وهي قوله اعدت للمتقين. ومرتين مقيدتين فقال واتقوا الله واتقوا النار. فقوله تعالى يا ايها الذين امنوا كل ما في القرآن من قوله تعالى يا ايها الذين امنوا افعلوا كذا او اتركوا كذا يدل على ان الايمان هو السبب الداعي لان تركه من موجبات التقوى والفلاح متوقف على التقوى. فلهذا قال واتقوا الله لعلكم تفلحون. واتقوا نار التي اعدت للكافرين. واتقوا النار التي اعدت للكافرين بترك ما يوجب دخولها من الكفر يا ايها الذين امنوا لا تأكلوا الربا اضعافا مضاعفة. واتقوا الله لعلكم تفلحون تقدم في مقدمة هذا التفسير ان العبد ينبغي له مراعاة الاوامر والنواهي في نفسه وفي غيره. وان الله تعالى اذا امره بامر وجب فعليه اولا ان يعرف حده وما هو الذي امر به ليتمكن بذلك من امتثاله. فاذا عرف ذلك اجتهد واستعان بالله على امتثاله في نفسه وفي غيرك بحسب قدرته وامكانه. وكذلك اذا نهي عن امر عرف حده وما يدخل فيه وما لا يدخل. ثم اجتهد واستعان بربه في تركه وان هذا ينبغي مراعاته في جميع الاوامر الالهية والنواهي. وهذه الايات الكريمات قد اشتملت على اوامر وخصال من خصال الخير. امر الله بها وحث على فعلها واخبر عن جزاء اهلها. وعلى نواهي حث على تركها. ولعل الحكمة والله اعلم في ادخال هذه الايات. اثناء قصة احد انه قد تقدم ان الله تعالى وعد عباده المؤمنين انهم اذا صبروا واتقوا نصرهم على اعدائهم وخذل الاعداء عنهم كما في قوله تعالى وان تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا. ثم قال بلى ان تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم فكأن النفوس اشتاقت الى معرفة خصال التقوى التي يحصل بها النصر والفلاح والسعادة. فذكر الله في هذه الايات اهم خصال التقوى. الذي اذا قام العبد بها فقيامه بغيرها من باب اولى واحرى. ويدل على ما قلنا ان الله ذكر لفظ التقوى في هذه الايات ثلاث مرات مرة موجب الامتثال ذلك الامر واجتناب ذلك النهي. لان الايمان هو التصديق الكامن بما يجب التصديق به. المستلزم لاعمال الجوارح. فنهاهم عن اكل الربا اضعافا مضاعفة. وذلك هو ما اعتاده اهل الجاهلية. ومن لا يبالي بالاوامر الشرعية. من انه اذا حل الدين على المعسر ولم يحصل منه شيء قالوا له اما ان تقضي ما عليك من الدين واما ان نزيد في المدة ويزيد ما في ذمتك فيضطر الفقير ويستدفع غريمه ويلتزم ذلك اغتناما لراحته الحاضرة. فيزداد بذلك ما في ذمته اضعافا مضاعفة. من غير نفع وانتفاع. ففي قوله اضعافا مضاعفة تنبيه على شدة شناعته بكثرته. وتنبيه لحكمة تحريمه. وان تحريم الربا حكمته ان الله منع منه لما فيه من الظلم. وذلك ان الله اوجب انظار المعسر وبقاء ما في ذمته من غير زيادة. فالزامه بما فوق ذلك ظلم متضاعف. فيتعين على المؤمن المتقي تركه وعدم قدرته ايها المعاصي على اختلاف درجاتها فان المعاصي كلها وخصوصا المعاصي الكبار تجرؤ الى الكفر بل هي من خصال الكفر الذي اعد الله النار اهله فترك المعاصي ينجي من النار ويقي من سخط الجبار وافعال الخير والطاعة توجب رضا الرحمن ودخول الجنان وحصول الرحمة ولهذا قال واطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون. واطيعوا الله ورسوله بفعل الاوامر امتثال واجتناب النواهي لعلكم ترحمون. فطاعة الله وطاعة رسوله من اسباب حصول الرحمة. كما قال تعالى ورحمتي وسعت كل شيء فساكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة