ويقول جل وعلا الم يعلم بان الله يرى جاء رجل الى عبد الله ابن المبارك رحمه الله فقال له اوصني قال راقب الله فقال الرجل وما مراقبة الله قال ان تستحي من الله وان جعلنا من اهل القرآن فلابد ان يعرف المرء مقدار هذه النعمة العظيمة يقول الله جل وعلا يا ايها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين الحمد لله رب العالمين يتصرف في خلقه بما يشاء لا راد لما قضى ولا مانع لما اعطى لا يخفى عليه شيء من خلقه وبعد اصلي واسلم على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم و اذكر بامر مهم يؤدي الى جعل الانسان يزكي نفسه الا وهو اعتراف الانسان بفضل رب العالمين عليه فان الله جل وعلا قد انعم علينا بنعم كثيرة سواء كان في ابداننا او في اموالنا او في ادياننا او في عقولنا او في غير ذلك من مناحي حياتنا نعم هذه النعم العظيمة التي انعم الله بها علينا ينبغي بنا ان نعرف مقدارها وان نشكر الله جل وعلا عليها ومن اعظم ذلك ان نقوم بالاعتراف بانها من الله عز وجل وان وان نتحدث بالسنتنا عن هذه النعم. وان نثني على الله بالسنتنا بسببها وان نصرف هذه النعم في مرض الله جل وعلا يقول الله سبحانه وتعالى وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ويقول جل وعلا المتر ان الله سخر لكم ما في السماوات وما في الارض واسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ويقول جل وعلا الذي جعل لكم الارض الذي جعلكم الارض مهادا ويقول جل وعلا الذي جعلكم الارض فراشا والسماء بناء وانزل من السماء ماء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم ويقول جل وعلا يا ايها الناس اذكروا نعمة الله عليكم ويقول جل وعلا واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم اعداء فاصبحتم بنعمته اخوانا. ويقول واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به. اذ قلتم سمعنا واطعنا امر الله جل وعلا المؤمنين بان يتذكروا نعم الله عليهم وسواء كانت النعم الدينية او الدنيوية ومن اعظم نعم الله علينا ان جعلنا من اهل دين الاسلام قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا. هو خير مما يجمعون واعظم ذلك نعمة التوحيد بان يكون الانسان ممن صرف العبادة لله وحده. ولم يصرفها لاحد سواه. فان هذه النعمة لها اثر عظيم في زكاة القلب وطهارته ويقول الله جل وعلا عن يوسف عليه السلام ما كان لنا ان نشرك بالله من شيء ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن اكثر الناس لا يشكرون كرر الله جل وعلا في كتابه العظيم التذكير بان الله وحده هو الذي ينفرد بجلب النعم ودفع النقم. من عرف ان النعم الظاهرة والباطنة كلها من الله جل وعلا القليلة والكثيرة انها من الله جل وعلا وان الله وحده هو الذي تفضل بها. وانه ما من نعمة في بشر من الخلق الا من الله وانه ما من شدة ولا ضر الا والله جل وعلا هو المنفرد بدفعه فانه حينئذ سيكون ممن عرف مقدار نعمة الله عليه. وعرف ان الخلق لا يملكون لانفسهم فضلا عن غيرهم جلب نعمة او دفع نقمة قال الله تعالى وان يمسسك الله بضر فلا كاشف له الا هو. وان يردك بخير فلا راد لفضله به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم. وقال تعالى ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده ويقول تعالى وما بكم من نعمة فمن الله المؤمن يعترف بان الله هو الذي اوجده من الادم وبان الله هو الذي امده باسباب الحياة وبان الله هو الذي واصل عليه النعم. وبان الله هو الذي نقله من طور الى طور اخر. حتى سواه رجل يعترف بان الله هو الذي كمل اعضاءه وجوارحه المحسوسة والمعقولة وانه بذلك له ويهيئ له نعم كثيرة لم يحصل عليها بقوة العبد ولا قدرته ولا حيلته وانما حصل عليها بنعمة من الله وفضل قال تعالى وما بكم من نعمة فمن الله. وحينئذ يتحدث الانسان بلسانه بمقدار نعم الله عليه. واما بنعمة ربك فحدث وذكرهم بأيام الله. قال ابن عباس وابي ابن كعب اي حدثهم بنعم الله ولكن هذه النعم التي تأتي للعبد لا ينبغي ان تكون سببا من اسباب الاغترار بها. فكون الله رزقك لا يعني انه عصمك من الذنوب والمعاصي. كون الله رزقك لا يعني ان الله قد غفر ذنبك. كون الله قد عصم قد انعم عليك لا يعني ان الله جل وعلا قد جعلك في رتبة عليا بين الخلق لان مقدار لان مقدار قيمة الانسان هي بتقواه لا بمقدار نعم الله الدنيوية عليه يقول الله جل وعلا ولئن اذقناه نعما بعد ضراء ومسته ليقولن ذهب السيئات عني انه لفرح فخور فعاب الله عليه ذلك. والله تعالى يقول والله لا يحب كل مختال فخور. اي متكبر معجب بنفسه فينسب نعم الله الى نفسه وتطغيه النعم وتلهيه عن طاعة ربه. بل يحذر العبد من اضافة نعم الله الى من كان سببا فيها وانما ينسبها الى الله جل وعلا لان الله طه هو المنعم لان الله هو المتفضل. لان الله هو المستقل لايجاد هذه النعم قال تعالى يعرفون نعم الله يعرفون يعرفون نعمة الله ثم ثم ينكرونها. يعرفون الله ثم ينكرونها. قال طائفة من السلف لما اضافوا النعمة الى غير الله جل وعلا فقد انكروا نعمة الله سبحانه وتعالى عندما نسبوا نعم الله الى غيره فان الذي يقول فان الذي يقول هذه النعمة من فلان وينسى رب العزة والجلال لم ينسب هذه النعمة الى موجدها الحقيقي الى وانما نسبها الى سببها الظاهر اعتراف القلب بفظل الله ومقدار نعمه يجعل العبد يكسب رضا الله ومحبة الله للعبد اعتراف القلب بفظل الله يجعل العبد ينسب هذه النعم الى الله فيشتغل اللسان بذكر الله الثناء عليه وهذا من اكبر اسباب حفظ النعمة وزيادتها. ولئن شكرتم لازيدنكم اعتراف القلب بان هذه النعم يوجب له تعلق القلب بالله وحده. وعدم تعلق القلب بالمخلوقين اذا عرفت ان النعم كلها من الله اطمأنت نفسك وزكت وهدأت لانك حينئذ يتعلق قلبك بالله وحده فرق بين من تعلق قلبه اه اناس كثير وخلق عديد وبين من تعلق قلبه بواحد يتصرف في خلقه كيف كيف يشاء اعتراف القلب بنعم الله هذا ركن من اركان شكر الله على نعمه وجاء في الحديث من جاء في الحديث من اسديت اليه نعمة فذكرها فقد شكرها ومن سترها فقد كفرها. والله تعالى يقول فاذكروني اذكركم واشكروا لي ولا تكفرون. وقال سبحانه لعلكم تشكرون عدم اعتراف القلب بنعم الله جل وعلا سبب من اسباب نزول العقوبات الدنيوية. قال تعالى فلما نسوا ما به فتحنا عليهم ابواب كل شيء. حتى اذا فرحوا بما اوتوا اخذناهم بغتة فاذا هم مبلسون. فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين اعتراف القلب بنعم الله على نوعين. اعتراف اجمالي بان يقر بان جميع النعم من الله جل وعلا واعتراف تفصيلي بان ينسب كل نعمة بخصوصها الى الله عز وجل فالاعتراف الاجمالي يكون بما حضر في القلب وما لم يحضر. خلاف الاعتراف التفصيلي فانه لا يكون الا بما في القلب مما يحيط به العبد يقول الله جل وعلا وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها. فدل هذا على ان العباد لا يعرفون مقدارا نعم الله عليهم على سبيل الاحصاء والتمام والكمال واذا كانوا كذلك فلن يتمكنوا من الاعتراف بجميع النعم وينبغي بالانسان ان يتدبر في احواله ومقدار نعم الله عليه. من اسباب جعل العبد يعترف بنعم الله عليه التفكر في احوال من سلبت نعم الله عنهم من المرظى والفقراء واهل المعاصي وكيف ان الله ما لم يجعل العبد مماثلا لهم ان معرفة نعم الله التي انعم بها على العبد من اكبر اسباب تحصيل تزكية النفوس وكذلك من اسباب تحصيل تزكية النفوس ان يستشعر الانسان ان الله تعالى يراقبه ويطلع عليه ولا يخفى عليه شيء من احواله فان الله جل وعلا يقول واعلموا ان الله يعلم ما في انفسكم فاحذروه ويقول جل وعلا يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور ويقول سبحانه ان الله لا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء هو الذي يصوركم بالارحام كيف يشاء. ويقول سبحانه واصفا نفسه يعلم السر واخفى ان تستحي من الله كما تستحي من من صالح قومك. وفي لفظ ان تستحي من الله كأن كانك ترى الله ويقول تعالى الا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون انه عليم بذات الصدور ويقول تعالى يقول تعالى في ايات كثيرة ذكرها الله عز وجل وانه مطلع على احوال بني ادم وكذلك اخبر الله جل وعلا ان الملائكة يكونون مع ابن ادم يسجلون عليه اعماله وانه لا يفوتهم شيء من اعمال الانسان. قال تعالى ان عليكم لحافظين. كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون ويقول سبحانه وما تكونوا في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل الا كنا عليكم شهودا اذ فيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الارض ولا في السماء ولا صار من ذلك ولا اكبر الا في كتاب ومن هنا فينبغي بالانسان ان يستشعر مراقبة الله له فاذا كان الله لا يعزب عنه شيء لا يعزب عنه مثقال ذرة ومن هنا فهو يراقب الله جل وعلا ويعلم ان الله يراقبه وان الله يطلع على احواله وانه مهما اخفى نفسه فان الله سبحانه وتعالى سيكون ملاحظا له مراقبا لعمله عارفا فعله يقول تعالى عن لقمان الحكيم يا بني انها ان تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة او في السماوات او في الارض انتبه الله ان الله لطيف خبير ويقول جل وعلا في كتابه العزيز مبينا عموم مراقبته لخلقه ان الله لا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء فالمقصود من هذه الايات وهذه النصوص الشرعية حث الانسان على مراقبة الله ومعرفة ان الله لا يخفى عليه شيء. مما يجعله يستمر على طاعات الله. سواء عند الخلق او حال الخلق سواء في الليل او في النهار. سواء في اه حال كونه في بلده او حال كونه مسافرا قال بعضهم من اتقى الله في ظاهره عن تناول الشبهات واصلح باطنه بدوام مراقبة الله عز وجل فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون وقيل لاحدهم متى يهش الراعي غنمه بعصاه عن مراتع الهلكة فقال اذا علم ان عليه رقيبا فاذا علم ان عليه رقيبا يطالعه ويطلع على احواله فانه حينئذ سيقوم بالاعمال الموكلة اليه على اتم الوجوه واكملها قال الامام الشافعي في صبرا جميلا ما اقرب الفرج من راقب الله في الامور نجا. من راقب الله في الامور نجاة. ومن صدق الله لم يله اذان مراقبة الله تعالى ليست في الاعمال الظاهرة فقط حتى في الخواطر التي ترد على النفوس حتى في النيات فان الله لا يخفى عليه شيء فهو يعرف ما في قلبك كما يعرف ما على لسانك ويعرف ما تؤديه جوارحك من الاعمال المراقبة ودوام علم العبد وتيقنه باطلاع الله سبحانه وتعالى عليه سواء في ظاهره او في باطنه هذا يورثه العلم ويورثه اليقين ويجعله ممن يراقب الله عز وجل في جميع احواله والذي يدفع العبد الى ان يكون ممن يستشعر مراقبة الله له امور عديدة. اذكر منها نماذج اولها يقين الانسان بان من صفات الله العلم بكل شيء. ان الله بكل شيء عليم. وانه لا يخفى عليه شيء وثانيها ان يعرف العبد انه ان الله قد وكل عليه ملائكة يحصون جميع اعماله. وانه لا يفوت من اعمال بني ادم شيء. ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد وثالثها ان يعرف الانسان عظم ثواب استشعار مراقبة الله للعبد فان العبد يكثر اجره ويعظم ثوابه اذا كان ممن اذا كان ممن يراقب الله جل وعلا ومن الاسباب التي تؤدي الى ذلك معرفة ان الله جل وعلا قد وكل بالعبد ملائكة يرصدون جميع اقواله وجميع افعاله كذلك من الاسباب المؤدية الى استشعار مراقبة الله عز وجل معرفة الاثار معرفة الاثار الحميدة مرتبة على استشعار مراقبة الله جل وعلا للاقدام على الطاعات وترك المعاصي والسيئات والندم والتوبة على ما وقع من العبد ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم موسرون من الاثار او من الاسباب المؤدية الى استشعار الانسان لمراقبة الله عز وجل ان يعرف العاقبة الحميدة في الدنيا والاخرة لولاة ايت الذين يراقبون الله عز وجل. فمن راقب الله حفظه الله. وابعد عنه الشرور والاثار والاثار السيئة ومن اظمر خلاف ذلك خذله الله والله لا يخفى عليه شيء يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور اذا علم العبد ان الله يعلم ما تحمل كل انسان وما تغيظ الارحام وما تزداد. وكل شيء عنده بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال. فانه حينئذ يسلم لله جل وعلا جميع اموره. ومن سلم اموره لله فانه فان نفسه تزكو بذلك ما اعظم اثر استشعار مراقبة الله للعبد فانه يورث زكاة النفس وما اعظم اثر الاعتراف بنعم الله فان ذلك يورث نقاء النفس وصفاءها وزكاتها اخذنا في هذا اليوم عددا من الوسائل المؤدية الى تزكية النفوس وتطهيرها اول هذه الوسائل استشعار مراقبة الله جل وعلا للعبد ما هي الوسائل المؤدية الى جعل العبد يوقن بان الله يراقبه ويطلع على احواله ما هي الاثار الحميدة المترتبة على هذا هكذا ايضا اخذنا موضوع اخر مهم يتعلق بالاعتراف بنعم الله وفضله فنشاهد نعم الله ونعرف قدرة الله عز وجل على انزال النعم بعباده. كل منهم بما يناسب حاله. هذا شيء مما يتعلق بهذا الموظوع فالمهم الذي يبحث فيه عن اسباب تحصيل زكاة النفوس كذلك من اسباب تحصيل زكاة النفوس زرع التقوى بالقلوب كيف نزرع التقوى وكيف نجعل التقوى حالة في صدورنا؟ وما هي الوسائل المؤدية الى ذلك ما اثار التقوى؟ الحميدة في الدنيا والاخرة كيف نكون من اه اهل تزكية النفوس من خلال اتصافنا بصفة التقوى؟ التقوى كلمة ورودها ايه النصوص الشرعية؟ وعلى السنة علماء الشريعة. ولها معا يتفاوت فيها الناس. ما هو المعنى الحق منها؟ وما هي الاسباب المؤدية الى تحصيل درجة الى درجة ما هي الاسباب المؤدية الى تحصيل درجة التقوى؟ وما هي الاثار والثمار الحميدة التي يحصلها المرء بتحصيله لدرجة التقوى لعل هذا ما نتباحثه سويا في لقاءنا القادم اسأل الله جل وعلى ان يجعلنا واياكم ممن انعم الله عليه بالنعم الكثيرة فاعترف بها في باطنه وظاهره فما اسأله وعلا ان يجعلنا ممن بذل نعم الله في مرض الله. واسأله سبحانه وتعالى ان يجعلنا ممن يخاف من الله. ويستشعر مراقبة رب العالمين له واسأله جل وعلا ان يجعلنا من اهل التقوى وهذا ما سنتحدث عنه في لقائنا القادم هذا والله اعلم والله اسأل التوفيق لخيري الدنيا والاخرة. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين