امور كثيرة كالصلاة مثلا. لا يشترط ان تجمع احكامها في في كلام الشارع في موضع واحد. بل يجمع جميع ما ورد فيها من من الاحكام فيؤخذ مجموع احكامها من نصوص متعددة النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في حصول الخير لامته بكل طريق وهذا فرد من الاف مؤلفة تدل على كمال برحمته ورأفته صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فان المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله المحمود على ما له من الاسماء الحسنى والصفات الكاملة العظيمة العليا. وعلى اثارها الشاملة الاولى والاخرى. واصلي واسلم على محمد اجمع الخلق لكل وصف حميد وخلق رشيد. وقول سديد. وعلى اله واصحابه واتباعه من جميع العبيد. اما بعد فليس بعد كلام الله اصدق ولا انفع ولا اجمع لخير الدنيا والاخرة. من كلام رسوله وخليله محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم اذ هو اعلم الخلق. واعظمهم نصحا وارشادا وهداية. وابلغهم وتأصيلا وتفصيلا. واحسنهم تعليما. وقد اوتي صلى الله عليه وعلى اله وسلم جوامع الكلم. واختصر له الكلام اختصارا بحيث كان يتكلم بالكلام القليل لفظه. الكثيرة معانيه. مع كمال الوضوح والبيان الذي هو اعلى رتب البيان. وقد بدأ ان اذكر جملة صالحة من احاديثه الجوامع في المواضيع الكلية والجوامع في جنس او نوع او باب من ابواب العلم مع التكلم على مقاصدها وما تدل عليه على وجه يحصل به الايضاح والبيان مع الاختصار. اذ المقام لا يقتضي البسط. فاقول مستعينا بالله سائلا منه التيسير والتسهيل. الحديث الاول عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى. فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله. ومن كانت هجرته لدنياه يصيبها او امرأة ينكحها. فهجرته الى ما هاجر اليه متفق عليه. الحديث الثاني عن عالم عائشة رضي الله عنها انها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. من احدث في امرنا هذا ما ليس منه. وفي رواية من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد متفق عليه قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه هذان الحديثان العظيمان يدخل فيهما الدين كله. اصوله وفروعه ظاهره وباطنه. فحديث عمر رضي الله عنه ميزان للاعمال باطنة. وحديث عائشة ميزان للاعمال الظاهرة. ففيهما الاخلاص للمعبود. والمتابعة للرسول. اللذان هما شرط لكل قول وعمل ظاهر وباطن. فمن اخلص اعماله لله متبعا في ذلك رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فهذا الذي عمله مقبول. ومن فقد الامرين او احدهما فعملوه مردود داخل في قول الله تعالى منثورا والجامع للوصفين داخل في قوله تعالى ومن وجهه لله وهو محسن بلى من اسلم وجهه لله وهو محسن فله فله اجره ولا هم يحزنون اما النية فهي القصد للعمل تقربا الى الله. وطلبا لمرضاته وثوابه. فيدخل في هذا نية العمل ونية المعمول له اما نية العمل فلا تصح الطهارة بانواعها ولا الصلاة والزكاة والصوم والحج وجميع العبادات الا بقصدها ونيتها فينوي تلك العبادة المعينة. واذا كانت العبادة تحتوي على اجناس وانواع كالصلاة منها الفرض والنفل المعين والنفل المطلق فالمطلق منه يكفي فيه ان ينوي الصلاة. واما المعين من من فرض او نفل معين كوتر او راتبة. فلابد مع نية الصلاة في ان ينوي ذلك المعين. وهكذا بقية العبادات. ولابد ايضا ان يميز العادة عن العبادة. فمثلا الاغتسال يقع نظافة او تبرج حودة ويقع عن الحدث الاكبر. وعن غسل الميت وللجمعة ونحوه فيها فلابد ان ينوي فيه رفع الحدث. او ذلك الغسل المستحب وكذلك يخرج الانسان الدراهم مثلا للزكاة او للكفارة او للنذر او للصدقة المستحبة او هدية. فالعبرة في ذلك كله على النية. ومن هذا حيل المعاملات. اذا عامل معاملة ظاهرها وصورتها الصحة. ولكنه يقصد بها التوسل الى معاملة ربوية. او يقصد بها اسقاط واجب او توسلا الى محرم. فان العبرة بنيته وقصده. لا بظالم لفظه فانما الاعمال بالنيات. وذلك بان يضموا الى احد بعوضين ما ليس بمقصود. او يضم الى العقد عقدا غير مقصود. قاله شيخ الاسلام وكذلك شرط الله في الرجعة وفي الوصية الا يقصد العبد فيهما المضارة. ويدخل في ذلك جميع الوسائل التي يتوسل بها الى مقاصدها. فان الوسائل لها احكام المقاصد صالحة او فاسدة. والله يعلم المصلح من المفسد واما نية المعمول له. فهو الاخلاص لله في كل ما يأتي العبد وما يذر وفي كل ما يقول ويفعل قال تعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين وقال الا لله وذلك ان على العبد ان ينوي نية كلية شاملة لاموره كلها مقصودا بها وجه الله. والتقرب اليه وطلب ثوابه احتساب اجره والخوف من عقابه. ثم يستصحب هذه النية في كل فرد من افراد اعماله واقواله. وجميع احواله. حريص فيه على تحقيق الاخلاص وتكميله. ودفع كل ما يضاده. من الرياء والسمعة. وقصد المحمدة عند الخلق. ورجاء تعظيمهم بل ان حصل شيء من ذلك فلا يجعله العبد قصده. وغاية مراده بل يكون القصد الاصيل منه وجه الله. وطلب ثوابه من غير للخلق. ولا رجاء لنفعهم او مدحهم. فان حصل شيء من ذلك من دون قصد من العبد لم يضره شيئا. بل قد يكون من عاجل بشرى المؤمن فقوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم انما الاعمال وبالنيات. اي انها لا تحصل ولا تكون الا بالنية. وان مدارها على النية. ثم قال وانما لكل امرئ ما نوى اي انها تكون بحسب نية العبد صحتها او فسادها. كمالها او نقصانها. فما النوى فعل الخير وقصد به المقاصد العليا. وهي ما يقرب الى الله فله من الثواب والجزاء الجزاء الكامل الاوفى ومن نقصت نيته وقصده نقص ثوابه. ومن توجهت نيته الى غيره هذا المقصد الجليل. فاته الخير. وحصل على ما نوى من المقاصد دنية ناقصة. ولهذا ضرب النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم مثالا ليقاس عليه جميع الامور فقال فمن كان كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله. اي حصل له ما نوى. ووقع اجره على الله. ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها او امرأة ينكحها. فهجرته الى ما هاجر واليه خص فيه المرأة التي يتزوجها بعد ما عم جميع الامور الدنيا لبيان ان جميع ذلك غايات دنية. ومقاصد يغير نافعه. وكذلك حين سئل صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة او حمية. او ليرى مقامه في صف القتال. اي ذلك في سبيل الله؟ فقال من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله. وقال تعالى اه في اختلاف النفقة بحسب النيات. ومثل الذين ينفقون اموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا وتثميتا من انفسهم كمثل جنة وقال والذين ينفقون اموالهم ولا يؤمنون بالله ولا باليوم من اخر وهكذا جميع الاعمال. والاعمال انما فضلوا ويعظموا ثوابها. بحسب ما يقوم بقلب العامل من الايمان والاخلاص حتى ان صاحب النية الصادقة وخصوصا اذا اقترن بها فيها ما يقدر عليه من العمل. يلتحق صاحبها بالعامل. قال تعالى ومن يخرج من بيته مهاجرا الى الله ورسوله يدركه الموت فقد وقع اجره وفي الصحيح مرفوعا. اذا مرض العبد او سافر كتب له ما كان اعملوا صحيحا مقيما. ان بالمدينة اقواما ما سرتم مسيرا ولا وطاعة واديا. الا كانوا معكم. اي في نياتهم وقلوبهم ثوابهم. حبسهم العذر. واذا هم العبد بالخير ثم لم يقدر له العمل كتبت همته ونيته له حسنة كاملة والاحسان الى الخلق بالمال والقول والفعل خير واجر وثواب عند الله ولكنه يعظم ثوابه بالنية. قال تعالى الا من امر بصدقة او معروف او اصلاح اي فانه خير. ثم قال فرتب الاجر العظيم على فعل ذلك ابتغاء مرضاته. وفي البخاري مرفوعا. من اخذ اموال الناس يريد اداها الله عنه. ومن اخذها يريد اتلافها اتلفه الله فانظر كيف جعل النية الصالحة سببا قويا للرزق واداء الله وجعل النية السيئة سببا للتلف والاتلاف وكذلك تجري النية في الامور المباحة والامور الدنيوية فان من قصد بكسبه واعماله الدنيوية والعادية الاستعانة بذلك على القيم وقيامه بالواجبات والمستحبات واستصحب هذه النية الصالحة في اكله وشربه ونومه. ورا ومكاسبه. انقلبت عاداته عبادات بارك الله للعبد في اعماله. وفتح له من ابواب الخير والرزق امورا لا يحتسبها. ولا تخطر له على بال. ومن فاتته هذه النية الصالحة لجهله او تهاونه فلا يلومن الا نفسه وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال انك لن تعمل عملا تبتغي به وجه الله الا اجرت عليه حتى ما تجعله في في امرأتك. فعلم بهذا ان هذا الحديث جامع لامور الخير كلها. فحقيق بالمؤمن من الذي يريد نجاة نفسه ونفعها؟ ان يفهم معنى هذا الحديث وان يكون العمل به نصب عينيه في جميع احواله واوقاته واما حديث عائشة رضي الله عنها فان قوله صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد او من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد. فيدل بالمنطوق وبالمفهوم اما منطوقه فانه يدل على ان كل بدعة احدثت في الدين ليس لها اصل في الكتاب والسنة. سواء كانت من البدع القولية الكلام كالتجهم والرفض والاعتزال وغيرها. او من البدع العملية كالتعبد لله بعبادات لم يشرعها الله ولا رسوله فان ذلك كله مردود على اصحابه. واهله مذمومون بحسب في بداعهم وبعدها عن الدين. فمن اخبر بغير ما اخبر الله به ورسوله او تعبد بشيء لم يأذن الله به ورسوله ولم يشرعه فهو مبتدع. ومن حرم المباحات او تعبد بغير الشرعيات فهو ومبتدع واما مفهوم هذا الحديث فان من عمل عملا عليه امر الله ورسوله وهو التعبد لله بالعقائد الصحيحة اعمالي الصالحة من واجب ومستحب. فعمله مقبول وسعيه مشكور. ويستدل بهذا الحديث على ان كل عبادة فعلت على وجه منهي عنه فانها فاسدة. لانه ليس عليها امر الشارع وان النهي يقتضي الفساد. وكل معاملة نهى الشارع عنها فانها لاغية لا يعتد بها. الحديث الثالث عن تميم الداري رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى صلى الله عليه وعلى اله وسلم الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة. قالوا لمن يا رسول الله؟ قال ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه كرر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذه الكلمة اهتماما للمقام. وارشادا للامة ان يعلم حق العلم ان الدين كله ظاهره وباطنه منحصر في النصيحة وهي القيام التام بهذه الحقوق الخمسة. فالنصيحة الاعتراف بوحدانية الله. وتفرده بصفات الكمال على وجه لا يشاركه فيها مشارك بوجه من الوجوه والقيام بعبوديته ظاهرا وباطنا. والانابة اليه كل وقت بالعبودية والطلب. رغبة ورهبة مع التوبة والاستغفار الدائم لان العبد لابد له من التقصير في شيء من واجبات الله او التجري على بعض المحرمات. وبالتوبة اللازمة والاستغفار الدائم. ينجبر نقصه ويتم عمله وقوله واما النصيحة لكتاب الله فبحفظه وتدبره وتعلمه الفاظه ومعانيه. والاجتهاد في العمل به في نفسه وفي غيره واما النصيحة للرسول فهي الايمان به ومحبته وتقديمه فيها على النفس والمال والولد. واتباعه في الدين وفروعه. وتقديم قوله على قول كل احد والاجتهاد في الاهتداء بهديه والنصر لدينه. واما النصيحة لائمة المسلمين وهم ولاتهم من الامام الاعظم الى الامراء والقضاة الى من لهم ولاية عامة او خاصة. فباعتقاد ولايتهم والسمع والطاعة لهم. وحث الناس على ذلك. وبذل ما يستطيعه من من ارشادهم وتنبيههم الى كل ما ينفعهم وينفع الناس والى القيام بواجبهم. واما النصيحة لعامة المسلمين فبأني احب لهم ما يحب لنفسه. ويكره لهم ما يكره لنفسه ويسعى في ذلك بحسب الامكان. فان من احب شيئا سعى له واجتهد في تحقيقه وتكميله. فالنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فسر النصيحة بهذه الامور الخمسة التي تشمل القيام بحق حقوق الله. وحقوق كتابه وحقوق رسوله وحقوق جميع المسلمين على اختلاف احوالهم وطبقاتهم. فشمل ذلك الدين كله. ولم يبقى منه شيء الا دخل في هذا الكلام الجامع في المحيط. والله اعلم. الحديث الرابع. عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال اتى اعرابي النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال دلني على عمل اذا عملت دخلت الجنة. قال تعبد الله ولا تشركوا به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة. وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان. قال والذي نفسي بيده لا ازيد على هذا هذا شيئا ولا انقص منه. فلما ولى قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. من سره ان ينظر الى رجل من اهل الجنة فلينظر الى هذا. متفق عليه. قال شيخ السعدي رحمه الله في شرحه قد وردت احاديث كثيرة فيها هذا الاصل الكبير الذي دل عليه الحديث. وكلها مدلولها متفق او متقارب. على ان من ادى ما فرض الله عليه بحسب المشتركة والفروض المختصة. بالاسباب التي من وجدت فيه وجبت عليه فمن ادى الفرائض واجتنب المحرمات استحق دخول الجنة والنجاة من النار ومن اتصف بهذا الوصف فقد استحق اسم الاسلام والايمان وصار من المتقين المفلحين. وممن سلك الصراط المستقيم تقييم ويشبه هذا ويقاربه الحديث الخامس عن سفيان بن عبدالله الثقفي انه قال قلت يا رسول الله اه قل لي في الاسلام قولا لا اسأل عنه احدا بعدك قال قل امنت بالله ثم استقم. رواه مسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه فهذا الرجل طلب من النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم كلاما جامعا للخير نافعا. موصلا صاحبه الى الفلاح فامره النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بالايمان بالله الذي يشمل ما يجب اعتقاده من عقائد الايمان واصوله وما يتبع ذلك من اعمال القلوب والانقياد والاستسلام لله طينا وظاهرا. ثم الدوام على ذلك الاستقامة عليه الى الممات. وهو نظير قوله تعالى ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل الا تخافوا. الا لا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم فرتب على الايمان والاستقامة السلامة من جميع الشرور وحصول الجنة وجميع المحاب وقد دلت نصوص الكتاب والسنة الكثيرة. على ان الايمان كان يشمل ما في القلوب من العقائد الصحيحة. واعمال القلوب من الرغبة في الخير والرهبة من الشر. وارادة الخير وكراهة الشر واعمال الجوارح ولا يتم ذلك الا بالثبات عليه الحديث السادس عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده. والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه متفق عليه. وزاد الترمذي والنسائي. والمؤمن من امنهن الناس على دمائهم واموالهم. وزاد البيهقي المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله. قال الشيخ السعدي رحمه الله الله في شرحه ذكر في هذا الحديث كمال هذه الاسماء الجليلة التي رتب الله ورسوله عليها سعادة الدنيا والاخرة وهي الاسلام والايمان والهجرة والجهاد. وذكر وحدودها بكلام جامع شامل. وان المسلم من سلم المسلمون من لسانه احسانه ويده. وذلك ان الاسلام الحقيقي هو الاسلام لله وتكميل عبوديته. والقيام بحقوقه وحقوق المسلمين ولا يتم الاسلام حتى يحب للمسلمين ما يحب لنفسه ولا يتحقق ذلك الا بسلامتهم من شر لسانه وشر يده فان هذا اصل هذا الفرض الذي عليه للمسلمين. فمن لم يسلم المسلمون من لسانه او يده كيف يكون قائما بالفرض الذي عليه لاخوانه المسلمين. فسلامتهم من شره القول والفعلي عنوان على كمال اسلامه. وفسر المؤمن بانه الذي يأمنه الناس على دمائهم واموالهم. فان الايمان اذا دار في القلب وامتلأ به. اوجب لصاحبه القيام بحقوق الايمان من التي من اهمها رعاية الامانات والصدق في المعاملات والورع عن ظلم الناس في دمائهم واموالهم. ومن كان كذلك عرف الناس هذا منه. وامنوه على دمائهم واموالهم ووثقون لما يعلمون منه من مراعاة الامانات. فان رعاية امانة من اخص واجبات الايمان. كما قال صلى الله عليه وعلى اله سلم لا ايمان لمن لا امانة له. وفسر صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم الهجرة. التي هي فرض عين على كل مسلم بانها هجرة الذنوب والمعاصي. وهذا الفرد لا يسقط عن كل مكلف في كل حال من احواله. فان الله حر على عباده انتهاك المحرمات. والاقدام على المعاصي والهجرة الخاصة التي هي الانتقال من بلد الكفر او البدع اله بلد الاسلام والسنة. جزء من هذه الهجرة. وليست واجبة على كل لاحد وانما تجب بوجود اسبابها المعروفة. وفسر المجاهد بانه الذي جاهد نفسه على طاعة الله. فان النفس ميال الى الكسل عن الخيرات. امارة بالسوء. سر التأثر عند المصائب. وتحتاج الى صبر وجهاد في الزامها طاعة الله وثباتها عليها. ومجاهدتها عن معاصي الله وردعها عنها. وجهادها على الصبر عند المصائب. وهذه هي الطاعات امتثال المأمور واجتناب المحظور والصبر على المقدور المجاهد حقيقة من جاهدها على هذه الامور لتقوم بواجبها ووظيفتها ومن اشرف هذا النوع واجله. مجاهدتها على قتال الاعداء ياء ومجاهدتهم بالقول والفعل. فان الجهاد في سبيل الله اه ذروة سنام الدين. فهذا الحديث من قام بما دل عليه قد قام بالدين كله. من سلم المسلمون من لسانه ويده. وامنه الناس وعلى دمائهم واموالهم. وهجر ما نهى الله عنه. وجاهد نفسه على طاعة الله لا فانه لم يبق من الخير الديني والدنيوي الظاهري والباطني شيئا الا فعله. ولا من الشر شيئا الا تركه. والله الموفق وحده الحديث السابع عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اربع كن فيه كان منافقا خالصا. ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه فيه خصلة من النفاق حتى يدعها. اذا اؤتمن خان واذا حدث كذب واذا عاهد غدر واذا خاصم فجر متفق عليه قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه النفاق اساس الشر وهو ان يظهر الخير ويبطن الشر. هذا الحد يدخل فيه النفاق اكبر الاعتقادي. الذي يظهر صاحبه الاسلام ويبطن الكفر هذا النوع مخرج من الدين بالكلية. وصاحبه في الدرك الاسفل من النار وقد وصف الله هؤلاء المنافقين بصفات الشر كلها من الكفر وعدم الايمان والاستهزاء بالدين واهله والسخرية منهم والميل بالكلية الى اعداء الدين. لمشاركة لهم في عداوة دين الاسلام. وهم موجودون في كل زمان ولا سيما في هذا الزمان الذي طغت فيه المادية والالحاد والابادة تحية والمقصود هنا القسم الثاني من النفاق الذي ذكر في هذا الحديث فهذا النفاق العملي وان كان لا يخرج من الدين بالكلية فانه دهليز الكفر اجتمعت فيه هذه الخصال الاربع. فقد اجتمع فيه الشر وخلصت فيه نعوت المنافقين. فان الصدق والقيام بالامانات الوفاء بالعهود والورع عن حقوق الخلق هي جماع الخير ومن اخص اوصاف المؤمنين. فمن فقد واحدة منها فقد هدم فرضا من فروض الاسلام والايمان. فكيف بجميعها فالكذب في الحديث يشمل الحديث عن الله والحديث عن رسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم. الذي من كذب عليه متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ويشمل الحديث عما يخبر به من الوقائع الكلية والجزئية. فمن كان هذا شأنه فقد شارك كالمنافقين في اخص صفاتهم. وهي الكذب الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اياكم والكذب فان الكذب يدعو الى الفجور. وان الفجور يدعو الى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب. حتى يكتب عند الله كذب ذهب ومن كان اذا اؤتمن على الاموال والحقوق والاسرار خانقين ولم يقم بامانته فاين ايمانه؟ واين حقيقة اسلامه وكذلك من ينكث العهود التي بينه وبين الله والعهود التي بينه وبين الخلق. فهو موصوف بصفة خبيثة من صفات المنافقين. وكذلك من لا يتورع عن اموال الخلق وحقوقه حقوقهم. ويغتنم فرصها. ويخاصم فيها ليثبت باطلا او يدفع حقا. فهذه الصفات لا تكاد تجتمع وفي شخص ومعه من الايمان ما يجزي او يكفي. فانها تنافس الايمان اشد المنافاة. واعلم ان من اصول اهل السنة والجماعة انه قد يجتمع في العبد خصال خير وخصال شر وخصال ايمان وخصال كفر او نفاق. ويستحق من الثواب العقاب بحسب ما قام به من موجبات ذلك. وقد دل على هذا الاصل نصوص كثيرة من الكتاب والسنة. فيجب العمل بكل النصوص وتصديقها كلها. وعلينا ان نتبرأ من مذهب بالخوارج الذين يدفعون ما جاءت به النصوص من بقاء الايمان بقاء الدين. ولو فعل الانسان من المعاصي ما فعل. اذا الم يفعل شيئا من المكفرات التي تخرج صاحبها من الايمان فالخوارج يدفعون ذلك كله. ويرون من فعل شيئا من الكبائر ومن خصال الكفر او خصال النفاق انه خارج من الدين وما كان طاهرا في الحياة وبعد الممات. ذكي او لم يذك وهو حلال. وذلك كحيوانات البحر كلها والجراد واستدل كثير من اهل العلم بقوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم مخلد في النار. وهذا مذهب باطل بالكتاب والسنة واجماع سلف الامة. الحديث الثامن عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. يأتي الشيطان احدكم فيقول من خلق كذا من خلق كذا حتى يقول اولى من خلق الله فاذا بلغه فليستعذ بالله ولينته وفي لفظ فليقل امنت بالله ورسله. متفق عليه وفي لفظ لا يزال الناس يتساءلون حتى يقولوا من خلق الله قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه احتوى هذا الحديث على انه لابد ان يلقي الشيطان هذا الايراد الباطل اما وسوسة محضة او على لسان شياطين الانس وملاحدته وقد وقع كما اخبر. فان الامرين وقعا لا يزال الشيطان يدفع الى قلوب من ليست لهم بصيرة هذا السؤال الباطل ولا يزال اهل الالحاد يلقون هذه الشبهة التي هي ابطل الشبه ويتكلمون عن العلل وعن مواد العالم بكلام من سخيف معروف. وقد ارشد النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في هذا الحديث العظيم. الى دفع هذا السؤال بامور ثلاثة بالانتهاء والتعوذ من الشيطان وبالايمان اما الانتهاء وهو الامر الاول. فان الله تعالى جعل للافكار والعقول حدا تنتهي اليه. ولا تتجاوزه ويستحيل لو حاولت مجاوزته ان تستطيع. لانه محال ومحاولة المحال من الباطل والسفه. ومن امحل المحال التسلسل في المؤثرين والفاعلين. فان المخلوقات لها ابتداء انتهاء. وقد تتسلسل في كثير من امورها. حتى تنتهي الى الله الذي اوجدها واوجد ما فيها من الصفات والمواد والعناصر المنتهى. فاذا اذا وصلت العقول الى الله تعالى وقفت وانتهت. فانه وللذي ليس قبله شيء. والاخر الذي ليس بعده شيء فاوليته تعالى مبتدأ لها مهما فرضت الازمان والاحوال وهو الذي اوجد الازمان والاحوال والعقول التي هي بعض قوى الانسان فكيف يحاول العقل ان يتشبث في ايراد هذا السؤال الباقي فالفرد عليه المحتم في هذه الحال الوقوف والانتهاء الامر الثاني التعوذ بالله من الشيطان فان هذا من وساوسه والقائه في القلوب. ليشكك الناس في الايمان بربهم فعلى العبد اذا وجد ذلك ان يستعيذ الله منه فمن تعوذ بالله بصدق وقوة اعاذه الله وطرده عنه الشيطان. واضمحلت وساوسه الباطلة. الامر الثالث ان يدفعه بما يضاده من الايمان بالله ورسله فان الله ورسله اخبروا بانه تعالى الاول الذي ليس قبله وشيء وانه تعالى المتفرد بالوحدانية الخلق والايجاد للموجودات السابقة واللاحقة. فهذا الايمان الصحيح الصادق اليقيني. يدفع جميع ما يضاده من الشكر المنافية له. فان الحق يدفع الباطل. والشكوك لا تعارض اليقين. فهذه الامور الثلاثة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم تبطل هذه الشبه التي لا تزال على السنة الملاحدة. يلقونها بعبارات متنوعة فامر بالانتهاء الذي يبطل التسلسل الباطل وبالتعوذ من الشيطان الذي هو الملقي لهذه الشبهة. وبالايمان الايمان الصحيح الذي يدفع كل ما يضاده من الباطل. والحمدلله فبالانتهاء قطع الشر مباشرة. وبالاستعاذة قطع سبب الداعي الى الشر. وبالايمان اللجأ والاعتصام بالاعتقاد الصحيح يقيني الذي يدفع كل معارض. وهذه الامور ثلاثة هي جماع الاسباب الدافعة لكل شبهة تعارض الايمان فينبغي العناية بها في كل ما عرض للايمان من شبهة واشتباه يدفعه العبد مباشرة بالبراهين الدالة على ابطاله وباثبات ضده. وهو الحق الذي ليس بعده الا الضلال اعوذ بالله من الشيطان الذي يدفع الى القلوب فتن الشبهات الشهوات ليزلزل ايمانهم ويوقعهم بانواع المعاصي فبالصبر واليقين ينال العبد السلامة من فتن الشهوات ومن فتن الشبه والله هو الموفق الحافظ الحديث التاسع عن عبدالله بن عمر انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. كل شيء بقدر حتى العجز والكيس رواه مسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه هذا الحديث متضمن لاصل عظيم من اصول الايمان الست وهو الايمان بالقدر خيره وشره. حلوه ومره عامه وخاصه. سابقه ولاحقه بان يعترف العبد ان علم الله محيط بكل شيء. وانه علم اعمالا العباد خيرها وشرها. وعلم جميع امورهم واحوالهم وكتب ذلك في اللوح المحفوظ. كما قال تعالى الم تعلم ان الله يعلم ما في الارض ياسين. ثم ان الله ينفذ هذه الاقدار في اوقات فيها بحسب ما تقتضيه حكمته ومشيئته الشاملتان لكل ما كان كان وما يكون. الشاملتان للخلق والامر. وانه مع ذلك ومع خلقه للعباد وافعالهم وصفاتهم. فقد فاعطاهم قدرة وارادة تقع بها افعالهم بحسب اختيارهم يجبرهم عليها. وهو الذي خلق قدرتهم ومشيئتهم وخالق السبب التام خالق للمسبب افعالهم واقوالهم تقع بقدرتهم ومشيئتهم اللتين خلقهما الله فيهم كما خلق بقية قواهم الظاهرة والباطنة. ولكن انه تعالى يسر كلا لما خلق له. فمن وجه وجهه وقصده له لربه حبب اليه الايمان. وزينه في قلبه. وكرم اليه الكفر والفسوق والعصيان. وجعله من الراشدين فتمت عليه نعم الله من كل وجه. ومن وجه وجهه لغير بل تولى عدوه الشيطان لم ييسره لهذه الامور بل ولاه الله ما تولى وخذله. ووكله الى نفسه فضل وليس له على ربه حجة. فان الله اعطاه جميع الاسباب التي يقدر بها على الهداية. ولكنه اختار الضلالة على الهدى. فلا يلومن الا نفسه. قال تعالى فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة انه متخذ الشياطين اولياء من دون وقال يهدي به الله من ويخرج ويهديهم الى صراط مستقيم وهذا القدر يأتي على جميع احوال العبد. افعاله وصفاته حتى العجز والكيس وهما الوصفان المتضادان اللذان ينال اول منهما وهو العجز الخيبة والخسران. وبالثاني وهو الكيس جد في طاعة الرحمن. والمراد هنا العجز الذي يلام عليه العبد وهو عدم الارادة وهو الكسل. لا العجز الذي هو عدم القدرة وهذا هو معنى الحديث الاخر. اعملوا فكل ميسر لما خلق قال اما اهل السعادة فيسرون لعمل السعادة وذلك بكيسهم وتوفيقهم. ولطف الله بهم. والكيس حاجزهما المذكوران في قوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت. والعاجل من اتبع نفسه هواها. وتمنى على الله الاماني الحديث العاشر عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من دعا الى هدى كان له من الاجر مثل اجور من تبعه. من غير ان ذلك من اجورهم شيئا. ومن دعا الى ضلالة كان عليه من الاثم مثل اثام من تبعه. لا ينقص ذلك من اثامهم شيئا رواه مسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه هذا الحديث وما اشبهه من الاحاديث فيه الحث على الدعوة الى الهدى والخير. وفضل الداعي والتحذير من الدعاء الى الضلالة والغير وعظم جرم الداعي وعقوبته. والهدى هو العلم النافع والعمل الصالح. فكل من علم علما او وجه المتعلم الى سلوك طريقة يحصل لهم فيها علم. فهو داع الى ان هدى وكل من دعا الى عمل صالح يتعلق بحق الله او بحقوق الخلق العامة والخاصة. فهو داع الى الهدى وكل من ابدى نصيحة دينية او دنيوية يتوصل بها الى فهو داع الى الهدى. وكل من اهتدى في في علمه او عمله فاقتدى به غيره. فهو داع الى الهدى وكل من تقدم غيره بعمل خيري او مشروع عام نفع هو داخل في هذا النص. وعكس ذلك كله الداعي الى الضلالة فاعون الى الهدى هم ائمة المتقين وخيار المؤمنين والداعون الى الضلالة هم الائمة الذين يدعون الى النار وكل من عاون غيره على البر والتقوى. فهو من الداعين الى الهدى وكل من اعان غيره على الاثم والعدوان فهو من الداعين الى الضلالة الحديث الحادي عشر. عن معاوية رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين متفق عليه. قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه هذا الحديث من اعظم فضائل العلم. وفيه ان العلم النافع علامة على سعادة العبد. وان الله اراد به خيرا والفقه في الدين يشمل الفقه في اصول الايمان وشرائع الاسلام احكام وحقائق الاحسان. فان الدين يشمل الثلاثة كلها لها كما في حديث جبريل لما سأل النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن الايمان والاسلام والاحسان. واجابه صلى الله عليه وعلى اله وسلم بحدودها. ففسر الايمان باصوله السترة وفسر الاسلام بقواعده الخمس الاحسان بان تعبد الله كأنك تراه. فان لم تكن تراه فانه ويراك فان لم تكن تراه فانه يراك في ذلك التفقه في العقائد. ومعرفة مذهب السلف فيها والتحقق به ظاهرا وباطنا. ومعرفة مذاهب المخالفين وبيان مخالفتها للكتاب والسنة. ودخل في ذلك علم الفقه اصوله وفروعه. احكام العبادات والمعاملات والجنايات وغيرها. ودخل في ذلك التفقه بحقائق الايمان ومعرفة السير والسلوك الى الله. الموافقة لما دل عليه الكتاب الكتاب والسنة وكذلك يدخل في هذا تعلم جميع الوسائل المعينة على الفقه في طين كعلوم العربية بانواعها. فمن اراد الله به خيرا خيرا فقهه في هذه الامور ووفقه لها. ودل مفهوم الحج على ان من اعرض عن هذه العلوم بالكلية. فان الله الله لم يرد به خيرا. لحرمانه الاسباب التي تنال بها الخيرات وتكتسب بها السعادة. الحديث الثاني عشر عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله آله وسلم. المؤمن القوي خير واحب الى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير. احرص على ما ينفعك. واستعن بالله ولا تعجز وان اصابك شيء فلا تقل لو اني فعلت كذا كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل. فان لو عمل الشيطان. رواه مسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه هذا الحديث اشتمل على اصول عظيمة وكلمات جامعة. فمنها اثبات المحبة صفة لله. وانها متعلقة بمحبوباته وبمن قام بها ودل على انها تتعلق بارادة ومشيئته وايضا تتفاضل فمحبته للمؤمن القوي اعظم من محبته المؤمن الضعيف ودل الحديث على ان الايمان يشمل العقائد اذا قلبية والاقوال والافعال. كما هو مذهب اهل السنة والجماعة فان الايمان بضع وسبعون شعبة. اعلاها قول لا اله الا الله. وادناها اماطة الاذى عن الطريق. والحياء شعبة منه. وهذه الشعب التي ترجع الى الاعمال الباطنة ظاهرة كلها من الايمان. فمن قام بها حق القيام وكمل نفسه بالعلم النافع والعمل الصالح. وكمل غيره فواصي بالحق والتواصي بالصبر. فهو المؤمن القوي الذي حاز اعلى اه مراتب الايمان. ومن لم يصل الى هذه المرتبة فهو المؤمن الضعيف. وهذا من ادلة السلف ان الايمان يزيد وينقص وذلك بحسب علوم الايمان ومعارفه وبحسب اعماله وهذا الاصل قد دل عليه الكتاب والسنة في مواضع كثيرة ولما فاضل النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بين المؤمنين قويهم وضعيفهم. خشي من توهم القدح في المفضول فقال وفي كل خير. وفي هذا الاحترام قذي فائدة نفيسة. وهي ان على من فاضل بين الاشخاص او الاجناس او في الاعمال ان يذكر وجه التفضيل. وجهة التفضيل. ويحترز ذكر الفضل المشترك بين الفاضل والمفضول. لان لا يتطرق القدح الى مفضول. وكذلك في الجانب الاخر. اذا ذكرت مراتب الشر والاشرار. وذكر التفاوت بينها. فينبغي بعد ذلك ان يذكر القدر المشترك بينها. من اسباب الخير او الشر وهذا كثير في الكتاب والسنة. وفي هذا الحديث ان مؤمنين يتفاوتون في الخيرية. ومحبة الله والقيام بدينه انهم في ذلك درجات. ولكل درجات ما عملوا ويجمعهم ثلاثة اقسام. السابقون الى الخيرات. وهم الذين قاموا بالواجبات والمستحبات. وتركوا المحرمات والمكروهات. وفضول اولى المباحات. وكملوا ما باشروه من الاعمال. واتصفوا بجميع صفاته الكمال. ثم المقتصدون. الذين اقتصروا على القيام بالواجبات وترك المحظورات. ثم الظالمون لانفسهم الذين خلطوا عملا صالحا واخر سيئا. وقوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. احرص على ما ينفعك واستعن بالله كلام جامع نافع. محتو على سعادة الدنيا والاخرة والامور النافعة قسمان. امور دينية وامور دنيوية والعبد محتاج الى الدنيوية كما انه محتاج الى الدينية فمدار سعادته وتوفيقه على الحرص والاجتهاد على الامور النافعة منهما مع الاستعانة بالله تعالى. فمتى حرص العبد على الامور النافعة واجتهد فيها. وسلك اسبابها وطرقها واستعان بربه في حصولها وتكميلها. كان ذلك ذلك كماله وعنوان فلاحه. ومتى فاته واحد من هذه الثلاثة. فاته من الخير بحسبها. فمن لم يكن كن حريصا على الامور النافعة بل كان كسلانا. لم يدرك شيئا فالكسل هو اصل الخيبة والفشل. فالكسلان لا يدرك خيرا ولا ينال مكرمه. ولا يحظى بدين ولا دنيا. ومتى كان حريصا ولكن على غير الامور النافعة. اما على امور ضارة او مفوتة للكمال. كان ثمرة حرصه الخيبة وفوات الخير وحصول الشر والضرر. فكم من حريص على سلوك طرق واحوال غير نافعة. لم يستفد من حرصه الا التعب والعناء والشق قاء ثم اذا سلك العبد الطرق النافعة وحرص عليها واجتهد فيها لم تتم له الا بصدق اللجأ الى الله والاستعانة به ادراكها وتكميلها. والا يتكل على نفسه وحوله وقوته بل يكون اعتماده التام بباطنه وظاهره على ربه فبذلك تهون عليه المصاعب. وتتيسر له الاحوال وتتم له النتائج والثمرات الطيبة في امر الدين وامر ظلم العباد بعضهم لبعض. فمن كمال عدله ان يقتص الخلق بعد بعضهم من بعض بقدر مظالمهم. ونوع تحت مشيئة الله ان شاء عاقب عليه وان شاء عفا عن اهله. وهو دنيا لكنه في هذه الاحوال محتاج بل مضطر غاية الاضطراب الى معرفة الامور النافعة التي ينبغي الحرص عليها والجد في طلبها. فالامور النافعة في الدين ترجع الى امرين علم نافع وعمل صالح. اما العلم النافع فهو العلم المزكي للقلوب والارواح. المثمر ولسعادة الدارين. وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم من حديث وتفسير وفقه. وما يعين على ذلك من علو من عربية بحسب حالة الوقت والموضع الذي فيه الانسان وتعيين ذلك يختلف باختلاف الاحوال. والحالة التقريبية ان يجتهد طالب العلم في حفظ مختصر من مختصرات الفن الذي فيه فان تعذر او تعسر عليه حفظه لفظا فليكرره وكثيرا. متدبرا لمعانيه. حتى ترسخ معانيه في في قلبه ثم تكون باقي كتب هذا الفن التفسير والتوضيح والتفريق في غير ذلك الاصل الذي عرفه وادركه. فان الانسان اذا حفظ الاصول وصار له ملكة تامة في معرفتها هانت عليه كتب الفن كلها صغارها وكبارها. ومن ضيع الاصول حرم الوصول. فمن حرص على هذا الذي ذكرناه بالله اعانه الله. وبارك له في علمه وطريقه الذي سلكه ومن سلك في طلب العلم غير هذه الطريقة النافعة. فاتت عليه الاوقات ولم يدرك الا العناء. كما هو معروف بالتجربة والواقع يشهد به. فان يسر الله له معلما يحسن طريقه التعليم ومسالك التفهيم. تم له السبب الموصل الى العلم والامر الثاني وهو العمل الصالح. فهو العمل الذي جمع الاخلاص وصل الله والمتابعة للرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهو التقرب الى الله. باعتقاد ما يجب لله من صفات الكمال وما يستحقه على عباده من العبودية وتنزيهه عما لا يليق بجلاله. وتصديقه وتصديقه رسوله في كل خبر اخبر به عما مضى وعما يستقبل من الرسل والكتب والملائكة واحوال الاخرة. والجنة والنار الثواب والعقاب وغير ذلك. ثم يسعى في اداء ما فرضه الله الله على عباده من حقوق الله وحقوق خلقه ويكمل ذلك بالنوافل والتطوعات خصوصا المؤكدة في اوقاتها. مستعينا بالله على فقير لها وعلى تحقيقها وتكميلها. وفعلها على وجه الاخلاص الذي لا يشوبه غرض من الاغراض النفسية. وكذا ذلك يتقرب الى الله بترك المحرمات. وخصوصا التي تدعو اليه فيها النفوس وتميل اليها. فيتقرب الى ربه بتركها لله كما يتقرب اليه بفعل المأمورات. فمتى وفق العبد بسلوك هذا الطريق في العمل. واستعان الله على ذلك افلح وانجح وكان كماله بحسب ما قام به من هذه الامور ونقصه بحسب ما فاته منها. واما الامور النافعة في الدنيا فالعبد لابد له من طلب الرزق. فينبغي ان السلوك انفع الاسباب الدنيوية اللائقة بحاله. وذلك يختلف ويقصد بكسبه وسعيه القيام بواجب نفسه وواجب من يعوله. ومن يقوم بمؤونته. وينوي شفاف والاستغناء بطلبه عن الخلق. وكذلك ينوي بسعيه وكسبه تحصيل ما تقوم به العبوديات المالية. من الزكاة والصدقة والنفقات الخيرية الخاصة والعامة مما يتوقف على المال ويقصد المكاسب الطيبة. متجنبا للمكاسب الخبيثة المحرمة. فمتى كان طلب العبد وسعيه في دنيا لهذه المقاصد الجليلة. وسلك انفع طريق يراه منادي نصيبا لحاله. كانت حركاته وسعيه قربة يتقرب الى الله ومن تمام ذلك الا يتكل العبد على حوله وقوته وذكائه ومعرفته. وحذقه بمعرفة الاسباب بل يستعين بربه متوكلا عليه. راجيا منه ان ييسره لايسر الامور وانجحها. واقربها تحصيل لمراده ويسأل ربه ان يبارك له في رزقه. فاول بركة الرزق ان يكون مؤسسا على التقوى والنية الصالحة. ومن بركة الرزق ان يوفق العبد لوضعه في مواضعه الواجبة والمستحبة. ومن بركة الرزق الا ينسى العبد الفضل في المعاملة. كما قال تعالى ولا بالتيسير على الموسرين وانظار المعسرين والمحاباة عند البيع والشراء. بما تيسر من قليل او كثير فبذلك ينال العبد خيرا كثيرا. فان قيل اي المكاسب اولى وافضل؟ قيل قد اختلف اهل العلم في ذلك فمنهم من فضل الزراعة والحراثة. ومنهم من فضل البيع والشراء ومنهم من فضل القيام بالصناعات والحرف ونحوها كل منهم ادلى بحجته. ولكن هذا الحديث هو الفاصل النزاع وهو انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال احرص على ما ينفعك واستعن بالله. والنافع من معلوم انه يختلف باختلاف الاحوال والاشخاص فمنهم من تكون الحراثة والزراعة افضل في حقه. ومنهم من البيع والشراء والقيام بالصناعة التي يحسنها افضل في حقه فالافضل من ذلك وغيره الانفع. فصلوات الله وسلامه عليه الا من اعطي جوامع الكلم ونوافعها. ثم انه الله عليه وعلى اله وسلم حض على الرضا بقضاء الله وقدره بعد بذل الجهد. واستفراغ الوسع في الحرص على النافع فاذا اصاب العبد ما يكرهه. فلا ينسب ذلك الى ترك باب بعض الاسباب التي يظن نفعها لو فعلها. بل يسكن الى وقدره ليزداد ايمانه. ويسكن قلبه وتستريح نفسه فان لو في هذه الحال تفتح عمل الشيطان. بنقص ايمانه بالقدر واعتراضه عليه. وفتح ابواب الهم والحزن المضعف للقلب. وهذه الحال التي ارشد اليها النبي صلى الله عليه على آله وسلم هي اعظم الطرق لراحة القلب وادعى لحصول القناعة والحياة الطيبة. وهو الحرص على الامور النافعة والاجتهاد في تحصيلها. والاستعانة بالله عليها وشكر الله على ما يسره منها. والرضا عنه بما ما فات ولم يحصل منها. واعلم ان استعمال لو يختلف باختلاف ما قصد بها فان استعملت في هذه الحال التي لا يمكن استدراكها الفائت فيها فانها تفتح على العبد عمل الشيطان كما تقدم وكذلك لو استعملت في تمني الشر والمعاصي فانها مذمومة وصاحبها اثم. ولو لم يباشر المعصية. فانه يتمنى حصولها واما اذا استعملت في تمني الخير او في بيان العلم النافع فانها محمودة. لان الوسائل الى نهى احكام المقاصد. وهذا الاصل الذي ذكره النبي صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم وهو الامر بالحرص على الامور في عهد ومن لازمه اجتناب الامور الضارة مع الاستعانة بالله يشمل استعماله والامر به في الامور الجزئية المختصة عبدي ومتعلقاته. ويشمل الامور الكلية المتعلقة بعمر قوم الامة فعليهم جميعا ان يحرصوا على الامور النافعة وهي المصالح الكلية. والاستعداد لاعدائهم بكل طاع مما يناسب الوقت. من القوة المعنوية والمادية ويبذلوا غاية مقدورهم في ذلك مستعينين بالله على تحقيقه وتكميله. ودفع جميع ما يضاد ذلك وشرح هذه الجملة يطول وتفاصيلها معروفة وقد جمع النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في هذا الحديث بين الايمان بالقضاء والقدر. والعمل بالاسباب النافعة وهذان الاصلان دل عليهما الكتاب والسنة في مواضع كثيرة ولا يتم الدين الا بهما. بل لا تتم الامور المقصودة كلها الا بهما. لان قوله احرص على ما ينفعك امر بكل سبب ديني ودنيوي. بل امر بالجد والاجتهاد في الحرص عليه نية وهمة فعلا وتدبيرا. وقوله واستعن بالله ايمان بالقضاء والقدر. وامر بالتوكل على الله الذي هو الاعتماد التام على حوله وقوته تعالى. في جلب مصالح ودفع المضار. مع الثقة التامة بالله في نجاح ذلك فالمتبع للرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم يتعين عليه ان يتوكل على الله في امر دينه ودنياه وان يقوم بكل سبب نافع بحسب قدرته وعلمه ومعرفته. والله الله المستعان. الحديث الثالث عشر. عن ابي موسى الاشعاري رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله آله وسلم المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين اصابعه. متفق عليه. قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه هذا حديث عظيم. فيه الخبر من النبي صلى الله عليه عليه وعلى اله وسلم عن المؤمنين انهم على هذا الوصف. ويتضمن هذا الاصل. وان يكونوا اخوانا متراحمين متحابين متعاطفين. يحب كل منهم للاخر ما يحب في نفسه ويسعى في ذلك. وان عليهم مراعاة المصالح الكلية في الجامعة لمصالحهم كلهم. وان يكونوا على هذا الوصف فان البنيان المجموع من اساسات وحيطان محيطة كلية وحيطان تحيط بالمنازل المختصة. وما تتضمنه من سقوف وابواب ومصالح ومنافع. كل نوع من ذلك لا يقوم بمفرده حتى ينضم بعضها الى بعض. كذلك المسلمون يجب ان ان يكونوا كذلك. فيراعوا قيام دينهم وشرائعه وما يقوم ذلك ويقويه. ويزيل موانعه وعوارضه فالفروض العينية يقوم بها كل مكلف. لا يسع مكلفا قادرا تركها او الاخلال بها. وفروض الكفايات. يجعل في كل فرد منها من يقوم به من المسلمين. بحيث تحصل بهم الكفاءة ويتم بهم المقصود المطلوب. قال تعالى في جهاد وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ولي وقال تعالى ولتكن منكم امة يدعون الى الخير يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر امر تعالى بالتعاون على البر والتقوى. فالمسلمون قصدهم ومطلوبهم واحد وهو قيام مصالح دينهم ودنياهم التي لا يتم الا بها. وكل طائفة تسعى في تحقيق مهمتها بحسب ما يناسبها ويناسب الوقت والحال. ولا يتم لهم ذلك الا بعقد المشاورات. والبحث عن المصالح الكلية وبأي وسيلة تدرك؟ وكيفية الطرق الى سلوكها. واعانة كل كل طائفة للاخرى في رأيها وقولها وفعلها. وفي دفع المعارضة والمعوقات عنها. فمنهم طائفة تتعلم وطائفة تعلم ومنهم طائفة تخرج الى الجهاد بعد تعلمها لفنون الحرب ومنهم طائفة ترابط وتحافظ على ومسالك الاعداء ومنهم طائفة تشتغل بالصناعات المخرجة للاسلحة المناسبة لكل بحسبه ومنهم طائفة تشتغل بالحراثة والزراعة والتجارة والمكاسب المتنوعة. والسعي في الاسباب الاقتصادية منهم طائفة تشتغل بدرس السياسة وامور الحرب والسلم. وما ما ينبغي عمله مع الاعداء. مما يعود الى مصلحة الاسلام والمسلمين وترجيح اعلى المصالح على ادناها. ودفع اعلى بالنزول الى ادناها. والموازنة بين الامور. ومعرفة حقيقة المصالح والمضار ومراتبها. وبالجملة يسعون كلهم تحقيق مصالح دينهم ودنياهم. متساعدين متساندين يرون الغاية واحدة وان تباينت الطرق. والمقصود واحد وان تعددت الوسائل اليه. فما انفع العمل بهذا الحديث العظيم الذي ارشد فيه هذا النبي الكريم امته الى ان يكونوا كالبنيان يشد بعضه بعضا. وكالجسد الواحد. اذا اشتكى من عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر. ولهذا حث فالشارع على كل ما يقوي هذا الامر. وما يوجب المحبة بين المؤمن وما به يتم التعاون على المنافع. ونهى عن التفرق والتعادي. وتشتيت الكلمة في نصوص كثيرة حتى عد هذا اصلا عظيما من اصول الدين. تجب مراعاته واعتباره وترجيحه على غيره. والسعي اليه بكل ممكن فنسأل الله تعالى ان يحقق للمسلمين هذا الاصل. ويؤلف بين قلوبهم ويجعلهم يدا واحدة على من ناوأهم وعاداهم ان انه كريم. الحديث الرابع عشر. عن ابي موسى رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان اذا اتاه سائل او طالب حاجة قال اشفعوا فلتؤجروا ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء. متفق عليه. قال الشيخ سعدي رحمه الله في شرحه وهذا الحديث متضمن لاصل كبير وفاء فائدة عظيمة وهو انه ينبغي للعبد ان يسعى في امور الخير سواء اثمرت مقاصدها ونتائجها او حصل بعضها او لم يتم منها شيء. وذلك كالشفاعة اصحاب الحاجات عند الملوك والكبراء. ومن تعلقت حاجاتهم بهم فان كثيرا من الناس يمتنع من السعي فيها اذا لم يعلم قبول شفاعته. فيفوت على نفسه خيرا كثيرا من الله ومعروفا عند اخيه المسلم. فلهذا امر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اصحابه. ان يساعدوا اصحاب الحاجة بالشفاعة لهم عنده. ليتعجلوا الاجر عند الله. لقوله اشفعوا تؤجروا. فان الشفاعة الحسنة محبوبة لله. ومرضية له. قال تعالى من يشفع شفاعة ومع تعجله الاجر الحاضر فانه ايضا يتعجل الاحسان وفعل المعروف مع اخيه ويكون له بذلك عنده يد. وايضا فلعل شفاعته تكون سببا لتحصيل مراده من المشفوع له او لبعضه. كما هو الواقع فالسعي في امور الخير والمعروف التي يحتمل ان تحصل او لا تحصل خير عاجل. وتعويد للنفوس على الاعانة على وتمهيد للقيام بالشفاعات التي يتحقق او يظن قبولها وفيه من الفوائد السعي في كل ما يزيل اليأس فان الطلب والسعي عنوان على الرجاء والطمع في حصول المراد وضده بضده. وفي الحديث دليل على الترغيب في توجيه الناس الى فعله للخير وان الشفاعة لا يجب على المشفوع عنده قبولها الا ان يشفع في ايصال الحقوق الواجبة. فان الحق الواجب واجب يجب اداؤه وايصاله الى مستحقه. ولو لم يشفع فيه ويتأكد ذلك مع الشفاعة. وفيه ايضا رحمة الذي هو الخير كله. لا حول ولا قوة الا بالله ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ويقول اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة. اتي محمدا ان جميع الخير والمنافع العامة والخاصة. لم تنلها الامة الا اعلى يده وبوساطته وتعليمه وارشاده كما انه ارشدهم لدفع الشرور والاضرار العامة والخاصة بكل طريق فلقد بلغ الرسالة وادى الامانة. ونصح الامة صلوات الله وسلامه وبركاته عليه وعلى اله وصحبه قوله ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء. قضاؤه تعالى نوعان قضاء قدري يشمل الخير والشر والطاعات والمعاصي بل يشمل جميع ما كان وما يكون. وجميع الحوادث السابقة واللاحقة. واخص منه القضاء القدري الديني. الذي يختص وبما يحبه الله ويرضاه. وهذا الذي يقضي على لسان نبيه من القسم الثاني. اذ هو صلى الله عليه وعلى اله وسلم عبد رسول قد وفى مقام العبودية وكمل مراتب الرسالة فكل اقواله وافعاله وهديه واخلاقه. عبودية لله متعلقة بمحبوبات الله تعالى. ولم يكن في حق صلى الله عليه وعلى اله وسلم شيء مباح محض. لا ثواب فيه ولا اجر. فضلا عما ليس بمأمور. وهذا شأن العبد رسول الذي اختار صلى الله عليه وعلى اله وسلم هذه المرتبة التي هي اعلى المراتب. حين خير بين ان يكون رسولا ملكا او عبدا رسولا. الحديث الخامس عشر عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وعلى اله اله وسلم قال انزلوا الناس منازلهم. رواه ابو داوود قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه يا له من حديث حكيم فيه الحث لامته على مراعاة الحكمة. فان الحكمة ما توضع الاشياء مواضعها وتنزيلها منازلها. والله تعالى قال حكيم في خلقه وتقديره. وحكيم في شرعه وامره ونهيه وقد امر عباده بالحكمة ومراعاتها في كل شيء واوامر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وارشاداته كلها لا تدور على الحكمة. فمنها هذا الحديث الجامع اذ امر ان ننزل الناس منازلهم. وذلك في جميع المعاملات المخاطبات والتعلم والتعليم. فمن ذلك ان الناس قسمان قسم لهم حق خاص. كالوالدين والاولاد والاقارب والجيران والاصحاب والعلماء. والمحسنين بحسب احسانهم العام والخاص. فهذا القسم تنزيلهم منازلهم. القيام في حقوقهم المعروفة شرعا وعرفا. من البر والصلة والاحسان والوفاء والمواساة. وجميع ما لهم من الحقوق. فهذا هؤلاء يميزون عن غيرهم بهذه الحقوق الخاصة. وقسم ليس له مزية اختصاص بحق خاص. وانما لهم حق الاسلام وحق انسانية. فهؤلاء حقهم المشترك. ان تمنع عنهم والضرر بقول او فعل. وان تحب للمسلمين ما تحب لنفسك من الخير وتكره لهم ما تكره لها من الشر. بل يجب منع الاذى هذا عن جميع نوع الانسان. وايصال ما تقدر عليه لهم من الاحسان ومما يدخل في هذا ان يعاشر الخلق بحسب منازلهم فالكبير له التوقير والاحترام. والصغير يعامله الرحمة والرقة المناسبة لحاله. والنظير يعامله بما يحب ان يعامله به. وللام حق خاص بها. وللزوجة حق اخر. ويعامل من يدل عليه ويثق به ويتوسع معه ما لا يعامل به من لا يثق به ولا يدل عليه. ويتكلم مع الملوك وارباب الرياسات بالكلام اللين المناسب لمراتبهم. ولهذا فقال الله تعالى لموسى وهارون اذهبا الى فرعون انه طغى. فقولا له قولا لينا انه يتذكر او يخشى. ويعامل العلماء بالتوقيف والاجلال والتعلم. والتواضع لهم. واظهار الافتقار الحاجة الى علمهم النافع. وكثرة الدعاء لهم. خصوصا وقت تعليم وفتواهم الخاصة والعامة. ومن ذلك امر الصغار بالخير ونهيهم عن الشر بالرفق والترغيب. وبذل ما يناسب من الدنيا لتنشيط وتوجيههم الى الخير. واجتناب العنف القولي والفعلي ولهذا قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم مروا اولادكم فادكم بالصلاة لسبع سنين. واضربوهم عليها لعشر وكذلك سلك رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم مع المؤلفة قلوبهم من العطاء الدنيوي الكثير ما يحصل به التأليف يترتب عليه من المصالح. ولم يفعل ذلك مع من هو معروف بالايمان صادق. تنزيلا للناس منازلهم. وكذلك الزوجة والاولاد الصغار بالخطاب اللائق بهم. الذي فيه بسطهم وادخال السرور عليهم. وكذلك من تنزيل الناس منازلا ان تجعل الوظائف والدنيوية والممتزجة منهما من اكفاء المتميزين. الذين يفضلون غيرهم في ولاية تلك وظيفة فمعلوم ان ولاية الملك ان الواجب فيها خصوصا وفي غيرها عموما. مشاورة اهل الحل والعقد في تولية من ممن جمع القوة والشجاعة والحلم. ومعرفة السياسة الداخلية والخارجية. ومن له القوة الكافية لتنفيذ العدل. وايصال الحقوق الى اهلها. ورد الظلمة والمجرمين. وغير ذلك مما يدخل في الولاية وكذلك ولاية القضاء. يختار لها الاعلم بالشرع وبالواقع الافضل في دينه وعقله وصفاته الحميدة. وكذلك ولاية الامامة في المساجد في الجمعة والجماعة. يختار لها الاعلم باحكام العباد سادات الاتقى ثم الامثل فالامثل. وكذلك ولاية قيل قيادة الجيوش. يختار لها اهل القوة والشجاعة. والرأي النصح والمعرفة لفنون الحرب وادواتها. وما يتبع ذلك مما توقف عليه هذه الوظيفة المهمة. التي هي من اهم الوظائف اخطرها الى غير ذلك من الولايات الكبار والصغار انها داخلة في قوله تعالى الامانات الى اهلها. وهذه بنايات من اعظم الامانات. فيتعين ان تؤدى الى اهلها. وان ان يوظف فيها اهل الكفاءة بها. وكل وظيفة لها اكفاء مختصون وهو داخل في هذا الحديث الشريف كذلك يدخل في ذلك معاملة العصاة والمجرمين. فمن رتب الشارب على جرمه عقوبة من حد ونحوه. تعين ما عينه الشارع لانه هو عين المصلحة العامة الشاملة. ومن لم يعين له عقوبة عذر بحسب حاله ومقامه. فمنهم من يكفيه التوبيخ هو الكلام المناسب لفعلته. ومنهم من لا يردعه الا عقوبة البليغة. وكذلك في الصدقة والهدية. ليس الطواف الذي يدور على الناس فتكفيه التمرة والتمرتان واللقمة واللقمتان كعطية الفقير المتعفف الذي اصابته العيلة بعد وفي الاثر ارحموا عزيز قوم ذل وكذلك يميز من له اثار وسوابق وغناء ونفع للمسلمين على من ليس كذلك. فهذه الامور وما اشبهها داخلة في هذا الكلام في جامع الذي تواطأ عليه الشرع والعقل وما رآه المسلم حسنا فهو عند الله حسن. الحديث السادس عشر. عن ابي صرمة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من ضار ضار الله به ومن شاق شاق الله عليه رواه الترمذي وابن ماجه. قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه هذا الحديث دل على اصلين من اصول الشريعة. احدهما ان الجزاء من جنس العمل في الخير والشر. وهذا من حكمة الله التي يحمد عليها فكما ان من عمل بما يحبه الله احبه الله. ومن عمل بما يبغضه ابغضه الله. ومن يسر على مسلم يسر الله عليه في الدنيا والاخرة ومن فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم قيامة والله في حاجة العبد ما كان العبد في حاجة اخيه. كذلك من ضار مسلما ضره الله. ومن مكر به مكر الله به. ومن شق عليه شق الله عليه الى غير ذلك من الامثلة في هذا الاصل الاصل الثاني منع الضرر والمضارة. وانه لا ضرر ولا ضرار وهذا يشمل انواع الضرر كلها. والضرر يرجع الى احد ادي امرين اما تفويت مصلحة او حصول مضرة بوجه من الوجوه فالضرر غير المستحق لا يحل ايصاله وعمله مع الناس. بل يجب يجب على الانسان ان يمنع ضرره واذاه عنهم من جميع الوجوه. فيدخل في ذلك التدليس والغش في المعاملات وكتم العيوب فيها المكر والخداع والنجش. وتلقي الركبان وبيع المسلم على بيع اخيه شراء على شرائه. ومثله الايجارات وجميع المعاملات والخطبة على خطبة اخيه. وخطبة الوظائف التي فيها اهل لها قائم بها. فكل هذا من المضارة المنهي عنها وكل معاملة من هذا النوع فان الله لا يبارك فيها انه من ضار مسلما ضره الله. ومن ضاره الله ترحل عنه الخير وتوجه اليه الشر. وذلك بما كسبت يداه يدخل في ذلك مضارة الشريك لشريكه. والجار لجاره بقول او فعل حتى انه لا يحل له ان يحدث بملكه ما يضر بجاره فضلا عن مباشرة الاضرار به. ويدخل في ذلك مضارة وريم لغريمه. وسعيه في المعاملات التي تضر بغريمه حتى انه لا يحل له ان يتصدق ويترك ما وجب عليه من الدين الا باذن غريمه. ويرهن موجوداته احد غرمائه دون الباقين. او يقف او يعتق ما يضر بغريمه. او ينفق اكثر من اللازم بغير اذنه. وكذلك الضرار في الوصايا كما قال تعالى بان يخص احد ورثته اكثر مما له. او ينقص الوارث. او يوصي لغير وارثه بقصد الاضرار بالورثة. وكذلك لا يحل اضرار الزوج بزوجته من وجوه كثيرة. اما ان يعضلها ظلما لتفتدي منه ويدعو بما احب ثم يسلم. ويذكر الله بما ورد. فجميع الوارد عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في الصلاة. من فعل وقوله وتعليمه وارشاده داخل في قوله. صلوا كما رأيتموني او يراجعها لقصد الاضرار. او يميل الى احدى زوجتيه ميلا يضر بالاخرى ويجعلها كالمعلقة. ومن ذلك الحيف في الاحكام والشهادات والقسمة وغيرها. على احد الشخصين لنفع الاخر فكل هذا داخل في المضارة. وفاعله مستحق وان يضار الله به. واشد من ذلك الوقيعة في الناس عند الولاة والامراء. ليغريهم بعقوبة او اخذ ماله. او منعه من حق هو له. فان من عمل ان هذا العمل فانه باغ. فليتوقع العقوبة العاجلة والاجلة ومن هذا نهي النبي صلى الله عليه وعلى اله سلم ان يورد ممرض على مصح. لما في ذلك من الضرر وكذلك نهى الجذم ونحوهم عن مخالطة الناس. وهذا فغيره داخل في قوله تعالى والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا واثما مبينا ونهى صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن ترويع المسلم. ولو وعلى وجه المزاح. ومن هذا السخرية بالخلق والاستهزاء بهم والوقيعة في اعراضهم والتحريش بينهم. فكله داخل في والمشاقة الموجب للعقوبة. وكما يدل الحديث بمنطوقه. ان من ضار وشاق ضره الله وشق عليه فان مفهومه يدل على ان من ازال الضرر والمشقة عن المسلم فان الله يجلب له الخير. ويدفع عنه الضرر والمشاق جزاء وفاقا سواء كان متعلقا بنفسه او بغيره. الحج السابع عشر عن ابي ذر الغفاري رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اتق الله حيثما كنت. واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن. رواه الامام احمد والترمذي قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه هذا حديث عظيم. جمع فيه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كلما بين حق الله وحقوق العباد. فحق الله على عباده ان يتقوه حق تقاته. فيتقوا سخطه وعذابه باجتناب المنهيات واداء الواجبات. وهذه الوصية هي وصية الله للاولين والاخرين. ووصية كل رسول لقومه ان يقول اعبدوا الله واتقوه. وقد ذكر الله خصال التقوى في في قوله تعالى ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من امن بالله من امن بالله واليوم الاخر الملائكة والكتاب والنبيين واتى المال واتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين ان وفي الرقاب واقام الصلاة واتى الزكاة والموفون والموفون بعهدهم اذا عاهدوا اولئك الذين صدقوا واولئك هم وفي قوله وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة. وجنة وجنة عرضها السماوات والارض اعدت للمتقين ثم ذكر خصال التقوى فقال الذين ينفقون في السر والله يحب المحسنين فوصف المتقين بالايمان باصوله وعقائده. واعماله الظاهرة والباطنة. وبأداء العبادات البدنية والعبادات المالية غنية والصبر في البأساء والضراء وحين البأس. وبالعفو عن الناس واحتمال اذاهم. والاحسان اليهم. وبمبادرة اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم بالاستغفار والتوبة فامر صلى الله عليه وعلى اله وسلم ووصى بملازمة التقوى حيث كان العبد في كل وقت وكل مكان. وكل حالة من احواله لانه مضطر الى التقوى غاية الاضطرار. لا لا يستغني عنها في كل حالة من احواله. ثم لما كان العبد لا بد ان يحصل منه تقصير في حقوق التقوى وواجباتها عمر صلى الله عليه وعلى اله وسلم بما يدفع ذلك ويمحوه وهو ان يتبع السيئة الحسنة. والحسنة اسم جامع لكل ما ايقرب الى الله تعالى. واعظم الحسنات الدافعة للسيئات. التوبة النصوح. والاستغفار والانابة الى الله بذكره وحبه وخوفه ورجائه. والطمأ فيه وفي فضله كل وقت. ومن ذلك الكفارات المالية والبدنية التي حددها الشارع. ومن الحسنات التي تدفع السيئات العفو عن الناس. والاحسان الى الخلق من الادميين وغيرهم وتفريج الكربات. والتيسير على المعسرين وازالة الضرر والمشقة عن جميع العالمين. قال تعالى ان الحسنات يذهبن السيئات وقال صلى الله عليه وعلى اله وسلم الصلوات الخمس والذنوب التي بين العباد وبين ربهم فيما دون الشرك الحديث التاسع عشر. عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الى الجمعة ورمضان الى رمضان مكفرات لما بينهن جنبت الكبائر. وكم في النصوص من ترتيب المغفرة على كثير من طاعات ومما يكفر الله به الخطايا المصائب فانه لا يصيب المؤمن من هم ولا غم ولا اذى. حتى الشوكة اوشاكها الا كفر الله عنه بها خطاياه. وهي اما فوات محبوب او حصول مكروه. بدني او قلبي او مالي او خارجي. لكن المصائب بغير فعل العبد لهذا امره بما هو من فعله. وهو ان يتبع السيئة الحسنة ثم لما ذكر حق الله وهو الوصية بالتقوى الجامعة في عقائد الدين واعماله الباطنة والظاهرة قال وخالق الناس بخلق حسن. واول الخلق الحسن ان تكف عنهم اذاك من من كل وجه وتعفو عن مساوئهم واذيتهم لك. ثم تعاملهم بالاحسان والاحسان الفعلي. واخص ما تكون بالخلق الحسن. سعة الحلم على الناس والصبر عليهم وعدم الضجر منهم وبشاشة الوجه ولطف الكلام. والقول جميل المؤنس للجليس. المدخل عليه السرور. المزيل لوحشته ومشقة حشمته. وقد يحسن المزاح احيانا اذا كان فيه مصلحة لكن لا ينبغي الاكثار منه. وانما المزاح في الكلام كالملح في الطعام. ان عدم او زاد على الحد فهو مذموم ومن الخلق الحسن ان تعامل كل احد بما يليق به. ويناسب حاله من صغير وكبير وعاقل واحمق وعالم وجاهل. فمن اتقى الله وحقق تقواه. وخلق الناس على اختلاف طبقاتهم بالخلق حسن فقد حاز الخير كله. لانه قام بحق الله وحقوق العباد. ولانه كان من المحسنين في عبادة الله المحسنين الى عباد الله. الحديث الثامن عشر. عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الظلم ظلمات يوم القيامة متفق عليه. قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه هذا الحديث فيه التحذير من الظلم. والحث على ضده وهو والعدل والشريعة كلها عدل امرة بالعدل ناهية عن الظلم قال تعالى ان الله يأمر بالعدل بظلم اولئك اولئك لهم الامن وهم فان الايمان اصوله وفروعه باطنه وظاهره كله وعدل وضده ظلم. فاعدل العدل واصله الاعتراف اخلاص التوحيد لله. والايمان بصفاته واسمائه الحسنى واخلاص الدين والعبادة له. واعظم الظلم واشده الشرك لله كما قال تعالى عظيم. وذلك ان العدل وضع الشيء في موضعه. والقيام قاموا بالحقوق الواجبة. والظلم عكسه. فاعظم الحقوق توجبها حق الله على عباده ان يعرفوه ويعبدوه. ولا به شيئا. ثم القيام باصول الايمان وشرائع الاسلام من اقام الصلاة وايتاء الزكاة وصيام رمضان وحج البيت الحرام والجهاد في سبيل الله قولا وفعلا. والتواصي بالحق تواصي بالصبر. ومن الظلم الاخلال بشيء من ذلك. كما ان من العدل القيام بحقوق النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم من الايمان به ومحبته. وتقديمها على محبة الخلق كلهم. وطاعته وتوقيره وتبجيله تقديم امره وقوله على امر غيره وقوله. ومن الظلم العظيم ان يخل العبد بشيء من حقوق النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم الذي هو اولى بالمؤمنين من انفسهم وارحم بهم وارأف بهم من كل احد من الخلق. وهو الذي لم لم يصل الى احد خير الا على يديه. ومن العدل بر والدين وصلة الارحام. واداء حقوق الاصحاب والمعاملين ومن الظلم الاخلال بذلك. ومن العدل قيام كل من ومن احل بذلك منهما فهو ظالم وظلم ناشئ انواع كثيرة. يجمعها قوله صلى الله عليه على آله وسلم. ان دمائكم واموالكم واعراضكم حرام. كحرمة يومكم هذا في شهر كم هذا في هذا فالظلم كله بانواعه ظلمات يوم القيامة يعاقب اهله على قدر ظلمهم. ويجازى المظلوم مظلومون من حسنات الظالمين. فان لم يكن لهم حسنات او فنيت اخذ من سيئاتهم فطرحت على الظالمين. والعدل وكله انوار يوم القيامة. يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين ايديهم. بين تجري جنات تجري من تحتها الانهار والله تعالى حرم الظلم على نفسه. وجعله بين عباده محرما. فالله تعالى على صراط مستقيم في وافعاله وجزائه. وهو العدل. وقد نصب لعباده المستقيم الذي يرجع الى العدل. ومن عدل عنه عدل الى الظلم والجور الى الجحيم. والظلم ثلاثة انواع. نوع لا يغفر الله وهو الشرك بالله. ان الله لا يغفر ان يشرك به. ونوع لا يترك الله منه شيئا. وهو لم انظروا الى من هو اسفل منكم. ولا انظروا الى من هو فوقكم. فهو اجدر الا تزدروا نعمة الله عليكم متفق عليه. قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه يا لها من وصية نافعة. وكلمة شافية وافية فهذا يدل على الحث على شكر الله بالاعتراف بنعمه بها والاستعانة بها على طاعة المنعم. وفعل جميع الاسباب المعينة على الشكر فان الشكر لله هو رأس العبادة واصل الخير وواجب على العباد. فانهما بالعباد من نعمة ظاهرة ولا باطنة خاصة او عامة الا من الله. وهو الذي بالخير والحسنات. ويدفع السوء والسيئات تستحق ان يبذل له العباد من الشكر ما تصل اليه قواهم. وعلى العبد دي ان يسعى بكل وسيلة توصله وتعينه على الشكر. وقد قد صلى الله عليه وعلى اله وسلم الى هذا الدواء العجيب القوي لشكر نعم الله. وهو ان يلحظ العبد في كل وقت من هو دونه في العقل والنسب والمال. واصناف النعم. فمتى استدامها اذا النظر اضطر اضطره الى كثرة شكر ربه والثناء عليه فانه لا يزال يرى خلقا كثيرا دونه بدرجات في هذه الاوصاف ويتمنى كثير منهم ان يصل الى قريب مما اوتيه من عافية ومال ورزق. وخلق وخلق. فيحمد الله على فذلك حمدا كثيرا ويقول الحمد لله الذي انعم وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا. ينظر الى خلق كثير ممن سلبوا عقولهم. فيحمد ربه على كمال العقل ويشاهد عالما كثيرا ليس لهم قوت مدخر. ولا مساكن اليها. وهو مطمئن في مسكنه موسع عليه رزقه ويرى خلقا كثيرا قد ابتلوا بانواع الامراض واصناف الاسقام وهو معافى من ذلك مسربل بالعافية. ويشاهد خلقا كثيرا قد ابتلوا ببلاء افظع من ذلك. بانحراف الدين والوقوف في قاذورات المعاصي. والله قد حفظه منها او من منها ويتأمل اناسا كثيرين قد استولى عليهم الهم وملكهم الحزن والوساوس وضيق الصدر. ثم ينظر الى عافيته من هذا الداء. ومنة الله عليه براحة القلب حتى ربما كان فقيرا يفوق بهذه النعمة نعمة القناعة وراحة القلب كثيرا من الاغنياء. ثم من ابتلي بشيء من هذه الامور يجد عالما كثيرا اعظم منه واشد مصيبة. فيحمد الله على وجود العافية وعلى تخفيف البلاء. فانهما من مكروه الا ويوجد مكروه اعظم منه. فمن وفق للاهتداء بها هذا الهدي الذي ارشد اليه النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم يزل شكره في قوة ونمو. ولم تزل نعم الله عليه تترى وتتوالى. ومن عكس القضية فارتفع نظره وصار ينظر الى من هو فوقه في العافية والمال والرزق وتوابع ذلك فانه لابد ان يزدري نعمة الله. ويفقد شكره ومتى فقد الشكر ترحلت عنه النعم. وتسابقت اليه النقاب امتحن بالغم الملازم والحزن الدائم. والتسخط لما هو فيه من الخير وعدم الرضا بالله ربا ومدبرا. وذلك ضرر في الدين دنيا وخسران مبين. واعلم ان من تفكر في كثرة نعم الله اه وتفطن لالاء الله الظاهرة والباطنة. وانه لا لا وسيلة له اليها الا محض فضل الله واحسانه. وان جنسا من من نعم الله لا يقدر العبد على احصائه وتعداده. فضلا عن جميع الاجناس فضلا عن شكرها. فانه يضطر الى الاعتراف التام وكثرة الثناء على الله. ويستحي من ربه ان يستعين به في شيء من نعمه على ما لا يحبه ويرضاه. واوجب له الحياء امن ربه الذي هو من افضل شعب الايمان. فاستحيا من ربه بان يراه حيث نهاه. او يفقده حيث امره. ولما كان انا الشكر مدار الخير وعنوانه. قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم لمعاذ ابن جبل اني احبك. فلا تدعن ان تقول دبر وكل صلاة مكتوبة اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن لعبادتك وكان يقول اللهم اجعلني لك شكارا لك اللهم اجعلني اعظم شكرك. واكثر ذكرك واتبع نصحك. واحفظ وصيتك. وقد اعترف اعظم الشر ذاكرين بالعجز عن شكر نعم الله. فقال صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم لا احصي ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك والله اعلم. الحديث العشرون. عن ابي هريرة هريرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا يقبل الله صلاة احدكم اذا احدث يتوضأ متفق عليه. قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه يدل الحديث بمنطوقه. ان من لم اذا احدث فصلاته غير مقبولة. اي غير صحيحة ولا مجزئة وبمفهومه ان من توضأ قبلت صلاته. اي مع بقية يجب ويشترط للصلاة. لان الشارع يعلق كثيرا من الاحكام على امور معينة. لا تكفي وحدها لترتب الحكم. حتى ينضم اليها بقية الشروط وحتى تنتفي الموانع. وهذا الاصل الشرعي متفق عليه بين اهل العلم. لان العبادة التي تحتوي على وهذا من اكبر الاسباب لوضع الفقهاء علوم الفقه والاحكام وترتيبها وتبويبها. وضم الاجناس والانواع بعضها لبعض للتقريب على غيرهم. فلهم في ذلك اليد البيضاء فجزاهم الله عن الاسلام والمسلمين خير الجزاء. وهذا الاصل ينبغي ان تعتبره في كل موضع. وهو ان الاحكام لا تتم الا اجتماع شروطها ولوازمها. وانتفاء موانعها والحدث يشمل جميع نواقض الوضوء. فيدخل فيه الخارج من السبيلين والنوم الناقض للوضوء. والخارج الفاحش من بقية البدن اذا كان نجسا واكل لحم الابل ولمس المرأة لشهوة. ولمس الفرج باليد وفي بعضها خلاف. فكل من وجد منه شيء من هذه النواقض لم تصح صلاته حتى يتوضأ الوضوء الشرعي فيغسل الاعضاء التي نص الله عليها في سورة المائدة مع الترتيب والموالاة. او يتطهر بالتراب بدل الماء عند استعمال الماء اما لعدمه او لخوفه باستعماله الضرر وفي هذا دليل على انه لو صلى ناسيا او جاهلا حدثه فعليه الاعادة لعموم الحديث وهو متفق عليه. فهو وان كان مثابا على ما فعله من الصلاة وما فيها من العبادات لكن عليه الاعادة لابراء ذمته. وهذا بخلاف من تطهر ارى ونسي ما على بدنه او ثوبه من النجاسة. فانه لا اعادة عليه على الصحيح. لان الطهارة من باب فعل المأمور الذي لا تبرأ الذمة الا بفعله. واما اجتناب النجاسة فانه من باب اجتناب المحظور. الذي اذا فعل والانسان معذور فلا اعادة عليه. الحديث الحادي والعشرون. عن عائشة رضي الله الله عنها انها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عشر من الفطرة. قص الشارب واعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص الاظفار وغسل البراجم. ونتف الابط خلق العانة وانتقاص الماء. يعني الاستنجاء. قال الراوي نسيت العاشرة الا ان تكون المضمضة. رواه مسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه الفطرة هي الخلقة التي خلق الله عباده وعليها وجعلهم مفطورين عليها على محبة الخير وايثاره وكرمه الشر ودفعه. وفطرهم حنفاء. مستعدين لقبول الخير الاخلاص لله والتقرب اليه. وجعل تعالى شرائع الفطرة نوعين احدهما يطهر القلب والروح. وهو الايمان بالله توابعه من خوفه ورجائه ومحبته والانابة اليه. قال قال تعالى ذلك الدين القيم ولكن ان اكثر الناس لا يعلمون. مني بي واتقوه واقيموا الصلاة. واقيموا اقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين. فهل هذه تزكي النفس. وتطهر القلب وتنميه. وتذهب عنه الافات الرذيلة وتحليه بالاخلاق الجميلة. وهي كلها ترجع الى اصول اولي الايمان واعمال القلوب. والنوع الثاني ما سيعود الى تطهير الظاهر ونظافته. ودفع الاوساخ والاقذار عنه وهي هذه العشر وهي من محاسن الدين الاسلامي. اذ هي كل كلها تنظيف للاعضاء. وتكميل لها لتتم صحتها. وتكون مستعدة لكل ما يراد منها. فاما المضمضة والاستنشاق فانهما مشروعان في طهارة الحدث الاصغر والاكبر بالاتفاق. وهما فرضان فيهما على الصحيح. ولا يخفى ما فيهما من تطهير الفم والانف وتنظيفهما. لان الفم والانف يتوارد عليهما كثير من الاوساخ والابخرة ونحوها. وهو مضطر الى مليكة وازالته. وكذلك السواك يطهر الفم. فهو الطهارة للفم مرضات للرب. ولهذا يشرع كل وقت ويتأكد عند الوضوء والصلاة والانتباه من النوم. وتغير الفم وصفرة الاسنان ونحوها. واما قص الشارب او حفه حتى تبدو الشفه فلما في ذلك من النظافة والتحرز مما يخرج من الانف فان شعر الشارب اذا تدلى على الشفه باشر به ما يتناول من مأكول ومشروب. مع تشويه الخلقة بوفرته. وان استحسنه من لا يعبأ به. وهذا بخلاف اللحية. فان الله جعلها وقارا للرجل وجمالا له. ولهذا يبقى جماله وفي حال كبره بوجود شعر اللحية. واعتبر ذلك بمن يعصي الرسول قول صلى الله عليه وعلى اله وسلم فيحلقها. كيف وجهه مشوها قد ذهبت محاسنه. وخصوصا وقت الكبر فيكون كالمرأة العجوز اذا وصلت الى هذه السن ذهبت محاسنها ولو كانت في صباها من اجمل النساء. وهذا محسوس ولكن العوائد والتقليد الاعمى يوجب استحسان القبيح واستقباح الحسن واما قص الاظفار ونتف الابط وغسل البراجم وهي يا مطاوي البدني التي تجتمع فيها الاوساخ. فلها من التنظيف وازالة المؤذيات ما لا يمكن جحده. وكذلك حلق العانة اما الاستنجاء وهو ازالة الخارج من السبيلين بماء او حجر فهو لازم وشرط من شروط الطهارة. فعلمت ان هذه الاشياء كلها تكمل ظاهر الانسان وتطهره وتنظفه وتدفع عنه الاشياء الضارة والمستقبحة. والنظافة من الايمان والمقصود ان الفطرة هي شاملة لجميع الشريعة باطنها وظاهرها لانها تنقي الباطن من الاخلاق الرذيلة وتحليه بالاخلاق الجميلة التي ترجع الى عقائد الايمان والتوحيد والاخلاص لله والانابة اليه. وتنقي الظاهر من الانجيل يا سوى الاوساخ واسبابها. وتطهره الطهارة الحسية والطهارة تارة المعنوية. ولهذا قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم الطهور شطر الايمان. وقال تعالى ان ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين فالشريعة كلها طهارة وزكاء وتنمية وتكميل وحث على معالي الامور ونهي عن سفسافها. والله اعلم الحديث والعشرون. عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الماء طهور لا ينجسه شيء. رواه واحمد والترمذي وابو داوود والنسائي. قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه هذا الحديث الصحيح يدل على اصل جامع وهو ان الماء اي جميع المياه النابعة من الارض. والنازل من السماء الباقية على خلقتها. او المتغيرة بمقرها او ممرها او بما يلقى فيها من الطاهرات ولو تغيرا كثيرا طاهرة تستعمل في الطهارة وغيرها. ولا يستثنى من هذا الكلام لونه او طعمه او ريحه بالنجاسة كما في بعض الفاظ هذا الحديث. وقد اتفق العلماء على نجاح الماء المتغير بالنجاسة. واستدل عليه الامام احمد وغيره بقوله تعالى الى اخر الاية. يعني ومتى ظهرت اوصاف هذه الاشياء المحرمة في الماء. صار نجسا خبيثا. وهذا الحديث وغيره يدل على ان الماء المتغير طهور. وعلى ان ما خلت به المرأة لا يمنع منه مطلقا وعلى طهورية من غمست فيه يد القائم من نوم الليل وانما ينهى القائم من النوم عن غمسها حتى يغسلها ثلاثا واما المنع من الماء فلا يدل الحديث عليه. والمقصود ان هذا الحديث يدل على ان الماء قسمان. نجس وهو ما تغير احد اوصافه بالنجاسة قليلا كان او كثيرا. وطهور هو ما ليس كذلك. وان اثبات نوع ثالث لا طهور ولا نار نجس بل طاهر غير مطهر ليس عليه دليل شرعي فيبقى على اصل الطهورية. ويؤيد هذا العموم قوله وتعالى وهذا عام في كل ماء. لانه نكرة في سياق النفي. فيشمل كل ما خرج منه الماء النجس للاجماع عليه ودل هذا الحديث ايضا ان الاصل في المياه الطهارة وكذلك في غيرها. فمتى حصل الشك في شيء منها؟ هل وجد في فيه سبب التنجيس ام لا؟ فالاصل الطهارة. الحديث الثالث والعشرين عن ابي قتادة رضي الله عنه انه قال قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في الهرة. انها ليست بنجس. انها من الطوافين عليكم والطوافات رواه مالك واحمد واهل السنن الاربع. قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه هذا الحديث محتو على اصلين. احدهما ان مشقة تجلب التيسير. وذلك اصل كبير من اصول الشريعة من جملته ان هذه الاشياء التي يشق التحرز منها طاهرة لا يجب غسل ما باشرت فيها او يدها او رجلها. لانه علل كذلك بقوله انها من الطوافين عليكم والطوافات كما اباح الاستجمار في محل الخارج من السبيلين. ومسح ما اصابته النجاسة من النعلين والخفين واسفل الثوب. وعفي عن يسير طين الشوارع النجس وابيح الدم الباقي في اللحم والعروق بعد الدم المسفوح وابيح ما اصابه فم الكلب من الصيد. وما اشبه ذلك مما يجمعه علة واحدة وهي المشقة. الثاني ان الهرة وما دونها في الخلقة كالفأرة ونحوها. طاهرة في الحياة لا ينجس ما نشرته من طعام وشراب وثياب وغيرها. ولذلك قال اصحابنا الحيوانات اقسام خمسة. احدها نجس حيا وميتا في ذاته واجزائه وفضلاته. وذلك كالكلاب كلها والخنزير ونحوها. الثاني ما كان طاهرا في الحياة نجسا بعد الممات. وذلك كالهرة وما دونها في القهر. ولا تحله الزكاة ولا غيرها. الثالث ما كان طاهرا في الحياة وبعد الممات. ولكنه لا يحل اكله وذلك كالحشرات التي لا دم لها سائل. الراء رابع ما كان طاهرا في الحياة وبعد الذكاة. وذلك كالحيوانات اكلوها كبهيمة الانعام ونحوها. الخامس انها من الطوافين عليكم والطوافات طهارة الصبيان وطهارة افواههم. ولو بعد ما اصابتها النجاسة وكذلك طهارة ريق الحمار والبغل وعرقه وشعره واين مشقة الهر من مشقة الحمار والبغل. ويدل عليه انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان يركبهما هو واصحابه ولم يكونوا يتوقون منها ما ذكرنا. وهذا هو الصواب واما قوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في لحوم الحمير يوم خير انها رجس. اي لحمها نجس نجس حرام اكله. واما ريقها وعرقها وشعرها فلم ينهى عنه ولم يتوقه صلى الله عليه وعلى اله وسلم. واما الكلاب فانه صلى الله عليه وعلى اله وسلم امر بغسل ما ولا غسل فيه سبع مرات. احداهن بالتراب. الحديث الرابع والعشرون عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. الصلوات الخمس والجمعة الى الجمعة ورمضان الى رمضان. مكفرات لما بينهن من اجئتني اجتنبت الكبائر. رواه مسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه هذا الحديث يدل على عظيم فضل الله وكرمه بتفضيله هذه العبادات الثلاث العظيمة. وان لها عند الله المنزلة العالية. وثمراتها لا تعد ولا تحصى. فمن من ثمراتها ان الله جعلها مكملة لدين العبد واسلامه وانها منمية للايمان. مسقية لشجرته. فان الله غرس شجرة الايمان في قلوب المؤمنين بحسب ايمانهم. وقد يرى من الطافه وفضله من الواجبات والسنن. ما يسقي هذه الشجرة وينميها. ويدفع عنها الافات. حتى تكمل وتؤتيه يا اكلها كل حين باذن ربها. وجعلها تنفي عنها الاخرة فالذنوب ضررها عظيم وتنقيصها للايمان معلوم. فهذه الفرائض الثلاث اذا تجنب العبد كبائر الذنوب غفر الله بها الصغائر والخطيئات هي من اعظم ما يدخل في قوله تعالى ان الحسنات يذهبن كما ان الله جعل من لطفه تجنب الكبائر سببا لتكفير الصغائر. قال تعالى ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا اما الكبائر فلابد لها من توبة وعلم من هذا الحديث ان كل نص جاء فيه تكفير بعض الاعمال الصالحة الصالحة للسيئات. فانما المراد به الصغائر. لان هذه عبادات الكبار اذا كانت لا تكفر بها الكبائر. فكيف بما دونها والحديث صريح بان الذنوب قسمان. كبائر طوائر وقد كثر كلام الناس في الفرق بين الصغائر والكبائر واحسن ما قيل ان الكبيرة ما رتب عليه حد في الدنيا. او تبع عيد عليه بالاخرة او لعن صاحبه. او رتب عليه غضب ونحوه والصغائر ما عدا ذلك. او يقال الكبائر ما كان تحريمه تحريم المقاصد. والصغائر ما حرم تحريم فالوسائل كالنظرة المحرمة مع الخلوة بالاجنبية الكبيرة نفس الزنا. وكرب الفضل مع ربا نسيئة. ونحو ذلك والله اعلم. الحديث الخامس والعشرون عن ما لك بن الحويرث رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى ان الله عليه وعلى اله وسلم صلوا كما رأيتموني اصلي واذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم احدكم امكم اكبركم. متفق عليه. قال الشيخ السعدي رحمه الله الله في شرحه هذا الحديث احتوى على ثلاث جمل اولها آآ اعظمها الجملة الاولى قوله اذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم احدكم. فيه مشروعية الاذان ووجوبه للامر به وكونه بعد دخول الوقت يستثنى من ذلك صلاة الفجر. فانه صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال ان بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن ام مكتوم. فانه لا ينادي حتى يقال له اصبحت اصبحت. وان الاذان فرض كفاية لا فرض عين لان الامر من الشارع ان به كل شخص مكلف. وطلب اصوله منه فهو فرض عين. وان طلب حصوله فقط بقطع النظر عن الاعيان فهو فرض كفاية. وهنا قال فليؤذن لكم احدكم والفاظ الاذان معروفة. وينبغي ان يكون المؤذن صيتا امينا. عالما بالوقت متحريا له انه اعظم لحصول المقصود. ويكفي من يحصل به الاعلام غالبا والحديث يدل على وجوب الاذان في الحضر والسفر. والاقامة ومن تمام الاذان. لان الاذان الاعلام بدخول الوقت للصلاة. والاقامة قامت الاعلام بالقيام اليها. وقد وردت النصوص الكثيرة بفضله وكثرة ثوابه واستحباب اجابته. وان يقول المجيب لما يقول المؤذن الا اذا قال حي على الصلاة حي على الفلاح فيقول كلمة الاستعانة بالله على ما دعي اليه من الصلاة والفلاح الوسيلة والفضيلة. وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته ثم يدعو لنفسه. لانه من مواطن الاجابة التي ينبغي للداعي قصده الجملة الثانية. قوله وليؤمكم اكبركم فيه وجوب صلاة الجماعة. وان اقلها امام ومأموم وان الاولى بالامامة اقومهم بمقصود الامامة. كما اتى في الصحيح يؤم القوم اقرأهم لكتاب الله. فان كانوا في قراءة سواء فاعلمهم بالسنة. فان كانوا في السنة سواء هجرة او اسلاما. فاذا كانوا متقاربين كما فيها الحديث كان الاولى منهما اكبرهما. فان تقديم الاكبر مشروع في كل امر طلب فيه الترتيب. اذا لم يكن الصغير مزيد فضل. لقوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كبر كبر. واذا ترتبت الصلاة بامام ومأموم فانما جعل الامام ليؤتم به. فاذا كبر كبر من وراءه واذا ركع وسجد ورفع تبعه من بعده. وينهى عن موافقة طاقته في افعال الصلاة. واما مسابقته والتقدم عليه في ركوع او سجود او خفض او رفع. فان ذلك حرام مبطل للصلاة فيؤمر المأمومون بالاقتداء بامامهم وينهون عن الموافقة والمسابقة والتخلف الكثير. فان اثنين فاكثر فالافضل ان يصفوا خلفه. ويجوز عن امينه او عن جانبيه. والرجل الواحد يصف عن يمين الامام والمرأة خلف الرجل او الرجال وتقف وحدها. الا اذا كان معه هاني نساء. فيكن كالرجال في وجوب المصافة. وان وقف فالرجل الواحد خلف الامام او خلف الصف لغير عذر بطلت صلاته وعلى الامام تحصيل مقصود الامامة. من الجهر تكبير في الانتقالات والتسميع. ومن الجهر في القراءة في الصلاة الجهرية وعليه مراعاة المأمومين في التقدم والتأخر تخفيف مع الاتمام. الجملة الثالثة وهي الاولى في هذا حديث قوله صلوا كما رأيتموني اصلي هذا تعليم منه صلى الله عليه وعلى اله وسلم بالقول والفعل كما فعل ذلك في الحج. حيث كان يقوم باداء المناسك ويقول من الناس خذوا عني مناسككم. وهذه الجملة تأتي على ما كان يفعله ويقوله ويأمر به في الصلاة. وذلك بان يستكمل العبد جميع شروط الصلاة ثم يقوم الى صلاته ويستقبل القبلة. ناويا الصلاة المعينة بقلبه ويقول الله اكبر ثم يستفتح ويتعوذ بما ثبت عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. من انواع الاستفتاحات والتعوذات. ويقرأ بسم الله الرحمن الرحيم. ثم ثم يقرأ الفاتحة وسورة طويلة في صلاة الفجر. وقصيرة في في صلاة المغرب وبين ذلك في بقية الصلوات. ثم يركع مكبرا رافعا يديه حذو منكبيه في ركوعه وفي رفعه منه. في كل ركعة وعند تكبيرة الاحرام. واذا قام من التشهد الاول على الصحيح في الصلاة الرباعية والثلاثية. ويقول سبحان ربي العظيم مرة واجبة. واقل الكمال ثلاث مرات فاكثر وكذلك تسبيح السجود قول سبحان ربي الاعلى. ثم يرفع رأسه قائلا اماما ومنفردا. سمع الله لمن حمده. ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. وكذلك المأموم الا انه لا اقول سمع الله لمن حمده. ثم يكبر ويسجد على سبعة اعضاء القدمين والركبتين والكفين والجبهة مع الانف. ويمكنها من الارض ويجافيها ولا يبسط ذراعيه انبساط الكلب. ثم ان يرفع مكبرا ويجلس مفترشا جالسا على رجله اليسرى. ناصبا اجلاه اليمنى موجها اصابعها الى القبلة. والصلاة فجلوسها كله افتراش. الا في التشهد الاخير فانه ينبغي له ان يتورك فيقعد على الارض ويخرج رجله اليسرى عن يمينه ويقول بين السجدتين رب اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني واجبرني ثم يسجد السجدة الثانية كالاولى. وهكذا يفعل في كل ركعة وعليه ان يطمئن في كل رفع وخفض وركع وسجود وقيام وقعود ثم يتشهد فيقول التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته. السلام عليكم وعلى عباد الله الصالحين. اشهد ان لا اله الا الله. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. هذا التشهد الاول. ثم يقوم ان كانت رباعية او ثلاثية ويصلي بقيتها بالفاتحة وحدها وان كان في التشهد الذي يليه السلام قال اللهم صل على محمد وعلى ال محمد. كما صليت على ال ابراهيم انك حميد مجيد. وبارك على محمد وعلى ال محمد. كما باركت وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اللهم اني اعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات. ومن فتنة المسيح الدجال اصلي وهو مأمور به امر ايجاب او استحباب. بحسب دلالة فما كان من اجزاءها لا يسقط سهوا ولا جهلا ولا عمدا قيل له ركن كتكبيرة الاحرام وقراءة الفاتحة. والتشهد الاخير السلام وكالقيام والركوع والسجود والاعتدال عنها. وما كان يسقط سهوا ويجبره سجود السهو قيل له واجب. كالتشهد الاول الجلوس له. والتكبيرات غير تكبيرة الاحرام. وقول سمع الله لمن حمده للامام والمنفرد. وقول ربنا ولك الحمد لكل مصلى وقول سبحان ربي العظيم مرة في الركوع. وسبحان ربي الاعلى في السجود وقول رب اغفر لي بين السجدتين. وما سوى ذلك فان انه من مكملاتها ومستحباتها. وخصوصا رح الصلاة ولبها وهو حضور القلب فيها. وتدبر ما يقوله من قراءة وذكر ودعاء وما يفعله من قيام وقعود. وركوع وسجود الخضوع لله والخشوع فيها لله. ومما قولوا في ذلك تجنبوا ما نهى عنه صلى الله عليه وعلى اله وسلم في الصلاة كالضحك والكلام وكثرة الحركة المتتابعة لغير ضرورة فان الصلاة لا تتم الا بوجود شروطها واركانها وواجباتها وانتفاء مبطلاتها التي ترجع الى امرين ما اخلال بلازم او فعل ممنوع فيها كالكلام ونحوه الحديث السادس والعشرون. عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما ان انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اعطيت خمسا لم يعطهن احد من الانبياء قبلي مسيرة شهر. وجعلت لي الارض كلها مسجدا وطهورا فايما رجل من امتي ادركته الصلاة فليصل. واحلت لي هي الغنائم ولم تحل لاحد قبلي. واعطيت الشفاعة. وكان النبي يبعث الى قومه خاصة. وبعثت الى الناس عامة. متق عليه. قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه فضل نبي نبينا محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم. بفضائل كثيرة ان فاق بها جميع الانبياء. فكل خصلة حميدة ترجع الى العلوم نافعة والمعارف الصحيحة والعمل الصالح. فلنبينا منها اعلم وافضلها واكملها. ولهذا لما ذكر الله اعيانا الانبياء الكرام قال لنبيه اولئك الذين هدى وهداهم هو ما كانوا عليه من الفضائل الظاهرة والباطنة. وقد تمم صلى الله عليه وعلى اله وسلم ما امر به. وفاق جميع الخلق. وكذلك خص الله اهو نبينا بخصائص لم يشاركه فيها احد من الانبياء. من هذه الخمس التي عادت الى امته بكل خير وبركة ونفع احداها انه نصر بالرعب مسيرة شهر هذا نصر رباني. وجند من السماء يعين الله به رسوله وامته متبعين لهديه. فمتى كان عدوه عنه مسافة شهر فاقل فانه مرعوب منه. واذا اراد الله نصر احد اعدائه الرعب. قال تعالى كفروا الرعب بما اشركوا بالله ما فيه سلطانا. والقى في قلوب المؤمنين من القوة الثبات والسكينة والطمأنينة ما هو اعظم اسباب النصر الله تعالى وعد نبينا وامته بالنصر العظيم. وان ان يعينهم باسباب ارشدهم اليها. كالاجتماع والائتلاف الصبر والاستعداد للاعداء بكل مستطاع من القوة. الى غير ذلك من الارشادات الحكيمة. وساعدهم بهذا النصر وقد فعل تبارك وتعالى. كما هو معروف من حال نبينا والمتبعين له. من خلفائه الراشدين والملوك الصالحين تم لهم من النصر والعز العظيم في اسرع وقت ما ما لم يتم لغيرهم. الثانية قوله وجعلت لي الارض كلها مسجدا وطهورا. وحقق ذلك بقوله فاينما ادركتم احدا من امتي الصلاة فعنده مسجده وطهوره. فجميع بقاع الارض مسجد يصلى فيها. من غير استثناء اذا ما نص الشارع على المنع منه. وقد ثبت النهي عن الصلاة في المقبرة والحمام واعطاني الابل. وكذلك الموضع المغصوب والنجس لاشتراط الطهارة لبدن المصلي وثوبه وبقعته وكذلك من عدم الماء او ضره استعماله. فله العدول الى بجميع ما تصاعد على وجه الارض. سواء التراب الذي غبار او غيره. كما هو صريح هذا الحديث مع قوله تعالى فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وايديكم منه. فان الصعيد كل ما تصاعد على وجه الارض من جميع اجزائها ويدل على ان التيمم على الوجه واليدين ينوب مناب طهارة الماء ويفعل به من الصلاة والطواف ومس المصحف وغير ذلك ما يفعل افعلوا بطهارة الماء. والشارع اناب التراب مناب الماء عند تعذره استعماله. فيدل ذلك على انه اذا تطهر بالتراب ولم ينتقض وضوءه. لم يبطل تيممه خروج الوقت ولا بدخوله. وانه اذا نود التيمم للنفل استباح الفرض كطهارة الماء. وان حكمه حكم الماء في كل الاحكام في حالة التعذر. الثالثة قوله واحلت لي الغنائم ولم تحل لاحد قبلي. وذلك لكرامته على ربه وكرامة امته وفضلهم وكمال اخلاصهم. فاحل انها لهم. ولم ينقص من اجر جهادهم شيئا. وحصد طلبيها لهذه الامة من سعة الارزاق وكثرة الخيرات. والاستعانة على امور الدين والدنيا شيء لا يمكن عده. ولهذا قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وجعل رزقي تحت ظلي برمحي اما من قبلنا من الامم فان جهاد قليل بالنسبة لهذه الامة. وهم دون هذه الامة بقوة الايمان والاخلاص. فمن رحمته بهم انه منعهم من الغنائم لان لا يخل باخلاصهم والله اعلم. الرابعة كله واعطيت الشفاعة. وهي الشفاعة العظمى التي يعتذر عنها كبار الرسل وينتدب لها خاتمهم محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فيشفعه الله في الخلق ويحصل له المقام المحمود. الذي يحمده فيه الاولون والاخرون. واهل السماوات والارض. وتنال امة من هذه الشفاعة الحظ الاوفر والنصيب الاكمل. ويشفع له هم شفاعة خاصة. فيشفعه الله تعالى وقد قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم لكل نبي دعوة قد تعجلها. وقد خبأت دعوتي شفاعة لامتي فهي نائلة ان شاء الله من مات لا يشرك بالله شيئا وقال اسعد الناس بشفاعتي من قال لا اله الا الله الله خالصا من قلبه. الخامسة قوله وكان النبي اي جنس الانبياء. يبعث الى قومه خاصة. وبعثت الى الناس عامة. وذلك لكمال شريعته وعمومها وسعته فيها واشتمالها على الصلاح المطلق. وانها صالحة لكل زمان ومكان. ولا يتم الصلاح الا بها وقد اسست للبشر اصولا عظيمة. متى اعتبروها صلحت لهم دنياهم ها هم كما صلح لهم دينهم. الحديث السابع والعشرون عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال اوصاني خليل صلى الله عليه وعلى اله وسلم بثلاث. صيام ثلاثة ايام من كل شهر. وركعتي الضحى. وان اوتر قبل ان انام متفق عليه. قال الشيخ السعدي رحمه الله الله في شرحه وصيته صلى الله عليه وعلى اله وسلم وخطابه لواحد من امته. خطاب للامة كلها ما لم يدل دليل على الخصوصية. فهذه الوصايا الثلاث من اكد نوافل الصلاة والصيام. اما صيام ثلاثة في ايام من كل شهر فانه ورد انه يعدل صيام السنة لان الحسنة بعشر امثالها. وصيام الثلاثة من كل شهر يعدل صيام الشهر كله. والشريعة مبناها على اليسر والسهولة. وجانب الفضل فيها غالب. وهذا العمل يسير على من يسره الله عليه. لا يشق على الانسان ولا يمنعه القيام بشيء من مهماته. ومع ذلك ففيه في هذا الفضل العظيم. لان العمل كلما كان اطوع للرب وانفع العبد كان افضل مما ليس كذلك. وقد ثبت الحث على تخصيص ستة من شوال وصيام يوم عرفة. والتاسع والعاشر من المحرم والاثنين والخميس. واما صلاة الضحى فانه قد تكاثرت الاحاديث الصحيحة في فضلها واختلف العلماء في استحباب مداومتها. او ان يغب بها الانسان والصحيح انه تستحب المداومة عليها في هذا الحديث وغيره. الا لمن له عادة من صلاة الليل فاذا تركها احيانا فلا بأس. وقد اخبر رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه يصبح على كل ادمي كل كل يوم ثلاثمئة وستون صدقة. فكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة. وكل تكبيرة صدقة وامر بالمعروف صدقة. ونهي عن المنكر صدقة. ويجزئ وعن ذلك ركعتان يركعهما من الضحى. قال العلماء اقل صلاة الضحى ركعتان واكثرها ثمان. ووقتها من ارتفاع الشمس قيد رمح الى قبيل الزوال. واما الوتر فانه سنة مؤكدة حث عليه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وداوم عليه حضرا وسفرا. واقل ركعة واحدة. وان شاء بثلاث او خمس او سبع او تسع او احدى عشرة ركعة. وله ان يسردها بسلام واحد وان يسلم من كل ركعتين. ووقت الوتر من صلاة العشاء الاخرة طلوع الفجر. والافضل اخر الليل لمن طمع ان يقوم اخره والا اوتر اوله كما في هذا الحديث الحديث الثامن والعشرون. عن ابي هريرة رضي الله عنه انه يقال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان الدين يسر. ولن يشاد الدين احد الا غلبه فسددوا وقاربوا وابشروا. واستعينوا بالغدوة والروضة وشيء من الدلجة متفق عليه. وفي لفظ والقول قصد القصد تبلغ. قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه ما اعظم هذا الحديث؟ واجمعه للخير والوصايا النافعة والاصول سامعة فقد اسس صلى الله عليه وعلى اله وسلم في اوله في هذا الاصل الكبير. فقال ان الدين يسر. اي ميسر سهل في عقائده واخلاقه واعماله. وفي افعاله وتروكه فان عقائده التي ترجع الى الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره هي العقائد الصحيحة التي تطمئن لها القلوب. وتوصى معتقديها الى اجل غاية وافضل مطلوب. واخلاقه اعماله اكمل الاخلاق واصلح الاعمال. بها صلاح الدين والدنيا والاخرة. وبفواتها يفوت الصلاح كله. وهي كل توها ميسرة مسهلة. كل مكلف يرى نفسه قادرا عليها انا تشق عليه ولا تكلفه. عقائده صحيحة بسيطة تقبلها العقول السليمة. والفطر المستقيمة فرائضه اسهل شيء. اما الصلوات الخمس فانها لا تتكرر كل يوم وليلة خمس مرات في اوقات مناسبة لها وتمم اللطيف الخبير سهولتها بايجاب الجماعة والاجتماع لها فان الاجتماع في العبادات من المنشطات والمسهلات لها ورتب عليها من خير الدين وصلاح الايمان وثواب الله العاجل والاجل ما يوجب للمؤمن ان يستحليها. ويحمد الله على افارضه لها على العباد. اذ لا غنى لهم عنها واما الزكاة فانها لا تجب على فقير ليس عند نصاب زكوي. وانما تجب على الاغنياء تتميما لدين واسلامهم. وتنمية لاموالهم واخلاقهم دفعا للافات عنهم وعن اموالهم. وتطهيرا لهم من السيئات ومواساة لمحاويجهم. وقياما لمصالحهم كلية وهي مع ذلك جزء يسير جدا. بالنسبة الى ما اعطاهم الله من المال والرزق. واما الصيام فان المفروضة شهر واحد من كل عام. يجتمع فيه المسلمون كلهم فيتركون فيه شهواتهم الاصلية. من طعام من وشراب ونكاح في النهار. ويعوضهم الله عن ذلك من فضل واحسانه تتيميم دينهم وايمانهم. وزيادة كماله واجره العظيم وبره العميم. وغير ذلك مما على الصيام من الخير الكثير. ويكون سببا لحصول التقوى التي ترجع الى فعل الخيرات كلها وترك المنكرات واما الحج فان الله لم يفرضه الا على المستطيع في العمر مرة واحدة. وفيه من المنافع الكثيرة الدينية والدنيوية ما لا يمكن تعداده. وقد فصلنا مصالح الحج منافعه في محل اخر. قال تعالى ليشهدوا ما اي دينية ودنيوية. ثم بعد ذلك بقي شرائع الاسلام. التي هي في غاية السهولة الراجعة لاداء حق الله وحق عباده. فهي في نفسها ميسرة قال تعالى في عسر. ومع ذلك اذا عرض للعبد عارض مرض او سفر او غيره رتب على ذلك من التخفيفات وسقوط بعض الواجب عجيبات. او صفاتها وهيئتها ما هو معروف. ثم ثم اذا نظر العبد الى الاعمال الموظفة على العباد في اليوم والليلة المتنوعة من فرض ونفل وصلاة وصيام وصدقة وغيرها واراد ان يقتدي فيها باكمل الخلق وامامهم. محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم. رأى ذلك غير شأن عليه. ولا مانع له عن مصالح دنياه. بل ليتمكنوا معه من اداء الحقوق كلها. حق الله وحق حق النفس وحق الاهل والاصحاب. وحق كل من له حق على الانسان برفق وسهولة. واما من شدد على نفسه فلم يكتف بما اكتفى به النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ولا بما علمه للامة وارشدهم اليه. بل غلى واوغل في العبادات فان الدين يغلبه. واخر امره العجز والانقطاع ولهذا قال ولن يشاد الدين احد الا غلبة. فمن قاوم هذا الدين بشدة وغلو ولم يقتصد غلبه الدين. واستحسن ورجع القهقرة ولهذا امر صلى الله عليه وعلى اله وسلم بالقصد وحث عليه فقال والقصد القصد تبلغوا. ثم وصى صلى الله عليه وعلى اله وسلم بالتسديد والمقاربة. وتقوية النفوس البشارة بالخير وعدم اليأس. فالتسديد ان يقول الانسان القول شديد. ويعمل العمل السديد. ويسلك الطريق الرشيد وهو الاصابة في اقواله وافعاله من كل وجه. فان لم يدرك من كل وجه فليتق الله ما استطاع. وليقارب الغرض فمن لم يدرك الصواب كله فليكتفي بالمقاربة. ومن عجز عن العمل كله فليعمل منه ما يستطيعه. ويؤخذ من هذا اصل نافع دل عليه ايضا قوله تعالى وقوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اذا امرتكم بامر فاتوا منه ما استطعتم. والمساء قائل المبنية على هذا الاصل لا تنحصر. وفي حديث اخر يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا. ثم ختم بوصية خفيفة على النفوس. وهي في غاية النفع فقال واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة هذه الاوقات الثلاثة كما انها السبب الوحيد لقطع المسافة شافات القريبة والبعيدة في الاسفار الحسية. مع راحة المسافر وراحة راحلته. ووصوله براحة وسهولة فهي السبب الوحيد لقطع السفر الاخروي. وسلوك الصراط المستقيم والسير الى الله سيرا جميلا. فمتى اخذ العامري نفسه واشغلها بالخير. والاعمال الصالحة المناسبة لوقته اول نهاره واخر نهاره وشيئا من ليله وخصوصا اخر الليل. حصل له من الخير ومن الباقيات الصالحات اكمل حظ واوفر نصيب. ونال السعادة والفوز والفلاح وتم له النجاح في راحة وطمأنينة. مع حصول قاصده الدنيوية واغراضه النفسية. وهذا من اكبر الادلة على رحمة الله بعباده بهذا الدين. الذي هو ماد السعادة الابدية. اذ نصبه لعباده واوضحه على رسله. وجعله ميسرا مسهلا. واعاد عليه من كل وجه. ولطف بالعاملين وحفظهم من القواطع والعوام فعلمت بهذا انه يؤخذ من هذا الحديث العظيم عدة قوام القاعدة الاولى التيسير الشامل للشريعة على وجه العموم. القاعدة الثانية. المشقة تجلب التيسير وقت حصولها. القاعدة الثالثة اذا امرتكم بامر فأتوا منه ما استطعتم. القاعدة الرابعة تنشيط اهل الاعمال وتبشيرهم بالخير والثواب المرتب على الاعمال. القاعدة الخامسة الوصية الجامعة في كيفية السير والسلوك الى الله التي تغني عن كل شيء ولا يغني عنها شيء. فصلوات الله وسلامه على من اوتي جوامع الكلم ونوافعها الحديث التاسع والعشرون. عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم حق قل مسلم على المسلم ست. قيل وما هن يا رسول الله قال اذا لقيته فسلم عليه. واذا دعاك فاجبه واذا استنصحك فانصح له. واذا عطس فحمد الله فشمته واذا مرض فعده. واذا مات فاتبعه رواه مسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه هذه الحقوق الستة من قام بها في حق المسلمين. كان قيامه غيرها اولى. وحصل له اداء هذه الواجبات والحقوق التي فيها الخير الكثير والاجر العظيم من الله. الاولى اذا لقيته فسلم عليه. فان السلام سبب للمحبة التي توجب الايمان الذي يوجب دخول الجنة. كما قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم والذي نفسي بيده لا تدخلوا ادخلوا الجنة حتى تؤمنوا. ولا تؤمنوا حتى تحابوا. افلا ادل على شيء اذا تحاببتم. افشوا السلام بينكم والسلام من محاسن الاسلام. فان كل واحد من المتلاقيين ادعوا للاخر بالسلامة من الشرور. وبالرحمة والبركة الجالبة بكل خير. ويتبع ذلك من البشاشة والفاظ التحية المناسبة ما يوجب التآلف والمحبة. ويزيل الوحشة والتقاطع فالسلام حق للمسلم. وعلى المسلم عليه رد بمثلها او احسن منها. وخير الناس من بدأهم بالسلام الثانية اذا دعاك فاجبه. اي دعاك لدعوة او شراب. فاجبر خاطر اخيك الذي ادلى عليك واكرمك بالدعوة واجبه لذلك الا ان يكون لك عذر ثالثة قوله واذا استنصحك فانصح له. اي اذا شاورك على عمل من الاعمال هل يعمله ام لا؟ فانصح له بما تحبه لنفسك فان كان العمل نافعا من كل وجه فحثه على فعله. وان كان مضرا فحذره منه. وان احتوى على نفع وضرر فاشرح له ذلك ووازن بين المصالح والمفاسد. وكذلك اذا شاورك على معاذ احد من الناس او تزويجه او التزوج منه كن له محضن صيحتك. واعمل له من الرأي ما تعمله لنفسك واياك ان تغشه في شيء من ذلك. فمن غش المسلمين فليس منهم وقد ترك واجب النصيحة. وهذه النصيحة واجبة مطلقا ولكنها تتأكد اذا استنصحك وطلب منك الرأي النافع ولهذا قيده في هذه الحالة التي تتأكد وقد تقدم شرح الحديث الدين النصيحة. بما يغني عن عادت الكلام. الرابعة قوله واذا عطس فحمد الله فشمه وذلك ان العطى نعمة من الله. لخروجه هذه المحتقنة في اجزاء بدن الانسان. يسر الله لها منفذا الخروج منه فيستريح العاطس. فشرع له ان يحمد الله على هذه نعمة وشرع لاخيه ان يقول له يرحمك الله وامره ان يجيبه بقوله يهديكم الله ويصلح بالكم. فمن لم يحمد الله لم يستحق التشميت. ولا يلومن الا نفسه وهو الذي فوت على نفسه النعمتين. نعمة الحمدلله ونعمة دعاء اخيه له على الحمد. الخامسة قوله واذا فعده عيادة المريض من حقوق المسلم. وخصوصا من له حق عليك متأكد كالقريب والصاحب ونحوهما. وهي من افضل الاعمال الصالحة. ومن عاد اخاه المسلم لم يزل يخوض الرحمة فاذا جلس عنده غمرته الرحمة. ومن عاده اول النهار صلت عليه الملائكة حتى يمسي. ومن عاده اخر النهار صلت عليه الملائكة حتى يصبح. وينبغي للعائد ان يدعو له وبالشفاء وينفس له ويشرح خاطره بالبشارة بالعافية ويذكره التوبة والانابة الى الله والوصية النافعة ولا يطيل عنده الجلوس بل بمقدار العيادة. الا ان ان يؤثر المريض كثرة تردده وكثرة جلوسه عنده. فلكل مقام مقال السادسة قوله واذا مات فاتبعه. فان من تبع جنازة حتى يصلى عليها. فله قيراط من الاجر فان تبعها حتى تدفن فله قيراطان. واتباع الجنازة في فيه حق لله وحق للميت وحق لاقاربه الاحياء الحديث الثلاثون. عن ابي موسى الاشعري رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اذا مرض العبد او سافر كتب له ما كان صحيحا مقيما. رواه البخاري. قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه هذا من اكبر منن الله على عباده المؤمنين. ان اعمالهم مستمرة المعتادة اذا قطعهم عنها مرض او سفر. كتبت لهم كلها كاملة. لان الله يعلم منهم انه لولا ذلك المانع لفعلوها. فيعطيهم تعالى بنياتهم مثل اجور امين. مع اجر المرض الخاص. ومع ما يحصل به من القيام بوظيفة الصبر. او ما هو اكمل من ذلك من الرضا والشكر ومن الخضوع لله والانكسار له. ومع ما يفعله المسافرون في روم من اعمال ربما لا يفعلها في الحضر. من تعليم او نصيحة او ارشاد الى مصلحة دينية او دنيوية. وخصوصا خصوصا في الاسفار الخيرية. كالجهاد والحج والعمرة ونحوها ويدخل في هذا الحديث ان من فعل العبادة على وجهه الناقص وهو يعجز عن فعلها على الوجه الاكمل. فان ان الله يكمل له بنيته ما كان يفعله لو قدر عليه. فان العجز عن مكملات العبادات نوع مرض. والله اعلم ومن كان من نيته عمل خير ولكنه اشتغل بعمل اخر افضل منه ولا يمكنه الجمع بين الامرين. فهو اولى ان يكتب كتب له ذلك العمل الذي منعه منه عمل افضل منه. بل لو اشتغل بنظيره وفضل الله تعالى عظيم. الحديث والثلاثون. عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اسرعوا نازح فان تك صالحة فخير تقدمونها اليه ان تك غير ذلك. فشر تضعونه عن رقابكم. متفق عليه قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه هذا الحديث محتو على مسائل اصولية وفروعية. فقوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اسرعوا بالجنازة. يشمل الاسراع بتغسيلها في نهاية وحملها ودفنها وجميع متعلقات التجهيز ولهذا كانت هذه الامور من فروض الكفاية. ويستثنى من هذا الصراع اذا كان التأخير فيه مصلحة راجحة. كأن يموت بغتة فيتعين تأخيره حتى يتحقق موته. لئلا يكون قد اصابته سكتة. وينبغي ايضا تأخيره لكثرة الجمع. او حضور من له حق عليه من قريب ونحوه. وقد علل ذلك بمنفعة الميت لتقديمه لما هو خير له من النعيم. او لمصلحة الحي السرعة في الابعاد عن الشر. واذا كان هذا مأمورا به في امور تجهيز فمن باب اولى الاسراع في ابراء ذمته من ديون وحقوق عليه عليه فانه الى ذلك احوج. وفيه الحث عل الاهتمام بشأن اخيك المسلم حيا وميتا. وبالاسراع الى ما فيه خير كن له في دينه ودنياه. كما ان فيه الحث على البعد عن اسباب الشر ومباعدة المجرمين. حتى في الحالة التي يبتلى الانسان فيها بمباشرتهم. وفي هذا الحديث اثبات نعيم البرزخ وعذابه. وقد تواترت بذلك الاحاديث عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فيه. وان مبتدأ ذلك وضعه في قبره اذا تم دفنه. ولهذا يشرع في هذه الوقوف على قبره له والاستغفار. وسؤال الله له ثبات. وفي هذا الحديث ايضا. التنبيه على اسباب عين البرزخ وعذابه. وان اسباب النعيم الصلاح. لقوله ان كانت صالحة والصلاح كلمة جامعة تحتوي على تصديق الله ورسوله وطاعة الله ورسوله. فهو تصديق الخبر وامتثاله الامر واجتناب النهي. وان العذاب سببه الاخلال بالصلاح اما شك في الدين او تجرؤ على المحارم. او ترك شيء من الواجب والفرائض. وجميع الاسباب المفصلة في الاحاديث والاثار ارجعوا الى ذلك. ولذلك قال تعالى لا يصلى كذب الخبر وتولى عن الامر. الحديث الثاني والثلاثون عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ليس فيما دون خمسة اوسق من صدقة وليس فيما دون خمس اواق من الورق صدقة. وليس في ما دون خمس ذود صدقة. متفق عليه. قال الشيخ السعدي رحمه الله في في شرحه اشتمل هذا الحديث على تحديد انصباء الاموال الزكوية الغالبة والتي تجب فيها الزكاة الحبوب والثمار. والمواشي من عام الثلاثة والنقود وما يتفرع عنها من عروض التجارة ما زكاة الحبوب والثمار؟ فان نص هذا الحديث ان نصابها خمسة اوثق فما دون ذلك لا زكاة فيه. والوثق ستون صاعا بصاع النبي صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم. فتكون الخمسة اوسق ثلاث مئة صاع فمن بلغت حبوب زرعه او مغل ثمره هذا المقدار فاكثر عليه زكاته فيما سقي بمؤونة نصف العشر. وفيما سقي بغير ما العشر. واما زكاة المواشي فليس فيما هنا خمسة من الابل شيء. فاذا بلغت خمسا ففيها شاة. ثم في كل خمس شاه الى خمس وعشرين. فتجب فيها بنت مخاض. وهي التي تم لها سنة. وفي ست وثلاثين بنت لبون لها سنتان. وفي ست واربعين لها ثلاث سنين. وفي احدى وستين جذعة لها اربع سنين وفي ست وسبعين بنتا لبون. وفي احدى وتسعين حقب قتان فاذا زادت على عشرين ومئة ففي كل اربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة. واما نصاب البقر فالثلج ثلاثون فيها تبيع او تبيعة له سنة. وفي اربعين مسنة لها سنة ثم في كل ثلاثين تبيع. وفي كل اربعين مسنة واما نصاب الغنم فاقله اربعون وفيها شاة. وفي احدى وعشرين عشرين ومائة شاتان وفي مئتين وواحدة ثلاث شياه. ثم وفي كل مئة شاة وما بين الفرضين يقال له في المواشي خاصة لا شيء فيه بل هو عفو. واما بقية الحيوانات الخيل والبغال والحمير وغيرها. فليس فيه زكاة. الا اذا اعد للبيع والشراء. واما نصاب النقود من الفضة. فاقل خمس اواق. والاوقية اربعون درهما. فمتى بلغت مئتي درهم ففيه ربع العشر. وكذلك ما تفرع عن النقدين من عروض التجارة وهو كل ما اعد للبيع والشراء لاجل المكسب والربح فيقوم اذا حال الحول بقيمة النقود. ويخرج عنه ربع العشر ولابد في جميعها من تمام الحول الا الحبوب والثمار. فان تخرج زكاتها وقت الحصاد والجذاذ. قال تعالى واتوا فهذه اصناف الاموال التي تجب فيها فيها الزكاة واما مصرفها فللاصناف الثمانية المذكورين في قوله في تعالى المساكين والعاملين عليها. والعاملين عليه فيها والمؤلفات قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وبني سبيل. فريضة من الله. والله الحديث الثالث والثلاثون عن ابي سعيد رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغني يغنيه ومن يتصبر يصبره الله. وما اعطي احد عطاء خيرا واوسع من الصبر متفق عليه. قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه هذا الحديث اشتمل على اربع جمل جامعة نافعة. احداها قوله ومن عفيف يعفه الله. والثانية قوله ومن يستغنيه الله وهاتان الجملتان متلازمتان. فان كمال العبد في اخلاصه لله رغبة ورهبة. وتعلقا به دون المخلوقين. فعليه في ان يسعى لتحقيق هذا الكمال. ويعمل كل سبب يوصله الى ذلك حتى يكون عبدا لله حقا. حرا من رق المخلوقين وذلك ان يجاهد نفسه على امرين. انصرافها عن التعلق بالمخلوقين بالاستعفاف عما في ايديهم. فلا يطلبه بمقاله ولا بلسان حاله. ولهذا قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم ما اتاك من هذا المال وانت غير مشرف ولا سائل فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك. فقطع الاشراف في القلب والسؤال باللسان تعففا وترفعا عن منن الخلق وعن تعلق القلب بهم. سبب قوي لحصول العفة وتمام ذلك ان يجاهد نفسه على الامر الثاني. وهو الاستغناء الله والثقة بكفايته. فانه من يتوكل على الله فهو حسبه هذا هو المقصود. والاول وسيلة الى هذا. فان من استعف عما في اي سيد الناس وعما يناله منهم اوجب له ذلك ان يقوى تعلقه الله ورجائه وطمعه في فضل الله واحسانه. ويحسن ظنه ثقته بربه. والله تعالى عند حسن ظن عبده به ان ظن خيرا فله وان ظن غيره فله. وكل واحد من الامرين يمد الاخر فيقويه. فكلما قوي تعلقه بالله ضعف تعلقه بالمخلوق وبالعكس ومن دعاء النبي صلى الله عليه وعلى اله آله وسلم اللهم اني اسألك الهدى والتقى والعفاف فوالغنى فجمع الخير كله في هذا الدعاء. فالهدى هو العلم النافع. والتقى هو العمل الصالح وترك المحرمات كلها وهذا صلاح الدين. وتمام ذلك بصلاح القلب وطمأنينته عفاف عن الخلق والغنى بالله. ومن كان غنيا بالله هو الغني حقا. وان قلت حواصله. فليس الغنى عن كثرة العرض انما الغنى غنى القلب. وبالعفاف والغنا تتم للعبد الحياة الطيبة والنعيم الدنيوي والقناعة بما اتاه الله الثالثة قوله ومن يتصبر يصبره الله. ثم ذكر في الجملة ان الصبر اذا اعطاه الله العبد فهو افضل العطاء واوسعه واعظمه اعانة على الامور. قال تعالى اي على اموركم كلها والصبر كسائر الاخلاق يحتاج الى مجاهدة للنفس وتمرينها فلهذا قال ومن يتصبر. ان يجاهد نفسه على الصبر يصبره الله ويعينه. وانما كان الصبر اعظم العطايا لانه يتعلق بجميع امور العبد وكمالاته. وكل حالة من احواله تحتاج الى صبر. فانه يحتاج الى الصبر على طاعة الله حتى يقوم بها ويؤديها. والى صبر عن معصية الله حتى يتركها لله. والى صبر على اقدار الله المؤلمة فلا يتسخطها. بل الى صبر على نعم الله ومحبوبات النفس فلا يدع النفس تمرح وتفرح الفرح المذموم بل يشتغل بشكر الله. فهو في كل احواله يحتاج الى الصبر وبالصبر ينال الفلاح. ولهذا ذكر الله اهل الجنة فقال والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى دار وكذلك قوله غرفة بما صبروا. فهم نالوا الجنة بنعيمها. وادركوا منازل العالية بالصبر. ولكن العبد يسأل الله العافية من الابتلاء ان الذي لا يدري ما عاقبته. ثم اذا ورد عليه فوظيفته الصبر فالعافية هي المطلوبة بالاصالة في امور الابتلاء والامتحان والصبر يؤمر به عند وجود اسبابه ومتعلقاته. والله هو المعين وقد وعد الله الصابرين في كتابه وعلى لسان رسوله امورا عالية جليلة. وعدهم بالاعانة في كل في امورهم وانه معهم بالعناية والتوفيق والتسديد وانه يحبهم ويثبت قلوبهم واقدامهم. ويلقي عليهم السكينة والطمأنينة. ويسهل لهم الطاعات. ويحفظهم من خلفات ويتفضل عليهم بالصلوات والرحمة والهداية عند المصيبات والله يرفعهم الى اعلى المقامات في الدنيا والاخرة. ووعد النصر. وان ييسرهم لليسرى ويجنبهم العسرى ووعدهم بالسعادة والفلاح والنجاح. وان يوفيهم اجرهم بغير حساب شاب وان يخلف عليهم في الدنيا اكثر مما اخذ منهم من محبوباتهم واحسن وان يعوضهم عن وقوع المكروهات عوضا عاجلا يقابل اضعاف اضعاف ما وقع عليهم من كريهة ومصيبة وهو في ابتدائه صعب شديد. وفي انتهائه سهل حميد العواقب كما قيل والصبر مثل اسمه مر مذاقته. لا لكن عواقبه احلامنا العسل. الحديث الرابع والثلاثون عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ما نقصت صدقة من وما زاد الله عبدا بعفو الا عزا. وما تواضع احد لله الا رفعه الله. رواه مسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه هذا الحديث احتوى على فضل الصدقة والعفو والتواضع وبيان ثمراتها العاجلة والآجلة. وان كل كما يتوهمه المتوهم من نقص الصدقة للمال. ومنافاة العفو والتواضع للرفعة وهم غالط وظن كاذب فالصدقة لا تنقص المال. لانه لو فرض انه نقص من جهة فقد زاد من جهات اخر. فان الصدقة تبارك المال. وتدفع عنه الافات وتنميه. وتفتح للمتصدق من ابواب الرزق واسباب زيادة امورا ما تفتح على غيره. فهل يقابل ذلك النقص بعضا هذه الثمرات الجليلة. فالصدقة لله التي في محلها لا تنفذ ما لقطعا ولا تنقصه بنص النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وبالمشاهدات والتجريبات المعلومة هذا كله سوى ما لصاحبها عند الله من الثواب الجزيل. والخير والرفعة. واما العفو عن جنايات المسيئين باقوالهم وافعالهم فلا يتوهم منه الذل. بل هذا عين العز فان العز هو الرفعة عند الله وعند خلقه. مع القدرة على قهر الخصوم والاعداء. ومعلوم ما يحصل للعافي من الخير والثناء الخلق وانقلاب العدو صديقا. وانقلاب الناس مع العافية ونصرتهم له بالقول والفعل على خصمه. ومعاملة الله له من جنس عمله. فان من عفا عن عباد الله عفا الله عنه وكذلك المتواضع لله ولعباده يرفعه الله درجات فان الله ذكر الرفعة في قوله يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات فمن اجل ثمرات العلم والايمان التواضع. فانه الانقياد الكامل للحق. والخضوع لامر الله ورسوله امتثالا للامر واجتناب للنهي مع التواضع لعباد الله. وخفض الجناح لهم ومراعاة الصغير والكبير والشريف والوضيع. وضد ذلك تارك التكبر فهو غمط الحق واحتقار الناس. وهذه الثلاث المذكورات في هذا الحديث مقدمات صفات المحسنين فهذا محسن في ماله ودفع حاجة المحتاجين. وهذا محسن بالعفو عن جنايات المسيئين. وهذا محسن اليهم بحلمه تواضعه وحسن خلقه مع الناس اجمعين. وهؤلاء قد الناس باخلاقهم واحسانهم. ورفعهم الله فصار لهم المحل الاشرف بين العباد. مع ما يدخر الله لهم من الثواب وفي قوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وما تواضع احد لله تنبيه على حسن القصد والاخلاص لله في تواضعه لان كثيرا من الناس قد يظهر التواضع للاغنياء ليصيب من دنياهم او للرؤساء لينال بسببهم مطلوبة. وقد يظهر ابو عرياء وسمعة. وكل هذه اغراض فاسدة. لا ينفع العبد الا التواضع لله تقربا اليه. وطلبا لثوابه واحسانا اليه الخلق فكمال الاحسان وروحه الاخلاص لله. الحديث الخامس والثلاثون. عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كل كل عمل ابن ادم يضاعف. الحسنة بعشر امثالها الى سبعمائة قال الله تعالى الا الصوم فانه لي. وانا اجزي به يدع شهوته وطعامه من اجلي. للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه. ولخلوف فم الصائم اطيب عند الله من ريح المسك. والصوم جنة اذا كان يوم صوم احدكم فلا يرفث ولا يصخب. فان تنبه احد او قاتله. فليقل اني امرؤ صائم. متفق عليه قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه ما اعظم هذا الحديث فانه ذكر الاعمال عموما. ثم الصيام خصوصا. وذكر فضله قوة خاصة. وثوابه العاجل والاجل. وبيان حكمته مقصود منه وما ينبغي فيه من الاداب الفاضلة. كلها احتوى عليها هذا الحديث. فبين هذا الاصل الجامع. وان جميع الاعمال من الصالحة من اقوال وافعال ظاهرة او باطنة سواء تعلقت بحق الله او بحقوق العباد. مضاعفة من عشر الى سبعمائة ضعف الى اضعاف كثيرة. وهذا من اعظم ما يدل على ساعات فضل الله واحسانه على عباده المؤمنين. اذ جعل جناياته ومخالفاتهم الواحدة بجزاء واحد. ومغفرة الله تعالى فوق ذلك واما الحسنة فاقل التضعيف ان الواحدة بعشر. وقد تزيد على الا ذلك باسباب. منها قوة ايمان العامل وكمال اخلاصه فكلما قوي الايمان والاخلاص تضاعف ثواب العمل. ومن ان يكون للعمل موقع كبير. كالنفقة في الجهاد والعلم والمشاريع الدينية العامة. وكالعمل الذي قوي بحسنه وقوته ودفعه المعارضات. كما ذكره صلى الله عليه وعلى اله وسلم في في قصة اصحاب الغار. وقصة البغي التي سقت الكلب. فشكر الله لها وغفر لها. ومثل العمل الذي يثمر اعمالا اخر ويقتدي به غيره او يشاركه فيه مشارك كدفع الضرورات العظيمة. وحصول المبرات الكبيرة. وكالم مضاعفة لفضل الزمان او المكان او العامل عند الله. فهذه مضاعفات كلها شاملة لكل عمل. واستثنى في هذا الحديث الصيام واضافه اليه وانه الذي يجزي به بمحض فضله وكرمه من غير مقابلة للعمل بالتضعيف المذكور الذي تشترك فيه فيه الاعمال وهذا شيء لا يمكن التعبير عنه. بل يجازي بما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وفي الحديث على حكمة هذا التخصيص. وان الصائم لما ترك محبوبات النفس التي طبعت على محبتها وتقديمها على غيرها وانها من الامور الضرورية. فقدم الصائم عليها محبة ربه فتركها لله في حالة لا يطلع عليها الا الله وصارت محبته لله مقدمة وقاهرة لكل محبة نفسية وطلب رضاه وثوابه مقدما على تحصيل الاغراض النفسية. فلهذا اختصه الله لنفسه. وجعل ثواب الصائم عنده. فما ظنك باجر وجزاء؟ تكفل به رحيم الرحمن الكريم المنان. الذي عمت مواهبه جميع الموجودات وخص اولياءه منها بالحظ الاوفر والنصيب الاكمل وقدر لهم من الاسباب والالطاف التي ينالون بها ما عنده امورا ان لا تخطر بالبال. ولا تدور في الخيال. فما ظنك ان يفعل الله بهؤلاء الصائمين المخلصين. وهنا يقف القلم ويسيح قلب الصائم فرحا وطربا بعمل اختصه الله لنفسه. وجعل فجاءه من فضله المحض واحسانه الصرف. وذلك فضل الله يؤتيه من من يشاء والله ذو الفضل العظيم. ودل الحديث على ان الصيام الكامل هو الذي يدع العبد فيه شيئين المفطرات الحسية من طعام وشراب ونكاح وتوابعها والمنقصات العملية. فلا يرفث ولا يصخب ولا يعمل عملا محرما ولا يتكلم بكلام محرم. بل يجتنب جميعا المعاصي وجميع المخاصمات والمنازعات المحدثة للشحناء ولهذا قال فلا يرفث. ان يتكلم بكلام قبيح ولا يصخب بالكلام المحدث للفتن والمخاصمات. كما قال في حديث الاخر من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه. فمن حقق الامرين ترك مفطرات وترك المنهيات. تم له اجر الصائمين. ومن لم عن ذلك فلا يلومن الا نفسه. ثم ارشد الصائم اذا عرض له احد يريد مخاصمته ومشاتمته. ان يقول له بلسان اني صائم. وفائدة ذلك. ان يريدك انه يقول اعلم انه ليس بي عجز عن مقابلتك على ما تقول ولكني صائم صيامي واراعي كماله. وامر الله ورسوله واعلم ان الصيام يدعوني الى ترك المقابلة. ويحثني على فما عملته انا خير واعلى مما عملته معي ايها المخاصم وفيه العناية بالاعمال كلها من صيام وغيره ومراعاة تكميلها. والبعد عن جميع المنقصات لها تذكر مقتضيات العمل. وما يوجبه على العامل وقت حصول الاسباب يا ريحتي للعمل. وقوله الصوم جنة. اي وقاية يتقي بها العبد الذنوب في الدنيا. ويتمرن به على الخير. ووقاية من العذاب فهذا من اعظم حكم الشارع من فوائد الصيام وذلك لقوله تعالى كتب عليكم الصيام كما كتب. كما كتب على الذي فكون قومي جنة وسببا لحصول التقوى. هو مجموع الحكم التي فصلت في حكمة الصيام وفوائده. فانه يمنع من المحرمات او يخففها ويحث على كثير من الطاعات. وقوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم للصائم فرحتان فرحة عند في الطريق وفرحة عند لقاء ربه. هذان ثوابان عاجل واجل فالعاجل مشاهد اذا افطر الصائم فرح بنعمة الله عليه بتكميل الصيام على اداء ما عليه. من غير ان يحوج صاحب الحق الى طلب والحاح اخر او شكاية. فمن فعل ذلك مع قدرته على الوفاء فهو ظالم والغني هو الذي عنده موجودات مالية يقدر بها على الوفاء وفرح بنيل شهواته التي منع منها في النهار والآجل فرحة عند لقاء ربه برضوانه وكرامته. وها هذا الفرح المعجل نموذج ذلك الفرح المؤجل. وان الله سيجمعهما الصائم وفيه الاشارة الى ان الصائم اذا قارب فطره وحصلت له هذه الفرحة. فانها تقابل ما مر عليك في نهاره من مشقة ترك الشهوات. فهي من باب التنشيط وانهاء الهمم على الخير. وقوله ولخلوف فم الصائم اطيب عند تالله من ريح المسك. الخلوف هو الاثر الذي يكون في الفم من رائحته الجوف وتصاعد الابخرة فهو وان كان كريها للنفوس. فلا تحزن ايها الصائم فانه اطيب عند الله من ريح المسك. فانه متأثر عن عبادته والتقرب اليه. وكل ما تأثر عن العبادات من المشقات والكريهات فهو محبوب لله. ومحبوب الله عند مقدم على كل شيء. الحديث السادس والثلاثون عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ان الله قال من عادى لي وليا فقد اذنته بالحرب. وما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضته عليه. وما يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه. فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به. وبصره الذي يبصر به. ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها. ولئن سألني لاعطينه. ولئن استعاذني لاعيذنه. وما ترددت عن شيء انا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن يكره الموت واكره مساءته ولابد له منه. رواه البخاري قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه هذا حديث جليل اشرف حديث في اوصاف الاولياء وفضلهم ومقاماتهم فاخبر ان معاداة اوليائه معاداة له ومحاربة له ومن كان متصديا لعداوة الرب ومحاربة مالك الملك فهو مخذول ومن تكفل الله بالذب عنه فهو منصور. وذلك لكمال موافقة اولياء الله لله في محابه. فاحبهم قام بكفايتهم وكفاهم ما اهمهم. ثم ذكر صفة الاولاد الصفة الكاملة. وان اولياء الله هم الذين تقربوا الى الله باداء الفرائض اولا. من صلاة وصيام وزكاة وحج وامر بالمعروف ونهي عن المنكر وجهاد. وق يا من بحقوقه وحقوق عباده الواجبة. ثم انتقلوا من هذه درجة الى التقرب اليه بالنوافل. فان كل جنس من العبادات واجبة مشروع من جنسه نوافل. فيها فضائل عظيمة تكمل الفرائض وتكمل ثوابها. فاولياء الله قاموا بالفرائض والنوافل. فتولاهم واحبهم. وسهل لهم كل طريق يوصلهم الى رضاه. ووفقهم وسددهم في جميع حركاتهم فان سمعوا سمعوا بالله. وان ابصروا فلله وان بطشوا او مشوا ففي طاعة الله. ومع تسديده لهم في حركات جعلهم مجاب الدعوة. ان سألوه اعطاهم مصالح دينهم ودنياهم وان استعاذوه من الشرور اعاذهم. ومع ذلك بهم في كل احوالهم. ولولا انه قضى على عباده بالموت لسلم منه اولياؤه. لانهم يكرهونه لمشقته وعظمته والله يكره مساءتهم. ولكن لما كان القضاء نافذا كان لا بد لهم منه. فبين في هذا الحديث صفة اولياء وفضائلهم المتنوعة. وحصول محبة الله لهم التي هي اعظم ما تنافس فيه المتنافسون انه معهم وناصرهم ومؤيدهم ومسددهم ومجيب دعواتهم ويدل هذا الحديث على اثبات محبة الله. وتفاوتها اوليائه بحسب مقاماتهم. ووصف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأولياء الله بأداء الفرائض والإكثار من النوافل مطابق لوصف الله لهم بالايمان والتقوى في قوله اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. الذين امنوا وكانوا يتقون فكل من كان مؤمنا تقيا كان لله وليا لان الايمان يشمل العقائد واعمال القلوب والجوارح. والتقوى جميع المحرمات. ويدل على اصل عظيم. وهو ان فرائض مقدمة على النوافل. واحب الى الله واكثر اجرا وثوابا لقوله وما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترظته عليه عليه وانه عند التزاحم يتعين تقديم الفروض على النوافل الحديث السابع والثلاثون. عن حكيم بن حزام رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم البيعان بالخيار ما لم يتفرقا. فان صدقا وبينا بورك فلهما في بيعهما. وان كذبا وكتما محقت بركة بيعهما. متفق عليه عليه قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه هذا الحديث اصل ومفهوم الحديث ان المعسر لا حرج عليه في التأخير وقد اوجب الله على صاحب الحق انظاره الى الميسرة ونفهم من هذا الحديث ان الظلم المالي لا يختص باخذ مال الغير في بيان المعاملات النافعة والمعاملات الضارة. وان الفاصل بين النوعين الصدق والبيان. فمن صدق في معاملته وبين جميع ما تتوقف عليه المعاملة من الاوصاف المقصودة. ومن العيوب والنقص. فهذه معاملة نافعة في العاجل بامتثال امر الله ورسوله. والسلامة من الاثم نزول البركة في معاملته. وفي الآجلة بحصول الثواب والسلامة من العقاب ومن كذب وكتم العيوب وما في المعقود عليه من الصفات فهو مع اثمه معاملته ممحوقة البركة. ومتى نزعت البركة من المعاملة خسر صاحبها دنياه واخراه. ويستدل بهذا الاصل على تحريم التدليس. واخفاء العيوب وتحريم الغش. والبذل اخسف الموازين والمكاييل والذرع وغيرها. فانها من الكذب والكتمان وكذلك تحريم النجش والخداع في المعاملات وتلقي الجلب ليبيع او يشتري منهم. ويدخل فيه الكذب في مقدار الثمن والمثمن وفي وصف المعقود عليه وغير ذلك. وضابط ذلك ان كل شيء تكره ان يعاملك فيه اخوك المسلم او غيره ولا يخبرك به فانه من باب الكذب والاخفاء والغش. ويدخل في هذا البيع بانواعه والايجارات والمشاركات وجميع المعاوضات اجالها ووثائقها فكلها يتعين على العبد فيها الصدق والبيان ولا يحل له الكذب والكتمان. وفي هذا الحديث اثبات خيار في المجلس في البيع وان لكل واحد من المتبايعين الخيار بين الامضاء او الفسخ. ما دام في محل التبايع. فاذا تفرقا البيع ووجب. وليس لواحد منهما بعد ذلك الخيار الا بسبب يوجب الفسخ كخيار شرط او عيب يجده قد اخفي عليه او تدليس او تعذر معرفة ثمن او مثمن. والحكمة في اثبات في خيار المجلس ان البيع يقع كثيرا جدا. وكثيرا ما يندم الانسان على بيعه او شرائه. فجعل له الشارع الخيار. كي يتروى وينظر حاله. هل يمضي او يفسخ؟ والله اعلم الحديث الثامن والثلاثون. عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر. رواه مسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه وهذا كلام جامع لكل غرر والمراد بالغرر المخاطرة والجهالة. وذلك داخل في الميسر فان الميسر كما يدخل في المغالبات والرهان. الا رهان سباق الخير والابل والسهام. فكذلك يدخل في امور المعاملات فكل بيع فيه خطر هل يحصل المبيع او لا يحصل؟ كبيع الابار والشارد والمغصوب من غير غاصبه. او غير القادر على اخذه وكبيع ما في ذمم الناس. وخصوصا المماطلين والمعسرين فانه داخل في الغرر. وكذلك كل بيع فيه جهالة ظاهرة يتفاوت فيها المقصود. فانها داخلة في بيع الغرر كبيعه ما في بيته من المتاع او ما في دكانه. او ما في في هذا الموضع وهو لا يدري به ولا يعلمه. او وبيع الحصاة التي هي مثال من امثلة الغرر. كأن يقول ارمي هذه الحصاة فعلى اي متاع وقعت عليه فهو عليك بكذا. او ارمها في الارض كيفما بلغته من المدى فهو لك بكذا. او بيع المنابذة او الملامسة او بيع ما في بطون الانعام. وما اشبه ذلك. فكل ذلك قرار واضح. ومن حكمة الشارع تحريم هذا النوع. لما فيه من واحداث العداوات التي قد يغبن فيها احدهما الاخر غبنا مضرا. ولهذا اشترط العلماء للبيع العلم بالمبيع والعلم ثمن واشترطوا ايضا ان يكون العاقد جائز التصرف بان يكون بالغا عاقلا رشيدا. لان العقد مع الصغير او غير الرشيد لابد ان يحصل به غبن مضر وذلك من الغرر. وكذا اشترط العلم بالاجل. اذا كان الثمن او بعضه او المبيع في مؤجلة لان جهالة الاجل تصير العقد غررا. وكما في النهي عن بيع الغرر. الغرر الذي يتفقان عليه من باب اولى ان يدخل فيه التغرير. وتدليس احدهما على الاخر شيئا من امور المعاملة. من معقود به او عليه او شيء من صفاته والغش كله داخل في التغرير. وافراد الغش وتفاصيله لا يمكن ضبطها. وهي معروفة بين الناس. وحاصل بيع الغرر يرجع الى بيع المعدوم. كحبل الحبلة والسنين او بيع المعجوز عن كالآبق ونحوه. او بيع المجهول المطلق في ذاته او جنسه او فاتح الحديث التاسع والثلاثون. عن عمرو بن عوف مزاني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال الصلح جائز بين المسلمين ان صلحا حرم حلالا او احل حراما. والمسلمون على شروطهم الا شرطا حرم حلالا او احل حراما. رواه اهل السنن الا النسائي. جمع في هذا الحديث الشريف بين انواع الصلح والشروط صحيحها وفاسدها. بكلام يشمل من انواع العلم وافراده ما لا يحصى بحد واضح بين. فاخبر ان الاصل في الصلح انه جائز لا بأس به. الا اذا حرم الحلال او احل الحرام وهذا كلام محيط. يدخل فيه جميع اقسام الصلح والصلح خير. لما فيه من حسم النزاع وسلامة القلوب فبراءة الذمم. فيدخل فيه الصلح في الاموال في الاقرار. بان له بدين او عين او حق. فيصانفه عنه ببعضه او بغيره. وصلح الانكار بان يدعي عليه حقا من دين او عين فينكر. ثم يتفقان على المصالحة عن هذا بعين او دين او منفعة او ابراء او غيره. فكل ذلك جائز وكذلك الصلح عن الحقوق المجهولة. كأن يكون بين اثنين معاملة طويلة اشتبه فيها ثبوت الحق على احدهما او عليهما او اشتبه مقداره. فيتصالحان على ما يتفقان عليه ويتحريان العدل وتمام ذلك ان يحلل كل منهما الاخر. او يكون بين اثنين مشاركة في ميراث او وقف. او وصية او ما اخر من ديون او اعيان. ثم يتصالحان عن ذلك بما يرياني اقرب الى العدل والصواب. وكذلك يدخل في ذلك المصالحة بين الزوجين في حق من حقوق الزوجية. من نفقة او كسوة او مسكن او غيرها ماضية او حاضرة. وان اقتضت الحال ان يغض احدهما عن بعض حقه لاستيفاء بقيته او لبقاء الزوجية او لزوال الفضل او لغير ذلك من المقاصد فكل ذلك حسن كما قال تعالى في حقهما فلا جناح عليهما وكذلك الصلح عن القصاص في النفوس او الاطراف مال يتفقان عليه او المعاوضة عن ديات النفوس والاطراف والجروح او يصلح الحاكم بين الخصوم بما تقتضيه الحال. متحريا في ذلك مصلحتهما جميعا. فكل هذا داخل في قوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الصلح جائز بين المسلمين. فان تضمن تحريم الحلال او تحليل الحرام. فهو فاسد بنص هذا الحديث كالصلح على رق الاحرار او اباحة الفروج المحرمة. او الذي فيه ظلم. ولهذا قيده الله بقوله تعالى فاصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا اوصوا الصلح اضطرار كالمكره وكالمرأة اذا عضلها زوجها ظلما لتفتدي منه. وكالصلح يا حق الغير بغير اذنه. وما اشبه ذلك. فهذا النوع صلح محرم غير صحيح. واما الشروط فاخبر في هذا الحديث ان المسلمين على شروطهم. الا شرطا احل حراما او حرم حلالا وهذا اصل كبير. فان الشروط هي التي يشترطها احد المتعاقب على الاخر. مما له فيه حظ ومصلحة. فذلك جائز وهو لازم اذا وافقه الاخر عليه واعترف به. وذلك كمثل اذا اشترط المشتري في المبيع وصفا مقصودا. كشرط العبد كاتبا او يحسن العمل الفلاني. او الدابة لاجة او لبونا او الجارح صيودا. او الجارية بكرا او جميلة او فيها الوصف الفلاني المقصود. ومثل ان يشترط المشتري ان الثمن او ضعف مؤجل باجل مسمى. او يبيع الشيء ويشترط البائع ان ينتفع به مدة معلومة. كما باع جابر بن عبدالله الانصاري رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم جملا واشترط ظهره الى المدينة. ومثل ان يشترط سكنا البيت او كان مدة معلومة. او يستعمل الاناء مدة معلومة وما اشبه ذلك. وكذلك شروط الرهن والضمان والكفالة هي من الشروط الصحيحة اللازمة. ومثل الشروط التي يشترطها متشاركان في مضاربة او شركة عنان او وجوه او ابدان او موسى قات او مزارعة. فكلها صحيحة. الا تحلل الحرام وعكسه. كالتي تعود الى الجهالة والغرر ومثل شروط الواقفين والموصين في اوقافهم ووصاياهم من الشروط المقصودة فكلها صحيحة ما لم تدخل في محرم وكذلك الشرط بين الزوجين. كأن تشترط دارها او بلدها او نفقة معينة او نحوها. فان احق الشروط ان به هذا النوع. الحديث الاربعون. عن ابي في هريرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. مطل الغني ظلم. واذا اتبع احدكم على مليء فليتبع. متفق عليه. قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه تضمن هذا الحديث الامر بحسن الوفاء وحسن الاستيفاء. والنهي عما يضاد الامرين او احدهما فقوله مطل الغني ظلم. اي المعاشرة في اداء الحق الواجب اجبي ظلم لانه ترك لواجب العدل. اذ على القادر المبادرة اليه بغير حق. بل يدخل فيه كل اعتداء على مال الغير او على حقه باي وجه يكون. فمن غصب مال الغير او سرقه او جحد حقا عنده للغير او بعضه. او ادعى عليه ما سله من اصل الحق او وصفه. او ماطله بحقه من وقت الى اخر او ادى اليه اقل مما وجب له في ذمته وصفا او قدرا فكل هؤلاء ظالمون بحسب احوالهم. والظلم ظلمات يوم القيامة على اهله. ثم ذكر في الجملة الاخرى حسن الاستيفاء. وان فمن له الحق عليه ان يتبع صاحبه بمعروف وتيسير. لا بازعاج ولا تعسير ولا يرهقه من امره عسرا. ولا يمتنع عليه اذا وجهه الى جهة ليس عليه فيها مضرة ولا نقص. فاذا لا احاله بحقه على مليء اي قادر على الوفاء غير مماطل ولا ممانع فليتحول عليه فان هذا من حسن الاستيفاء والسماحة ولهذا ذكر الله تعالى الامرين في قوله فمن عفي كن اليه باحسان. فامر صاحب الحق ان يتبع من عليه فيه الحق بالمعروف. والمستحسن عرفا وعقلا. وان يؤدي عليه الحق باحسان. وقد دعا صلى الله عليه وعلى اله وسلم من اتصف بهذا الوصف الجميل فقال رحم الله عبدا سمحا اذا سمحا اذا اشترى سمحا اذا قضى سمحا اذا اقتضى. فالسماحة في مباشرة المعاملة وفي القضاء والاقتضاء. يرجى لصاحبها كل خير ديني ودنيوي. لدخوله تحت هذه الدعوة المباركة التي لابد من قبولها. وقد شوهد ذلك عيانا انك لا تجد تاجرا بهذا الوصف الا رأيت الله قد صب عليه الرزق صبا وانزل عليه البركة. وعكسه صاحب المعاشرة والتعسير وارهاق المعاملين والجزاء من جنس العمل. فجزاء التيسير التيسير. واذا كان مطل الغني ظلما وجب الزامه وباداء الحق اذا شكاه غريمه. فاذا ادى والا عسر حتى يؤدي او يسمح غريمه. ومتى تسبب في تغريم غريمه بسبب شكايته. فعليه الغرم لما اخذ من ماله لانه هو السبب وذلك بغير حق. وكذلك كل من تسبب غيره ظلما فعليه الضمان. وهذا الحديث اصل في باب وان من حول بحقه على مليء فعليه ان يتحول وليس له ان يمتنع. ومفهومه انه اذا احيل على غير مليء فليس عليه التحول. لما فيه من الضرر عليه والحق الذي يتحول به هي الديون الثابتة بالذمم. من ارض او ثمن مبيع او غيرهما. واذا حوله على المليء فاتبعه برئت ذمة المحيل. وتحول حق الغريم الى من حول عليه اي والله اعلم. الحديث الحادي والاربعون عن سمرة بن جندب رضي الله عنه انه قال قال رسول قول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. على اليد ما اخذت حتى تؤديه. رواه اهل السنن الا النسائي. قال الشيخ سعدي رحمه الله في شرحه وهذا شامل لما اليد من اموال ار الناس بغير حق. كالغصب ونحوه. وما اخذته بحق كرهن واجارة. اما القسم الاول فهو الغصب. وهو اخ خذوا مال الغير بغير حق بغير رضاه. وهو من اعظم الظلم والمحرمات فان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول من غصب قيد شبر من الارض طوقه يوم القيامة من سبع اراضين وعلى الغاصب ان يرد ما اخذه. ولو غرم على رده اضعاف قيمته. ولو صار عليه ضرر في رده. لان هو ادخل الضرر على نفسه. فان نقص رده مع ارش نقصه وعليه اجرته مدة بقائه بيده وان تلف ضمنه. واما اذا كانت اليد اخذت مال الغير برضا صاحبه. بايجارة او رهن او مضاربة او مساقاة او مزارعة او غيرها صاحب اليد امين. لان صاحب العين قد ائتمنه. فان تلفت وهي بيده بغير تعد ولا تفريط فلا ضمان عليه. وان تلفت بتفريق في حفظها او تعد عليها ضمنها. ومتى انقضى الغرض منها ردها الى صاحبها. ودخل في هذا الحديث على اليد ما اخذت حتى ستؤديه. وكذلك العارية على المستعير ان يردها الى صاحبها بانقضاء الغرض منها. او طلب ربها لان العارية عقد جائز لا لازم. فان تلفت العارية ولا تفريط. فمن العلماء من ضمنه كما هو المشهور من مذهب الامام احمد ومنهم من لم يضمنه كسائر الامناء ومنهم من فصل فان شرط ضمانها ضمنها والا فلا وهو احسن الاقوال الثلاثة. ولكن لو وجد المال بيد مجنون او ففيه او صغير فاخذه ليحفظه. فتلف بيده بغير تعد ولا تفريط فانه محسن. وما على المحسنين من سبيل ولو اخذ اللقطة التي يجوز التقاطها. فعليه تعريفها عاما كاملا. فان لم تعرف فهي لواجدها. فان وجد صاحبها بعد ذلك ووصفها. سلمها اليه ان كانت موجودة وضمنها ان كان قد اتلفها باستعمار او غيره. وان تلفت في وللتعريف بغير تفريط ولا تعد فلا ضمان على الملتقط. لانه من جملة الامناء وهي حينئذ لم تدخل في ملكه. والله اعلم