان وجاء بالمفاتيح ففتحت الكعبة وما ذاك الا لتعظيم هذا البيت في ذلك اليوم يوم الفتحة. يوم الفتح. فدخل النبي صلى الله عليه وسلم ومعه بلال واسامة بن زيد وعثمان ابن طلحة ثم اغلقوا الباب فاطال النبي صلى الله عليه وسلم ولبث فيه ساعة ثم خرجوا وجاء من جاء الى ابن عمر يقولون له ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة وابتدر الناس الدخول ودعخلوا في الكعبة قال ابن عمر فاقبلت والنبي صلى الله عليه وسلم قد خرج فكنت اول الناس دخل على اثره في الكعبة فوجدت بلالا قائما بين البابين من وراء الباب. فسألت بلالا اصلى النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة قال نعم صلى فيه. قلت اين؟ قال بين الساريتين المقدمتين اللتين على يسارك اذا دخلت فصلى النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الموطن داخل الكعبة فهذا شيء مما وقع في ذلك اليوم في يوم فتح مكة ولعلنا نورد بعضا ما وقع في ذلك اليوم يوم بعد الفاصل باذن الله عز وجل حياكم الله كنت ذكرت دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة يوم فتح مكة ويتعلق بها قصتان قريبتان. اما القصة الاولى فتتعلق بالاصنام التي كانت في الكعبة فانه لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم كانت الكعبة والمسجد مليئين بالاصنام وفيهما اصنام كثيرة فابى النبي صلى الله عليه وسلم ان يدخل البيت حتى تخرج تلك الاصنام فاخرجت فمحيت وكان مما وجد صورة ابراهيم عليه السلام وسورة مريم قال النبي صلى الله عليه وسلم اما علموا ان الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة فاخرجوا صورهم وكانت سورة ابراهيم واسماعيل يستسقمون بالازلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم قاتلهم الله. والله لقد علموا انهما لم يستقسما بالازلام قط هذا ابراهيم المصور فما فما باله يستسقم ولما دخل النبي صلى الله عليه وسلم البيت دعا في نواحيه كلها ولما خرج صلى وركع ركعتين في قبلي الكعبة وقال هذه القبلة و اما الحادثة الثانية فتتعلق بمفاتيح البيت فان النبي صلى الله عليه وسلم لما اخذ المفاتيح مفاتيح الكعبة من عثمان ابن طلحة الشيبي اه الحجبي نزلت الايات الكريمة في الامر باداء الامانات. ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها. فارجع المفاتيح الى عثمان و قد ذكر ابن عباس خطبة النبي صلى الله عليه وسلم وفيما ذكره زيادة عن ما ذكره غيره. فكان من الزيادة انه قال لا هجرة بعد الفتح. يعني ان مكة اصبحت دار اسلامه بالتالي لا هجرة منها. ولكن جهاد ونية. واذا استنفرتما طلب منكم النفرة الى الجهاد من قبل صاحب الولاية الامام فانفروا. ان الله حرم مكة فهذا بلد حرمه الله يوم خلق السماء والارض وهو حرام بحرمة الله الى يوم القيامة ثم اخبر النبي صلى الله عليه وسلم بانه لا تلتقط لقطتها الا لمعرف ولا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها فقال العباس الا لاذكر يا رسول الله فانه لا بد منه لصاغتنا. لانهم اذا احرقوه طال احراقه وبالتالي يتمكنون من اساحة الذهب والفضة بحرقه فقال النبي صلى الله عليه وسلم الا الاذخر فانه حلال اي يجوز لكم ان تقطعوه ومن احاديث ابن عباس انه ذكر ان النبي صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة الى مكة ومعه عشرة الاف وذلك في السنة الثامنة من مقدمه المدينة فساره من معه من المسلمين الى مكة وكان صلى الله عليه وسلم في رمضان فكان يصوم وكان الناس يصومون حتى بلغ مكانا يقال له الكديد فدعا بما وضع الماء على راحلته ثم نظر الى الناس ورفع الماء الى يديه من اجل ان يراه الناس. فشرب النبي صلى الله عليه وسلم نهارا فافطر. واستمر على الافطار حتى قدم مكة وحتى انسلخ الشهر الكريم. فقال المفطرون للصوام افطروا فافطر الناس كان ابن عباس يقول بعد ذلك قد صام رسول الله صلى الله عليه وسلم وافطر في السفر فمن شاء صام ومن شاء افطر لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة الى مكة عام الفتح. بلغ قريشا انه صلى الله عليه وسلم خرج. فخرج ابو سفيان وحكيم ابن حزام وبوديل ابن ورقة يلتمسون الاخبار ما الذي يصح في هذا؟ فاقبلوا يسيرون حتى اتوا على يقال لها مر الظهران فاذا هم بنيار بنيران كثيرة كانها نيران عرفة. فقال ابو سفيان ما هذا؟ كانها نيران عرفة فقال بديل بن ورقاء هذه نيران بني عمرو قال ابو سفيان بنو عمرو اقل من ذلك فرآهم ناس من حرس رسول الله صلى الله عليه وسلم فادركوهم فاخذوهم فاتوا بهم الى النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ اسلم مع ابو سفيان فلما سار قال النبي صلى الله عليه وسلم احبس ابا سفيان عند ملتقى الجبل حتى ينظر الى المسلمين ما الذي وقع وما الذي حصل بعد ايقافه ليرى الجموع الكثيرة من الجيش هذا ما سنأخذه بعد الفاصل باذن جل وعلا نعم اخذ العباس ابا سفيان بامر النبي صلى الله عليه وسلم وحبسه عند خطم الجبل من اجل ان يرى كثرة الجيش ووفرة اعداده فجعلت القبائل تمر مع النبي صلى الله عليه وسلم كتيبة كتيبة على ابي سفيان فمرت كتيبة فقال من هذه؟ يقولها ابو سفيان قال العباس هذه غفار. فقال ابو سفيان ما لي ولاغفار ثم مرت جهينة ومرت اه سعد بن هزيم ومرت سليم ومرة القبائل مرة الانصار. لما مر الانصار قال العباس هؤلاء الانصار عليهم سعد بن عبادة معه الرأية فلما مر سعد بن عبادة قال يا ابا سفيان اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الكعبة فقال ابو سفيان يا عباس حبذ يوم الذمار ثم جاءت كتيبة فاذا فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت اقل الكتائب وكانت راية النبي صلى الله عليه وسلم مع الزبير بن العوام فلما مر النبي صلى الله عليه وسلم قال ابو سفيان للنبي صلى الله عليه وسلم الم تعلم ما قال سعد بن عبادة؟ قال ما قال قال كذا قال له قال كذا وكذا. قال النبي صلى الله عليه وسلم كذب سعد هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة وهذا يوم تكسى فيه الكعبة فكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ان تلبس الكعبة الكسوة قال وامر رسول الله صلى الله عليه وسلم ان تركز رايته بالحجون وقد ورد ان النبي صلى الله عليه وسلم امر ان تحول الراية من سعد الى ابنه يقول العباس للزبير بن العوام يا عبد الله يا ابا عبد الله ها هنا امرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ان تركز الراية وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد امر خالد بن الوليد ان يدخل مكة من اعلاها من كدا ودخل نبي الله صلى الله عليه وسلم من كدي فقتل من خير خالد يومئذ رجلان بسبب انهم لقوا بعض المقاومة من بعض اهل مكة من الروايات التي وردت في هذا الباب ما ورد ان النبي صلى الله عليه وسلم اراد ان يجعل لابي سفيان مكان وميزة فقال النبي صلى الله عليه وسلم او امر مناديه ان ينادي من دخل دار ابي سفيان فهو امن ومن دخل البيت هو امن ومن اغلق عليه بيته فهو امن لتكون هذه الكلمة مما به ابو سفيان عن غيره من الناس هذه بعض الوقائع التي وقعت واشير الى واقعة اخرى وقعت في ذلك اليوم الا وهي واقعة صفوان ابن امية فان صفوان بعد صلح الحديبية اصبح يجمع السلاح ويقول وقت الهدنة عشر سنين ستمضي سريعا فاصبح يشتري اسلحة كثيرة فلما وقعت المعركة بين بكر وخزاعة وكانت بكر في حلف قريش وخزاعة في حلف النبي صلى الله عليه سلم امد صفوان ابن امية قبيلة بكر بالسلاح على خزاعة وكان هذا موجبا لنقضي العهد بالنسبة لصفوان. ولذا لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة اهدر دم صفوان فهرب صفوان وترك القتال فتبعه بعض من تبعه تبعه عمير ابن وهب واخبره وطلب عمير من النبي صلى الله عليه وسلم ان يعفو ثم زهب الى صفوان واخبره بعفو النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه علامة فاتى آآ بالمغفر الذي كان على على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة وكانت علامة من ظاهرة فجاء صفوان وبقي في اطراف مكة ورفع صوته مناديا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد ان هذا يشير الى عمير ابن وهب قد زعم انك امنتني شهرين. فقال النبي صلى الله عليه وسلم بل لك اربعة اشهر فسيحوا في الارض ان شئتم نزل صفوان وبعد ذلك طلب منه النبي صلى الله عليه وسلم ان يعطيهم السلاح ليشارك به في حنين فقالا غصبا يا محمد؟ قال بل عارية مردودة فاعطاها للنبي صلى الله عليه وسلم واسلم صفوان بعد فانظر لذلك السلاح كان مجموعا لقتال الاسلام واهله اهو فاصبح هذا السلاح مع اهل الاسلام يقاتلون به اعدائهم. بارك الله فيكم ووفقكم الله لكل خير. وجعلنا الله من الهداة المهتدين هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين