من الوقائع العظيمة التي وقعت في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم هجرته من مكة الى المدينة هذا الحدث العظيم الذي غير الله به مجرى التاريخ ولذا حفظه له اهل الاسلام فارخوا به تاريخهم وجعلوا الهجرة منطلقا للتاريخ الاسلامي تقول عائشة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين بمكة اني قد اريت دار هجرتكم اريتها سبخة ذات نخل بين لابتين ولابتان هما الموطنان من الحجارة العظيمة فكان ذلك بدءا لاخبار النبي صلى الله عليه وسلم بهجرته وقال لاصحابه رأيت في المنام اني اهاجر من مكة الى ارض بها نخل كان النبي صلى الله عليه وسلم يظن انها اليمامة او هجر لكنه بعد ذلك علم انها المدينة ولما اذن الله جل وعلا بالهجرة وكان الانصار قد بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم بنصرته ونصرة اصحابه. اذن النبي صلى الله عليه وسلم لاصحابه بان يهاجروا من مكة الى المدينة. وان يذهبوا الى اخوانهم من الانصار وقال لهم ان الله قد جعل لكم اخوانا ودارا تأمنون بها فخرجوا واحدا تلو الاخر واقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ينتظر الاذن من عند الله جل وعلا وبقي النبي صلى الله عليه وسلم بمكة وقد ذكر الله جل وعلا الهجرة النبوية في ايات من كتابه من تلك الايات ما فسر به قوله تعالى واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين وهكذا قوله جل وعلا وقل ربي ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج الصدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا حيث ارشده الله جل وعلا ان يدعو بهذا الدعاء ليحصل له الفرج القريب والمخرج العاجل. قال ابن عباس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فامر بالهجرة وانزل عليه وقل ربي ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا اه ومن الايات التي ذكرت هجرة النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى الا تنصروه فقد نصره الله. اذا اخرجه الذي كفروا ثاني اثنين اذ هما في الغار. اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا. فانزل الله سكينته عليه. وان بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا. والله عزيز حكيم حيث يؤنب الله جل وعلا اولئك الذين يتخلفون عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ويذكرهم وهم بانهم اذا تركوا نصرة النبي صلى الله عليه وسلم فسينصره الله ولو كان وحده. ويذكرهم بيوم الهجرة. اذا اخرجه الذين كفروا من اهل مكة وهرب منهم خرج مع صاحبه وصديقه ابي بكر الصديق ليس معه غيره. ولهذا قال ثاني اثنين اذ هما في طاري فاقام في الغار ثلاثة ايام سعت قريش في ان يجدوا النبي صلى الله عليه وسلم ابا بكر حتى جعلوا لمن ردهما او رد احدهما مئة من الابل وحينئذ اشتدت العرب في طلب النبي صلى الله عليه وسلم بل صعدوا الجبل الذي كان فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعلوا يمرون على باب الغار فتقارب ارجلهم باب الغار ولكن حفظ الله نبيه حفظ صاحبه فلا يرونهم جاء في الحديث ان ابا بكر قال قلت للنبي صلى الله عليه وسلم ونحن في الغار لو ان احدهم نظر الى قدميه لابصرنا تحت قدميه فقال يا ابا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما وهكذا في هذه الاية في قوله واذ يمكر بك الذين كفروا اي يقومون بوضع الخطط الماكرة التي فيها تدبير خفي من اجل ان يكيدوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ليثبتوك اي يسجنوك او يقتلوك او يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. والمكر المراد به التدبير الخفي وهذه الاية معناها تذكير للنبي صلى الله عليه وسلم ولاصحابه بما فعله المشركون حين تشاوروا ما الذي اصنعوه في رسول الله صلى الله عليه وسلم هل يسجنونه او يقتلوه او يخرجوه؟ فكانت ارائهم مختلفة حتى اتفقوا على قتل النبي صلى الله عليه وسلم بمئة شاب من اجل ان يتفرقا دمه وفي القبائل كان من شأن الهجرة ما ذكره الله جل وعلا في هذه الايات بان الله قد نجى نبيه صلى الله وعليه وسلم منهم فكان ذلك منطلقا لدولة الاسلام وانظر لهذا الحادث العظيم الذي فيه مكر شديد من اهل الكفر ليقتلوا النبي صلى الله عليه وسلم فاخرجه الله من عنده ولم يبقى بينهم بل نشأت بعد ذلك دولة الاسلام في المدينة