ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فان الوصية الالهية العظيمة لا تخف يراد بها ذلكم الخوف الذي يكون من الحوادث الكونية او يكون من بني الانسان او من المخلوقات واما الخوف من الله تعالى فانه امر محبوب مرغب فيه بل هو من اسباب نجاة العبد وصلاح احواله كما قال تعالى ولمن خاف مقام ربه جنتان وكما قال تعالى واما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى قد يقول قائل كيف ترغبوننا في شعور الخوف فالجواب ان هذا الخوف خوف خاص من الله خوف خاص من جهة واحدة هو من الله سبحانه وتعالى ومتى خاف العبد من الله لم يخف من سواه فان العبد متى جزم بان المتصرف في الكون هو رب العزة والجلال وانه اذا اراد شيئا فانما يقول له كن فيكون وانه سبحانه على كل شيء قدير. وبكل شيء عليم. حينئذ فلن يخاف من احد سوى الله. وانما وسيخاف من الله جل وعلا وانظر لقول الله تعالى انما ذلكم الشيطان يخوف اولياءه فلا تخافوهم وخافوني ان كنتم مؤمنين فالخوف من الله عبادة عظيمة الشأن وذلك لان الله سبحانه وتعالى هو الذي سيجازي العباد والخوف من الله يدفع الانسان للانطلاق الى الاعمال الجليلة والفاظلة يجعله من من اصحاب الاخلاق الجميلة والاقوال الطيبة. الخوف من الله يجعل للعبد لا يقدم على ظلم الاخرين. ولا يكون سببا من اسباب اخذ اموالهم بالباطل. الخوف من الله وعلا يجعل الناس يتناصفون فيما بينهم فينصف بعضهم بعضا ويعدل بعضهم مع بعضهم الاخر. فانظر الى ان خاف الله في زوجته وانظر الى زوجة خافت الله في زوجها كيف تكون حياتهم مطمئنة امنة يحب بعضهم بعضهم الاخر انه متى كان العبد يخاف من الله وحده فحينئذ يتحد مصدر الخوف عنده واذا خاف من الله كان من يخافه هو من يرجوه. وبالتالي كان عنده من الشعور الجميل في التعلق بالله سبحانه وتعالى ما يدفعه الى الانطلاق لاداء الاعمال التي تعود بالنفع عليه وعلى غيره متى كان الانسان خائفا من الله سبحانه وتعالى فانه لن يخاف من احد سواه واضرب لكم مثلا جميلا في هذا الباب عبد يخاف من الله وحده فهو بمثابة من في خيمة كبيرة ليس لها فتحات الا فتحة واحدة. يدخل معها البرد حينئذ يوالي هذا الفتح عنايته. ولا يجعل البرد يدخل معه بخلاف من كان في غرفة او خيمة فيها شقوق كثيرة فانه حينئذ سيتعب في سد بهذه الفتحات ولن يتمكن من سدها جميعا. ولذا فان من خاف من الله جل وعلا فليبشر بخيري الدنيا والاخرة. وليعلم بانه تصلح احوال الناس وتستقيم امورهم بخوفهم من الله وحده هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون