ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فان من المواقف العظيمة التي تنتاب النفوس فيها مشاعر الخوف والرهبة مشاعر مقابلة الملوك والرؤساء كيف واذا كان ذلك في دعوتهم لامر حق لا يعرفونه ولامر يخالف اهواءهم ورغباتهم. ولامر يخالف عوائد الناس. وما ساروا عليه واعتادوا وذلك ان الله جل وعلا لما ارسل موسى امره ان يذهب الى فرعون انه طغى وامره ان يذهب هو وهارون عليه السلام الى هذا الطاغية الذي امر الناس بعبادته وكان يقول انا ربكم الاعلى امره ان يعرف حق الله عليه. وان يقوم بعبودية الله جل وعلا فما اعظم ذلك الموقف وما اشد الرهبة فيه لما جاء موسى عليه السلام الى فرعون ذكره بان الله جل وعلا رب السماوات والارض. وذكره بان الله هو ربكم وابائكم الاولين وذكره بان الله هو رب المشرق والمغرب اراه الايات العظيمة من انقلاب العصا حية تسعى ادخال اليد في جناحه فتخرج بيضاء من غير سوء اية اخرى ولقد اريناه اياتنا كلها فكذب وعصى فهذا الموقف العظيم الذي ترهب النفوس له وتخشاه ما كان من فرعون الا ان بدأ بالتهديد. لان اتخذت الها غيري لاجعلنك من المسجونين خاطب قومه على انه يرغب ان يقتل موسى. فقال اني اخاف ان يبدل دينكم او ان يظهر في الارض الفساد فمن كان ملتجئا الى الله جل وعلا متمسكا به سايرا على الصراط المستقيم. فان الله جل وعلا سيحميه وسيجنبه انواع الشرور وسيكفيه كل شر يراد به وسيبعد عنه مكر اعدائه وكيدهم وتصرفاتهم فيه. ولذا حمى الله جل وعلا نبيه موسى عليه السلام حتى ان رجلا من قومي فرعون قال اتقتلون رجلا ان يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم. فان يك كاذبا فعليه كذبه وان يكن صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم. فنجى الله جل وعلا موسى عليه السلام من المكائد التي كانت تحاط به فلم يتمكنوا منه ان هذا الموقف العظيم امام فرعون والذي يكون من اسباب نزول المخاوف في قلوب الانسان ومن اسباب شعور الرهبة اليك لا من اعظم انواع الشعور ومن اسباب جعل الانسان يرتبك في مقاله ومع ذلك كان موسى ثابت الجأش مطمئن البال يدعو فرعون الى الله جل وعلا. وما ذاك الا ان الله جل وعلا ثبته في ذلكم الموقف الرهيب العصيب ومن هنا فان من اراد ان يثبت في مثل تلك المواقف فعليه ان يلتجأ الى الله جل وعلا. قال تعالى ومن يعتصم بالله فقد هدي الى صراط مستقيم ومن عاد الى الله ورجاه فلن يخيبه الله جل وعلا. وسيجعله يجتاز مثل تلك المواقف الصعيبة الرهيبة التي قد تمر بالانسان. بارك الله فيكم. هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون