كتاب الله. كتاب الله كتاب الله الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين اما بعد نتكلم باذن الله عز وجل عما ابتليت به الامة بعد عصور الائمة من وجود بعض التعصب في تفسير الايات القرآنية بدون مراعاة الترجيح بين الاقوال ما التي ذكرها العلماء في تفسير ايات القرآن واستخراج الاحكام الفقهية منها والمراد بالتعصب في اللغة المحاماة والمدافعة واما المراد بالتعصب في الاصطلاح فهو الميل مع الهواء من اجل نصرة المذهب ومعاملة الاخر ومقلديه بما ينقص من مقدارهم وقد يكون التعصب فيما يتعلق اه المناهج العقدية في تفسير القرآن وهذا لا نتكلم عنه هنا وانما نتكلم عن اه التفسير الفقهي للايات القرآنية ووجود التعصب فيه التعصب لا شك انه من اه الظعف الذي يوجد عند اه بعظ من يتصدى لتفسير الايات القرآنية بحيث يعمى بصر الانسان ويغشى عليه ويصبح لا يرى الحق ومن فضل الله عز وجل ان العلماء قد تصدوا بجانب التعصب وحذروا منه وبينوا سوء عاقبته في دنيا وفي الاخرة وهناك اه ما يتعلق باساس التعصب هو ترجيح قول دون ان يكون له دليل يرجحه فيكون الترجيح بين الاقوال بحسب القائلين لا بحسب موافقة الكتاب والسنة ومقاصد الشريعة وبدون مراعاة لقواعد وانما يرغب الانسان في ترجيح احد القولين لموافقته لهواه او لمذهبه او لاحد مشايخة فيكون ذلك في من التعصب وقد جاءت النصوص الشرعية تحذر من التعصب وتبين سوء عاقبته في الدنيا والاخرة ومما يدل على تحريم التعصب تلك النصوص الدالة على وجوب اتباع الكتاب والسنة وجعل المعيار عند التنازع هو الرجوع الى القرآن والسنة وعدم جعل قول احد من الناس كائنا من كان هو المعيار والمحك والحكم عند وجود التنازع والخصم صام بين فقهاء الشريعة ومن امثلة ذلك قوله تعالى يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر. ذلك خير واحسن تأويلا. ومن مثل قوله تعالى ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اولئك رفيقا ومن مثل قوله تعالى انما كان قول المؤمنين اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم ان يقولوا واطعنا واولئك هم المفلحون كذلك يدل على هذا الاصل النصوص الشرعية الكثيرة الناهية عن الاختلاف والتفرق فان الناس متى تعصب كل واحد منهم لامامه تفرقوا واختلفوا. ومتى رجعوا الى النصوص وحكموها على كل شيء احدوا واتفقوا. قال الله جل وعلا واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وسم قال ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات واولئك لهم عذاب عظيم ويدل على ذلك ان التعصب نوع من انواع الجهل والظلم والشريعة تمنع من مثل هذه اخلاق وتأمر الناس بان يكون عندهم عدل وعلم وصدق. قال تعالى وتمت كلمة ربك فصدقا وعدلا. وقال جل وعلا فلذلك فادعو واستقم كما امرت. ولا تتبع اهواءهم وقل امنت بما وقل امنت بما انزل الله من كتاب وامرت لاعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا اعمال لنا ولكم اعمالكم لا حجة بيننا وبينكم. الله يجمع بيننا واليه المصير وفي جعلي اقوال الائمة مقدمة على غيرها الذي هو اساس التعصب نوع تأليه ونوع تقديم لاقوال هؤلاء الائمة على النصوص الشرعية. ويترتب على ذلك تبديل شيء من احكام الشريعة. ولذلك ذم الله جل وعلا بعض اليهود والنصارى لكونهم قد اطاعوا مقدميهم وكبرائهم في تحليل الحرام وتحريم الحلال. كما قال تعالى اتخذوا احبارهم ورهبان لهم اربابا من دون الله والمسيح ابن مريم. وما امروا الا ليعبدوا الها واحدا لا اله الا هو سبحانه عما يشركون. وقد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك المعنى وقد جاءت النصوص بالترغيب في ترك البدع ومن انواع البدع الاعتماد على اقوال الائمة فيما لم يرد فيه دليل وكذلك يدل على هذا الاصل ان الشريعة قد جاءت بوجوب ان يكون الولاء والبراء مبنيا على مقتضى النصوص الشرعية. فاذا جعلنا شخصا يوالى من اجله ويعاد من اجله كان هذا من مخالفة طريقة النصوص ويدل على هذا ان السلف الصالح من الصحابة والتابعين والقرن الذين يلونهم لم يكن من منهجهم التعصب وبالامام المعين ولذلك كان الصحابة يتنازعون في مسائل فقهية فيقر بعضهم بعضا فيوالي بعضهم بعضا ولا يتعصب منهم احد لرأيه. وهكذا استمر الامر حتى بلغ الى فقهاء الائمة. فقهاء المذاهب الاربعة فانهم قد نهوا الناس عن اه تقليدهم في كل ما يقولونه. ولذا قال الامام ابو حنيفة هذا رأيي وهذا احسن ما رأيت فمن جاء برأي خير منه قبلناه والامام مالك قال انما انا بشر اصيب واخطئ فاعرضوا قولي على الكتاب والسنة وقال الامام الشافعي اذا صح الحديث فاضربوا بقول الحائط وهكذا ايضا قال الامام احمد ما ينبغي للفقيه ان يحمل الناس على مذهبه ولا يشدد عليهم وقال من قلة علم الرجل ان يقلد دينه الرجال. وقال الامام مالك لا تقلدوني ولا تقلدوا مالكا ولا الشافعي ولا وتعلموا كما تعلمنا وهكذا سار اتباع هؤلاء الائمة على طريقتهم في نهي الناس عن تقديم اقوالهم على الكتاب والسنة ولذلك تركوا اقوال امامهم. ومن هنا تجد من اقوال فقهاء الحنفية المتقدمين كابي يوسف وغيره من المخالفات للامام ابي حنيفة الشيء الكثير ولما اجتمع ابو يوسف بمالك وسأله عن الصاع ما مقداره؟ وكان اهل المدينة يخالفون اهل العراق في تقدير الصاع وسأله ايظا عن صدقة الخظروات وهي النباتات والثمار التي اه لا تبقى ولا يمكن المحافظة عليها ولا يمكن ادخارها وسأله ايظا عن مسألة الاحباس هل الوقف مشروع في الشريعة او لا؟ فاخبره مالك بما تدل عليه السنة في هذه الاحكام فقال ابو يوسف رجعت الى قولك يا ابا عبدالله ولو رأى صاحبي ما رأيت لرجع الى قولك كما رجعت والنصوص الشرعية امرت بالرجوع الى الفقهاء ولم تفرق بين فقيه وفقيه الا بحسب العلم ومن هنا فلا يصح تقديم احدهم على اخر. واذا وقع التعصب في الامة فانه سيقع اسد كثيرة وسيقع نوع من انواع البدع ونجدها شاهد هذا في تاريخنا الاسلامي ان ان التعصب اذا وجد عند طائفة فانهم حينئذ يفسد ما بينهم ويقعون في شيء من البدع. ومن صور التعصب الا ينظر الانسان الى قواعد التفسير ويفسر الايات القرآنية بما ورد عن امامه بدون ان ينظر الى قواعد تفسير القرآن ومن امثلة هذا مثلا في قوله تعالى ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها فانه في الاية قال ظهر ولم يقل اظهرت وتعلمون ان العلماء قد اختلفوا في المراد بقوله ما ظهر فقال بعضهم المراد به ما ظهر من دون قصد كما يظهر طرف العباءة وطرف الثوب من وراء العباءة ونحو ذلك وقال اخرون بل المراد بالاية الوجه واليدان. ولكن هذه الاية ظاهرها يدل للقول الاول. فانه قال الا ما ظهر ولم يقل الا ما اظهرت. ومن هنا ظهر ان المراد بلفظة ظهر ما لا يتعمده الانسان ولا آآ يقصده ومن صور التعصب ان يقول الانسان او ان يجعل انسان آآ احد الائمة هو المعيار في تفسير القرآن. فاذا وجد الامام قد تكلم بكلام في تفسير هذه الاية اخذه مطلقا. ولم يوقع بينه وبين غيره من الاقوال موازنة بحسب الادلة فقد يوجب بل قد يصل ذلك الى ان بعض الكتاب والمؤلفين يوجب على الناس اتباع امام معين في جميع ما آآ يقوله اه قال شيخ الاسلام ابن تيمية من يتعصب لواحد معين غير النبي صلى الله عليه وسلم كمن يتعصب لمالك او الشافعي او احمد وابي حنيفة ويرى ان قول هذا المعين هو الصواب الذي ينبغي اتباعه دون قول الامام الذي خالفه فمن فعل هذا كان جاهلا ظالا بل قد يكون كافرا. فانه متى اعتقد انه يجب على الناس اتباع واحد بعينه هي فانه يجب ان يستتاب فان تاب والا قتل وقال ايضا لا يجوز لاحد ان يجعل الاصل في الدين لشخص الا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقال من نصب اماما فاوجب طاعته مطلقا فقد ظل في ذلك الصورة الثالثة الترجيح بين الاقوال الواردة في تفسير الاية القرآنية تفسيرا فقهيا بدون ان كون ذلك الترجيح مبنيا على آآ دليل ومن المعلوم انه لا يجوز لاحد ان يرجح قولا على قول بغير دليل ولا يجوز ان يتعصب لقول على قول غير حجة اه قال شيخ الاسلام ليس لاحد ان يتخذ قول بعظ العلما شعارا يوجب اتباعه وينهى عن غيره مما جاءت به السنة وقال كل وقال فمن قال انه ليس لاحد ان يرد ما تنازعوا فيه الى الكتاب والسنة. بل على المسلمين اتباع قولنا دون القول الاخر من غير ان يقيم دليلا شرعيا على صحة قوله فقد خالف الكتاب والسنة واجماع المسلمين وتجب استتابة مثل هذا وعقوبته كما يعاقب سأله الصورة الرابعة ان يترك الانسان تفسير الاية القرآنية بحسب لغة بحسب قواعد التفسير المستقرة من اجل ان يجعل تفسير القرآن موافقا لعادته او عادة اهل زمانه او كبار اهل بلده ونحو ذلك. فهذا ايضا من التعصب الممقوت وقد آآ فمن الامور المقررة ان من عدل عن اتباع الكتاب والسنة من اجل عادته او عادة ابيه او قومه فهذا من اهل الجاهلية الذين اذا قيل لهم اتبعوا ما انزل الله قالوا بل نتبع ما الفينا عليه اباءنا. ومثل هذا من تبين له الحق في مسألة من المسائل ثم عدل الى عادته فهو من اهل الذم وآآ العقاب ولا ينبغي بالانسان ان يجعل شخصا من الناس هو المعيار في الحكم على الاخرين بل المعيار هو والسنة وهكذا ايضا من صور التعصب ان يبادر بعض المفسرين الى انكار بعض الاقوال في تفسير القرآن بدون آآ علم. وانما بمجرد الظن واتباع الهوى. وآآ اه اذا انكر على غيره بلا علم ورد الاقوال بلا حجة وذم غيره ممن هو مجتهد او مقلد قال شيخ الاسلام هذا مستحق للتعزير وآآ الزجر هكذا ايظا من صور التعصب في تفسير الايات القرآنية ان يرمي الانسان اصحاب المذاهب الاخرى بصفة شنيعة واقوال اه سيئة وقال شيخ الاسلام ابن تيمية الانتساب الذي يفرق به بين المسلمين يعني يجعلون فرقا وفيه خروج عن الجماعة والائتلاف الى الفرقة. وسلوك طريق الابتداع ومفارقة الكتاب والسنة. فهذا مما عنه ويأثم فاعله ويخرج بذلك عن طاعة الله وطاعة رسوله. اذا عرفنا شيئا من صور التعصب في تفسير الايات القرآنية تفسيرا فقهيا فلعلنا نذكر بعض الاسباب التي تدعو الى هذا التعصب من اعظم الاسباب الداعية الى التعصب الجهل بالكتاب والسنة والتمسك بالاحاديث الضعيفة او الاراء الفاسدة او الحكايات او المنامات وقد تكون آآ صدقا وقد تكون ومثل ذلك ايضا الجهل بمقدار الائمة بحيث يبخس بقية الائمة الاخرين او يعظم امامه فيرى انه مثلا آآ لا يحصل منه نقص ولا ولا خطأ اه فغاية المتعصب لواحد من هؤلاء الائمة ان يكون جاهلا بقدره في العلم والدين. وان يكون جاهلا بقدر الاخرين ولذلك يدخل في كونه جاهلا ظالما ولهذا نجد ان هؤلاء المتعصبين دائما يتناقضون. فإذا وجدت اقوال عند غيرهم ان ينكرونها شنعوا على اصحابها. واذا وجد مثل هذه الاقوال عند اصحابهم فانهم يلتمسون لهم الاعذار ويحاولون دون ان يخرجوا من احوالهم ما يكونوا آآ عذرا آآ لهم قال شيخ الاسلام ابن تيمية وكثير من هذه الطوائف يتعصب على غيره ويرى القذاة في عين اخيه ولا يرى الجذع في عينه ويذكر من تناقض اقوال غيره ومخالفتها للكتاب والسنة والمعقول ما يكون من الاقوال في ذلك الباب مما هو من جنس تلك الاقوال او اضعف منها او اقوى منها. والله تعالى يأمر بالعلم والعدل وقال الناس اذا خفي عليهم بعض ما بعث الله به الرسول فانهم سيكونون اما عادلين واما ظالمين فالعادل فيهم الذي يعمل بما وصل اليه من اثار الانبياء. ولا يظلم غيره. والظالم هو الذي يعتدي على غيره وهؤلاء ظالمون مع علمهم بانهم يظلمون. كما قال تعالى وما اختلف الذين اوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءهم العلم بينهم ولو آآ سلكوا ما علموه من العدل لاقر بعضهم بعضا ولجعلوا ائمتهم نوابا عن الرسول صلى الله عليه وسلم من اسباب التعصب الانتصار لمذهب الامام الذي ينتمي الانسان اليه وآآ بادلة لا يصح الاستدلال بها. فمن امثلة هذا تفسير الايات القرآنية بعض الاحاديث نصرة لما ورد عن الامام فهذا تعصب مثال ذلك عندما يفسر قوله جل وعلا عندما يفسر قوله جل وعلا ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها بان المراد في ذلك الوجه واليدان بينما ويستدل على ذلك بالحديث الوارد من حديث عائشة ان المرأة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لاسماء ان المرء اذا بلغت المحيض فلا يصح ان يرى منها الا هذا ده آآ وهذا هكذا ايضا من اسباب وقوع التعصب او من ان يدعى ان بعض الادلة لا يصح الاستدلال بها او ان الاحاديث الصحيحة غير الموافقة للمذهب آآ منسوخة اه ولذلك نجد كثيرا من الناس ممن يخالف الحديث الصحيح يقول هذا منسوخ. وقد اتخذوا هذا محنة. كل حديث لا يوافق مذهبهم يقولون هو منسوخ من غير ان يعلموا انه حقيقة منسوخ وهكذا ايضا من آآ التعصب ان نجمع الاقوال والادلة التي تؤيد مذهب امامنا وان نترك الاقوال والادلة التي لا تؤيد مذهب الامام وآآ هذا ايضا من الامور التي قد ينتج عنها التعصب العادة. فان الانسان قد يتعصب لقول او امام لكونه اعتاده وتربى عليه فلا يقبل ما آآ يخالفه هكذا من اسباب اه التعصب اتباع الهواء فان النفوس التي لا تقصد الحق اذا اتبعت الهوى وقعت في التعصب. وانما يتبع هوى نفسه ويرجح بظن يظنه قال شيخ الاسلام ابن تيمية اكثر الناس يتكلمون في هذا الباب بالظن وما تهوى الانفس. فانهم لا يعلمون حقيقة مراتب الائمة والمشايخ. ولا يقصدون اتباع اه الحق المطلق بل كل انسان تهوى نفسه ان يرجح متبوعه فيرجحه بظن وان لم يكن معه برهان على اه ذلك التعصب له اثار شنيعة كثيرة على الفرد وعلى المجتمع وعلى الدين الله جل وعلا بعامة آآ وبذلك لعلنا نرجئ الكلام عن اثار التعصب في التفسير الفقهي للايات القرآنية الى لقاء قادم وكان من فظل الله عز وجل علينا ان جعلنا نتدارس ما يتعلق آآ اه ان بالتعصب حقيقته واسبابه ومظاهره واثاره ولعلنا ان شاء الله تعالى نواصل الحديث في الكلام عن اثار التعصب الى لقائنا القادم. اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لخيري الدنيا والاخرة. وان يجعلنا واياكم الهداة المهتدين هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد كتاب الله كتاب