الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين اما بعد فان تزكية النفوس مطلب غالي وثمرة عظيمة وفيها فوائد كثيرة ولذلك على العقلاء ان يبذلوا الاسباب المؤدية الى تحصيلها ومن اسباب تحصيل هذه الثمرة العظيمة تزكية الناس ان يكون العبد حاضر القلب حال مناجاته مع رب العزة والجلال في صلاته وذكره وحضور القلب في الدعاء والذكر يعني امتلاء القلب من عظمة الله جل وعلا مع الانس بمناجاة الله والحياء منه سبحانه ان يطلع على ما لا يرضى بما لا يرضى عنه من الاقوال والافعال. خصوصا حال المناجاة اذ قبيح بالعبد في دعائه او صلاته مثلا ان يقول بلسانه الله اكبر وقد امتلأ قلبه بغير الله جل وعلا او ان يدعو ربه فيقول اللهم وفقني وقلبه ملتفت الى ما سواه من المخلوقين او من امور الدنيا ان حضور القلب في العبادات يعني ان يستشعر المرء انه واقف بين يدي الله. ومن ثم ومن ثم ما يتوقف العبد يتوقف العبد عن كل ما يسخط الله جل وعلا. فيقف بين يدي الله في مقام قادم الخائف الوجل ثم وبالتالي يؤدي به ذلك الى ان يعرف كلام الله وان يعرف معاني ما يتكلم به ويفهم مقاصد فعل التي يؤديها بين يدي سيده. فيسكن لذلك قلبه وتطمئن نفسه ومن امثلة ذلك حضور القلب عند قراءة القرآن. فان من اراد ان ينتفع بمعاني القرآن وان يستفيد من القرآن المعاني العظيمة والمصالح الجليلة فليجمع قلبه عند تلاوة القرآن او سماع اية تتلى وليحظر بقلبه حضور شخص كأنه يخاطب بهذا القرآن. كأن الله يكلمك الان. قال تعالى ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد قال ابن القيم رحمه الله اذا اجتمع مع الدعاء حضور القلب وجمعيته بكليته على المطلوب. وصادف وقتا من اوقات الاجابة وصادف خشوعا في القلب. وانكسار بين يدي الرب وذلا له ورغبة فيما عنده. واستقبل واستقبل الداعي القبلة. وكان على طهارة ورفع يديه الى الله جل وعلا وبادع بحمد الله والثناء عليه ثم ثنى بالصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم ثم قدم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار. ثم دخل على الله ثم دخل على الله والح عليه في المسألة وتملقه ودعاه رغبة ورهبة وتوسل اليه باسمائه وصفاته وتوحيده وقدم بين يدي دعائه صدقة فان هذا الدعاء لا يكاد يرد ابدا ولا سيما ان كان بالالفاظ النبوية او اوقات الاجابة التي اخبرها الله اخبر النبي صلى الله عليه وسلم انها مظنة للاجابة وهكذا الالفاظ التي اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان الله يستجيب لصاحبها او انها متظمنة للاسم الاعظم في الدعاء من الفائدة انه يستدعي حضور القلب بين يدي الله عز وجل. وهذا منتهى العبادات فالدعاء يرد القلب الى الله جل وعلا بالتضرع والاستكانة ولذلك كان اشد الناس الانبياء ثم الامثل فالامثل. لانه يردهم ويرد قلوبهم الى الله جل وعلا. بالاستكانة والتذلل ان الشارع لما رغب في اخفاء بعض العبادات رغب في اخفائها من اجل ان تكون من اجل ان تكون اقرب الى حضور القلب مع الله جل وعلا. وابعد عن الرياء والمباهاة واعون على تدبر معنى ما يدعو به الانسان. او يذكر به ربه. قال الامام النووي قال العلامة النووي المراد من الذكر حضور القلب. فينبغي ان يكون هو مقصد الذاكر فيحرص على تحصيله ويتدبر ما يذكر ويتعقل معناه وقال ابن رجب من اعظم شرائط اجابة الدعاء حضور القلب. ورجاء الاجابة من الله. كما ورد ادعوا الله وانتم بالاجابة وان الله لا يقبل دعاء دعاء عبد او دعاء وان الله لا يقبل دعاء من قلب غافل لاه جاء في التذكرة الذكر لله له شرطان حضور القلب في تحريره وبذل وبذل الجسد في تكفيره اذا اردت استجلاب حضور قلبك الغائب فرده عن الشواغل ولا تشغله التوافه في مخاطبة ربه في مخاطبة الرب جل وعلا من فوائد حضور القلب في الدعاء ان يجيب الله جل وعلا دعاء المسلم ان الله يجيب دعاء المسلم اذا دعاه بقلب حاضر من فوائد حضور القلب في الدعاء ان يتعلق القلب بالله عز وجل مما ينتج راحة النفس ونقاء القلب ان من الاسباب المؤدية الى زكاء النفس وطهارتها ان يكون العبد راضيا عن الله عز وجل فهو يرظى بقظاء الله ويرظى بامر الله ويرظى عن ربه جل وعلا ان نهاه عما نهاه عنه و اجتنابه للذنوب التي تدعوه اليها شياطين الانس والجن. الذين يصابون بالمصائب على انواع منهم من يجزع ويتسخط من اقدار الله فهذا باقل المنازل وارداها. ومنهم من يصبر فهذا امأجور مثاب فان الرضا عن الله جل وعلا من اعظم القربات والعبادات المؤدية الى تزكية النفوس وطهارتها والرضا سرور القلب باوامر الله واقداره. ولو كانت مؤلمة الرضا لا يقبل معه جزعا من قضاء الله. ولا من تقديره ولا من امره جل وعلا. ومن هنا فان اهل ايمان يرظون عن ربهم جل وعلا فيرضون باحكام الله الشرعية فيسلمون لها تمام التسليم ولا يوجد ولا يوجد في قلوبهم اي اعتراض عليها كذا يسلمون لما قدره الله عليهم ولا يعارضون شيئا من اقدار الله المؤلمة قال الفيروز بادي رظا العبد عن الله الا يكره ما جرى به قظاؤه. وهذا في غير المعاصي بين المعاصي انما نتجت من فعل العبد. وبالتالي فهو لا يرظى بها ويفعل الاسباب المؤدية لزوال باثارها كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اني اسألك الرضا بعد القضاء وقد جاء في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ذاق طعم الايمان من رضي بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا الدولة جاء في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من قال حين يسمع النداء رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا غفرت له ذنوبه وفي سنن ابن ماجة ما من مسلم او انسان او عبد يقول حين يمسي وحين يصبح رضيت الهي ربى وبالاسلام دينا وبمحمد نبيا الا كان حقا على الله ان يرضيه يوم القيامة قال ابن القيم عن هذه الاحاديث السابقة هذه الاحاديث عليها مدار مقامات الدين واليها ينتهي. وقد تضمن الرضا بربوبية الله جل وعلا. والوهيته والرضا برسوله سوره والانقياد له والرضا بدينه والتسليم له. ومن اجتمعت له هذه الامور فهو الصديق حقا. فالرضا بالهية الله يتضمن الرضا محبته وحده وخوفه ورجائه وحده والانابة اليه والتبتل اليه وانجذاب قوى الارادة والحب اليه. وذلك فعل الراضي كل الرضا بمحبوبه. وهذا يتضمن عبادة الله والاخلاص له واما الرضا بربوبية الله فيتضمن الرضا بتدبيره بتدبيره ويتضمن افراده بالتوكل عليه. والاستعانة به والثقة به جل وعلا. والاعتماد عليه وان يكون العبد راضيا بكل ما يفعل به سيده ومولاه. فالاول يتضمن رضاه بما يؤمر وبه والثاني يتضمن رضاه بما يقدر عليه واما الرضا بنبيه رسولا فيتضمن كمال الانقياد له. ويتضمن التسليم المطلق اليه بحيث يكون اولى به من نفسه فلا يتلقى الهدى الا من مواقع كلماته. ولا يحاكم اليه ولا يحاكم عليه غيره ولا يرضى بحكم غيره اذا خالف حكمه. لا في شيء من احكامه الظاهرة او الباطنة. فان عجز العبد عن العثور على حكم الله وحكم رسوله كان تحكيمه لغيره من باب غذاء المضطر اذا لم للطعاما الا الميتة او الدم. واما الرضا بدينه فان العبد اذا سمع حكما من احكام الله سلم به فاذا قال شرع الله او حكم الله او امر او نهى رضي المؤمن بذلك تمام الرضا وكل ولم يبق في قلبه ولم يبق في قلبه حرج من حكم الله وسلم له تسليما. ولو كان مخالفا لهواه ولو كان مخالفا لمراد نفسه ولو كان مخالفا لقول شيخه او مقلده او امامه او طائفته به او اصحابه وزمرة الرضا الفرح والسرور بالرب تبارك وتعالى ومن كمال عبودية العبد علمه بان وقوع البلية عليه انما هو من تقدير ربه المالك الحكيم الذي هو ارحم بعبده من نفسه فيوجب له ذلك الرضا من الله والشكر له على تدبيره. فان الله ارحم بنا من انفسنا فلا يقدر لنا الا ما هو خير لنا. ولذلك ورد في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال عجبا المؤمن ان امره كله له خير. وليس ذلك الا للمؤمن. ان اصابته سراء شكر فكان خيرا له. وان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له قال الله تعالى حكاية عن وقال الله تعالى قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون اي هو متولي امورنا الدينية والدنيوية ومن ثم فنحن نرظى باقداره ونسلم لها لاننا نعلم ان ما قدره الله لنا فهو خير لنا عدم رظا القلب يوجب قلق القلب واظطرابه وهمه وغمه ومن ارتقى الى الرظا عن الله اي فيما يقدره من المصائب علم ان الرضا جنة الدنيا ومستراح العابدين وباب الله الاعظم ورأى ان ذلك نعمة لما فيه من صلاح قلبه ودينه وقربه الى الله وتكفير سيئاته له الاجر الوارد في قوله تعالى انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب. واعظم من ذلك ذلك الذي ارظاء باقدار الله المؤلمة. ويعلم بان الله انما قدرها عليه لمصلحة العبد. وان هذا العبد هو المستفيد من هذه الاقدار المؤلمة فيتقرب الى الله بالرضا بها وعدم الجزاء منها والصبر عليها واحتساب الاجر فيها. فيكون بذلك ممن حصل الاجر العظيم قال الله جل وعلا في الثناء على من يرظى عن اقدار الله المؤلمة ويرضى بأوامر الله الشرعية. هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم. لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ابدا. رضي الله عنهم ورضوا عنه. ذلك هو الفوز العظيم. وقال سبحانه كون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه. رضي الله عنهم ورضوا عنه واعد لهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا ذلك الفوز العظيم. وقال جل وعلا لان الذين امنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية. جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الانهار قارظين فيها ابدا رظي الله عنهم ورضوا عنه. ذلك لمن خشي ربه ان الصبر والاكثار من الصلوات والاذكار يجعل العبد يشعر بالرضا عن الله جل وعلا فما قال سبحانه فاصبر على ما يقولون. وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها. ومن اناء ليلي فسبح واطراف النهار لعلك ترضى كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه الى ابي موسى الاشعري رضي الله عنه قال الخير كله في الرضا. فان استطعت ان والا فاصبر وفي حديث علي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله يقضي بالقضاء. فمن رضي فله الرضا. ومن سخط فله السخط وقال الربيع ابن انس علامة الشكر الرضا بقدر الله والتسليم بقضائه و كون العبد يدعو الله جل وعلا بزوال ما اصابه من المصائب او يبذل الاسباب لارتفاعها هذا لا ينافي الرظا مثال ذلك عبد اصيب بمرض فدعا الله جل وعلا ان يزيل المرض عنه فحينئذ هو قد بذل السبب في زوال المرض فهذا السبب لا ينافي الرضا عن اقدار الله وانما هو من بذل الاسباب المأمور به شرعا. ومثل ذلك ايضا لو تداوى او لو بذل الاسباب في رقيته لنفسه. فحينئذ هذا لا ينافي مقام الرظا وهكذا ايضا لو اصيب عبد من عباد الله بالفقر فانه حينئذ يؤجر اجورا متعددة عدم جدته هذه يكفر الله بها من سيئاته وذنوبه ثم اذا كان من الصابرين على هذه الاقدار المؤلمة الفقر والعيلة فانه يؤجر الصابرين ثم اذا رضي الله عن قضائه وقدره وعلم الله وعلم ان الله لم يقدر عليه قالت الا لمصلحته ولسعادته. وانه وان الله ارأف به من نفسه اورث له اجرا ثالثا هو اجر الرضا ثم اذا بذل الاسباب المؤدية الى زوال هذه الحاجة وهذا الفقر فانه حينئذ تكون مأجورا مصابى. وقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم. اللهم اني اسألك التقى والغنى وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر اصحابه بالاكتساب فقال لان آآ لان يأتي احدكم بحزمة حطب فيبيعها خير له من ان يسأل الناس شيئا اعطوه او منعوه. فمن هنا ينبغي بنا ان نعرف مقدار هذه النعمة تقدم معنا العديد من الاسباب المؤدية الى جعل الانسان يزكي نفسه. سواء كانت فيما يتعلق باعمال الجوارح او باعمال اللسان والاقوال او كانت فيما يتعلق بالاعتقادات القلبية. وهي اسباب مهمة ان كما اوردتها كنماذج على غيرها من آآ على غيرها من انواع آآ الاسباب الجالبة لتزكية النفوس لكن هناك اسباب اخرى لم اذكرها هنا وانما حرصت على ايراد نماذج ولم استوعب في الكلام وابتداء من المحاضرة القادمة باذن الله جل وعلا سنتكلم عن الاثار الحميدة المترتبة على تزكية النفوس فان تزكية النفس لها اثار عظيمة على العبد في دنياه واخرته ما هي هذه الاثار وما عظم مكانتها ومنزلتها؟ وكيف نحصل هذه الاثار؟ هذا ما سنتكلم عنه في المحاضرة القادمة نسأل الله جل وعلا ان يرزقنا واياكم علما وآآ يقينا اه تقدم معنا العديد من الاسباب المؤدية الى تحصيل اه الرظا تحصيل تزكية النفوس ونشير الى شيء منها اولها تقوى الله جل وعلا وثانيها التوحيد وافراد الله بالعبادة وثالثها صدق الاقوال والاعمال ورابعها اليقين بوعد الله وخامسها التوكل على الله جل وعلا وكذلك آآ المبادرة الى افعال الخير والطاعات وهكذا ايضا تقليب الانسان لنفسه بين وكاين طرق الخيرات ومن اسباب تزكية النفوس ايضا المحافظة على الاعمال الصالحة والديمومة عليها وهكذا ايظا الالتزام بالسنة والانقياد لحكم الله والتسليم للنصوص من اسباب تزكية النفوس ايضا الدعوة الى الله جل وعلا. ومن اسباب تزكية النفوس التعاون على الخير. ونصيحة الخلق بعضهم لبعض ومن اسباب تحصيل اه تزكية النفوس العدل والرحمة رز من الظلم وكذلك قظاء حوائج المسلمين وملاحظة الظعفة والفقراء والايتام والانفاق والكرم وهكذا ايظا توقير العلماء والزهد في الدنيا وتدبر القرآن وتأمل معانيه والتفكر في ايات الله الكونية وكذلك يظع سلامة القلوب وصفاء النفوس حفظ الجوارح من المعاصي والذنوب والورع وتواضع العبد وعدم تكبره و التخلق بحسن الخلق وكذلك ايظا الحلم والاختلاط بالناس مما يؤدي الى جعل العبد يرحم الخلق ويحسن التعامل معهم. وهكذا ايظا اه حسن التعامل مع الاخرين والعفو والاعراظ عن الجاهلين والحرص على العبادات التي تقرب العبد الى ربه جل وعلا. وكذلك التزام الانسان بالاداب الشرعية شرعية آآ كذلك ايضا مما يحصل به تزكية للنفوس آآ استشعار القدوة الطيبة الصالحة التي آآ المرء بها سائرا على هدي على هدي صحيح فيكتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم وبسلفنا الصالح وهكذا ايضا محاسبة العبد لنفسه واستشعاره لمراقبة الله جل وعلا له وقراءته في قصص الغابرين من الانبياء والصالحين الذين اكرمهم الله او من الغاويين والظالين الذين عذبهم الله فالمقصود ان اسباب تزكية النفوس كثيرة ينبغي بنا ان نحرص على استجلابها لتزكو نفوسنا اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لخيري الدنيا والاخرة وان يجعلنا واياكم من الهداة المهتدين اللهم زكي نفوس واتها تقول اللهم زكي نفوسنا واتها تقواها لا يزكيها الا انت هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد على اله وصحبه اجمعين