الحمد لله رب العالمين احمده على نعمه واشكره واثني عليه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين اما بعد فان موظوع تزكية النفس من الموضوعات المهمة التي نحتاج اليها لعظم ثمرات ذلك في الدنيا والاخرة ويتكلمنا فيما مضى عن اثر طلب الرزق في تزكية النفس ونتحدث في هذا اليوم تكملة لذلك الموظوع فنتكلم عنه الايمان بالقضاء والقدر واثره في تزكية النفس اذا علم العبد ان كل ما يحصل في الدنيا فهو من قدر الله عز وجل وان العبد مهما فعل لا يمكن ان يتخلص من قضاء الله وقدره سهلت عليه الامور وكان بذلك ممن سعى درجة الى تزكية نفسه يقول تعالى ان كل شيء خلقناه بقدر فكل شيء مقدر ليس للعبد اي مناص عنه. ومن هنا فهو يرضى بقضاء الله جل وعلا وبقدره ومما يتعلق بهذا ما جاء في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال عجبا لامر المؤمن ان امره كله له خير وليس ذلك الا للمؤمن. ان اصابته ظراء صبر فكان خيرا له وان اصابته سراء شكر فكان خيرا له ومن هنا نتحدث في هذا اليوم عن عدد من القضايا المتعلقة آآ الايمان بالقضاء والقدر واثره على النفس فمن ذلك القناعة فان العبد اذا علم ان الله جل وعلا قد قدر كل شيء وانه تكفل بارزاق العباد فحينئذ العبد ولا يجزع مما قدره الله له فالقناعة الرضا بالمقسوم من الارزاق مع مع عدم تطلع القلب الى ما الى غير ما في يد صاحبه القناعة نعمة عظيمة ينعم بها رب العزة والجلال على بعض عباده. فتهنأ نفوسهم وترتاح قلوبهم قصرت الحياة الطيبة في قوله تعالى فلنحيينه حياة طيبة بانها القناعة والرضا والرزق يقول حسن كثرة مالي للمرء لا تعني انه غني ولا تعني انه سعيد آآ انما يكون المرء غنيا متى كان قانعا ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس كما في الصحيحين من اسباب من اكبر اسباب القناعة عدم تطلع الانسان الى ما في يد غيره وعدم تطلعه الى من فظله الله عليه في امور الدنيا. كما قال صلى الله عليه وسلم انظروا الى من هو اسفل منكم ولا تنظروا الى من هو فوقكم فانه اجدر الا تزدروا نعم الله عليكم ومن اعظم اسباب تحصيل القناعة العفاف بان يكون المرء عفيفا في ماله. لا يتطلع الى ما حرم الله عليه يقول النبي صلى الله عليه وسلم من يستعفف يعفه الله ومن يستغني يغنه الله كما في الصحيحين ان القناعة يحصل بها راحة البال وهدوء النفس وكذلك يحصل بها النجاح والفلاح يقول النبي صلى الله عليه وسلم قد افلح قد افلح من اسلم ورزق كفاف وقنعه الله بما اتاه جاء في صحيح ابن حبان ان النبي صلى الله عليه وسلم قال طوبى لمن هدي الى الاسلام وكان عيشه كفافة وقنعه الله بما اتاه وفي الحديث الاخر من اصبح آمنا في سربه معافا في بدنه. عنده قوت يومه وليلته فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها يقول النبي صلى الله عليه وسلم والله ما الفقر اخشى عليكم ولكن اخشى عليكم ان تبسط لكم الدنيا كما بسطت على من قبلكم فتنازعوها كما تنازعوها عندما تكون القناعة موجودة تبتعد الخصومات وتنتبه واه نبتعد عن المخاصمة بالباطل واكل مال الاخرين بالباطل. وعندما توجد القناعة تنشأ راحة البال وطمأنينة الناس وامن بعضهم من بعضهم الاخر جاء في هذا الحديث السابق ان النبي صلى الله عليه وسلم جعل الدنيا المبسوطة هي المهلكة متى كان هناك محبة لها وايثار لها وحرص عليها ومنافسة بتحصيلها فما اشنع اثار ترك القناعة يقول النبي صلى الله عليه وسلم ما ذئبان جائعان ارسلا في غنم بافسد لها من حرص المرء على المال والشرف على دينه الحرص على المال يكون له تأثير شنيع على دين الانسان كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الله بان يجعله من اهل القناعة فكان صلى الله عليه وسلم في دعائه بين الركنين يدعو يقول ربي قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه واخلف لي كل طائبة بخير القناعة لا تعني ان يرد الانسان ما يصل اليه من الارزاق والهدايا والهبات لكن القناعة هو عدم تطلع النفس الى ما لم يقدره الله للعبد. وعدم حزنه على ما فات منها. فاذا اتى شيء من الارزاق فلا تحزن عليه من اعظم بركة الله على الانسان ان يكون من اهل القناعة. جاء في حديث حكيم ابن حزام قال سألت رسول الله صلى الله عليه عليه وسلم فاعطاني ثم سألته فاعطاني ثم سألته فاعطاني ثم قال يا حكيم ان هذا المال خضر حلو فمن اخذ بسخاوة نفس بورك له فيه بورك له فيه ومن اخذه باشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع وكان الذي يأكل ولا يشبع ان من الاحاديث التي او من الاثار التي تحرك قلب الانسان ما ورد عن سعد ابن ابي وقاص رضي الله عنه انه قال لابنه ما ورد عن سعد ابن ابي وقاص رضي الله عنه انه قال لابنه اذا طلبت الغنى فاطلبه بالقناعة فانها مال لا ينفد واياك والطمع فانه فقر حاضر وعليك باليأس فانك لم تيأس من شيء قط الا اغناك الله عنه لا يترك الانسان القناعة الا لاحد امرين اما جشع وحرص واما من اجل الخسة والمهانة القناعة لا تعني ترك الانسان للاكتساب وعدم بذل الاسباب لتحصيل الارزاق جاء من اه كلام انس اربع من الشقاء جمود العين وقساوة القلب وطول الامل والحرص ورد عن بعضهم ان اول ذنب عصي الله به الحرص والكبر والحسد الحرص من آدم لما منع من الشجرة والكبر من ابليس لما امتنع من السجود لادم والحسد من قابيل مما يعين العبد على تحصيل القناعة امور اولها العلم بان الارزاق بيد الله يرزق من يشاء يبسط الرزق لمن يشاء جاءوا من عباده ويقدر له وثانيا معرفة ان الله جل وعلا تكفل بايصال ما قدر لكل عبد اليه كما قال سبحانه وما من دابة في الارض الا على الله رزقها جاء في الاثر ان الرزق ليطلب العبد كما يطلبه اجله الامر الثالث ان يعلم العبد ان تركه للقناعة وان اتصافه بصفة الحرص والجشع ينقص من درجته ومنزلته عند الله عز وجل وعند الخلق الامر الرابع ان يعرف العبد ان الحرص لا يستجلب به الرزق ولا يؤثر في قضاء الله. وفي الخبر لا تستبطئوا الرزق فانه لم يكن عبد ليموت حتى يبلغ اخر رزق الله. فاجملوا في الطلب وخذوا ما حل ودعوا ما حرم الحرص مؤثر على قلب الانسان وتصوراته فيمنعه من تمام العلم وكمال التصور. فالقناعة تورث طمأنينة القلب وانشراح الصدر. وبالتالي يتمكن الانسان من فهم الامور على حقيقتها. بينما الحرص والجشع يورث قلق القلب واضطرابه. وبالتالي لا يتمكن من فهم الامور على حقيقتها. ترك القناعة يؤدي الى والبخل المذمومين شرعاء اصل الشح شدة الحرص فيتولد عنه البخل والظلم. قال تعالى ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون. فاولئك هم المفلحون اباح الله جل وعلا الطيبات. لكن ينبغي بنا ان نكون قانعين بما رزقنا الله فيها ومما يتعلق بالايمان بالقضاء والقدر ان يصبر الانسان على المصائب التي تأتيه فانه مهما فعل لن يتمكن من ترك من قضاء الله جل وعلا وقدره ومن هنا جاءت الشريعة بالامر بالصبر والترغيب فيه والصبر من اخلاق النفوس ومن صفات القلوب ويقابله الجزع والصبر يكون اما على اوامر الله الشرعية او على اقداره الكونية يقول الله تعالى في الترغيب في الصبر انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب ويقول تعالى مثنيا على الصابرين والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس اولئك الذين صدقوا واولئك هم هم المتقون الصابر محبوب عند الله عز وجل كما قال سبحانه والله يحب الصابرين ومن صفات الانسان الذي يفلح وينجح ولا يخسر انه من اهل الصبر كما قال جل وعلا ان الانسان لفي خسر الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر الامامة في الدين لا تنال الا بالصبر كما قال جل وعلا وجعلنا منهم ائمة يهدون بامرنا لما صبروا وكانوا باياتنا يوقنون وعد الله جل وعلا الصابرين ان يكون معهم مؤيدا ونصيرا. فقال سبحانه يا ايها الذين امنوا استعينوا بالصبر والصلاة ان الله مع الصابرين فامر بالاستعانة بالصبر لانه يعين العبد على قضاء حوائجه في الدنيا والاخرة. قال تعالى وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون. اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون. الصبر من اسباب دخول الجنة كما قال تعالى اني جزيتهم اليوم بما صبروا انهم هم الفائزون. سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار الصبر من اسباب الظفر في الدنيا والفوز والنجاح والنصر كما جاء في الحديث واعلم ان في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا. وان النصر مع الصبر الصبر مع التقوى يحصل الانسان بها فائدة الدنيا والاخرة. وان تصبروا وتتقوا فان ذلك من عزم الامور. انه من يتق كبرت فان الله لا يضيع اجر المحسنين. وان تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا يقول النبي صلى الله عليه وسلم ما اعطي احد عطاء افضل واوسع وخيرا من الصبر. ويقول الصبر يقول النبي صلى الله عليه وسلم عجبا لامر المؤمن ان امره كله له خير وليس ذلك الا للمؤمن. ان اصابته ظراء صبر وكان خيرا له وان اصابته سرا شكر فكان خيرا له وفي مقابل الصبر بمقابل الصبر يكون هناك الجزع وترك الصبر وهذا يورد الانسان المهالك ذكر النبي صلى الله عليه وسلم رجلا كان في من قبلنا جاء به جرح فجزع فاخذ سكينا فحز بها يده فما رقع الدم ما توقف الدم حتى مات فقال الله تعالى عبدي بادرني بنفسه حرمت عليه الجنة من الامور المعينة على الصبر التي يحصل بها علاج للجزع ان ينسى الانسان المصائب التي حصلت عليه فان العبد لا بد ان ينسى هذه المصائب. ومن ذلك ايضا اليقين بان العبد مهما عمل لن يتمكن من التخلص فمن هذه المصيبة ومن ذلك ايضا ان يتيقن بان الله عنده الخلف من كل مصيبة ومن علاج الجزع عدم الشكوى الى بني ادم ومن علاجه ايضا الاتصال برب العزة والجلال سواء بالدعاء وطرح مسألة العبد على ربه او بالصلاة التي يناجي فيها المرء الى ربه جل وعلا ومن علاج الجزع ان يلاحظ الانسان النعم العظيمة التي انعم الله بها عليك يا ايها الانسان. اذا فاتتك نعمة فان الله قد انعم عليك بنعم كثيرة فلاحظ جميل صنع الله فيك وتتمكن بذلك من علاج جزعك ثم تذكر مقارنة الظفر والفوز بالصبر من اعظم علاج الجزع الاكثار من الصلاة. قال تعالى ان الانسان خلق هلوعا اذا مسه الشر جزوعا واذا مسه الخير منوعا الا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون. يقول النبي صلى الله عليه وسلم يا بلال ارحنا بالصلاة من علاج الجزع ان يكثر الانسان من ذكر الله تعالى. الا بذكر الله تطمئن القلوب ومن علاج الجزاء معرفة انه لا يضر ولا ينفع الا رب العزة والجلال يقول النبي صلى الله عليه وسلم اذا احب الله عبدا ابتلاهم فمن صبر فله الصبر ومن جزع فله الجزاء كتب لمعاذ كتب معاذ كتب معاذ لما فقد احد ابناءه ان احتسبه واصبر. ولا يحبط جزعك اجرك فتندم واعلم ان الجزع لا يرد شيئا ولا يدفع حزنا كذلك من الاسباب ومن الامور التي ينتج عنها الايمان بالقضاء والقدر الا يحزن الانسان ما اصابه فان الحزن الم القلب لوقوع مكروه او فوات محبوب وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لابي بكر لما كان في الغار لا تحزن ان الله معنا وقد نهى الله جل وعلا المؤمنين عن الحزن. فقال ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الاعلون ان كنتم مؤمنين. لا تهنوا يعني تظعفوا ولا تحزنوا يعني يتألم القلب بما فات سابقا وجاء في جاء في قوله تعالى انما النجوى من الشيطان ليحزن الذين امنوا وليس بارهم شيئا وليس بضارهم شيئا الا باذن الله. وعلى الله فليتوكل المؤمنون. وقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان من انواع المنامات والرؤيا التي يراها الانسان الرؤية التي تكون تحزينا من الشيطان لابن ادم واذا علم العبد ان ما اصابه من المصائب فان الله يكفر به ذنوبه. وانه اذا صبر عظم اجره. واذا رظي اجرا اخر اذا بذل الاسباب المؤدية الى ارتفاع هذه الامور هذه الاقدار غير المرظية كان مأجورا اجرا اخر سهل عليه الامر اذا اصاب الحزن قلب المؤمن فانه يشكو ذلك الى ربه القادر على رفع هذه الاسباب المحزنة لما ذكر الله جل وعلا عن يعقوب وما اصابه من مصائب قال انما اشكو بثي وحزني الى الله واعلم من الله ما لا تعلمون وقد ذكر الله عز وجل ان مما امتن به على بعض عباده انه لا يجعلهم يحزنون. قال تعالى الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا فهم يحزنون الذين امنوا وكانوا يتقون. الدار الخالية من الاحزان هي الجنة التي لا يحزن اصحابها الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين. يا عبادي لا خوف عليكم اليوم ولا فانتم تحزنون اذا حزن الانسان على فوات طاعة من الطاعات او عدم قدرته عليها فانه ان شاء الله يرجى له الخير كما قال تعالى عن بعض عباده الذين اثنى عليهم حزنا الا يجدوا ما ينفقون ومما يتعلق ايضا الحزن ان المرء لا يحزن من اجل عدم اقبال الناس على طاعة وانما يحزن لعدم فعله النصيحة والدعوة للاسلام. فاذا بذلت الدعوة والنصيحة فحينئذ لا تحزن بسبب صدود غير المؤمنين عن دعوة الاسلام او بسبب صدود المسلمين عن انواع الطاعات ولو افتروا الكذب على المسلمين. قال الله تعالى قد نعلم انه ليحزنك الذي يقولون. فانهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون. وقال جل وعلا ومن كفر فلا يحزنك كفره. الينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا ان الله عليم بذات الصدور ويقول تعالى فلا يحزنك قولهم انا نعلم ما يسرون وما يعلنون. وقال سبحانه قل سيروا في الارض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين؟ ولا تحزن عليهم ولا تكفي ضيق مما يمكرون اذا نظر الانسان الى النصوص الشرعية فيما يتعلق بالحزن وجدت ان الشريعة ترغب عدم الحزن ولم يرد في الشريعة امر بحزن مطلقا لمنافاته لتمام الرضا. اذ لا فائدة في الحزن بل قد يكون مضرة لكنه يعفى عن المرء اذا ورد اليه الحزن ولا يؤاخذ بذلك لان الحزن يرد على القلوب اه سبب غير اه ابن ادم فليس من فعلك ورود الاحزان اليك. ولهذا لا يؤاخذ العبد به الا اذا اقترن به فعل من الافعال التي يكرهها الله الله من شق الثياب مثلا او من التسخط من قدر الله ونحو ذلك قد يقترن بالحزن ما يجعل صاحبه مأجورا مثابا لان الحزن مصيبة يكفر عن العبد بسببها من ذنوبه وقد يكون الحزن بسبب ما لحق باخوانك من المؤمنين فتكون حينئذ مأجورا على ذلك اذا افضى الحزن الى ترك مأمور به شرعا فانه يكون مذموما. كما لو ادى به الحزن الى ترك آآ الصبر الواجب اه تكلمنا في هذا اليوم عن القضاء والقدر والايمان به وعموم قدر الله جل وعلا. وذكرنا ان مما ينافي آآ ذلك الحرص وعدم القناعة وذكرنا ايضا مما ينافيه الجزاء وعدم الصبر وذكرنا ايضا مما ينافيه الحزن وعدم الرضا. وذكرنا عددا من الاسباب المعينة على كل واحد من هذه الامور. فاذا قال الانسان ذلك واتصف بهذه الصفات التي امرت بها الشريعة كان ذلك من اسباب تحصيل زكاة النفس وطهارتها اللهم زك نفوسنا وطهرها واتها تقواها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها هذا والله اعلم وصلى الله وعلى نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين